|  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

صفحة الكاتب

جمال محمد تقي

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

webmaster@saotaliassar.org  للمراسلة  

 
 

 

 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

البرزاني جزء من المشكلة وليس الحل !   

                       

كاريكاتير قيس عبد الله

 

 

جمال محمد تقي

 

 

لا تلد انثى الحصان شيء اخر غير الحصان ، ولا تلد انثى الغورلا شيء اخر غير الغورلا ، ولا تلد الحروب والاحتلالات غير الخراب ، ولا تلد البرامج الفاسدة غير الفساد ، ولا تلد عملية سياسية جيناتها التقاسم الطائفي والعرقي وتقزيم الهوية الوطنية ، دولة متعافية ومستقرة ، وما يبنى على خطل فأن نتائجه ستكون مضمونة الخطل ، ولا يمكن لمقدمات غير صحيحة ان تعطي نتائج صحيحة ، على هذا المنوال فأن العملية السياسية الجارية في العراق لا يمكنها ان تلد غير واقعها المزري القائم حتى لو تم تشكيل حكومة الامر الواقع ، وحتى لو تم تجاوز حالة الشلل في التشكيلات الديكورية القائمة والتي تخفي في طياتها الحقيقة المرة التي يعرفها الجميع ، انها تعيد انتاج نفسها بعد كل دورة صراع على غنائم السلطة المغطاة باوراق توت الانتخابات الفاسدة شكلا ومضمونا .

ساعدت علنية اجتماعات اربيل المنضوية تحت خيمة مبادرة البارزاني على اكتشاف صفات جديدة عند اصحابها غير تلك التي عرفت عنهم ، فالدجل والصلافة والتمسكن صفات سيلحقها بهم كل من شاهدهم على شاشات التلفزيون وهم يخاطبون بعضهم بعضا بوجوه ترسم على محياها سيماء الخشوع والايمان والحرص على المصلحة العامة ، وكانها وجوه خلقت لخدمة هذا الشعب وليس لتقسيمه واذلاله وسرقته واستغفاله وافقاره وقتل ما يعتز به من احلام الحرية والكرامة والعزة والعيش الرغيد .                   

مبادرة البرزاني الرامية الى ايجاد تسوية توافقية تنهي حالة الانسداد الحاصلة بين مواقف الكتل السياسية والبرلمانية المعطلة لانسياب الاستحقاقات الدستورية منذ مايزيد عن ثمانية اشهر خلت ، والتي شلت مسارات العملية السياسية المتعثرة اصلا لكونها قد فرضت فرضا بقوة الاحتلال ومساعي اجندته ، ركزت الاضواء الكاشفة على عمق التناقض بين ظاهر العملية السياسية وباطنها بحيث جعلتها ولاول مرة وجها لوجه مع حقيقتها ، كونها وليد غير شرعي لحرب واحتلال وعملية تقسيم مكوناتي سائر المفعول منذ  2003 وحتى الان ، وفضحت هشاشة تلك العملية وقابلية انتكاسها الكلي ، في مرحلة تمتاز بالحساسية الشديدة بحكم تزامنها مع استحقاقات الانسحاب الامريكي التكتيكي من العراق ، وبحكم تزايد محاولات سد الفراغ من قبل الدول الاقليمية الساعية للعب ادوار مؤثرة في العراق وخياراته المستقبلية غير المستقرة ، لقد تجسمت ملامح العورات التي بنيت عليها اسس العملية السياسية القائمة وبشهادة شهود من اهلها.                                                                                                      

خطابات قادة الكتل ومداخلاتهم في الجلسة العلنية التي جمعت الجميع على مائدة مستديرة واحدة ولاول مرة منذ سنوات ذكرت الجميع بمؤتمر مصيف صلاح الدين الذي عقد ايضا برعاية برزانية امريكية ، قبيل عملية تدمير العراق وتحريره من مقومات وحدته ، جاءت لتعيد علينا ما كنا نسمعه من اصحابها انفسهم منذ توليهم السلطة وحتى الان ، يخاطبون بعضهم وهم انفسهم غير مقتنعين بما يقولون ، انهم مازالوا وبعد عناء يفسرون الماء بالماء ، فالكل تحدث عن ضرورة التمسك بالدستور ، وعن نبذ المحاصصات الطائفية والعرقية ، وعن ضرورة قيام حكومة الشراكة الوطنية الحقيقية ، وعن عدم الانفراد بالسلطة ، وعن فتح صفحة جديدة ، وعن تحقيق المصالحة الوطنية ، وعن التوافق والتوازن بتوزيع الصلاحيات واتخاذ القرارات ، وعن ضرورة اجراء اصلاحات جذرية في كل مؤسسات الدولة والحكومة وضرورة الفصل بينهما ، وبنفس الوقت تحدثوا عن كل ما يناقض استهلالاتهم التي سمعها الناس على مدار السنوات السبع العجاف الماضية ، فمنهم من قال بان قانون العدالة والمسائلة شأن دستوري ، ومنهم من قال بان الاتفاق على تفعيل البرلمان يعتمد اولا على الاسراع بالتوافق على الرئاسات الثلاث اولا واخيرا ، ومنهم من قال انه ليس من صلاحيات قادة الكتل البت بالشؤون ذات الصبغة الدستورية او القانونية والقضائية كالصلاحيات واليات المشاركة بأتخاذ القرار ، وعليه انحصرت كل النقاشات المعمقة والعملية التي تواصلت في بغداد على تقاسم مواقع السلطة الرئيسية بين الكتل الكبيرة ووضع بعض الاطر العامة للنظام الداخلي لعمل مجلس الوزراء يتضمن بنود صلاحيات المجلس ورئيسه ، وتحت ضغط الوقت رحل هذا المقترح ايضا لما بعد تشكيل الحكومة ، وقد اتفقوا على مقترح كان قد تقدم به الامريكان مع حزمة مقترحات للاسراع بتشكيل الحكومة يتضمن تشكيل مجلس للسياسات الاستراتيجية على مستوى القيادات لوضع الخطط والبرامج والمعالجات الوطنية الشاملة ، والمفارقة هنا ان هذا المجلس المقترح ليس له تشريع دستوري وهو قد استحدث في محاولة لتعزيز حصة الكتلة التي سترتضى برئاسة البرلمان ، ومن الواضح ان هناك تنافس بين القائمة العراقية والتحالف الكردستاني على منصب رئاسة الجمهورية اي ان الكتلتين لا تجدان برئاسة البرلمان ما يغريهما للقبول به كحصة كاملة الدسم ، وذلك بعد ان بات منصب رئاسة الوزراء حكما من حصة نوري المالكي ، الذي ابدى مرونة بكل ما ليس له علاقة بصلاحيات رئيس الوزراء الامنية والعسكرية !

الكتلة الكردستانية متمسكة بمواقفها ، تريد حصرالرئاسة لها كاستحقاق قومي ، ولها ضمانات بتنفيذ المادة 140 ، وتطالب بالاعتراف بما تقوم به من استثمار كردستاني في مجالي النفط والغاز ، وتصر على الاقرار بان قوات البيشمركة كقوى نظامية يجري اعتماد مخصصاتها من حصة وزارة الدفاع العراقية ، وهي تمسك العصى من منتصفها في ترشيح اي من القطبين " علاوي او المالكي " لرئاسة الوزراء ، وبما ان الطرفين لا يملكان اعطاء ضمانات غير مضمونة العواقب فان الكتلة الكردستانية تميل للتقارب مع المالكي فهو وان ليس بمقدوره تنفيذ المطالب الكردية التسعة عشر لكن طائفيته تجعله اكثر مرونة للتفريط بكركوك والمناطق المتنازع عليها وهذا جانب حيوي بالنسبة لهم اضافة الى كونه يحظى بالدعم الايراني الذي لا حمل للاكراد في مواجهته ، وايضا ليس هناك فيتو امريكي عليه ، وكل هذه نقاط تجعل كفة ميزانهم تميل لصالح المالكي وليس علاوي او غيره ، وهم الان بمنافسة مع كتلة علاوي على منصب رئاسة الجمهورية !

اكدت معطيات اجتماعات بغداد التي تلت اجتماع اربيل حقيقة استعجال المالكي ومعه الاكراد لسلق طبخة الرئاسات الثلاث حتى من دون التوصل لاتفاقات اكيدة بشأن قضايا خلافية حساسة كالمصالحة ، والصلاحيات ، والبرنامج الحكومي ، وقانون المساءلة والعدالة ، وصلاحيات الحكومات المحلية والفدرالية ، ناهيك عن موضوعة الاصلاحات الدستورية وضمانات الشراكة في القرار ، وذلك بفعل ضغط عامل الزمن وضغط تفاعلات الازمة في حالة ترك الامور سائبة لما يحدث بجلسة البرلمان المقبلة والتي لابد ان يتم فيها حسم موضوعة رئاسته التي لا حسم لها من دون الاتفاق على صفقة متكاملة للرئاسات الثلاث والمناصب السيادية اما الباقي كل الباقي فيمكن تاجيله لانه وككل مرة عبارة عن تفاصيل يمكن اعادة تفصيلها مع الوقت المكتسب ، والوقت ليس في صالح الجميع ان بقيت الامور على ماهي عليه ، فالمالكي سيبقى رئيسا لحكومة تصريف الاعمال ومن دون مراقبة او تشريع ، وهو سيستثمر الوقت لبسط المزيد من النفوذ والسلطة ، وهذا ليس من مصلحة المطالبين بازاحته ، وليس من مصلحة المالكي الذهاب الى جلسة البرلمان من دون اجماع لان استثناء انداده سيكلفه ربما ما لم يكن بالحسبان ، اما التحالف الكردستاني الذي يحاول الظهور بالمظهر المحايد فان من مصلحته التصيد بالماء العكر والاسراع في انتزاع اكبر قدر من المكاسب المتعلقة باهدافه البعيدة الخاصة بضم كركوك و" المناطق المتنازع عليها " للاقليم ، وايضا انتزاع موافقة من يشكل الحكومة القادمة على اطلاق يده بالاستثمارات المستقلة للنفط والغاز تنقيبا واستخراجا وتصديرا في الاقليم ومن دون رقابة او محاسبة او اشراف من المركز ، وهذا ما سيؤدي بالضرورة لبلورة الاسس الاقتصادية لاستقلال الاقليم ، اضافة لاستقلاله المالي والعسكري والامني القائم فعليا !  

 ثمانية اشهر مضت ولم يكلفوا انفسهم خلالها البحث في هذه المشاكل المرحلة ، ليأتوا اليوم وفي الوقت الضائع ليقولوا لا وقت للتوصل لحلول متكاملة ، فيرحلوا من جديد ذات الاسئلة ومن دون اجابات الى دورة جديدة من الازمات القادمة ، وذلك كنوع من انواع الهروب الى الامام ، والذي هو حتما سيكون خطوة كبيرة نحو الانتكاس القادم !

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل أيّة مسؤوليّة عن المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم .

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | كتابات حرّة | فنون وآداب | طلبة وشباب | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي