الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

مقالات مختارة

 تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

webmaster@saotaliassar.org  للمراسلة  

 
 

 

 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

 

 

 

 

 

 

العراق بنك الفساد المتكهرب !

 

جمال محمد تقي

 

اكثر من 17 مليار دولار خلال السبع سنوات الماضية خصصت لقطاع الكهرباء في العراق ، ولا كهرباء ، اكثر من معدل 80 مليار دولار هو حجم الميزانيات السنوية خلال الاربع سنوات الاخيرة في العراق بسبب ارتفاع اسعار النفط ، ولا تحسن يذكر بكامل نظام الخدمات العامة في العراق ، لا في مجال الصحة ولا في مجال التعليم ولا في اي مجال حيوي اخر ، إلا في مجال البنوك واقامة سوق الاوراق المالية العراقية ـ البورصة ـ  ولان هذا المجال يجمل القيم ويقيمها ويحولها ويبعها ويشتريها ، فانه اكثر المجالات التي تعرضت للسطو الشرعي وغير الشرعي في العراق المحرر من قيمه نحو قيم الفساد الخلاقة !

لم تكن ميليشيا حزب المؤتمر الوطني العراق بزعامة السيد احمد الجلبي ، والتي كان جل منتسبيها الذين لا يتجاوز عددهم في احسن الاحوال المئات من العناصر المدربة في الخارج وفي مناطق الجيب الامن شمال العراق ، من الذين دخلوا بغداد بمعية الجيش الامريكي ، صاحبة السبق في تدشين عمليات السطو المنظم او "الرسمي"  على البنوك الكبيرة والصغيرة فيها ، لان ميليشيا البيشمركة وبالتزامن معها كانت قد تخصصت بتصفية الحساب مع بنوك الموصل وكركوك وديالى ، فقد كسرت خزائن البنوك الفرعية والرئيسية عدا البنك المركزي في بغداد والتي كانت قد سبقتها اليه طلائع القوات الامريكية بحيث صادرت اغلب محتوياته وخاصة النقد الاجنبي ، تاركة ابوابه مواربة لدخول اللصوص الصغار ، وفي حينها وقعت بين ايادي نخبة قوات الجلبي قوالب طباعة النقود العراقية التي لم تكن بمستوى الطباعة السويسرية للعملة العراقية في فترة ما قبل الحصار ، والمعنى ان ميليشيا الجلبي قد اسرعت بطباعة الملايين من الاوراق النقدية ذات الفئات الكبيرة لتحتفض بها مع بلايين الدنانير التي جمعتها من البنوك حتى يحين وقت استبدال العملة القديمة بالعملة الجديدة التي اقرها بريمر ووضع جدول زمني لاستبدالها !

لم يعرف العراق قبل احتلاله ظاهرة السطو على البنوك مثلما لم يكن يعرف ظاهرة انتشار المخدرات او تزوير العملة او المتاجرة بالاعضاء البشرية او عمليات الخطف لاغراض الفدية ، وما هو ملفت في امر عمليات السطو تلك والتي تجري بالاساس على بنوك تابعة للدولة ، انه ليس لتنظيمات القاعدة اي علاقة بها لا من بعيد ولا من قريب ، وان اصابع الاتهام في الشارع وعند بعض الجهات الرسمية تتجه دوما نحو الميليشيات الحكومية والى احزاب من داخل العملية السياسية ذاتها وليس خارجها ، اي ان المثل الشعبي القائل بان حاميها حراميها ينطبق شكلا ومضمونا على ظاهرة سرقة البنوك في العراق المنفلت ، مثلما ينطبق على ظاهرة تهريب النفط ، وظاهرة العقود المضروبة ، وظاهرة تفكيك وبيع مؤسسات القطاع العام للاتباع والحواشي الحزبية باسعار رمزية ، وظاهرة وضع اليد على اراضي وعقارات تابعة للدولة او لاشخاص معتقلين او مهجرين وفبركة عقود ملكية وانتفاع بهما ، وظاهرة تزوير الشهادات الدراسية من قبل قادة احزاب ووزراء ومن قبل اعضاء برلمان واعضاء في مجالس المحافظات !

الصراع على السلطة والنفوذ بين قوى العملية السياسية ذاتها هو الدافع الاساس لاقدامها على عمليات من هذا النوع ، فليس امام الجميع ذات الحظوظ في امتصاص واستحلاب ما في خزائن الدولة ، وليست كل مواقع الدولة غنية بحيث تلبي كل الاحتياجات المتزايدة من الاموال التي تتطلبها عمليات شراء الذمم وتوسيع الانشطة واستدراج المؤيدين وتحصين الحصة القائمة من محاولات الاخرين للنيل منها ، فكلنا يذكر انه وقبل انتخابات 2005 كانت قد حصلت موجة من عمليات السطو الرسمي على بعض البنوك المحلية والمصارف وعلى مركبات نقل السيولة النقدية بين المحافظات ، ثم ما حصل لبنك الزوية في بغداد قبيل الانتخابات الاخيرة ، وكيف ان كل المؤشرات كانت تتجه نحو اتهام حراسات قادة المجلس الاسلامي الاعلى ومنظمة بدر ، وتحديدا عناصر مقربة من السيد عادل عبد المهدي ، واخر المتمة ما حصل قبل ايام من عملية مزدوجة وكبيرة في مقر البنك المركزي العراقي الكائن في قلب بغداد ـ شارع الرشيد ـ !

ان شعور طرف ما من اطراف العملية السياسية بامكانية فقدانه لموقعه المؤثر في السلطة او قرب موعد استبداله بموقع اخر ، كنتيجة متوقعة بسبب تبادل الادوار في نظام المحاصصات الحزبية المعمول به مع كل دورة انتخابية جديدة ، هو دافع اضافي باتجاه الاستحواذ والسطو على كل ما غلى ثمنه وقل وزنه ، وايضا خلط الاوراق اوحرقها اثناء عملية السطو ذاتها ، لعدم تمكين الطرف الجديد من الامساك بدلائل ووثائق تدين من كان في موقع المسؤولية ، وهذا بالضبط ما حصل اثناء عملية السطو المسلح على البنك المركزي مؤخرا ، حيث تشير اصابع الاتهام الى مجاميع متنفذة في حزب الدعوة والتي ارادت بعمليتها المموهة تلك ضرب عصفورين بحجر واحد حرق كل الوثائق والشيكات وارقام الحسابات التي تدينها وسرقة ما امكن سرقته للتمويه على حقيقة الهدف الاصلي ، وما يرجح كفة هذا الاتهام اشتراك عشرات المسلحين المعدين جيدا لتنفيذ هكذا مهمات ، وايضا اختفاء اثارهم بعد ان قتل وجرح العشرات من موظفي البنك وحراسه !

لقد تصاعدت اعمدة دخان حريق البنك المركزي معلنة قرب تسليم عهدة المالكي الى خليفته الذي لم يعلن عنه بعد ، ولكن شبحه يحوم على كل التوقعات ، انه عادل عبد المهدي صاحب قضية بنك الزوية سابقا ، والذي يهمه تبيض صفحته وتسويد صفحة المالكي ما دام للجميع بهوى البنوك حصة !

وزارة الدفاع بنك من بنوك السطو منذ استيزار حازم الشعلان وحتى الان حيث السيد العبيدي ، ووزارة النفط بنك اخر من بنوك الفساد منذ استيزار ابراهيم بحر العلوم وحتى الشهرستاني ، وهكذا الحال بالنسبة لوزارات التجارة والكهرباء والصناعة والزراعة والرعاية الاجتماعية والخارجية والداخلية وبطبيعة الحال وزارة المالية ، بالمختصر المفيد كل الوزارات بما فيها الهيئات ذات الدرجات الوزارية كالوقفين السني والشيعي ولجنة الحج والعمرة ، حتى وزارة العدل ، ووزارة حقوق الانسان تلك الوزارة  الفقيرة الموارد بحكم فقر حقوق الانسان في العراق ، لانها عمليا وزارة فقط لحقوق من لديهم حقوق السلطة والسلطان !

مراجعنا فيما ذهبنا اليه هي بعض تقارير مفوضية النزاهة وتصريحات مديريها ، وايضا تقارير منظمة الشفافية الدولية ، ومقابلات بعض المسؤولين المتهمين بالفساد ـ شعبيا ومن بعض الدوائر الرسمية المنافسة كما في حالة الوزير فلاح السوداني وحالة رئيس هيئة النزاهة السابق القاضي راضي الراضي ـ !

الان تتصاعد موجة الاحتجاجات الشعبية التي طفح بها الكيل من فساد وعقم سياسات احزاب المحاصصات المبرمجة على هوى الموجات الامريكية الايرانية ، ومع اقتراب استحقاقات الانسحاب الامريكي المدحور من العراق تلوح بالافق معالم ثورة شعبية عارمة تتوج العمل العراقي المقاوم لتكنس المحتلين واذنابهم وتعلن شهادة وفاة للعملية السياسية الامريكية ، وتقيم محلها عملية سياسية وطنية خالية من فيروسات التقسيم العرقي والطائفي ، متطلعة لدستور وطني محكم يجمع ولا يفرق ، ليكون دليل بناء وليس هدم !

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل أيّة مسؤوليّة عن المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم .

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | كتابات حرّة | فنون وآداب | طلبة وشباب | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي