|
لا للأحتلال |
|
---|
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا |
|
---|
حول موضوعية وطائفية تناول الاحتجاجات في البحرين !
جمال محمد تقي
لم تكن الاحتجاجات الشعبية في البحرين تغرد خارج السرب ، فمثلها مثل احتجاجات تونس ومصر وليبيا واليمن والاردن والجزائر والعراق والسعودية وعمان وسوريا وحتى اخر القائمة ، هي احتجاجات شعبية في الاساس ترتفع وتنخفض سقوفها بالتفاعل مع ردود افعال السلطات تجاهها ، احتجاجات كانت ومازالت ترفع شعارات مطالبة باصلاحات سياسية واقتصادية ، احتجاجات على الفساد وعلى الاستبداد المتمثل بحرينيا بمؤسسة الحكم الملكي المطلق الذي يدير البلاد بقبضة امنية يستثمر فيها تداعيات التجاذب الطائفي لاطالة عمره وتمرير مسكناته الداعية لقبوله بما هو عليه من استبداد ، محاولا تصوير غيابه او تغيره ، كما الذاهب لمجهول كارثي سيخيم على وجود وسيادة البحرين !
على هذا الوتر نفسه ، وتر الفراغ الوهمي ، وتر سقوط اعمدة المعبد على كل العباد فيه ، لعبت وتلعب كل الانظمة الفاسدة المستبدة المعنية ، ولكن بتلاوين تناسب خصوصياتها ، فنظام مبارك كان يقول ان غيابه يعني صعودا للتطرف الاسلامي الذي سيدمر مصر واستقرارها ، هذا اضافة الى تأكيده على ان مصر ليست بمثل تونس ، فمصر بوضع حساس بحكم مجاورتها لاسرائيل وبحكم التزاماتها تجاه امريكا وبحكم موقعها والى ماهنالك من مثبطات ، نظام القذافي ايضا يقول ان سقوطه يعني سقوط ليبيا واحتلالها وتحولها الى امارات تتحكم بها تنظيمات القاعدة في المغرب العربي ، ويضيف القذافي ايضا بان ليبيا ليست كتونس ومصر فهي دولة نفطية يسيل لعاب الغربيين لاحتلالها وهي تتمتع باكبر ساحل افريقي يقابل اوروبا ، وهذه حقائق لا تتغير بتغير حكام ليبيا ، لكنها لا تقف حجر عثرة امام ثورة الشعب عندما يجد بحكامه كل السوء الذي ينسيهم اي سوء اخر خاصة اذا استمد هؤلاء الحكام شرعيتهم من قدرتهم على ضمان مصالح القوى الخارجية ، ولم يستمدوها من قناعة الشعب بهم وبسياساتهم ، وهنا لا يجب ان ننسى بان هؤلاء يحكمون حكما مؤبدا ملكيون كانوا ام جمهوريون ، وبذلك لا يسلمون السلطة لغيرهم الا في حالة الموت او الطرد منها !
لا تشذ تخويفات الرئيس اليمني علي عبدالله صالح عن مضامين تخويفات جوقة الحكام اعلاه حيث يشدد على ان سقوط نظامه يعني تشرذم اليمن وتقسيمه ويعني حربا اهلية ستستغلها القاعدة لصوملة اليمن ، وكأن نظامه الان هو نموذج للوحدة والاستقرار !
من نفس نهر تخويفات الحكام هذا يغرف ملك البحرين ، فهو يحاول تصوير المحتجين على انهم قلة ضالة متشيعة لاجندات اقليمية ، وهم يريدون اسقاط النظام لا اصلاحه ، وانهم لا يريدون سلوك طريق الحوار لتحقيق ما هو مشروع من المطالب ، وعليه توجب تفريق شملهم ومنعهم من التظاهر ، ولنفس السبب طلب من قوات درع الجزيرة التدخل للمساعدة في تنفيذ تلك المهمة السامية ، التي بدونها ستكون البحرين معرضة لغزو ايراني ، وبطبيعة الحال فان هناك تطابق بين الانشغالات البحرينية والسعودية بخصوص قمع حركة الاحتجاج وهي في مهدها ان كانت شيعية او سنية او مهنية ، ووصمها بالطائفية لحرمانها من التمثيل الوطني ، فتصويرها على انها تحركات طائفية مشبوهة ومعزولة يخدم بالنتيجة سرعة سحقها .
ملك السعودية يعتبر التظاهر فتنة ويعتبر اطاعة اولي الامر رحمة وهو يسمي تلك الطاعة تحاور ، وعندما يقمع نظامه المتظاهرين في القطيف والهفوف او في جدة والرياض ومن ثم ينصحهم بالحوار ، فهو انما يدعوهم للطاعة ومن لا يطيع فالعصى بانتظاره ، والسجن سيكون انسب مكان للخارجين عن بيت الطاعة ، واما من يطيع فله الجزرة التي هي شهادة حسن سلوك محلاة بنقدية ستلاحقه ان كان عاطلا عن العمل او طالبا او موظفا او مهموما بشحة القرض السكني ، وعلى سجية الملك الكبير يسير الملك الصغير .
ملك البحرين في اثناء نزوعه القمعي الذي مسح دوار اللؤلؤة مع الارض ، نسي بان المحتجين هم بحرانيون اصلاء ، نسي بانهم اهل هذه البلاد وانهم وبمختلف مشاربهم يريدون حياة كريمة وحرة للجميع ، نخب وعمال ومهنيين وطلاب وحتى مقيمين ، ينسى ان اباء هؤلاء هم من صوتوا لصالح استقلال البحرين ورفضهم الانضمام لايران ، وذلك اثناء الاستفتاء العام الذي جرى سنة 1970 في البحرين من قبل الامم المتحدة قبيل استقلال البلاد الكامل عن الوصاية البريطانية ، نسي ملك البحرين بان مطالب الملكية الدستورية والحريات العامة ومحاربة الفساد والمفسدين والتوزيع العادل للخدمات والثروة ، هي ليست بمطالب شيعية وانما هي مطالب شعبية تشغل بال كل اهل البحرين .
ان محاولة حكام البحرين ومعهم حكام دول الخليج ، سحب البساط من تحت ارهاصات الثورة الشعبية في البحرين والسعودية وغيرها من دولهم ، من خلال اما اثارة النعرات الطائفية في صفوف شبابها وطلائعها ومنظميها او من خلال ارشاء شبابها بالعطايا ، انما يعكس حالة الهلع الذي يعيشه هؤلاء الحكام من اي حراك شعبي حتى لو كان سلميا وذلك بسبب كوابيس انتقال عدوى ما جرى ويجري في تونس ومصر اليها ، اي الخشية من اتساع دائرة الاحتجاج وتضييق الخناق عليها حتى الموت . ومن الجهة المقابلة فان تلك المحاولة تتطابق مع الموقف الطائفي المنافق لحكام ايران والعراق والذين يصعدون من انتقاداهم للقمع البحريني والسعودي للمتظاهرين "الشيعة" ويطالبون السعودية برفع يدها عن الشعب البحريني بحجة دفاعهم عن الطائفة الشيعية ، في الوقت الذي تقمع فيه تظاهرات المعارضين في ساحات طهران وتغلق فيه مجالات التواصل والتجمع بحجة وجود اجندة غربية تحركها ، اما في العراق فحدث ولا حرج عن القمع الذي تواجه فيه مظاهرات الاحتجاج السلمية بحجة وقوف البعثيين والصداميين والتكفيريين خلفها ، وعليه فان من مصلحة جميع هؤلاء الحكام تحويل الانظار في المنطقة عن الانشغال بالمطالب الشعبية والوطنية المشروعة التي تفضح حقيقتهم الفاسدة والمستبدة ، الى انشغالات مصطنعة بين ابناء الشعب نفسه من خلال اللعب على تعدد هوياتهم الثانوية ، وكأنهم يعيدون الاعتبار مجددا لسياسة فرق تسد !
حتى القنوات التي كنا نتوقع حيادها وعدم مجاراتها للمنطق الطائفي ، قد تعاملت بمكيال مختلف مع موضوعة الاحتجاجات في البحرين والسعودية ولم تعطها حقها من التغطية كما فعلت مع احتجاجات تونس ومصر وليبيا ، ونخص هنا قناة الجزيرة التي تميزت عن القنوات الفضائية العربية الاخرى بالموضوعية ، لكن واقع الحال يقول ان تلك الموضوعية تضعف كلما اقترب الحدث من حدود دولة قطر وما جاورها ، كنا نتوقع موقف مناسب من الشيخ يوسف القرضاوي يدعو فيه طرفي النزاع في البحرين للحوار الجاد وعدم التصعيد على اقل تقدير ، لكن توقعنا هذا لم يكن في محله ، وعلى العكس من هذه المواقف كان للسيد حسن نصرالله موقف يتسم بالمسؤولية والمبدئية ازاء كل الثورات والاحتجاجات التي يشدها العالم العربي وقد كان خطابه الاخير نموذج للتوازن الموضوعي والمسؤول .
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل أيّة مسؤوليّة عن المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم .
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي