الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | طلبة وشباب | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

 

مقالات مختارة

 تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

webmaster@saotaliassar.org  للمراسلة  

 
   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

   

العراق وافغانستان ورطة الضل الامريكي !

 

جمال محمد تقي

يطالب المالكي المتقمص لدور اللاعب الوطني في هوامش ما يجري على سطح الاحداث في العراق ، بعدم تدخل ممثلي الامم المتحدة والسفارات الاجنبية بالشأن العراقي ، وتحديدا بالانتخابات العراقية ، وكأنه تناسى ان بغداد تحتضن اكبر سفارة للامريكان في العالم وانهم هم من سهل لامثاله الوقوف في مواقع السلطة التي يحدد معالمها المحتلون انفسهم ، ومتناسيا بأن الامر لم يتغير بشيء ، على الرغم من كل الاعلانات السيادية المدفوعة الثمن ، فالمحتلون مازالوا يملكون القواعد العسكرية ويسيرون العمليات الخاصة والعامة ، وتكفي اشارة من مخابراتهم وشركاتهم الامنية الخاصة لقلعه واعوانه وكل منتسبي المنطقة الخضراء من مواقعهم مرات ومرات ،، من نفس المنطلق يعلن قرينه حامد كرزاي بان الاجانب هم من افسد بالانتخابات الرئاسية !

الغريب ان يصرح حامد كرزاي بأن الاجانب يتدخلون في الشأن الانتخابي الافغاني مع انه نفسه متهم من قبل منافسه عبدالله عبدالله بالتزوير وتسخير اجهزة السلطة لضمان اعادة انتخابه ، وكان تعليق احد المسؤولين الامميين المشتغلين بالشأن الافغاني صادقا عندما وصف غضبته التي تجيء نتيجة للضغوط الجارية عليه لمحاربة الفساد في حكومته كمحاولة يائسة لخلط الاوراق مذكرا اياه بحجمه الحقيقي كونه كمبارس لا اكثر حين قال : " يبدو ان الرئيس الافغاني يتعاطى من البضاعة الوحيدة التي تنتجها بلاده " يقصد الهيرويين " !

ليس لكرزاي مواقف حقيقية بشان قضايا مصيرية تخص بلاده كزيادة القوات الامريكية في افغانستان وقضية تحديد الاستراتيجية الامريكية وحلف الناتو فيها ، او في قضايا القتل اليومي للمدنيين الافغان ، ربما يكون له رأي حقيقي في مسألة تأجيل الانتخابات البرلمانية الافغانية والذي جاء بقرار مخابراتي امريكي صرف بحجة نقص الاموال الكافية ، لكننا لم نسمع منه شيئا يذكرغير ما يجب ان يقال لتطييب الخواطر وهذا ما يريده الامريكان انفسهم ، فكلما ميز نفسه وكأنه ممثلا للشعب الافعاني ومدافعا عن حقوقه كلما ازدادت ثقة الاخرين به ، وهذا هو المطلوب امريكيا ايضا !

طالبان ترفض التفاوض معه ، وهي محقة بذلك لانها لا تعترف به اصلا ، وما تطرحه من شروط للتفاوض مع الامريكان واضحة ولا تقبل التأويل ـ انسحاب القوات الاجنبية  وبدون شروط ـ  كرزاي يتودد لطالبان طارحا نفسه كوسيط ، وهنا هو امين في تنفيذ ما هو مطلوب منه نتيجة فشل الاستراتيجية الامريكية السابقة التي كانت تعتمد على اهداف تصفية طالبان ، فالاستراتيجية الامريكية الجديدة تريد احتواء طالبان لتكون شريكا معتدلا في الحكم وليست متفردة به بحيث يكون الوضع الافغاني مختلفا عن السابق بتعهدات دولية لمساعدتها اقتصاديا ، وهذا ما سيوفر للامريكان فرصة للانسحاب المشرف من افغانستان وتركه لشانه !

هل كان الامريكان ومن معهم نزهاء عندما احتلوا البلاد وعبثوا بمقدراتها ؟ وهل كانوا كذلك عندما راحوا يشجعون على زراعة الخشخاش لاستمالة بعض المتنفذين القبليين في البلاد وحتى المتاجرة بالمنتوج المخدرنفسه والمساهمة بتصدير 35 بالمئة مما تنتجه المزارع الافغانية عبر قواعدهم العسكرية بدلا من منعه ومساعدة الفلاحين على زراعة ما يطعمهم ؟

تقارير الامم المتحدة تشير وبكل وضوح الى ان زراعة الخشخاش انتعشت وبشكل كبير في البلاد حتى وصلت افغانستان كمنتج لما مقداره 60 بالمئة من مجموع الانتاج العالمي من الخشخاش في الوقت الذي كانت زراعته تنحسر وبشكل ملحوظ اثناء حكم طالبان !

النزاهة لا تتجزأ فالمحتلون لم يأتوا ليعلموا اهل البلاد المحتلة النزاهة لان فعل الاحتلال نفسه هو فعل مجرد من اية سمة من سماتها !

 

في العراق الامر ذاته وان اختلفت بعض التفاصيل ، والشواهد شاخصة ولا حصر لها ، لدينا في العراق عدد اكبر من امثال حامد كرزاي، فكل اعضاء مجلس الحكم نسخ منه ، ولان الاستراتيجية الامريكية في العراق تهدف لتقسيمه بالنتيجة الى ثلاث دويلات ـ سنية وشيعية وكردية ـ فان الاختلاف بين الحالتين جلي من خلال تتبع مسارات تفاصيلها ، الحالة القائمة في العراق لا تسمح لاي طرف فيه وان فاز بالاكثرية الانتخابية بأن يشكل حكومة تستطيع ادارة البلاد ادارة ناجحة تساهم بتغليب الهوية الوطنية العراقية على حساب باقي الهويات ، وان حصل وحاول اي طرف استثمار فوزه الانتخابي لخلق ادارة ترص لحمة العراق  كدولة واحدة وليست دويلات تجهز نفسها للانفصال ، فانه سيواجه بتمرد الاطراف المصنعة الاخرى ، والتي ستسعى لتقسيم البلاد عمليا على اسس طائفية وعرقية ، وهذا هو المطلوب امريكيا ، اذن الانتخابات هي مجرد اعادة لهيكلة وتجديد نظام المحاصصة القائم على الغاء الهوية الوطنية العراقية ، الامريكان كانوا متدخلين حد النخاع في كل الذي جري ويجري من انتخابات او استفتاءات لرسم هيكلية تتفق والاهداف اللاحقة !

 هل كان الاستفتاء على الدستور العراقي نزيها ؟ هناك فقرة في قانون الاستفتاء تقول : اذا لم توافق ثلثي ثلاث محافظات على مشروع الدستور فلا يعتبر الدستور ساري المفعول او مقرا ،، وكانت وقتها محافظات ديالى وصلاح الدين والموصل والانبار اضافة لمناطق كاملة من بغداد رافضة للدستور، ورغم ذلك قيل وقتها ايضا بان الرافضين لا يشكلون ثلثي ثلاث محافظات !

اي نزاهة عندما يقتل يوميا مدنيون ابرياء وبدون ذنب من قبل قوات الاحتلال التي تسيطر على ارض ومياه وسماء البلاد ؟ اية نزاهة عندما لا يوجد احصاء سكاني ؟ واية نزاهة عندما لا يوجد قانون للاحزاب ؟ واية نزاهة عندما تشكل المفوضية كما في الحالة الافغانية باختيارات لجنة من القوى المتحاصصة للحكم بالتعاون مع موظفي الامم المتحدة العاملين تحت الحماية الامريكية ؟

افغانستان والعراق بلدين ليس فيهما قضاء مستقل وليس لهما سيادة حقيقية وكل ما فيهما سائب  .    ان التزوير فيزا لعبور اغلب العناصر العراقية والافغانية المتخادمة مع المحتل الى المناصب السيادية وغير السيادية ، باعتراف اهل الشأن نفسه ـ عقود مزورة وشهادات مزورة واسماء مزورة وشهداء مزورين وشهود زور وانتخابات مزوره  ـ !

المالكي يتهم الاخرين بالتزوير ويتهم المفوضية بالتزوير، وكأن المفوضية تزوّر على مزاجها ، لم يقل لنا المالكي هل لجنة النزاهة كانت مزورة ايضا ؟ وهل القاضي راضي الراضي كان مزوّرا ايضا ؟ وهل الشهواني كان مزوّرا ؟ وهل لجنة المساءلة والعدالة مزوّرة ايضا ؟ ربما يخرج علينا ليقول ان السيدة وجدان ميخائيل وزيرة حقوق الانسان هي ايضا مزوّره لانها فضحت السجون السرية الخاضعة لاشراف مكتبه الخاص !

الا يعتبر المالكي ان استخدامه للمال العام بالانتخابات نوعا من التزوير وان تسمية حكومته بحكومة الوحدة الوطنية نوعا اخر من التزوير ؟ ونفس الشيء ينطبق على الاخرين من امثال البارزاني والطالباني وحتى اصغر عنصر فيهم وهو حميد مجيد موسى الذي كان راضيا طيلة فترة السبع سنوات عن سير العملية السياسية ومتحمسا لها كونها ورغم كل شيء تمنحه ما لا يستحقه ، لكن وبعد ان خسر السيد حميد مقعده وخرج حزبه ـ الحزب الشيوعي العراقي ـ  بخفي حنين من مغانم التوزيع الانتخابي ذهب ليطعن بالانتخابات جملة وتفصيلا ، مشككا بنزاهة العملية والقائمين عليها بما فيهم موظفي الامم المتحدة ، والذين كان يثني على جهودهم ونزاهتهم ، وكأنهم انقلبوا الان على اعقابهم !

 

لقد اثبتت تجربة الديمقراطية المزيفة في العراق وافغانستان بان الاحتلال واينما وجد لا يأتي بالديمقراطية الحقيقية للشعوب المحتلة ، لان الديمقراطية وببساطة نقيض وجودي للاحتلال ومفاسده  !

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل أيّة مسؤوليّة عن المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم .

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | كتابات حرّة | فنون وآداب | طلبة وشباب | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي