الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | طلبة وشباب | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

 

مقالات مختارة

 تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

webmaster@saotaliassar.org  للمراسلة  

 
   
 

لا

للأحتلال

 

 

 

 

 

 

 

 

 

   

التيار الصدري ومعركة السلطة في العراق !

جمال محمد تقي

رغم التذبذب الذي اكتنف توجهاته وممارساته ومواقفه وخياراته التحالفية وعدم خبرة قياداته السياسية الا انه بقي محافظا على زخمه وعلى انشداد الشرائح المهمشة في احزمة المدن الفقيرة اليه ، كالاحياء المليونية في بغداد ـ الثورة والشعلة والحرية ـ  وايضا في بعض المحافظات الجنوبية التي ينظر اهاليها الى التيارالصدري بأعتباره الاكثر قربا منهم ومن معاناتهم ، فهو لم يكن حزبا مهاجرا ، اي لم يكن له اي دور بعملية احتلال العراق ، ومصاحبة الامريكان في الرجوع اليه ، كما هو واقع حال معظم القوى السياسية الفاعلة الاخرى في العملية السياسية ، لقد حافظ التيار على اسلوب تقديم الخدمة المباشرة والمساعدات المنظمة للاهالي ، واقامة المراكز الشعبية لمعالجة المشاكل اليومية ، ومن ثم تحويل الحسينيات الى مراكز تنظيم وتكافل اجتماعي ، كل هذا عزز من تمسك مريديه ، الذين هم بالاساس يعتبرون من انصار واتباع الامام محمد صادق الصدر والد السيد مقتدى ، الذي لم يغادر العراق رغم كل التهديدات التي تعرض لها من قبل اجهزة النظام السابق حتى استشهاده !

في البدء كان لموقف التيار الصدري المقاوم للمحتلين والرافض للانخراط بعمليته السياسية ، دوره الاساسي في رسوخ شعبية التيار المتسعة بين مختلف الفئات في ارياف ومدن بغداد والجنوب ، ولكن انجرار اطراف فاعلة فيه للمواجهات الطائفية التي حصلت بعد تفجير مرقد الامامين في سامراء ، اوقع ابلغ الاثرعلى مصداقيته ، وافقده احترام الكثير من القوى المقاومة داخل العراق وخارجه ، ومن ثم جاءت محاولته لتجنب الضربات الموجعة من قبل قوات الاحتلال ، وذلك بالاحتماء بالعملية السياسية ذاتها ، وبتخريجة المقاومة السلمية ، والتي وضعته بموقف لا يحسد عليه من التشوش والتناقض ، وما عزز هذا التناقض فيه اصطفافه المتلاحق مع القوى الطائفية النافذة في حكومات الاحتلال المتعاقبة وتحديدا حكومة الجعفري ، وتوج هذا المنحى باشتراكه في الانتخابات البرلمانية الاولى والتي حصل فيها على 30 مقعدا ، وذلك في بدايات التشكيل الحكومي لوزارة المالكي ، حيث تم تعيين 5 من انصار التيار في حكومته ، وكان المالكي وحزبه وقتها جزءا من الائتلاف الشيعي الى جانب التيار الصدري ذاته  ، وبعد سلسلة من الصراعات على النفوذ والمكاسب التي تبلورت بمحاولات حزب الدعوة لتقليم اظفار القوى المنافسة له في الوسط الشيعي ، جرى التركيزعلى سحب البساط من تحت اقدام التيار في مناطق نفوذه ، فتعرض التيار لاوسع حملة تنكيل واعتقالات ومضايقات ، وعلى اثرها انسحب ممثلوه من الحكومة ، لكن قيادة التيار بقيت بنفس مستويات تعاملها الاول الذي يستبقي خطوط الرجعة كاملة .

 معارضة التيار لتمرير الاتفاقية الامنية طويلة الامد مع الامريكان في البرلمان واضحة وكذلك التعبئة الشعبية ضدها ، ولكنه لم يطور هذا الرفض الى اشكال مؤثرة واكثر جدية ، فلم يكن التيار معارضا بمعنى المعارضة ، ولا شريكا كاملا في الحكم ، كان دائما يحاول مسك العصى من المنتصف ، وفي احيان كثيرة تم تسخير وجوده لخدمة السياسات الفاسدة لحكومة الاحتلال ، اكثر من استفادته هو لعرقلة تلك السياسات .

في الانتخابات الاخيرة حقق التيار الصدري تقدما ملفتا يضعه بين الصفوف الاولى للقوى التي حققت فوزا واضحا على اقرانها ، فقد نال 40 مقعدا اي بزيادة 10 مقاعد عن الانتخابات السابقة ، واصبح صاحب الثقل الاكبر في الائتلاف الوطني الذي يضم المجلس الاسلامي الاعلى ومنظمة بدر وحزب الفضيلة وحزبي الجلبي والجعفري والملكية الدستورية ووزراء سابقين كموفق الربيعي وبحر العلوم  ، فالائتلاف بمجموعه حصل على 78 مقعد اكثر من نصفها بيد التيار الصدري الذي يستثمرها حاليا للتاثير على شكل التحالف المرتقب مع قائمة المالكي بحيث يركز التيار على استبدال المالكي بمرشح اخر كشرط لتاييده لحكومة يلعب بها حزب الدعوة دورا رئيسيا ، وهذا ما يضع المالكي امام خيارات صعبه منها عمله على شق الائتلاف الوطني وعزل الصدريين بنفس الوقت الذي يعمل فيه على شق صفوف الكتلة العراقية وجر اقسام منها للتحالف معه ليكون بالنتيجة مع التحالف الكردستاني اكثرية تؤهله لنيل منصب رئاسة الوزراء للفترة القادمة ، واذا اردنا ان نكون اكثر دقة وموضوعية في تقييم النتائج الانتخابية فاننا نستطيع القول ان التيار الصدري هو الطرف الوحيد الذي حصد النتائج بالمقارنة مع اوضاع الفرقاء الاخرين ، فمن نافلة القول انه لولا وجود المالكي في السلطة وتحكمه باجهزتها واستثمارها لمصلحة حزبه لما امكنه الحصول على 89 مقعدا ، ولولا الاحباط العام من اداء القوى الطائفية ولولا انتعاش الامل بالتكتل العلماني ولولا الخوف من استفراد حزب الدعوة بالحكم ولولا الدعم العربي والدولي للقائمة العراقية لما احرزت تلك القائمة على 91  مقعدا ، اما الاخرين فان جميع حصصهم الانتخابية قد تراجعت ، التحالف الكردستاني تراجع بسبب منافسة قائمة التغيير والقائمة الاسلامية وكذا الحال بالنسبة لجماعة الحكيم وحزب الفضيلة ، وكان تراجع قائمة التوافق صارخا ، ناهيك عن القوائم والاحزاب والتكتلات  التي خرجت من المولد بدون اي مقاعد تذكر ، كقائمة البولاني ، وقائمة المشهداني ، وقائمة الحزب الشيوعي ، وقائمة مثال الالوسي  .

من احدى اهم نتائج تقدم التيار الصدري انتخابيا هو امساكه بتلابيب حركة التحالفات البرلمانية المطلوبة لتشكيل الحكومة واعادة تقاسم السلطة بين الاطراف الفائزة ، فهو يتحكم عمليا بتوجهات الائتلاف الوطني وشروط تحالفه مع دولة القانون وايضا يستطيع قلب المعادلة اذا تحالف مع القائمة العراقية ، اي انه بيضة القبان في اي اتفاق جديد بين قوى العملية السياسية لترجمة نتائج الانتخابات على شكل السلطة القادمة ، ومن هذا المنطلق نجد مقدار الحنق الذي يبديه المالكي وقائمته تجاه التيار ومواقفه ، وايضا محاولات المالكي الحثيثة لشل تداعيات المعطى الانتخابي ، فهو يصر على اعادة العد والفرز في دوائر بغداد الانتخابية للنيل من حصص التيار الصدري والقائمة العراقية وعلى الاقل بالمقدار الذي يحرمها من الصدارة المؤثرة !

ان اصرار التيار على الموقف الداعي لاستبعاد المالكي من منصب رئاسة الوزراء وتعزيزه بتحالفات تتجاوز محيط الائتلاف الوطني والعمل على التطهر من اي مواقف طائفية ، هو مسلك صائب سيصب  لصالح شعبيته ، وايضا هو درس لحزب الدعوة الذي تعامل مع السلطة وكأنها ملكية خاصة ـ حتى ان المالكي كان قد اعلنها صراحة بانه لن يتخلى عنها وسيماطل حتى يتمكن منها مجددا ـ !

 كان موقف التيار في  دعم اهالي الموصل والتضامن الحقيقي معهم ومع فورتهم ضد الممارسات الطائفية لحكومة المالكي التي ارتكبت الفضائع بحق المعتقلين من اهالي الموصل ومن انصار التيار المعتقلين في سجون حزب الدعوة ، ذكيا في محاولته لاستعادة بعضا من الثقة المفقودة بمواقف التيار غير الطائفية ، التي شابها الكثير من الشوائب طيلة فترة انخراطه في العملية السياسية  !

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل أيّة مسؤوليّة عن المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم .

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | كتابات حرّة | فنون وآداب | طلبة وشباب | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي