صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                      مقالة للكاتب جمال محمد تقي      

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

  

 

 

 

 

 

 

بين قناة الجزيرة وقناة مبارك !

 

 

جمال محمد تقي

 

شيء يغري للمقارنة ، وما اعنيه ليس مجرد ملامسة الاختلافات البصرية والسمعية والعقلية بين القناتين لان هكذا ملامسة هي ترف ليس في محله ، فالموقف دقيق وحرج ومشحون ، ومعمعة الاداء الوظيفي المتناقض لكلا القناتين حول صميم الحدث المصري هو في اعلى درجات الاشتعال ، وما تسعى لتحقيقه قناة الجزيرة كسلطة رابعة هو اتجاه معاكس لما تسعى اليه القناة الرسمية المصرية كونها موجهة لخدمة محتكر كل السلطات في مصر ، مبارك ونظامه ،  خاصة وان العلاقة بين القناتين ، واللدقة اكثر بين الحكومة المصرية وقناة الجزيرة  وصلت للقطيعة ، فهذا وزير الاعلام المصري اسامة الفقي كان قد حلل خبزته امام من استوزره باصداره لقرار اغلاق مكتب الجزيرة في القاهرة والغاء ترخيصات عمل منتسبيه ، ومن ثم اتهام الجزيرة بالتحريض ، ومن ثم توسل المواطنين المصرين لمقاطعتها ، والذهاب ابعد من ذلك عندما تعاملت اجهزة الاعلام المصري بمبدأ التشويش على ترددات بث الجزيرة من القمر الاصطناعي عرب سات ، بالتزامن مع اجراءات ايقاف خدمة الانترنيت والمحمول في كل مصر ، ويبدو ان تولي السيد الوزير لنفس المنصب في الوزارة الجديدة برئاسة احمد شفيق هو من باب الاشادة بدوره القمعي المتواتر مع قمع اجهزة الامن المصري لثورة الاحتجاج العارم الذي يتراكم في ميدان التحرير ـ تحرير مصر من فرعنة نظام مبارك الذي يريد تأبيد نفسه ـ ازاء كل انواع الشفافيات السمعية والبصرية والالكترونية .

قناة الجزيرة اليوم هي قناة عالمية بمصاف اضخم القنوات الاخبارية في العالم ، وهي متميزة بكونها صوت للذين لا صوت لهم اقليميا وعالميا ، فالصوت العربي والافرواسيوي وبالتالي الاسلامي والشرق اوسطي يكاد يكون غائبا في فضاء الاعلام العابر للحدود والقارات قبل قيام الجزيرة نهاية عام 1996، وهي لم تصل الى ما وصلت اليه الا لكونها ملتزمة بالسبق والموضوعية في تناولها للاحداث وتسليط الاضواء على الرأي والرأي الاخر ، ثم انها قدمت الادلة المتواصلة لقدرتها الفائقة على المنافسة الشاملة في مجالها وخاصة بعيد احداث 11 سبتمبر واثناء حربي احتلال افغانستان والعراق مستفيدة من حرفية وخبرة كادرها المنحدر اصلا باغلبه من القسم العربي لتلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية الذي سرح عامليه لاسباب تتعلق بالتمويل ، ومن الطبيعي هنا ان تكون قناة الجزيرة اكثر من غيرها من القنوات تركيزا على الاحداث في البلدان العربية الزاخرة وفي كل زاوية من زواياها ـ من الصومال والسودان الى اليمن ولبنان وفلسطين وتونس وووومصر قلب العروبة المقهور ـ  بخامات الاحداث والتطورات والمشاكل والمفاجئات والمعاناة والحروب والمؤامرات والثورات ، فهل يطلب منها ان لا تمارس عملها حيث يجب ان تمارسه ، وحيث فرصتها لاثبات ذاتها ؟

لقد لعبت قناة الجزيرة دورا لا يقدر بثمن بالنسبة للباحثين عن الرأي الاخر في دولنا العربية ، ولذلك تتعرض الجزيرة دوما لحملات مضادة وملاحقة واغلاق لمكاتبها ، وصار لا يمر حدث يشغل الراي العام حتى تتوجه الانظار فيه اليها ، ونتيجة لمهنيتها وكشفها للمستور اصبحت غير مرحب بها من قبل الحكومات التي لا يسعدها كشف الحقائق واثراء دائرة معارف المواطن العربي بالمعلومة الموثقة والخبر الذي لا يراد له ان يذاع ، فما حدث معها من قبل الامريكان اثناء احتلال العراق ، مثال معبر ، والامثلة تكاد تكون مكررة في اكثر من بلد عربي ، اما دورها المشهود في اثناء الثورة التونسية ، وتواصله وبندية محببة ومطلوبة شعبيا مع يوميات الثورة المصرية ، وما سجلته الجزيرة من تفوق وانحياز واضح للحقيقة وان كانت على حساب علاقتها الرسمية بالسلطات المصرية التي راحت تكيل التهم بحقها وتحملها مسؤولية تصاعد الاحداث وهو شرف لا تدعيه الجزيرة ، فهو مثال حي مازلنا نتابعه ونتفاعل معه كنافذة موثوقة لنا للتواصل مع ثوار ميدان التحرير في القاهرة والاسكندرية والسويس ، نافذتنا  للتفاعل مع نبض الشارع ومع النخب المؤثرة مع هيكل والقرضاوي ، ومع امنا بهية ومع اولادها المعمرين مع عمنا احمد فؤاد نجم ومع الشبيبة الطالعين مع نوارة نجم ومع يسرى فهمي ، وشباب الجامعة المضربين .

ما يغيض القائمين على قناة مبارك ان الناس في مصر تثق بالجزيرة وتغطيتها لاحداث ثورة الشباب المصري ، وما تحسدها عليه هو حريتها في تناول كل شيء واي شيء يريده الناس ، ومن ثم عجزها حتى على تقليدها ، كنت بين الحين والاخر ادقق بما تقدمه قناة مبارك عن احداث تلك الثورة منذ 25 يناير وحتى نهاية يوم الرحيل ، فوجدت نفسي اشفق على الاداء الساذج والغبي لقناة مبارك الفضائية ، حيث تفضح تلك القناة بنفسها هشاشة وسطحية النظام الذي تمثله ، فالارتباك والتناقض والتزلف والتدليس المكشوف كان سيد شاشتها ، الان يبدو انها قد افلست خاصة وان الثورة الشعبية تحوطها من الداخل والخارج ، حتى صار لسان حالها يقول : صدقوني انا موظفة عند الريس ، فكيف تريدون مني محاججته او عرض ما لا يتفق مع رغباته ؟

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل أيّة مسؤوليّة عن المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم .

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany