صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                      مقالة للكاتب جمال محمد تقي             

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

  

 

 

 

 

 

 

في العراق اعذار اقبح من الذنوب !

 

 

جمال محمد تقي

 

عجبي على من يتشاطر ليجد اعذارا لاستبقاء الاحتلال الامريكي للعراق ، ولا يكلف نفسه ، ولو من باب رفع العتب ، بالنظر لالاف الاعذار التي تجعل من مقاومة هذا الاحتلال فرض عين !

العراق في عهدة الامريكان صار كما يقول اهل البلد  ، مكفخة للرايح والجاي ، بعد ان كان بلدا مهابا يشمخ بين الامم بطليعيته ونهضته ، وبعد ان كان حامل جوازه يلقى كل ترحاب ، صارت الابواب تغلق بوجهه وبدون حساب ، صار وجوده كالغياب ، والسائل عنه لا يلقى جواب ، صارت حدوده مستباحة ، وخيراته للاغراب ، وبعد ان كان يكفل المدينين صار مدينا ولا يكفله حتى من احتله بدعوى التحرير والتغيير ، عجبي !

امريكا تحتل السماء والمفاصل والمركز العصبي ، اما الاطراف فهي سائبة لمن يرغب بها ، ايران تتغلغل جنوبا وشمالا مثلما تتغلغل في العصب ، متذاكية على الجغرافية والتاريخ لتمسك بتلابيب حاضر ومستقبل العراق ، تركيا تُغير متى ارادت ومن دون استأذان ، وبشغف تتلاعب بكل ما اوتيت بمناسيب شرايين الحياة التي تغذي بلاد النهرين ، والتي ظلت لعقود طويلة تتعامل معها بحسن نية ، وبتفضيل قل نظيره ، الكويت تزداد تشوكا وإستأسادا على الاقليم ، لايقاع اكبر قدر من الاذى به وبأهله وبمصيره ، بعد ان ربطت عنقها ربطة كاثوليكية بذيل جيش اليانكي العابر للحدود ، ، واما الاخرون فهم يواصلون لعبة الابتزاز الناعم مع العراق طمعا بكتف اخرى غير التي حصلوا عليها ،، ابواب الاقليم مخلوعة ، والحالة تغري كل الطامعين باغتنام الفرصة !

نفط العراق يسرق شفطا ، ايران تحفر ابارموازية وبطريقة مائلة باتجاه الابار العراقية الحدودية ، وكذلك تفعل الكويت مع حقول الرميلة العراقية ، ناهيك عن عمليات التهريب الرسمي الذي تديره الاحزاب الطائفية العراقية بالتعاون مع مافيات مراكز القوى في المخابرات الايرانية ، حيث تشتريه بسعر بخس وتعيد بيعه باسعار السوق ، اما كارتلات الغزاة صاحبة مشروع ، نفطهم لنا ، فانها تشرف وبهمة على بورصة مقاولات النفط التي تعقد بعقود تشفط الكحل من العين !

تجاوزات يومية على المياه الاقليمية العراقية من قبل ايران والكويت ، لتضييق الخناق على الفتحة الصغيرة المتبقية لاطلالة العراق الخليجية ، رويدا رويدا توسع ايران جرفها الاقليمي في شط العرب على حساب العراق ، وتستخدم كل الوسائل ، بما فيها الطمر ، والتنشيف ، والتلويث لاجبار الجانب العراقي على اليأس من جدوى الاستثمار في هذا الممر المائي الحيوي لوجوده .

الكويت تتفنن في عمليات التوسع بريا قرب الشريط الساحلي العراقي ، وبحريا قرب اهم الموانيء العراقية ، وهي تجتهد حاليا لاغلاق خور عبدالله الذي يتوسط الطريق الموصل لموانيء البصرة وذلك من خلال بناء ميناء ضخم على ثغر الخور ، وعلى جزيرة بوبيان تحديدا ، لينتهي مفعول ما خلفها من موانيء بصرية ، ولم تكتفي بذلك فقد عملت على شراء اراضي عراقية محاذية لحدودها بواسطة عملاء عراقيين للمطالبة لاحقا بضمها لها ، وراحت تخرج دوريات يومية لمطاردة الصيادين العراقيين على طول الشريط الساحلي القريب والبعيد منها  ، ثم تعتقلهم وتجردهم من مراكبهم المتهالكة ، وتمعن باهانتهم ، كي يهجروا مهنتهم التي تزعج الاحساس الامني المرهف للسلطات الكويتية ، وتخبرنا نشرات الاخبار المتواترة الاخيرة ، بان الدوريات العسكرية الكويتية قد اعتقلت عددا من الصيادين العراقيين وهم داخل المياه الاقليمية العراقية ونقلتهم لجهات مجهولة !

الكويت تصر على بقاء العراق تحت وصاية البند السابع حتى يسدد لها اخر دولار من التعويضات المبالغ بها والتي كانت قد قررتها اللجان الفاسدة لمجلس الامن وبعزم امريكي جارف بعد حرب الخليج الثانية ، حيث الطريق الممهد لتكبيل العراق ومحاصرته ومن ثم الاجهاز عليه بعملية غزوه واحتلاله ، امريكا لا تجد حرجا من ابقاء بؤر التوتر الاولى قائمة بل انها تشجع على الاستثمار بها مجددا وبما يخدم مشروعها الذي جاءت من اجله ، فهي لا تمنع  حكام الكويت من الايغال بالتجاوزات والاستفزازات ، بنفس الوقت الذي تعلن فيه حرصها على التسويات العادلة للمشاكل القائمة والتي ستساهم باستقرار اوضاع العراق والمنطقة ، والحقيقة الجلية انها لا تريد استقرارا ولا توافقا يحرمها من التحكم بمقدرات الجميع !

ايران وبرغم كل مكاسبها في العراق ، وبرغم الاذى الاستراتيجي الذي الحقته به ، وبرغم كونها المسبب الفعلي لحرب الثمان سنوات ، وبرغم حصولها على غنائم لا تقدر بثمن جراء احتلال العراق امريكيا ، وبرغم تحطم البنى الاساسية للعراق بعد احتلاله ، وبرغم حصول اتباعها على مراكز متقدمة في السلطة القائمة فيه ، الا انها مازالت وبوقاحة واستباحة تردد اباطيلها المطالبة بتعويضات عن خسائرها في حرب الخليج الاولى ، وكانها هي وحدها من دفع ثمن هذه الحرب الطاحنة ، والمصيبة ان تلك المطالبات تجد اذانا صاغية عند من يفترض بهم حكاما للعراق !

هل هناك استباحات اكثر من هذه ، وعلى كل الجبهات والصعد ؟  كيف يمكن ان نقتنع بان هناك دولة عراقية ذات سيادة ، والاقليم صار اقاليما ، حكامها يُحكمون من خارج الحدود ؟ من يتصدى للمستبيحين الذين لا يحترمون حتى جلاوزتهم من العراقيين ؟

كيف نقتنع بان هناك دولة وسيادة وقرار وطني وسلطة بأياد أمينة ، اذا كان حاميها حراميها ، وبشهادة شهود من اهلها ، واخرهم كان السيد صباح الساعدي ، ومن قبله كان رئيس مفوضية النزاهة وغيرهم ؟

كيف اذا كان متحاصصو السلطة يتوسلون لاستبقاء المحتل وصيا على مصير البلاد ، ويتفقون بالسر والعلن على ضرورة بقائه كضمانة لبقائهم ، وبالتالي بقاء الوضع العراقي بمجمله على ماهو عليه ؟

عجبي على من لا يرى بان الحالة مزرية ولا مخرج منها الا بالخروج على نص المشروع الاحتلالي برمته ، وذلك بالاطاحة بالعملية السياسية الطائفية العنصرية المناطقية القائمة ، وتهديمها واحلال عملية وطنية محلها ، بربيع عراقي غير مدجن ، ربيع تتطهر فيه بلادنا من طواعينها ، ربيع يعمق وصله مع الربيع العربي الذي مازال يتلمس طريقه نحو اهداف التحرر الحقيقي والديمقراطية الحقة !

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل أيّة مسؤوليّة عن المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم .

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany