<%@ Language=JavaScript %> عصام الياسري معرض الفنان العراقي المبدع منير العبيدي

 |  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

 

 

 

معرض الفنان العراقي المبدع منير العبيدي

 

سيماءات فنية غزيرة بالموسيقى

 

 

عصام الياسري

 

في معرضه الجديد الذي يقام في الأول من ديسمبر/ كانون الاول 2010 في برلين تحت عنوان "موسيقى مرئية، شرق غرب". يتناول الفنان العراقي المبدع منير العبيدي موضوعة فريدة من نوعها ، تمتلك صيّغ تعبيرية ورمزية غزيرة بالجمالية والسيماءات اللغوية والإبداع الفني . وبغداد قبلة الشرق ومآوى الثقافة والفنون ، أصر الفنان هذه المرة لأن يفتح أسارير خصوبتها بطريقة مختلفة ، تبحر على ظهر قارب نحو الغرب . بفرشة تكسوها الألوان الزاهية دخل العبيدي أعماق الموروث يخط إيقاعات موسيقية من الشرق والغرب على القماش ، ينسج التقاسيم والألحان في عمق الحنايا بطريقة تعبيرية قادرة على النطق في غياب رموزها.. ويأتي المعرض الذي سيقام على قاعات الدار متعدد الثقافات في شونبيرغ ضمن اطار نشاطات فنية متنوعة تسمى مهرجان الثقافة الكبير (Cross Kultur 2010) تحتوي على عشرين فعالية ثقافية في الموسيقى والمسرح والتشكيل ، ابتدأت يوم الجمعة الثاني عشر من الشهر الجاري وتستمر حتى الثامن عشر من كانون الاول ديسمبر. والجدير أن معرض العبيدي الجديد هذا ، يأتي بعد شهر من إنتهاء معرضه الأخير تحت عنوان " من بغداد إلى برلين" الذي تضمن ثلاثون لوحة شكلت مشروعاً ثلاثي الأبعاد من ناحية الشكل والمضمون.

يعرض الفنان منير العبيدي عشرين عملا مرسوما بالأكريلك والزيت على القماش (الكنفاس) وبأحجام مختلفة بين 120 X 160 / 60 X 80 . وتعمل لوحات العبيدي على تحويل الموسيقى الى شكل مرئي يستلهم عناصر القوة والدراما الصوتية لتحويلها "بصرياً" الى تضادات لونية وتركيبات في الشكل كما وتأويل الاصوات لونياً ، كتحويل صوت العود الدافئ الى اللون الاحمر البني او ما عرف بالاحمر الهندي (Indian red.) بذلك يكون قد جعل مفردات اللوحة وألونها تتسلل رومانسياً لتصبح مادة الموسيقى بدل الصوت . واستعمل منظومة تشكيلات شرقية ذات صلة بالثقافة العربية الاسلامية (ونعني به كمصطلح دارج) كما في اللوحات التي استلهمت آلة العود ، أو حركات الجسد في الرقص الشرقي بشكل متداخل يعكس الحركة بدرجات لونية غير محددة تؤلف معاً أنغاماً وجمل طيفية بالغة التأثير .

اما القسم الاخر من اللوحات ذو العلاقة بالموسيقى الغربية ـ الكلاسيكية منها على وجه الخصوص فقد نحى منحى تجريديا في معظمه وصوّر، عدا ذلك، رقصات غربية وامريكية لاتينية في حالة الحركة وذوبان الشكل و تعدده. وعكست لوحتان قطعة ريميسكي كورساكوف الموسيقية الشهيرة شهرزاد كتصور نصف شرقي لثيمة شرقية ذات مصادر ثقافية متعددة.

عدا معايشته المستمرة للموسيقى الشرقية بحكم البيئة التي تربى فيها ، فقد استفاد العبيدي من تجربته مع الموسيقى الكلاسيكية كمستمع منتظم واشار في مقدمته عن المعرض خصوصا الى الفترة التي قضاها في الاتحاد السوفييتي السابق التي مكنته من الاطلاع والمشاهدة الحية للعديد من التحف الفنية الموسيقية مثل باليه بحيرة البجع لجايكوفسكي واوبرا كارمن واوبرا يفغيني اونيغن وغيرها.

ويرى العبيدي ان تحويل الصوت الى صورة عملية ليست سهلة وتحتاج الى تأمل وتجرد كامل ولكنها في نفس الوقت مهمة ممتعة . بلوحاته الموسومة "موسيقى مرئية ، شرق غرب" التي عمد لأن تكون أسلوباً مميزاً ذو معانٍ وذبذبات لونية على القماش ، إستطاع أن يعطي الصوت إيحاءات وطاقة مضاعفة تكشف عن الإنسجام والأنسة الذي يزخر بهما السمعي بصري.

والعبيدي الذي يقيم منذ عام 2000 في برلين العاصمة الالمانية تخرج من كلية الاداب في جامعة بغداد في العام 1970 وكان عضوا في المرسم الحر للكلية باشراف الدكتور الراحل الفنان خالد الجادر وعضوا في جماعة الاداب الفنية التي تأسست في العام 1969 وقد اقام قبل مغادرته العراق ثلاثة معارض شخصية في بغداد وواحدا في عمان وثلاثة معارض شخصية في برلين واشترك في العشرات من المعارض المشتركة في بغداد والعديد من العواصم العربية وبرلين.

قام العبيدي بتدريس مادة الرسم بالالوان المائية والاكريلك في العديد من الدورات والمؤسسات مثل المدرسة العليا للتأهيل (Volkshoch Schule) المستمرة دروسها حتى نهاية العام الحالي ، كما ينظم دورة حالية للرسم بالاكريلك على القماش بدعم من مؤسسة "صندوق الحارة" Kiezfonds الالمانية. وقد نظم للمشتركات والمشتركين في هذه الدورات العديد من المعارض كان آخرها المعرض الكبير (كنفاس وحرير) المقام على قاعات المدرسة العليا للتأهيل حيث تم عرض اكثر من مائة عمل مثلت من اعمال المشاركين والمشاركات في دورات تعليم الرسم ودورة تعليم الرسم على الحرير.

ويبدو أن الفنان العبيدي بأسلوبه تحويل الموسيقى إلى نسيج ألوانٍ مليئة بالحركة ، أراد إزاحة النقاب عن إشتقاقات مرئية تحسس بقوة "الصوت" وتأثيره ، كما تسوق نحو تأملات لتفسير يجسد هذه "القوة" بطريقة "بصرية" ذات رموز مبهرة.. وإذ كانت الموسيقي سلسلة من الأصوات التي يمكن تأويلها ، فإن فضاء التعبيرية وتلاقح الألوان لدى العبيدي ، يشكل نصاً يضفي شعوراً يجلي النزعة الخيالية في كل لوحة من لوحات معرضه الذي يتضمن عددا من العناوين التي يتجلى فيها إندماج الفنون البصرية والموسيقى في فن الرسم بشكل متآلف كما يقول بودلير.

عصام الياسري

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

 

 

 صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org 

 
 

 

لا

للأحتلال