<%@ Language=JavaScript %> قصة قصيرة / حمزة علي اللامي هل تنوي الاستغناء عن الكهرباء؟

 |  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

 

قصة قصيرة / حمزة علي اللامي

 

 

هل تنوي الاستغناء عن الكهرباء؟

 

حبيبي القارئ اللئيم بعدما نفد صبري من صاحب المولدة المشؤومة التي لا تبعد عن دارنا سوى مئات الأمتار! من سوء مولدته اللعينة وكهربائها التي لا تقوى على إنارة بضعة مصابيح، قررت أن امضي إليه وان اسمعه ما يجب أن يسمعه!

فعقدت النية ..

ولبست سروالي ومضيت له .. وأنا العن جدودي وجدوده

وما ان وصلت .. حتى صرخت أمام المولدة بأعلى صوتي! بيد أن صياحي لم يُسمع البتة من شدة زئير مولدته المسعورة

ودخلت إلى فناء المولدة .. وأول ما دخلت تزحلقت ببقعة زيت سقطت على إثرها على رأسي المبارك ، فأبصرني اللعين وقال بصوت عال .. ماذا تنوي ان تفعل؟

فقلت .. انوي أن ادهن سائر جسدي بالزيت ومن ثم آخذك بالأحضان لان الذي مثلك لا يستحق أن يبقى نظيفاً من الخارج بل يجب ان يكون مثل جوهره

وهجمت عليه .. بل قل انقضضت عليه

وحمى الوطيس بيننا .. وتعالت الأيدي والأرجل وعلا الصياح والصراخ بيننا وقد استخدمت كل ما بوسعي من قوة وأفكار من اجل ان اشفي غليلي!

ورجعت لداري ..

وأنا ممزق الثياب ومنفوش الشعر انتعل فردة واحدة .. اسحب - وايري- الكريم بيديَّ السخيتين إلى حيث اقطن

دخلت الدار ..

وأبصرتني رفيقة دربي وانا على باب الدار وكادت تشج رأسي بقطعة حجر قذفتني به، لأنها لم تتعرف على علاماتي الفارقة وتصورتني لصاً في وضح النهار!

 وكشفت لها عن هويتي .. فقالت متسائلة ماذا حدث؟ 

فقلت لها إني أوسعته ضرباً وعضاً ونهشاً فقالت - مضبوط- هيا الى الحمام

ودخلت الحمام ..

وخرجت منه .. وأمرت شريكتي بإعداد كوبا من القهوة، كي يساعدني ذلك  على شحذ أفكاري العجيبة

وجاءتني بالقهوة ..

وشرعت باحتسائها .. وشرع دماغي بأفكاره البناءة

وبعد احتسائي للقهوة جاءتني فكرة عجيبة!

وقفزت من مكاني ،، وصحت!

انه ابتكار ..

بديل عن الكهرباء الوطنية والمولد

انه ابتكاري الفريد .. الذي سيخلص الإنسانية من جور الجائرين

ولابد من أن سجل غينس هو من سيبحث عني لا العكس

إليك الابتكار عزيزي ..

تأتي ببطارية كبيرة وتنتهي المشكلة!

لا تستغرب أيها القارئ الكريم وإلا ناديتك باللئيم كما ناديتك في البداية .. البطارية ستعطيك طاقة قدرما تريد من الإنارة ،، ألا ترى الشاحنات الكبيرة كم تحوي من أضوية بيض  وأخرى ملونة؟

حسناً .. جيد انك فهمت ألان

لنكمل ..

لنكمل مصيبتنا اقصد مشروعنا .. قلنا إنها البطارية

وجمعت كل مدخراتي، وهرولت لسوق البطاريات .. ووقفت قبالة محل ضخم يبيع البطاريات، وتدافعت من الآخرين وأوصلت صوتي لصاحب المحل وأبلغته عن نيتي في ابتياع بطارية كبيرة .. لا أريد أن أطيل أكثر من هذا .. حملت البطارية على ظهري ورجعت لداري .. وأول ما استقبلني أولادي وزوجتي بالزغاريد وبالتصفيق والتهليل والتزمير .. أنزلت البطارية بمساعدة ثلاثة جيران لي، وما أنزلتها حتى أخبرت شريكة حياتي عن نيتي ان استقدم كهربائيا ليكمل ربط البطارية بالبيت

وركضت ..

ودخلت محل الكهربائي ..

المسكين الرجل الذي رجع عدة خطوات للخلف معتقداً إني مخبول أو شيء من هذا القبيل .. فأفهمته إني لست كما يعتقد ولكني ابحث عن الدقيقة كما يبحث الساسة عن آبار البترول .. فأقترب مني الرجل وبسطتُ له قضيتي

واصطحبته للدار ..

ودرنا بالدار وانا أشير عليه إن يكون هنا مصباح وآخر هنا وهنا مروحة وهنا قابس - للسبلت- وهنا قابس للفرن .. الخ ، فكتب لي قائمة مواد، كانت جاهزة بين يديه بعد ساعتين .. وشرع بعمله المبارك على بركة الله ..  وان سألتني ما هي هذه المواد فأقول لك ..

كانت المواد هي ثلاثة آلاف متر من الأسلاك مختلفة الأقطار وسبعمائة لولب وألفا وتسعمائة مسمار مختلف القياس ومائة وخمسين لفة لاصق - تيب- وخمسمائة وثلاثين قاطع دورة وخمسة عشر كونتكترا وكلاليب ومآخذ وأزرارا نحاسية وأخرى من قصدير ونواعم وأشياء كثيرة جداً .. تصور اني استأجرت سيارة حوضية متوسطة الحجم لجلب تلك المواد لداري وتعاون معي لتنزيلها ثلة خيرة من شباب وشابات المنطقة!!!

وبالفعل شرع الكهربائي - الوايرمان- بعمله المبارك واستمر لمدة أسبوعين وهو قابع في إحدى الغرف التي ارتأى ان تكون هي مسرح العمليات، وكنت خلال هذه الفترة أقدم له ثلاث وجبات إطعام مدعمة بالمشروبات الروحية والغازية وكان يتخلل عمله استراحات كثيرة كما الفواصل في القنوات .. وبعد الأسبوعين سلمني الرجل مفتاح الغرفة وحددنا موعدا لافتتاح مشروعنا الأصيل.. وكما تعلمون وكعادتي أحضرت الزينة والشموع والشرابت والكعك المسمسم وكنت بغاية الكرم والجود

على ان نفتتح المشروع بعد المغرب لنتمتع بالأنوار التي ستضاء من خلال ابتكاري العجيب

ووقفنا على باب الغرفة حتى نقص الشريط وقد ارتأيت ان يكون الشريط باللون الوردي حتى تكون حياتنا كلها وردي بوردي ،، وقبل ان نقص بسط لي الكهربائي خريطة معقدة عليها صلبان وأعمدة ودوائر حسبتها لأول وهلة إنها خارطة لبلاد الهند والسند ، وقال صاحبنا الكهربائي أتبصر هذا قاطع الدورة الأحمر المرسوم عليه جمجمة وعظمتان قلت بلى قال حرك العتلة إلى الأسفل وعليك ان ترتدي قبل ذلك قفاز من المطاط السميك وان تقف على خشب غير مرطوبة لئلا يثير فيك القاطع انتفاضة!!

ومن ثم تفتح تلك الأزرار الزرق  ليسري النور لسائر بيتك وحسبته يمزح وفتحت باب الغرفة فكانت كما تحدث!

مليئة بالأسلاك وكلاليب والدوائر النحاسية وأخرى فولاذية وكاد او وقف شعر راسي وشعر(!!!!!) وقلت يا الهي !!

ما هذا؟؟

فقال الرجل .. على رسلك على رسلك هذه هي غرفة المنظومة ألا تسمع بغرفة المنظومة من قبل؟

فحككت رأسي وقلت بلى سمعت

فقال أنت الآن من أصحاب المنظومات .. ولا أخفيكم سراً شعرت بالارتياح والزهو وأنا اسمع إني أمسيت من أصحاب المنظومات .. وبالفعل أدرت عتلة القاطع ونور الدار .. .

هل سمعتني عزيزي القارئ أقول لك نور الدار دارت الإنارة كل المكان

يا لله ما أسعدني بهذا الانجاز

انه انجازي ..

ولك أن تتصور عزيزي القارئ كيف كان حالنا من شدة الفرح والسرور والبهجة فخليلتي تزغرد وأبنائي يطرقون على الأبواب محدثين طرقا موسيقيا عذباً وبناتي يضربن على مؤخرات القدور والجيران على الحيطان وفوق السطوح ينظرون ونساؤهم يزغردن ..

 .. ولك أن تتخيلني عزيزي القارئ وانا بتلك الحالة .. فالابتسامة لا تفارقني والبهجة لا تغادرني .. ولا ادري كيف أتصرف وانا مذهول بهذا الانجاز العبقري العظيم .. وصدقني وانا بتلك الحالة والفوضى والإرباك كنت أتخيل ان الشركات العالمية ستطرق بابي من اجل أن أمدهم بأفكار علمية جديدة لم يسبقني اليها احد

فحاولت أن أودع الكهربائي وعند الباب رمقني بنظرة عتب ففهمت على فوري وقلت نعم الحساب .. فبسط الرجل لي قائمة مثقلة بالأرقام وقلت له ليس بوسعي الآن ان اضرب واطرح واجمع قل لي كم هي أتعابك فقال لي رقماً أذهلني في بادئ الأمر غير إني بنظرة سريعة للأنوار الساطعة غيرت رأيي ودفعت له عن طيب خاطر

وانصرف الرجل ..

ودخلت الدار من جديد، وابتسامتي بلغت اذنيَّ

وبعد اقل من نصف ساعة بدأت الأنوار بالخفوت!!

هل سمعتني؟

أقول لك بدأت الأضواء بالانحسار

ماذا هنالك يا ربي!

وحرت بأمري ..

وحسبت للأمر ألف حساب ..

وجاء على خاطري شخص اعرفه يهتم بشؤون الكهرباء .. يارب أن اجد رقمه في جوالي

وركضت نحو الجوال ..

وحمداً لله إني لم انزل في بطن الرضيع الصغير الملقى على البلاط اغتناماً للبرودة

اتصلت به ..

وفاتحته بالأمر .. فقال هون عليك انا قادم الان

وانتظرناه بلهفة ..

ووصل ..

هرولت نحو سيارته .. وكاد يدهسني!

فاستقبلته .. وانتقلت به الى تلك الغرفة - غرفة المنظومة - وما ان وقع بصره على الأسلاك والصلبان حتى تعجب واندهش!

ومن ثم دنا من البطارية وفحصها بجهاز له .. فقال ان البطارية هابطة فانبرت خليلتي وقالت هل ضغطها هابط؟

فقلت لها من إذنَ لك بالكلام؟؟ اخرسي البتة حتى نرى المصيبة التي وقعنا فيها

فقلت له أستاذ ماذا تقصد بالهابطة؟

فقال ان البطارية فارغة .. ويجب ان تشحن

فقالت شريكة كفاحي ،، اتُشحن بشاحنة الموبايل؟

فقلت لها وأين الكهرباء؟؟

ثم حدق بي صاحبي وزم بين حاجبيه ووضع يديه على خصره وقال .. ما الذي دفعك ان تفعل كل هذا؟

 فقلت له الشرح يطول .. هيا دلني اين اشحنها؟

فقال عند أهل الشحن طبعاً .. وليس هذا وحسب بل عليك ان تشحنها كل ساعة ليبقى النور متواصلا في بيتك!

وبالفعل حملتها في الصباح وذهبت بها الى محلات الشحن وما ان وصلت وأردت ان انزلها انزلقت من يدي وانكسرت! وتدفق ماؤها المبارك على الأرض .. حينها أطلقت صرخة قوية تجمهر بعدها الناس حولي!!

وتركت البطارية

ورجعت وأنا العن الساعة التي ولدتُ فيها

وجمعت كل الأسلاك والقواطع وكل هذه الأشياء وكدستها في سطح الدار

ولك ان تسال كم كلفتني هذه الأشياء؟ او هذا المشروع؟

وأقول لك كنت على مدى الأعوام السالفة قد ادخرت مبلغاً يكفي للذهاب للحج وللاستجمام بإحدى الدول الأوربية انا وأهل بيتي .. واليوم كله أنفقته على هذا المشروع!

 

عزيزي القارئ الكريم ..

ان أردت ان تنعم بالاستقرار النفسي والمادي والكهربائي عليك ان تحذو حذوي وان تقتني بطارية وان تستقدم كهربائيا لدارك وتصنع ما صنعت .. وبالتوفيق مقدما.

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

 

 

 صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org 

 
 

 

لا

للأحتلال