<%@ Language=JavaScript %> حمزة الحسن المالكي بين موكب طويريج  وصخرة سيزيف

 |  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

 

المالكي بين موكب طويريج  وصخرة سيزيف

كاريكاتير قيس عبد الله

حمزة الحسن

مع اننا لسنا مع ما يسمى العملية السياسية ولا مع قاموسها الأمريكي المتداول في أسواق التحليل أو يزعم ذلك لأن التفكير من خلال القاموس وبه ليس سوى الاعتراف بشرعية الاحتلال، ولكننا نحلل هذا الصراع الخادع الذي لا يظهر في صورته الحقيقية إلا لكي يختفي أو يموه عليه: الصراع الحالي هو استمرار للحرب لكن بوسائل السياسة رغم ان الحرب قائمة على الأرض وقواعد الاحتلال موجودة ومعروفة.

 

حين نقول ان هذا الصراع هو حرب بأدوات السياسة لا نخترع شيئاً أو فكرة ولكن الجديد في الأمر ان هذا الصراع السياسي يدور في الظاهر بأدوات محلية في حين ينزوي الاحتلال وهو القوة الرئيسة المحركة لهذا الصراع والمسؤولة عن ادارته في الظل وفي العتمة، وفي العلن، أحياناً.

 

هذا الصراع يقوم على نظرية الاحتلال في ترك البلاد تحت رحمة مؤسسة سياسية حاكمة موالية للولايات المتحدة الامريكية لكن بأدوات محلية. بعد نتائج ما يعرف بالانتخابات الأخيرة عمل الاحتلال على إدارة حرب سياسية ضارية غير مكشوفة في كثير من الأحيان ضد الاطراف التي لا تشكل ولاءاً مقبولاً أو تشكل خطراً قادماً أو مؤجلاً  لبعض الاحزاب والفئات العراقية، وبصرف النظر عن كل موقف عقائدي  وفكري وسياسي وبنيوي من هذه الاحزاب ومن على صورتها، لكن آخر ما يتمناه المحتل وجودها على رأس سلطة سياسية متسيدة في مؤسسات قيادية عامة وفاعلة.

 

ان عملية انهاك المالكي ابتدأت ابعد من تاريخ فرز الأصوات بل لا علاقة لهذا الفرز بالقضية المركزية وهي قضية السلطة السياسية وقد تُرك المالكي ومن معه في دوامة البحث عن خيارات وعن حلفاء وعن حلول وعن ابواب طوارئ حتى  شعر في بعض الاوقات ـ وما يزال يشعر بأقل ثقة من السابق ـ ان القبضة الحديدية في اليد وان زمام السلطة لم ولن يفلت ولكن هذا الشعور المخادع سرعان ما تبدده تحالفات فورية ظرفية عاجلة مرتبة لتعميق الانهاك واليأس وللحصول على تنازلات جديدة في كل مرة.

 

يبدو ان خصوم المالكي ومن معه قد وجدوا في ظرفه القاسي والحرج فرصة للانقضاض والحصول على مكاسب فئوية أو حزبية أو عرقية أو اقتصادية بل حتى جغرافية مدن وغير ذلك، وصار يقدم التنازل بعد التنازل من اجل دوام الامساك بالسلطة لكنه لا يعرف وغير مؤهل لأن يعرف ان السلطة التي سيستلمها اذا استلمها في دورة أخرى ليست هي السلطة التي حلم بها وفي النهاية لن يمسك سوى الوهم لأن السلطة تتسرب من يديه كل يوم وكل لحظة وان الماء ينشف والسمك لا يسبح في الرمل كما صار حاله هو لأن من طبيعة الاحتلال وجود الدمية الحاكمة أو حتى نصف الدمية الى أن تتكفل الاقدار المجهولة وعوامل الجسد وأمراضه أو القوى الخفية بحل أو تسوية الأمر في ظرف منتقى بعناية فائقة وفي لحظة خاصة ونادرة.

 

البلاد تدار اليوم من قبل الاحتلال عبر ستار أو بدونه ولو كان هناك ما يسمى أزمة حكم، لصارت الأوضاع على غير ما هي عليه اليوم من السوء المستقر والمبرمج  لأن الحمى أفضل من الموت والمالكي يحمل صخرة سيزيف، اي الصخرة التي حكمت الالهة في الاساطير على سيزيف أن يحملها من أسفل الجبل الى القمة وبالعكس وعلى مدى الحياة كعقاب، لكن مشكلة المالكي ليست هي مشكلة سيزيف:

 ان الأول مؤمن بقدرته على تجاوز العقاب السياسي لأنه مؤمن بالاقدار الكبرى والعنايات الالهية عكس سيزيف المتمرد الذي يجد أن هذا العقاب ليس قدرا وهو يمكن أن يكون قد وجد تسوية داخل هذا العقاب الرهيب في كونه صار يخترع أهدافا قريبة كالوصول الى الأسفل أو الأعلى وبذلك حقق قدرا من الحرية داخل العذاب والانهاك.

 

ليس المالكي من هذا النوع لأن عقابه ليس في الانهاك وحمل صخرة من والى الاعلى فحسب لزرع اليأس، بل في الوهم الكبير في كونه سينتصر يوما على قوى خارجية وداخلية حين قرر اختيار المعركة الخطأ بالاسلوب الخطأ  وادارة المعركة مع هؤلاء بطريقتهم في اللف والدوران وقبول متاهة الاحتلال ناسيا ان هؤلاء يملكون الوقت الفائض ، والقوة، وهوامش واسعة من المناورات والحيل المنهكة والمستنفزة للطاقة في حين شعبه يموت في العلن وفي السر ويذبل كأزهار البراري.

 

اذا حصلت المعجزة ونجح في دورة حكم جديدة، سيكتشف ان هذه السلطة التي يحكمها من الخارج ليست هي السلطة من الداخل التي خاض معركته من اجلها ولا تلك المؤسسات التي تمنى قيادتها لأنه في خضم الصراع والانهاك والمتاهة فقد حتى الآن الكثير من قوته وأطرافه وأذرعه وصلاحياته وشعاراته بل لم يعد هو نفسه كما دخل الى المؤسسة الحاكمة بعد أن صارت المناورة بديلا عن المبادئ الوطنية، وتحولت الثوابت الى رهانات قابلة للتسويات، واذا لم تكسر الصخرة التي يحملها ظهره في أية لحظة، فهي استطاعت ترويضه أو بكلام أدق نزع عناصر القوة حوله وفيه بالتدريج والتدجين والتفهم لأن المالكي بلا حلفاء أقوياء وبلا دعم المحتل بعد أن حولوه في الأيام الأخيرة الى فرجة دولية ومتهم بفرق موت حقيقية أو وهمية ـ هل من فارق في عراق اليوم؟ ـ هو نسخة محسنة ومعدلة و"مقرمة" من قرضاي وصوره العربية والعالمثالثية بعد أن فشلوا في الترويض الكلي.

 

ليس أمامه سوى الخيار الأخير والوطني والتاريخي وهو لن يفعل ذلك على الاطلاق ـ كعبد المحسن السعدون ـ وتلك من علامات الترويض الجزئي، وهو الذهاب الى المؤسسة البرلمانية المصنَّعة أو مواجهة الشعب العراقي بكل الحقائق قبل أن تظهر يوما لن يطول. قد يخسر السلطة مؤقتا ولكنه سيربح التاريخ والذاكرة والأجيال والكرامة الوطنية وهي مفاهيم صارت مشوشة وغائمة يوما بعد آخر في عقل المالكي.

 

ربما بين انهاك وآخر يتذكر قول أحدهم للحُسين بتلك الصراحة الجارحة وشهادة الاعتراف الشجاعة:

( أعرف أنك على حق ولكني موعود بولاية الري) ومنذ اربعة عشر قرنا يُشنع على هذا الرجل الذي لم يقل سوى الحقيقة التي اخترقت تلك الرمال المحرقة والأزمنة والعروش والأجيال لكي تدخل في صراع اليوم لكن هذه المرة على يد فتى كان من طلائع موكب طويريج الشهير:

هل نحن أمام تاريخ مقلوب؟ أم ان الأدوار مقلوبة؟ أم ان الزمان "زمال"؟

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

 

مقالات الكاتب والروائي

حمزة الحسن

 صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org 

 
 

 

لا

للأحتلال