فضيحة أيتام فوكوياما "طربوش الذئب الأمعط" صحيفة صوت العراق تحمل إعلانا للموساد

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

               

مقالات مختارة

 مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org 

 

فضيحة أيتام فوكوياما

 

"طربوش الذئب الأمعط"

 

الدائرة الحمراء أحد الأعلانات التجارية لصحيفة صوت العراق الألكترونية صادر عن الموساد الأسرائيلي

تكملة الأعلان بعد الطرق

 

حمزة الحسن

 

1

 

بين مقال فرانسيس فوكوياما( تساؤلات ما قبل الانسحاب ـ  8 حزيران 2007) وبين مقال الدمية والذليل والمأجور مهدي قاسم( لم نخف من ذئاب رمادية فكيف نخاف من جرابيع ـ 9 حزيران 2010) أكثر من علاقة: إن مفكر النبوءات الأمريكية ومؤلف الكتاب الشهير( نهاية التاريخ والرجل الأخير) وهو يوصي الادارة الأمريكية في المقال المذكور بالعملاء والمتعاونين ـ كما سيأتي ـ مع الاحتلال بأن تتذكر مصير المتعاونين في فيتنام وكيف تعلقوا بذيل المروحية الهاربة من فوق السفارة، كان على موعد في اليوم نفسه نوعا ما وفي الشهر نفسه وبعد ثلاث سنوات من تحذيره المعروف، مع أعتراف صريح من أحد أكثر هؤلاء كلبية وشراسة، بأن تلك النبوءة لم تعد إحتمالا بل صارت واقعا على الأرض، والدليل أن أحد هؤلاء الذي زعم انه كان مطاردا في بيروت من المخابرات العراقية في الزمن الدكتاتوري الأول قبل الاحتلال لم يكن قادراً على أن يرفع رأسه بضعة سنتمترات فوق مقاله الفجري الذي يكتبه كل يوم في يقظة خالدة مأساوية كل فجر لكي يكون في الواجهة كي يرى فوقه تماما الاعلان الدعائي المدفوع الأجر لموقع الموساد والمموه بعنوان منظمة وهمية وهي خاصية شهيرة للموساد والذي يعلن عن جائزة بعشرة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تدل على الجندي جلعاد شاليط وعدد من المختفين في سنوات سابقة.

والعلاقة الضدية الثانية بين المقالين، مع فداحة المقارنة بين مفكر كبير وحالم مهما كان الجدل حوله وبين مرتزق ودعي ونصاب محترف، هي يقظة فوكوياما ومحاولة استباق التاريخ بل صنعه وبين الذئب الأمعط( المنزوع الشعر) وهو غير قادر على أن يرى( هل فعلا لم ير؟) الطربوش المركب على رأسه في اعلان دعائي اعتبرته فصائل المقاومة الفلسطينية يوم نشرته وكالة رويتر لأول مرة تهديدا للأمن الفلسطيني. فكيف يمكن لهذا الأمعط أو ديك الفجر الذي طاردته الذئاب الرمادية ولم يخف منها قد نسى( تناسى؟) هذا الطربوش مركبّا فوق رأسه ورأس من نصب لهم صاحب الموقع خيمة عزاء مزورة لذرف دموع التماسيح على عراق يحترق للتمويه والتغطية في حين نصب خلف الخيمة مزاداً للدم والجثث والحرائق والبيع والشراء وكل أنواع الفتن والتأجيج الطائفي والعرقي والقومي والسياسي ولم تسلم منه حتى العوائل المنفية وكتاب مقاومة الاحتلال حيث مارس ويمارس نوعا من الإدماء السادي المريض بكل أنواع التنكيل من دون أن يظهر على الواجهة تاركا الذئب الأمعط ومن معه للقيام بأقذر أدوار التاريخ.

وللانصاف ان بعض الاقلام على هذا الموقع( صوت العراق) تلطم في هذا المأتم العراقي بحمية وصدق وجدية من دون أن تعلم ان هذا اللطم والنواح والصراخ والعويل هو جزء جوهري من سيناريو التغطية والحجب لأن الوطنية هي ملجأ الأنذال حقاً بحيث ان أحدا منهم لم يرفع رأسه لكي يرى الطربوش المركب على رأسه وفوق مقالاته كما لو أن هؤلاء( ونحن نفرض حسن النية) وضعوا أمام مرايا مقعرة تبعثر الصورة  الحقيقية وتعرض صوراً مضببة بحيث لا أحد يرى أحدا أو لا يراه في حجمه الحقيقي. 

كنا على مدى سنوات الاحتلال نحذر في أكثر من مكان من خطورة هؤلاء رغم محاولتنا أول الأمر النصح والنقد والارشاد وحتى الغضب في وسائل خاصة خارج المنابر وفردية خشية أن يكون هؤلاء مضللين أو مخدوعين ولكن ظهر مع الوقت ان هؤلاء ليسوا ضالين وليسوا غير مدركين لطبيعة الدور بل كانوا أكثر تنظيماً من غيرهم بل اننا لم نعد نعرف منهم شخصياتهم الحقيقية سوى الدور الذي الغى الشخص تماما كما لو اننا أمام مخلوقات أفرغت من الآدمية وعبئت بوظيفة المرتزق، وكان الرد على تحذيرنا يأتي من مكانين متناقضين: رد هؤلاء الاذلاء الصغار هو التشنيع والهتك والتزوير وهو هدف مبرمج كما سيأتي في السياق، ورد من أعزاء وشرفاء، يطالب بالاحتقار والاهمال والسكوت، وهو الرد الأقسى والأكثر وجعا لأن كل الدلائل تؤكد ان هؤلاء ظاهرة مصنّعة ومنظمة ومدربة وهي تقوم بدور كلب حراسة على أخطر مشروع استعماري في الأزمنة الحديثة وان هذا التساهل معهم وهذه الأريحية هي من الأخطاء الفادحة، وزاد الأمر سوءاً قلة المنابر الوطنية غير المشتراة، والتركيز على صور الفاجعة اليومية، مما جعل الطريق سالكة لهؤلاء لكل أنواع المفاسد وخطابات ادامة الصراع الأهلي بتغطية كثيفة من شعارات الوطنية لكي تمحي الحدود بين من يقول الحقيقة وبين من يبول عليها، وخلق هذا الاضطراب تشوها وتداخلا في الخطابات والمواقف والصور وهو الهدف المركزي من وجود هؤلاء الذين يحرص فوكوياما عليهم بعد الانسحاب ـ لكي نفهم ظاهرة( المتعاونين) هؤلاء يجب أولا أن نفهم كيف تأسست هذه الظاهرة والأهداف والأفعال وصورة المستقبل وقلق فوكوياما على مصيرها وهو مصير قحف على مزبلة.

2

 

قرع فوكوياما، مبكراً، الجرس كعادته في مقال(تساؤلات ما قبل الانسحاب ـ في الثامن  من حزيران 2007) مثيراً الكثير من الأسئلة حول قدرة الولايات المتحدة على مواجهة تحديات مرحلة ما بعد وقبل الانسحاب من العراق وعن امكانية الدولة العراقية على الصمود بدل الانهيار. رغم ما يشير اليه الجنرالات من تحسن في ظروف البلد وعدد القوات الا ان فوكوياما يذكِّر:( بحال حلفائنا من المواطنين الفيتناميين وهم يتعلقون بالأجزاء البارزة من بدن آخر طائرة هيلكوبتر أمريكية تغادر فيتنام من أمام مبنى سفارتنا في العاصمة سايغون وهو منظر يجب أن نستدعيه الى ذاكرتنا في هذا الشأن). هو يعرف من خلال هذا التذكير وهي صيغة مخففة تتجاوز المنطوق، ان ذلك المنظر ليس معزولاً عن المشهد العام تلك اللحظات، بل أراد أن يقول ماذا لو تكرر المشهد في العراق بناء على أحداث غير مفكر فيها؟ ويضيف:( يجب ألا نخدع أنفسنا. فموقفنا اليوم من بعض النواحي أسوأ بكثير من الموقف الذي واجهه نيكسون في فيتنام. في ذلك الوقت كان لدى فيتنام الجنوبية جيش قوامه على الورق مليون جندي، كان قادرا على الرغم من كل المشكلات التي تواجهه على الصمود لمدة ثلاثة أعوام بعد انسحاب القوات البرية الأمريكية) لكن الانهيار كان مروعا وسريعا، ويتساءل فوكوياما: (كيف نعيد تصميم قواتنا؟ كيف سنفكك القواعد الضخمة التي بنيناها في العراق مثل قاعدة كامب ليبرتي وكامب فيكتوري؟ كيف يمكننا حماية الذين تعاونوا معنا؟ ماذا يمكن أن يحدث لو تهاوت الحكومة العراقية الضعيفة التي سنتركها وراءنا أو حدثت كارثة سياسية أخرى. كيف نخرج من هذه المنطقة الشديدة التعقيد من خلال تصور ممكن؟).

حين تنتهي أسئلة فوكوياما عن أسئلة ما قبل الانسحاب، يأتي دورنا في طرح الاسئلة المتعلقة بالجانب الآخر من الموضوع، عن أسئلة ما بعد الانسحاب، واذا كان هذا المفكر الأمريكي الياباني الأصل مشغولا بسلامة خروج الجيش والقواعد العسكرية والحرص على ألا تدمر المعدات الضخمة أو تقع في غير مكانها الصحيح، ويطرح اسئلة على الادارة الأمريكية لكي تضع( تصوراً) دقيقا للانسحاب ولا تعيد الصور الفيتنامية المؤلمة، ويذكرها بتعقيدات الوضع السياسي والتاريخي للمنطقة وتقلباتها والمفاجآة غير المتوقعة، وهي الأكثر خطورة، فعلينا نحن بالاحرى التحسب والتفكير والتخطيط والاعداد للحظة ما بعد الانسحاب المنتظَرة وعلى العكس من تفكير فوكوياما تماما.

لكن الغريب في الأمر ان فوكوياما يتحدث عن المستقبل وعن مصير المعدات والجنود والقواعد وطرق الانسحاب ومصير "المتعاونين" ونحن نتحدث عن الماضي والنظام الدكتاتوري والمقابر الجماعية وشحة الماء والنفايات كما لو ان فعل المستقبل لا وجود له عندنا في البنية اللغوية والعقلية والنفسية: فوكوياما كمفكر وحالم أيضا لا تفوته مسألة على درجة كبيرة من الأهمية والخطورة هي التفاصيل المباغتة التي قد تؤدي الى انهيار غير متوقع وسريع، وبعد حساب كل الاحتمالات المادية والمنظورة، تبقى منطقة معتمة قد تقلب كل الحسابات وهي المنطقة التي نهملها نحن مع انها تعيش في داخلنا وهي طراز التفكير المحلي وردود الافعال المباغتة على حدث عابر لكنه مبجل وعناصر الثقافة العربية والاسلامية بالمعنى الأوسع.

على سبيل المثال كان بائع عربة نفط جوال في محلتنا مثالاً للهدوء والصبر والاتزان ولكنه حين عاد من المقهى في المساء ووجد حصانه مقتولاً بخنجر على اثر "صراع طبقي" على ملكيته، أدخل المحلة كلها في الانذار وهدد بتدميرها قبل حلول الفجر وفَرَضَ منع التجول لساعات حتى صار الناس وراء الابواب والحيطان يطالبون باستدعاء الحرس الجمهوري بعد فشل الشرطة المحلية التي حين هددته باطلاق النار عليه، عرض صدره، ولا يمكن إلا أن يُدهش الانسان من هذا الانتقال الفوري من لحظة استرخاء في مقهى الى لحظة قبول الموت في لحظة ثانية من أجل حصان: فكيف من أجل وطن؟ 

فوكوياما كمفكر يحاول البحث عن مخرج للمروق من هذه الورطة و نحن نبحث عن مخرج الى حنفية الماء الصافي أو حتى عن مخرج من غرفة النوم عند المداهمة، هو يريد صناعة مستقبل لبلده ونحن نفكر في صناعة مقبرة، هذا المثقف النبوئي( مؤلف كتاب: نهاية التاريخ والرجل الأخير) يقود دولة الى الأمل دون أن ينسى "المتعاونين" ويخاف من أن تُجهَّز لهم المشانق، هو يريد لجيشه الخروج بلا مشهد كوميدي على غرار مروحية السفارة في سايغون ونحن نستعد لتراجيديا ضارية، هو يخاف على معدات القواعد الضخمة ونحن نريد تدميرها، فوكوياما ينصح دولة ويصنع طريقاً للمستقبل ونحن نتحدث مع الضباب، الرجل يخاف على الولايات المتحدة من هزيمة مخجلة ونحن نصلي من أجل هذا، هذا المفكر الاشكالي يذكر دولته بالمتعاونين في فيتنام ولكي لا يتكرر هذا المنظر الحزين، وقد لا يعرف فوكوياما نفسه بأن المتعاونين عندنا لن يجدوا مثل الترف الفيتنامي في الوصول الى السفارة بالحقائب والأسوار والملابس والاحذية لأنهم، حسب التقليد العراقي الأغريقي، لن يجدوا جسراً يعبرون عليه ولا سيارة نقل ولا مقاعد في محطات الحافلات لأن هذا المفكر كما يلوح لم يقرأ التاريخ العراقي جيداً ولم يجلس يوما في مقاهي بغداد ويسمع التهديد العراقي الشكسبيري الشهير عند الغضب وبين أصدقاء قبل لحظات:" أقوم أمسح بك الأرض" ـ فوكوياما يبحث عن مشروع خلاص ونحن نبحث عن مشروع مسلخ.

لسنا معنيين بالطريقة التي سينسحب فيها الجيش الأمريكي، وسلامته ليست قضية عراقية وقواعده العسكرية التي يخاف عليها فوكوياما من أن تتفكك وتضيع وتخرب من غير أسف ليست شأناً عاطفياً عراقياً، وخسارتها تشكل لنا ربحا وتدميرها أو الاستيلاء عليها اذا كان ذلك ممكنا يعد مكسبا رغم صعوبته الكبيرة، وخوف وقلق هذا المفكر على مصير "المتعاونين" لكي لا تحل بهم كارثة مشهد التعلق بذيل المروحية من فوق السفارة الأمريكية في العاصمة سايغون ليس مشهداً حزيناً، لأننا ننظر الى كل هذه القضايا وغيرها من زوايا نظر ومواقع ومناطق تفكير وأمكنة ومصالح مختلفة وهذا ما يفهمه جيدا فوكوياما ويخشاه أكثر من غيره في مقاله المذكور. 

 لكن هل صحيح ان الادارة الأمريكية كانت غير مدركة لطبيعة هذه المخاطر وبصورة خاصة في الجانب اللوجستي العسكري؟ انسحابها التدريجي على طريقة وضع القدمين في مكانين مختلفين لسهولة الحركة عند الحاجة خاصة بعد ترك قواعد عسكرية مستعدة للعمل الفوري الردعي في الأوقات الصعبة يؤكد وجود هذه الخطط، ومن المؤكد ان فوكوياما لا يخطاب دولة على طراز دولنا يغيب فيها صوت المفكر والمثقف والمواطن ولكنه يعرف جيدا وهو القريب من المؤسسة الحاكمة ان صانع القرار السياسي قد تضيع عنه الهوامش والثقوب والفجوات والحسابات الصغيرة والمهملة وتلك التي تتعلق بالبناء النفسي والثقافي والتاريخي للشعب العراقي الذي لا يقع داخل حقل العقل الغربي وخصوصياته الكثيرة والتفصيلية وتكون مهلكة في بعض المواقف.

 فوكوياما حين يخاطب المؤسسة العسكرية ويضع حلولا للانسحاب والتوقعات المحتملة في الجانب العسكري لكنه يخاطب المؤسسة السياسية من جانب آخر في أن تكون حذرة ولا تفرط في أهمال التفاصيل الصغيرة ومنها مصير المتعاونين لكي لا يعود ذلك المشهد الأمريكي فوق السفارة الذي كان البصمة الأخيرة التاريخية على هزيمة مروعة، ولا يعني ان المشهد سيتكرر بصورته الحرفية لأن أشكال ذلك المشهد كثيرة.

 البديل الذي يقترحه فوكوياما من دون تصريح لكنه الأشد وضوحا( والمتروك لصانعي القرار والأفعال والمخططين) من الكلام المعلن هو القيام بتصنيع نخبة عراقية محلية كما فعل الفرنسيون في دول المغرب العربي وفي غيرها في الحقلين السياسي والثقافي لتكون جسر العبور بين المصالح الكثيرة القادمة، وبما ان الادارة السياسية كانت على هذا المستوى أكثر همةً ودهاءً من الجنرالات الذين انشغلوا في قواعد الاشتباك في حرب مدن غير محسوبة ومشكلات الجنود والانتحار والهروب، فلقد تم بالفعل على مدى سنوات مستمرة صنع هذه النخبة ومنحها التسهيلات والدعم والمساندة والحماية تحت عناوين وهمية مضللة وتم تشكيل هذه النخبة في السياسة وفي الثقافة لتلعب أدواراً في غاية الخطورة ومنها تسويغ مشروع الاحتلال وخلق ثقافة بديلة والحرب النفسية، لكن خيبة أمل هذه الادارة انها لم تتمكن من تصنيع هذه السلع السياسية والثقافية من النواة الصلبة للنخب الوطنية الأصيلة.

لذلك تعاملت مع الهوامش والحواشي والأطراف وضخت أعدادا كبيرة منهم الى قنوات التلفزة والصحف والمنابر مستعيرة الخطاب الوطني السياسي والثقافي نفسه لكي تضيع الحدود والفواصل ولكي تقوم هذه السلع المصنعة بعد فشل مشروع الاحتلال نفسه بالدور الأكثر خطورة هو تبرير ثقافة الاحتلال بشتى الطرق بما في ذلك الطرق الأكثر قذارة. هذا ما ينص عليه عقد التعامل مع الاحتلال والمنشور في صحف أمريكية وبصورة علنية وبشروطه وامتيازاته المالية، وتنص عليه وثيقة التوجهات السرية الأمريكية التي ذكرناها مرات لخطورتها والصادرة عام 1992( خطة عمل استراتيجية منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم) والتي ترسم بصورة دقيقة مراحل السيطرة على دول( غير متحكم فيها وغير موالية للغرب) وتصنيع نخبة محلية سياسية وثقافية من عناصر مستعدة ويفضل ان تكون غير معروفة بولاء سابق للنظام ولم تُشغل مواقع سياسية حساسة ويجري تأثيث ماضيها بصورة محسنة لكي تسهل عملية التوغل في المجتمع مع الحفاظ على ماء الوجه وتركها تظهر، في الشكل العام، مستقلة، بل يجب تكرار ذلك للترسيخ.

ومن الأفضل أن تكون مدربة في مدارس خاصة على اساليب التعامل مع وسائل الاعلام والمواقف العامة وهو دور قام به الاحتلال قبل الغزو بعدة شهور في عواصم معروفة ولم يعد الأمر سراً، وبوغت مشاهدي القنوات العربية المشهورة قبل الاحتلال وبعده بموجة غريبة من الاعلاميين والسياسيين المجهولين يظهرون، فجأة، في اطلاق مركزي منظم ويتحدثون باللغة نفسها والخطاب نفسه وبالشراسة نفسها رغم الفشل الذريع في هذا الدور لأن وقائع الاحتلال على الأرض كان من المستحيل تبريرها ببساطة حتى على يد أمهر المفكرين ومنهم فوكوياما نفسه الذي اعتذر علنا عن دعم هذه الحرب واعتبر ذلك خطأ شخصيا فادحا: هناك فقرة صريحة في هذه الوثيقة تقول ان استهداف العناصر الثورية والمثقفة والنقابية واليسارية العنيدة( حرفياً: أصحاب الرؤوس الحارة) في حال فشل الاستدارج والتطويع والدمج يتم بالتصفية عن طريق القوة الثالثة، المخابرات، أو عن طريق وسائل التصفية الأخلاقية والدعاية المضادة. العمليات الثلاث نفذت في العراق:

الأولى: التصفية الجسدية لنخبة واسعة من اعلاميين وعلماء ومثقفين ورجال قانون وغيرهم ـ الثانية: الأخلاقية للمختلفين عبر وسائل الدعاية المضادة والحرب النفسية ـ الثالثة: هي الدمج والاحتواء عبر الاغواء والدعم. الذين قبلوا تسويغ مشروع الاحتلال تم اختيارهم من وسطين: الأول: نخبة سياسية مخضرمة وغالبيتها من عتاة الحزبيين القدماء ومن مسامير التوابيت القديمة الصدئة التي تحتاج الى تلميع، وهؤلاء ثقفوا أجيالا على مساوئ الامبريالية والانظمة البرجوازية ودفعوها للموت في السجون، ثم صاروا يثقفون، الآن، جيلا آخر على جماليات الامبريالية، ودخل هؤلاء في سجالات طويلة وعريضة عن تجميل الاحتلال بوضعه مقابل الدكتاتورية، وبحكم تكوينهم النفسي والفردي والسياسي والعمري، حافظ كثيرون منهم على قواعد الشكل العام للحوار.

الثاني: من وسط مجهول في الثقافة والسياسة ومن جيل آخر، وهؤلاء بحكم تكوينهم النفسي والثقافي والاخلاقي الهزيل وعجزهم الفكري عن تسويغ المشروع، كان دورهم دور الكلب النابح والتهاتر والمشاغلة والحرب النفسية وخلط الأوراق...والخ. هؤلاء يتصرفون كما لو أن الزمن هو الحاضر، والآن. هذا الصنف، بلا استثناء، بدون أي رصيد سياسي أو فكري أو أدبي ولذلك ليس عنده ما يخسره. بين الصنفين نماذج من ألوان مختلفة أفقدتها الدكتاتورية صوابها وكان موقفها موقف غريق وذهنية الغريق لا تفكر بغير الانقاذ بصرف النظر عن اخلاق المنقذ. مع مرور السنوات صار من البساطة التمييز بين  هذه الاصناف.

عملية سحب وتفكيك القواعد والمعدات ستكون من اختصاص وحدات الجيش والهندسة والنقل وادارة الحرب، لكن عملية تفكيك أوصال النخبة الوطنية الثقافية والسياسية العراقية ونواتها الصلبة التي حافظت طوال سنوات الاحتلال على خطاب متوازن وناضج وانساني لم يتغير  ولم 1: يندفع في دفاع عاطفي عن الدكتاتورية 2: ولم يندفع مع خطاب عاطفي مع الارهاب حتى لو كان بذريعة محاربة المحتل 3: ولم يندفع في خطاب تأثيمي ضد المختلفين الذين يتقاطعون في الرأي بين المقاومة السياسية والمقاومة المسلحة، هذه المهمة كانت وستكون من طبيعة الدور الذي لعبته وتلعبه النخبة المصنّعة وبصورة خاصة الصنف الثاني لأن الصنف الأول المخضرم ليس عنده ما يخاف عليه نظراً لهامش الوقت الباقي الضيق.

هنا يجب التنبيه على أمر في غاية الأهمية وهو أن بعض المنابر الاحتلالية بدأت في الفترة الأخيرة بصورة سرية وخافتة في تدمير ارشيفاتها على الشبكة وخاصة تلك المقالات التي تشنع على الشعب العراقي وتنكل به بلغة ازدرائية سوقية فجة وبالنخب الوطنية الرافضة للاحتلال التي تعرضت لحملة مسعورة من مرتزقة الهوامش والأطراف غير المحسوبة لا على نخبة الثقافة ولا النخب الأدبية الحقيقية وحاولت كالجراد اكتساح الحقلين: أي حاولت في الحقل السياسي والثقافي بناء قواعد ثقافية وسياسية آمنة هي الأكثر خطورة من القواعد العسكرية بعد التفكيك، ومن حسن الحظ لا يمكن تدمير الذاكرة الوطنية.

 

المأجور والذليل مهدي قاسم أحد أشرس رموز النخبة المصنّعة من الصنف الثاني مع توأمه الشهير المدعو هادي الحسيني وهو أمي تعلم القراءة في حملة محو الأمية وصاحب المؤلفات الوهمية والجائزة الشعرية الوهمية وعضوية ثلاثة اتحادات ادبية وهمية وهو صاحب المعلومات التي أدعى مهدي قاسم( انها وصلته) عنا وسجلها المأجور كما هي في مقال مؤرخ في 9/9/2009 في ( صوت العراق) لأسباب ذكرنا بعضها في مقالنا( عقلية الاستباحة بين تسويغ الاحتلال والتنكيل بالمخالفين...) منشور على موقع صوت اليسارالعراقي، واقل ما يقال عن تلك ( المعلومات التي وصلت مهدي قاسم) وهي الصيغة الأمنية الشهيرة في زمن الدكتاتورية( وصلتنا عنك المعلومات) ولا ندري لماذا وما معنى تصله هذه المعلومات ونحن نعيش في دول تحترم الحياة الفردية ونحمل جنسيات مختلفة، وفي دول مختلفة ولم نعد نسمع هذه الصيغة القذرة، نقول إن أقل ما يمكن أن يقال عن تلك المعلومات المزورة انها مدفوعة الثمن لكن النقص فيها انها كتبت بعقلية حثالة تفضحه نوعية تلك الترهات التي لا يشبه أحدها الآخر ومرتجلة وفي كل مرة يتم حذف البعض واضافة البعض الاخر وتقصلت في الآونة الأخيرة الى الحد الأدنى لانها قوبلت باحتقار واشمئزاز من النخبة الوطنية الصلبة ، لكنها في الوقت نفسه تعكس نوعية هذا الصنف من المأجورين الذين قاموا طوال سنوات الاحتلال بدور الكلب النابح للتغطية على أكبر عملية سرقة لوطن في التاريخ: بايجاز هذه بعض المعلومات الموثقة عن المأجور والدعي هادي الحسيني( شاهد الذئب الأمعط النائم على اعلان الموساد وهو الشاهد الأول والأخير والذي يستنكف سبع الذئاب الرمادية نفسه من ذكره لأن شهادته فضيحة) الذي استطاع اختراق مواقع توصف بالوطنية والتقدمية واليسارية ويمرر من خلالها حياته المفبركة واستعمله موقع صوت العراق حتى الاستهلاك لهذا النوع من الأعمال القذرة ـ هذه عناوين الاتحادات الثلاثة التي يدعي عضويته فيها ويمكن التدقيق في حقل العضوية وفي موقع كتاب النرويج هناك حقل باللغة الانكليزية وهذه عمليات تزوير لا قانونية ولا اخلاقية ولكنها مرت حتى على نخبة ادبية رصينة بلا فحص وشكلت فضيحة ثقافية منسية:

 

موقع اتحاد كتاب النرويج ـ حقل العضوية

http://forfatterforeningen.no

موقع اتحاد كتاب وادباء العراق ـ بغداد ـ يمكن الاستفسار.

http://www.iraqiwritersunion.com

موقع اتحاد الادباء العرب ـ حقل العضوية.

http://www.awu-dam.

 

معلومات مزورة في بطاقة التعريف

 شاعر وكاتب عراقي  يقيم في العاصمة ا لنرويجية اوسلو منذ عام 1999غادر  وطنه العراق  عام 1994  حيث اقام في ا لعاصمة الاردنية عمان من مواليد بغداد  1963عضو ا لاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق عضو اتحاد الادباء وا لكتاب ا لعرب عضو اتحاد كتاب النرويج
في عام 1998  فاز بجائزة المكتبة العالمية للشعر والابداع في شمال امريكا  عن قصيدة له بعنوان  ( تماثيل الموت )  .
المؤلفات :ضباب الاضرحة  .  شعر دار الواح اسبانيا   2000فتوحات البياتي   . كتاب  قصائد ونصوص مختارة / دار الجندي /دمشق 1998تماثيل الموت  .  شعر  قيد الطبع الطريق سالكة  . شعر قيد الطبع الحياة في الحامية الرومانية  . رواية  قيد الطبع

النص المؤشر عن صحيفة الحوار المتمدن

 

غلاف كتاب عن البياتي يدعي في بطاقة التعريف انه من تأليفه والشاعر البياتي نفسه كتب على الغلاف: بقلم 80 شاعراً وكاتباً وهو تزوير لا يمكن أن يمر في ثقافة بلد آخر ابدا.

 

وسنعود لهذا النموذج الخطير في فرصة قادمة لأنه أعلن حربا مفتوحة وبسوقية استثنائية على كل الكتاب الرافضين للاحتلال بحيث كان الرد عليه مشكلة لأنه لا يناقش شيئاً على الاطلاق بل يتكلم كما لو في ماخور،   في مناخ تتداخل فيه الحقائق والاكاذيب بل تعيش فيه الكذبة الكبيرة وتكتسب مع الوقت صلابة الحقيقة وقوة اليقين في زمن تهاوي المرجعيات العامة وغياب المعايير: هو صاحب المقولة الشهيرة في مقال بعد زيارته الى العراق بعد الاحتلال بعنوان( الطريق الى بغداد) حيث يقول بالحرف الواحد: ( رأيت الجندي الأمريكي الباسل والشجاع ينظف الشوارع والعراقيون يوسخون خلفه لأنهم شعب يحب الوساخة) في عام 2003، وهي العبارة نفسها التي سيرددها الذئب الأمعط وفي الموقع نفسه بتاريخ 21/4/2010 في مقال بعنوان( التشابه الكبير بين عراق اليوم وألمانيا الأمس) حيث يقول بالنص: ( يبدو العراقي اتكاليا وخاملا وعاجزا عن تنظيف عتبة بيته من النفايات منتظرا الأوامر والتلويح بالسياط ليقوم بمهمته وواجباته) وهو كلام لا يصدر الا من عنصري رقيع ومريض.

 

هذه النخبة المصنّعة والهزيلة ستقوم في خطوة جديدة وحسب الدور الجديد في: تغطية الانسحاب من خلال ما يعرف في المفهوم العسكري بقنابل الدخان للمشاغلة والاثارة والضرب في امكنة خارج مكان الصراع الحقيقي لتحويل الانتباه وخلق السجالات العقيمة كما فعلت في الدور الأول حين تصدرت الواجهة، قبل الحرب، أو كما قامت في المرحلة الثانية خلال الاحتلال بدور المهرج ومشعل الحرائق: فوكوياما ليس مثقفاً أو مفكراً عادياً يعيش كباقي المفكرين والمثقفين خارج دائرة القرار السياسي، بل  هو غاطس في السجلات والوثائق والأرقام والأسرار الرسمية، لذلك حرص في قلب الحديث عن محنة أمريكية متوقعة واحتمالات قاسية ومصير مجهول على أن " يذكِّر" المسؤولين بواجبهم" الاخلاقي"  نحو المتعاونين: في غمرة عواصف محتملة قد ينسى هؤلاء أيتام فوكوياما.

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا