<%@ Language=JavaScript %> حمزة الحسن الى المالكي، للمرة الأخيرة: إما الركوع أو تعلم المشي، حافياً، الآن

 |  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

 

الى المالكي، للمرة الأخيرة:

 

إما الركوع أو تعلم المشي، حافياً، الآن

 

 

حمزة الحسن

 

صعّد الاحتلال الأمريكي في الأيام الأخيرة حملته المسعورة في صراع السلطة عن طريق استخدام التنظيمات الارهابية المخترقة من قبل الاجهزة المخابراتية العالمية في محاولة مستمرة منذ اذار الماضي لفرض سلطة عميلة وتنصيب دمية سياسية بأمرة المحتل وتحويل الشعب العراقي الى ناقل رسائل دم وحشية في تصعيد خطير للضغط السياسي المسلح وفرض شروط الأمر الواقع وخلق الواقع البديل.

 

وكما هو متوقع، فإن المعركة مع المالكي وأطراف من الحركة الاسلامية، المستمرة منذ شهور، تجاوزت هذه الايام سياسة الانهاك والتعجيز والدوامة الى مرحلة مختلفة تماما في النوع والاداة والاهداف من خلال التلويح بفتح جبهة الصراع الأهلي على أبوابها المجهولة أو التسليم بالحل الأمريكي وقبول شروط الشركاء المحليين للاحتلال الذين يديرون هذه المعركة القذرة حسب المخطط الأمريكي وبناء على تعليمات صارمة ومحددة ومخطط مسبق.

 

ان القاء التهم على تنظيمات ارهابية محددة لا يشكل كل الحقيقة لأن هذه التنظيمات مخترقة جميعا بل حتى الاحزاب العراقية الموجودة في السلطة وعلى أطرافها مخترقة هي الأخرى وعملية لعب الاوراق قائمة وتحريك هذا الطرف على ذاك سلوك معروف ومسؤولية الاحتلال في المذابح الوحشية المباشرة في التخطيط والتنفيذ واضحة إلا لمن لا يريد أن يرى أو من يفكر من خلال القاموس الامريكي الوحشي.

 

كما كنا نقول ونكرر في السنوات الماضية، نكرر اليوم بلا ملل، ان الاحتلال الأمريكي لن يسلم السلطة الا الى قوى موالية للاحتلال بل وداعمة لوجوده الطويل الأمد وهي قوى معروفة: اذا كانت الأقدار السياسية أو مصادفاتها العشوائية وغياب حركة وطنية مؤثرة ومعارضة نزيهة وظروف احتلال البلد قد وضعت المالكي كطرف في مشروع الصراع على السلطة السياسية مقابل الاطراف الاخرى، فإن هذه الأقدار العابرة والمصادفات التاريخية الملعونة التي كثيرا ما تتكرر في التاريخ ليست اقدارا نهائية وصلبة وراسخة لكنها صارت كذلك في مناخ سياسي عام مصاب بالشللية والعجز والرهانات الانتهازية والتحزب والفئوية وقصر النظر والخ.

 

ان الواجب الحقيقي ومرحلة الاستقلال الوطني وساعات المنعطف وشراسة المعركة ومكرها ونوع ومستوى الصراع يقتضي في هذه المرحلة بالذات الفصل بين الموقف الفكري والعقائدي من المالكي وأطراف الحركة الاسلامية التي لا تقف مع الاحتلال موقف التسليم والاسترخاء أو الاستخدام والاداة والدمية، وبين الموقف السياسي في زمن استثنائي وفي لحظات عصيبة ملحمية ستنصع تاريخ السنوات القادمة.

 

إن تصوير الصراع الدموي اليوم على انه بين المالكي وبين خصومه هو تحليل يتسم بالخرق والسخف والسطحية والابتذال لأن هذا الصراع الذي يقف على طرفيه، متقابلين، هؤلاء الشركاء في اقدار هزيلة وشاحبة ومؤلمة، هو صراع على السلطة والمستقبل والأرض والكرامة الوطنية ويدار بأدوات السلاح والابتزاز والقتل والجنون للتركيع وليس للحوار أو الخروج بحل إلا الحل الأمريكي.

 

وكما كنا نقول، بلا أمل، ان على المالكي وأطرافه الخروج من متاهة الاحتلال وخياراته في الصراع الى المواجهة الحقيقية في النزول الى الشعب العراقي وتحويله من ضحايا رسائل دم الى قوى فاعلة مؤثرة تحسم الموقف في الشوارع والمصانع والحقول وتكوين التحالف الوطني العريض من خارج التحالفات القائمة والمشلولة وفاقدة القرار والاستقلالية السياسية.

 

إن رصيد المالكي ينفد في هذا الصراع والمعركة على وشك الحسم لصالح الاحتلال وأعوانه عن طريق التنكيل والمذابح التي مرت والتي في الطريق: اذا ظل المالكي يخوض صراع السلطة على هذا النحو، فسيجد نفسه في الأيام القادمة، وتحت الضرب الدموي والتفجيرات والمجازر ونقص الخدمات والدسائس والحيل، في مواجة انتفاضة شعبية عارمة متحكم فيها تحت الموت والقتل واليأس، وبكل يقين لن تكون الانتفاضة الشعبية المنتظرة والمنشودة ولكنها حركة يأس يدفع بها الاحتلال في مواجهة المالكي ومن معه كسلاح أخير، بجماجم العراقيين، للاستيلاء على السلطة السياسية.

 

أما المواقف على الجبهة الاخرى، اي مواقف القوى الرافضة للاحتلال بالسياسة والسلاح، فهي بحاجة الى اجراء مراجعة فورية ودقيقة وشجاعة بعيدا عن كل رؤية عقائدية ومواقف انتقائية وزوايا نظر مسبقة والأهم خارج العواطف والاحقاد وهي كثيرة ومبررة في لحظات غير هذه اللحظات الحاسمة والمفصلية التي تقتضي الارتقاء والسمو والخروج من الذات الى الوطن والمستقبل لأن معركة العراق أكبر من أن تختزل في عنوان المالكي أو في عناوين عقائدية أو فكرية خلافية، الآن، تحديداً.

 

اذا كان المالكي لم يستيقظ حتى اليوم على دوي الانفجارات وهي تضرب شعبه في الليل والنهار، واذا كنا نحن أيضا لم نستيقظ على دوي هذه المذابح ـ الرسائل في صراع الاستيلاء على السلطة ونتخندق كالمالكي ومن معه في مواقف فكرية صلبة وقاطعة وجازمة ومسبقة دون مراعاة لحظات المنعطف واتجاهات المعركة ومسالكها الوعرة، وهي المواقف الغبية التي يراهن عليها الاحتلال ويعمل على تعميقها كل يوم، للاستفراد والمواجهة، فسنكون جميعا في الأيام القريبة القادمة أمام واقع جديد ومختلف وهو بكل يقين واقع سياسي أمريكي مصنّع بالسلاح والسياسة والدهاء والمجازر.

 

عندها سنعيش محنة الدكتاتور السابق في كونه عاش في وطن لا يعرفه وحكم شعبا يجهله ويحتقره، وفي النهاية فقد السلطة والشعب والنفس تاركاً لنا نصيحة ثمينة تستحق التأمل لم يطبقها على نفسه هو كالعادة وهي ان السلطة تحوِّل الحاكم ليس الى شبيه بالشيطان بل الى الشيطان نفسه، وان على الحاكم في قمة سلطته أن يتعلم المشي، حافياً، حسب نصيحة نابليون، لأنه قد يحتاج يوما المشي ومواجهة الصعاب في ظروف قاسية كما حدث فعلا. فهل نحتاج نحن، خارج السلطة، الى أحذية لأيام قاسية، أم الى رؤوس للتفكير في رسائل وحشية قائمة، اليوم؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

 

مقالات الكاتب والروائي

حمزة الحسن

 صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org 

 
 

 

لا

للأحتلال