إبحث في صوت اليسار العراقي

 

الصفحة الرئيسية مقالات دراسات عمال ونقابات كتابات حرّة طلبة وشباب فنون وآداب المرأة صفحة الأطفال كاريكاتير مكتبة صوت اليسار صور من العراق العراق بين السلم والحروب         بعد الطرق يتطلب الأنتظار 4 - 5 دقائق  لتحميل برنامج التشغيل   حضارة بلاد الرافدين   إتصل بنا ملفات

مجموع زائري الموقع إرسلوا آراءكم حول الموقع

العبور الثاني

 

 

عناد عبد الصعب

 

تمثّل احداث المظاهرات المصرية التي اندلعت في 25 كانون الثاني (يناير) و تٌوجت برحيل طاغية الفساد و الافساد محمد حسني مبارك عن قمة هرم السلطة المصرية نقلة نوعية في النضال الجماهيري المنظم و المدروس.  و يحق لنا ان نصفها بالعبور الثاني، العبور الى الجانب الآخر من الحياة التي مُنعوا منها لعقود.  العبور الى جانب الوجود و استعادة الحياة ممن سرقها منهم مبارك بهذه الحجج او تلك.  و كلمة العبور اكتسبت قيمة المصطلح او الاسم المُعرّف في ظهيرة 6 تشرين الاول (اكتوبر) 1973 عندما عبرت طلائع الجيش المصري قناة السويس لاستعادة شبه جزيرة سيناء من الاحتلال الاسرائيلي. كان العبور الاول بداية لمرحلة جديدة لم يُقدّر لها ان تكمل مسارها.  لو مضت الامور كما خُطط لها لتغيرت خارطة المنطقة بدرجة كبيرة. 

العبور الثاني نجح في ازاحة رمز الفساد والهدف النهائي استئصال بذوره.  و كما اعتورت العبور الاول عثرات و ثغرات مثل ثغرة الدفرسوار و مفاوضات كيلو 101 و ما تبعها من خطوات الالتفاف نرى العبور الثاني يحمل بعض ملامح هذه الثغرات.  في العبور الاول قاد الملك حسين طائرته الى مقر كولدا مائير في 26-27 ايلول 1973 ليحذرها من خطة الاسد و السادات لمهاجمة اسرائيل في عطلة يوم كيبور لكنها صرفته هازئة و مستهزأة بامكانية احد ما ان يهاجم اسرائيل.  الملك حسين لم يطلق طلقة واحدة على اسرائيل عند اشتداد المعارك و ظل اميناً لدور الاردن في المنطقة.

كذلك سافر طنطاوي الى واشنطن فور اندلاع المظاهرات العارمة و ظل يهاتف نظيره الامريكي طيلة فترة الانتفاضة.  بين 25 كانون الثاني و 11 شباط كان حسني مبارك منهمكاً في ترتيبات المغادرة و من سيخلفه. افرج عن المجرمين ليعيثوا خراباً عسى ان يقرن الناس بينه و بين الامن و الاستقرار و يحنوا الى عهده كلما تدهورت الاوضاع.  تعيين عمر سليمان نائباً للرئيس هو ترتيب دستوري لضمان استمرار النظام بزوال مبارك او رحيله.  عندما ايقن مبارك ان لعبته قد انتهت نقل السلطة الى المجلس الاعلى للجيش الذي كلف الحكومة التي عينها مبارك لتسيير الاعمال و اعداد دستور جديد و الاشراف على انتخابات نيابية جديدة.

في هذه الاثناء كلها كانت الادارة الامريكية تدير العملية السياسية الجديدة التي كنا نشاهد مراحل تكونها الجنيني.  الاكثار من التلميح ثم الاشارة صراحة بضرورة اشراك المعارضة و تحديداً الاخوان المسلمين بالحكم الجديد هي ابرز ملامحه.  يجب ان لانستغرب اذا ما اشترك الاخوان المسلمون بالحكم حتى لو شكلوا اغلبيتها اذ قد تسعى امريكا الى الوصول الى اتفاق معهم بالسماح لمشاركتهم حكم مصر مقابل لجم حماس و منعها في الاقل من مشاغلة اسرائيل اذا ما تورطت في صراع مع حزب الله في لبنان.  امريكا ستستفيد من الدروس التي تعلمتها في العراق عندما اشركت او بالحقيقة اوكلت حكم العراق الى الاحزاب التي تمولها ايران.  بفضل ذلك حصلت لامريكا على قناة لايصال رسائلها الى الايرانيين من جهة و ابقاء درجة عالية من التوتر في العراق عسى ان يرتدع الجميع عن فكرة الانفراد بالسلطة لتخلق حالة التوازن المرعب.  هذه الخطة كلفت العراقيين الكثير من الارواح التي لاتأبه لها الادارة الامريكية.

وصول الاخوان المسلمين الى الحكم في مصر سيخفف من حدة الانتقادات الى كفيلهم الرئيس : المملكة العربية السعودية التي ستسعى لان تكون اللاعب الرئيس في المنطقة و الحد من تزايد النفوذ التركي مستفيدة من توقف المفاوضات السورية-الاسرائيلية برعاية تركيا.

ثغرة الدفرسوار الثانية بدأت و مدى نجاحها او فشلها يعتمد على يقظة جماهير مصر و بأسها في التصدي للالتفاف على مكاسب الحركة الديمقراطية.

 

عناد عبد الصعب

enadabdulsaab@gmail.com