<%@ Language=JavaScript %> عناد عبد الصعب النكبة قادمة
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

النكبة قادمة

 

 

عناد عبد الصعب 

 

       ابدع العرب في صياغتهم اللغوية فصار لكل لفظ معنى و توسعوا في المعاني ببراعة تفوق مهارة الصاغة المندائيين واسعة الانتشار.  فتأجيج البريطانيين لحاكم مكة في 1916 "ثورة النهضة العربية" و تقسيم فلسطين "نكبة" و هزيمة 1967 "نكسة" و لاجؤها "نازحون" لانهم حتماً عائدون.

بفعل نشاط المؤيدين لقضية الفلسطينيين دخلت كلمة النكبة القاموس الانكليزي.  لكن القيادات الفلسطينية على اختلافها تتوحد في نكران جميل الآخرين و تضحياتهم.  في الذكرى الستين لقرار تقسيم فلسطين وقف محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية التي لا سلطة لها ليعلن امام الجماهير المحتشدة عند مبنى المقاطعة برام الله و خلفه وقف مصطفى البرغوثي و عتاة قيادات م ت ف "ان مأساة شعبنا بدأت بالاحتلال الاسرائيلي لاراضينا في حزيران 1967" لم اسمع صيحة اعتراض او احتجاج لا من الحشود المصفقة لكلام الرئيس و لا من الحاشية خلفه. 

النكبة قامت بتقسيم شريط الارض الضيق بين نهر الاردن و البحر المتوسط التي عرفت عبر التأريخ و التوراة باسم فلسطين.  تزييف التأريخ لاسباب و دوافع سياسية لن يضر قسما من الشعب الفلسطيني بل بقضيتهم و مؤيديها.

عمل محمود عباس للسنتين الماضيتين على اثبات قدرته على السيطرة على الشارع الفلسطيني بشتى اساليب القمع مستنداً على التدريب الامريكي للشرطة الفلسيطينة. رسالته الى الاسرائيليين كانت واضحة: نحن قادرون على توفير الامن لكم، اعيدوا لنا اراضينا.  ما فات الرئيس المنتهية ولايته ان اسرائيل قامت على سرقة اراضي الفلسطينيين و ليس هناك ما يلزمها باعادة شبر واحد للفلسطينيين.  شارون و باراك و ناتينياهو اتفقوا على ان اسرائيل ستعيد للفلسطينيين الاراضي التي لا تنفعها!  لذلك اقترحوا مساحات واسعة في صحراء النقب بدلا من ازالة المستوطنات التي ستبقى تابعة لاسرائيل.  

في الاونة الاخيرة برزت افكار و اصوات تدعو لمبادلة السكان و الاراضي بين اسرائيل و الفلسطينيين تتركز باعادة سكان المخيمات في سوريا و لبنان (تستثني الاردن) الى اسرائيل كمواطنين فلسطينيين مقيمين فيها وليس مواطنين اسرائيليين مقابل بقاء المستوطنات و سكانها كاسرائيليين مقيمين في الدولة الفلسطينية.  الفارق كبير بين الاثنين: نشر الفلسطينيين (او نثرهم) لن يعطيهم حق مستديم لهم و ابنائهم الذين يولدون لاحقاً بالبقاء و المساواة مع غيرهم في حين ستكون اسرائيل ساندة لمستوطنيها و تدفع لمزيد من التوسع امام سلطة ضعيفة.

اما مبادلة الاراضي فهي الاخرى ضعيفة الاساس.  كيف تتم مقارنة الاراضي؟ اغلب  اراضي الفلسطينيين زراعية سرقها المستوطنون الصهاينة.  اراضي صحراء النقب ستكون عبئاً على الدولة الجديدة (و هو ما تريده اسرائيل).

عند صدور قرار التقسيم رفضته اغلب الفلسطينيين و العرب لاسباب و منطلقات مختلفة.  رفض القرار صحيح لكن العمل لمنعه كان انفعالياً ضعيف التنسيق و التأثير.  لم يكن هناك بديل واضح تقدمت به الجهات الرافضة للتقسيم و عملت جميع الحكومات العربية بتنفيذ دورها الذي قررته الادارة الاستعمارية لتسهيل قيام اسرائيل سواء بالحرب الفوضى عام 1948 او تشجيع يهود بلدانها على الهجرة الى اسرائيل و حتى التحريض ضدهم و دفعهم للهجرة.  كانت اسرائيل بحاجة الى ايدي عاملة رخيصة لتحل محل الفلسطينيين الذي طردوهم من اراضيهم و دورهم.  لذلك دفع يهود البلدان المحيطة بفلسطين ثمن قيام اسرائيل اذ صاروا يؤدون الاعمال الرخيصة للاوروبيين و القادمين من اصقاع العالم كسادة الدولة الجديدة.

كانت دولنا العربية ضعيفة و خاضعة لارادة المستعمرين الاوروبيين و لم تكن مجتمعاتنا بافضل حال من حكوماتها.  فرغم ان يهودنا تمتعوا باوضاع افضل من يهود اوروبا الذين كانوا يعانون من تصاعد المد القومي في اوروبا و بصورة خاصة النازية و الفاشية، لم تكن هناك تشريعات و دساتير تضمن حقوق المواطنين و لم تكن المساواة مبدأ رئيس و أساس في الحياة العامة و السياسية.  استغلت الامبريالية العالمية و الصهيونية ضعف الدولة العثمانية و ضعف تطور المجتمعات العربية فدفعت اليهود للهجرة الى فلسطين حتى كانت هناك مناطق فاقت نسبة السكان اليهود 35% في حين كانت الهوية الوطنية الفلسطينية ما تزال في الطور الجنيني. بنشؤ الحركات السياسية الحديثة لم تكن قضية المساواة بين افراد المجتمع في قمة البرامج السياسية.  لذلك اهملت معاناة المجموعات الصغرى (دينيا و عرقيا).

استند قرار تقسيم فلسطين على فكرة حق تقرير المصير لليهود و العرب في فلسطين بتأسيس دولتين متجاورتين تسعيان للتعايش و التعاون الاقتصادي و حسن الجوار.  الدولة الجديدة التي اعانها اليهود لم تكن دينية بل دولة لليهود (اي ذات اغلبية يهودية) اما الفلسطينييون فقد رفضوا التقسيم و دفعت الحكومات العربية قواتها لتخسر مزيدا من الاراضي الفلسطينية (يذكر اميل حبيبي ان فلسطينيين اعلنوا في حيفا قيام دولة فلسطين الديمقراطية لكن قدوم الجيوش العربية انهى وجودها).

ان المشروع الصهيوني يسعى و يستند الى خلق فكرة ان اليهود مستهدفين و يجب ان يكونوا في حالة الاستعداد لرد اي اعتداء و الانتقال الى الحروب الاستباقية و التفوق على جيرانهم.  لذلك لايسعى الصهاينة الى السلام و حسن الجوار مع جيران اسرائيل لان ذلك يعني عدم الحاجة الى دولة خاصة باليهود.  الصهيونية تستند الى مقولات توراتية بالعودة الى ارض كنعان التي وعدها الرب لابناء يعقوب.  رغم مرور الفين سنة على تلك النبؤة او الوعد لم تقم اسرائيل الا بعد الحرب العالمية الثانية و فضائع النازيين بحق المخالفين لفكرتهم العنصرية من غجر و ديمقراطيين و يهود.  لذلك من الوهم تصور ان الصهاينة سيتنازلون عن ما بحوزتهم طوعا او ندما و اثبتت السنوات الستين الماضية ان العرب فشلوا في هزيمة اسرائيل عسكريا.

اعلان دولة للفلسطينيين الى جوار اسرائيل سيضع مليون و مئتي الف فلسطيني يعيشون داخل الخط الاخضر (اسرائيل) تحت رحمة اسرائيل بالبقاء او الطرد الى الدولة الجديدة و بالتالي افراغ اسرائيل ممن بقي في ارضه.  الى اين سيذهب لاجئو 1948 في المخيمات بالاردن و سوريا ولبنان؟

الدولة الوحيدة التي ستسمح اسرائيل بمجاورتها يجب ان تكون كسيحة و منزوعة السلاح تسمح لجيش اسرائيل بدخول اراضيها متى ارادوا لمطاردة "الارهابيين" و ان لا تحقق تفوق اقتصادي (في الزراعة و التجارة و الموارد الطبيعية كالمياه) .  هذه الدولة ستكون عديمة اللون و الطعم و الرائحة.  كأنما الصهاينة يسعون لالصاق بالدولة الخديج الاوصاف التي اطلقها العرب على اسرائيل:

الكيان الصهيوني= السلطة الفلسطينية

الدولة اللقيطة= دولة منزوعة السلاح تعيش بصدقات اسرائيل

دولة مفتعلة= دولة غير مظمونة الحدود.....

 

لا اتمنى الفشل لمحمود عباس بمسعاه في نيويورك بل آمل ان لا يسمي دولته فلسطين لان ذلك اهدار و اهانة لجهود ستين سنة من النضال الشاق.

    

عناد عبد الصعب

21 أيلول 2011

enadabdulsaab@gmail.com

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا