<%@ Language=JavaScript %> عناد عبد الصعب عــراقيون   أبجد هّوز ز – زاير ، مطعم الاخلاص (بغداد)
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

عــراقيون

 

  أبجد هّوز

 

ز – زاير ، مطعم الاخلاص (بغداد)

 

 

عناد عبد الصعب

 

هذه شهاداتي لعراقيين و احداث عراقية شهدتها و عشتها

واسعى لتدوينها و روايتها كما حدثت او كما عرفتهم.

 

اثناء فترة المراجعة للامتحانات النهائية في الجامعة كان الطلبة يستفيدون من مكتبات الاقسام الداخلية في التحضير للامتحانات بشكل حلقات.  بعد ساعات من الدراسة و حل الاسئلة كنا نتوجه الى مطعم الاخلاص بشارع المتنبي المتفرع من شارع الرشيد بغداد.  المطعم يتألف من قاعة كبيرة نصفها الخلفي ينقسم الى طابق و نصف (طابق منخفض السقف) .  كان صاحب المطعم يجلس في مدخل المطعم ليجبي تكاليف الوجبات من زبائنه عند مغادرتهم.  للمطعم زاير الذي يستلم الطلبات من الزبائن عند جلوسهم و يتولى مسؤلية توجيه عمال المطعم في ايصال الطلبات الزبائن.  لزاير هذا ذاكرة تحسده عليها اسرع الكومبيوترات!  في احدى المرات جلسنا نراقب الزبائن عند خروجهم.  كان صاحب المطعم ينادي زاير " زاير، شكد حساب الجماعة؟" و كان زاير ينظر الى الزبائن قبل مغادرتهم و ينطق بالحساب" دينار و سبع دراهم" او "سبعمية و خمسة و سبعين"... الخ

قرر حيدر حسين (من الحلة) ان يتحدى زاير في ذاكرته.  بعد ان وصلتنا طلباتنا و بدأنا الاكل طلب حيدر نص نفر كباب و صمونة "عوازة" و طاسة طرشي.  زميلنا الآخر عماد طلب نفر كباب أضافي.  انهينا وجبتنا فأخرج حيدر حاسبة كاسيو و حسب المبلغ الذي يتوجب دفعه.  عند المغادرة نادى صاحب المطعم على زاير طالباً حسابنا فكان الاخير يرد الحساب صحيحاً لحد الفلس بما فيها حساب حيدر و عماد.  غادرنا المطعم مبهورين بقدرة زاير على حساب تلك المبالغ و تذكرها .

في طريق عودتنا الى الاقسام الداخلية مررنا على محسن ابو الكبة و حيّانا بابتسامة عريضة.  قبلها بيوم كنا نتغدى عنده و جلس زبون جديد يأكل طبق كبة فاذا به يتوقف و يُخرج من فمه قطعة معدنية. نادى على محسن "هاي شنو؟ كبتك بيها برغي؟"  اخذ محسن البرغي و اطلق نفساً طويلاً ثم قال بعد ان حرّك يده بحركة دائرية في الهواء "الأفندي زعلان طالعله برغي بالكبة! هيّه كلها سبع دراهم ، شتريد يطلعلك تلفزيون ملّون!"  انفجرنا ضاحكين لروح دعابة محسن بينما كان الزبون يحاول فهم الجواب ثم شاركنا في الضحك.  بعد ان غادر المطعم جاءنا محسن بطاسة طرشي على حسابه.

لم أسمع بمن أهتم بمعرفة زاير و ظروفه او تفاصيل حياته، عدا قصة عبد الرحمن الربيعي التي دارت عن اعجاب اليابانيين بزاير و اختراع روبوت بذاكرته و لكن اسرع منه.  زاير رجل في منتصف العقد السادس من العمر، قصير القامة حليق شعر الرأس أشيبه.  لم أقرأ عنه في جريدة يومية محلية او عامة و لم يسع أحد لمعرفة سبب هذه الذاكرة الحية.  لا اعرف عدد اشقائه او من هم أهله.  زاير ليس الوحيد الذي تجاهته الحياة.  لقد كانت حياتنا أشبه بقطيع في حقل او فصيل عسكري في معسكر افراده ليسوا اكثر من رقم في عدد كبير.  لم يكن هناك ما يؤكد للفرد وجوده المستقل المُصان و المحفوظ من الآخرين.  نحتاج ان نعيد بناء حياتنا على اساس جديد وحدته الرئيسة الانسان كفرد و ليس القطيع البشري الذي يقوده الحكام الى مسالخ الحروب.

    

عناد عبد الصعب

25 آيار 2011

enadabdulsaab@gmail.com

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا