Untitled Document

علاوي يتبرع بدمه لتمديد بقاء الاحتلال..فماذا يقول الوطنيون في قائمة "العراقية" ؟

علاء اللامي

في مشاهد تلفزيونية استعراضية تناقلتها، وكالات الأنباء والقنوات الفضائية وفي مقدمتها القنوات السعودية، وداومت على بثها بشكل متواصل قناة السيد سعد البزاز " الشرقية"، تبرع السيد إياد علاوي ضمن من تبرعوا بالدم بعد التفجيرات المروِّعة التي ارتكبتها قطعان الخنازير البشرية المتعطشة لدماء العراقيين، تبرع لضحايا تلك التفجيرات كما قيل ، وقد ذكَّرتنا هذه المشاهد بمشاهد أخرى شبيهة للدكتاتور المعدوم حين تبرع بكتابة المصحف القرآني الكريم بدمه، جاهلا إن الدم البشري والحيواني سواء بسواء هما من الأعيان النجسة فكان كمن كتب القران الكريم - حاشاه - بالبول أو البراز لأنهما من الأعيان النجسة أيضا بموجب الفقهين السني بمذاهبه الأربع والشيعي كذلك ، والعجيب، هل هو عجيب حقا؟ إن أحدا من معممي بغداد أو الدوحة أو القاهرة آنذاك، من السنة أو الشيعة، لم يهمس يومها بأذن الطاغية أو أحد "الحبربش " ذوي البدلات الزيتوني والشوارب الكثة والرؤوس الفارغة " المحيطين به بأن كتابة القرآن بالدماء حرام وغير جائز دينيا بالمطلق، ولكنهم فضلوا الصمت ، أو الهجرة إلى جامعات الأردن والإمارات وبلاد الواق واق كأساتذة في اللف والدوران وتقبيل أحذية الأمراء والسلاطين .

 ما كان لنا أن نعلق على هذه الفعالية الخيرة شكلا، والقذرة مضمونا، لو أن إياد اكتفى بالرقص بين جثث الأبرياء وبشتم المالكي وحكومته التي حُرِم من بركاتها وأقصي منها فتفلشت قائمته السابقة شذر مذر، ولو أنه تكلم ضده – أي ضد غريمه المالكي - بكلام أقرب إلى ردح النسوان الشامتات وأبعد ما يكون عن حزن ولطم المفجوعات والثكالى العراقيات الحُرات،  ما كان لنا أن نعلق على أي هذيان حزبوي حقود،  لو أن هذا الشخص لم يغمز ويلمز من قناة وسمعة المناهضين للاحتلال، وحصرا ضد المناهضين للاحتلال ونحن منهم ، وكأنه بكلماته تلك يعطي مصداقا لعمالته التي لا تحتاج إلى مصاديق، والى سذاجته وضحالة عقله وضميره الممتلئ بالبلغم السياسي وعقد النقص والشعور الزائف بالاضطهاد ..

في كلامه الذي قاله في هذه المناسبة ركز إياد على فشل أجهزة أمن الحكومة بزعامة المالكي ، وفي هذا معه حق، رغم إنه لم يخترع  زيت الخروع، فالعراقيون كلهم يعرفون هذا الفشل وبعضهم يعرف أن لإياد علاوي و ربعه المخابراتيين أصابع فيه،ثم إن الوضع الأمني خلال فترة تعيين علاوي من قبل الحاكم الغازي بول بريمر رئيسا لوزراء مجلس الحكم سيء الصيت والسمعة لم تكن مما يحسَد عليه الحاكم بل إن بدايات الطاعون الطائفي والقتل بالجملة وعلى الهوية الطائفية والعرقية بدأت في عهد علاوي، ومع ذلك يبقى من حق هذا الأخير الصراخ بأن حكومة المالكي فشلت في حماية البغداديين من التفجيرات الإجرامية فهذا شأن السياسيين أينما وحينما حلوا وارتحلوا  فالسياسة  في عرف هؤلاء هي أن "تكفخ " خصمك حين يتاح لك ذلك ثم تقدم له باقة ورد بعد ساعتين، وأن تتلقى الكفخة المضادة حين تكون عاجزا عن أي فعل آخر ثم تبتسم في وجهه، فقال إياد بلهجة هي مزيج من غيرة الزوجة الرابعة وتلميحات وغمزات السمسار المبتدئ، أثناء عملية تبرعه بالدم  قال ( وشيكولون اليوم هذوله إلي يطالبون بانسحاب القوات الأجنبية فورا وما أدري شنو من هذا الكلام، والقوات الأمنية العراقية بعدها مو قادرة على السيطرة على الوضع ورد هذه الهجمات ) انتهى الاقتباس، وترجمته بالعربية الوسيطة،  لمن لا يجيد اللهجة العراقية، هي : وماذا يقول أولئك الذين يطالبون بانسحاب القوات الأجنبية " يقصد قوات الاحتلال "  فورا، ولا أدري ماذا من هذا الكلام، في حين إن القوات الأمنية  العراقية غير قادرة على السيطرة على الوضع الأمني رد هذه الهجمات " ..

ولا عتب على علاوي فهو معروف لدينا منذ أن كان في بيضة البعث الصدامي الأكثر دموية ووحشية أي في جهاز "حنين " المتخصص بالاغتيالات والتصفيات الجسدية لخير من أنجبتهم أرض الرافدين .. ولكن عتبنا، وهو عتب حق، ممزوج بمحبة الشقيق الذي يخطئ شقيقه أو يكاد فيضع يده على قلبه ويعاتبه ناصحا، عتبنا هو على الوطنيين والقوميين العروبيين الذي آثروا أن يضعوا أيديهم بيده لصد "التمدد أو الهجوم الإيراني" كما قيل، متناسين إن هجوما آخر بدأ منذ سبعٍ عجاف ومازال مستمرا واسمه الصريح " الاحتلال الأمريكي "، ومن المعلوم - وقد قلنا ذلك صراحة ودون مداورة أو مداهنة-  إن معهم حق، فأطماع إيران لا ينكرها إلا عميل صريح للسافاك سابقا وإطلاعات حاليا، ولكن أن يسلم عراقيون وطنيون وقوميون عروبيون رقابهم لعلاوي وهم يعلمون أن برنامجه الأول هو تحويل الاحتلال المباشر إلى احتلال غير مباشر بعد تمديد المباشر، فهذا شيء آخر، لا يمكن لنا أن نتفهمه أو نسكت عليه ، وعلى من يزعم الوطنية والقومية والعروبية ،أن يقول رأيه الآن وليس في أي وقت آخر .. فالوطنيون في الخندق المناهض للاحتلال سينفذ صبرهم  قريبا وسوف يقولون بحق هؤلاء كلاما آخر إذا تمادوا في تأيدهم لعلاوي وعمالته الصريحة ونخص هنا بالذكر الوطنيين الموصليين وفي تجمع " عراقيون "بقيادة السيد أسامة النجيفي و الذين انتخبهم شعب الموصل ومنحهم عشرين مقعدا نيابيا في حين خرج حزب علاوي " الوفاق " من المولد بلا حمص .. إن تيار الزمن يجري بسرعة أشد من سرعة جريان المناصب وحيازة الحقائب الوزارية .

ملاحظة أخيرة : ورد ذكر قناة "الشرقية" التي يمتلكها الإعلامي العراقي والقيادي البعثي الصدامي  السابق سعد البزاز في هذا التعليق السريع على الأحداث، وقناة الشرقية هي شقيقة جريدة "الزمان" التي يملكها هذا الشخص ذاته .. لقد بلغت "الموضوعية البزازية"  مبلغها وتجاوزته حين  نشرت "الزمان " تقريرا إخباريا في عددها الذي صدر بعد مجزرة تفجيرات العمارات السكنية في الأحياء البغدادية ذات الأغلبية السكانية المعروفة المواصفات طائفيا، وقد ورد في هذا التقرير اتهاما لما سمته " فرق الموت " ذات المنحدر الطائفي  المعروف . ليسمح لنا حضرة الإعلامي البزاز وزميله الذي دبج  التقرير بالقول إن ما نشرتموه هو تبرئة مجانية وطائفية المنـزع لعصابات القتلة في تنظيم القاعدة العميل للاحتلال،  بمعنى إن ما تنشرونه في الزمان، وما تبثونه في الشرقية هو عميلة اغتيال جبانة ومكررة لشهداء العراق الذين سفكت دماؤهم في تفجيرات السفارات والعمارات السكنية وللمرة الثانية ... سنترك للتاريخ والضمائر الإنسانية الصاحية تقدير أيكما أكثر وحشية ومعاداة للحياة .. أنتم أم مسعوري تنظيم القاعدة الذين تعتمون وتتسترون عليهم؟

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

مقالات مختارة

تصدرها مجموعة من الصحفيين والكتاب العراقيين

webmaster@saotaliassar.org    للمراسلة