الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | طلبة وشباب | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

 

مقالات مختارة

صوت اليسار العراقي

تصدرها مجموعة من الكتاب العراقيين

webmaster@saotaliassar.org    للمراسلة

 

 

 

 

 

 

 

 

   

سيناريو الكارثة:

 ماذا لو فاز الطائفيون أو المدافعون عن النظام الصدامي في الانتخابات التشريعية القادمة ؟

علاء اللامي

 

  على الرغم من أن عمليات سبر الآراء والاستطلاعات التي أعلنت نتائج البعض منها تشير إلى ضعف احتمال فوز التحالفات الطائفية والعرقية الكبرى الثلاثة أي الائتلاف الشيعي والتوافق السنية والكردستاني القومي الكردي بالأغلبية المطلقة أو النسبية في البرلمان القادم،ولهذا السبب لجأت إحدى هذه القوى وهي "الائتلاف الشيعي" بقيادة الحكيم إلى التعويض عن "فيتامينات" الاستطلاعات وعمليات سبر الآراء التي تعطي نتائج لصالحها بفبركة أرقام أخرى لا تعني شيئا في الواقع، كالقول بأن برنامجه الانتخابي أشرف على إعداده عشرات الخبراء وبالضبط 88 خبيرا، واستغرقت كتابته 160 دون أن نعلم هل المقصود 160 يوما أم أسبوعا أم قرنا، كما ورد في دراسة لهدى الشمري عل موقع أنصار الائتلاف المذكور. وعلى الرغم من أن هذه الاستطلاعات نفسها، والتي تتخذ شكل حرب نفسية ولوجستية وإعلامية ضارية،  تعطي لتحالف "دولة القانون " الذي يقوده رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي نسبة فوز وصفت بـ"الاكتساح" كما ورد في نتائج الاستطلاعات التي  أجراها المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، والتي أشرف عليها الدكتور هشام داود، حيث جاءت  نتائج تلك الاستطلاعات لتؤكد  ( تقدم رئيس الوزراء نوري المالكي على منافسيه في الفوز بعدد أكبر من مقاعد مجلس النواب المقبل. وقد أكد داود أن هناك قناعة لدى المواطن العراقي بأن المالكي سيكون  صاحب الحضور الأكبر* ) أما الاستطلاعات وعمليات جس النبض التي قامت بها الأجهزة والهيئات والمؤسسات السبرية الأمريكية فقد كانت أكثر صراحة من المعهد الوطني الفرنسي حيث جاءت نتائج تلك الاستطلاعات لتؤكد بأن ( المالكي سيكتسح منافسيه بفارق كبير ربما سيفاجئ الشارع العراقي نفسه والمنطقة برمتها، فيما أخذت دوائر الإدارة الأمريكية ترتب أوراقها في ضوء ذلك، وتعتقد هذه المصادر ان فرص عبد المهدي والجلبي والجعفري هي فرص غير واقعية لا تستند على أرضية شعبية.** ) على الرغم من كل هذه المعطيات والحيثيات لنحاول أن نلقي نظرة على الاحتمال الآخر، ولنفترض جدلا أن التحالفات الطائفية والعرقية الثلاث " الائتلاف"  والتوافق والكردستاني " قد نجحت في تشكيل نصاب أغلبية مطلقة أي ما نسبته  51% من المقاعد فما فوق، وصار بمكانها تشكيل حكومة جديدة فأي سيناريو يمكن توقعه، وأية نتائج وأهداف يمكن أن يتمخض عنها الوضع المحتمل الجديد؟

بقراءة سريعة لبرامج و شعارات وأداء هذه التحالفات الطائفية والعرقية طوال سنوات الاحتلال، وللسنوات الأربع الماضية من عمر البرلمان الحالي والعملية السياسية الاحتلالية، يمكن لنا أن نتوقع تحقيق الأمور التالية خصوصا إذا وصل إلى السلطة ائتلاف موسع من هذه الأحزاب الطائفية :

-   بقاء وترسيخ نظام المحاصصة الطائفية والعرقية الرجعي وتشريع قوانين رجعية جديدة أو تفعيل قوانين أخرى شرعت ولم تفعل كقانون الأحوال الشخصية الطائفي والمادة 41 منه خصوصا التي فرضها الائتلاف الشيعي وحلفاؤه سنة 2005 والتي  تجعل الزواج والطلاق يرسمان ويسجلان على الأساس الطائفي والمذهبي وليس على أساس المواطنة الحديثة والدولة المدنية.

-   إلغاء كافة المكتسبات التي تبقي ملايين العراقيين على حد "عيش الكفاف" وفي مقدمتها البطاقة التموينية التي توعد أحد أقطاب تحالف الحكيم وهو أحمد الجلبي بإلغائها وربما سيلحق بها ما تبقى من تعليم مجاني وطب شبه مجاني وغير ذلك.

-   تكريس الدستور الأعرج الأعوج الذي وضعه خبراء الاحتلال وفرض فرضا في استفتاء مشكوك جدا بنزاهته والذي يمثل الأساس القانوني والتشريعي للعملية السياسية القائمة على المحاصصة هادفة إلى تفكيك الدولة والمجتمع والجغرافية العراقية.

-   إلغاء اتفاقية الانسحاب الموقعة مع الاحتلال، واستبدالها باتفاقية هيمنة أوسخ وأخطر منها سيترتب عليها بقاء قوات الاحتلال لحماية القيادات الطائفية والعرقية الحاكمة وامتيازاتها، وهذا الأمر صرح بوجوب القيام به بعض أقطاب جبهة التوافق كعدنان الدليمي وطارق الهاشمي قبل انسحابه من هذه الجبهة .

-   ضرب الهوية العراقية الوطنية الجامعة في العمق، وتفجر نزاعات طائفية وقبلية وميدينة وحزبية وفئوية طاحنة، يرافقها تصاعد العمليات الإجرامية التي تقوم بها العصابات التكفيرية السنية والشيعية والقومية الكردية والتي تستهدف المدنيين من أبناء جميع الطوائف والقوميات العراقية.

-   عودة المليشيات الطائفية السنية والشيعية السريعة للسيطرة على المدن كما حدث في البصرة والرمادي وغيرهما.

-      استفحال الفساد الإداري والتسيب وسرقة المال العام أكثر من السابق بأضعاف المرات.

-   التنازل عن محافظة كركوك أو كحد أدنى  تقسيمها قوميا " خصوصا إذا فاز عبد المهدي بكرسي رئاسة الوزراء " بما يضمن ضم أكثر من ثلثيها إلى الإقليم الكردي وإلحاق ما يتبقى منها بقضاء الحويجة، مع ما يستجلبه ذلك من تهجير أو اضطهاد للعرب والتركمان سترد عليه العصابات التكفيرية من جميع الألوان والمشارب الطائفية والقومية بعمليات دموية ضد الأبرياء.

-   تحول القوى الثلاث الائتلاف الشيعي والتوافق السنية والكردستاني  إلى بؤر أو نواتات لتقسيم العراق طائفيا إلى دويلات متخلفة تهيمن إيران على الدويلة الشيعية، وتركيا والسعودية على الدويلة السنية، وإسرائيل وأمريكا على الشمالية الكردية.

  هذه هي الثمار المرة لسيناريو الكارثة التي سيبدأ بتنفيذه الحكم الجديد في حال فوز القوائم الطائفية الثلاث: الائتلاف الشيعي بقيادة الحكيم، والتوافق بقيادة الدليمي والكردستاني بقيادة البرزاني والطالباني.

 فلنقلِ الآن نظرة على احتمال مفترض آخر يخص التحالف الذي يهيمن عليه البعثيون السابقون ويقوده الثلاثي المطلك علاوي الهاشمي. فمع انعدام أي احتمال، وبأي نسبة كانت، بأن يفوز هذا التحالف " قائمة العراقية "  بالأغلبية المطلقة لأنه سيواجه أربعة تحالفات كبيرة هي "الائتلاف الشيعي" والتوافق " و"الكردستاني" و "دولة القانون"  وتحالف جديد فتي ومستقل رغم أنه لا يخلو من البعثيين السابقين كأي تحالف آخر هو " وحدة العراق "، إضافة إلى إن تحالف الثلاثي المطلك علاوي الهاشمي سيواجه شعبا ناقما على جرائم وتجاوزات النظام الصدامي السابق وقد يتأثر الرأي العراقي العام بما يقال تكرارا عن تحالف بعض أجنحة بقايا البعث  مع تكفيريي القاعدة التي أغرقت البلاد بدماء المدنيين الأبرياء، ومع ذلك، ورغم هذه المعطيات لنضع هذا الاحتمال في حجم وسياق آخر ولنفترض جدلا بأن تحالف الثلاثي المذكور، سيحصل على وزن انتخابي مؤثر، وسيشكل كتلة انتخابية يمكن أن تلعب دور "بيضة القبان".وحتى هنا فلن يكون الوضع واضحا ومعتادا كما هي الحال في تجارب برلمانية أخرى فالكتلة التي يمكن ان تقوم بدور بيضة القبان لا يمكن ان تكون فعالة إلا في ضوء وجود توازن دقيق وتوازن متقارب بين قوتين أو حزبين أو تحالفين كما في التجارب الانتخابية ذات الحزبين الرئيسيين كما هي الحال في فرنسا بين اليمين واليسار، وفي أمريكا بين الجمهوريين والديموقراطيين، وفي بريطانيا بين العمال والمحافظين، يضاف إلى ذلك وجوب ألا يكون النظام رئاسيا كما هي الحال في أمريكا فلا مكان لبيضة القبان هنا بل أن حالة من التزاوج الاضطراري يمكن ان تنشأ كما حدث في فرنسا ميتران حيث كان الرئيس اشتراكيا والحكومة شكلت من الأغلبية اليمينية. الحال في التجربة العراقية مختلفة فهناك العديد من القوى التحالفات والأطراف التي يمكن ان تتغير مواقفها من القضايا الرئيسية المهمة بسبب انعدام المبدئية السياسية وتشابه البرامج التي هي في غالبها برامج إنشائية لفظية مسطحة لا تجرؤ على البحث في الحلول الجذرية لمشكلات المجتمع العراقي، ولا تجسر على قول كلمة واحدة ضد الاحتلال المدمر والذي مازالت له اليد الطولى في إدارة شؤون البلد وله تحالفات مع العديد من القوى السياسية على الساحة العراقية، ومع ذلك لنفترض جدا أن البعثيين السابقين وأشباههم في قائمة الثلاثي علاوي المطلك الهاشمي سيفوزون بعدد جيد من المقاعد  وسيشكلون كتلة برلمانية ذات وزن معقول فما هي انعكاسات وتأثيرات ذلك على الوضع العراقي العام؟

إن هذا الاحتمال الأخير أكثر ورودا من سواه، وهو حتى بهذا الحجم سيساهم في رسم سيناريو الكارثة المحدقة بالعراق فالبعثيون السابقون، وتحديدا الصداميون الصرحاء منهم، والاستفزازيون الذين دأبوا على إهانة شهداء العراق من ضحايا النظام الشمولي كظافر العاني وحسن العلوي وصالح المطلك، سيشكلون خطرا حقيقيا على الوضع السياسي والاجتماعي العام، طالما عاندوا واستمروا على احتقارهم للشعب، والتماهي بل والتفاخر بجرائم النظام الدكتاتوري السابق ضد الشعب العراق برمته ولم يعتذروا عنها، أو يتوقفوا نقديا عندها، أو يتبرأوا منها، الأمر الذي لا يبدو أنهم في وارد القيام به رغم تلميحات بعض "الحمائم" في هذا التحالف، دع عنك أن هذا التحالف من الناحية الإستراتيجية محسوب كرصيد "لأصدقاء" المخابرات البريطانية والأمريكية كعلاوي والمطلك.

وستحاول هذه الكتلة كل ما في وسعها لعرقلة أي مشروع أو محاولة سياسية في البرلمان أو من قبل الحكومة، فإن لم يتمكنوا من ذلك سيلجأون إلى سياسة " الشخير البرلماني " والإقامة في كافتيريا البرلمان كما اعتادت كتلة جبهة الحوار بقيادة المطلك ان تفعل خلال العهدة البرلمانية المنقضية.

ومع ذلك يبقى الموقف الصحيح والمنسجم مع الديموقراطية هو رفض الاجتثاث بكافة أشكاله والسماح بتشكيل أو إعادة تشكيل حزب أو أحزاب "بعثية لاصدامية"، واعتبار جرائم النظام البعثي الصدامي -كما هي واقعها- شأنا قضائيا وجنائيا بحتا، مكان حسمها الوحيد ضد المتهمين بها والملطخة أيديهم بدماء الأبرياء  هو سوح القضاء والمحاكم في قضاء عراقي مستقل. أما البعث كحزب وفكر وتراث فهو ملك لمن يؤمن به ويدافع عنه أو يرفضه وينتقده ويدحضه فكريا وسياسيا، مع أن ما يسمى "فكر البعث " ليس بتلك الأهمية من الناحية النظرية والأكاديمية  فأدبياته التأسيسية ليس أكثر من إنشاء عقيم وتهويمات سطحية تطوف حول روح الأمة وتجليات الفكرة المطلقة تلك الأدبيات التي أنجزها  ميشيل عفلق وزملاؤه وظلت على حالها كمحاولات لتعريب بعض نتاجات مؤسسي الفكر القومي الألماني المتطرف كما نجده عند هيدجر  ونيتشة وسواهما، ومع ذلك، ورغم رفضنا لتلك البضاعة الأمريكية المسماة " الاجتثاث" ومختلف مشتقاته، سيبقى التعامل أو التحاور أو التعاون مع البعثيين المدافعين عن النظام الشمولي والدكتاتوري أمرا مرفوضا لا يمكن قبوله وطنيا وديموقراطيا وإنسانيا طالما أصروا على موقفهم الاستفزازي المعادي للشعب ودافعوا عن تراثهم القمعي الدموي المتخلف. 

 

 هوامش:

* http://www.radiosawa.com/arabic_news.aspx?id=2156273&cid=24

** http://qanon302.com/news.php?action=view&id=6112

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | كتابات حرّة | فنون وآداب | طلبة وشباب | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي