<%@ Language=JavaScript %>  أحمد الناصري عن الشهيد داخل فرهود ومنتصر وجميع الشهداء
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

 

عن الشهيد داخل فرهود ومنتصر وجميع الشهداء

 

أحمد الناصري

 

 

عن الشهداء وللشهداء أبداً

 

قضية الشهداء قضية إنسانية كبيرة، تستقر في عمق عقول وضمائر وأرواح البشر، وتشغل عوائل ورفاق وأصدقاء الشهداء، كما تشغل الرأي العام الوطني والمجتمع والناس، من النواحي السياسية والاجتماعية والمعنوية والقانونية، وفيها دروس ومعاني كبيرة وجميلة، رغم طبيعة المأساة والخسارة الفادحة، بسبب عدد الشهداء الكبير، ومحاولة معرفة الجهات التي قتلتهم وصفتهم، وأساليب القتل والتصفية، ومعرفة أماكن دفنهم وإخفائهم. لقد مرت سنوات طويلة ووقت طويل نسبياً دون حل هذه المشكلة المحزنة والثقيلة. وهي ملفات ضخمة، تحتاج الى جهد ومتابعة استثنائية دائمة. وقد تابعت الموضوع بشكل دائم وكتبت عن أغلب أصدقائي الشهداء، بجهد فردي يعتمد على الذاكرة والمعلومات المتناثرة عن الشهداء الذين أعرفهم، حتى نبهني صديق بأنني سأتحول الى كاتب مراثي ولم أكترث لهذه النصيحة واعتبرتها زائدة، وقد دعوت للكتابة المنظمة عن الشهداء وعن كل تفاصيل حياتهم وغيابهم المفجع.

فالشهيد الكائن الغائب والمغيب والمختفي قسرياً الآن، كان بيننا ومعنا قبل لحظة القتل والتصفية، (التي لا نعرف توقيتها وشكلها بالضبط، لكن لنا أن نتخيل كل شيء، في علاقة اللحظة الوجودية الأخيرة والوحيدة، بين القاتل والقتيل، وان نتخيل اللقاء الأبدي الأخير بين الجلاد والضحية)، كنا نمشي معه ونجالسه، ونأكل ونتنفس ونضحك معه، ونتفق ونختلف معه، فجأة أخفي وقتل و(أعدم) وأستشهد ومات، لكنه ظل يشع ويرسل نداءا ته ورسائله العلنية والمشفرة، وبقينا نسمع صوته وضحكاته، ونحس بأحزانه وعواطفه وآماله القديمة والجديدة، أنه معنا وبيننا من جديد ودائما.

لقد أثار موضوع (بطاقة الى داخل فرهود...) المنشور في عدد من المواقع الالكترونية، ردود إيجابية كثيرة، تفاعلت مع الموضوع والاسم والذكرى، عبر التعليقات المباشرة والرسائل والاتصالات والملاحظات التي وردتني، وهذا ما يفرحني. ولتعميق المتابعة وتوسيعها، وزيادة الاهتمام بموضوع الشهداء، لكي لا يصبح موضوع مناسبات متباعدة، إنما موضوع أول وملح من بين القضايا الوطنية والإنسانية الهامة، حيث إن من لا يهتم بالشهداء ويتناساهم لا يهتم بشيء آخر، من قضايا الناس الأحياء، وحيث أيضاً، لا يوجد ما هو أهم من قضية الشهداء، لذلك أحاول شرح وتوضيح وجهة نظري من جديد، وأقوم بنقاش بعض الآراء المهمة الواردة في التعليقات والرسائل.

بالنسبة لي، قضية الشهداء قضية شخصية وعامة وإنسانية، وبعضهم أصدقاء لي، وأصبح الباقون كلهم أصدقائي، في فقدانهم وغيابهم المؤسف والمفجع، وفي خسارتهم المأساوية. والكتابة عنهم واجب أساسي وبسيط لتذكرهم والوفاء إليهم، لما قدموه من تضحية نهائية ومطلقة بكل ما يملكون، وما تركوه من أثر ثابت ودروس ومعاني وعبر خالدة ودور وتأثير في استمرار وإبقاء جذوة المقاومة مشتعلة ضد الخطأ في كل المراحل من النضال الوطني والاجتماعي والإنساني. كذلك فأنني ألاحظ صمت وتجاهل وعدم اهتمام بالموضوع لأسباب عديدة وكثيرة، حسب حالة وتجربة كل شهيد وأسباب ومسبب اعتقاله واستشهاده، حيث يحاول البعض طمس الحقائق ودلالاتها وصلاتها وآثارها.

إن المشروع الذي أثيره باستمرار وأتابعه وأعمل على تحقيقه، والذي طرحته من سنوات طويلة، هو الكتابة الأولية عن الشهداء، وتسجيل وذكر أسماء ممن لم يجر ذكرهم بأية مناسبة أو مكان، والبعض الآخر من الشهداء لا يعرف أهلهم بمصيرهم الحقيقي لحد الآن، وأين استشهدوا وكيف ومتى؟؟ رغم مرور السنوات والعقود، خاصة شهداء الاختفاء القسري، على يد النظام الفاشي وضحايا الحروب العبثية الطويلة والمتكررة والاحتلال والإرهاب والفرق الطائفية والخطف والجريمة المنظمة، التي تتسع دوائرها وعملها، وهم بمئات الآلاف (إن لم يكنوا بالملايين) حسب أبسط التقديرات، وشهداء بشتآشان، وبعض الحالات الفردية، مثل حالة الشهيد مشتاق جابر عبد الله (منتصر) وقصة استشهاده وإخفاءه الشهيرة، على يد (طبيب حزبي) عمل في منظمة لحقوق الإنسان في الخارج، و(لجنة تعذيب وتحقيق حزبية انتهازية تافهة، بإشراف بعض أعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية)، وهو لا يقبل للآن كشف مصيره وطريقة قتله ومكان دفنه، كما لا زالت الجهات الحزبية القديمة والجديدة، تتهرب وتصمت عن الموضوع، وترفض فتح ومعالجة الملف، بطريقة غير مبررة وغير مقبولة، لنقل رفات الشهيد من منطقة بارزان، وتسليمه الى أهله في مدينة الثورة ببغداد، ومعالجة آثار الجريمة بالاعتذار الحقيقي عنها، رغم الجهود الكبيرة والمتواصلة التي يبذلها بعض أصدقاء منتصر الأوفياء في هذا المجال، لحل هذه المشكلة الإنسانية الكبيرة والخطيرة. وكم بحثت عن صديقي الغالي والخالد ستار غانم راضي (سامي حركات) الذي أعتقل واختفى في بغداد بداية التسعينات، بعد إن تسلل من كردستان، للعمل التنظيمي والسياسي والإعلامي والجماهيري، حيث لم يعثر له على أثر أو أي شيء للآن.

لقد تخوف بعض الأصدقاء من المتاجرة بقضية الشهداء وقضية بشتآشان أيضاً، والبعض الآخر تحدث عن أهمية اختيار الوقت المناسب لطرح المواضيع، رغم كل هذا الصمت وكل هذا الوقت، وموت وغياب عدد كبير من الشهود، وأنني أرى أن الوقت المناسب الذي يقصدونه لم ولن يحل ويقوم، حتى بعد حلول وقيام ساعة الشهداء على طريقتهم!! وقسم آخر يتحدث عن عدم ضرورة إثارة قضية جريمة بشتآشان والكتابة عنها، لأنها تضر بالوحدة الوطنية المزعومة كذا (يقصدون علاقة قيادة الحزب الشيوعي العراقي بجلال الطالباني)، وغيره من الكلام الفارغ والتافه والمردود عليهم، لعدم جدواه وصلاحيته، لذلك لا أهتم بهذه الآراء. لا أرى أي علاقة أو مجال لتبرير عملية الصمت في موضوع الشهداء، وعدم ذكر أسمائهم والكتابة الأولية عنهم وتسجيل أسمائهم وأحياء ذكراهم والاحتفال بهم، ومسألة المتاجرة والاستغلال التي يقصدونها، بقدر ما يحمل هذا الرأي من التردد والتهرب من الخوض بالموضوع وفتح هذا الملف.

هناك ملف خطير ومعقد لم تكشف أوراقه وتفاصيله الى الآن، وهو ملف (ضحايا) وشهداء عمليات والاندساس والاختراق الواسعة التي حققتها أجهزة الأمن القمعية ضد تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي في الداخل وفي كردستان، وحالات الخيانة والضعف والانهيار، وما نتج عن ذلك من كشف وتحطيم للتنظيمات والركائز البسيطة التي جرى تشكيلها في بغداد وباقي المدن، واعتقال الرفاق، وتصفية أعداد كبيرة منهم. وأنا واحد من ضحايا الخيانة السهلة التي لم يجر التحقيق والمحاسبة فيها، إنما جرى (تكريم) الخائن لأنه مثلهم ومن طينتهم ويشبههم ويلائمهم تماماً، وهم بحاجة الى العناصر الضعيفة والمنهارة والرخوة، التي لا تملك رأي ولا تقول لا.

 لقد كانت الحرب الأمنية شرسة وعاتية من قبل نظام فاشي شرس ضد الحزب الشيوعي العراقي، وضد كل أطراف المعارضة، وهو يستهدف سحقها وتصفيتها جسدياً وسياسياً، لذلك نحتاج الى فتح ومراجعة هذا الملف، للوصول الى الحقيقة وتكريم الشهداء.  ورغم سرية وحساسية الملف (الأمني) سابقاً، فقد مر وقت كاف وحصلنا على وثائق ومعلومات كافية لمعالجة المشكلة الرهيبة، التي قطعت رؤوس الرفاق الأبطال في مقصلة الأمن العام والدوائر القمعية الأخرى، لنعرف من تسبب بتلك الجرائم والخسائر الكبرى؟؟ وما هو مركزه القيادي؟؟ ومتى أندس؟؟ وهل لا يزال يعمل الى الآن (حتى بعد انكشافه المفترض) بسبب التسويات والصمت والصفقات والحلول البائسة والعفو المجاني؟؟

للآن لا أحد يعرف قصة الخائن المقتول (أبو طالب) ومتى أندس؟؟ وما هو حجم الخسائر التي ألحقها بالحزب؟؟ وكيف نقل مجموعة قيادية من كردستان الى بغداد بأشراف الأمن العام؟؟ وكيف عادوا من بغداد الى كردستان؟؟ وماذا كان يخطط ويريد في النهاية كضربة أمنية وإعلامية قاضية وقاصمة؟؟ وكذلك ما هي حالة المندسين البارزين (أبو هيمن وأبو بهاء)، وغيرهما من المندسين في سوران وبهدينان وبغداد وباقي المدن؟؟ ما هي مستوياتهم الحزبية؟؟ ومن هم ضحاياهم وكم عددهم؟؟. لدي وعدد من الرفاق والأصدقاء معلومات هامة عن حالات الاندساس والاختراق، ونحن لم نطرحها من باب التشهير والتشويش على أحد، إنما للمساعدة في معالجتها وحلها وتجاوزها.

أعود الى مشروعي الأساسي، وهو تسجيل أسماء الشهداء أولاً، وكتابة سيرة ذاتية عنهم وعن كيفية اعتقالهم والجهة التي اعتقلتهم وشكل وتاريخ ومكان تصفيتهم، والتوسع الى ذكرياتهم وبقاياهم ومواقفهم وكتاباتهم إن وجدت، وهذا غير حالة الصمت والإهمال السائدة والمستمرة من قبل الجميع، خاصة من قبل رفاق وأصدقاء الشهداء، ومن كانوا معهم في المعتقلات أو الجبال، فلدينا مئات وربما الآلاف الشهداء والمعتقلين السابقين، فلماذا لا يقولوا شهاداتهم؟؟ ومن تسبب في اعتقالهم وطريقة اعتقالهم، وماذا ترك أو قال الشهداء في وصاياهم؟؟

من حق أهل الشهداء ورفاقهم وأصدقائهم، ومن حق المجتمع، معرفة الحقيقة الكاملة المتعلقة بمصيرهم الرهيب،  وقصة المواجهة الفاصلة مع الفاشية، ورواية ما حصل، وتسجيل تلك اللحظات البطولية والعصيبة والخاطفة للشهداء، كي ننشأ ثقافة إنسانية وذاكرة إنسانية فعالة، لكي نصل الى وضع يليق بالإنسان، من خلال محاسبة المجرمين والمرتكبين، بشكل قانوني عادل، وإنصاف وتكريم الشهداء والضحايا.

 

 

Alnassery3@hotmail.com

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا