<%@ Language=JavaScript %> أحمد الناصري عن جريمة اغتيال الرفيقين (سالم وزهير)
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

عن جريمة اغتيال الرفيقين (سالم وزهير) *

 

 

 أحمد الناصري

 

التقيت بالرفيق الشهيد رياض جاسم (زهير) من جديد عام 89 في منطقة نوكان بكردستان على الحدود العراقية الإيرانية بعد حملات الأنفال العسكرية الواسعة والشاملة، سيئة الصيت، والتي انطلقت يوم 16 آب من عام 88، أي بعد توقف الحرب العراقية الإيرانية بأسبوع واحد، وشملت جميع قرى ومناطق كردستان، وقد استخدم النظام الفاشي في هذه العمليات العسكرية الشرسة، كل قوته العسكرية الضاربة والمخيفة واستخدم الطيران والمدفعية الثقيلة والصواريخ والسلاح الكيماوي على نطاق واسع، وكانت النتائج مروعة، فقد تم اجتياح المناطق عسكرياً ودمرت مئات القرى وقتل المئات من السكان المدنيين والمقاتلين ونزوح وهجرة بشرية واسعة وانتهت بفاجعة خطف وإخفاء عشرات الآلاف من المدنيين الذين لم يعرف مصيرهم الى الآن!! وكان النظام الفاشي يستهدف تصفية الحركة المسلحة في كردستان، تصفية تامة ونهائية، وإحداث تحول استراتيجي يترتب عليه مكاسب سياسية كبيرة بعد توقف الحرب مع إيران. فقد جرى تدمير مقرات ومواقع الحركة المسلحة في كردستان بجميع فصائلها ودفع البقية الباقية منها الى خلف الحدود العراقية في إيران وتركيا. بعد تلك العمليات العسكرية الوحشية والواسعة عدنا من جديد الى نقطة الصفر ونقطة البداية، الى منطقة نوكان وناوزنك وما كان يسمى في بداية الثمانينات بوادي الأحزاب.

تجمعنا في منطقة نوكان من جديد وأقمنا مقرات جديدة، وكان المكان ضيقاً ومزدحماً بمقرات الأحزاب الكردية، حيث كان هناك المقر الرئيسي للحزب الاشتراكي الكردستاني بقيادة الراحل رسول مامند، ومقرات للاتحاد الوطني الكردستاني جماعة جلال الطالباني، ومنها مقر التنظيم (كوسرت رسول)، بينما كان المقر الرئيسي لجلال الطالباني في (قاسم رش)، والمقر الرئيسي لحزب (الباسوك) الكردي، ومقر صغير للحزب الشيوعي العراقي، وكان مقرنا الصغير أيضاً والذي شيدناه على بقايا بيت مام رسول أحد سكان القرية، يضم مجموعة سياسية ثقافية بأسم (مجموعة الشيوعيين العراقيين) كاسم مؤقت، ويوجد مقر لرفيقين هما سالم وزهير، من بقايا (تنظيم الشيوعيين الثوريين)، التي شكله سليم الفخري أواسط الستينات، وكانت المجموعة قد وصلت الى كردستان من بيروت عام 79، ولكن لم يتبق منها في النهاية (أي عام 89) غير هذين الرفيقين. وبالمناسبة قد تعرض احد أعضاء (تنظيم الشيوعيين الثوريين) للاغتيال والتصفية في منطقة (دولتو) الجبلية بعملية غادرة، حيث قام احد العناصر المندسة من استدراجه الى منطقة بعيدة عن المقرات لقطع الحطب، وقام بقتله وهرب الى مناطق النظام المتاخمة لمقراتنا.

كنت ألتقي وارى الشهيد رياض يومياً تقريباً في هذا المكان الضيق، وكان الشهيد يزورنا باستمرار في مقرنا أو بيتنا الصغير، وكنا نتحدث عن مدينة الناصرية والأصدقاء وإتحاد الطلبة وعن الماركسية والحركة الشيوعية العراقية وأوضاع الوطن والناس وعن الأخبار السياسية والثقافية والأخبار العامة ونتبادل الكتب والمنشورات التي تصدر بكثرة في المنطقة، وكنت أحياناً أحكي له نكات عن الناصرية ونضحك سويةً.

كنا نعرف ونقدر إن المنطقة مخترقة من قبل أجهزة النظام الأمنية والمخابراتية واذرعها القذرة بواسطة المرتزقة (الجحوش) وعناصر المخابرات المندسة على نطاق واسع بين الأحزاب الكردية، ومن خلال المهربين والمتسللين الى مناطق تواجدنا. وقد حاولنا اتخاذ بعض الإجراءات الاحترازية تحسباً لأعمال تخريب متوقعة.

في يوم 29 من شهر نوفمبر عام 89 اهتزت منطقة نوكان الهادئة والمعزولة خلف جبل مامند الشاهق بحدث رهيب وجلل، فقد استطاعت عناصر المخابرات المبثوثة في المنطقة والتي تعمل مع الأحزاب الكردية من قتل الرفيقين سالم وزهير بواسطة مسدسات كاتمة للصوت، وقد اكتشفنا الجريمة بعد أيام من وقوعها مع أدلة بسيطة على طريقة تنفيذ الجريمة، حيث ترك الجناة صحف تابعة للحزب الاشتراكي الكردستاني جلبوها معهم في زيارة اعتيادية، وربما طلبوا المبيت في المقر مع الرفاق، مثلما يحصل عادةً، ثم فاجئوهم بالمسدسات وفق خطة خسيسة لتصفية رفاق عزل من أية حراسة أو حماية، وتسللوا الى أماكنهم تحت جنح الظلام الدامس وضجيج النهر (الروبار) المحاذي لمقر الشهداء. ويبدو إن الرفيق زهير حاول أن يتصدى للقاتل ويصد الطلقات، فقد اخترقت رصاصة غادرة يده، بينما اخترقت رصاصة قاتلة أخرى جمجمته من خلف الأذن اليمنى، ووجهت الرصاصات الغادرة الى رأس الشهيد سالم مباشرةً. وقد شيعنا الرفيقين الشهيدين من نوكان الى مقبرة زلي في موكب بسيط وحزين شارك فيه بيشمركة الأحزاب الكردية وأهالي المنطقة حيث دفنا هناك. وشكلنا لجنة للتحقيق في الجريمة من الأحزاب الموجودة في المنطقة أكدت على وجود مندسين لصالح المخابرات العراقية، وإن المخابرات هي التي نفذت الجريمة بواسطة هذه العناصر التي هربت وعادت الى السلطة.

 إن قبور الشهداء لا تزال موجودة في زلي، أي نفس المكان الذي دفنا فيه، ولم يتم تسليم الرفات الى أهلهم، بسبب قله المعلومات لديهم وبعد المكان وعدم وجود مساعدة وتسهيلات رسمية لهم. ويمكن لي تقديم كل المعلومات حول طريقة الاغتيال ومكان الاستشهاد والدفن. ويمكن أيضاً لعائلات الشهداء وبالتعاون مع الأحزاب الكردية فتح الملف القضائي وملاحقة الجناة القتلة وتقديمهم للقضاء لأن جريمة الاغتيال والقتل السياسي لا تسقط بالتقادم أو التناسي أو لأي سبب آخر مهما كان نوعه. كما إن السيدة هيرو إبراهيم أحمد زوجة جلال الطالباني تمتلك معلومات كاملة عن قبور الشهداء لأنها ساهمت في إعادة تشييد القبور.

كان الشهيد رياض جاسم إنساناً رائعاً ومؤدباً وهادئاً. وباستشهاده خسرنا إنساناً جميلاً وشاباً واعداً في بداية الثلاثين من عمره وفي قمة عطاءه. وكانت الجريمة واحدة من الجرائم الكبيرة والخطيرة التي نفذتها الأجهزة الأمنية القذرة، وربما عثر على ملفات وتفاصيل الجريمة في دوائر وأرشيف الأجهزة القمعية.

المجد لشهداء الحركة الوطنية واليسارية العراقية.

 

 

 

 

 * بطاقة شخصية

الرفيق رياض جاسم جابر (زهير) من أهالي مدينة الناصرية شارع الحبوبي.

مواليد 1955

من أعضاء إتحاد الطلبة، سافر الى يوغسلافيا للدراسة، بسبب عدم قبوله هو ومجموعة كبيرة من زملائه الطلبة من الشيوعيين والديمقراطيين في الجامعات والمعاهد العراقية خلال حملة تبعيث التعليم.

بكالوريوس بولوجي وكان يعد للماجستير في جامعة برشتنة - يوغسلافيا.

 انتقل الى بيروت مع المقاومة الفلسطينية ثم وصل الى كردستان مع (منظمة الشيوعيين الثوريين) التي كان مقرها في منطقة دولتو بعدها انتقلوا الى منطقة نوكان حيث تمت تصفيته الرفيقين على يد عناصر المخابرات العراقية.

 

*الشهيد سالم:- للأسف لا أملك أية معلومات عن بطاقة الشخصية، عدا اسمه الحركي (سالم) ويمكن لرفاقه ومعارفه تزويدي بالمعلومات الكاملة عنه أو الكتابة عن سيرته.

 

* لقد كتبت عدة مرات عن الشهيدين البطلين (زهير وسالم) وعن جريمة الاغتيال البشعة. وأنني أدعو رفاق وزملاء وأصدقاء الشهيد رياض في الناصرية ويوغسلافيا السابقة وبيروت وكردستان للكتابة عنه، خاصة صديقي عادل محمود الذي لا أعرف عن أخباره أي شيء منذ لقاءنا في كردستان بداية الثمانينات. وهذه الدعوة تنطبق أيضاً على الرفيق الشهيد سالم.

 

 

أحمد الناصري

Alnassery3@hotmail.com

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا