%@ Language=JavaScript %>
|
لا للأحتلال |
|
---|
جنرالات في معاطف سياسية
د. احمد الخميسي
اهتمت وسائل الإعلام الروسية بما جرى في مصر، وتناولت صحف عدة ما حدث من زوايا كثيرة، نوه معظمها بأن أصداء الانتفاضة المصرية هزت العالم العربي، وترامت في اليمن، والبحرين، والعراق، والأردن، وليبيا، والجزائر، ومن بين الكثير مما كتب، تخيرت أن أعرض هنا لواحد من أهم تلك المقالات التي تناولت الشأن المصري في 14شباط/ فبراير الحالي بصحيفة « كوميرسانت » تحت عنوان «جنرالات في معاطف سياسية» وفيه يكتب المحلل السياسي ألكسندر جابوييف قائلا إن الثورة في مصر على ما يبدو قد قاربت على الانتهاء بعد إعلان الجيش إدارة البلاد وتطهير ميدان التحرير من المعارضين .
ومع ذلك فما زال من الصعوبة بمكان الحديث عن انتصار الديمقراطية في مصر، ذلك أن النخبة العسكرية التي كانت مقربة من مبارك برئاسة المشير طنطاوي قد أعلنت أنها ستبقى تدير البلاد على الأقل لنصف العام، كما دعا المجلس العسكري إلي وقف المظاهرات والاحتجاجات العمالية والشعبية . وجدير بالذكر أنه بعد إعلان الرئيس مبارك عن تنحيه قام أحد العسكريين الرسميين في ميدان التحرير بمخاطبة المتظاهرين عبر ميكروفون بقوله: « لقد رحل الرئيس مبارك، ولا نريد بعد اليوم أن يبقى أحد هنا. عودوا إلي بيوتكم»، ومع أن فرق من المتظاهرين اعترضت على ذلك إلا أن أحدا لم يستمع إلي صوتها، وسرعان ما تم تفريغ الميدان من البشر، وعلى حد قول البعض فقد تم اعتقال عدد غير قليل من المتظاهرين .
ويرى البعض أن ما جرى بنقل السلطة إلي المجلس العسكري هو في واقع الأمر انقلاب عسكري على الرئيس حسني مبارك دبره القادة العسكريون، ومما يشير إلي ذلك أن المجلس أبقى على حكومة أحمد شفيق بالرغم من المطالبة الشعبية بحكومة أخرى جديدة تماما، بملاحظة أن أحمد شفيق البالغ من العمر 69 عاما رجل عسكري تولي رئاسة أركان القوات الجوية عام 1991 وعين قائدا للقوات الجوية في أبريل 1996، وعد دائما من العسكريين المقربين للرئيس مبارك .
ومع أن حكومة شفيق قد حظرت سفر العديد من الوزراء السابقين وأمرت بتجميد حساباتهم وأرصدتهم، إلا أن البيان الخامس للمجلس العسكري قد بدد كل الشكوك حين بين بوضوح أن النخبة العسكرية هي التي ستحكم البلاد خلال نصف العام على الأقل أو لحين إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وبذلك تؤكد النخبة العسكرية تجاهلها لمطلب المتظاهرين بنقل السلطة إلي مجلس رئاسي يضم شخصية عسكرية واحدة فقط وأربعة من المدنيين .
أما عمر سليمان البالغ 75 عاما، نائب مبارك السابق، فمن الواضح أنه قد خرج من المشهد السياسي، وليس أدل على ذلك من غياب عمر سليمان عن المجلس العسكري. ويبدو في الظروف الراهنة أن الطرف الرئيسي في البلاد هو المجلس العسكري برئاسة المشير محمد طنطاوي البالغ من العمر 75 عاما، والذي سيمثل مصر رسميا في المحافل الدولية. ويعد المشير طنطاوي أيضا أحد الرجال المقربين للرئيس السابق مبارك والمخلصين له .
وفي إحدى الوثائق التي نشرتها «ويكيليكس» جاء ذكر المشير بصفته « تابعا أمينا » لمبارك. وكان الرئيس مبارك يعتزم أن يقف وراء طنطاوي ليكون أحد المرشحين لرئاسة مصر حتى قرر الرئيس عام 2000 أن يقدم دعمه لترشيح ابنه جمال لمنصب الرئيس. جدير بالذكر أن الساسة الأميركيين يقدرون أن طنطاوي من "المحافظين المتشددين" ولا يمكن وصفه بأنه من أنصار الحريات الليبرالية. ولكن طنطاوي يجد نفسه في موقف "السياسي ذو المعطف العسكري "الذي يتوقع منه البعض القيام بالإصلاحات المطلوبة. وقد عطل المجلس العسكري الدستور الحالي الذي طالما انتقدته المعارضة، وتشكيل لجنة لإعادة صياغة الدستور. وعلاوة على تعديل الدستور ينبغي على المجلس العسكري أن يهيئ البلاد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وإذا غضضنا النظر عن تصريحات العسكريين بأنهم سيحترمون مطالب الشعب، فإن نوايا الجيش مازالت غير واضحة أو محددة .
وبهذا الصدد يقول مدير معهد الدراسات في "بروكينجز «إن الجيش طرف قوي للغاية في الاقتصاد المصري وعلى الأغلب أنه لن يكون صاحب مصلحة في حدوث تغييرات جذرية تهدد دوره هو ذاته داخل المجتمع ». والأرجح أن مخاوف المشير طنطاوي، وبقايا رجال مبارك الذين يتولون الأمور حاليا قد صارت أضخم الآن بعد أن أعلنت حكومة سويسرا أنها جمدت حسابات الرئيس مبارك، وبعد أن دعت لندن المصارف البريطانية والمجتمع الدولي إلي البحث معا عن ممتلكات مبارك خارج مصر، وهو الذي قدرت الجارديان ثروته بنحو سبعين مليار دولار .
ومن غير المستبعد أن يحاول الجيش دفع مرشح عسكري من طرفه لتولي رئاسة الجمهورية في الانتخابات القادمة وذلك بالاعتماد حتى على بقايا الحزب الوطني . ولا يبدو مثل هذا الاحتمال بعيدا عن التحقق إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الجيش كان هو الحاكم فعليا منذ عام 1952. وإذا قرر الجيش ترشيح أحد رجاله، فإن فرص المشير طنطاوي ستكون ضئيلة إذ يصعب تصوره رئيسا لمصر التي تغيرت، بينما تتسع الفرصة أمام الفريق سامي حافظ عنان البالغ من العمر 64 عاما، ويقدر الساسة الأميركيون أن الفريق عنان: « شخصية موهوبة، واسع الأفق، ومبدع»، وقد حظي الفريق عنان حتى بمديح الأخوان المسلمين الذي عدوه الشخصية العسكرية الوحيدة تقريبا التي لا علاقة لها بالفساد .
ومن المؤكد في خضم ذلك المشهد السياسي أن العسكريين الذين ارتدوا معاطف السياسيين لن يسمحوا لجماعة الأخوان المسلمين المتطرفة بالصعود إلي قمة الحكم، وهو الأمر الذي توافقهم عليه أميركا التي سيتحتم على العسكريين المصريين تنسيق خطواتهم معها، خاصة أن الجيش المصري يتلقى مساعدات أميركية بنحو 3 , 1 مليار دولار سنويا. وبهذا الصدد فقد صرح مصدر مسئول مقرب من الخارجية الأميركية بقوله: «إن مهمتنا هي ألا نسمح بوصول المتطرفين إلى الحكم، وعلينا أن نمهد الطريق لديمقراطية تتوفر في ظلها مختلف الخيارات أمام المواطن المصري» .
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا |
|
---|