<%@ Language=JavaScript %>
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

خطوة قصيرة لكن راسخة ... أحسن

 

آرا خاجادور

 

أهلاً ومرحباً بعيد العمال العالمي ... تمر علينا مناسبة عيد العمال العالمي، يوم الأول من  آيار، هذه السنة والوضع في العراق والبلاد العربية مختلف تماماً، حيث تعم المنطقة بأسرها أجواء الثورات والإنتفاضات والتظاهرات العارمة والمطالبات بالحريات والحقوق العامة العادلة. بهذا اليوم الجليل نوجه التحية الى كل العمال العراقيين وعمال البلاد العربية والى عمال الدول المجاورة، خاصة عمال تلك الدول التي يواجه فيها الشعب دكتاتورية أو قمع متعصب ومنفلت، والتحية موصولة الى عمال العالم أجمع. إن كل شغيلة اليد والفكر في العراق والبلاد العربية الثائرة يمرون بايام تاريخية وإستثنائية، ومن أولى صورها الجميلة أن حكام القهر والإضطهاد والخديعة الذين أخافوا الشعوب عقوداً هم الخائفون اليوم، ومنهم من دفع الثمن.

 

في هذا الظرف التاريخي العظيم نقول كلاماً مختصراً، ونكتفي بالإشارة الى نقطتين هامتين نرى من المناسب التركيز عليهما كمهمات راهنة وأساسية أمام الحركة النقابية العمالية الثورية، في بلدنا الذي يقاتل بالأنياب والأظفار والصدور العارية إلا من البأس والإيمان وحب السلام والكرامة على طريق الظفر بكنس الإحتلال وخدمه الأذلاء واللصوص والعابثين بمقدسات الشعب الروحية والمادية، وبديهي في مثل الظرف الذي نحن فيه نركز على الجوانب العملية التي تهم بالدرجة الرئيسية النقابات في العراق، وبحكم الترابط التاريخي تهم لحد ما العمال في البلاد العربية بصفة عامة.

 

في الأولى ندعو الى مهمة ملموسة تؤكد على أهمية العمل على إلغاء جميع القوانين الإستثنائية التي تعيق تنظيم شغلية اليد والفكر في منظماتهم النقابية، وذلك من خلال تحشيد القوى لتحقيق إلغاء فوري لقانون منع التنظيم النقابي في مؤسسات الدولة، الذي يسعى الإحتلال وحكومته على تعميقه بكل الوسائل، ولا يعرقل هذه المهمة، أو يؤجل طرحها، أننا نعيش تحت وطأة إحتلال غاشم ورخيص حاول إبتذال قيم الشعب، وتعميق المرارات بين فئات الشعب الواحد متجاهلاً الحكمة الثورية التي تؤكد على أن خلافات الشعب غير عدائية حتى وإن بدت وكأنها كذلك. وندعو جميع المنظمات النقابية الى الوقوف ضد أي إجراء يؤدي الى حل هذا الإتحاد أو ذاك بغض النظر عن طبيعة العلاقات القائمة بين الإتحادات العمالية، والتخلي عن روح المنافسة غير الإيجابية في هذه الفترة المظلمة في بلدنا المستباح، والتحلي باليقظة والحذر من مكائد تزييف الإنتخابات أو الإنتخابات الزائفة والمزورة أصلاً، والحذر أصلاً من طبيعتها وممهداتها كعنوان وكمضمون.

 

إن تعزيز العمل النقابي بين كل أنواع المهن له أهمية خاصة مع إحترام نوع النقابة، فلا العمال موظفين، ولا الموظفين عمال، وإن كانوا جميعاً يبيعون قوة عملهم، إن إعتبار العمال موظفين لا يمكن النظر إليه إلا كمحاولة للإلتفاف على تنظيم العمال لأنفسهم في نقاباتهم. ومن توصيات أعداء العمال والفقراء عامة القول: "لا تضرب الفقير ولكن خذ الخبر من يده" أو "عندما يدخل الجوع من الباب، يخرج العقل من المدخنة" هذه الأمثلة أو الأقوال تعني بالتطبيق العملي حرمان الطبقة العاملة من حق التنظيم في أهم القطاعات وهي مؤسسات الدولة، أي حرمانهم من أية إمكانية للدفاع عن خبزهم، ولبيع قوة عملهم بثمن بخس، أي إخضاع العمال لحياة الفقر ونتائج الفقر المروعة. إن منع العمل النقابي أو تزويره هو أخطر قرار إجرامي بحق الطبقة العاملة، وهو لا يستهدف خبز وعيش العمال وأبنائهم فقط، على فداحة هذا الإستهداف، بل أيضاً تقليص الحركة التنظيمية العمالية في أهم مؤسسات التجمع العمالي، ويهدف الى الحد من تأثيرها ودورها في الحركة الوطنية في بلدٍ حطم الغزاة كل معامله وهواءه وأرضه وحاولوا الإجهاز على قيم شعبه، وهنا في هذه المسألة بالذات نعني الدفاع عن حق التنظيم النقابي العمالي والوظيفي عامة هو لمنع ظواهر ما بعد الجوع. في هذا الميدان بالذات يتبين ويتضح جوهر موقف كل حزب أو فئة أو حكومة، وحتى الأشخاص. نعم من خلال هذا الموقف يتضح موقفهم إتجاه الطبقة العاملة وإتجاه عموم حقوق الشعب الكادح ومتطلبات ومطاليب حياته اليومية.

 

جاءت حكومة الإحتلال في العراق بـ "ديمقراطية" ها الأمريكية المعلبة والملوثة والملغومة لتعزز كل إجراء يقف ضد مصالح الشعب، والعمال منهم بصفة خاصة، وأمعنت حكومات الإحتلال غياً وتفننت بتوجيه من أسيادها الأقربين والأبعدين في إضطهاد العمال، وذلك لأن العمال كانوا أكثر مناعة ضد الأمراض الإجتماعية الكامنة أو التي أججها المحتل بخبث وبدعم من ضعاف النفوس والمعتقد والإرادة، ولنا في أمجاد عمالنا في معمل إسمنت السليمانية ونفط البصرة وكي ثري ونسيح الحلة والكوت وفي كل موقع ظل قائماً ومكابراً ومتشبثاً بقوت وإنتاج ومكتسبات الشعب في بغداد والناصرية والنجف وتكريت وكل محافظة عراقية شواهد لا تمحى في الدفاع عن الحقوق والنضال من أجل التحرير والوحدة الوطنية، وتعبيد طريق العراق صوب الكرامة والعيش الرغيدة في أجواء الإحترام والتعاطف المتبادل بين فئات الشعب الواحد كافة.

 

والنقطة الثانية ندعو فيها الى الحذر الجاد ضد كل محاولات تقنين منع أو إنتزاع حق الإضراب من العمال، وفي البدايات حاول الحكام اللجوء الى الضرب وتشتيت المظاهرات والإعتقال، وينتقلون اليوم الى محاولات تقنين حرمان العمال من حق الإضراب، وهو السلاح الأكثر قوة وأهمية، الذي تمتلكه الطبقة العاملة بيدها للدفاع عن عيشها وعن كرامتها الوطنية.  

 

أعطت حكومة الإحتلال حق التجمعات في بعض أيام العطل، ولكن منعت حق الإضراب الذي يؤثر لصالح الطبقة العاملة، ويؤدي دور التمرين الثوري للكادحين. ثم عاد تحت هاجس الرعب من الشعب الى ممارسة كل وسائل التضييق والقمع ضد التجمعات، بعد أن تواصلت التجمعات في قلب بغداد العظيمة وإلتحقت بها الموصل الحدباء والكوت الباسلة والمحافظات الأخرى.

 

يستلهم شعبنا تجارب أشقائه، ويواصل الإبداع في وسائله ومساهماته الخاصة، جماهير الشباب الثائرة ومنها الشبيبة العمالية في كل مكان من عراقنا وبلادنا العربية تقف في عيد الأول من آيار مع أوسع التجمعات والتظاهرات، التي تحمل أهدافاً كبيرة، كانت حتى قبل أسابيع مجرد أحلام ثورية تداعب مخيلة العقول الأكثر ثورية ونزاهة وطنية وعزماً على التضحية. ونحن حين نقف مع حق العمال في الإضراب، وندعو الى ذلك لأننا نرى أن دور الحركة العمالية ونقاباتها الثورية دور مهم للغاية، ولكي لا تمر الإنتفاضات والأعمال الثورية الأخرى بطفولة الإعتماد على إسلوب نضالي واحد، ومن أجل تجاوز  مختلف العراقيل، التي تقف في طريق تطور النشاطات الثورية، تلك العراقيل، التي تصنع في مختبرات أشد وأقوى أعداء هذه الإنتفاضات المظفرة، وهم الإستعمار وعملاء الإستعمار وإسرائيل، ندعو الى خلق التكامل والتظافر بين مختلف أشكال النضال المعروفة تاريخياً، وتلك التي يُمكن أن ينجبها عصرنا الراهن، لا بد وأن نؤكد على مساهمة الحركة العمالية في النضال الإضرابي دون تحديد يوم معين، بل نقول إن اليوم والتاريخ والمستقبل كله للشعب، خاصة عندما يطور أساليب نضاله، ويستخدم الوسائل النضالية من أبسطها الى أعلاها مع الجماهير المنتفضة بإضراباتها ومظاهراتها وإعتصاماتها، وإن كل إسلوب كفاح هو رديف طبيعي للإسلوب الآخر، وظهير له، وليس أداة عرقلة أو إنتقاص.

 

إن تطوير مساهمة حركة العمال النقابية الثورية يعني رفع شعاراتها بوضوح نحو التحولات ليس السياسية فقط بل التحولات الإقتصادية والإجتماعية، هذا الطريق هو الذي يعزز مسيرة تطور الحركات الثورية على درب التضامن والوحدة مع الحركة العمالية العربية والعالمية في عيد العمال العالمي.

 

نقول بهذه المناسبة عندما يثور شعب تظل روح الثورة فيه، ولكن المسيرة التاريخية للثورة بداهة ليست على وتيرة واحدة، وقد تراوح بين توتر عالٍ وتوتر منخفض، يكاد هذا الأخير أن يصل الى درجة لا يحس به البعض، بل حتى الغالبية في معظم الحالات. أن الحقيقة التي أدركتها القوى الثورية الراسخة هي أن هذا العالم يحركه الصراع ومنبع ومصدر ومركز هذا الصراع هم شغيلة اليد والفكر، الذين يعيشون على بيع قوة عملهم المستغلة ببشاعة في الغالب الأعم. إن الثورة كالشمس عندما تشرق أول مرة تظل تشرق أبداً، وبديهي أن موعد ونوع الإشراق متبايناً وعلى الدوام في الفصول والأماكن والقوة والصفاء ووو ... ومع كل ثورة تولد الثورة المضادة، وكما للحق أسلحة فللباطل أيضاً أسلحة، وغالباً ما يكون الباطل شديد الدهاء والمكر والحلية والعبث، خاصة وأنه لا يتورع عن إرتكاب الأفعال الشائنة.

 

ولنا في التجارب السابقة، كما في تجارب اليوم، الكثير الذي يدعم نضالنا اليوم وغداً، فعلى سبيل المثال ذكرت الحكومة البريطانية في صحافتها غداة تعاظم النضال الوطني العراقي ضد معاهدة بورتسموث عام 1948 الإسترقاقية مع الحكومة العراقية العميلة: "لم نشعر بالخوف الخطير جداً من المظاهرات في بداياتها، التي إنطلقت في العراق ضد المعاهدة كتظاهرات بذاتها، ولكن الخوف كل الخوف مما أفرزته لاحقاً من إضرابات ومن تطور في حركة التنظيم المهني في الربيع الذي تلى تلك المظاهرات، التي عمت العراق من زاخو الى الفاو.

 

لقد إنطلقت مظاهرات الشباب والطلبة من المدارس والكليات في الأعظمية لتعم العراق كله، وإن لعلعة الرصاص ضد المتظاهرين ألهب حماس الجماهير، خاصة بعد أن إنضم عمال الكرخ، وفي مقدمتهم عمال السكك الحديدية، وكان من ثمار المظاهرات إسقاط حكومة صالح جبر والمعاهدة نفسها، ولكن كالعادة جرى تكليف حكومة تسكينية، وبعد هدوء العاصفة تساءل رفاق لنا في الخارج: لماذا إنطفأت نيران الوثبة؟. ربما كان في جوابنا حينذاك بأن الرفيق فهد وصحبه في سجني الكوت ونقرة السلمان. ربما في هذا الجواب تأكيد على أهمية القيادة القوية في المنعطفات، وأهمية القيادة تكمن في وضع الإستراتيجيات والتكتيكات المناسبة.

 

وفي سجن نقرة السلمان بعد نحو عام على الوثبة وصف القائد الشيوعي والوطني سالم عبيد النعمان في في إحتفال سجني لإحياء الذكرى الأولى للوثبة كانون، بأن الوثبة مثال حي على إرهاصات الثورة. إن الأيام الكبيرة والهامة في تاريخ الشعوب تبقى خالدة، حتى وإن لم تصل سفينتها الى مينائها الأخير والنهائي، ولكنها في نهاية المطاف وبكل الأحوال تلعب دور الإشارة العظيمة الدالة على الإتجاه الصحيح. وأخيراً نقول: إن الظفر بذرة ثم شجرة ثم ثمرة.

 

عاش الأول من آيار يوماً ملهماً لكل الشعوب التي ولدت حرة.

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا