حكومة بلير استهانت بالقانون الدولي في غزو العراق
الصحافة البريطانية تؤكد على إدراك بلير وسترو لافتقار قرار الحرب على العراق لأي سند قانوني.ميدل ايست اونلاين
لندن – من أحمد عبد اللهكشفت مجريات تحقيق لجنة تشيلكوت الخاصة بغزو العراق بعد مثول عدد من المسؤولين البريطانيين أمامها، ان توني بلير ووزير خارجية حكومته آنذاك جاك سترو كانا مدركين لافتقار قرار الحرب على العراق لأي سند قانوني.
وكشفت التحقيقات ان بلير ظل يمارس ضغوطا على المدعي العام للحكومة اللورد بيتر جولدسميث إلى أن غير موقفه المعارض لشن تلك الحرب.
ومثل المحامي العام البريطاني السابق الاربعاء أمام لجنة تحقق في حرب العراق وقال انه في بداية الامر اعتقد ان هناك حاجة لاستصدار قرار جديد من الامم المتحدة يجيز غزو العراق لكنه غير رأيه بعد ذلك.
وقبل ثلاثة أيام فقط من غزو العراق يوم 20 مارس آذار عام 2003 قال المحامي العام حينذاك بيتر جولدسميث للبرلمان البريطاني ان استخدام القوة شرعي على أساس القرارات التي أصدرتها الامم المتحدة من قبل.
لكنه في شهادته أمام لجنة التحقيق الاربعاء اعترف جولدسميث علنا ولاول مرة ان انطباعه الاول كان ان القرار رقم 1441 الذي أصدره مجلس الامن التابع للامم المتحدة في نوفمبر تشرين الثاني عام 2002 لا يجيز العمل العسكري.
وقال جولدسميث للجنة "في مرحلة ما كانت وجهة نظري الاولية وبعد وضع كل هذه العناصر في الاعتبار انه لا يوجد ما يكفي (في القرار). في تفوق كفة الميزان لصالح قول لا..نحتاج الى قرار ثان".
وذكرت صحيفة "الغارديان" الاربعاء إن الحكومة البريطانية كانت في حاجة إلى قرار أممي ثان، لم تفلح بريطانيا في الحصول عليه، وإلى ذريعة أخرى هي حق الدفاع عن النفس ولم يكن له أي مبرر، أو أزمة إنسانية لم تقع آنذاك.
وقالت الصحيفة "ربما لم يكن داع لإجراء هذا التحقيق لو أن الحرب "سارت على ما يرام، أو لو عثر على أسلحة الدمار الشامل".
الامر الذي يكشف الاكاذيب المتصاعدة والمستمرة التي اطلقها الرئيس الاميركي السابق جورج بوش وانقاد لها رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، حول تبرير احتلال العراق ومقتل مئات الالاف من سكانه.
وأكدت "الغارديان" على ان احترام القانون الدولي مسألة لا ينبغي الاستهانة بها. "لقد أطيح بالنظام العراقي بسبب استخفافه بالنظام الدولي، ولقد تم تجاهل القانون الدولي لبلوغ ذلك الهدف. لقد ارتكبت الحرب من أجل منع أخرى".
واستعرضت صحيفة "الإندبندنت" الاربعاء أقوال مستشارين قانونيين لوزارة الخارجية البريطانية قالا فيها إن ما أشارا به الحكومة كان مصيره التجاهل.
وقالت الصحيفة "إن الكثير من جوانب القانون الدولي تظل قابلة للجدل خاصة في غياب وسيلة لتطبيقها، كما أن العلاقة بين الحكومة والقانون في بلد ليس لديه دستور مكتوب تسودها بعض الليونة والسلاسة مقارنة مع بعض الدول الأخرى، مما يتيح لرئيس الوزراء ووزيره في الخارجية رفض الاستشارات القانونية، لكن توني بلير أسس موقفه على قاعدة انتهاك العراق للقانون الدولي، ولهذا السبب تأخذ شرعية الحرب دلالة خطيرة".
وشك منتقدو الحرب طويلا في ان جولدسميث تعرض لضغوط من جانب رئيس الوزراء البريطاني حينذاك توني بلير ليغير رأيه.
وقال أكبر مستشارين قانونيين لوزارة الخارجية في الفترة التي سبقت الغزو انهما يعتقدان ان استخدام القوة دون تفويض محدد من الامم المتحدة يعني ان العمل العسكري كان غير شرعي.
وطبقا لوثائق سرية نشرت امس الثلاثاء أعرب جولدسميث عن شكوكه في وجود مبرر قانوني للحرب بموجب القرار 1441 .
وفي الاسابيع التي سبقت الغزو في مارس اذار 2003 حاول رئيس الوزراء البريطاني السابق ومسؤولون اميركيون اقناع أعضاء آخرين في مجلس الامن بالموافقة على قرار يفوض باستخدام القوة.
غير انه بعد ان فشلت المفاوضات أبلغ أكبر محام للحكومة البريطانية وهو المدعي العام جولدسميث البرلمان قبل الغزو بثلاثة ايام ان مزيجا من قرارات الامم المتحدة السابقة جعل الاجراء العسكري قانونيا.
وكشفت مذكرة بما ورد في مكالمة هاتفية بين جاك سترو وزير الخارجية البريطاني حينذاك وجولدسميث بعد اصدار القرار 1441 انه غير "متفائل" بامكانية استخدامه لتبرير العمل العسكري ضد العراق اذا لم تلتزم بغداد بالشروط الواردة في القرار.
وجاء في المذكرة "كان في الواقع متشائما بشأن وجود سند قانوني قوي في مثل هذا الموقف لاستخدام القوة ضد العراق".
وحتى يوم السابع من آذار مارس عام 2003 على الاقل اي قبل أقل من اسبوعين فقط من يوم الغزو في 20 مارس حذر جولدسميث قائلا ان استصدار قرار ثان من الامم المتحدة هو السبيل الاسلم للتحرك.
لكن جولدسميث عاد وقرر في 13 ىذار مارس بعد يومين من اجتماعه مع بلير وفريقه ان القرار الثاني أصبح غير ضروري.
وجاء في مذكرة لديفيد براميل أحد كبار مساعدي جولدسميث "أكد المحامي العام انه بعد مزيد من التفكير وبعد وزن الامور خلص الى رأي واضح...هناك سند قانوني لاستخدام القوة دون استصدار قرار آخر أكثر من القرار 1441".
وفي شهادته قال براميل ان المحامي العام البريطاني لم يتعرض لضغوط من بلير او وزرائه ليغير نصيحته.
وقال ان الحكومة طلبت من جولدسميث في اجتماع عقد يوم 11 آذار مارس ان يعطي بيانا واضحا عما اذا كان استخدام القوة قانونيا وانه خلص في ذلك الوقت الى قراره هذا.
وأبلغ مايكل وود أرفع مستشار قانوني بوزارة الخارجية البريطانية حتى عام 2006 لجنة التحقيق التي تدرس دور بريطانيا في الحرب ان الحكومة كانت تحتاج الى قرار من الامم المتحدة يفوض باستخدام القوة لكي يصبح الاجراء العسكري قانونيا.
وقال وود في بيان مكتوب "اعتبرت ان استخدام القوة ضد العراق في مارس 2003 يتناقض مع القانون الدولي. في رأيي استخدام القوة لم يكن مفوضا به من مجلس الامن وليس هناك أساس قانوني آخر للحرب".
وأبلغ وود لجنة التحقيق الثلاثاء انه نصح باستمرار بأن تغيير النظام ليس اساسا قانونيا للحرب وان الاجراء يحتاج الى تفويض محدد من الامم المتحدة وهو ما كان غائبا في القرار 1441.
وأوضح وود انه اختلف مع وجهة نظر جولدسميث وقال للجنة التحقيق "لقد أوضحت انه في رأيي ان المسودة التي كانوا يعملون استنادا اليها لا تفوض باستخدام القوة دون صدور قرار آخر من مجلس الامن".
وقالت اليزابيث ويلمشيرست نائبة وود التي استقالت بسبب الغزو ووصفته بانه "جريمة عدوان" انه كان من "المؤسف" و"غير المعتاد" ان تنتظر الحكومة كل هذا الوقت قبل ان تطلب مشورة المحامي العام.
وأضافت "كان من الصعب جدا في هذه المرحلة على المحامي العام ان ينصح بان الصراع سيكون غير شرعي دون قرار ثان من الامم المتحدة واعتقد ان ذلك كان سيعطي صدام حسين (الرئيس العراقي الراحل) ميزة دعائية كبيرة".
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي