رحيل المفكر العربي الكبير
د. أنيس صايغ
أنيس صايغ...
عاش ورحل قرباناً للوطن
أنيس صايغ، ما كان فقيداً، وكيف يكون فقيداً من حفر في ذاكرة المغرَّبين والمقهورين بؤرة ضوء، وتواصل مسار، واسشل من الفكر جذوة مقاومة!
رحل أنيس صايغ، بعد أن أحاط بالمرحلة تماماً، ورصدها جيداً، وكان فكراً وممارسة في عمقها. أراد له العدو اغتيالاً منذ ثلاثة عقود، وتمكن جسداً وفكرا من الصمود كل هذا الزمن. وبينما كانت جمهرة من المثقفين/ات يصطفون في نهايتي الشهر، فشهر هؤلاء بنهايتين، على ابواب الشرعية، اية شرعية، حتى شرعية دايتون، كان أنيس صايغ يكتب مذكراته يكتب عن نفسه لأن التصحُّر الفكري والثقافي لم يحنَّ عليه بمن يكتب عنه.
وكيف يجد أنيس صايغ المعارض الفذ لفردية ياسر عرفات، كيف يجد من يكتب عنه؟
ربما لخلفيته كقومي سوري ظل في المسألة الوطنية عنيداً وانتهى كذلك.
في تنقلاتي القليلة التقيته في عمان عدة مرات، واستمعت إليه وإلى هاني الهندي وغيرهما.
قبل عامين طلبت منه مجلة "العودة" الإلكترونية في لندن أن يكتب اقتتاحية لها لملف عن حق العودة. شكى المرض والتعب، وقال لهم، اكتبوا إلى عادل سمارة أن يكتبها نيابة عني. وفعلت ذلك بامتنان وتعاطف.
لست ممن يلعنون كل شيء لأقول رحل الرجل، حتى في الأسر، أنت موجود وتقاوم. لن اقول مع رحيل أي رمز، انتهى كل شيء معه/م. كلا، كل شعب هو حضور، إنما يبقى السؤال، كيف نحوّل الحضور إلى فعل؟
هل حضور الطبقات الشعبية في ذاته أم لذاته أم حتى لغيره؟ هذا السؤال برسم الإجابة من المثقف. إنما ليس اي مثقف، المثقف من نمط أنيس صايغ، لا يتعب ولا يستسلم وحين يدمروا يده يكتب بالأخرى، وحين يسلبوا عينه يرى بالأخرى. هكذا فعل جعفر الطيار، حتى ترجل.
هكذا ترجل انيس صايغ بعد حياة مصلوبة. هكذا عاش ورحل قرباناً للوطن.
لو كنت أؤرخ لاغتياله، لكان الاغتيال الرسمي الفلسطيني، الذي ألقى بارشيف مركز الأبحاث في مخازن في الجزائر تقرأه الفئران! ألأرشيف الذي خلقه انيس صايغ وفريقه من دمهم.
أيها الجيل من الصبايا والشباب،
إذهبوا إلى مكتبة البيرة العامة، مذكراته هناك، أودعتها هناك مرجعاَ لكم، اصطفوا أمام مذكراته، واقرأوا كيف يكون المفكر مسلَّحا، ولكن لا تبكوا!!! لأنني كنت أرى فيه وأمثاله ذلك الحزن الهادىء والمتماسك، ليس امامكم إلا أن تشتدوا وتتماسكوا، وبالقراءة هذا يحصل.
عادل سمارة
هيئة تحرير "كنعان" ـ فلسطين المحتلة
( *** )
رحيل المفكر والباحث الفلسطيني الكبير
د. أنيس صايغ
انتقل إلى رحمته تعالى في عمان يوم 26 كانون أول 2009 المفكر
والباحث الفلسطيني الكبير د. أنيس صايغ، أحد بناة مركز الأبحاث
الفلسطيني، ومن كبار المدافعين عن القضية الفلسطينية وحق
الفلسطينيين بكامل ترابهم الوطني على امتداد ثمانين عاماً.
وسينقل جثمانه الطاهر من مطار عمان إلى بيروت ليوارى هناك في وطنه الثاني لبنان.
ولد أنيس صايغ في
3/11/ 1931 في طبريا. بدأ دراسته بمدينته وأنهى الثانوية سنة 1949
في مدرسة الفنون الإنجيلية في صيدا التي انتقل إليها بعد الاحتلال
الصهيوني لمدينة طبريا. نال شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية
والتاريخ سنة 1953 من الجامعة الأمريكية في بيروت.
حصل على الدكتوراه من جامعة كامبردج في العلوم السياسية والتاريخ
العربي، وعين في جامعة كامبردج أستاذاً في دائرة الأبحاث الشرقية،
فمديراً لإدارة القاموس الإنجليزي العربي.
أشرف على تحرير الزاوية الثقافية والتاريخية في جريدة النهار، عمل
مستشاراً للمنظمة العالمية لحرية الثقافة.
عين مديراً عاماً لمركز الأبحاث في منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت، فرئيساً لقسم الدراسات الفلسطينية في القاهرة.
حقق إنجازات هامة وكبيرة كإنشاء مكتبة ضخمة، وإصدار اليوميات الفلسطينية ومجلة شؤون فلسطينية، نشرة رصد إذاعة (إسرائيل)، إنشاء أرشيف كامل يحتوي على كافة الأمور التي تعني الباحثين.
عمل عميداً لمعهد البحوث والدراسات العربية التابعة للجامعة العربية.
أشرف على إصدار
مجلة المستقبل العربي وقضايا عربية، كما عمل مستشاراً لجريدة القبس
الكويتية، فأنشأ لها مركزاً للمعلومات والتوثيق. وهو صاحب فكرة وضع
الموسوعة الفلسطينية.
عين عام 1980 في جامعة الدول العربية كمستشار للأمين العام، وكرئيس
لوحدة مجلات الجامعة.
تابع بدأب من خلال الدراسات الموثقة أكاديمياً قضايا العدو إلى
جانب المؤلفات التي تتناول موضوعات القضية الفلسطينية؛ فكان أن
حاولت "إسرائيل اغتياله أكثر من مرة، وأبرزها كانت الرسالة المفخخة
التي بترت أصابع يده وأثّرت في نظره وسمعه. كما استهدفت مركز
الأبحاث، بعدة اعتداءات إرهابية، كان آخرها سرقة أرشيف ومكتبة
المركز في بيروت عام 1982.
الجوائز:
- وسام الاستحقاق السوري بمناسبة صدور مذكراته: أنيس صايغ عن أنيس
صايغ، 2006.
- درع معرض المعارف للكتاب العربي والدولي، في بيروت، تقديراً
لعطائه الفكري والثقافي، والتزامه بالقضايا الوطنيّة والقوميّة،
وما رفد به ثقافة المقاومة.
- سيف فلسطين رمزاً للصمود، من الاتحاد العام للكتاب والصحفيين
الفلسطينيين في دمشق 2006.
المؤلفات:
1. لبنان الطائفي، بيروت 1955. دار الصراع الفكري، بيروت، 1957.
2. الأسطول الحربي الأموي في المتوسط، بيروت، 1956.
3. جدار العار، بيروت، 1957.
4. سوريا في الأدب المصري القديم، بيروت، 1958.
5. الفكرة العربية في مصر، بيروت، 1959.
6. تطور المفهوم القومي عند العرب، دار الطليعة، بيروت، 1961.
7. في مفهوم الزعامة السياسية: من فيصل الأول إلى جمال عبد الناصر،
المكتبة العصرية، بيروت، 1965.
8. الهاشميون والثورة العربية الكبرى، دار الطليعة، بيروت، 1966.
9. الهاشميون وقضية فلسطين، المكتبة العصرية، بيروت، 1966.
10. فلسطين والقومية العربية، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت،
1967.
11. بلدانية فلسطين المحتلة، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1967.
12. المستعمرات "الإسرائيلية" منذ 67، مركز الأبحاث الفلسطيني،
بيروت، 1969.
13. ميزان القوى العسكري بين العرب و"إسرائيل"، مركز الأبحاث
الفلسطيني، بيروت، 1969.
14. الجهل بالقضية الفلسطينية، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت،
1970.
15. رجال الساسة "الإسرائيليون"، بيروت، 1970.
16. أيلول الخطأ والصواب - ذكريات العام 2000، دار بيسان، بيروت،
1994.
17. المثقف العربي.. همومه وعطاؤه، مركز دراسات الوحدة العربية،
بيروت، 1995.
18. قسطنطين زريق: 65 عاماً من العطاء (تحرير) دار بيسان، بيروت،
1996.
19. الوصايا العشر للحركة الصهيونية، مركز الإسراء للدراسات،
بيروت، 1998.
20. أنيس صايغ عن أنيس صايغ، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت،
2006.
21. نصف قرن من الأوهام.
ترجمة:
1. فن الصحافة، بيروت، 1958.
2. قمح الشتاء، بيروت، 1958.
3. مقالات في القضية الفلسطينية، بيروت، 1956.
4. المؤسسات والنظم الأمريكية، بيروت، 1964.
مشاركة في تحرير:
1. الموسوعة العربية الميسرة، مؤسسة فرانكلين، القاهرة، 1965.
2. قاموس الكتاب المقدس، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1967.
3. دراسات فلسطينية (بالألمانية)، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت،
1967.
4. يوميات هرتزل، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1967.
5. من الفكر الصهيوني، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، 1968.
6. فلسطينيات ج 1،ج 2، مركز الأبحاث الفلسطيني، بيروت، سنة 1968-
1969.
7. الفكرة الصهيونية- النصوص الأساسية، مركز الأبحاث الفلسطيني،
بيروت، 1970.
8. العمليات الفدائية خارج فلسطين المحتلة، مركز الأبحاث
الفلسطيني، بيروت، 1970.
رئاسة تحرير:
1. مجلة العلية، بيروت، 1956- 1959.
2. سلسلة اليوميات الفلسطينية، من المجلد 2- 11، مركز الأبحاث
الفلسطيني، بيروت، 1966- 1970
( *** )
رحل المعلّم والصديق الكبير
الدكتور أنيس صايغ
رشاد أبوشاور
اتفقت أنا والصديق عبد الله حموده على الإلتقاء بالدكتور أنيس صايغ، صديقنا المشترك، في مكتبه، عند حضوره إلى عمّان التي اعتاد زيارتها لارتباطه بمصاهرة أسرة سلطيّة أردنيّة تنتسب اليها زوجته السيدة هيلدا الباحثة التي زودت المركز بدراسات وترجمات، وكانت العون والسند للدكتور أنيس الذي ازداد اعتماده عليها بعد أن نجحت محاولة اغتياله الرابعة بإفقاده إحدى عينيه، وعدد من أصابع يديه.
حضر الدكتور ورفيقة عمره إلى عمّان لمشاركة الأصهار بأعياد الميلاد، ولكن أزمة قلبيّة دهمته نقل إثرها إلى مستشفى ( فلسطين)، وفارق الحياة ليلة الأحد 26 كانون أوّل 2009.
سينقل جثمان الدكتور أنيس إلى بيروت ليدفن قريبا من أسرته، والده ووالدته، وأخوته الذي رحلوا قبله
قبل أيّام أرسلت له الكلمة التي طلبها منّي إسهاما في كتاب يشرف على إصداره بمناسبة رحيل الصديق الكبير الأستاذ شفيق الحوت.
كنت أعرف حرصه، ودقّته، ونفوره من التسويف في المواعيد، لذا عملت على أن تصل الكلمة قبل الموعد بايّام...
برحيل المعلّم الكبير، المفكّر والباحث والأكاديمي، الذي لم تضعف دوره عملية الاغتيال الصهيونيّة، خسرنا أحد معلمينا الكبار، ولكننا نستلهم حياته هو الذي واصل العمل بداب، وعناد، وعقل شجاع، مفشلاً هدف تلك العمليّة الإجراميّة، ومبرهنا على شجاعة مثقف ومفكّر كبير كان سلاحه دائما الفكر والكلمة، والذي شكّل خطرا شديدا على عدو يرعبه الفكر المقاوم، فلم يجد بدّا من اللجوء عدّة مرّات لاغتياله...
عرفت الدكتور أنيس مؤمنا بفلسطين وبالأمة وحتمية وحدتها ونهوضها، كاتبا ثاقب النظر، محرّضا على الثبات على المواقف، متصديا لخطاب أوسلو، ولنهج التسوية منذ بدأه السادات، مجابها لحالة الإنهيار الفلسطينيّة والعربيّة الرسميّة.
تتلمذ على يديه عشرات الباحثين في مركز الأبحاث، ومجلّة شؤون فلسطينيّة، ومجلّة شؤون عربيّة، وفي الجامعة اللبنانيّة، ومركز البحوث والدراسات العربيّة في القاهرة...
قبل وصوله إلى عمّان بيوم واحد، كنّا الصديق عبد الله حموّده وأنا نتداول فكرة الإعداد لتكريم ثلاثة من رموز فلسطين: الدكتور أنيس صايغ، الأستاذ بهجت أبو غربيّة ( شيخ المناضلين في الضفتين)، الأستاذ المناضل والكاتب هاني الهندي أحد اقطاب حركة القوميين العرب...
الموت كما يفعل عادةً، غافلنا وفاجأنا باختطاف هذا الإنسان الفذ، المعلّم أنيس صايغ، أحد حُرّاس فلسطين القضيّة العربيّة المقدسة، كما كان يصفها دائما، هو الحريص على عروبتها لحمايتها من معسكر الأعداء...
ترك المفكّر الشديد الكبرياء، والإحترام للنفسن، المتواضع، المتقشّف و( الصوفي ) في حياته، الثاقب النظر، منجزا فكريّا هاما ستحتاجه أجيال المناضلين لتحرير فلسطين، ليسترشدوا به، والباحثين والمفكرين الذين سينهلون منه...
كتب عن لبنان الطائفي، وعن القضيّة الفلسطينيّة، ودرس شخصية القائد جمال عبد الناصر ـ هو الناصري الوفي ـ في كتابه ( مفهوم الزعامة السياسيّة). درس ميزان القوى العسكريّة بين الدول العربيّة و( إسرائيل)، وكتب ( في المقاومة). وعمل على التعريف بالقضيّة الفلسطينيّة في كتابه ( الجهل بالقضيّة الفلسطينيّة). ولأنه خبر الإرهاب الصهيوني، وفي وقت مبكّر، كتب ( ملف الإرهاب الصهيوني)..وفي حقبة اوسلو أصدر كتابه الهّام الذي حاجج طروحات جماعة أوسلو: 13 أيلول 1994. ومن بعد أصدر (الوصايا العشر للصهيونيّة).
من حسن الحّظ أنه أنجز مذكراته المدهشة، والتي صدرت في العام 2006.
رحيل المعلّم الدكتور أنيس صايغ خسارة فادحة لشعبنا الفلسطينين، وأمتنا العربيّة، وللفكر والثقافة العربيّة...
ولكن، ومع هول الخسارة، فقد أبقى لنا الدكتور أنيس ـ أقصد من يؤمنون بعروبة فلسطين، ومن سيتابعون المشوار جيلاً بعد جيل ـ زادا فكريا سيلهمنا، وسيرة حياتيّةً مجيدة، ستبقى نبراصا للشرفاء، والصادقين، والأوفياء المخلصين لفلسطين، والأمة العربيّة...
______
· موقع "كنعان":
http://kanaanonline.org/ebulletin-ar
· موقع "كنعان" من عام 2001 الى 2008:
http://www.kanaanonline.org/ebulletin.php
· الآراء الواردة في المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي إدارة الموقع أو محرري "كنعان".
· عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى "كنعان".
· يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان "كنعان" الالكتروني: mail@kanaanonline.org
كنعان النشرة الألكترونية
Kana’an – The e-Bulletin
السنة التاسعة ـ العدد 2113
26 كانون الأول (ديسمبر) 2009
الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | طلبة وشباب | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
---|
مقالات مختارة |
صوت اليسار العراقي صحيفة تصدرها نخبة من المثقفين والكتاب اليساريين العراقيين |
|
---|