<%@ Language=JavaScript %> صلاح حسن الموسوي ثورة العرب الثالثة
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

ثورة العرب الثالثة

 

صلاح حسن الموسوي

 

مثلما كان ظهور الفقراء على المشهد السياسي خلال الثورة الفرنسية امرأ  لم يتنبأ به احد, جاء تفجر الثورات العربية الجديدة بطليعة شبابية غير متحزبة مفاجأة لم يحسب حسابها في استشرافات التحليل السياسي لمستقبل المنطقة, وقبلها كانت ثورات أوربا الشرقية التي انطلقت من رئة الأنظمة الشيوعية وهي نقابات العمال وفي مقدمتها (نقابة التضامن) البولونية بزعيمها ليش فاليسا, وتمثّل عنصر المفاجأة في الثورة الإيرانية من خلال انتصارها بعقيدة دينية خلافا لواقع الطوفان الأيدلوجي العلماني الذي ساد في القرن العشرين, وقد وصف حينه احد الكتاب الغربيين الحدث الإيراني بالرصاصة التي انطلقت من القرن السادس لتستقر في جسد القرن العشرين  .

لقد اقترنت الثورات المتأججة حالياً  في العالم العربي بتوظيف تطورات التقنية العلمية وشبكات التواصل الاجتماعي لحشد الجماعات وتنظيم الاحتجاجات حيث  شاعت تسمية ثورات الانترنت او الفيسبوك, وقبل ذلك سميت الثورة الإسلامية في ايران بثورة (الكاسيت), وفي العالم العربي ابان الخمسينات والستينات نسب لانتشار استخدام راديو (الترانستور) الشائع حديثا الدور الكبير في نشر عدوى الثورة المصرية عام 1952في بقية الدول العربية من خلال خطابات جمال عبد الناصر والأناشيد الثورية لفناني مصر.

 تلعب التكنولوجيا دورا حيويا فيما يسميه المفكر عزمي بشارة (توحيد الزمن )  بالنسبة للجمهور وجعله أكثر تسيسا  حيث تستطيع صحيفة مهمة أو قناة تلفزيونية مؤثرة ان توحد خطاب يشد اكبر نسبة من الناس بغض النظر عن اختلاف المكان وبعد المسافة , وقد أشركت الفضائيات الجمهور العربي في الحدث التونسي عبر زمن موحد, وتحول هذا الجمهور فيما بعد من موقف المشاهد الى فاعل ثوري حاسم في جميع الدول العربية تقريبا. ومسألة التسيس هي التي تحول الحشود من صفة الجمهور الساكن الى صفة الجماهير الفاعلة . وعلى الرغم من اهميتها القصوى في الثورات والاحتجاجات العربية المتفجرة حاليا, لا تعتبر ادوات التكنولوجيا صانعة للحدث , بل  إرادة الشعب التي اعيد اكتشافها  بعد  ان غادر الناس حالة الخوف وانسلوا من بيوتهم الى الشوارع وساحات الاعتصام ليعلنوا انهم الشعب ويريدون اسقاط النظام , وحقائق الواقع التي تنضج الثورة على نار هادئة هي المسؤولة, وقد قيل ان الواقع يسخر من الجميع , خصوصا من الحكام المستبدين الذين اداروا ظهورهم لشعوبهم وقبلوا بدور الموظفين لدى القوى الخارجية , والمثال الصارخ هو حسني مبارك الذي قزم الدور المحوري والتاريخي لمصر و تصاغر الى حد العمل كحارس حدودي للأسرائليين وتجويع اهالي غزة , وعندما ثار الشعب المصري بطبقاته الواسعة لم تنجده طبقة المقاولين والسماسرة والبلطجية التي اعتمد عليها طوال فترة حكمه , لأن هذه الشراذم لاتملك قضية شريفة تدافع عنها. على العكس من الشباب الثائر الذين هم في الوقت ذاته( افراد جدد) يهزون باستمرار الوضع القائم .

 

اذا اعتبرنا الثورة العربية الكبرى عام 1916بقيادة الشريف حسين هي ثورة العرب الأولى في التاريخ الحديث حيث ساهمت بالتحرر من السيطرة العثمانية وتشكل الدولة الحديثة في اكثر من مكان في الوطن العربي , فأن ثورات الخمسينات والستينات (انقلابات عسكرية) في اكثر من بلد عربي تعد الثورة العربية الثانية لانها جاءت منسجمة مع تطور المجتمع العربي وحاجته الملحة للتغيير وتأسيس الجمهوريات والرد على التحدي المتمثل بإنشاء (إسرائيل) وتحجيم النفوذ الاستعماري وإطلاق مشاريع التحديث والتنمية, والثورة الحالية هي الثالثة وميزتها أنها شعبية بامتياز هدفها الرئيسي تحقيق الديمقراطية وإلغاء الأنظمة الأبوية الاستبدادية إلى الأبد.

ومع اختلاف مجريات الحدث الثوري بين مختلف الدول العربية التي شهدت الثورات والتي تعيش بعضها كمصر وتونس مخاطر هجوم ما بات يعرف بعناصر الثورة المضادة , ودخول الثورة الليبية في نفق التدويل وعجز الثورة اليمنية عن طرح البديل المقنع لعلي عبد الله صالح , يذهب الاستشراف لمستقبل عرب بعد الثورة إلى مايقارب نبوءة المفكر الفلسطيني الراحل هشام شرابي بانتهاء صلاحية النظام البطياركي (الأبوي ) المحدث والذي ابتدأ عهده مع دخول العرب في صدمة الحداثة بعد احتلال نابليون لمصر واستمرار هذا النظام طوال الثلاث قرون الماضية حيث شهد طغيان الفكر العلماني المجسد بالليبرالية والأيدلوجيات القومية والماركسية , وقد شخص شرابي الحركات الأصولية الإسلامية باعتبارها القوة  التي ستوجه الضربة القاضية لهذا النظام ,  يدخل  العرب بعدها في حقبة جديدة مجهولة الأفاق, وهي بالطبع تختلف عن حقبة النظام الأبوي القديم الذي بدأ من مرحلة العصر الجاهلي الأول وحتى غزو نابليون   لتبدأ مرحلة النظام الأبوي المحدث والذي نعايش تصدعاته المميتة عبر الفشل الذريع لأنظمته السياسية في إبرام السلام مع شعوبها .

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا