<%@ Language=JavaScript %> القس لوسيان جميل قتلى الإحتلال

 |  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

 

قتلى الإحتلال

 

القس لوسيان جميل


ـ"
كي لا تلتبس الأمور علينا: ـ


اذن، لكي لا نخلط نحن ايضا بين مفهوم الشهادة بمعناه الديني وبين مفهوم الموت في سبيل غايات وأهداف مدنية ودنيوية اخرى، علينا ان نضع امام انظارنا بعض السمات التي تتميز بها الشهادة عما سواها. وعلى النحو التالي: ـ


ـ1- الموت في سبيل الله: من السمات التي تعرف الشهادة وتميزها عن أي ميتة اخرى ان يكون موت الانسان في سبيل الله وفي سبيله وحده، وليس من اجل الطائفة او المذهب او العشيرة او القومية او الطبقة الاجتماعية، او من اجل مصلحة شخصية او من اجل أيديولوجية يمكن ان تعمل تخريبا بمشاعر الانسان وتريه الحق باطلا والباطل حقا، احيانا كثيرة، ولا حتى من اجل الوطن، إلا بمعنى مجازي. ـ


ـ2- مجانية الشهادة: فالمجانية علامة من علامات الحب الحقيقي. فمن يموت اثر ثمن مدفوع سلفا، أي ثمن كان، ومهما كان شريفا، قد يأسف عليه الناس ويكرمونه، مثلما يعمل صاحب معمل بعامله الذي يموت جراء خدمته في المعمل، لكنهم لا يسمونه شهيدا. ـ


ـ3- ان يموت الانسان بحريته: اما الحرية هنا فتعني امكانية الاختيار بين الموت المشرف وبين الحياة الذليلة المهانة. اما من يقتل بدون ان يكون له حق الاختيار فلا يسميه احد شهيدا، اللهم إلا في حالات المغامرة الحرة عندما يعرف صاحبها بوجود امكانية موته في المغامرة من ـاجل قضية نبيلة، ولاسيما اذا كانت القضية دينية او قضية تعود الى الفضيلة. وبما ان الحرية مهمة لتكون الشهادة شهادة حقيقية فإننا نرى ان من تم غسل دماغه لكي يؤدي عملا يموت من جرائه لا يمكننا اعتباره شهيدا، لأن من تم غسل دماغه لا يمكن ان يتمتع بحرية كاملة. كما ان من يساق الى الموت بدون علمه لا يسمى شهيدا ايضا. ـ


ـ4- الشهادة تـُعرف من ثمارها: نعم ان الشهادة تعرف من ثمارها، كما تعرف الشجرة من ثمارها ايضا. فإذا مات الانسان من اجل قضية نبيلة يرضي بها الله والإنسان فان العالم سيعتبر هذا الانسان شهيدا لأنه سيكون شاهدا على الخير والنبل والحب، اما اذا مات هذا الانسان بعد ان خلف وراءه البغضاء والحقد والاضطراب والألم، فان ذلك الانسان لن يكون شاهدا إلا على السوء ولن ينظر احد الى هذا الانسان كشهيد مقبول عند الله والبشر، لاسيما وان صوت الله من صوت الشعب، في غالب الأحيان. ـ


قتلى الإحتلال: ـ
مما تقدم يمكننا ان نستنتج بأن جميع العراقيين الذين ماتوا في الجوامع والكنائس وفي الحسينيات وفي الأسواق وخيم العزاء، سواء قتلوا على يد المحتل الأمريكـي مباشرة، او على يد الميليشيات التي تعيث بالعراق فسادا، لا نستطيع ان نسميهم شهداء، حتى وان كانوا جميعهم ابرياء، مثلما كان كثير من رجال الدين مسلمين ومسيحيين ومن قتل معهم من الحرس والمرافقين ابرياء، لكننا نسمي هؤلاء جميعا ضحايا الاحتلال والفوضى التي نتجت عنه. اما وان يركز اعوان المحتل على كون هؤلاء شهداء فذلك ناجم عن ارادة المحتل الشريرة وإرادة اعوانه في التنصل من مسؤولية قتل هؤلاء وإلقائها على منفذي القتل فقط، وكأن الحرب هي حرب بين مسلحين ( يسمونهم ارهابيين ) وبين الشعب العراقي، وليست بين المحتلين من الداخل والخارج وبين الشعب العراقي. ـ


المسيحيون ايضا ضحايا: ـ
اذا كان الشعب العراقي برمته ضحية الفوضى الخلاقة التي ابتدعها الأشرار في البيت الابيض، ونتيجة العدوان الهمجي على بلدنا الآمن، فان المسيحيين حالهم حال الآخرين، ليسوا هم ايضا، سوى ضحايا الهمجية الأمريكية وعدوانها على العراق. غير ان المسيحيين، حالهم حال الآخرين، ليسوا فقط ضحايا المحتل، ولكنهم ايضا ضحايا اشباه المسيحيين وأشباه السياسيين العملاء الذين حاولوا بوسائل عنيفة وتضليلية، وعن طريق رشاوى كثيرة، جر المسيحيين الى صف المحتل الأمريكي والى جانب مؤامراته على العراق والعراقيين، فكانوا وبالا على سلامة المسيحيين وأمنهم، كما هو معروف. كما شارك مرض الأقليات في دفع البعض من المسيحيين الى اخذ جانب المحتل والدفاع عنه بشكل سافر، طمعا بحماية او بمنصب او بامتياز معين، مما شكل استفزازا حقيقيا للشعب العراقي بأغلبيته. ـ


اما رجال الدين المسيحي فقد فشلوا فشلا كبيرا في التأثير على مسيحييهم وردعهم عن المشاركة مع المحتل بأي شكل كانت هذه المشاركة، وذلك لأن رجال الدين هؤلاء اخفقوا من البداية في التمييز بين الانقلاب الداخلي والاحتلال، فتصرفوا مع الاحتلال وكأنه امر مشروع ووضع راهن، في حين ان الاحتلال خطيئة عظيمة وظلم كبير بكل المقاييس. فمن سار من رجال الدين في مسيرة تطلب الحماية للمسيحيين، ربما لا يعرف انه يشارك في مؤامرة كبيرة ضد العراق والعراقيين، وان حطب هذه المؤامرة هم المسيحيون انفسهم، ولذلك لا يسعنا ان نقول لمثل رجال الدين هؤلاء: انك يا غبطة ويا سيادة ويا حضرة تسير في الطريق الخاطئ . (التأكيد من قبلنا) ـ


فإذا كنتم تعرفون يا سادتنا الأفاضل هذه الحقيقة فتلك مصيبة، وإذا كنتم تجهلونها فالمصيبة اعظم. ولكن ماذا نقول: اذا كان رب البيت بالدف ناقرا فشيمـة اهل الدار كلهـم الرقص. وإذا كان اعمى يقود اعمى، كما يقول السيد المسيح، موجها كلامه للفرنسيين، فكلاهما يسقطان في حفرة. وقانا الله من شر حفرة المحتلين وأذنابهم."ـ


القس لوسيان جميل


تلكيفمحافظة نينوىالعراق

ـ14 تشرين الثاني 2010

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

 

 صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org 

 
 

 

لا

للأحتلال