<%@ Language=JavaScript %> مفيد قطيش أيها الشيوعيون.. إنها لحظة للحقيقة
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

أيها الشيوعيون.. إنها لحظة للحقيقة

 

 مفيد قطيش

/ السفير 19/2/2011

 

التحية والشكر لشعبي تونس ومصر على هذه المبادرة التاريخية المتمثلة في إيقاظ الشعوب العربية على اختلاف انتماءاتها. انها بالفعل لحظة حقيقة للمراجعة، للاستيعاب وللنهوض من جديد.

ونحن الشيوعيين شريحة من هذه الأمة لنا رؤيتنا لمشاكلها ولأوضاعها. ولنا رؤيتنا لمسارات تطورها وأساليب تحقيق هذا التطور. نتفق مع كثيرين حول بعضها ونختلف مع آخرين. وهو أمر طبيعي. ونحن في صفوفنا، على المستوى العربي والوطني نعاني من خلافات وتفاوت في الرؤى والتطلعات. وكان هذا أمراً محتملاً وطبيعياً إلى ما قبل ما سُمّي بالانهيارات الكبرى والأزمات التي طالت المنظومة الاشتراكية السابقة وهزيمة حركة التحرر الوطني العربية وهزيمة الحركة الوطنية اللبنانية. غير أن الأمر تفاقم بعد هذه التحولات لدرجة ان أحزاباً تعرّضت إلى انقسامات وإلى تراجع وترهّل وضعف في أدوارها وصل حد انعدام الفعالية.

لقد فتحت هزيمة حركة التحرر الوطني العربية الباب أمام خيارات الخيانة والالتحاق بالامبريالية لأنظمة عربية وازنة، وشرذمت فصائل هذه الحركة. وما كان لهذا الأمر الا ان ينعكس على الحركة الشيوعية واليسارية العربية.

وفتح انهيار الاتحاد السوفياتي وفشل أول تجربة اشتراكية الباب أمام التشكيك بكل شيء، بما في ذلك بالأسس الفكرية. غير أن جزءاً كبيراً منه دفع إلى حالات من التخلي والانتقال إلى الطرف النقيض.

وعلى الرغم من المسيرة المشرفة للحركة الشيوعية واليسارية في لبنان التي مشت بعكس تيار الهزيمة منذ 1967 والدور الذي لعبته في التصدّي للهجمة الامبريالية واطلاقها حركة المقاومة الوطنية اللبنانية، فإن الحركة الوطنية اللبنانية ـ ثمرة السياسة التحالفية الأصيلة للشيوعيين اللبنانيين تعرّضت هي الأخرى لهزيمة، فأبعدت القوى اليسارية عن مركز الفعل المقاوم، ودفعت إلى الواجهة قوى طبقية واجتماعية أخرى، لعبت دوراً مهماً في إنجاز تحرير الأرض الذي بدأته المقاومة الوطنية من بيروت الى ما سُمّي بالشريط الحدودي، وتحقق انتصار تاريخي على العدو الصهيوني تجدّد في حرب تموز 2006. هذه الوقائع أدخلت عناصر توتر الى صفوف الحزب الشيوعي اللبناني والحركة اليسارية مصدرها اختلاف المواقف من مسار الأحداث ومن القوى الاجتماعية الجديدة والقديمة، ومن التعاطي مع المستجدات على الصعيد العربي واللبناني ـ من العراق إلى فلسطين وإلى لبنان. وجرى استقطاب في المواقف كانت المسافة بين طرفيه شاسعة لدرجة بات من الصعب معها الحديث عن حزب واحد او حركة يسارية واحدة. والمحصلة لهذا كله حزب ضعيف، يضمر عديده وتتكلس بنيته ويبقى عصياً على استيعاب الأجيال الشابة، يفتقر إلى علاقات تحالفية ضرورية، تحيط به تجمعات خرجت من رحمه لأسباب مختلفة، طلّق بعضها تقاليده الثورية بحجج ومبررات مختلفة. هذا توصيف قد يكون ناقصاً أو مجحفاً لا تسمح المناسبة للغوص فيه أكثر.

ان اللحظة الراهنة بمكوّناتها العالمية والعربية واللبنانية تشكل أساساً لوقفة تأمل وتفكير ربما أسست لانطلاقة جديدة لإعادة إنتاج حركتنا ـ فكراً وممارسة وتنظيماً وعلاقات داخلية وعلاقات بمحيطنا من الأصدقاء والحلفاء والأعداء. فالحاجة لدفع التحرر الوطني بالاتجاه الصحيح بات يتطلب منا رهننة الفكر الماركسي الذي نحمل وتوطينه في بلادنا ليحاكي مشاكلها ويقدم المخارج لاستعصاء التطور ويحرر أمتنا من تبعيتها البنيوية للامبريالية.

صحيح ان التجربة الاشتراكية قد فشلت. لكن النظام الرأسمالي المعاصر الذي انفتحت أمامه آفاق توسّع أفقي وعمودي دخل في أزمة عميقة زادته تعفناً وطفيلية واستبداداً تؤشر كلها إلى بلوغه حدوده التاريخية. انه يستدعي بناء القوى الذاتية القادرة على وضع حد لوجود نظام الاستلاب والتدمير واستبداله بنظام العدالة والمساواة ـ الاشتراكية.

وصحيح ايضاً ان حركة التحرر العربية تعرّضت لهزيمة قاسية. لكن الهزائم لا تفعل باتجاه واحد. انها من لحظة وقوعها تبدأ بانتاج القوى المؤهلة للخروج منها. وها نحن نشهد أمثلة على تبلور هذه القوى من المقاومات العربية المختلفة من فلسطين الى العراق إلى لبنان وعلى أمثلة حية لهذه القوى في انتفاضات تونس ومصر وارهاصات التغيير في اليمن والأردن وغيرهما.

وصحيح ايضاً اننا تعرضنا في لبنان إلى هزيمة أدخلت لبنان في دوامة انتاج واعادة انتاج نظام خنق ويخنق مسارات تطوره، ويدفع بشبابه إلى الخارج، يسمم البيئة الطبيعية والروحية فيه، لكن التصدي لمحاولات اخضاع هذا البلد للآلة الاميريالية ـ الصهيونية في المنطقة فشلت، وقدمت مقاومة العدوان الصهيوني على اختلاف تلاوينها دروساً في التصدي لمحاولات رسم مسارات هي اطار لتعميق تبعيته. ولأن المقاومة بقيت محصورة في هذا الجانب ولم تتصد لجوانبه الأخرى على المستوى الاقتصادي ـ الاجتماعي والسياسي بقيت آثارها محدودة ومهددة بالضياع. ومع ذلك فإنها تقدّم أفقاً لقوى التحرر اذا ما سارت باتجاهه تدفع البلد إلى الأمام.

اليوم، عشية انفتاح آفاق جديدة أمام حركة التحرر الوطني العربية، آفاق من شأنها ان تعيد لهذه الأمة موقعها ودورها ليس في المنطقة وحسب وانما في العالم، لن يبقى مقبولاً التعاطي مع الواقع العربي كأن شيئاً لم يحدث او ان ما يحدث بعيد عنا. من هنا فإن مبادرة جديدة لتوحيد الشيوعيين باتت أمراً أكثر من ملحّ. ان ما يملي ذلك هو الانحياز لفكرنا ولمشروعنا الانساني الكبير ـ مشروع التحرر من كل ظلم واستلاب واضطهاد.

باستطاعتنا إعادة إنتاج حركتنا ـ حزباً ويساراً ـ بالاستناد إلى برنامج تحرّري قومي، اقتصادي ـ اجتماعي، سياسي وفكري ديموقراطي منفتح ومرن، يشارك في صياغته كل المخلصين لهذه القضية ما عدا الذين انتقلوا إلى مواقع معادية انتماء وممارسة. نفتح حواراً مسؤولاً منهجياً وهادفاً نستخلص منه العبر والدروس، نسعى لتوظيفها في بناء حركتنا. شرطنا الوحيد في ذلك الانحياز الصادق للمشروع التحرري ولتحقيق مهماته.

 

[ عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا