<%@ Language=JavaScript %>
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

الجاليات وإحياء ذكرى النكبة

 

لنحوّل حق العودة إلى قضية رأي عام

 

 

محمد بهلول

 

في الخامس عشر من أيار؛ تحل الذكرى الثالثة والستين للنكبة الفلسطينية، والتي هي العنوان الرئيسي لما سمي لاحقاً "القضية الفلسطينية"، وإن كان الاحتلال الإسرائيلي لما تبقى من أراضي فلسطينية وأجزاء واسعة من أراضي الدول العربية المجاورة عام 1967 قد أعطى أبعاداً جديدة للمشروع الصهيوني في المنطقة، وهو ما عكس نفسه بالتالي على أولويات المشروع الوطني الفلسطيني، إلا أن ذلك لا يلغي العنوان الأساسي للقضية الفلسطينية، ويجعل من الأوهام إحلال سلام في المنطقة دون مراعاة الحقوق الأساسية للاجئين الفلسطينيين، والذين يمثلون ثلثا الشعب الفلسطيني.

إن الحق الأساسي للاجئ الفلسطيني المتضرر الرئيس من النكبة يتمثل بإقرار حق العودة إلى دياره وممتلكاته، ومن المفيد هنا التأكيد على أن هذا الحق يتعدى الحق الإجرائي العملي إلى الإقرار ببعده السياسي، أي تحميل إسرائيل ومن قبلها المؤسسة الصهيونية، وتواطؤ الدول الغربية، أي تحميلها جزءاً من المسؤولية أيضاً؛ السياسية والأخلاقية عن النكبة بأبعادها المختلفة الإنسانية والسياسية والعملانية، وذلك على المستويين الجماعي (مجمل اللاجئين) أو الفردي.

إذ أخذنا الجانب الإنساني ألا وهو الفلسفة الأشمل للبشرية، بما تمثله من أفكار وقوانين ومقولات وآليات تضبط العلاقة الجدلية بين الحريات والحقوق الفردية والحريات والحقوق الجماعية، وهي الفلسفة التي تعتنقها مليارات البشر على مستوى العالم ولا سيما في الدول الغربية، بمعزل عن التزام حكوماتها، نرى أن الحق الفردي للاجئ تضمنه فلسفة الحرية والملكية الشخصية، أما على المستوى الجماعي فتضمنه فلسفة الحريات والحقوق والملكية الجماعية.

إن الإقرار والاعتراف بمسؤولية إسرائيل السياسية عن النكبة، هو الذي يمثل البُعد الجماعي المعنوي لحقوق اللاجئين كجماعة، ويعني تلقائياً تراجع السردية الصهيونية لصالح السردية الفلسطينية ـ العربية، وهذا بالضبط ما يفتح الطريق أمام سلام حقيقي عادل نسبياً، سواء من خلال دولتين أو دولة ديمقراطية واحدة على كامل أرض فلسطين الانتدابية، في حين تمثل الإجراءات العملانية أي التفصيلية لتحويل حق العودة إلى واقع، البعد الفردي لهذا الحق، وهو بعد يعود أساساً إلى اللاجئ الفلسطيني كفرد.

بدون هذا الإقرار لا يمكن الحديث عن سلام حقيقي واعد، بل وفي أحسن الأحوال عن تسوية مؤقتة، فالحل بالأساس سياسي محوره الفلسطينيون والإسرائيليون، لكن الوصول إلى هذا الحل لا يمكن دون عملية تغيير وضغط في موازين القوى على المستويين الإقليمي والدولي، والتي أساسها ليس فقط المصالح بين الحكومات، بل الإقرار والقبول والضغط الشعبي وعلى كافة المستويات والأصعدة، ولذلك فإن المعركة في هذا السياق تأخذ أبعاد جديدة باعتبارها قضية رأي عام.

إن معركة الرأي العام تتمحور أساساً في الدول المؤثرة، حيث للشعوب تأثيرها المتعاظم في رسم السياسات، كما للشعوب ثقافتها وفلسفتها البعيدة "جزئياً" عن ثقافة المصالح الضيقة، وفي هذا السياق تبرز شعوب الأمريكيتين وأوروبا كموضوع رئيسي لهذه المعركة الحاسمة بشأن حق العودة، ولهذا فإن للجاليات الفلسطينية في كل من الأمريكيتين وأوروبا دوراً حاسماً لكسب معركة حق العودة، والقدرة لتحويلها إلى قضية رأي عام ضاغط.

إن أساس عمل الجاليات سلسلة متكاملة من محاور العمل السياسية والاجتماعية يكمل بعضها الآخر، وإن كان محور حق العودة يستند أساساً على قدرة الجالية للاندماج في المجتمعات المضيفة والانخراط في حياتها السياسية والاجتماعية والثقافية، فلا يمكن في ظل التقوقع والانعزال ومحاولات بناء المجتمع الخاص أن تثمر في جذب قطاعات واسعة ومتزايدة يوماً إثر يوم من الشعوب المضيفة، بل على الضد فإنها تؤدي إلى نتائج عكسية وسلبية.

إن حركة اللاجئين تتجه نحو مزيد من الاتساع والرسوخ، وهي تعبر عن ذلك بشكل خاص في الأحياء المتواصل والمتصاعد لذكرى النكبة، إلا أن هذه الحركة لم تتمكن من تصويب موقف المفاوض الفلسطيني لصالح الالتزام بحق العودة إلى الديار من جهة، ومن الجهة الأخرى لا زالت قاصرة عن تحشيد الرأي العام سواء على المستوى العربي أو الدولي، ليشكل إسهاماً فعلياً للتضامن مع حركة اللاجئين وحقوقها.

إن الجاليات في الأمريكيتين وأوروبا مدعوة لإزالة العراقيل أمام قيام مؤسسات للاجئين، وبما يعزز الاتجاهات الديمقراطية فيها، ويعزز من موقع البرنامج الوطني الفلسطيني، والذي يتم تجاهله لصالح المشاريع السياسية الفئوية الخاصة.

إن إحياء الذكرى الثالثة والستين، وضمن فعاليات مناسبة تفرضها ظروف وواقع كل جالية يجب أن يركز على البعد التضامني للشعب المضيف ولأحزابه ومؤسسات مجتمعه المدني خطوة نحو كسب معركة الرأي العام.

المطلوب أعداد إستراتيجية شاملة دائمة للدفاع عن حق العودة، وحشد وتوحيد كل الإمكانات داخل الساحة الفلسطينية وخارجها، من أجل جعل المطالبة بعودة اللاجئين قضية رأي عام عالمي. إن جميع أطراف الطيف السياسي الفلسطيني واللاجئون أساساً مدعوون للاتحاد على تجميع كل الجهود وهي هائلة إذا اتحدت.

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا