إعداد وتقديم
زامل عبد الرحمن
دار الشهد للطباعة والنشر / دمشق
الطبعة الأولى 2010
2010
1000 نسخة
الفقيد حسين سلطان صُبّي
1920 ــ 1992
الإهداء
إلى روح الفقيد
حسين سلطان صُبْيِ
المقدمة
بعد صدور الجزء المتيسر من مذكرات المناضل الفقيد
حسين سلطان صُبّيِ
بعنوان ( أوراق من حياة شيوعي . . . حسين سلطان
صُبّي ) عز على البعض من حثالات الشيوعيين
العراقيين وغيرهم أن يُمَجد وتكتب سيرته وخصوصاً
للجيل الصاعد من أبناء العراق الغيارى لذلك حاولوا
الإساءة للفقيد بمعسول الكلام وبعد عن عجزوا من
إيجاد ثغرة في مسيرة الرجل ينفذون من خلالها إلى
مآربهم الخسيسة، لجأوا إلى استغلال قراره الشخصي
بالعودة إلى الوطن في منتصف عام 1989 بعد أن حصل
ما حصل من انتهاكات للتقاليد الحزبية والالتزامات
الوطنية اللازم توفرها في قيادة الحزب الشيوعي
العراقي وبعد أن عجز ويأس من إصلاح تلك القيادة
المنحرفة، لذلك قرر العودة إلى الوطن حفاظاً على
وطنيته وتاريخه المجيد متخلصاً من تخبطات قيادة
بائسة تاجرت بكل شيء من أجل الحفاظ على مراكزها
ومصالحها الشخصية، لينتهي بها الحال لتكون جزءاً
من الأجندة الأنكلو ـ أمريكية لاحتلال العراق
وتابعاً ذليلا لفئة معينة من الأحزاب، بحجج وذرائع
واهية وليتربع الزعيم في مجلس الحكم صامتاً بعد أن
تمت تزكيته من قبل بول بريمر الحاكم الأمريكي
المدني للعراق وليستمر في صمته ضامناً كرسيه في
التشكيلات اللاحقة وآخرها ما يسمى بمجلس النواب،
وأخيراً خرج من صمته ليُسْتَهْزئ به من قبل رئيس
المجلس محمود المشهداني قائلا :
( وأخيراً نطق حميد مجيد موسى )،
ليعــلن بعدها تأييده
للاتفاقية الأمنية المذلة مع المحتلين الأمريكان
باعتبارها أفضل السيئات، هكذا هي سيرة منتقدي حسين
سلطان وأتباعهم من ركاب القطار الأمريكي في مقصورة
الخيانة الذليلة .
كثيراً ما سُؤل أبو علي ( الفقيد حسين سلطان ) عن
أسباب العودة من الناس الذين زاروه أو التقى بهم
بعد عودته من المنفى، الأصدقاء والأقارب والجيران
وبعض الرفاق فكان يشرح للمطلعين والمتابعين منهم
لمسيرة الحزب أو جزء منها بعد الهجرة الجماعية،
تفاصيل ما وصلت إليه الأمور في قيادة الحزب
وخصوصاً بعد ما يسمى بالمؤتمر الرابع عام 1985
والتجاوزات والخروقات الحزبية واللا أخلاقية أما
الغرباء منهم فكان يجيب على سؤالهم بالمثل
الشــــــــــــعبي المــشهور ( إليدري يدري ولما
يدري كضبة عدس ) .
عندما عرف المرحوم أبو هشام ( محمد حسن مبارك )
وكان حبيس الدار ومنقطعا حزبياً عن عودة أبو علي
إلى العراق، فكان تعليقه على الموضوع : بالتأكيد
حصلت أمور غير طبيعية في الحزب وقيادته أدت بأبو
علي إلى اتخاذ هذا القرار، هذا كان جواب من يعرف
أبو علي جيداً ورافقه فترة طويلة ويعلم مدى وطنيته
ومبدئيته وصلابته ورحل الفقيد أبو هشام دون أن
يعرف تفاصيل ما جرى، أما من كان ضمن المافيا التي
سيطرت على قيادة الحزب أو توابعها الذليلة من رفاق
أبو علي وعارفي مواصفاته تلك فقد صمت بعضهم ولجأ
البعض الآخر إلى محاولة الطعن والتشويه لمسيرته
الطويلة والنزيهة عسى أن يتمكن من تقزيم هامته
الكبيرة قياســـــــــاً إلى هامات أقرانه من بائعي الضمير والقيم والمبادئ بأبخس
الأثمان.
عاد أبو علي إلى وطنه بأوراق عراقية رسمية وعلناً
واضعاً أمامه كل الاحتمالات، ولم يدخل بلده على
الدبابة الأمريكية أو بحماية طائرات المحتلين .
في أحد مراسيم الخطوبة لأحد أبنائه وقبل وفاته
بفترة قصيرة ولتعريف الحضور بنفسه وعائلته قدم
أبو علي نبذة مختصرة عن تاريخ عائلته وحياته
وختمها بحكاية عراقية مأثورة قائلا : في جنوب
العراق وبعد ثورة العشرين المباركة حاول الانكليز
كسب العشائر وشيوخها بعد أن تلقنوا الدرس جيداً في
الثورة، وخلال زيارة ضابط انكليزي شاب لأحد شيوخ
العشائر التي لها صولاتها وجولاتها في الثورة وجده
مصاباً بمرض الرعاش ورأسه يهتز على رقبته، فحاول
ذلك الشاب الطائش الاستهزاء بالشيخ سائلا عن سبب
اهتزاز رقبته، فهب رجال الشيخ لتأديب الضابط
والفتك به، ولكن الشيخ سيطر على الموقف وهدأ من
روع الرجال وأجاب الضابط بالقول " تهتز ما تهتز
هذا آنا " ليسري هذا القول كالأهزوجة أو المثل بين
القوم. وختم أبو علي حديثه بالقول لا يسعني بعد كل
هذا إلا أن أكرر قول الشيخ الجليل " تهتز ما تهتز
هذا آنا " .
هذا الكراس هو مجموعة من المقالات والذكريات التي
كتبها رفاق وأصدقاء حسين سلطان الأوفياء والمخلصون
بالإضافة إلى بعض الأوراق التي تؤرخ لمسيرة ومواقف
أبو علي والظروف التي عاد بها إلى بلده ولم تنشر
في مذكراته لسبب أو آخر، لتكون رداً على كل من
يحاول تشويه مسـيرة المناضل
حسين سلطان صُبّي .
ختاماً نقول " تهتز ما تهتز هذا هو حسين سلطان "
المجد والخلود للإنسان الكادح
والمناضل الصبور والجسور حسين سلطان صُبّي .
زامل عبد الرحمن
أوراق من حياة شيوعي
حسين سلطان صُبّي 1920- 1992
باقر إبراهيم
صدر في دمشق عن دار كنعان ومؤسسة عيبال للدراسات
والنشر كتاب ( أوراق من حياة شيوعي - حسين سلطان
صُبّي)، إعداد خالد حسين سلطان .
وسبق أن نشرنا في عدد من المواقع منها موقع الكادر
وموقع ثوابت وغيرها من المواقع الأخرى، طبعة
الكتاب الذي صدر في بغداد بعدد قليل من النسخ. وقد
أضيف له فصل جديد يتناول حديث المرحوم حسين سلطان
عن المعتقلات والسجون أعوام 1949- 1950 الذي قمت
مؤخرا بإفراغه وتنقيحه عن الأشرطة المحفوظة لدي
بصوت حسين سلطان .
وحينما زارني حسين في منفاي في براغ، قادما ً من
بغداد، في حزيران عام 1990، كنت أشعر، وهو يشعر
معي بأنه يعيش مدته الأخيرة. لذلك استجاب بترحيب
لمحاولتي تدوين مسيرة حياته النضالية التي وضعت في
مقدمة فصول الكتاب بعنوان ( حسين سلطان – نصــف
قرن من نضال لا يكــل )، منقولة عن مذكراتي .
أتذكر نكته معبرة للمرحوم زكي خيري، إذ بعد اغتيال
اثنين من قادة الحزب هما الشهيدان ستار خضير وشاكر
محمود، بذلنا الجهد لجمع المعلومات عن سيرتهما
النضالية لنشرها في صحافة الحزب. عندها علق
المرحوم زكي خيري قائلا :
الأحسن إن يكتب كل واحد منكم تاريخ حياته منذ الآن
وتحفظ لدى الحزب لتكون جاهزة للنشر بدون عناء !.
في بداية لقائنا، قال لي حسين سلطان معاتبا ً،
حينما عدنا إلى العراق كنا نتوقع أن تعودوا، أنت
والآخرون بعدنا، ولم يتم ذلك. وقال : صدقت أم علي
( المرحومة زوجته )، حينما قـالت : أنهم لن يعودوا
!
قلت: حسنا فعلت حين عدت أنت يا أبو علي ، ولكن
ماذا حققتم من نتائج؟ أنت نزيل الدار وزائروك
وتلفونك وخطاباتك تحت الرقابة، لم توافق السلطة
حتى على منحكم صحيفة، وأنتم كونتم نخبة ممتازة من
المناضلين، ومن جميع الاتجاهات الوطنية .
ومما يجدر ذكره أن تلك النخبة ضمت علائم مضيئة في
نضال الأمس ونضال اليوم أمثال وميض عمر نظمي وسعد
ناجي جواد وغيرهما .
عند ذاك هدأ روع أبو علي وواصلنا صفاء العلاقة
المعهودة .
سيجد القارئ لأوراق حسين سلطان، كم كانت معاناته
وتضحياته وتضحيات عائلته كبيرة، بسب جور أنظمة
الاستبداد، ومنها النظام السابق : اقرأوا مصير
ولديه الشهيدين عماد وظافر!
ومع ذلك، فهذه الوثيقة الهامة ( الكتاب ) تحدث
جيلنا والأجيال القادمة كيف تجاوز حسين سلطان
معاناته الشخصية. انها تحدثنا عن كبر نفسه، عن
مصداقية وطنيته، ورفضه سياسة الخنوع تحت راية
أعداء العراق وغزاته، بحجة الذريعة المتهافتة :
الخلاص من الدكتاتورية !
رفض حسين سلطان، ورفض الألوف من الشيوعيين
الصادقين، وغيرهم من الوطنيين، أن يقولوا ما قاله
آخرون : فلـتأت أمريكا ولتأت إسرائيل لتنقذنا من
جور الاستبداد ! وها قد جاءتا أمريكا وإسرائيل ،
ورأوا، هم < الإنقاذ >!
أن المصداقية المبدئية لحسين سلطان ما هي ألا
تجسيداً للمصداقية وللثبات المبدئي للإلوف من خيرة
المناضلين الشيوعيين، داخل الوطن وفي بلاد
المهاجر. وهؤلاء، كانوا بالأمس، وهم أنفسهم اليوم،
وغداً، حملة الإرث النضالي المجيد للشيوعية
العراقية .
من المفيد الإشارة على إن هذه الوثيقة، قد أعطت
مناضلا باسلا حقه حين تناوله النسيان، هو المرحوم
محمد حسن مبارك ( أبو هشام ) .
ما يؤسف له، أن حسين سلطان حاول أن يسجل بصوته
أيضاً ذكريات كثيرة عن فترات انشقاق الحزب أعوام
1952- 1956 وعن انتفاضة تشرين الثاني 1956، وعن
الإحداث ما بعد ثورة 14 تموز 1958 ، لكن كانت
أحاديث مبتورة وبأشرطة رديئة، وأن ما نشر في هذا
الكتاب الصغير، هو كل ما أمكن جمعه وتدوينه .
لا بد من الاعتذار للكثيرين ممن كتبوا عن حسين، أو
الآخرين الذين كانت لهم الإمكانية لإغناء الكتابة
عنه بفضل صلتهم الوثيقة به. ويسرني أن اذكر أن
الصديق العزيز شاكر السماوي كان قد أهدى كتابيه (
اللاديمقراطية عربياً ) بجزئيه الأول 1993 والثاني
1997 ، بالكلمة التالية :
< أيها الواهب الحي في ذاكرة كل شريف رفيقي الراحل
حسين سلطان
لذكراك الرافلة بالصدق والعطاء أهدي هذه الباقة من
الصبوات المطرزة بالجراح
وتلاوين الحلم الذي غادرنا ورفضنا أن نغادره .
انها شارة عرفان ووفاء في زمن يلتف على الروح
كالانشوطة
اذ استشرى فيه العقوق وصدأت الذمم .>
كما يسرني أن اذكر أن شاكر السماوي وعد بالمزيد من
الكتابة عن الراحل حسين سلطان .
تحية للدور المشهود لخالد حسين سلطان، الذي أعد
الكتاب وقدم له، والشكر للصديق العزيز الذي أحتفظ
بأمانة بالأشرطة المسجلة بصوت حسين سلطان .
الشكر لكل من ساعد في إصدار الكتاب بطبعته الجديدة
في دمشق وفي المقدمة العزيز د. محمد جواد فارس،
ولتبرع الأخ ( أبو ستار ) بالقسم الأكبر من تكاليف
الطبع، إضافة إلى مساهمة المناضلين والعوائل في
مدن السويد وبلدان أخرى .
الدنيا بخير ما دامت العواطف الطيبة تتلاقى، وما
دامت القلوب تظل تتصافح على دروب الخير.
14
حسين سلطان حمادي *
كاظم فرهود
كان أحد عمال النسيج في النجف، وكان يعمل في بيته
لحساب بعض تجار " اليشماغ "، هو من أسرة عربية
صميمة وينتسب إلى عائلة الشهيد كاظم صبي أحد قادة
ثورة النجف ضد الانكليز والذي اعدم هو ونخبة من
إخوانه الثوار البواسل . . . إذن هو كما يقول
المثل الشعبي " . . هذه الورقة . . من تلك الشجرة
" .
عرف حسين كادحاً منذ نعومة أظافره، فقد نال نصيباً
متواضعاً في التعليم إلا أنه اكتسب من الحياة
ثقافته العامة ونضج تفكيره من خلال الاحتكاك
والممارسة. عاش زهرة شبابه بين عمال النسيج مؤيداً
بحبهم وثقتهم فلم تهن عليه حياتهم الشقية البائسة
وعرف الاستغلال وبشاعته من خلال الحياة اليومية.
وفي فترة ما من حياته عاش أزمة فكرية شديدة قال
عنها فيما بعد مــا يلي :
" . . . كنت في أزمة شديدة فكرية ونفسية . . لم
يكن فقري سر أزمتي . . بل الأزمة الكبرى هي كيف
أجد طريقي إلى التحرر من الفقر والحاجة. لم أكن
راضياً عن موقفي في المجتمع، ولا مقتنعاً بعزلي عن
المشاركة فيما أعتبره تكاملاً طبقياً مع أخوتي
العمال " وبعد البحث والمعاناة وجد في الحزب
الشيوعي ضالته، فكان انتسابه للحزب في بداية
الطريق ونهايته . . . منذ تاريخ انتمائه في عقد
الأربعينات وحتى وفاته كان قد وهب حسين سلطان نفسه
وحياته للنـــضال
الثوري .
كان الرفيق حسين سلطان صاحب عائلة كبيرة متكونة من
والدته وزوجته وثمان أولاد حين بلغوا مبلغ الرجولة
ساروا على نفس دربه وأصبحوا من جنود الحركة
الثورية ومن أنصار التقدم والديمقراطية .
وفي سباق النضال المثابر أصبح حسين من العناصر
القيادية البارزة في مدينته. وفي عام 1949 أعتقل
وسجن لمدة سنة قضاها في سجن بغداد المركزي، ولما
أنهى محكوميته وعاد طليقاً استأنف نشاطه الحزبي
والسياسي، وفي فترة لاحقة احترف العمل الحزبي
وأصبح واحداً من كوادر الحزب العاملة في الخفاء.
وقد اكتسب خبرة جيدة في الاختفاء وإدارة العمل
القيادي في نطاق منظمته .
أما أفراد عائلته ولا سيما والدته كان يأخذ بيدها
ويدربها على ظروف الاختفاء وتدريجياً مع الأيام
أكتسب أفراد عائلته جميعهم تقاليد الاختفاء .
وفي عام 1953 حين حدث الانشـــقاق من جانب " راية
الشغيلة " انظم حسين إلى راية الشغيلة، ورغم
انضمامه للانشقاق، عز عليه الحزب وعانى من مرارة
الانشقاق .
تعرفت على الرفيق حسين سلطان لأول مرة في النجف
أثناء التحاقي هناك براية الشغيلة وبعد هروبي من
بدرة أوائل عام 1955، وفي عام 1957 ألقي القبض على
حسين سلطان ومجموعة من المناضلين في منطقة الفرات
الأوسط. وفي هذه المرة أيضاً اجتاز الامتحان
بصلابة. تعرض لعذاب شــديد أثناء
اعتقاله، فلم تهن روحه الثورية. وحين سجن وأرسل
إلى سجن بعقوبة الانفرادي سلط عليه أنواع التعذيب
والإرهاب، ولكنه خرج من التجربة مرفوع الرأس .
وفي عام 1959 نقل إلى بغداد وأنيطت به مسؤوليات
قيادية في الحركة الفلاحية الحزبية والديمقراطية،
فنهض بها بكفاءة وحيوية مما أثبت جدارته للترشح
إلى اللجنة المركزية .
كان المناضل حسين يملك أصالة في التقدير والتحليل
ورؤية قوية وبعيدة المدى، انه قائد شعبي وعمالي .
ومن حسن المصادفات تعدد المناسبات التي جمعتنا
سوياً، فكنا متفائلين بهذه " الظاهرة الايجابية "
التي تجمعنا في حقول العمل الحزبي المشترك. وكنا
نضحك إزاء فكرة تلاقينا في الآخرة أيضا ً بالتتالي
.
انتدب الحزب محمد حسين أبو العيس بصحبة حسين سلطان
إلى الكوت للإشراف على الحركة الفلاحية هناك، حيث
المواجهات الطبقية مع الإقطاعيين ( الإمارة )
هناك، قاموا بمهمتهم كاملة واستطاعوا أن يقودوا
الفلاحين في نضالهم المتواصل مما أدى بالنتيجة إلى
أن يولي الإقطاعيون الأدبار ويلجئوا لمغادرة
أماكنهم والاختباء بعيدا ً عن الأخطار .
عاد حسين بعد انتهاء مهمته، في فترة التراجع في
مسيرة 14 تموز انتدب ليقود منظمة الفرات الأوسط،
وفي عام 1961 ــ 1962 سافر إلى الاتحاد السوفياتي
للوقوف على الحركة العمالية النقابية والاطلاع على
المزارع الكولخوزية والسفخوزات. لكن انقلاب 8 شباط
قلب الحســابات مما اضـطر
حسين إلى تغيير وجهته السابقة .
نظراً لما أصاب الحزب من أذى وأضرار واسعة بعد
الانقلاب، وقف عبد السلام الناصري وحسين سلطان
وغيرهم من رفاق الحزب القياديين في الخارج لمجابهة
أوضاع الحزب وتقديم ما أمكن من الجهود لإنهاض
الحزب ومنظماته في داخل الوطن، وللرفاق الذين نجو
من الاعتقال ولجأوا إلى خارج البلاد .
بعد انقلاب 18 تشرين الثاني 1963 استجدت ظروف
وتقديرات وتحليلات للأوضاع في العراق وفي توجهات
الحزب النضالية، وكانت نصائح الرفاق السوفيات في
مقدمة ما أخذ به تنظيم الخارج و " صار هدياً " لهم
في التقديرات والاستنتاجات، وقد تبلورت سياسة
الحزب، بعدئذ في خط آب 1964 الذي أقره الاجتماع
الكامل للجنة المركزية .
وفي أواسط عام 1966 عاد الرفيق حسين إلى الوطن
والتحق بالعمل الحزبي، نظراً لتمرسه وتجاربه
الكثيرة فقد أوكلت به مهمات متعددة، وعرف بتأييده
وحماسه لخط آب وكانت توجيهاته الفكرية والسياسية
تستند إلى قناعة راسخة ليست ناجمة عن انتهازية أو
توخي منافع شخصية، بينما تخلى البعض عن قناعتهم
السابقة بخط آب ليمتطوا التيار المعارض.
وقد أعتقل الرفيق حسين مجدداً في أواخر عام 1966
ــ 1967، وقد التقينا مرة أخرى في سجن السلمان
وبقينا حتى انتقاله إلى سجن الحلة. وأثناء وجوده
في سجن الحلة حصل الانشــــقاق الذي أحدثه عزيز
الحاج وجماعته في منظمة بغداد
وقد ناهض الانشقاق ووقف ضده وظل وفياً للحزب .
وبعد ذلك تحرر الرفيق من سجنه بالهرب من النفق
الذي أحدثه السجناء السياسيين والتحق بالحزب وظل
يناضل حتى انقلاب 17 تموز 1968 .
خلال حكم البعث وعقب الانقلاب المذكور قامت ما
سميت بالجبهة الوطنية القومية التقدمية !! وقد
انضوى تحت لافتتها الحزب الشيوعي، لكن أخمدوا
أنفاسها عام 1979، وشنوا هجومهم الأخير ضد الحزب،
مما أضطر بعض القادة إلى أن يغادروا الوطن أو
يلجئوا إلى الشمال حيث الثورة الكردية مشتعلة .
كان حسين من القلة التي بقيت تبذل جهوداً متفانية
لترتيب أوضاع الحزب بعد ذلك الهجوم الشرس. وأخيراً
غادر المناضل حسين بعد أن ضاقت الإمكانيات وشلت
القدرات في مواجهة البعث .
وفي غضون السنوات التي أعقبت انهيار ما سمي "
بالجبهة " وفي سياق العمل تكدست أمام قيادة الحزب
جملة من المشاكل والهموم، وجرت المحاولات لتسوية
ومعالجة بعض المشاكل التنظيمية والسياسية ونشبت
خلافات وصراعات حادة وأصبح حسين بجانب المعارضة
داخل اللجنة المركزية. كانت أهم انتقاداته تتعلق
بسياسة " تكريد " الحزب الشيوعي التي أساسها
وجوهرها هيمنة عدد ملحوظ للأكراد في اللجنة
المركزية ومكتبها السياسي وإهمال شؤون الحركة
العربية التحررية وجعلها في آخر المهام التي
يواجها الحزب، وحين أصـــــبحت
المعارضة تشكل خطراً وتهديداً لمركز السكرتير
الأول للحزب اتجهت الجهود لكسر شوكة المعارضة
فتقرر طرد أكثر من ثلاثين عضواً قيادياً أو كادراً
متقدماً، وذلك في المؤتمر الرابع للحزب، وكان من
بين المطرودين من اللجنة المركزية حسين سلطان .
وبعد فصله عومل بقسوة ولا أبالية بالرغم من
معاناته المرض والشيخوخة، فكان هذا التصرف بعيداً
عن الأخلاق الثورية وينافي المبادئ التنظيمية التي
يفرض إن تسود في الحزب ولا تنتهك .
وفي التسعينات عاد حسين إلى العراق متوخياً إن
يكون في الوطن إذا حانت وفاته ويدفن فيه وليس
بعيداً، فمكث فترة من الزمن واشتد عليه المرض حتى
وفاته ورحيله مع الراحلين دون ان يحضى بشيء من
ذكرى نضاله وتضحياته الكثيرة من أجل الحزب والطبقة
العاملة . . إن الكلمات أضعف من كونها تعبر عن
مشاعري الحقيقة القلبية الكامنة . . الذكرى العطرة
لأبي علي . . وأتمنى له مكاناً فسيحاً مع الخالدين
.
والدة حسين سلطان :
بلغت أم حسين سلطان من العمر
90 عاماً،
وكانت حياتها مليئة بالشقاء والمرارة إلا إنها
عاشت أيضاً أسعد الفترات وأحلى أيام ذكرياتها في
العمل الثوري وأيام الاختفاء، وهي بسنها المتقدم
كانت مثالاً حياً للأم النموذجية التي ربطت مصيرها
بالحركة الثورية مع ولدها الوحيد المناضل العمالي
الثوري المحترف .
كان لأم حسين دور جليل في خدمة الحركة الثورية
والحزب الشيوعي بالذات، فقد كرست نفسها كمراسلة
حزبية رغم إنها كانت " أمية " وأدت مهمتها بإخلاص
وأمانة، فتقوم بمهمة الاستطلاع لمعرفة ما يجري في
الشارع واستطلاع أخبار الناس والمجتمع النجفي .
سايرت مواكب النضال ونشاط ابنها في معظم حياته
متخفياً، فلقد تعودت حياة الاختفاء، فلم تضجر أو
تمل، وراعت الظروف الصعبة والعيش وسط الحرمان
وانتظار المخاطر والمداهمات. كانت تتصرف بسليقتها
وطبيعتها، المعروفة بالحذر والاحتراس وتجارب العمل
الطويل، فكثيراً ما كانت تضطر بالتردد إلى بيوت
حزبية تقع في أحياء ومناطق فيها بعض النسوة اللاتي
يعرفنها، فكانت بلباقتها، ومجاملاتها معهن تخفي
مهماتها .
لقد كان لها دور كبير في اختيار البيوت الصالحة
للعمل السري والاختفاء فتستطلع أحوال البيوت
المجاورة وما يتعلق بها من ظروف وأحوال، وفي مرات
عديدة كانت بحكم تحركها وخبرتها الحياتية تشم
رائحة الخطر فتنبه حسين وتقترح بأن يغادر الدار
حتى ينجلي الخطر وتجنب الاحتمالات السيئة. إن خزين
تجاربها الحياتية كانت خير عون لها في تدبير
الأمور السرية ومساعدة ابنها .
أدمنت أم حسين على شرب الشاي وتدخين السكائر
والأكل القليل وتجنب كثرة التحدث أو التدخل في
الأمور المنزلية والعائلية، بينما ترهف السمع لمن
يحادثها .
اعتقلت أم حسين في سنة 1957 في أحد البيوت الحزبية
في الحلة وظلت موقوفة لمدة تسعة أشهر. كان
اعتقالها مع مجموعة من كوادر الفرات الأوسط منهم
باقر إبراهيم، عدنان عباس، صالح الرازقي، فرحان
طعمة، محمد الحياوي، عبد الرزاق عبد الرضا وعباس
كاظم .
لقد وافها الأجل وغادرت الحياة وأحب الناس إليها
وهي راضية مرضية . . . لقد منحها حسين سلطان كل
الحب والتقدير وفي يوم وفاتها انحنى ليقبلها قبلات
الــوداع والامتنان .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* من مذكرات المناضل كاظم فرهود الياسري ( سيرة
. . وذكريات . . وود مقيم ) مطبعة الخير / بغداد
2008 / ص318
22
مذكرات قياديين شيوعيين تحاكم تاريخ
حزبهم
في العراق
د. كاظم الموسوي
صدرت أخيراً كتب،
تختلف في عناوينها، لكنها كلها صور وصفحات من
مذكرات قادة في الحزب الشيوعي
العراقي، سجلت رحلة هؤلاء السياسية والحزبية
ودورهم في التاريخ السياسي العراقي، من
منطلقات متباينة، أغلبها يقع بين التوثيق وتبرئة
الذمة، أو استجابة لمطالبات« رفاقية » للشهادة
التاريخية ووضع نقاط على حروف ضائعة. والغالب في
هذه المذكرات لم
يقترب كثيراً من المحرمات الحزبية أو لم يبحث فيها
ويكشف مضمونها ( مثل الانشقاقات
واختيار القيادات والسكرتير العام ) ولامست محطات
مهمة من دون توضيحها تفصيلياً ( دور
الحزب في التخطيط للثورة العراقية عام 1958 والعمل
في الجيش وترك الشارع، ودور
الأفراد في التصرف في حياة ومصير الحزب )، وأعطت
صوراً أو لقطات عن أحداث كانت
مفصلية ولم تعرها أهمية في الكتابة مثل الحديث
عنها أو تسجيلها في وثائق الحزب
مثلاً ( المؤتمرات الحزبية، وضياع الفرص أو التردد
في الحسم في الكثير من الأحداث
السياسية والانقلابات والتحالفات والعلاقات
السياسية الداخلية والخارجية )، وغيرها
الكثير من القضايا المهمة جدا في حياة الحزب أو
العراق. وستظل هذه القيادات، على
الأقل، من لا يزال حياً منها، مســــــــؤولة عن
البوح بكل ما جرى وحصل،
ولماذا وصل الحزب
إلى ما هو عليه الآن، بعد أن كانت الشمس لا تغيب
عن أفعاله المشهودة له ومواقفه
المعروفة وقدراته البناءة في حياة الشعب والبلاد
.
.
أبرز من دوّن مذكراته ونشرها
في حياته هو القائد التاريخي في الحركة الشيوعية
العراقية والعربية، زكي خيري،
ولحقه في النشر عزيز الحاج، وبهاء الدين نوري،
وباقر إبراهيم، ومن نشرت بعد وفاته،
رحيم عجينة وصالح دكلة، وصدرت أيضاً أخيراً مذكرات
لفاتح رسول (بالكردية) وسليم
إسماعيل وكريم احمد وشوكت خزندار وجاسم الحلوائي
وتوما توماس وعبد الرزاق الصافي،
وضاعت ما قيل انه سجلها، أو لم تنشر بعد، مذكرات
عامر عبد الله، وآخرون اكتفوا بما
ســـــــــــجله الآخرون عنهم ومعظمهم ران الصمت
عليهم طويلاً ولم يجرأوا بعد أو
ينتظرون ..
..
ولم اذكر كتابين آخرين أود تناولهما في هذا
المقال، هما كتاب المرحوم
حسين سلطان صبي، الذي أصدره ابنه خالد، بعنوان:
«أوراق من حياة شيوعي، حسين سلطان
صبي»، وكتاب: «هذا ما حدث لعدنان عباس». والكتابان
صدرا حديثاً عن دار كنعان ومؤسسة
عيبال للدراسات والنشر
.
.
والمرحوم حسين سلطان (1920- 1992) وعدنان عباس (من
مواليد 1937) هما رفيقا نضال في منطقة عمل واحدة
وفي فترة متقاربة، قضيا أكثر من
ثلثي عمرهما (أكثر من خمسة عقود) داخل التنظيم
الحزبي والحركة الشيوعية، وظلا وفيين لقيمها
ومثلها ومبادئها، حيث واصل الأول نضاله
الشــــــيوعي
إلى آخر أيامه وقبل رحيله
توقف مع مناضلين آخرين لوضع برنامج إنقاذ للوضع
السياسي في العراق، بينما يواصل
الثاني كفاحه السياسي، مثل كثيرين غيره من القادة
والكوادر الشيوعية بالطرق التي
يرون أنها ما زالت فاعلة ومؤثرة، حتى ولو إلى حين
.
.
في جهوده لتسجيل صفحات من
تاريخ والده، نقل خالد ما نشر عنه من مقالات بعد
فقده، لرفيق نضاله، القائد الشيوعي
باقر إبراهيم، ولعدد آخر من الباحثين والسياسيين
العراقيين. ونشر ما حصل عليه من
أوراق كان قد تركها أو أودعها الراحل عند أصدقائه،
وفيها الكثير من التوثيق
التاريخي لأحداث لعب الشيوعيون العراقيون أدواراً
بارزة فيها في تاريخهم الوطني. مثل السجون
والمعتقلات، وهي وحدها شهادة نضال وطني وتعرية
للسلطات والقوانين
والإجراءات التي كانت تتحكم في السياسة العراقية
الداخلية والتأثير الخارجي،
الاستعماري عليها. أول اعتقال له كان في أيلول
(سبتمبر) 1949، في سجن بغداد ومنه
نقل إلى سجن الكوت قبل أن يطلق سراحه ويوضع تحت
المراقبة، وبلغة بسيطة وواضحة يصف
السجن والسجانين وعدد المعتقلين وحياتهم في
المعتقل والأحكام التي صدرت عليه من
بعد، ويشير إلى البرنامج اليومي الذي كان
الشيوعيون يضعونه في السجون، سواء في سجن
بغداد أو الكوت أو نقرة السلمان، ومنه التثقيف
والانضباط والتربية الحزبية
والتراتبية التنظيمية والتواصل بين المنظمات
والقيادات المركزية وخوض المعارك مع
الســــــجانين وقواعد
السجن وغيرها من المسائل الحياتية التي عاشها
الراحل في تلك
الأيام. ثم ينتقل إلى قضية مهمة هي التخطيط للهروب
من السجن، بحفر نفق من داخل
المعتقل إلى خارجه والهروب منه، وقد ذكر عدداً
منها، وأبرزها قصة النفق والهروب من
سجن الحلة المركزي. حيث تمكن هو و45 سجيناً
شيوعياً من الهرب منه، وكانت الخطة تقضي
أن يخرج ما يقارب المئة منهم. ويسهب في شرح ظروف
العمل والسجن والاختلافات الداخلية
وعلى رغم كل المعوقات المقلقة نجحوا في إنجاز نفق
بمواصفات « فنية » وبجهود متواضعة
ومتواصلة وفي شكل مدهش، ما اعتبر في حينه عملاً
شيوعياً بطولياً. وبعد الهروب عاد
إلى العمل الحزبي والنشاط السياسي وإدارة العمل
التنظيمي، وصولاً إلى اعتقاله
الأخير، كما سماه، عام 1969، على يد الحلفاء
الجدد، الذين عادوا إلى استلام السلطة
قبل عام. ويقص الحدث بأسلوب ممتع وشيق فوصف
المفارقات والتناقضات والطبيعة النضالية
التي يتمتع بها في أحلك الظروف. ولا ينسى وهو في
معمعان الكفاح الحديث عن رفاقه
الآخرين ومصائرهم التي حددها لهم خصومهم السياسيون
في السلطة ودعاة التحالف معهم،
مثل محمد احمد الخضري، أو أفراد من عائلته، ومنهم
والدته التي دخلت السجن هي الأخرى
بسببه ومشاركتها في تكليفات حزبية
.
.
ومن المواضيع المنشورة في الكتاب عدد من
المقالات أو الخواطر التي كتبها الراحل في ظروف
وفترات متفرقة، من بينها تقويمه
لقيادة السكرتير الأول للحزب عزيز محمد، وغيره
من المعاونين له في القيادة. وكذلك
مداخلته في الكونفرنس الحزبي الثالث ودعوته إلى ما
سماه ( تكريد الحزب الشيوعي
العراقي عمل ضار مبعثه نظرة قومية وحيدة الطرف ).
وفيها إشارة نبيهة منه إلى ما كانت
عليه مسيرة القيادة وما آلت إليه بعد ذلك. وذكر
بأنه كتب للقيادة الحزبية رسالة
عام 1968 ينبهها إلى أخطار جدية في سلوكها،
ويحذرها من الوقوع في خطأ التمسك بالجزء
مع تجاهل الكل، « وأعني بذلك أن لا نضحي بحركة
التحرر العربي الممتدة من الخليج إلى
المحيط والتي يقع فيها شريان حياة الإمبريالية (
النفط ) وهذا هو الكل المضحى به، وأن
نتمسك بالحركة الكردية وان كانت محقة في كل
أهدافها » (ص 118). ويواصل تحذيره في نص
آخر عنوانه بـ : « ما أشبه الليلة بالبارحة ».
مذكراً بفترات أصيب فيها الحزب بالعزلة
السياسية بسبب مواقف متطرفة لقياداته، ويقول: « إن
من يريد خداع النفس يحاول نسيان
الوقائع المرة، القريبة منها والبعيدة. ولكن لمحة
عابرة لمواقف حزب البارتي من
حزبنا تبين بوضوح أن هذا الحزب يسعى لجعل حزبنا
تابعاً له، وإذا تعذر ذلك يسعى إلى
تخريبه من الداخل » (ص121.
.
(
أما عدنان عباس فقد كتب ما حدث له في مسيرته
النضالية
في الحزب وخارجه، وهناك ما يتطابق مع ما أورده
حسين سلطان وباقر إبراهيم، حيث عملوا
سوية في أكثر من منظمة وفترة زمنية، وهناك ما
اعتبره موقفاً واجتهاداً منه في تصحيح مسيرة العمل
الحزبي والعلاقات الســـــــياسية. فبعد مقدمة
باقر
إبراهيم التعريفية
والتمهيدية للكتاب، وبعد الفصل الأول عن الطفولة
والعائلة والبدايات أو المواجهات
الأولى انطلق في تحديد الفترات الزمنية التي خاض
فيها غمار العمل النضالي الشاق،
بين المنظمات والتنظيمات والسجون والمعتقلات. وهي
سمات مشتركة للشيوعيين العراقيين
وطبيعة السلطات التي تحكمت في العراق طيلة العقود
الثمانية من عمر الحزب والعراق
.
ما يتميز به عدنان عباس انه عمل في منطقة الفرات
الأوسط، ويسمي الحزب
منظمته القيادية باسمها، وتطرق طبعاً في مذكراته
لعمله وأسلوبه، وهي تجربة كان باقر
إبراهيم، وحسين سلطان قد ذكراها أيضاً بحكم عملهما
أيضاً، ولكن
عدنان تحدث فيها عن
سفراته المتعددة ومنها للدراسة في موسكو، أو
الهجرة الأخيرة. وفيها صورة عن عمل
الحزب في مختلف ميادين العمل السياسي الوطني وفي
قطاعات المجتمع العراقي المتنوعة،
ومنها ما يلفت الانتباه، ككسب إقطاعي للحزب، كما
ذكر ذلك حسين سلطان، أو تشكيل هيئة
مختصة فلاحية بعد انعقاد الكونفرنس الحزبي في
الفرات الأوسط عام 1956 وقيادتها
للانتفاضات الفلاحية في المنطقة، واستمرارها لحين
اعتقال عدنان مع حسين سلطان قبل
الثورة وبعد خروجهما من السجن واصلا العمل في ظروف
الانفتاح والصراعات. ويفرد موضوعاً إلى احترام
الحزب للشعائر الدينية واحتلالها قدراً كبيراً من
نشاط منظمات
الحزب، وتشكيل لجنة حزبية مهمتها التواجد في مدينة
كربلاء أبان الزيارة الأربعينية
لاســـــــتشهاد
الإمام الحسين (ع) وتنظيم العلاقة مع « الرفاق »
الذين كان لهم دور نشيط في
تنظيم المواكب الحسينية، والمواكب الأخرى من مناطق
العراق وطرح الشعارات المعبرة عن
رفض الظلم والعبودية ونصرة العمال والفلاحين
والكادحين (ص 56). كما يشير الكاتب إلى
ملاحظة مهمة لها وقعها في الحياة الحزبية
والسياسية عموماً، بقوله: « لقد أتاحت ثورة
الرابع عشر من تموز (يوليو) إمكانات كبيرة أمام
الحزب من بينها الدعوة لإشاعة
الديموقراطية في البلاد وإنهاء حكم الفرد وحال
الطوارئ وإلغاء المحاكم العسكرية في
البلاد وجعل هذه المهمة لها الأولوية. وكان هذا
بالطبع يتطلب أن تمارس هذه الديموقراطية في صفوف
الحزب الشيوعي أولاً وبعد الثورة مباشرة وذلك عن
طريق عقد
مؤتمره وانتخاب قيادته بدلاً من اللجوء إلى أسلوب
التقديمات إلى القيادة والتي
أثبتت الوقائع بأنها كانت البلاء على الحزب وانعكس
تأثيرها السلبي على مسيرة الشعب
والحركة الوطنية » (ص95). وبعد انقلاب شباط
(فبراير) 1963 يشرح عمل المنظمة الحزبية
ودورها في قيادة المقاومة والعمل الحزبي، ويذكر أن
من: « أبرز ما قامت به فرق
المقاومة صيانة الرفاق والتنظيم وديمومة الاتصال
مع المدن، وجعل مناطق الريف مغلقة
بوجه زمر الحرس القومي في شكل عام وقطعت عليهم خط
الرجعة بعد انقلاب 18 تشرين
الثاني (نوفمبر) 1963 » (ص111). ومن تراجيكوميدا
التجربة السياسية في العراق، طبيعة
العلاقة مع حزب البعث العربي الاشــتراكي الذي عاد
إلى الحكم بعد تموز
1968،
وتناقضاتها، بين توطيد العلاقات ومواصلة الحزب
الحاكم في خنق عمل الحزب الشيوعي
وتصفية قيادات وكوادر بارزة، وهذه قضية تحتاج
وحدها إلى مؤلف مستقل من أصحاب الشأن
في قيادة الحزب من لا تُبرر لهم الصمت عليها حتى
الآن. ويفيد عدنان في شرح ظروف
الحزب وعمله وجهود الرفيقات والرفاق في تحقيق
نجاحات لا يستهان بها على مختلف الصعد
حينها، وصولاً إلى التحضير وعقد المؤتمر الوطني
الثالث للحزب في أيار (مايو) عام
1976، (المؤتمر الثاني في أيلول/ سبتمبر 1970،
والمؤتمر الأول عام 1945). ويذكر
ملاحظة لافتة بعد الإشادة بتجاوز الصعاب والتماسك
في القيادة في ظل نظام لا يعرف
إلا لغة القوة والتعالي وعدم التقييد بالتزاماته
وتحالفاته، أن تلك الفترة لا تخلو
من الثغرات في عمل القيادة وفي شكل خاص في مكتبها
السياسي الذي كان يعاني العجز في
أداء مهماته بالشكل المطلوب (ص173). ويؤكد ذلك بعد
انعقاد المؤتمر واقتراح ترشيحه
إلى المكتب السياسي أيضاً
.
.
يفصل الكاتب بين مرحلة المؤتمر الرابع للحزب في
تشرين الثاني 1985 وما بعدها، والخلافات
والاختلافات التي قامت خلالها، بما يخصه، وقد
ذكرها أيضاً باقر إبراهيم في مذكراته، ولكنه لم
يتطرق لدور المنبر الشيوعي مثلاً،
وقد أشار له باقر، ولنشاط منظمات حزبية انضمت له
وسعت إلى التجديد والتغيير في
الحزب والحركة الشيوعية العراقية، إلا أنها
وبضـــــغوط ومواقف، من بينها من باقر وعدنان
وغيرهما، لم
تتخذ مداها الطبيعي، إضافة إلى أن الأحداث
السياسية والتغيرات في
الساحة المحلية والدولية ومغامرات النظام العراقي
في حروبه المتتالية أسهمت إلى حد
ما في تفريق هذه المحاولات التجديدية، وتركت لمن
تبقى في جسم الحزب العمل مع القوى
الكردية والاصطفاف معها حتى احتلال العراق وما
تلاه. حيث يذكر عدنان انه أيد ما
رفعه رفاقه، باقر وحســــــين وعامر عبد الله
وغيرهم من مذكرة اعتراضية شكلت انشطاراً
واضحاً وأكدت ما تم في المؤتمر وما تسرب من
تصريحات من قيادات فيه، وحسمت الموقف مع
من « طردهم » منها واستفرد بالحزب من دونهم،
وغالبيتهم من العرب ومن ذوي الخبرة
والتضحيات الكبيرة في بناء الحزب في أحلك الظروف،
كما سجلوا في مذكرتهم، وقد استبعد
من عضوية اللجنة المركزية حينها: نزيهة الدليمي
وزكي خيري وعامر عبدالله وجاسم
الحلوائي وباقر إبراهيم وعبد الوهاب طاهر وعدنان
عباس وحنا إلياس وفاتح رسول وحسين
سلطان وماجد عبد الرضا وناصر عبود وبشرى برتو.
وسبق أن تم تجميد أو استبعاد رفاق
قبلهم من اللجنة المركزية أيضاً (مهدي الحافظ
ونوري عبد الرزاق)، وحدث ولا حرج عن الكوادر
الحزبية القيادية وغيرها. وقد تكون مفارقة هنا
الإشارة إلى استثناءات غريبة
على التقاليد الحزبية حصلت في هذا المؤتمر مثل
ترشيح عشرة أعضاء في اللجنة المركزية
من قبل الســكرتير العام من دون معرفة أي شيء
عنهم. وتبين أن معظمهم من الأسماء
المرفوضة من قواعد الحزب في عملهم معها، وكذلك
تحفظ عدد غير قليل من المنظمات
والكوادر الحزبية على وثائق المؤتمر وغيرها من
المسائل، ومنها مثلاً إشارة إلى
«إهمال
المؤتمر للملاحظات القيمة التي قدمتها الأحزاب
الشقيقة، وخاصة الحزب الشيوعي
في الاتحاد السوفياتي والحزب الشيوعي البلغاري
والحزب الاشتراكي الموحد ». ثم ينشر
نصاً من مذكرات باقر تشير إلى موافقته على المذكرة
وتقديمه رسالتين إلى اللجنة
المركزية في أيلول 1986 وفي آذار 1988 كشف فيهما
الدور التخريبي المقصود لاستحواذ
أقلية على سياسة الحزب وتنظيمه، وتحطيم المعارضة
الداخلية لها (ص297) وما بعدها
.وفي
هاتين الرسالتين المنشورتين الكثير من المحاكمات
الصارخة التي تتطلب هي الأخرى توضيحات من قيادة
الحزب التي مارست مثل هذه الأعمال وأخلت بالعقد
الحزبي والوطني
ولا بد من أن تتحمل مسؤوليتها عما جرى وما حصل
للحزب بعدها. ومن بينها الاستهانة
بحياة رفاق وقضايا الصيانة والعلاقات والمالية
والصلاحيات والفردية وصولاً إلى
اعتقال رفاق وتعذيبهم وممارسة خداع ومراوغة وفساد
ورشوة ودسائس وغيرها. ويختتم
مذكراته عن حياته في لندن حيث يقيم .
.
بعيداً عن الشيوعية ، قريبا من الحياة...!
( حسين سلطان المناضل والإنسان )
محسن صابط الجيلاوي
تعرفت على المرحوم حسين سلطان أثناء دراستي في
أكاديمية العلوم الاجتماعية في بلغاريا أواخر
السبعينات، كنت أنا طالباً وهو ضيفاً عليها...
والرجل وصل إلى الصف الأول في قيادة الحزب الشيوعي
العراقي عبر مشوار طويل من السجون والمطاردة
ومخاطر العمل السري، ولم أسمع منه يوما طيلة حوالي
سنة من تواجدنا المشترك واللقاءات التي تكاد تكون
شبه يومية في جو الأكاديمية الضيق أي ادعاء أو
غرور أو حديث عن ماضيه المعروف والمليء بالوقائع
والإحداث والبطولات وخصوصاً محاولة الهروب الشهيرة
من سجن الحلة ... ما يميزه عن الكثير من قيادات
الحزب تلك الشفافية والأخلاقية والسلوك القريب من
طيبة وعفوية ونبل وأخلاق رجل يبدو قريباً من الريف
إلى( حذلقات ) أبناء المدن .. اليوم شخصياً أختلف
مع حسين سلطان سياسياً وقائداً وأوهام فكرية لكني
أتحدث عنه وأتذكره كإنسان ومكافح من أجل رؤيا
افترضها وتعلق بها للحياة وللمستقبل طبعت كامل
حياته وجهده وهمومه....!
التقيت حسين سلطان ثانية في كوردستان عند قدومه
لحضور اجتماع للجنة المركزية عام 1984 لقد وجدته
على نفس الطيبة والضحكة المتميزة لكنه أصبح كهلاً
تنهش جســـــــــــده
أمراض عديدة لم يجد إلا العقاقير والأدوية
لمكافحتها.. كان كعادته بشوشاً وطافحاً بالأمل
والحيوية ...! .
في مشوار عمره الأخير أختلف مع الحزب، ولا أعرف
كيف أستطاع حزب بكل هذا العمق والامتداد أن يجعل
من رجل هادئ وطاعن في السن في وضع المعادي والخطر
الذي يجب محاربته بكل السبل
والوسائل...؟
.
أردت اللقاء بحسين سلطان في دمشق، وعرفت بل ذهبت
إلى هناك حيث كان معزولاً ومهمشاً في مكان يقع بعد
مخيم اليرموك الفلسطيني ( كان معه أبو فهد الدفان
) يا للمفارقة، لم أجد سوى مسكن متهالك ومظلم ورطب
وهو عبارة عن جنازة لتشييع أبو علي سريعاً والتخلص
منه، خصـــوصاً ونحن نعرف انه كان مصاب بمرض الربو
الحاد ... لم نلتق حينها للأسف ! نفس السيناريو
تكرر مع عبد الوهاب طاهر ( أبو سعد ) لقد عشت
معاناته الأخيرة وعزلته ووحدته ووحشة خريف حياته
في بلغاريا...!
كلاهما شد عليهما الحزب الأيدلوجي كالمكائن،
وعندما تشيخ أو تخرج من الاستخدام أو تعمل بطريقة
مغايرة للمعتاد والمُقرر تجري المحاولة الأبشع
إخراجهم من الحياة بكل السبل الدنيئة....!
بعد الموت تتحقق عندهم الأقيام والمنزلة تبعاً
لقرب دماغك وجسدك من طاقم القيادة وفكرها
القائم...!
لقد عاد حسين سلطان وعبد الوهاب طاهر إلى الوطن
في أوضاع معروفة، وشخصيا ً في وضع مريح أستطيع أن
أُخطئ
ما أقدموا عليه، ولكن ما الذي يستطيع أن يقدمه
هؤلاء بعد سقوط الحلم بعالم عادل وكريم بعد أن
داست الأداة التي كان مفترضاً أن تحقق ذلك على
أحلامهم وكرامتهم دون أي رحمة ورأفة وهم في أواخر
العمر.. ؟ إنها لوطنية أن تفكر أي تراب سينهال
عليك وأنت تودع هذه الحياة العفنة.. شخصياً كلما
تقدم بي العمر أفكر عميقا بذلك فالمنفي يبحث عن
الجذور والأرض والوطن والذاكرة، فليس غريباً برجال
جاءوا إلى الفكر من نسيج البساطة والعفوية والنبل
وتعاملوا مع فكرة العدالة والحرية برومانتيكية أن
يكون الوطن الذي اجترحوا كل المآثر من اجله هو
الوحيد الحاضر في مخيلتهم لحظة الوداع، هو الذي
يحتضنهم ويرحم بهم دون سواه.. هذا ما سعوا إليه
رغم كل المخاطر والتأويلات وهذا ما تحقق لهم
..!
.
لم يسرقوا أو يستغلوا الحزب لكي يضمنوا للأيام
القاسيات، للدهر الرديء، كما فعل البعض الرخيص،
كانوا مع الناس والحياة بعيداً عن المغانم والبحث
عن الوسائد الواقية، قد تكون أحدى أخطائهم عدم
معرفة طبيعة الفكر والبشر الذي يحيطهم بشكل مبكر،
بنفس الوقت يشكل ذلك أفضلية وموقفاً شجاعاً يوصم
كامل حياتهم وتاريخهم، لهذا نتذكرهم بواجب
الاحترام والتبجيل..!
لم نسمع شيئاً أو فعالية تنتصر لتاريخ وحياة
وسيرة وتضحيات حسين سلطان أو عبد الوهاب طاهر أو
ثابت حبيب العاني، الأسباب معروفة، فرجال الشعارات
لا توجد في ذواتهم أي معاني للصداقة والزمالة
والرفقة والحب والتســــــــــــــامح
والرحمة، الموقف الأخير هو الذي يحدد شكل مهرجان
النفاق حول جسدك الهامد ..!
.
أسهل الطرق وأكثرها دهاء في الآليات الشيوعية في
محاربة الرأي الآخر هو الحروب الاجتماعية عبر فرض
العزلة والقهر والتلاعب بمصير الناس وقوتهم وصحتهم
وعواطفهم وشرفهم وحقوقهم وشيخوختهم، ببساطة دهاء
يفوق التصور لمحاربة الإنسان...!
اليوم يحاول البعض من معطوبي السيرة نهش وتشويه
تاريخ حسين سلطان، هل تخيفهم شعبية ونبل هؤلاء إلى
هذا الحد....؟
ورود عراقية حمراء على قبور حسين سلطان، وعبد
الوهاب طاهر، وثابت حبيب العاني ... وكل عراقي هام
بحب العراق دون أن يكسب أو يتكسب شيئا.. قد أختلف
مع هؤلاء الرجال ولكن ما يميزهم أنهم كانوا شرفاء
وبسطاء وذوي نفوس كريمة، تعذبوا وعانوا وهاموا
حباً بالوطن وبالبحث عن عالم أفضل...!
18 / 6 / 2008
36
مذكرة اعتراضية من كادر في القيادة *
نحن الذين نوجه إليكم هذه الرسالة أعضاء وأعضاء
احتياط في اللجنة المركزية وأعضاء في المكتب
السياسي وفي سكرتارية اللجنة المركزية التي
انتخبها المؤتمر الوطني الثالث لحزبنا الشيوعي
العراقي الذي انعقد في ظروف الشرعية والإرادة
الحزبية الشاملة وعلى أساس الانتخابات الديمقراطية
لمندوبي المؤتمر الذي شارك فيه 318 مندوباً من
جميع منظمات الحزب .
يؤسفنا أن نحيطكم علماً بأن الأوضاع في حزبنا قد
تردت لدرجة خطرة في ظروف تشتد فيها الحاجة لأن
يكون الحزب موحداً على أساس سياسة صحيحة ومراعاة
صارمة لقواعد المشروعية الثورية، لكي يكون قادراً
على تأدية دوره في إنقاذ شعبنا من كارثة الحرب
المدمرة ومن الإرهاب والقمع الدموي الشامل الذي
يتعرض له على يد الطغمة الديكتاتورية في بغداد.
ولكن الأمور في حزبنا أخذت تتدهور، وخاصة بعد
اضطرار قيادة الحزب الهجرة إلى الخارج، ومعها مئات
الكوادر، وبعد أن أُرغم الحزب على الانتقال إلى
معارضة النظام القائم الذي بادر إلى تخريب التحالف
وشرع بتطبيق خطة تستهدف تصفية الحزب. إن الرغبة
الاجماعية لكادر الحزب وأعضاءه بمراجعة تجربة
التحالف مع الحزب الحاكم واستخلاص تجربة تمنح
حزبنا القدرة على التماسك واستعادة مواقعه
التنظيمية والسياسية ومعالجة آثار الضربة التي
تعرض لها، ورسم سياسة صحيحة وأســــــــاليب عمل
تنسجم مع الظروف البالغة
الصعوبة التي وجد نفسه فيها، إن هذه الرغبة قد
استغلت مع الأسف من جانب بعض الرفاق القياديين في
الحزب لأغراض وصولية وذلك بالتحريض على دفع الحزب
في طريق الانعزالية والمغامرة والتذبذب في المواقف
والسياسات، وتعطيل وتشويه المبادئ اللينينية في
الحياة الحزبية وإشاعة مظاهر البيروقراطية
والفردية والتسلط وأجواء التحريض والإساءة
والتنكيل بكوادر الحزب وأعضاءه .
وقد نجم عن هذا النهج المغامر تفاقم خسائر الحزب
وتضحياته التي بلغت حوالي 500 شهيد يمثلون صفوة
كوادر الحزب وعناصره الواعية العمالية المثقفة من
المهندسين والأطباء والكتّاب والأدباء والعلماء
وخريجي الجامعات والكوادر العسكرية، بالإضافة إلى
بضعة ألوف طردوا من الحزب أو تركوا تحت تأثير
أسباب مختلفة، وبين هؤلاء نسبة عالية من كوادر
الحزب المجربة فضلاً عن مئات أخرى ممن انتقلوا إلى
صفوف السلطة تحت وطأة ظروف شاقة .
ونظراً لتفاقم الخسائر في الفترة الأخيرة، فقد جرى
التستر عليها وإخفاؤها عن أعضاء الحزب وكوادره حيث
بلغ عدد الشهداء بين اجتماعي اللجنة المركزية من
تموز 1984 حتى تشرين الأول 1985، 100 رفيق. وكان
بين هذا الرقم الأحداث المفجعة بإعدام نحو 50
رفيقاً من مفارز الأنصار داخل مدينة أربيل في يوم
واحد وفق تواطؤ غادر مع دوائر الأمن العامة .
وجراء ذلك كله، أخـذت تتضاءل أكثر فأكثر
الإمكانيات لتعزيز
قوى الحزب داخل الوطن لدرجة أصبح فيها حزبنا
مهدداً بالتحول إلى حزب منعزل عن الجماهير، وذلك
بتأثير الصعوبات الاستثنائية المفروضة على حزبنا
والتي عمقتها لدرجة كبيرة الإجراءات الحزبية
الشاذة التي استهدفت عرقلة بناء منظمات الحزب داخل
الوطن. وقد عبّر التقرير التنظيمي الذي قدم
لاجتماع اللجنة المركزية عشية المؤتمر الرابع عن
جزء من هذه الحقيقة حيث أشار إلى أن ما يزيد عن
نصف الذين أرسلوا إلى المناطق العربية لبناء
المنظمات الحزبية قد عادوا إلى قواعد الأنصار .
لقد أصبحت عقلية وإجراءات التمييز القومي داخل
الحزب، وتقليص دور القادة والعناصر العربية
تدريجياً، نهجاً ثابتاً لفريق معين من العناصر في
الهيئات القيادية للحزب. وبضمنها السكرتير الأول،
الذين ما انفكوا منذ سنوات عديدة يبذلون كل جهد
للاستئثار والتحكّم بقيادة الحزب وكانوا في
الكونفرنس الثالث قد أخرجوا عشرة أعضاء من اللجنة
المركزية دفعة واحدة ودون أي سبب على الإطلاق
وجميعهم من العرب، وقد تكرر ذلك في المؤتمر الثاني
للحزب وكانت هذه الإجراءات تستهدف أكثر العناصر
القيادية جدارةَ، وها أن ما يسمى بـ " المؤتمر
الرابع " يواصل نفس النهج ويستكمل حملته بإقصاء ما
يزيد عن عشرة رفاق من العرب الذين شغلوا طوال
ثلاثة عقود وفي أصعب الظروف، مواقعهم بجدارة في
اللجنة المركزية والمكتب السياسي .
لقد اســـــــــــتفحلت هذه الظاهرة الغريبة، التي
يشعر بها أغلب
أعضاء الحزب وجماهير الشعب والقوى التقدمية،
العربية والعالمية، في الفترة الأخيرة خصوصاً.
ويجمع كل الحريصين على حزبنا وعلى مكانته بين
الجماهير وعلى كفاءة قيادته، على أن هذه الظاهرة
الغريبة، تشكل انتهاكاً لتقاليد الحزب ومبادئه
الذي تأسس واكتسب نفوذه الجماهيري الواسع بوصفه
حزباً طبقياً وطنياً وأممياً، يجسد وطنية الشعب
العراقي، بسياسته ونشاطه وتركيبه الذي ينبغي أن
يضم في قيادته وسائر هيئاته ومنظماته، أكثر الرفاق
العرب كفاءة وتجربة وشجاعة إلى جانب أمثالهم من
الرفاق الأكراد الكفوئين وغيرهم من أبناء القوميات
والطوائف الدينية، وعلى أساس وحدة رفاقية راسخة
ومبدئية .
في هذه الظروف غير الطبيعية والمعقدة التي وصفناها
بإيجاز، وتحت شعار " سرية العمل " جرت مفاجأتنا
ومفاجأة الحزب كله بعقد المؤتمر الرابع في تشرين
الثاني 1985. علماً بأن سرية العمل لم تمنع حزبنا
من عقد الكونفرنس الثالث عام 1967 والمؤتمر الثاني
عام 1970 في المنطقة الكردية أيضاً بسرية مطلقة
وفي ظروف الملاحقات البوليسية، وعلى أساس
الانتخابات الحرة للمندوبين. وكان من الممكن إجراء
انتخابات المندوبين للمؤتمر الرابع في مختلف
المواقع التي يتواجد فيها أعضاء الحزب بصورة
علنية، كالمنطقة الكردية، وسورية، واليمن
الديمقراطي، والجزائر، والبلدان الاشتراكية .
أما عقد المؤتمر والتهيئة الناجحة له، فكان مطلباً
عادلاً لجميع الرفاق في حزبنا، ولكن هذا الطموح
المشروع قد أســـــفر عن
خرق فظ للمشروعية الحزبية وللحد الأدنى من مبادئ
القيادة وتعريض وحدة الحزب إلى التمزق، وتكريس كل
السياسات والأساليب والتكتيكات التي يطالب أعضاء
الحزب بدراستها وتصحيحها، خاصة فيما يتعلق بإدخال
تعديل جدي على أساليب الكفاح وتعديل الموقف المشوش
من الحرب العرقية ـ الإيرانية، التي اتخذت طابعاً
عدوانياً توسعياً من جانب إيران بعد أن استكملت
تحرير أراضيها، وبالتركيز على الشعار الآني والملح
الذي يطالب به شعبنا وهو الوقف الفوري لهذه
المجزرة الرهيبة وصيانة استقلالنا الوطني وتخليص
البلاد من حكم التسلط والإرهاب في العراق .
لقد تم تعيين أعضاء المؤتمر دون أية انتخابات ودون
معرفة منظمات الحزب، وحتى دون استشارة اللجان
الحزبية القائدة أو أخذ رأيها بمن يمثل منظمات
الحزب في المؤتمر، ودون استشارة وموافقة غالبية
أعضاء اللجنة المركزية الذين وجدوا أنفسهم فجأة
أمام الأمر الواقع وبغياب سبعة من الرفاق الأعضاء
الاحتياط من أصل 29 رفيقاً في اللجنة المركزية .
وأتضح حتى لأعضاء اللجنة المركزية أن مندوبي
المؤتمر قد جلبوا اليه قبل اتخاذ اللجنة المركزية
قرارها بالأكثرية بعقده، في الإجتماع الذي عقدته
في 21 تشرين الأول .
وقد عبّر الرفيقان باقر إبراهيم وعدنان عباس
اللذان حضرا اجتماع اللجنة المركزية عشية عقد
المؤتمر، عن معارضتهما لعقده وطعنا بشرعيته. كما
عبّر الرفيق عامر عبد الله عن معارضته لعقد
المؤتمر في مناســـبات عديدة وحذر من عواقب
الطعن بشرعيته، وهكذا كان موقف الرفيق ماجد عبد
الرضا أيضاً، ورفاق آخرون من الأعضاء الاحتياط في
اللجنة المركزية .
وقد سادت جلسات اللجنة المركزية عشية المؤتمر
أجواء متوترة مفتعلة، وكان كل ذلك تمهيداً لتمرير
ما تم تدبيره بصورة تآمرية من قبل حلقة ضيقة من
أعضاء القيادة الذين استهدفوا إقصاء نصف أعضاء
اللجنة المركزية من مراكزهم القيادية .
إن الطبيعة الانقلابية والانقسامية لهذا الإجراء،
قد جسّده عزيز محمد حينما أعلن في اجتماع اللجنة
المركزية : " إننا اجتمعنا لكي يلغي نصفنا النصف
الآخر "، علماً بأنه لم يحصل حتى على مصادقة نصف
أعضاء اللجنة المركزية على هذا الإجراء الغريب .
كما لم يقدم في المؤتمر أي تبرير للإجراء الذي
أتخذ بعدم تقديم أسماء أربعة رفاق من أعضاء ومرشحي
اللجنة المركزية في قائمة الترشيحات لعضوية اللجنة
المركزية، التي ضمت 24 اسماً وطلب من المندوبين
انتخاب 15 رفيقاً من بينهم .
إن هذه الأجواء المبيتة مسبقاً قد حملت الرفيق
باقر إبراهيم أن يعتذر عن ترشيح نفسه في قائمة
الانتخابات من خلال كلمته التي ألقاها في المؤتمر،
وعبّر فيها عن مواقفه تجاه الأوضاع السياسية
والتنظيمية التي يمر بها الحزب .
وبهذه الصورة أسفرت النتائج عن استبعاد الرفاق
التالية أسماؤهم من عضوية اللجنة المركزية :
1ـ الدكتورة نزيهة الدليمي 2ـ زكي خيري 3ـ عامر
عبد الله 4ـ جاسم الحلوائي 5ـ باقر إبراهيم 6ـ
عبد الوهاب طاهر 7ـ عدنان عباس 8ـ حنا الياس
9ـ فاتح رسول 10ـ حسين سلطان 11ـ ماجد عبد الرضا
12ـ ناصر عبود 13ـ بشرى برتو .
إن إقصاء هذا العدد من أعضاء القيادة وفق تخطيط
مسبق، قد شمل نزع الثقة أيضاً عن 3 رفاق من أعضاء
اللجنة المركزية الجديدة الذين لم يحصلوا على
الأكثرية المطلقة من أصوات الناخبين في المؤتمر
والتي يستوجبها النظام الداخلي للفوز بالانتخابات.
وقد جرى تجاوز هذا النقص في الأصوات باجراء
استثنائي آخر يقضي بضم هؤلاء الرفاق الثلاث الى
اللجنة المركزية بقرار مباشر من المؤتمر. وكان ذلك
تعديل من قبل المؤتمر .
إن الرفاق الذين أخرجوا من قوام قيادة الحزب
يمثلون أقدم الأعضاء فيها، وأنهم واكبوا العمل
القيادي في اللجنة المركزية والمكتب السياسي قبل
ثورة 14 تموز 1958 وبعدها وحتى وقت قريب. كما أخرج
جميع أعضاء سكرتارية اللجنة المركزية التي انتخبت
بعد المؤتمر الوطني الثالث للحزب عام 1976 وشملت
هذه الحملة المدبرة أبرز الرفاق في قيادات التنظيم
الحزبي والذي قادوا الحزب في ظروف الهجمات الشرسة
والعمل السري للحزب أعوام 1963 ، 1967 ، 1971 و
1978، ومن تولوا إعادة بناء منظمات الحزب بعد
الضــــــــــربات المعادية التي وجهت إليهن، هذا
في حين ترك
آخرون من العناصر القيادية العراق لدى أول بادرة
لتعقد الأوضاع مع الحزب الحاكم. كما شملت هذه
الحملة قادة بارزين في المنظمات الجماهيرية
والعالمية، كاتحاد النساء العالمي ومجلس السلم
العالمي ومنظمة التضامن الآسيوي الأفريقي واتحادات
عربية مختلفة. وشملت أيضاً شخصيات سياسية
واجتماعية معروفة بين جماهير الشعب وفي أوساط حركة
التحرر الوطني العربية والحركة الشيوعية العالمية،
وغالبيتهم من مناشئ طبقية عمالية وكادحة، وقد
اكتسبوا خلال عملهم الطويل والمثابر تجارب سياسية
وتنظيمية وتمرسوا بمختلف أساليب الكفاح وعانوا
جميعهم من عذاب السجون وظروف العمل السري الشاقة .
وتتميز هذه النخبة من الرفاق بسمات الثبات المبدئي
والصمود بوجه الإرهاب والحرص على وحدة الحزب ضد
الانشقاقات والنزعات التخريبية. وآخر مواقفهم
المشهودة التي استثارت ضدهم النقمة والمكائد،
النضال الحزبي الداخلي المبدئي، الذي خاضه قسم
كبير منهم ضد الاتجاهات السياسية والتدابير
التنظيمية والإجراءات الآنية التي استهدفت إفساد
وتخريب الحياة الحزبية وتفتيت وحدة الحزب والدفع
بسياسته نحو المغامرات والانعزالية والتذبذب .
وليس من قبيل الصدف أن يكون بين من أزيحوا من
مراكز القيادة الرفيقان الوحيدان من بين سائر
أعضاء اللجنة المركزية اللذان تطوعا للعمل داخل
الوطن في بغداد والبصرة عام 1984 وباشــــــرا
ببناء وتعزيز المنظمات الحزبية في المنطقة
وهما الرفيقان ( ..... )، هذا إضافة إلى تهيئة
الأجواء منذ مدة طويلة لإزاحة عدد من الرفاق
المعروفين بجهودهم المرموقة في الميادين التنظيمية
والفكرية والصحفية السرية والعلنية والعلاقات
الوطنية والعربية طول ثلاثة عقود، وفي مقدمة هؤلاء
الرفاق إزاحة الرفيق باقر إبراهيم الذي تولى قيادة
التنظيم المركزي في الحزب 23 سنة، وكان في ظروف
الهجوم على الحزب منذ أواخر 1978 وحتى الاجتماع
الكامل للجنة المركزية عام 1984 المسؤول عن
التنظيم الحزبي في داخل الوطن .
اسمحوا لنا أن نؤكد حقيقة باتت معروفة لجميع أعضاء
الحزب، وهي أن هذا الانقلاب الفوقي في القيادة قد
جرت التهيئة له بحملات الدس والإساءة ضد عدد كبير
من الرفاق القياديين داخل منظمات الحزب والصحافة
في الخليج وقبرص وغيرهما التي تسلل إليها هذا
التأليب المغرض، قبل عقد المؤتمر بشهور، بوسائل
تبعث على الارتياب وضد نفس الأشخاص الذين أقصوا عن
الحزب وبأسمائهم الصريحة ومواقعهم الحزبية،
بالإضافة إلى رفاق آخرين أزيحوا عن اللجنة
المركزية في دوراتها السابقة بدون حضورهم وفي ظروف
غير طبيعية، وهم معروفون لديكم .
ومن الوقائع الغريبة على تقاليد الحزب ومبادئ
القيادة الجماعية وعلى نظامه الداخلي والاستهانة
بإرادة الشيوعيين واللجنة المركزية، استحصال
موافقة المؤتمر على اقتراح يقضي بتخويل عزيز محمد
وحده اختيار عشــــرة أعضاء جدد
بدون معرفة أي شيء عنهم من قبل المؤتمر واللجنة
المركزية. وقد أعرب الكثير من أعضاء المؤتمر
وأعضاء اللجنة المركزية عن عدم رضاهم واستيائهم من
هذا الإجراء فيما بعد، خصوصاً بعد أن عرفوا أسماء
من تم تعينهم في اللجنة المركزية من العناصر غير
المرغوب فيها من قبل الكوادر ومنظمات الحزب .
أيها الرفاق الأعزاء. لا مجال للحديث هنا عن
الوثائق التي اقرها المؤتمر، أي : التقرير السياسي
والبرنامج ووثيقة التقييم لسياسة الحزب للفترة
1968 ـ 1979، والتي تحتاج جميعها إلى مراجعة
وتعديلات جدية. ولكن لم يستطع حتى أعضاء المكتب
السياسي وكذلك السكرتير الأول نكران حقيقة أن
المؤتمر قد صادق على وثائق تكبّل الحزب بسياسة
انعزالية متناقضة وبعيدة عن الواقع .
وتجدر الإشارة هنا إلى أن مسودات الوثائق
البرنامجية قد وصلت المؤتمر مع وجود تحفظات أساسية
عليها، حيث حُرم من المشاركة في وضعها شطر واسع من
الرفاق أعضاء القيادة. كما جرى إهمال واضح
للملاحظات القيمة التي قدمتها الأحزاب الشقيقة،
وخاصة الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي والحزب
الشيوعي البلغاري والحزب الاشتراكي الألماني
الموحد .
نؤكد لكم بكامل المسؤولية، أن غالبية رفاق الحزب
وكوادره قد استقبلت نتائج المؤتمر الرابع بذهول
واستياء وخيبة أمل واضحة وقد كـانت هذه النتائج
متوقعة من جانب عدد قليل منا،
ولذلك وجدنا من الضروري التوجه إلى الرفاق
والأصدقاء في فترة مبكرة لإحاطتهم علماً بما يُراد
لحزبنا ولقيادته من تفتيت وتمزيق ومن عزلة عن
الجماهير وسياسة مغامرة لا مستقبل لها .
لقد التزمنا ولا نزال النضال المبدئي الصبور،
واحتمال شتى المضايقات حفاظاً على وحدة الحزب
ووحدة قيادته. وما نزال نرى أن ما يتهدد حزبنا من
مخاطر، لا يقتصر على مجرد إزاحة نصف أعضاء
القيادة، بل على مبدئية الحزب ووحدته ومكانته بين
الجماهير وصواب سياسته .
إن حفنة من الرفاق القياديين يتحملون مسؤولية
أساسية في دفع الحزب بهذا الاتجاه الخطر. والإصرار
عليه، وفي مقدمتهم عزيز محمد يعاونه في ذلك فخري
كريم وغيره .
لقد كرس هؤلاء الرفاق جهداً استثنائياً، ولا سيما
في الفترة الأخيرة لتثبيت نهج تقسيمي فردي تعسفي
يستهدف شق الحزب وتخريب وحدته وتسميم حياته
الداخلية، وانتهاك مبادئه ونظامه الداخلي وقواعد
الشرعية في صفوفه، وخلق وضع يتهدد مبادئ الحزب
الأممية والعلاقات الشيوعية الرفاقية بين العرب
والأكراد وأبناء الأقليات القومية .
إن هؤلاء الأشخاص، هم، ومن يشاطرهم هذا الموقف، من
أعضاء القيادة يتحملون مسؤولية تاريخية عن الضحايا
الكثيرة والنزيف المستمر في عضوية الحزب وكوادره
وعن تدهور منظماته والانتقاص من سمعة حزبنا بين
الجماهير وفي الأوساط العربية التقدمية في الخارج.
فقد أعرضوا عن ســـماع
أية نصيحة رفاقية مخلصة لمنع تدهور الحزب في
الطريق الخطر الذي اختطوه، ويبدوا أنهم مصرون على
ذلك .
لذا، وجدنا من واجبنا أن نتوجه إليكم أيها الرفاق
والأصدقاء الأعزاء، من منطلق القناعة الراسخة
بحرصكم على وحدة حزبنا ومصالح شعبنا، بالرجاء أن
تستطلعوا الحقائق من الأحزاب الشيوعية الشقيقة في
البلدان العربية، وبالتخصيص من قادة الحزبين
الشيوعيين اللبناني والسوري، وتتعرفوا بالوسيلة
المناسبة على الإرادة الجماعية للشيوعيين
العراقيين .
ونقترح مبدئياً، من اجل الحفاظ على وحدة الحزب
ومنع تمزقه، أن تحتكموا إلى الحقيقة من خلال
الاستماع إلى وجهات نظر فريقين منا، بأمل أن
تيسروا لقاءً مشتركاً .
وبانتظار ذلك، واستناداً إلى الطعن الواسع بشرعية
المؤتمر، والى إرادة الأغلبية من أعضاء الحزب
وأنصاره، فنحن نؤيد المطالبة العادلة بإلغاء
النتائج التي أسفر عنها المؤتمر ونرى العودة إلى
القيادة الشرعية التي انتخبها المؤتمر الوطني
الثالث ليمارس جميع الرفاق أعضاء القيادة
المنتخبين فيه، واجباتهم القيادية، عدا الذين
أخرجوا من اللجنة المركزية بسبب مواقفهم أمام
العدو .
ونحن ندعم كذلك المطالبة العادلة في الحزب بإعادة
النظر بالعقوبات التي أوقعت بالمئات من أعضاء
الحزب وكوادره، وإجراء التحقيق في أسباب ترك مئات
أخرى لصفوف الحزب بهدف إعادة العناصر الشيوعية
السليمة لحزبها والعمل على سيادة الشرعية الحزبية،
ووضع حد لأسباب التجسـس والوشاية
والتأليب داخل الحزب والتطاول على الشرعية
الحزبية، وانتهاك قواعد النظام الداخلي للحزب
وتصفية مظاهر التسلط والبيروقراطية والقيادة
الفردية .
وفي اعتقادنا، إن سعينا في هذا الاتجاه سيضمن
استعادة الأجواء المبدئية والديمقراطية التي
ستساعد حزبنا على الخروج من محنته، وتقويم حياته
الداخلية وإرساء سياسته على أسس سليمة، يقبلها كل
أعضاء الحزب ويتوحدون حولها ويعملون على تنفيذها
بحماس وبشعور عال من المسؤولية .
ولنا وطيد الأمل بأن الإرادة الخيرة للشيوعيين
العراقيين هي التي ستأخذ طريقها إلى الفعل المؤثر،
وستكون المقدمة الضرورية والسليمة لكي يستطيع
حزبنا أن يستعيد مواقعه في صفوف شعبنا وحركتنا
الوطنية الثورية .
مع أخلص التحيات الرفاقية
عدد من أعضاء وأعضاء احتياط في
اللجنة المركزية وأعضاء في المكتب
السياسي وسكرتارية اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي
العراقي
تموز 1986
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* وقع المذكرة باقر إبراهيم وحسين سلطان وعامر عبد
الله وآخرون، وأيدها فيما بعد عدنان عباس لكونه
كان بعيد مكانياً ولكنه قريباً في المشاركة
بالمواقف والحلول لأزمة الحزب .
49
حكايات فلاحية: من قبة أم عرفان! إلى قبة
البرلمان!
صالح حسين ( أبو سارة )
تحية وفاء لرجل القضية الوطنية وصاحب المبادئ
الشيوعية العالية حسين سلطان صُبّي .
أقدم عزائي مجدداً لعائلة وأصدقاء ( الراحل-
الشهيد ) وخصوصاً إلى الأخ خالد حسين سلطان / ...
الفاتحة .
قبل أيام قرأت على أكثر من موقع مذكرات المرحوم
حسين سلطان ( سياسي عصامي )، هذا القائد الذي نذر
حياته لشعبه ولمبادئه وكانت رسالته في الحياة
نيّرة مضيئة من خلال تضحياته وتفانيه وهو واحد من
الذين يشهد لهم الكثير من الرفاق والأصدقاء
والتاريخ أيضاً، في مواقفهم أيام الشدائد التي مر
بها حزبنا الشيوعي العراقي... ولكن راح ( أبو علي
) ونحن بحاجة له وكما عودنا في بناء الحزب .
لم تربطني بالرفيق المرحوم حسين سلطان معرفة شخصية
عن قرب... لكن قد يكون تلاقينا في الدرابين
الفقيرة!... شاءت الصدف في بداية 1989 وفي (
دمشق- سورية ) تعرفت عليه عندما كان يسكن في دار (
قبو- شلري ) وبالمقارنة بين سكنة القبو الذين هم
أكثر احتراماً وتقديراً قياساً لمن سكن من قيادة
الحزب في شقق فخمة في أبو رمانة وغيرها تحت أسم (
م س - أم عرفان! )... وكان معه في ذلك القبو
الرفيق ( أبو فهد الدفان) في مخيم ( اليرموك -
سورية ) والحقيقة كنت في غاية الدهشة عندما رايته
وهو بذلك العمر وتلك الروح المرحة... الله بالخير
... الله بالخير
قلت: له أنت بهذا الوضع... الخ .
قال: مازحاً أكثر من هذا الجماعة منومين الدفان
معي!. ( القصد بالجماعة : قيادة الحزب في
سورية )
تحدثنا بالعموميات... لكن كلام يجر كلام لحين
أخذنا الحديث للقبو والأثاث الرثــّة التي كانت
رائحتها تختلف عن عطر أم عرفان،... تحيط بنا رغم
إنه يعاني من مصاعب صحية كبيرة، ضيق التنفس
والحساسية التي يقال عنها بـ ( الربو )... بعد
تناول ( كباية - استكان الشاي ) وأثناء الحديث
عرفت بأن لديه الكثير من الأمور لطرحها إلا إنه
يتحفظ بسبب عدم معرفتنا ببعضنا من قبل. رغم أن
الصديق القديم أبو فهد ( وأقول القديم لأني لا
أعرف أين نزل وبأي محطة بسبب الضغط عليه بـ (
التنفس الاصطناعي ) من قبل القيادة الحالية للحزب
ورغم هذا أنا أعتز بالصداقة قديمة كانت أو جديدة .
أكثر هذا الحديث كان عندما غادرنا أبو فهد ذاهباً
للسوق لشراء ( فول مدمس- باجلة معلبة + طرخوم -
نوع من الخضرة قريبة من الأكرفس + ربطتين من الخبز
من بقالية ابو عبدو ) وحسب ما أتفقا ...الخ .
تنويه : ربطتين من الخبز حصة أبو علي 10% وما تبقى
للرفيق ابو فهد وصحتين وعافية .
الدفان، الذي قدمني له باسم ( البدوي) مع مختصر
عن حياتي في بيروت ( شقة صبرى ) وحيث أن الدفان
هو لحاله يحتفظ بهذا الاسم ( البدوي ) ولحد
الساعة...عندما سمع ( أبو علي - حسين سلطان )
كلمة، أو أسم البدوي، قال أنت من رفاقنا الفلاحين
.
قلت نعم.
قال أهلا وسهلاً مرة ثانية، وأردف قائلاً، أبو فهد
جاي ثاني .
قلت: شكراً، وسألته ... إلى أين تتجه الأمور؟
قال : وبدون تحفظ ولم ينظر يمين، يسار... باتجاه
المجهول ! والاعتماد عليكم أنتم الشباب ؟
تدخل ابو فهد مازحاً... وقال : باتجاه قاسيون. (
قاسيون : جبل قريب من العاصمة دمشق )
قلت : يا رفيق أبو علي، قائدنا عربي! لابس شروال
كردي ! والكلام كان واضحاً، المقصود حميد مجيد
موسى البياتي .
قال : وبابتسامة، صدك أنت بدوي... وقال عندي قصيدة
( عنوانها : ما شفت هچّي فرطنة ) أريد أن
تسمعها في وقت آخر بشرط أن تجيب بنتك سارة حيث كان
عمرها سنتين، هذه المعلومات وغيرها من أبو فهد
الدفان قد وصلت لأبو علي رحمه الله أثناء ذلك
اللقاء وربما قبله. وبالمناسبة، في بيروت أغلب
الرفاق ( ينادون- يلقبون) أبو فهد بـ ( دفان الحزب
)... وفعلاً دفن أكثر من رفيق في ( لبنان – بيروت
) وكان منهم رفيقي وصديقي أبو فيروز رحمه الله حيث
أستشهد في حرب - غزو 1982 مدافعا ً ببسالة عن شعب
وأرض لبنان والمخيمات الفلسطينية... هو وغيره
الكثير من المنسيين في تاريخ الحزب المعاصر...
والحمد الله لم يكن إرهابيا ً كما هو حال
المقاومين الوطنيين العراقيين ضد الغزو والاحتلال
الأمريكي من وجهة نظر أصحاب المؤتمرات المشبوهة .
راحت أيام وســـــــنين إلا إني لم أجد تلك
القصيدة لا في مجال
النشر في صحافة الحزب ولا في مذكرات حسين سلطان
مما جعلني أبحث عنها لطالما هو قال أريد أن
تسمعها. والقصيدة التي دونها، وحسب ما عرفت فيما
بعد كانت عن " فخري كريم زنكنة " وحسب اعتقادي أن
المشرفين على هذه المذكرات تلافوا كثيراً من مثل
هذه القصيدة وسواها احتراماً لتاريخ حسين سلطان
... أما القصد من نشرها بحكايات فلاحية هو : أن لا
أحد من القيادات المرتدة يتصور إنه خارج مرمى
قواعد الحزب ومناضليه، أو بكلمة أدق يتصور إنه (
يفلت ) حتى ولو أصبح أمريكاً رقماً وأسماً .
ومن الجدير بالذكر أن ندون هنا، إن قيادة الحزب
المتمثلة بــ ( عزيز محمد وفخري كريم ) قد أصدرت
قراراً بطرد حسين سلطان من مسؤولية منظمة بلغاريا،
وقام بتنفيذ هذا القرار وبالتعاون مع البلغار
صديقه ورفيق دربه ( أبو شروق - جاسم الحلوائي )
وعلى أثرها ترك سلطان بلغاريا متوجهاً إلى سورية .
مـلاحظة : نعتذر للقارئ الكريم من عدم تحريك
الكلمات مثل ( ج- ثلاثة نقاط، أو الكاف ...الخ، في
الشعر الشعبي ) ... ( شعر شعبي : حسين سلطان -
عام 1988 ) ... وصلني هذا الشعر مؤخراً من العراق،
مسجل بصوت المرحوم أبو علي رحمه الله : نص القصيدة
:-
ما شفت هچّي فرطنة
ماشفت هچّي فرطنة يلعب بها ها
الطرزنة
من كبّرك من أصنعك ؟ سوّاك لولب
دواّر ؟
والناس تشهد سيرتك مجموعها عار بعار
بان الهدف من صنعتك والغاية تخريب الدار
من داخلة وبسم الأهل للدار أهلة تصونة
ماشفت هچّي فرطنة يلعب بها ها
الزنگنة
***
من كبّرك من سوّاك بالحزب صارت مافية
مو خرّبت كل القيم ؟ وسلبت منها
العافية
تخسى يا صنو الزانية ويخسى جميع الخونة
ماشفت هچّي فرطنة يلعب بها ها
الزنگنة
***
من ﭽان عمرك ناعم معروف عنك معروف
ﭽانت شغلتك بالغدر عدما كبرت صرّت
تحوف
ﭽذاب سافل نصاب خاين وكل عين تشوف
إصبر ولك وتهدّى وسا تشوف المرعنة
ماشفنا هچّي فرطنة يلعب بها ها
الزنگنة
***
إذا شفت الگراب أعوج لابد ان تعرف منين
أظنّك سامع الأمثال وتعرف من
سطى بالليل
كثرت هالحرامية وجعيدتهم خنيث جلاب بس
للشيل
حلو من يلوي الرﮔبة وراضع بديس
الشيطنة
ماشفت هچّي فرطنة يلعب بها ها
الزنگنة
***
حلو لو خيمتة خبطت جنها بالعة كاسيت
تبيّض أسود تسوّد أبيض لو بس
فرفرة ياليتّ
عمت عينه وصلافتها يساريين ... مو
ملّيت!
وصولي وانتهازي أكشر جرا لفلف مي
كونة
ماشفت هچّي فرطنة بيها لعب ها
الزنگنة
***
والفورمن لو شلّخ ذكرة بموسوعة
سيف
عدما برطها المغوار ينسى سدردر يا
حيف
أنهى العمر بالغمزات شفتة بشتى وشفتة
بصيف
منهو إبتلى مثلنا بأنواع من ها
الطرزنة؟
ماشفت هچّي فرطنة يلعب بها ها
الزنگنة
***
سكران إحذر منّـة وبيده يفرّ
المنگـنة
هذا العضو بي بلوة وللصنم چنة سلوة
ويدلي ويملي بدلوة يفعل فعل
كالطرزنة
سكران أحذر منّـة وبيده يفرّ
المنگـنة
***
من جان يحلم بالصار معيجل بطل أم
مغوار ؟
معيجل اللي چان العار يصبح وجه... چا
فرطنة ؟
سكران أحذر منّـة وبيده يفرّ
المنگَـنة
***
عضو الحزب صار چبير وبصايتة كل شي يصير
والما يعجبة للجير إحنا أصبحنا
طنطنة
سكران إحذر منـّة وبيدة يفرّ
المنگـنة
معيدي شبختة چبيرة چنة فلو بالديرة
خلانا كلنا بحيرة بانيلة وحدة
سلطنة
سكران إحذر منـّه بيده يفرّ
المنگَـنة
***
يسلك سلوك الصبينة ويدّعي بس أنا
وأنا
صاير بديرتنا ديچ مغرور تافه
عرّيچ
ما أكثر الهيچ وهيچ إصبر على ها
الزنگَـنة
يسلك سلوك الصبينة ويدّعي بس أنا
وأنا
***
يعوعي ويبيّض طبعة وشرّه أكثر من شبعة
أعوج طلع من نبعـة ما يعدّلة واحد
منا
ويسلك سلوك الصبينة ويدّعي بس أنا وأنا
***
يحچي لكف همّاشي صدك وچذب عالماشي
من علّمه القرداشي ؟ سن السيوف
بمسكـنة
يسلك سلوك الصبينة ويدّعي بس أنا
وأنا
***
شيخة معيجل ماتدوم وللوّرطة عليه
اللوم
أصنام نعبد چم دوم ؟ عوراتهم مو
بيـّنه !
يسلك سلوك الصبينه ويدّعي بس أنا
وأنا
***
العورات كلها تكشفـّت والناس كلها تعلمت
والقادة چا لية سلّمت ؟ ولعلع بيان
القومنة
يسلك سلوك الصبينة ويدّعي بس أنا
وأنا
من الأمور الكثيرة التي قد لا يعرفها
العراقيون وخصوصا أصحاب الشأن الوطني من الشباب عن
حسين سلطان بسبب نضاله في العمل السري بعيداً عن
عناوين الأخبار وشاشات التلفزة ... إلا إنه كان
مبادراً وحريصاً في تشخيص الأخطاء الشخصية
والتكتلية في داخل حزبنا الشيوعي العراقي معتمداً
على خبرته ورفاقه... حيث كتب في مذكراته عن فترة
قيادة عزيز محمد للحزب الشيوعي العراقي... وقال :
... على ما أعتقد ان عزيز محمد اختير لهذا المنصب
لكونه لم يدخل في صراعات فكرية مكشوفة طيلة حياته
الحزبية، وكان طابعه العام يميل إلى المصالحة من
خلال إيجاد الحلول الوسطية ــ التوفيقية ــ هذا من
جانب، ومن جانب آخر، فان أغلبية الكوادر والقادة
الأكراد نجوا من حملة انقلاب شباط عام 1963، حيث
كانوا في منطقة كردستان، في حين أغلبية الكوادر
والقادة العرب الشيوعيين صفوا جســدياً، أو
معنوياً خلال ذلك الانقلاب .
بالإضافة إلى ان عدداً من قادة الحزب كانوا منحّين
عن اللجنة المركزية وفي اجتماع آب أعيد اعتبارهم،
فلم يكن من الممكن تقديم أحدهم لهذا المنصب بسب
ترسبات الماضي ولما كان ( أنور مصطفى ) وهو
عبد السلام الناصري، مرشحاً للمكتب السياسي، وعزيز
محمد هو عضو كامل فيه، فهذا الأمر رجح تقديم عزيز
على عبد السلام الناصري .
هذه هي الأسباب التي جعلت عزيز محمد يكون القائد
الأول في
الحزب الشيوعي العراقي. وإذا أخذنا تاريخ عزيز
محمد وحياته الحزبية منذ دخوله إلى الحزب والى أن
صار سكرتيراً أولاً للجنة المركزية، يكون في حقيقة
الأمر غير مؤهل لإشغال مثل هذا المركز المهم في
حياة حزب جماهيري، يتصدر نشاطات الطبقة العاملة
وجماهير الفلاحين وكل القوى الوطنية والديمقراطية
ألا وهو الحزب الشـيوعي العراقي وتاريخه المجيد .
ويقول حسين سلطان في رسالته :
تكريد الحزب الشيوعي العراقي عمل ضار مبعثه
نظرة قومية وحيدة الطرف
الرفاق الأعزاء في المكتب السياسي للحزب الشيوعي
العراقي، تحية رفاقية حارة : وضعت هذا العنوان
لرسالتي هذه، لا لكي أطعن أو أخدش بعواطف هذا
الرفيق أو ذاك. بل كان قصدي أن أضع أمامكم الحقيقة
عارية لا لبس عليها ولا غموض. والغرض من ذلك هو
شحذ الهمم لمعالجة الثغرات الموجودة في سياسة
الحزب بالمسألة الكردية والعوامل التنظيمية التي
أوجدت تلك السياسة، لمصلحة الحزب في حاضره
ومستقبله ولذا أوضح ما يأتي : منذ أن تعرض حزبنا
لكارثة 1963 وما أعقبها من أحداث أخذت نسبة
الأكراد ترتفع الى حد كبير في قيادة الحزب ومراكزه
الهامة وتبعاً لذلك نرى سياسية الحزب أخذت تسير في
المسألة الكردية رويداً رويداً نحو التبعية، وحتى
أمست هذه التبعية غير خافية على كل من لديه حد
أدنى من الوعي الفكري والســـــــــياسي وأظن ان
الكثير من الرفاق
يتجنب التطرق إلى هذا الموضوع لأسباب عدة ومنها
الحساسية. وحيث شملت هذه التبعية مختلف المجالات
الفكرية والسياسية والعسكرية، وحتى المعنوية لا
سيما في كردستان وكاد أن يكون حزبنا فصيل من فصائل
البارت، كل همه أن يجد المبررات للمسالك التي دخلت
فيها قيادة الثورة الكردية. بالإضافة إلى ترديد
الجوانب الايجابية في وقت الحرب وفي الحلف الجديد
وهكذا في كل الأحوال .
ويقول في رسائل أخرى : لقد كتبت لكم رسالة في خريف
عام 1968 وكان موضوع الرسالة يتعلق بأحداث وقعت في
حينها، وكان منها ورود أنباء تشير إلى مسح أراضي
كركوك ووقوع ثلاثة حوادث مهمة في يوم واحد، وهذه
الحوادث هي: نسف قطار كركوك والنشاطات الطلابية
التي راح ضحيتها الطالب مطشر حواس وهجوم جيش العدو
الإسرائيلي على قطعات جيشنا في الأردن وجاء تأكيد
من ان هذه الأحداث لم تكن من باب الصدفة !...
والآن وحزبنا يتعرض لنفس خطر الانعزال وذلك بسبب
تكريد كافة أجهزة الحزب الأساسية، وتحت نفس
اللافتة التي أوقعتنا في الانعزال الأول وكأنه
مكتوب على الشيوعيين العرب في العراق وحدهم أن
يتنكروا لقوميتهم، وأن يسيروا خلف هذه القومية أو
تلك، وأن يكونوا أمميين أقحاح إلى الحد الذي
يعزلهم عن جماهير أمتهم الواسعة .
... عاد حسين سلطان إلى العراق في حزيران 1989 بعد
أن أختلف مع قيادة الحزب على العديد من القضايا،
على رأسها مسألة الحفاظ على وطنية الحزب وتكريد
الحزب وسيطرة عدد
محدد من الأشخاص ( مافيا ) على قيادة الحزب وتوجيه
مسيرته بالاتجاه الذي يحقق مصالحهم الشخصية بعيداً
عن الثوابت والمبادئ، وذلك بعد الانقضاض على مفاصل
الحزب الأساسية ( مالية الحزب ، المؤسسات
الإعلامية ، مصادر التسليح ) وتم تثبيت هذا النهج
وترسيمه من خلال ما يسمى المؤتمر الوطني الرابع (
سيء الصيت ) في عام 1985 وبالتالي أدى هذا النهج
إلى تدمير الحزب وتشتيته من خلال ابتعاد خيرة
أبناء الحزب من القادة والكوادر والرفاق
والأصدقاء، وفي حقيقة الأمر إنهم لم يخرجوا من
الحزب وإنما ميّزوا أنفسهم عن ما يسمى بقيادة
الحزب وتوزعوا في أرض الله الواسعة حيث منهم من
ترك الحزب نهائياً ومنهم من بقى ضمن صفوف الحزب
ودون قناعة ولكن لتمشية الأمور المعيشية في المنفى
والمحافظة على بعض الحقوق والامتيازات البسيطة
التي تؤمنها لهم تـــــــــلك القيادة، وبعضهم
أبقى نفسه ضمن صفوف تلك القيادة وخصوصاً كبار السن
منهم على أساس أنه عاش طيلة حياته شيوعياً ويريد
أن تنتهي حياته وهو شيوعياً، وكأنما الشيوعية
ملكاً لأبو سعود وبطانته ولا تمنح صكوك الغفران
إلا منهم، والقسم الآخر عمل وناضل خارج صفوف تلك
القيادة لتعديل مسيرة الحزب والحفاظ على وطنيته
وتاريـخه المجيد، وكان حسين سلطان من هذا القسم
الأخير حيث كان من أول المغضوب عليهم من قبل تلك
القيادة .
عمل عزيز محمد وفخري كريم على اســـتغلال ظروف
المنفى
والعمل السري لتصفية حساباتهم القديمة مع حسين
سلطان وخصوصاً موقفه الصريح من مسألة تكريد الحزب،
فأرسل الأول أحد عبيده المطيعين ( والذي كان
متطوعاً لهذه المهمة لغرضٍِِِ في نفس يعقوب )
لمحاسبة حسين سلطان وإخراجه من بلغاريا ( إذ كان
مسؤول تنظيمات الحزب هناك ) واستدعاءَه إلى دمشق (
وكر المـــافيا ) حيث وضع في دار ( رديئة ــ قبوا
) لا تتناسب مع وضعه الصحي وبظروف معيشية صعبة
وتحت المـــــــراقبة، وتم كل ذلك بأمر من عزيز
محمد شخصياً وحاول عزيز إنكار ذلك وصمت بعد أن
واجهه حسين سلطان بنسخة من الرسالة التي أرسلها
عزيز للقادة البلغار حول موضوع إخراج حسين سلطان
من هناك، بعد مدة تمكن حسين سلطان من الإفلات من
قبضة المافيا متوجهاً إلى براغ للعمل مع رفاق دربه
وعلى رأسهم المناضل باقر إبراهيم لتصحيح مسيرة
الحزب .
أما قيادة عزيز محمد وبطانته، فبعد أن أفرغت الحزب
من كل مقومـاته ( وخصوصاً المادية منها ) بدأت
تخطط للانسحاب بشكل منظم وذلك بتهيئة البديل
المناسب ووجدت ضالتها في أحد أعضاء بطانتها من
العرب لتسلمه القيادة بعد أن أخذت منه تعهداً برفع
شعار ( عفى الله عما سلف ) للتغطية على كل
التجاوزات والانتهاكات ( الحزبية، المالية،
الأخلاقية، الإنسانية بتعذيب رفاق المسيرة حتى
الموت ... ) التي حصلت في تلك الفترة
والتـســــــــــــتر عليها. وفعلاً ألتزمت تلك
القيادة الجديدة
بتعليمات أساتذتها ( أبو سعود وبطانته ) وسارت على
نفس النهج لتجد نفسها بعد عشر سنوات في مجلس الحكم
تحت قيادة الأمريكي بول بريمر .
تعريف : أم عرفان هي عشيقة ومهندسة السكرتير
الأول عزيز محمد في سورية قبيل وبعد المؤتمر
الرابع للحزب الشيوعي العراقي، وربما شـــلته
بأكملها في ( بيتها الخاص – م. س أم عرفان ) وهذا
ليس سراً أو تجنياً على هذا " القائد ". وهذه من (
بداية – الفضائح ) التي لحقت بالمؤتمر ومروجيه،
والذين يعتبرونه بوابة التصحيح والبناء ... التي
يتباهى بها عضو اللجنة المركزية عادل حبه ورفاقه
عزيزي محمد وفخري كريم وحميد مجيد موسى...!، لذلك
أنا أقول من ( قبة أم عرفان إلى قبة البرلمان!).
هؤلاء هم أصحاب المؤتمرات ( من 4 إلى 8 ) من
فضائح الأخلاق إلى فضائح العمالة!... وبالمناسبة
عزيز محمد، بحياته لن يكسب للحزب الشيوعي العراقي
رفيقاً واحداً أو رفيقة !. فقط أم عرفان !
وبالأحرى هي التي كسبته !! وكشفت عورته وشلته أمام
المخابرات العراقية في الثمانينات !... حيث قامت
المذكورة أعلاه بتصوير الحضور والمحاضر والوثائق
السرية خلال تلك الفترة، وعلى أثرها أعدّت الكمائن
من النظام السابق ومن قيادة عزيز وفخري زنكنة، حيث
أصيب السكرتيل الأول والمقربين منه بهستيرية
الخيبة والانتقام من الحزب برمته وخصوصاً على بعض
رموز الحزب التاريخية، وحسين سلطان منهم !!
رباط الكلام :... طالما نفس النتائج ونفــــــــس
الوجوه و ( ذاك
الطاس وذاك الحمام، ولحصيّن حصيـّـنة ) ليش
أمتعبين أنفسكم... وتطبيل وتزمير... جاك المؤتمر
وراح المؤتمر... سووها كل عشرين سنة مؤتمر بدل كل
خمس سنين ... وخذوها فلاحة ملاجة !... وصفو
دور!... وإذا واحد ما يعرف! يســـأل حميد مجيد
موسى عن خبرته الغنية بهذا المجال !.
وأخيراً : أوقفني ذلك الإهداء الجميل الذي يقول
:
.
الإهــــــداء، إلى كل شيوعي عراقي أصيل، من
شيوعيي الديالكتيك والبروليتاريا من تلاميذ
الشهداء الأبطال فهد وحازم وصارم وسلام عادل ومحمد
حسين أبو العيس وحسن عوينه والحيـدري والعبلي...
من تلاميذ المَرحومِين حسين سلطان صُبّيِ وناصر
عبود وعبد الأمير عباس ومحمد حسن مبارك... وليست
الى شيوعيي آخر زمان، من شيوعيي الديالأمريك
والبروليطانيا من تلاميذ أبو سعود ورهطه... مافيا
المنافي و تجار العمل السري .
63
بعض الصفحات من مذكراتي*
باقر إبراهيم
التقيت أكثر من مرة مع رفاق عديدين، في ربيع وصيف
عام 1989، ممن يستطيعون إيصال حديثي إلى الرفيق
عزيز محمد السكرتير الأول، وغيره من المسؤولين
الحزبيين. وكانت الملاحظات تدور حول الوضع الذي
انتهى إليه الحزب آنذاك وقلت لهم ان فرص إصلاح
الحزب وإنقاذه، تضيق وتتضاءل، ومع ذلك فأن الإصلاح
والتعديل اليوم أفضل من انتظار الغد، فقد يفوت
الأوان. ان لم يكن قد فات فعلاً .
لكن المسؤولين في الحزب بدلاً من ذلك وجهوا لي
رسالة الإنذار، من المكتب السياسي، في أواخر
حزيران 1989. وبعد تسلمي الرسالة، أخبرتهم انه
عوضاً عن الكتابة إليهم، فأن الذي أقترحه هو
النقاش والحوار المباشر. وان نلتقي بدون شروط
مسبقة، وأعربت لمن التقيتهم عن رغبتي بلقاء عزيز
محمد، حينما تكون تلك الرغبة متقابلة. وقد شرحت
لمن تحدثت إليهم، بعض التفاصيل عن مواقفي خلال "
المؤتمر الرابع " وظروف خروجي من القيادة، ووفائي
بالتزاماتي وتعهداتي، بقدر ما يتفق مع الموقف
المبدئي. واني واجهت انتقادات القيادة، باعتباري
خرجت على الانضباط الحزبي . . . ومن الجانب الآخر
فاني أواجه ضغطاً من رفاق الحزب وكوادره وبعض
قادته. وهؤلاء هم بالمئات، باعتباري ملتزم الصمت
أمام دمار الحزب والأخطاء الفادحة التي ارتكبها
وترتكبها القيادة، ولأني أرفض البحــــث عن بديل
للحزب. أني
مستعد للتعامل مع قيادة الحزب بغض النظر عن وجهات
نظري بالمؤتمر الرابع وبالسياسة الراهنة. إني
أتعامل معهم على وضعهم واطلب إليهم أن يتعاملوا
معي على وضعي الراهن .
وكان الرفيق عزيز محمد قد صرح أمام احد الرفاق
بأنه لا يعرف بالضبط ماذا يريد باقر إبراهيم. فإذا
كانت آرائي ومطالباتي غامضة حقاً فأني جواباً على
ذلك التساؤل، اطلب إلى قيادة الحزب الشيوعي شيئين
بالتحديد :
أ ـ تصحيح سياسة الحزب، التي لم يعد من الممكن
القبول بها أو السكوت عنها .
ب ـ معالجة وضع الحزب الداخلي، والإقرار بأن جميع
الشيوعيين هم أعضاء في حزبهم، وهذا الأمر يقصد به
إلوف الشيوعيين خارج التنظيم .
الوجه الأول . . . المعقولية والطريق المفتوح
كان علي ان أرى هذا الوجه الأول عند لقائي مع
الرفيق عزيز محمد في 4 / أيلول / 1989. كان هو
البادئ بالحديث، وقال انه ابلغ بعض القياديين
بلقائنا الحالي. وحدثني عن أمور كثيرة وكان حديثه
فيما يتعلق بأوضاعنا هو الآتي :
1ـ إن موضوع تعديل أو تصحيح سياسة الحزب، مسألة لا
بد منها وباتجاه أن تكون سياسة الحزب تنسجم مع
التطورات الأخيرة، ومع الواقع. وقد فهمت من حديثه
أيضاً، إشارة واضحة إلى النية لإعادة النظر
بالبرنامج والنظام الداخلي .
2 ـ وقف التدهور في وضع الحزب .
حول النقطة الأخيرة لم استطع الحصول على إيضاح أو
تفاصيل مفهومة. ولكني فهمت إنهم في سبيل اجتماع
للقيادة : المكتب السياسي أولا، واللجنة المركزية
فيما بعد. أعربت بوضوح عن تأييدي للتوجه الذي
لخصته أعلاه، فالشيوعيون ينتظرون خطوات بهذا
الاتجاه وكذلك كل الحريصين على حزبنا. وقلت له انه
لم يعد خافياً على المطلعين، وجود خلافات داخل
قيادة الحزب، وربما بعض الاستقطاب فيها . . . واني
لا أراهن على مثل هذه الحالات، وانطلاقاً من الحرص
على مصلحة الحزب، تهمني وحدة الجميع على الأسس
الصحيحة. وأعربت له عن رأيي بضرورة الحلول
الملموسة وقلت انه بودي أن أتجنب الحديث أمام
الآخرين عن لقاءاتنا . . . وافترقنا على أمل أن
نلتقي قريباً .
الوجه الثاني . . . . العنت والطريق المسدود
أما الوجه الثاني فرأيته عند لقائي مع عضوي المكتب
السياسي كريم احمد وعبد الرزاق الصافي . . . جرى
اللقاء في موسكو في 28 / 9 / 1989 بناء على
طلبهما. تحدث الأول بمحتوى رسالة م.س الموجهة لي
في أواخر حزيران 1989 ومما قاله إننا لم نفرض على
أي رفيق أن يكون له رأيه الخاص. ويتمسك برأيه،
ومعروف لك انك كونت رأياً سياسياً، ولكن لم تلتزم
بأية التزامات حزبية في الفترة ما بعد المؤتمر
الرابع حتى هذا اليوم. وانغمرت في الاتجاه المخل
بالحياة الحزبية رغم انك لم تنتم إلى جماعات
شكلوا مركزاً آخر ( جماعة المنبر ). ولمسـنا
الدعوة لمحاربة سياسة الحزب، وانك قلت لن
اسكت عما اشعر به خطأ. ولن اسكت عن أي سياسة خاطئة
وابشر بذلك في كل مكان . . .، هذا الصبر من قبلنا
لازم له حد وله نهاية، والهيئات تطالبنا. لذلك
أرسلنا لك رسالة وكذلك لرفاق آخرين .
سألته لمن أرسلتم ؟ قال إلى نوري عبد الرزاق
وعدنان عباس. وعن زكي خيري قال واجهناه، ولنا موقف
منه .
أما بالنسبة لعامر عبد الله قال : ربما نوجه له
رسالة .
وجواباً على سؤالي عن حسين سلطان، قال انه الآن
خارج الحزب لأنه ذهب إلى الداخل علناً وبدون أي
إعلام للحزب .
وسألته عن ناصر عبود : قال نفس الشيء وضع نفسه
خارج الحزب .
سألته هل قررتم ذلك ؟ قال لدينا قرار .
وأضاف نحن مستعدون أن ننشر أي رأي سياسي في صحافة
الحزب . . . ومعه رد الحزب أيضاً. ونحن نعتبر ذلك
مسألة طبيعية في حياتنا، ولكن ضمن الشرعية
الحزبية. وتحدث مجدداً عن انهيار الانشقاقات
والتكتلات في تاريخ الحزب .
طلبنا منك جواباً تحريرياً حول الرسالة المرسلة
إليك . . . وتبعاً لذلك ستحدد قيادة الحزب موقفها
منك، بمقدار ما تخضع للانضباط الحزبي. وختم حديثه
بالقول : اعتبرنا لقاءك مع الرفيق عزيز محمد فيه
جانب ايجابي .
* * *
أدوّن خلاصة حديثي لعضوي المكتب السياسي : قلت إني
كنت أتوقع مواصــــــلة الأجواء الايجابية والنقاش
الهادئ الذي سبق
لقائي هذا معكم. ولكن اسمع من جديد نفس اللهجة
التهديدية والاتهامات السابقة. وكنت أتصور إنكم
عدلتم عنها .
بصدد الرسالة المرسلة إلي بتوقيع المكتب السياسي،
فقد سبق أن قلت عنها إنها تحوي القليل من الحقيقة،
والكثير من التجني والمغالطات ولدي الكثير مما
يمكن أن اكتبه عن أحداث الماضي، وعن آرائي في
سياسة الحزب ووضعه الداخلي . وموقفكم مني، ولكني
ارتأيت تجنب الكتابة، سأقول وسأكتب كل الحقائق
التي عندي، غير إني لا أود أن يحصر ما اكتب في
الأرشيفات. فلذلك أنا لست مع نشر غسيلنا أمام
الناس بهذه الصورة .
وقلت إن رسالتي المؤرخة في تموز 1985 التي حوسبت
عليها، تضمنت من بين ما تضمنته من نقد ومعالجات
الانحطاط في القيم الأخلاقية داخل الحزب. وقد احتج
أحدكم في حينها، باني قد أوصلت الأمور إلى وجود (
مافيا ) داخل الحزب وقيادته. فسكت عن هذه ( التهمة
) . . . سكوت الرضى، فهل تريدوني الآن أن اكتب
الصفحات. واذكر الوقائع، لأدلل على وجود ظواهر في
التعامل في القيادة، تتصل بـأساليب المافيا ؟
قال كريم احمد : اكتب رفيق اكتب !
قلت . . . كنت قد اقترحت تجاوز الماضي، والانصراف
لمعالجة الشؤون الملحة، وتصورت ان اقتراحي هذا
الذي أوصلته للرفيق عزيز محمد، مقبول، كذلك اقترحت
أن أظل أتعامل معكم على وضعكم الحالي وتتعاملون
معي على وضعي
الحالي. باتجاه بلوغ حالة أفضل عملياً وتدريجياً،
وبقدر ما تعزز الثقة من جديد وبقدر ما تعالج مشاكل
الحزب .
إني صاحب رأي ومعارض لسياستكم ونهجكم . . واعتبر
نفسي قد التزمت بالانضباط الحزبي والحرص على وحدة
الحزب وسمعته. وقد أعلنت صراحة إني ضد أي إجراء
يؤدي إلى الانشقاق أو التكتل أو تكوين مركز حزبي
آخر. وضد أي بديل عن الحزب، وكان رأيي دائماً
العمل الموحد لاستعادة وحدته. واني احترم جميع
المعارضين الذين ناضلوا، ويناضلون من أجل تصحيح
أوضاع الحزب. واحتفظ بعلاقات طيبة معهم، بغض النظر
عن اختلافي معهم . . . وهذا لمصلحة الحزب .
وكررت ما قلته سابقاً، إن آخر من كنت أتوقع أن
يدعو صراحة إلى الانشقاق، هو الرفيق كريم احمد، أي
إلى تكوين حزب خاص بالمعارضين. وقد يبرر دعوته
لذلك بأنهم لا يلتزمون بسياسة الحزب وانضباطه.
وقلت له لو بقي بين المعارضين حتى غير الملتزمين
منهم وبين تكوين حزب آخر، شعرة فلا يصح قطع تلك
الشعرة .
سألتهم عن خلافي معهم، وهل هو سياسي وفكري أم لدي
دوافع أخرى ؟ فأكدوا انه خلاف سياسي. وقلت إن
السياسة المقررة للحزب وصل بها الضلال، حد الإساءة
لوطنية الحزب، وتقاليده الراسخة في الدفاع عن
الوطن. ورغم ما تدعونه من تعديل، فقد واصلتم في
ظروف معقدة وعسيرة، القتال ضد الجيش
العـــــــــــراقي حين تعرض الوطن لاحتلال
الأجنبي. ما هي الحكمة في تنظيم عمليات هجومية ضد
الجيش،وتقديم الضحايا في مثل تلك الظروف السياسية
المعقدة؟ ومع ذلك فأني لم اتفق مع الاتهامات
الموجهة لكم بالخيانة الوطنية، واعتبر مسؤولية
قيادة الحزب، في طعن وتشويه تقاليد الشيوعيين
الوطنية، تقع ضمن الأخطاء في الاجتهاد .
أوصلت لكم رأيي بأنه لم يعد من الممكن السكوت عن
مخاطر الاستمرار على النهج السياسي المقرر من
قبلكم. وفي المقدمة، الإصرار على مواصلة " الكفاح
المسلح " خاصة بعد النكبة الأخيرة .
فيما يتعلق بإنذاراتكم المتكررة، بتهديد عضويتي في
الحزب، فقد قلت لكم في السابق، وأكررها الآن، إني
لا احتاج إلى إنذار أو فاصل زمني، فانا على ثقة
وقناعة تامة بمواقفي وصدقي . وأنا عضو الحزب منذ
عام 1948، حتى اليوم، برغبتي وقراري، ولا يغير في
شيء القرار الذي تتخذونه، وإذا ما اتخذتم قراراً
عما تسمونه " الطرد من الحزب " فهاتوني قراركم،
أوزعه أنا لكم على رفاق الحزب والأحزاب الشقيقة،
لا أحب صياغات التهديد والتحدي . . . ولكني قلت ان
استمراركم في اتخاذ مثل هذه القرارات بحق رفاق
الحزب ومناضليه، هو " غضب من الله ! " .
أما موقفي من الإدانات والاتهامات الموجهة لكم، في
الجانبين السياسي والحزبي، فأني لا أؤيد الدعوات
لنزع صفة الشيوعية عنكم، اعتبركم شيوعيين وقعتم في
الضلال، وإصرار على الضلال ويجب ان تحاسبوا .
ولي كلمة عن تعاملكم معي، فقد اضطررت أن أخاطب بعض
الأحزاب الشيوعية العربية، حول قطع مخصصات المعيشة
عني وعن عائلتي، في نيسان 1987 بحجة وجوب مراجعة
مكتب الحزب لتسلم المخصصات والأدبيات الحزبية.
وكانت الرسالة الموجهة لي بهذا الصدد بخط كريم
احمد. وبودي أن اذكر أن اللجوء إلى قطع مخصصات
المعيشة، والحرمان من فرص العلاج، حتى في حالة
الخطورة، ومن فرص دراسة الأبناء في زمالات الدول
الاشتراكية، هو موقف لا أعاني منه لوحدي بل يشمل
المئات. وإذا قدر لقيادة حزبية أخرى، تأتي بعدكم،
وتتبع مع مناضلي الحزب أو حتى مع أبناءكم، نفس
الأساليب الجائرة فسأواصل النضال ضد تلك الأساليب،
ويهمني أن يكون ذلك معروفاً للجميع .
أما عن أسلوب التعامل بين القيادة وأعضاء الحزب،
قد أخذت لذلك نموذجاً ليس أكثرهم قسوة بل اخترت
احدهم الذي كان يضن بأنه يتسم بالهدوء في الطبع،
واللطف في التعامل، ويمكننا أن نشاهد كيف يتحول
إلى ستالين صغير. إني فسرت ذلك بوصفه مرتبطاً
بالوضع النفسي المتأزم لقسم من أعضاء القيادة .
أنكم تلومونني على " خرق الانضباط " وتمييز مواقفي
والتبشير بآرائي . . . ولكن مئات الشيوعيين
يسمعونني اللوم والعتاب المرير، شفوياً وتحريرياً
لأني، كما يعتبروني، ساكت أمام مأساة الحزب
الشيوعي، وتمزقه وتهديد مستقبله ومصيره . . .
ولأني أرفض البدائل .
وقد ذكرت أمامكم في نهاية العام الماضي 1988 . . .
أن الحزب الشيوعي، انتهى داخل العراق وان الحديث
عن وجود تنظيمات فعلية له، لا صحة لها. أما في
الخارج، فلا يمكن الاستمرار طويلاً على الادعاء
بحزب شيوعي في المهجر .
لقد علقت على تصريح الرفيق كريم احمد باستعدادهم
لنشر ما عندي من آراء سياسية، في صحافة الحزب، على
شرط التعليق والرد عليها وقلت لهم أوافق على ذلك
وأني سبق ان اقترحت عرض رسالتي الضافية الموجهة
لهم في تموز 1985، على المؤتمر الرابع، وكانت
تتضمن آرائي بخصوص السياسة والتنظيم. وأنا الآن
مستعد، ان تنشروها وتعلقوا عليها كي لا تبقوا لي
حجراً على حجر، إذا كانت الرسالة تتضمن مغالطات
كما ذكرتم، وكذلك فأني مستعد للكتابة فوراً، في
صحافة الحزب عن القضايا الراهنة، وبإمكانكم الرد
علي وأريد تعهداً واضحاً بهذا " الحق " فسكتا !
إني اطلب سحب رسالتكم الموجهة إلي باسم م.س في
أواخر حزيران واطلب ان يكون سحبها تحريرياً . . .
وأعتبر ذلك هو خطوة أولى لتصحيح المواقف .
واذا كانت لديكم النية المخلصة، لمعالجة أوضاع
الحزب وتصحيحها، فستجدوني مستعداً بإخلاص،
للمساهمة الايجابية، وسأعطي الثقة أمام رفاق
الحزب، لمثل هذا التوجه تدريجياً وبناءاً على
الخطوات الملموسة .
وأخيراً فإني لست مع القطيعة بين الشيوعيين، ومن
أنصار الصلات المستمرة والحوار، حتى إذا اختلفنا
.
72
ليست خاتمة
خمسة يطردون خمسة . . . .
في تشرين الأول 1989، علمت بأن التنظيمات الحزبية
في دمشق، أُبلغت بأن المكتب السياسي اتخذ قراراً
بطرد التالية أسماؤهم من عضوية الحزب :
(1) باقر إبراهيم
(2) عدنان عباس
(3) نوري عبد الرزاق
(4) حسين سلطان
(5) ناصر عبود
وصار من المعروف، ان اجتماع المكتب السياسي الذي
اتخذ هذا القرار عقد في موسكو وضم التالية أسماؤهم
:
(1) عزيز محمد (2) كريم احمد (3) فخري كريم (4)
عبد الرزاق الصافي (5) حميد البياتي . . .
كما أُبلغوا بأن المكتب السياسي اتخذ قراره أعلاه
بالإجماع ..!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* من كراس للمناضل باقر إبراهيم بعنوان ( صفحات من
النضال على طريق التصحيح والتجديد والوحدة ) دار
الكنوز الأدبية / بيروت لبنان / الطبعة الأولى
1997 .
الموضوع يتناول ضمنياً بعض الأحداث والظروف التي
رافقت عودة الفقيد حسين سلطان إلى العراق في أواسط
1989 .
73
مداخلات حسين سلطان في كتاب
( سلام عادل – سيرة مناضل )
أصدرت الرفيقة ثمينة ناجي يوسف، بالتعاون مع
آخرين، كتاب ( سلام عادل – سيرة مناضل ) في جزأين
عام 2001 عن دار المدى وجاء في مقدمة ثمينة /
للكتاب: " ... ثم كان لا بد لي من اللجوء إلى رفاق
سلام عادل لمشاركتي في أعداد هذه الصورة وعكسها
بأقصى ما يمكن من الموضوعية والأمانة التاريخية...
وقد أجريت أكبر قدر ممكن من اللقاءات والمناقشات
مع رفاق سلام عادل واستعنت بصورة خاصة بالمقابلات
والتسجيلات الصوتية لغرض إنتاج فلم سينمائي عن
سيرة حياته."
*** ***
أدناه ما سجله الكاتب المذكور من أحاديث حسين
سلطان:
عن مظاهرات النجف، يتحدث حسين سلطان في حديث مسجل
له، حيث كان وقت الانتفاضة مسؤولا لمنظمة الحزب
الشيوعي في المدينة ( بعد حدوث العدوان الثلاثي
الغاشم على مصر وتطبيقا لقرارات الكونفرنس الثاني
لحزبنا، قررت اللجنة المحلية للنجف الاتصال بحزبي
الاستقلال والبعث وكانت النجف تشكل أكبر مراكز
نفوذ هذين الحزبين، وطرحنا عليهم المساهمة معنا
للقيام بالمظاهرات الاحتجاجية ضد العدوان الثلاثي.
وتقرر أن تبدأ المـــــدارس الثانوية بالإضراب
74
والخروج بمظاهرة، ونهيئ الجماهير لإسنادها،
وبالفعل نجحت
المظاهرة الأولى المشتركة والتي سقط فيها قتيلان.
وفي اليوم التالي ساهم رجال الدين في تشييع
الجنازتين مما أعطى زخماً للانتفاضة وفي اليوم
الثالث ولت الشرطة الأدبار وأخذت المظاهرات تدور
في المدينة. وفي المساء وصل إلى مدينة النجف عضو
اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي محمد صالح
العبلي حاملاً قرار المكتب السياسي للحزب بإيقاف
التظاهر في النجف، ولما استاءت اللجنة المحلية
للحزب من القرار سألهم العبلي، هل تستطيعون
الاحتفاظ بالمدينة شهراً واحداً ريثما يتطور الأمر
بالمدن الأخرى؟.
فأجابوا كلا، قال إذن انسحبوا بعد هذا الانتصار
الذي تحقق، لكي تبقى القوى الشعبية بمعنويات
عالية، لأننا سوف نحتاجها في وقت آخر. وأخبرهم
العبلي بما حدث في مدينة الحي وكيف استباحتها
الشرطة وحوشية ( أتباع ) الإقطاعيين .
ثم ذهب مندوب، عن لجنة الحزب الشيوعي في المدينة
إلى ممثلين عن فرعي حزب البعث وحزب الاستقلال وشرح
لهم الحالة، لكنهم رفضوا اقتراح الحزب وأصروا على
التظاهر في اليوم التالي .
وفعلا خرجت مظاهرات الحزبين المذكورين في اليوم
التالي ولكن الشرطة استعادت مواقعها وسببت خسائر
جديدة بين المتظاهرين. وهكذا انتهت انتفاضة النجف
وهي أول فعالية مشتركة للأحزاب الوطنية الثلاث في
تلك المدينة .
وتســــــــبب الخلاف الذي حصل حول إيقاف التظاهر
ورجوع
الشرطة إلى مواقعها وضرب المظاهرة، بأن تظهر
الحكومة وكأنها هي التي أوقفت المظاهرات بالقمع
بينما لو تم الاتفاق على الانسحاب لكان ذلك أفضل."
- ص 163.
دروس انتفاضة 1956 وتأثيرها على العملية
الثورية في العراق
يتحدث حسين سلطان في لقاء أجريته معه وهو مسجل على
شريط الكاسيت: " بعد أن نجحنا في بعض التفجيرات
وضعنا قائمة بأسماء عملاء الاستعمار في المنطقة (
الفرات الأوسط ) لغرض اغتيالهم، ثم جاءتنا رسالة
مستعجلة من قيادة الحزب تطلب إلينا التوقف، وأوصل
لنا هذا القرار عضو اللجنة المركزية محمد صالح
العبلي الذي جلب إلينا في مدينة النجف متفجرات
وعلمنا على استعمالها قبل ذلك، فقلنا لماذا نتوقف
والناس فرحت وشمتت بالعدو. ثم تسلمت رسالة من سلام
عادل دعاني فيها للحضور إلى بغداد، وأول سؤال
طرحته عليه عند اجتماعي به هو: لماذا نتوقف؟ وبعد
أن استمع إلى وجهة نظري المعارضة لوقف الأعمال
العنفية ( الاغتيالات )، أجاب سلام إن التفجيرات
والاغتيالات محدودة التأثير، ما رأيك لو نستبدلها
بالطائرات والدبابات والأسلحة الحديثة؟ قلت له
طبعاً هذا أفضل من التحول إلى فرقة اغتيالات، وبعد
أن شرح لي أسباب أقدامه على وقف التفجيرات
والاغتيالات، وافقته على ذلك، فقال لي إذن أذهب
إلى اللجنة العسكرية في الديوانية فقد رتبت لك
موعدا مـعهم في بيت الضابط كاظم عبد
الكريم لأنك ستتولى قيادتها ."- ص 180.
مساهمات الشيوعيين العسكريين في
ثورة 14 / تموز / 1958
ويقول العضو المرشح للجنة المركزية، آنذاك،
المرحوم حسين سلطان في مقابلة مسجلة معه، بأن جميع
الخطوط العسكرية لنا في الجيش قد اتحدت في بداية
عام 1958 مع تنظيم عبد الكريم قاسم. وقال حسين
سلطان الذي كان مسؤولا عن خط الحزب العسكري في
الفرقة الأولى، بأنه هو ومسؤول الفرات الأوسط
اللذين سجنا في أواخر عام 1957 قد تسلما رسالة في
السجن من سكرتير الحزب سلام عادل تنبئهما بان جهود
الحزب قد أثمرت في توحيد خطوطنا العسكرية مع
تنظيمات أخرى، علمنا بعدئذ أنها تحت قيادة عبد
الكريم قاسم وتتمركز في ( معسكر ) المنصورية
وتكللت بالنجاح فانضم إليه خزعل السعدي وإبراهيم
العلي وخليل العلي وفاضل طه الدوري والزهيري
وغيرهم ) ص 220 .
الاجتماع الموسع للجنة المركزية في تموز 1959
...قد صور حسين سلطان اليوم الأول للاجتماع بأنه
اجتماع كانت أثناءه رموز الكتلة تهاجم السكرتير
وفرديته والأخطاء في العمل الحزبي. والنشاط
السياسي وغيرها وعمدت إلى تهويل كل الأخطاء
والنواقص وتملصت من مسؤوليتها الجماعية في العمل
كأعضاء في ( م . س ) .
يقول حسين سلطان ( 1 ) : " كان سلام عادل يدون أو
يســتمع
بهدوء لكل ما قيل. عدا بعض المداخلات وهي على شكل
استفسارات على الأغلب. وقد ظهر على بعض الحاضرين
شعور بالخيبة، حتى بالنسبة له شخصياً، رغم معرفته
الطويلة بسلام عادل. وعندما بدأ سلام الكلام سمع
تعليقاً من أحد الحاضرين وهو يهمس قائلا: ماذا
ستقول!؟ " وهو يعكس كون موقف السكرتير أصبح ميؤساً
منه. ولكن الحجج والبراهين والمعالجات التي أوردها
قلبت موازين القوى لصالحه بهذا القرار أو ذاك
تبعاً لطبيعة المواضيع. وعندما طرح اقتراح إبدال
السكرتير فشلت الكتلة في مسعاها وأعادت اللجنة
المركزية انتخابه بأغلبية ساحقة ".
*** ***
وعن ذات الموضوع يقول حسين سلطان أيضاً
:(2)
"... وقد أخذ جو الاجتماع يتغير من خلال النقاشات
والحجج والمعطيات التي قدمها السكرتير والتي لم
يكن كل أعضاء اللجنة المركزية على اطلاع كامل
عليها... وعندما نوقشت سياسة الحزب فقد أقرت
الأكثرية إتباع سياسية التراجع، ولكن بانتظام، أو
ما أطلق عليه سلام عادل " التراجع المنظم " من
خلال الكفاح والدفاع عن المواقع. وهزمت سياسة
التراجع الاستسلامي. وفي الانتخابات جددت اللجنة
المركزية انتخابه سكرتيراً لها ولم يحصل هادي هاشم
إلا على صوتين ( صوت بهاء وعامر ) .
(1) مقابلة مسجلة معه في بلغاريا في عام 1984
يشرح فيها التفاصيل
78
المذكورة أعلاه. ص 75 .
(2) مقابلة مع حسين سلطان أجرتها المؤلفة في
منتصف الثمانينات- وهي مسجلة على شريط كاسيت. ص
79.
79
آل صُبـّي*
آل صُبّي أسرة عربية نجفية تنتسب إلى
عشــــــــــــــيرة خالد ( الخوالد )، سكنوا
النجف في القرن الثالث عشر الهجري، برز منهم
المرحوم الشيخ كاظم بن جاسم صُبّي كان رئيس طرف
البراق وأحد ثوار النجف عام 1917 / 1918م، قامت
السلطات البريطانية بإعدامه مع رفاقه ونفذ الحكم
في شعبان 1336هـ / 1918م وأعـقب ولداً واحداً هو
جواد ( ولد 1917م ) وجواد أعقب عدة أولاد منهم
كاظم، وكان لشيخ كاظم صُبّي عدة إخوة منهم محمود
بن جاسم صُبّي قتله الأتراك في معركة القصر في بحر
النجف واحتزوا رأسه وطيف في أسواق النجف عام (
1326هـ / 1909م ). ومن ثوار النجف عام 1917 /
1918م عطية بن محمد بن جاسم صُبّي وحامض صُبّي (
ابن أخو كاظم ) وحسون صُبّي ( ابن عم كاظم )
وسلمان صُبّي حيث قامت السلطات الإنكليزية بسجنهم
ثم نفيهم خارج النجف، ومنهم اليوم محمود صُبّي
وأولاده، وعبد صُبّي وغيرهم وهم كثيرون في النجف(1)،
وقسم منهم سكن الكوفة برز منهم تركي وعبادي وكردي
أولاد
80
حاج عباس بن حسين الثامر وسعد ونوري وجبار أولاد
ناصر بن حسين الثامر ومهدي بن حسين الثامر وعزيز
بن عبد النبي صُبّي وفاضل كاظم صُبّي وقحطان عبد
الحسين صُبّي ومحسن علوي حسون صُبّي وغيرهم وآل
صُبّي في النجف أسرة عرفت بالشجاعة والفضل والكرم
ونالت احترام الناس ومحبتهم(2) .
(1) دراسات عن عشائر العراق ص49، ثورة النجف ص322
.
(2) تاريخ الكوفة جـ1 ، جـ3 / ص155 .
* كتاب / الدرر البهية في أنساب عشائر النجف
العربية / الجزء الثاني
تأليف / عباس محمد الزبيدي الدجيلي
الطبعة الأولى / 1990م / 1410هـ
81
الفهرس
الإهداء
......................................................
3
صورة الفقيد حسين سلطان
................................ 5
المقدمة
......................................................
7
أوراق من حياة شيوعي حسين سلطان صُبّي
1920 ــ 1992 باقر إبراهيم
...................... 11
حسين سلطان حمادي كاظم فرهود
................ 15
مذكرات قياديين شيوعيين تحاكم تاريخ حزبهم
في العراق د. كاظم الموسوي
................... 23
بعيداً عن الشيوعية، قريباً من الحياة ...!
( حسين سلطان صُبّي الإنسان والمناضل )
محسن صابط الجيلاوي
.................................. 33
مذكرة اعتراضية من كادر في القيادة
................... 37
حكايات فلاحية : من قبة أم عرفان ! إلى قبة
البرلمان ! صالح حسين ( أبو سارة )
............... 50
بعض الصفحات من مذكراتي باقر إبراهيم
.......... 64
مداخلات حسين سلطان في كتاب
( سلام عادل ــ سيرة مناضل )
......................... 74
آل صُبّي
..................................................
80
الفهرس
...................................................
82