<%@ Language=JavaScript %> فواز طرابلسي ما زالوا يسعون إلى الشرعية الخارجية!
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

ما زالوا يسعون إلى الشرعية الخارجية!

 

 

فواز طرابلسي

 

حتى لا تأخذنا نظريات «المؤامرة» وابنة عمتها «الفتنة» ولا تسيطر علينا هواجس «الشرق الاوسط الجديد» واخواته و«الفوضى الخلاقة»، يمكن المجازفة بتصوّر السياسات الاميركية تجاه المنطقة كما تعبّر عن نفسها في اللحظة الانتقالية الحالية.
والافتراض هنا ان خطاب الديموقراطية الاميركي كان دوماً يتطلب العناية الفائقة لنوعين من التمييز. التمييز في السياسة الاميركية بين القول والفعل. والتمييز لديها بين ما الذي تعنيه عندما تتحدث عن ديموقراطية.
غرض هذه العجالة هو التأكيد على امرين: الاول ان الثابت في السياسة الاميركية هو فرض الامر الواقع على المنطقة باسم اولوية الامن ـ امن اسرائيل والنفط ـ وقد اضيف الى الاولوية الامنية شل قدرات الجماهير الثائرة على الفعل المباشر او غير المباشر. والامر الثاني، هو أن الانظمة التي تتعرّض للانتفاضات الحالية لا تزال تؤثر تجديد شرعيتها من القوى الغربية، على السعي لكسب الشرعية من شعوبها.
في مصر، جرى الاطمئنان الغربي الى الاساس: تولي «المجلس الأعلى للقوات المسلحة» الحفاظ على الامن الاقليمي ورعاية المرحلة الانتقالية. وانتقل الهمّ المشترك الى اخراج الجماهير من الشارع وميادين الفعل والتأثير. ولا شك في أن واشنطن ترى بعين الرضا الى اعلان «المجلس الاعلى» نيته حظر التظاهرات والاعتصامات وتحذيره من «خطر» التحركات والإضرابات المطلبية والعمالية.
هكذا ارتهنت الحلقة السياسية بالحلقة الأمنية. تأجّل البتّ في إلغاء حالة الطوارئ الى عشية الانتخابات. وبعد نجاح الاستفتاء على التعديلات الجزئية على الدستور، لا يزال السؤال الرئيسي للعملية الديموقراطية في مصر هو عن مدى قدرة قوى التغيير فرض تعديلات دستورية تكرّس المساواة السياسية والقانونية بين المواطنين وتحقق التوازن، في أقل تقدير، بين صلاحيات رئيس الجمهورية (شبه المطلقة في الدستور الحالي) وبين المجلس النيابي، بما هو هيئة رقابة على السلطة التنفيذية.
في ليبيا، حال التدخل العسكري الاطلسي، الذي استدرجته مجازر القذافي، دون مجزرة مروّعة كانت سترتكبها ألويته الزاحفة على بنغازي وشرق ليبيا. الا ان التدخل العسكري وضع اميركا واوروبا أوصياء سلفاً على مصير النظام الليبي البديل. فالعجز العسكري للمعارضة عن الحسم إما ان يسهم في تقسيم الأمر الواقع وإما أن يملي حلاً تفاوضياً برعاية أطلسية. هكذا يدور السباق العسكري الآن مدار السيطرة على خريطة النفط والغاز، من اجل تعيين لمن الغلبة في التسوية، فيما انقلب موقف القذافي رأساً على عقب. سريعاً، أقلع «القائد» عن «جهاده» ضد «الحملة الصليبية» ويقال إنه ابتدع عن اقتراح توريث سيف الإسلام ومعه دستور وبرلمان ليحلّ بديلاً من «جماهيرية» أبيه. مع ان الاقتراح مستفظع من حيث وقاحته، ويسهل صرفه بما هو مجرد مناورة، إلا أن ثمة من يستمع اليه باهتمام في الدوائر الدبلوماسية في لندن وأثينا وأنقرة.
البعض ممن لم يفاجئه خطاب الرئيس الاسد امام مجلس الشعب، ولا أحبطه، حلل انه تكمن وراءه مكابرة من يرفض التنازل تحت «ضغط الشارع»، مع أن الشارع المعني كان قد أعطى الرئيس السوري استفتاء مليونياً قبل ساعات قليلة.
مهما يكن، ما لم يفهمه كثيرون هو: لماذا الاستمرار في إطلاق النار على متظاهرين مدنيين في الوقت الذي يعلن فيه الرئيس الأسد جدولاً زمنياً متسرّعاً، لا سريعاً، للبت في قرارات ومشاريع قوانين المعروف عنها ان الحكم قد أعدّها منذ سنوات؟ الا ان المشاريع ذاتها تبدو أقل من تغلّب الإصلاح على «الفتنة». فمشروع قانون يستبدل قانون الطوارئ بقانون مكافحة الإرهاب، مستوحى، كما يقال، من افضل القوانين البريطانية والاميركية، يبدو تنازلاً سهلاً لأولوية غربية خارجية تطالب سورية بالتشدد في «مكافحة الارهاب». يبقى السؤال، من منظار المواطن السوري، عما سوف يقدّمه له من ضمانات ضد الاعتقال الكيفي ومن اجل المثول أمام المحاكم المدنية والتمتع بالضمانات القانونية المرعية الإجراء في سائر دول العالم المتحضر. اما البتّ بموضوع تجنيس الاكراد، المؤجل البت فيه منذ العام 1962، فيمكن، لمن يرغب، ان يدرجه إدراجه، من حيث التوقيت، في خانة «أمنية»: لجم انضمام القوى الكردية الى الحراك الديموقراطي. يمكن تأجيل التعليق على المشاريع الباقية الى حين صدورها. ولكن لا بدّ من التساؤل: ما دام ما حصل في درعا «مشروع فتنة» انكشفت بعض «خيوطها»، ما الجدوى من عزل المحافظ وعزل مدير المخابرات فيها، وتشكيل لجنة تحقيق في ما جرى في المدينة ومحيطها؟
السياسة الأميركية تجاه الحكم في دمشق سياسة مركّبة. وكذلك السياسة التي تتعاطى بها دمشق مع واشنطن. هل توقظ الصدامات الأخيرة بين محتجين سوريين وقوى الأمن رغبات اميركية مكبوتة، او مخفقة، منذ احتلال العراق؟ الجواب في التوفق الى بديل يؤمن شرطين: ضبط الحدود اللبنانية ـ السورية مع فلسطين المحتلة، بما في ذلك ضبط حركة المقاومه عليها؟ تولي المسؤولية السياسية، والأمنية، عن الحكم في لبنان، ولو في شراكة غير متساوية مع العربية السعودية؟
في سياق التحولات في العلاقات العربية الغربية، كرر «مجلس التعاون الخليجي» تلبيته ثابتاً أساسياً من ثوابت السياسة الأميركية: تحويل العداء من إسرائيل الى ايران. ولكن على نحو مبتكر إذ جرى تحميل الجمهورية الإسلامية الإيرانية المسؤولية عن أحداث البحرين والكويت. لنفهم معنى ذلك جيداً. اي ان «المجلس» دعم سياسة ملك البحرين في «تغريب» 70٪ من شعبه بتحويلهم الى إيرانيين، او الى من يأتمرون بأوامر ايران. بديلاً من تقديم أي تنازل لهم من حيث انهاء التمييز الطائفي بحق شيعة البحرين وتحقيق المساواة السياسية والقانونية والإدارية وفي المواطنة بين البحرينيين؟ اليس في ذلك المزيد من الزج لإيران في الخليج طرفاً في تسوية ازماته مع الولايات المتحدة الأميركية بدلاً من العكس؟
في السياق ذاته، فتحت قرارات مجلس التعاون الخليجي عن اليمن الباب امام وصلة جديدة من التحكم الاميركي بمصير الانظمة المهتزة عن طريق الوساطة بين الحكام والمعارضات. سارعت اوساط رسمية في واشنطن، التي لم ترمِ على عبدالله صالح بوردة منذ بدأ قتل أبناء شعبه بما في ذلك مجازره في تعز والحديدة في الايام الاخيرة، الى تشجيعه على مباشرة إجراءات تسليم السلطة. تدخل واشنطن، ومعها الرياض، هذا المدخل بعد ان وافق علي عبدالله صالح نفسه على البحث (البحث) في تسليم السلطة الى نائبه. في الأمر مناورة تتردد تجاهها المعارضة الرسمية ويرفضها الشباب الثائر في ميادين التغيير والتحرير.
في الانتظار، يبقى المشروع الوحيد لبناء «الشرق الأوسط الجديد»، والأحرى العالم العربي الجديد، هو الذي ترفع راياته الانتفاضات الشعبية العربية بسواعد شبابها وإرادات شعوبها.


fawwaz.traboulsi@gmail.com

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا