<%@ Language=JavaScript %> حواتمة في برنامج "رحلة في الذاكرة" الحلقة الثانية
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

حواتمة في برنامج "رحلة في الذاكرة"

قضايا ثورات التحرر الوطني العربية

الحركات والأدوار في مسار النضال

ـــ الحلقة الثانية  ـــ

 

حاوره: خالد الرشد

فضائية "روسيا اليوم"

 

المذيع: يستمر نايف حواتمة أحد أبرز الزعماء الفلسطينيين والأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في حوار "روسيا اليوم" عن أدوار الحركة القومية والتقدمية ونشاطه في أكثر من بلد عربي، ويطال هذه الحلقة مرحلة ستينيات القرن الماضي.

ويعير نايف حواتمة اهتماماً كبيراً بحوارنا عن الوضع في العراق والصراعات بين التيارات والقوى السياسية بعد ثورة 14 تموز/ يوليو 1958 في العراق، نشاطه ودوره، حيث تعرض للاضطهاد زمان سلطة عبد الكريم قاسم وقبع في المعتقلات العراقية. وشاطره  في ذلك عشرات من ممثلي الحزب الشيوعي العراقي وحزب البعث.

ويسلط ضيف البرنامج الضوء على الإطاحة بحكم عبد الكريم قاسم. ويذكر الدور الذي لعبته في  تنظيم الانقلاب شتى الأحزاب السياسية والتنظيمات في العراق.

ويتحدث نايف حواتمة عن أسباب الشقاق في صفوف حزب البعث الذي تولى زمام السلطة في العراق والخلافات الحزبية والسياسية العراقية مع النظام البعثي الذي اكتسب سمات الدكتاتورية. ثم يتطرق إلى العمليات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي أجريت  في العراق واليمن في منتصف الستينيات ويقدم تقييمه لطبيعتها.

ويتحدث الأمين العام للجبهة الديمقراطية عن عودته إلى عمان حيث استمر في العمل وانتقال الكثير من القياديين الفلسطينيين إلى موقف الاشتراكية العلمية مشيرا إلى أن حركة فتح نفسها استعارت بعض الجوانب لهذه العقيدة. ويذكر ضيف البرنامج دور مختلف حركات التحرر الوطني والبلدان الاشتراكية برئاسة الاتحاد السوفيتي  في مساندة الثورة الفلسطينية وتطورها.

كما يذكر في معرض حديثه عشرات الأسماء لمختلف الساسة العرب والفلسطينيين، ويقدم بعض التفاصيل المثيرة. وفي هذا السياق يمكن وصف كلامه بأنه موسوعة سياسية فريدة من نوعها للعالم العربي في مرحلة أعقبت الحرب العالمية الثانية.

 

المذيع: في الحلقة الأولى برز أنه في الأشهر الأخيرة من حكم قاسم كنت معتقلاً ؟

صحيح ...، كنت معتقلاً، وقعت تدخلات متعددة وفي مقدمة التدخلات في حينه من عبد الناصر، وطبعاً استكمالاً لسؤال سابق: واحدة من القضايا البرنامجية في النضال القومي حينذاك هي بناء اتحادية بين مصر وسورية والعراق. عندما خرجت وضعوني في سجن الأمن العام مع الموجودين، كان العشرات من الشيوعيين والبعثيين (ما يسمى بالقاووش باللغة العراقية).

المذيع: كان هناك شخصيات بارزة !

موجودين بالتأكيد، كان بين هؤلاء علي صالح السعدي أمين القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي الذي أصبح بعد انقلاب 8 شباط/ فبراير 1963 نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية، والدكتور كاظم حبيب عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، وكان من بين هؤلاء في سجن بغداد أيضاً آخرين، كنتُ قد التقيتُ بهم قبلها بالسجن المركزي ببغداد، وكان صالح مهدي عماش، وأحمد حسن البكر، وحردان التكريتي، وآخرين من العسكريين، السياسيين، التقيتُ بهم في سجن بغداد المركزي وسجن الأمن العام، خرجتُ من الزنزانة بجهد مني صباح انقلاب 8 شباط/ فبراير 1963، فجاء الحارس وقلت له أعطيني مدير الأمن العام أريد أن أتكلم معه، هناك أمر خطير وأريد أن أقوله له، فذهب الحارس وأخبره، وحين جاء قلت له أطلق سراحي فوراً لأن هذا الذي يجري الآن في شارع الرشيد العمليات العسكرية الجارية، البيانات لغتها قومية دون تحديد أسماء، والإعلان بأن عبد الكريم قاسم قد حُوصِرَ وقُتِلَ ... الخ، للحركة القومية، لرفاقي وأصدقائي علاقة به، ولذلك سأحملك المسؤولية إذا أخرتني دقيقة واحدة إضافية، في تلك اللحظة لم تعلن العملية السياسية والعسكرية الجارية أية أسماء تشير إلى هوية قيادتها.

المذيع: هذه خطوة ذكية جداً ! ...

فعلياً وضعني في ذلك القاووش، وجدت هؤلاء جميعاً أمامي. راجع مدير الأمن العام وفعلاً خرجت، وبعدها كما علمت بعد أن خرجت بساعتين خرج كل الموجودين في السجن من حزب البعث من الرابطة القومية من الشيوعيين ومن الأكراد، أي بعد أن تأكدوا بأن العملية البعثية قد نجحت خرج الجميع، وأنا كنت قد خرجت وبتعبير أدق بات معروفاً بالعراق وكتب كثيراً عن هذا أنني قد حررت نفسي بنفسي (أقترح العودة إلى كتاب العميد عبد الكريم فرحان "حصاد ثورة"، تسلم وزارة الثقافة والإرشاد القومي في 8 شباط/ فبراير 1963) وكتاب هاني الفكيكي عن تجربته في حزب البعث "أوكار الهزيمة ـ تجربتي في حزب البعث العراقي").

المذيع: ما هو سبب الخلاف الذي وقع بينكم وبين عبد السلام عارف بعد أن جاء البعثيون إلى الحكم في العراق؟ لماذا قررتم مغادرة العراق ؟ هل يعني أنه خاب الأمل في أن تصلح الثورة في العراق ؟

لا يوجد سبب سياسي، فالسبب شخصي عند عبد السلام عارف وأحمد حسن البكر. البعث الأول كان متحالف مع عبد السلام عارف، اصطدم عبد السلام عارف وانقسم حزب البعث على نفسه وطرد جناح علي صالح السعدي من الحزب، وبقي الجناح الآخر الذي من أبرز عناصره حازم جواد، هاني الفكيكي، وطالب شبيب الذي أصبح وزير خارجية فيما بعد، وعسكريين أبرز عناصره أحمد حسن البكر، صالح مهدي عماش، حردان التكريتي ... هؤلاء تحالفوا مع عبد السلام ضد علي صالح السعدي ومن معه، وفُصِلُوا من الحزب، هذه العملية تمت في تشرين الثاني/ نوفمبر 1963، أنا كنت في حينها خارج العراق، وأُبعدتُ في آذار/ مارس 1963 إلى القاهرة، ومن القاهرة إلى بيروت.

المذيع: لماذا أبعدتم ؟

لأننا اصطدمنا مع البعثيين، كنا ضد هذا النظام الديكتاتوري أيضاً، وأعلنا ذلك، أصدرنا جريدة علنية اسمها الوحدة، وهي العلنية بديلاً عن نفس الجريدة السرية واسمها "الوحدة"، وشخصياً تحملت مسؤولية الافتتاحية (المقال الرئيسي) السياسي + الصفحة الأولى، وصاحب الامتياز ورئيس التحرير كان الرفيق والصديق المناضل باسل كبيسي، أُغلقت الجريدة بعد 27 يوماً فقط، والأغلبية الساحقة من الافتتاحيات منعت، وأتذكر من بين الافتتاحيات افتتاحية عنوانها "لا للديكتاتورية أبداً"، وافتتاحية أخرى "الأكراد وحق تقرير المصير"، وهناك افتتاحيات متعددة كثيرة منتقدة للبعث وسلوك البعث الأول؛ عندئذٍ ألقي القبض عليّ، وحجزت، ووقعت تدخلات جديدة أيضاً من سورية ومن مصر تدخل عبد الناصر، ومن سورية ميشيل عفلق وصالح الدين البيطار، بأن استمرار اعتقال هذا الرجل وتعطيل جريدة "الوحدة" وصحف أخرى سيُحمّلنا في سورية أعباء كثيرة، وسنصبح في نظر كل الاتجاه القومي أننا نبني ديكتاتورية في العراق، ولاحقاً في سورية، فلذلك ضغطوا أيضاً باتجاه إبعادي فأُبعدتُ إلى القاهرة، بعد فترة قصيرة انتقلت إلى بيروت ومواصلة العمل المركزي القومي والتقدمي، ومن بيروت فيما بعد هزيمة 1967 بدأت بالإعداد للانتقال إلى الأردن في هذا الميدان كما ذكرنا، وعندما قام البعث الثاني برئاسة البكر وبالتحالف مع عبد السلام عارف؛ قُمتُ بزيارة إلى بغداد، فزرت وباسل الكبيسي العديد من الوزراء القوميين وقد أصبح العميد صبحي عبد الحميد وزيراً للخارجية، و زملاء آخرين عراقيين أصبحوا وزراء، وزرت أيضاً عبد السلام، حيث أن عبد السلام يعرف الكثير عن عملنا داخل الجيش، ويعرف الكثير عن علاقاتنا مع العديد من الضباط الذين أصبحوا كذلك وزراء معه ومع البعث الثاني.

المذيع: انضموا إلى البعثيين ... أي من قوميين إلى بعثيين ؟! ...

لا كانوا قوميين لهم أدوار في ثورة 14 تموز/ يوليو 1958، فتنظيم الضباط الأحرار كان يضم ضباط من مختلف ألوان الطيف.

البعث الثاني أحمد حسن البكر وصالح مهدي عماش وآخرين ... تحالفوا مع عبد السلام ضد علي صالح السعدي، وانتهى البعث الأول، وأصبح بعث ثاني قومي بعيد عن الأفكار اليسارية ومعادي لها، وبذلك الوقت أتذكر بالإضافة إلى أحمد حسن البكر وصالح مهدي عماش؛ زرت أيضاً ضباط يعملون بالتحالف معنا ولكن قوميين: صبحي عبد الحميد وزير الخارجية، عبد الكريم فرحان (كان وزير إرشاد وإعلام قومي)، عبد العزيز العقيلي وآخرين، باعتبار عملنا مع بعضنا البعض لفترة طويلة أيام عبد الكريم قاسم وأيام البعث الأول. يعرف عبد السلام عارف بهذا كله، ولذلك خشيَ أن أبقى في العراق، واعتقدَ أن التعاون بيننا وبين قوى أخرى قد يؤدي إلى شيء آخر، إلى عملية عسكرية ضده وضد البعث الثاني بزعامة أحمد حسن البكر، ولذلك عبد السلام عارف أخذ قرار بإبعادي مرة أخرى، وأُبعدتُ فعلاً، في حينه عدتُ إلى بيروت، في المرة الثانية أصبح مرئياً أين يجرُّ البعث الثاني وعبد السلام عارف الوضع في العراق باتجاه يميني ديكتاتوري، ومصادرة الحريات الديمقراطية، ومصادرة التعددية الحزبية والتعددية الإيديولوجية والسياسية، حتى في تلك الزيارة القصيرة عندما التقيتُ بصالح مهدي عماش كان وزير دفاع؛ تكلّم معي بأنه لن يسمحوا "للماركسيين والشيوعيين" بالعمل في العراق، وسوف يتخذون كل الإجراءات العملية ضد هؤلاء، وخرجت من عنده وكان عندي موعد آخر بشارع الرشيد في فندق العراق مع عامر عبد الله عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، ومع عبد الرحيم عجينة عضو اللجنة المركزية للحزب، جلستُ معهم وقلت لهم انتبهوا؛ البعث الثاني وعبد السلام سيقومون بعملية استئصال للحزب الشيوعي العراقي، انتبهوا ورتبوا أموركم قبل أن تداهمكم الأحداث، وفعلاً فيما بعد هذا ما حصل، ارتكبوا المجازر مرة أخرى بحق الحزب الشيوعي العراقي، ثم توقفت، وجاء صدام حسين نائب لحسن البكر، وجرت تصفية بالجو لعبد السلام عارف.

المذيع: هي تصفية أم سقوط طائرة عبد السلام عارف "قضاء وقدر"، هل لديكم معلومات بأنها مدبّرة ؟

الذي قال "قضاء وقدر" أوساط حاكمة، أنا أعرف أنها تصفية ...

المذيع: من قال لكم أنها تصفية ؟

أنا أعرف من قمة السلطة.

المذيع: هل هذا مؤكد، هذه المعلومات مهمة جداً، حتى الآن هناك الكثير من المزايدات، هناك من يقول قتل وهناك من يقول "قضاء وقدر"، أنتم متأكدين بأنها تصفية حسابات داخل التحالف الحاكم ؟! ...

نعم تصفية ...

المذيع: المعلومات التي لديكم من أوساط الجيش مَنْ هُمْ المعنيين في تصفية عبد السلام عارف بشكل أو بآخر ؟

أوساط لها علاقة ولها معرفة بالذي حدث.

المذيع: في المرحلة من عام 1963 إلى عام 1967 إلى أي دولة توجهتم وما هي أهدافكم الأساسية؛ وربما الأفكار التي أردتم أن تحملوها إلى هذه الدول ؟

انشغلت كثيراً مع التيارات التقدمية الديمقراطية في الحركة القومية وفي مجلة "الحرية"؛ بقضايا التحولات الإيديولوجية الاشتراكية في الحركة القومية، بعد أن عقد الجناح اليساري في حركة القوميين العرب المؤتمر العام لفروع الحركة في البلاد العربية عام 1963، وقرر المؤتمر التحولات نحو الاشتراكية العلمية (راجعوا كتاب محمد جمال باروت "حركة القوميين العرب ـ النشأة ـ التطور ـ المصائر"، وكتاب "حركة القوميين العرب" ـ 4 أجزاء ـ تحرير هاني الهندي من أبرز مؤسسي الحركة)، وهذه الكتب خير دليل على الأدوار والتحولات وبالأسماء.

انشغلتُ بالقضايا الخاصة باليمن بين عامي 1963 و 1968، وفي اليمن كان الصراع محتداً قبل تحرير وتوحيد جنوب اليمن (21 سلطنة وإمارة إضافة إلى عدن)، وبعد إنجاز الاستقلال بين الفريق اليساري وبين الفريق الوطني اليميني، فالفريق الوطني القومي اليساري برئاسة عبد الفتاح إسماعيل والفريق الآخر برئاسة قحطان الشعبي؛ الذي أصبح أول رئيس جمهورية، والصراع كان يدور أثناء حرب التحرير على دور واستقلال الجبهة القومية لتحرير الجنوب ورفض انقلاب يناير 1966 وقضايا الصراع بين الجبهة القومية وجبهة مكاوي ـ الأصنج. وبعد الاستقلال كان يدور الصراع على قانون الإصلاح الزراعي ويدور على قوانين لها علاقة بالملكية العقارية خاصة في عدن، حيث كان هناك قطاعات برجوازية ناشئة في عدن تعتبر هي الأقوى مادياً ومالياً في عموم الجنوب اليمني، وكان شعارها "عدن للعدنيين" ورئيس وزراء عدن أيام الاستعمار لعدن كان من هذه المجموعة عبد القوي مكاوي، وأيضاً كان متحالفاً مع الحزب الاشتراكي الذي كان يرأسه عبد الله الأصنج ومحمد سالم باسندوه، وكان هذا الحزب على صلة بحزب العمال البريطاني (أقترح العودة إلى كتابي "أزمة الثورة في الجنوب اليمني" 1968).

عشيةً وبعد استقلال جنوب اليمن كنت على علاقة حميمة مع الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن ومع الحزب الديمقراطي الثوري شمال اليمن. ساهمت في إنجاز البرنامج اليساري الاقتصادي والاجتماعي والتنظيمي والسياسي والديمقراطي للجبهة القومية في المؤتمر الرابع في زنجبار آذار/ مارس 1968 وكنت شريكاً، كتبتُ مسودات برنامج "المؤتمر الرابع للجبهة القومية" الذي انعقد في محافظة أبين في زنجبار، كنت ومحسن إبراهيم معاً في عدن، غادر محسن إبراهيم إلى بيروت عشية المؤتمر، انعقد المؤتمر؛ وغادرت عشية انعقاده إلى شمال اليمن وكان معي في شمال اليمن المناضل القيادي في الحزب الديمقراطي الثوري (التنظيم السابق لحركة القوميين العرب في شمال اليمن) محمد سعيد الجناحي، وكان لنا عمل في شمال اليمن مع الحزب الديمقراطي الثوري ومع قوى أخرى بما فيها مع ضباط بثورة 26 أيلول/ سبتمبر الشمال، هي كانت تتويج لسلسلة من النضال على مدار سنوات في النضال المشترك في الجنوب وثورة 14 أكتوبر (أقترح العودة إلى كتابي: "أزمة الثورة في الجنوب اليمني ... تحليل ونقد" 1968، ومع الحزب بالديمقراطي الثوري والنخب في الشمال ضد طاغوت الإمامة وبوسائل النضال المتعددة، بينما في الجنوب الثورة أخذت طابع آخر؛ طابع جماهيري، حركة كفاح مسلح ضد الكولونيالية البريطانية والمتعاونين مع الكولونيالية البريطانية، أنجزت الاستقلال وأنجزت وحدة الجنوب الذي كان مفككاً إلى واحدة وعشرين إمارة وسلطة، بالإضافة إلى عدن، ثم أخذت السلطة في بناء تجربة من نوع جديد في الجزيرة العربية ومن نوع جديد أيضاً في المنطقة العربية بأفق وطني يجمع بين برامج النضال لوحدة اليمن والعدالة الاجتماعية، ديمقراطية ومجانية التعليم والصحة، ونشر المناهج والثقافة العلمية، نحن فيما بعد ساهمنا بالجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في إعداد وصياغة ما يمكن أن يصطلح على تسميته بالثورة التعليمية والثقافية الجديدة، وأقترح العودة إلى الكتابات الفكرية والاجتماعية اليمنية في تلك المرحلة.

وبالتالي مرة أخرى أقول: الانشغالات كانت تملأ كل الزمن، وهذا الزمن مصحوب بسلسلة من التطورات والتحولات في كل حركة القوميين العرب، تركت تأثيراتها بالتأكيد خاصة أننا كنا نشطاء بالنشر في مجلة الحرية والكتابة، وأيضاً على مجموع الحركة القومية بالمنطقة، وأجزم أن ما فعلناه كان له تأثير على الوضع داخل حزب البعث، في التيار اليساري الديمقراطي بدأنا بإشهار هذا كله بالعراق وفروع أخرى منذ عام 1961، وعممنا هذا كله على الجميع بوثائق المؤتمر العام عام 1963، وأعلنا بمؤتمر جميع الفروع حل وإنهاء حركة القوميين العرب عام 1966: لأنها أصبحت فروع جديدة، وكل منها له برنامج له خصوصيته الوطنية المحلية (أقترح العودة لمجلة "الحرية" ولكتاب باروت "حركة القوميين العرب ... النشأة ـ التطور ـ المصائر".

بعد هزيمة حزيران/ يونيو 1967 أتيحت الفرصة للعودة إلى الأردن، كانت الضفة الغربية ـ الضفة الفلسطينية والقدس الشرقية وقطاع غزة قد تم احتلالها كما احتلال سيناء والجولان، عدتُ إلى عمان وبدأنا موجة جديدة من العمل من أجل بناء تيار قوي تقدمي جديد في الحركة الوطنية الفلسطينية في المقاومة الفلسطينية غير مسبوق إطلاقاً ... من شباط/ فبراير 1969 وحتى منتصف السبعينيات لم يبقى فصيل فلسطيني، لم يتبنى الماركسية بوعي متفاوت المعرفة والدرجة، متفاوت إمكانية اشتقاق البرامج والحلول الملموسة للقضايا المطروحة على جدول أعمال المقاومة وحركة التحرر الوطني الفلسطينية في كل مرحلة ... الجبهة الديمقراطية والجبهة الشعبية تبنت فيما بعد أفكار وشعارات ماركسية؛ جبهة النضال وجبهة التحرير الفلسطينية وقيادة الصاعقة في ذلك الوقت برئاسة ضافي الجمعاني، الذي كان أقرب في البداية إلى يسار البعث بزعامة صلاح جديد، كل هؤلاء تبنوا الماركسية، وحتى داخل فتح وجد اتجاه يتبنى الماركسية؛ من أبرز عناصره ماجد أبو شرار والعديد من التقدميين.

المذيع: هناك سؤال مهم ربما يظن البعض أن الماركسية كانت عبارة عن سد الفراغ الإيديولوجي ... لماذا أقول هذا؛ لأنه طبعاً وأسألك سؤال: هل كان أحد غيركم يفهم ما هي الماركسية وما هي اللينينية، وحذافير هذه النظريات والإيديولوجيات ... هل فعلاً كان الآخرين ينظرون للماركسية على أنها أفكار تستطيع أن تخترق عقول الشباب الذين كانوا ينضمون للمقاومة الفلسطينية ... ربما كانت سد فراغ أليس كذلك ؟! ...

اليسار الثوري الجديد والنهوض العالمي الهائل بعد الحرب العالمية الثانية للسوفييت، الصين، فيتنام، دور كوبا وأقطار أخرى، والنهوض الهائل لحركة التحرر الوطني العالمية بما فيه في البلدان العربية، هذا كله بتجاربه واستخلاص دروسه فعل فعله بصفوف الشباب في الثورات وحركات التحرر الوطني في العالم الثالث، وفي تجارب البلدان الاشتراكية، وحتى في بلدان العالم الرأسمالي العالي التطور ... لنلاحظ جميعاً الثورات الشبابية الماركسية في أوروبا 1968، الثورات اليسارية في أمريكا اللاتينية وإفريقيا، لتصبح الرؤية الاشتراكية وقاعدتها الماركسية هي الملهمة للشبيبة، والتي تقدم حلول ملموسة لإنجاز مهمات التحرر الوطني والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وفعلياً الجبهة الديمقراطية وكثير من حركات التحرر الوطني والثورات الوطنية الديمقراطية بأفق اشتراكي اعتمدت على القوى الفتية، القوى الشابة في مسارها التاريخي، والآن في صفوفنا أربعة أجيال يناضلون في صفوف الجبهة الديمقراطية وفصائل المقاومة من سن 15 ـ 16 سنة إلى سنوات أبعد من ذلك ... فالمناضل حال كل مبدع في أي ميدان من ميادين العلم والثقافة ... النضال في عالم الأوطان والشعوب نحو التغيير والتطور، طالما يواصل تقديم الجديد غير المسبوق يواصل العمل ...

 

أستاذ نايف شكراً جزيلاً لكم، ولنتوقف هنا اليوم ونتابع الأسبوع القادم ...

ـــ الحلقة الأولى  ـــ >>

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا