<%@ Language=JavaScript %>
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

مـقـالات فى الثورة

 

إعداد وتأليف :  د. رفعت سيد أحمد

فهرس الكتاب

الموضــــــــوع

الصفحة

مقدمة

5

الباب الأول

مقالات موسعة فى الثورة .. المسيرة والمصير

7

الفصل الأول

نعم .. ليرحل النظام .. ولكن ليأخذ معه الثالوث الأمريكى المعدل

(البرادعى – عمرو موسى – أحمد زويل)

9

الفصل الثانى

أسئلة الثورة المسروقة

19

الفصل الثالث

الثورة يصنعها الشرفاء ويسرقها " الأوغاد "

27

الفصل الرابع

لماذا لا يفتح ملف الفساد عن آخره ؟!

35

الفصل الخامس

هل تنجح (قناة العربية) فى " إسقاط مبارك " و" أمركة الثورة " لصالح إسرائيل ؟

43

الفصل السادس

لصوصك يا وطن .. متى تفتح الثورة ملفات لصوص أرض مصر المنهوبة فى عهد مبارك ؟

51

الفصل السابع

متى تنتقل شرارات الثورة المصرية إلى البلاد العربية ؟

61

الفصل الثامن

فى جمعة (التحدى) لنظام كامب ديفيد : " ذُق .. إنك أنت العزيز الحكيم "

71

الفصل التاسع

من اغتيال حافظ الميرازى ؟ مشاهد من توابع زلزال الثورة

81

الفصل العاشر

وينزع المُلك ممن يشاء !! دلالات سقوط نظام كامب ديفيد

89

الباب الثانى

تـأمـلات فى الثورة(هوامش على قضايا الوطن)

93

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــ    حقوق النشر محفوظة    ـــــــــــــــــــــــــ

اسم الكتاب : مقالات فى الثورة

إعداد وتأليف :  د. رفعت سيد أحمد

الطبعة : الأولى

سنة النشر : 2011 م 1432هـ

 

الناشر:  مركز يافا للدراسات والابحاث ـ القاهرة

ص ب 806 - المعادى القاهرة ت / فاكس 23806596 – ت/23782403

الموقع على شبكة الانترنت الدولية : www.yafacenter.com

E – mail : yafafr @ hotmail . com

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الإهداء

إلى شهداء الثورة ..

الذين يمتد موكبهم النبيل الذى مهد الأرض

(لثورة 25 يناير) من عبد المنعم رياض وسليمان خاطر

إلى شهداء ميدان التحرير

باقة حب ووعد نضال

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقدمة

إن ثورة 25 يناير 2011 ، لم تكن فحسب ثورة مصرية ضد طاغية أذل شعبه، واستبد ، وأفسد ، وأقام علاقات استراتيجية مع أعداء وطنه ، دمرت مفهوم الأمن القومى له ، بل كانت ثورة عربية ، وإسلامية ، وإنسانية بامتياز ، لقد كانت ثورة فريدة فى أدائها ، وملايينها وشهدائها وزحفها المقدس ، نحو إزالة أركان نظام عريق فى طغيانه ، وكانت وقائعها ، المتتالية بدءاً من ظهر يوم الثلاثاء 25 يناير وحتى مساء يوم الجمعة 11/2/2011 ، ثمانية عشر يوماً ، نموذجاً فذاً لثورة بدأت من القاعدة لتصل إلى القمة وتجبرها عبر المظاهرات المليونية السلمية ، على أن ترضخ لمطالبها المتتابعة ، وفى مقدمتها (الشعب يريد إسقاط الرئيس) ثم (الشعب يريد إسقاط النظام) ، وقد كان وبدأ الزلزال ، واستطاعت الملايين التى ملأت ميادين مصر ، بدءاً من ميدان التحرير بالقاهرة ، إلى ميادين السويس والإسماعيلية ، والمنصورة ، وصولاً إلى الإسكندرية حتى الصعيد (الجوانى) فى أسوان وسوهاج وأسيوط والمنيا ، أن تحقق المعجزة ، وتسقط حسنى مبارك ، صديق إسرائيل وأمريكا والصانع الأكبر للاستبداد والفساد والتبعية فى مصر ، والذى قزَّم مصر إلى الحد الذى أصبحت معه  بلا دور أو قيمة أو مستقبل . لقد أعاد الثوار ، وفى طليعتهم شباب مصر من كل الاتجاهات ، الروح لهذا الوطن ، بعد أن أماتها حكم الطغيان .

* صحيح لاتزال هناك (مهمات كبرى) لم تُنجز بعد ، وصحيح أيضاً هناك مخاوف عديدة على الثورة من أن يسرقها بقايا النظام السابق ، أو أن (تؤمرك) أو تؤسرل (نسبة إلى إسرائيل) ثانية ، لكن الصحيح أيضاً ، أن هذا الشعب ، قادر على تحقيق ما تبقى من مطالب الثورة ، وإكسابها بعدها العربى المقاوم ، وتبديد المخاوف المحيطة بها ، لماذا لأنه ببساطة شعب أراد الحياة ، وحتماً سيستجيب القدر وكل من وضعهم هذا القدر فى المرحلة الانتقالية الراهنة سواء كانوا (عسكراً) أو (مدنيين) .

إن الشعب الذى كسر المحرمات وأسقط مبارك "الأب والابن " والنظام وقبضته الأمنية ممثلة فى قوات الأمن المركزى ومباحث أمن الدولة والإرهاب الأمنى بقيادة حبيب العادلى (وزير الداخلية السابق) الذى يحاكم الآن وهو فى السجن لقادر على أن يحقق مطالبه ، ويصل إلى غاياته مهما كانت الصعوبات ، والمؤامرات .

* إن ما بين يدى القارىء العزيز ، هى مجموعة من مقالاتنا التى نشربعضها عبر صحيفة (الدستور المصرية) وعشرات المواقع عبر شبكة المعلومات؛ رأينا ،لأهميتها ، سواء من حيث القضايا التى تناولتها ، ولاتزال قائمة ، أو لأنها شاهد على لحظات الثورة الأولى وانطلاقاتها ومراحلها ، أن نقدمها ثانية فى كتاب شامل ، وهى مقالات بدأ نشرها فى اليوم الثانى لبدء الثورة (26 يناير 2011) وانتهت نشراً، صباح يوم 28 فبراير 2011 – دون أى تغيير فى صياغتها أو تواريخها - أى أن مداها الزمنى (حوالى الشهر وأربعة أيام) ، وهى تنقسم إلى نوعين من المقالات ، النوع الأول : مقالات تحليلية موسعة (ووضعناها فى الباب الأول) والنوع الثانى : مقالات قصيرة ، كانت تنشر يومياً فى صحيفة الدستور تحت عنوان (تأملات سياسية) ووضعناها فى الباب الثانى من هذا الكتاب، وكل ما نرجوه ، هو أن تمثل هذه المقالات بالأفكار والرؤى والمواقف التى سجلتها ، إضافة متواضعة على طريق الثورة ، التى لاتزال مستمرة ، ثورة الشعب المصرى ضد حكم الطغيان والتبعية . والله المستعان .

 

 

 

 

الباب الأول

 

مقالات موسعة فى الثورة ..

المسيرة والمصير

 

 

الفصل الأول

نعم .. ليرحل النظام .. ولكن ليأخذ معه الثالوث الأمريكى المعدل

(البرادعى – عمرو موسى – أحمد زويل)

 (1)

* نعم ينبغى أن يرحل النظام الحالى ، وأن تشرق على مصر شمس الحرية الحقيقية ، نعم لابد وأن يتم ذلك بأقل قدر من الآلام والتجويع والترهيب ، نعم من حق هذا الشعب أن يحصد ثمناً لدماء الـ 450 شهيداً وآلاف الجرحى فى ثورة يناير ، نعم ..

* ولكن .. من العار علينا ككُتاب أحرار ، أو كمشاركين فى (عرس الديمقراطية) ، أن نصمت على المؤامرة الأمريكية الجديدة التى تتم لسرقة كل هذه الحقوق ، وتحويل الثورة إلى (انتفاضة أمريكية) يقودها أمثال البرادعى وعمرو موسى وأحمد زويل ، من العار أن يبتلع الشرفاء المنتفضون هذه (الخدعة) وأن يمررها لهم إعلام الوهابية المتأمرك أمثال قنوات (العربية) والـ B.B.C والـ سى . إن . إن ، أو عبر الإعلام الحكومى بعجزه وأدائه غير الصادق وغير الأمين لما يجرى على الأرض .

* إن السيناريو الأمريكى المشبوه الذى يجرى ، ويُراد فرضه ، بإخراج تليفزيونى ملون ، هو سيناريو تسليم الحكم لثالوث أمريكى جديد يتشكل من البرادعى وعمرو موسى وأحمد زويل أو من شابههم ، من الذين ناموا دهراً فى حضن النظام السابق ، وفى حضن واشنطن وتل أبيب، ثم عندما شاهدوا من شرفة قصورهم (للبرادعى قصر فى منتجع رجل النظام السابق زهير جرانة فى الهرم وكذلك لأحمد زويل ، أما عمرو موسى فله عدة قصور وشرفات إحداها شرفة جامعة الدول العربية العاجزة عن فعل أى شىء مفيد للأمة منذ تولاها سيادته ، فى ميدان التحرير) ، نقول : عندما شاهدوا بداية انتصار الثورة ، وتقديم حكم مبارك لسلسلة تنازلات مهمة ، وإعلانه عدم ترشحه لفترة رئاسة قادمة ، بدأوا يطلون علينا عبر الفضائيات الوهابية المتأمركة (تحديداً قناة العبرية أقصد العربية) ومن خلال إعلاميين كانوا يعملون مع إذاعة صوت أمريكا لسان حال المخابرات المركزية الأمريكية ، وبدأوا يستغلون الشباب البرئ الثائر وأحلامه الجميلة فى التغيير ، مع استثمار " الشو الإعلامى " الذى صاحب حصولهم على جوائز دولية مثل نوبل ، وهى لا تعطى إلا لمن ترضى عنه إسرائيل ، مستثمرين أيضاً عدم قراءة الناس لتاريخهم وعلاقاتهم القديمة – الجديدة مع إسرائيل وأمريكا ، أمريكا التى صنعت كل هذا الاستبداد والفساد الذى يطالب الشباب برحيله .

******

(2)

* استغل هذا الثالوث (وغيره من الانتهازيين) اللحظة وبدأوا يعلنون عن أنفسهم ، لولاية العرش الأمريكى فى مصر ، فكانت اتصالات أوباما وسفيرة العدو الأمريكى وسفير العدو الإسرائيلى بالبرادعى ، وكان إرسال أوباما للسيد أحمد زويل (المستشار العلمى للرئيس الأمريكى) بسرعة إلى مصر لتشكيل مجلس أسماه زويل (بمجلس الحكماء) ، يتسلم الحكم من نظام مبارك ، حتى لا يسقط فى أيدى الثائرين فى ميدان التحرير أو فى أيدى الإخوان المسلمين أو فى أيدى المؤسسة العسكرية المصرية بتاريخها الوطنى الشريف ؛ بسرعة بدأ الدفع بهذا الثالوث ، لكى يخدعنا ، ولكى يحافظ على (أمركة الحكم فى مصر) ، ويضمن طول بقاء هذه التبعية لأمريكا التى هى أصل الاستبداد والفساد الذى بسببه انطلقت ثورة الحرية .

* لكل هذا ، رأينا أنه من العار ، كل العار أن نبتلع الطعم ، ومن العار الصمت عليه حتى لو تألم البعض من الأصدقاء ومن السذج ، فالحق أحق أن يُتبع ، وهذا الوطن يستحق حكماً وطنياً شريفاً ، وليس حكماً أمريكياً مُعدلاً ، ولأننا لم نعتد إلقاء الأحكام جزافاً ، أو اتهام هذا الثالوث السارق للثورة بالأمركة والأسرلة (نسبة إلى إسرائيل) ، جزافاً ، فهذه هى الـC.V (السيرة الذاتية) لعلاقتهم بإسرائيل وأمريكا وأدوارهم المشبوهة التى ينبغى على كل ثائر محترم أن يقرأها ثم يقرر بعدها ، هل يستمر فى هذه الجريمة أم لا ؟ هل يستمر فى تقديم الثمرة الناضجة (ثمرة الدم والشهادة) إلى أيدى هؤلاء أم لا ؟ على الجميع أن يحتكم إلى ضميره ، ويقرر ، قبل فوات الأوان .

******

(3)

البرادعى ... الأمريكانى المعدل

يحدثنا التاريخ أنه قد تم تعيين البرادعي بطلب أمريكى ممثلاً لهيئة الطاقة في نيويورك، ثم بعدها مديراً للشؤون القانونية ثم مديراً تنفيذياً في الوكالة الدولية ثم في عام 1993 أصبح مديراً عاماً مساعداً للعلاقات الخارجية ثم رئيساً للوكالة في 1/12/1997 بأمر ورعاية أمريكية واضحة خلفاً للسويدي هانزبليكس وحصل بفضل أمريكا على 33 صوتاً من إجمالي 34 صوتاً في اقتراع الهيئة التنفيذية للوكالة وأعيد اختياره رئيساً لفترة ثانية في سبتمبر 2001 ثم فترة ثالثة في سبتمبر 2005 حتى تمت تنحيته عام 2009.

ترى ماذا جرى في فترة الـ12 عاماً (الثلاث فترات متتالية رئيساً للوكالة) ... التاريخ يؤكد أن سيادته لم يكتب أثناءها تقريراً واحداً ضد إسرائيل وضد الـ 300 قنبلة نووية التى تمتلكها وكان منفذاً أميناً لما تريده واشنطن وخاصة ضد سوريا وإيران وكوريا الشمالية والعراق ، وبالنسبة للبلد الأخير تأمل المراقبون إبان غزو العراق 2003 كيف يستقيل السويدي الغربي هانز بليكس من منصبه لرئاسة الوكالة اعتراضاً على الولايات المتحدة الأمريكية وإصرارها على الحصول على وثيقة علمية كتقرير تنفيذي من الوكالة لضرب العراق واحتلالها ونهبها فيستقيل بليكس ويقبل "محمد" البرادعي المسلم العربي المنصب ويقدم لها التقرير المطلوب فتغزو أمريكا العراق بفتواه المعلبة والجاهزة للتصدير في أي وقت والتي أكدت على وجود "500 طن من الأسلحة الكيماوية وعشرات الآلاف من لترات الجمرة الخبيثة والسموم" وكيف عاد في 2009 ليقول أنا نادم على موقفي من العراق واحتلاله !! وكان - كما هو الآن تماماً - يضحك علينا أمام الشاشات وينسق مع أمريكا خلفها ، فنراه ساعة الغزو هدد بالإستقالة إذا دخلت أمريكا العراق ثم لم يستقل ؟! ، ونراه أيضاً – والشىء بالشيء يُذكر -  كيف أخبر البرادعي إسرائيل بمكان وموقع المفاعل النووي السوري السلمي في دير الزور فضربته إسرائيل في 2007 !! ولماذا عندما ذهب لإسرائيل لمرة واحدة فقط أجبروه على أن يشاهد المواقع النووية الإسرائيلية الثمانية من الجو في طائرة للجيش ولم يسمح له بالتفتيش الأرضي كما فعل في العراق؟!.

لقد كانت تصريحاته المتكررة عن عدم تعاون العراق مع المفتشين الدوليين تنطلق بغزارة لتحقيق هدف واحد هو التمهيد الإعلامي والنفسي وتهيئة الأجواء لإتمام الحملة العسكرية الأمريكية وبقي على ذلك النهج حتى يوم 22/2/ 2003 أي قبل الغزو الأمريكي للعراق بأيام حيث صرح من طهران : "لم ننجز عملنا بعد والعراق لا يتعاون معنا بشكل تام" وتابع البرادعي : "لا يمكننا بصورة خاصة الوصول تماما الى العلماء العراقيين ونأمل في أن يتعاون العراق خلال الأسابيع المقبلة" مع يقين البرادعي التام بأن العراق فعلاً لا يملك هذه الأسلحة وهذا ما ثبت فعلاً فيما بعد وتصريحات البرادعي مؤخراً حينما رفضت الولايات المتحدة أن تجدد له فقال: " إن العراق لو كان يملك أسلحة نووية لما تمكنت الولايات المتحدة من مهاجمته" ثم تابع البرادعي في رواية أخرى : "أمريكا سحقت العراق لأنه لا يمتلك أسلحة الدمار الشامل" !!

وقوله: "كانت أسوأ لحظة استياء في حياتي بالطبع عندما بدأت الحرب وإن فقد مئات الآلاف من الأشخاص لأرواحهم استناداً إلى الخيال وليس حقائق أمر يجعلني أرتجف".

وحول ما يعتبره "قرارًا سيئًا" اتخذه أضاف البرادعي: "ربما كان ينبغي قبل حرب العراق أن أصرخ وأصيح بصوت أقوى وأعلى لمنع أناس من إساءة استغلال المعلومات التي قدمناها نحن " .. إنه اعتراف صحيح بدوره في مأساة العراق المعاصرة، دور (تقديم المعلومات) التي مهدت للحرب وأعطت بوش حجة للغزو!! وهو اعتراف يتطلب (محاكمة) شعبية وعالمية وليس مجرد (شعور بالندم) عبر الـ B.B.C!! إنه اعتراف نهديه للسذج المخدوعين من الذين لايزالون يصرون على أن الرجل يستحق أن يتولى أى دور – بما فى ذلك دور المعارض أو الرئيس – فى مصر هذه الأيام .

*      *      *      *

أما عن موقفه من سوريا وبرنامجها النووي فلقد نشرت جريدة الدستور الأردنية في 6/11/ 2008 علي لسان "جريجوري شولت" المندوب الدائم للولايات المتحدة في الوكالة الدولية ومكتب الأمم المتحدة في فيينا أن البرادعي أكد للوكالة في ابريل 2006 بأن سوريا أقامت منشأة سرية في الصحراء قرب مدينة "الكبار" وأنه يعتقد -أي البرادعي- أن هذه المنشأة مفاعل نووي ليس للأغراض السلمية يتم بناؤه سراً ويمثل خرقاً من جانب سوريا لاتفاقها مع الوكالة وأن هذا المفاعل يتم بناؤه بمساعدة كوريا الشمالية وبصفات مشابهة لمفاعلها في "يونجيبون" الذي يتم إبطال مفعوله الآن ولكن تم استخدامه لإنتاج مادة " البلوتونيوم" المستخدمة في الأسلحة النووية لكوريا الشمالية وبناءً على هذا التقرير قامت إسرائيل بتدمير المفاعل النووي السوري في سبتمبر 2007. (والأمر نفسه يقال عن مواقفه من إيران ، وكوريا الشمالية بل وعن مفاعل أنشاص وشهادة رفيقه فى الوكالة د. يسرى أبو شادى الخطيرة عن عمالة البرادعى لأمريكا وتآمره على مصر والعرب والمنشورة فى 3 صحف موجودة لمن يريد التثبت من نوعية الدور الجديد الذى جاء البرادعى ليلعبه اليوم فى مصر ولصالح واشنطن وغيرها من دول العالم الثالث المعادية لواشنطن) .

******

(4)

عمرو موسى : الظاهرة الصوتية التطبيعية

* أما عن عمرو موسى فالرجل ابن النظام الحالى والنائم فى حضنه منذ أربعين عاماً ، وهو الصانع الأول للتطبيع مع العدو الإسرائيلى أيام كان وزيراً لخارجية مصر ، وهو المعادى بطبعه للمقاومة ، والذى لا يؤيدها إلا عبر الشاشات والفضائيات المتأمركة ؛ هو فقط يفهم و(شاطر) فى التعامل مع الإعلام والتعامل مع الميديا ، ولكنه مجرد ظاهرة صوتية ، سلوكه التطبيعى وتاريخه فى خدمة التطبيع معلوم وأمثلة لذلك : قام برعاية وعقد المؤتمر العالمى فى شرم الشيخ عام 1996 لدعم إسرائيل وتحديداً شيمون بيريز فى مواجهة نتنياهو بعد سلسلة العمليات الاستشهادية التى قامت بها حماس والجهاد الإسلامى وحضر المؤتمر 30 دولة منها 18 دولة عربية ، وخرج قرارها بدعم إسرائيل ومقاومة الارهاب (الإرهاب المقصود هنا هو المقاومة الفلسطينية) ، ونفس الأمر عن موقفه من الاحتلال الأمريكى للعراق (2003) وعقده لقاءات دافئة مع الحاكم العسكرى الأمريكى بول بريمر على رمال البحر الميت فى الأردن وعلى نفس المنصة ، وتأييده للعدوان ، وعلاقاته الدائمة والمستمرة مع الحكومات التى عينها الاحتلال وإلقائه مؤخراً خطاباً فى البرلمان الكردى الانفصالى وإلى جواره عميلاً أمريكا البرزانى والطالبانى خير مثال على دوره المشبوه لخدمة أمريكا فى المنطقة ، وكذلك موقفه من حزب الله ومساندته سعد الحريرى الأمريكى الهدف والرسالة ، فى الأزمة التى اشتعلت وقسمت لبنان بعد استشهاد رفيق الحريرى عام 2005 ، إلى حد تخصيص سعد الحريرى طائرة خاصة له ليتحرك بها على نفقته ولكى تأتى قراراته ضد المقاومة ولصالح الفريق الأمريكى ، وموقفه إبان عدوان 2006 و2009 ، ومواقفه من التطبيع فى مصر إلى حد إنشاء الجمعية المصرية للسلام والتطبيع برئاسة الراحل لطفى الخولى ود. عبد المنعم سعيد ، وعقده عشرات الاتفاقات واللقاءات مع القيادات الإسرائيلية ، إبان توليه وزارة الخارجية ثم أمين عام (أى سكرتير جلسات) الجامعة العربية ، آخرها لقاء فى سويسرا مع شيمون بيريز عام 2010 ، (ولدى ملفات عن الرجل وتاريخه التطبيعى تقترب من الـ 500 صفحة باليوم والساعة والقرار والوثيقة) ترى هل مثل هذا الشخص يؤتمن على ثورة تطالب بالتغيير وهل رجل نام فى حضن نظام مبارك طيلة كل هذه السنين ولم ينطق إلا (كلام حنجورى) فقط، أمام الإعلام ضد هذا النظام وعلى استحياء ، وعلى الأرض كان يمارس سلوكاً (مباركياً) – نسبة إلى مبارك مائة فى المائة ؟ وهل قادة الفكر والصحافة والثورة من السذاجة بحيث تقنعهم طلة سيادته الأخيرة على قناة العبرية (أقصد العربية : قناة آل سعود والأمريكان) والتى ادعى فيها أنه مع التغيير ، وأنه مستعد لتولى أى منصب يطلبه منه الشعب؟ طيب بأمارة إيه كان سيادته مع هذا الشعب وتلك الأمة خلال السنوات الثلاثين العجاف الماضية  ؟ .

 

 

 

(5)

زويل : الإسرائيلى الهوى والدور

 

أما ثالث الثلاثة القادمين لخطف الانتفاضة ، فهو المدعو أحمد زويل والذى ضللنا الإعلام بشأنه كثيراً ، لمجرد أن سيادته حصل على (نوبل) ، والتى لا يحصل عليها إلا كل من ترضى عنه إسرائيل ، ولمجرد أن لسيادته بعض الصبية والدراويش فى الإعلام المصرى يطبلون له ويزمرون منذ سنوات ، ولم يذكروا لنا صورته الحقيقية كاملة ، فقط ذكروا ما يُلمعه لا ما يشينه ، وفقط سأذكر هنا جانبين يراد لنا فى غمرة هذه الفوضى التى تتم لسرقة الثورة أن ننساهما ، الجانب الأول هو علاقات أحمد زويل الدافئة مع النظام المصرى الذى قلده هو والبرادعى أرفع الأوسمة ، وقدم فيه زويل عشرات القصائد من المديح الجميل !! ، وهو ذاته النظام الذى يريد د. زويل صاحب الجنسية الأمريكية الانقضاض الآن عليه بطلب من أمريكا حتى يظل الحكم أمريكياً .

الجانب الثانى هو علاقات زويل القديمة والمستمرة بإسرائيل وعلى سبيل المثال لا الحصر - قد زار إسرائيل مرتين ، وألقى فى الكنيست الإسرائيلى خطاباً تاريخياً يشيد بهم وبدولتهم وبالتقدم العلمى بها ، وقد حصل من معهد وايزمان (بحيفا المحتلة) على جائزة بعد أن أقام به 6 أشهر بغرض مساعدة الجيش الصهيونى فى تطوير منظومة صواريخ تعمل بالليزر أرض أرض وأرض جو ليتم التعامل من خلالها مع صواريخ حزب الله فى الجنوب اللبنانى . (تفاصيل هذه المعلومات فى السيرة الذاتية لأحمد زويل والتى قال فيها إنه حصل على جائزة ولف برايز الاسرائيلية عام 1993م ، ووردت أيضاً فى كتاب شخصيات لها تاريخ - جلال أمين - القاهرة، دار الشروق، ط2 ، 2008 ، وفى صحيفة الاهرام ويكلي عدد 20 فبراير 2002م ، وفى مقال يوسف القعيد في مقال في جريدة الأسبوع بتاريخ 23 يناير 2006م ، وأيضاً فى مقال صلاح بديوي على شبكة الإنترنت على موقع صوت المقاومة ، وحكى فيه أنه في ندوة في جامعة القاهرة واجه المرحوم اللواء صلاح الدين سليم زويل بهذه المعلومات فرد ببرود : إن العلم لا وطن له) هل عندما يقرأ شبابنا وعلماؤنا الصغار هذه المعلومات عن رجل أحبوه (مثل أحمد زويل) ، وطنطن له الإعلام العالمى والمحلى وبعض الصبية من صغار الباحثين والصحفيين!! هل مثل هذا الشخص يؤتمن على حكم مصر ، أو على مجلس حكماء مزعوم يوجه السياسة المصرية بعد ثورة الدم والشهادة) .

******

(6)

* هذا هو الثالوث الأمريكى ، القادم لوراثة حكم مبارك (الأمريكى أيضاً) ، والذى يؤازره عدة أجنحة من الانتهازيين : جناح إعلامى مصرى وعربى ، جناح حزبى انتهازى ، جناح رأسمالى يريد الحفاظ على مكتسباته اللصوصية التى سبق ونهبها فى عهد مبارك .

إن هؤلاء جميعاً يريدون لنا أن نبتلع الطعم ، وأن نقدم لهم ثمار الثورة على طبق من ذهب، ثورة لم يصنعوها ولم يشاركوا فيها وأتوا أو دفعوا أمريكياً وإسرائيلياً لكى يقطفوا ثمارها ، فهل يقبل أبناء مصر الشرفاء ذلك ؟ هل نحن من السذاجة ، أو الخوف ، بحيث نقبل أن يُضحك علينا مرتين ؛ الأولى من نظام فاسد ومستبد استمر ثلاثين عاماً ، والثانية من ثالوث أمريكى جديد مدفوع إلينا ليقطف ثمار النصر ويؤمركها حتى تضمن أمريكا وإسرائيل ألا تتهدد مصالحهم فى أهم دولة فى منطقة الشرق الأوسط ؟ .

* إننى أدعو كل الشرفاء من الإعلاميين والسياسيين والثائرين إلى الانتباه إلى هذا (الفخ الأمريكى) الجديد ، وأن يبادروا ليس فحسب إلى رفضه بل إلى فضحه ومقاومته ، ولتبدأ المقاومة بمطلب قومى جديد للثوار : " قطع العلاقات مع واشنطن وتل أبيب وطرد سفيريهما فى القاهرة ، وحصار سفارتيهما حتى يتم هذا الأمر ، إذا ما تم رفع هذا الشعار والمطلب ، فوراً فسوف يسقط النظام الحليف لأمريكا والجاثم على صدورنا منذ 30 عاماً ، وسيأخذ فى يده وهو خارج الثالوث الأمريكى الجديد (البرادعى وزويل وعمرو موسى) ، ومن لف لفه ، وزيَّف زيفه ، لأنهم لن يقبلوا بأن يمس "السيد" وسفارته التى تحرك الجميع فى مصر .. ذلك هو التحدى .. فمن له؟


 

الفصل الثانى

أسئلة الثورة المسروقة

* لايزال الفريق المتأمرك يريد خطف ثورة 25 يناير ، ويُفعل هذه الرغبة ، عبر الجناح السياسى له بقيادة البرادعى وأحمد زويل وبعض ممن سموا أنفسهم بلجان الحكماء ومن سار فى فلك أفكارهم وطموحاتهم الصغيرة ، والجناح الإعلامى بقيادة بعض الفضائيات ووسائل الإعلام المقروءة من بينها (قناة العربية) المشهورة فلسطينياً وعربياً بقناة (العبرية) لعلاقاتها التاريخية الوطيدة بإسرائيل والإدارة الأمريكية ؛ هذا (الفريق المتأمرك) لا يختلف فى الهدف عن فريق النظام المصرى الحاكم الآن ، الاختلاف فقط فى (الوسيلة) وفى (الشكل) ، لكن الخيارات الاستراتيجية واحدة ، والعلاقة مع الكيان الصهيونى باقية ، والاستبداد (الديمقراطى) مستمر ، والتغييرات فقط فى الشكل لا فى الجوهر ، فقط هم يريدون ألا تخرج مصر عن الخط والاستراتيجية الأمريكية ، هذا الخطف لمصر الدولة ، وإبقاؤها على نفس السياسات الاستبدادية القديمة ، مع تغيرات فى الشكل فقط ، مع ضمان أمركتها وأسرلتها (نسبة إلى إسرائيل) بالكامل ، هو عين ما نسميه بسرقة الثورة ، تلك الثورة التى بدأت بشباب الفيس بوك يوم 25 يناير 2011 وانتهت بمحاولات ركوبها من الأحزاب والقوى القديمة الانتهازية، إن هذه السرقة تطرح عدة تساؤلات تحتاج إلى إجابة وإلى تأمل وحوار .

(1)

السؤال الأول من أسئلة الثورة المسروقة ، بعد (جمعة الرحيل 4/2/2011) والتى لم تنجح فى فرض رحيل مبارك وتنحيته كما أراد وتمنى الثائرون فى ميدان التحرير ، السؤال هنا ، لماذا لم يحاول هؤلاء الثائرون وبخاصة الجماعات الفاعلة منهم ، بإبداع وسائل جديدة للضغط ، ومنها محاولة حصار السفارتين (الأمريكية) و(الإسرائيلية) ، وقد نصحناهم ونصحهم غيرنا بذلك منذ أيام . ولو فعلوا لكان قد تحقق لهم فى (جمعة الرحيل) ما أرادوه ، وكان بالفعل مبارك قد تنحى ، وكانوا قد حققوا بهذا الفعل الثورى النقى عدة أهداف منها أن حركتهم الثورية ستتخلص من عملاء أمريكا الذين يركبون الآن جزءاً لا بأس به من الثورة مثل مؤيدى أحمد زويل الأمريكى – الإسرائيلى الدور والتاريخ - الذى كما سبق وذكرنا فى مقال سابق أنه زار إسرائيل فى التسعينات وعمل بها لمدة 6 أشهر وطور صواريخها بالليزر وحصل على جائزة وايزمان ومثله مثل مؤيدى البرادعى (رجل أمريكا الجديد والذى دُمرت عبر تقاريره ودوره المشبوه العراق ، والذى لم يكتب تقريراً واحداً طيلة الـ 12 عاماً فى رئاسة هيئة الطاقة النووية عن إسرائيل ، وكان دائماً هو مخلب واشنطن ضد العرب والمسلمين وبخاصة إيران – سوريا – مصر بالإضافة لكوريا الشمالية ، وغيرهم – كما سبق وأوضحنا فى دراسات سابقة عبر هذه الصحيفة وغيرها ، ولو كان شباب الثورة الأنقياء قد فعلوا ذلك لكانوا قد خلقوا إجماعاً وطنياً لا تناقضات داخلية فيه مثلما نشاهدها الآن،فى الـ 50 تياراً وجماعة واتجاهاً ، لا قيادة لهم،ولا وحدة مطلبية لهم سوى شعارات وهمية متعارضة ، بعضها من شدة حمقه وصل فى علو سقفه السياسى إلى حد قولهم بضرورة إعدام حسنى مبارك فوراً وليس فقط تنحيه عن الحكم!!.

إن عدم قيام القوى الفاعلة فى ثورة 25 يناير ، والمستمرة حتى اليوم بعدم حصار السفارتين الإسرائيلية والأمريكية ، ضيع ولايزال عليها فرصاً كثيرة ، وأثار شكوكاً أكثر حول دور بعض المتأمركين داخل جماعات الثورة ، على حرف مسار الثورة إلى مسارب أخرى غير مجدية ، مسارب ستنتهى بالفشل أو ستنتهى بوقوع الثورة فى أيدى الأمريكان، وتبقى مصر كـما كانت – حتى لو ذهب مبارك – إمارة أمريكية ، إقتصاداً وفساداً ، وخيارات، ومستقبلاً ، طـالما أن الذى سـيقودها سيـكون من عينة الـبرادعى الأمـريكانى !! .

وهنا أيضاً بعد التحية توجد حركة قوية من الحركات التى تقود الثورة هى حركة (عرب بلا حدود) ومن قياداتها سامى دياب ، أدعوهم بعد التحية إلى تبنى هذا المقترح الذى أشرنا إليه سلفاً ؛ مقترح حصار السفارتين الأمريكية والإسرائيلية فوراً .

 (2)

السؤال الثانى من أسئلة الثورة المسروقة ؛ حيث تمحور حول : هل عملية التطويل ، وعدم الحسم فى الثورة حتى اليوم (الأحد 6/2/2011) أى بعد مرور 12 يوماً على بدئها، يعود إلى أن أمريكا تتلاعب بالنظام الحالى وبالثوار معاً لحين ترتيب البيت المصرى ليأتى رجالها الجدد ليقطفوا الثمرة ؟ هل هذا صحيح ؛ وهل الرسائل المتتالية التى يرسلها أوباما وفريقه السياسى كل يوم عبر إعلامهم المتأمرك (أمثال قيادات العربية – الجزيرة – BBC – سى . إن . إن) وغيرها من الصحف المقروءة والإعلام المسموع ، تدخل فى هذا السياق ؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك ، فلماذا لم يحاول كلا الطرفين ؛ بقايا النظام الحاكم وممثلى الثورة وبعض الأحزاب والقوى المعارضة الوصول إلى صيغة وسط تضمن (للدولة المصرية) وليس للنظام الفاسد الحاكم ، الاستمرار والخروج من الأزمة الخانقة التى طالت بسطاء الناس ، والذين سينفجرون غداً فى وجه الاثنين معاً ؛ بقايا النظام وبقايا الثوار فى ميدان التحرير؟! .

* إن أوباما بتلاعبه الحقير ، ورسائله الأكثر حقارة والتى تتدخل فى شأن مصرى داخلى ، كان ينبغى الرد عليه بقسوة ، ليس هذا النظام الضعيف بل من الثوار ، الرد بالقول له أن احترم نفسك وابعد عن وطننا فنحن من نقرر مصيرنا بأنفسنا ، أما أن يصمت الجميع ولا يردوا خاصة من يقودون جماعات الثوار (لأن النظام أصلاً متأمرك وبالتالى رده من عدمه لا قيمة له) فإن صمت هؤلاء الثوار ، خطأ جسيم ينبغى أن يصححوه فوراً ، بأن يردوا على أوباما عملياً ، إما بحصار سفارته أو محاولة اقتحامها والحصول من داخلها على وثائق العمالة لغالب الأنظمة العربية والتى تملأ أدراج مقر الـ C.I.A والـ F.B.I داخل أسوار السفارة ، وساعتها ليس فقط سيصمت أوباما هو وفريقه من اليهود الأمريكيين بل سيسعى جاهداً للضغط على النظام المصرى ، ليحل الأزمة ، بل يقدم لنا تنازلات مهمة فى الملف العراقى والفلسطينى والأفغانى واللبنانى ، وسينكشف عملاؤه الذين يقودون فريقاً من الثوار (للأسف) أمثال محمد البرادعى وأحمد زويل ، ومن لف لفهم من منظمات حقوقية ومحطات فضائية ورؤساء أحزاب صغيرة ، كانت حتى الأمس تتسول منه الأموال والدعم ضد (الدولة المصرية) لهدمها وأسرلتها بالكامل وليس ضد النظام الفاسد السابق .

* هذا هو الرد يا رجال الثورة الشرفاء ، أما صمتكم على أوباما وفريقه السياسى وتصريحاتهم المتتالية والمتدخلة فى الشأن المصرى ، فإنه يجرح جمال الثورة ويشوه صورتها ، ويجعل فريقاً من الرأى العام يقتنع يومياً بأنها (ثورة أمريكية) ، يقودها رجل أمريكى جديد ، تستهدف فقط تجديد الدماء للوجود الأمريكى فى مصر ليس إلا .


 

(3)

أما السؤال الثالث ، فهو سؤال يحيرنى ، لقد اختفى فجأة منظرو النظام السياسى الحاكم ، الذين صدعوا رؤوسنا صباح مساء بالديمقراطية ، وبقوة النظام وقدرته على البقاء ، وظلوا يُنظّرون له وتحديداً للوريث – المتعوس الآن – جمال مبارك ، الذى بلا شك ، هو الآن يلعن اليوم الذى وُلد فيه ، والذى دفعته فيه أمه أو أبوه إلى العمل فى السياسة ، وبحرها الهائج ؛ أسأل أين هؤلاء المنظرون وأقصد تحديداً (المدعو عبد المنعم سعيد ، ود. على الدين هلال ، وصفوت الشريف – د. محمد كمال – أنيس منصور – د. جابر عصفور – د.محمود محيى الدين وغيرهم) ممن أحلوا الحرام وحرموا الحلال فى السياسة ، كما فى الاقتصاد ، وسرقوا الوطن وصادروا المستقبل، وكانت لهم جميعاً علاقات مشبوهة مع العدو الصهيونى (عبدالمنعم سعيد كان مُؤسساً ورئيساً لجمعية القاهرة للتطبيع والسلام) ، وكانوا معادين بالفطرة ، والمصلحة للمقاومة العربية الشريفة فى لبنان (حزب الله) وفى فلسطين (حماس والجهاد) والعراق وأفغانستان وكانوا دعاة للرأسمالية المتوحشة ، أين هم اليوم ؟ ولماذا قفزوا من السفينة عندما بدأت فى الغرق ؟ ألا يستحق هؤلاء أن يُحاكموا قبل أحمد عز ؟ ألم يفسد هؤلاء فى الأرض عبر الصحافة والإعلام والفكر والسياسة ؟ ألم يكن خطرهم على الوطن أشد قسوة من ممارسات أحمد عز ولصوص الاقتصاد والتجارة ؟ لماذا لا تفتح ملفاتهم الفكرية والسياسية ؟ لماذا لا يعد شباب الثورة الشرفاء - من غير المتأمركين - ملفات كاملة عن منظرى النظام السابق حتى نحاكمهم على تضييعهم للوطن ولهويته ، ودوره القومى ؟ إن هذه من الأدوار المهمة المنسية والمسروقة للانتفاضة التى ينبغى أن تُستكمل وأن تُفتح عن آخرها حتى لا تضيع دماء الشهداء هباءً .

(4)

السؤال الرابع يدور حول : لماذا لا تُفتح ملفات جميع رجال أعمال النظام كلهم ، لماذا يقتصر الأمر على خمسة فقط ؟ لماذا لا تفتح ملفات الـ 60 رجل أعمال من رجالات النظام الذين أفسدوا فى البر والبحر والجو ، لماذا لا يفتح - مثلاً - ملف الطريق الصحراوى وسرقتهم (15 مليون فدان منه) خصصها لهم نظام مبارك ، وكانت مخصصة من قبل لتزرع قمحاً يكفى هذا البلد فى سنوات الحاجة والجفاف بدلاً من مد اليد إلى دولة حقيرة مثل أمريكا ، تتحكم فينا الآن وتتداخل فى شؤوننا الداخلية وتكاد تفرض رئيسها الجديد علينا ، بسبب المعونة التى تقدمها لنا؟ لقد فتحت جريدة الدستور المصرية منذ أيام ملف سرقة هذه الأرض ، ونشرت أسماء السارقين ومنهم أصحاب صحف خاصة وفضائيات خاصة ولم يحاسبوا ، الطريف – والمحزن معاً – هو قيام هؤلاء بالتشاطر علينا ، والضحك على ذقوننا ، بأن سارعوا بالإعلان أنهم مع الانتفاضة الشعبية ، بل بالغ بعضهم وأسماها بالثورة فى مزايدة مع المذيع الذى كان يحاوره على إحدى فضائياته ؛ هؤلاء ومن البجاحة بحيث يلونون أنفسهم كالحرباء مع كل عهد ، ومع كل وسيلة إعلام ، ومع كل انتفاضة ، أسأل لماذا لا نفتح ملفاتهم بالكامل ولماذا لا نجبرهم على رد أراضى الطريق الصحراوى التى سرقوها وحولوها لمنتجعات سياحية بدلاً من زراعتها بالقمح ؟ .

* إن هذا ليس واجبا على النظام الحالى الذى سيظل يحميهم مهما ادعى العكس لأنه متداخل ومتورط معهم فى الجريمة ، إن المطلوب منهم فتح ملفات سارقى المال العام (وتحديداً الـ 15 مليون فدان على طريق مصر اسكندرية الصحراوى هم شباب الثورة ، وعليهم أن يضيفوا لملفات منظرى ومفكرى واعلامى النظام الفاسد ، ملفات الـ 60 رجال أعمال من لصوص نفس النظام ، إن التغير الجذرى فى هيكل نظام الحكم وبدء صفحة جديدة لمصر الحرة المستقلة لا يبدأ من جانب واحد ، ولا يبدأ فقط من مجرد تنحية (مبارك) بل يبدأ أيضاً من فتح ملفات لصوص المال العام من رجال الأعمال ، هؤلاء خلال الـ 30 عاماً العجاف الماضية ، فهل يقدر أبناء الثورة الجديدة على ذلك ... هذا هو التحدى الأخطر !! .

(5)

أما السؤال الخامس والأخير من أسئلة الثورة المسروقة ، فهو بصراحة يحيرنى ، حيث لاحظت كثرة المتسابقين والمزايدين الراغبين فى أكل والتهام تورتة الانتفاضة أو الثورة القائمة ، وخريطتهم واسعة فمن فريق من الإخوان المسلمين (للأسف) إلى رفعت السعيد رئيس حزب التجمع الذى حرَّم مظاهرة 25 يناير لأنها تأتى فى ذكرى عيد الشرطة ، كما قال فى برنامج (90 دقيقة ليلة 25/1/2011) ثم جاء بعد أن انتصرت الانتفاضة خرج ليقول بكل بجاحة مشهود له بها تاريخياً ، إن شعارات حزبه هى التى كان يرفعها المتظاهرون ، وإن شباب حزبه (رغم أنه لم يعد لديه حزب بفضل صفقاته وسياساته) هم الذين قادوا المظاهرة ، من هذا الرجل وحزبه إلى الأحزاب الأخرى التى تدعى الليبرالية والناصرية والشيوعية ، إلى المدعو محمد البرادعى الأمريكى الهدف والرسالة ، حتى ما يسمى الآن (بلجان الحكماء) التى ظاهرها الرحمة وباطن أغلبها التنسيق مع رجال النظام الذى كان أصحاب لجان الحكماء أصدقاء وربما موظفين لديهم فيما مضى ، وبعضهم جاء من مراكز أبحاث أمريكية تعمل مع المخابرات الأمريكية مثل (معهد كارينجى) ، هؤلاء جميعاً جاءوا للبحث عن قطعة من تورتة الثورة ، رغم أن هذه التورتة لم تستو بعد ، وربما لن تستوى أبداً ، فالنظام يلتف عليها ، والانقسامات بدأت تشقها ، والباحثون بداخلها عن مغنم وليس مغرماً أو تضحية شريفة ، بدأوا يتكاثرون ، تُرى لماذا تزايد الراغبون فى قضم تورتة الثورة غير الناضجة تماماً للأكل ؟ هل هى الأمراض القديمة / الجديدة للطبقة السياسية المصرية ؟ هل لحظة الصدمة الكبرى التى يمر بها الوطن وتجعل الجميع فى حالة صراع نحو السلطة والثروة المتوهمة أم هو عدم الإخلاص ، والشرف ، الذى يميز الكثيرين فى نخبتنا وأحزابنا وقوانا السياسية .

* أياً كانت الإجابة ، فإننا نحذر ، شباب الثورة من خطورة المزايدين عليها والمحاولين ركوب موجتها ، والذين تكاثروا الآن بعد أن التقطوا الأنفاس ، وبدأوا يدركون موضع أقدامهم؛ والمشاهد لمظاهرة يوم الجمعة الماضية (4/2/2011) يدرك تماماً أنهم تكاثروا ، وازدادوا شراسة ووقاحة فى التعبير عن مطالبهم التى لم تكن يوماً هى مطالب شباب 25 يناير ؛ فليحذر إذن الشباب ، منهم ، وممن يحاول على الضفة الأخرى ، فى واشنطن توجيه كل – أو بعض – هؤلاء الراكبين للانتفاضة ، من ضرورة ركوبها بسرعة حتى لا تسقط الجائزة الكبرى – مصر – كما كان يسميها بوش الابن ، وكونداليزا رايس ، فى أيدى الثوار المخلصين ، الشرفاء ، الكارهين لأمريكا وللاستبداد معاً .

* تلك بعض أسئلة الثورة المسروقة ، فى وطنى الذى ( إن قدر الإله ممات ثورته تلك ، لن ترى الشرق يرفع الرأس بعده ) مع الاعتذار لحافظ إبراهيم. 

 


 

الفصل الثالث

الثورة يصنعها الشرفاء ويسرقها " الأوغاد "

(1)

* من العبارات البليغة التى يحفظها التاريخ للمناضل الثورى تشى جيفارا قوله (إن الثورات يصنعها الشرفاء ويسرقها الأوغاد) ، ويبدو أن القول رغم قسوته ، ينطبق حرفياً على ما جرى ولايزال يجرى للثورة المصرية التى انطلقت شرارتها الأولى صباح يوم 25 يناير 2011 ، لماذا ؟!

* إن الناظر لمشهد الجالسين حول مائدة الحوار مع نائب الرئيس المصرى (عمر سليمان) ، لا يملك إلا أن يقع على الأرض ، من شدة الضحك والسخرية ، من عمق التناقضات بين الشخصيات والقوى ، التى جاءت جميعاً تتحدث باسم الثورة التى (تجلس) بدورها حول الكعكة الحجرية فى ميدان التحرير ، ويسأل بعد أن يقوم من على الأرض ، من شدة الضحك : من الذى جمع المهندس نجيب ساويرس رجل الأعمال وصديق جمال مبارك وصاحب منتجع الجونة الذى يختفى فيه الآن المهندس أحمد عز المتهم بدوره بسرقة 60 مليار جنيه من أموال الشعب فضلاً عن احتكار الحديد فى مصر ، إلى جوار الصديق الكاتب القومى الثورى مصطفى بكرى الذى بالمناسبة بينه وبين ساويرس عشرات القضايا والاتهامات بالخيانة ، ويتوسطهم الدكتور محمد مرسى عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان التى رفضت المشاركة فى المظاهرات يوم 25 يناير ثم شاركت يوم 28 يناير بعد أن اطمأنت على نجاحها، وإلى جواره المدعو رفعت السعيد رئيس حزب التجمع اليسارى الذى أفتى بحرمة التظاهر يوم 25 يناير لأنه يوم عيد الشرطة المصرية ، واستهجن ذلك كثيراً فى برنامج "90 دقيقة" على قناة المحور ليلة التظاهر ثم إذا به يعلن وبكل بساطة ودون أى خجل فى نفس القناة أن شباب حزبه هم الذين كانوا يقودون المظاهرات ، وأن شعارات تلك المظاهرات عن الخبز والعدل الاجتماعى هى شعارات حزبه ؛ رغم أنه يعلم ، والناس تعلم وحزبه يعلم أنه لم يعد لديه حزب بالمعنى السياسى والتنظيمى للكلمة ، وأنه بفضل صفقاته وسياساته مع النظام الحاكم قد فرَّغه تماماً من أى وجود ، وإلى جوار هؤلاء جميعاً يجلس زعماء قوى أخرى وأسماء أخرى بلا قيمة منها الأحزاب الصغيرة التى بلا جمهور ، وليس بها سوى رئيس للحزب فقط ، أما حزب الوفد ، والناصرى ، فكان وجودهما مضحكاً للغاية ، لأنهما بدوا وكأنهما زعماء الشعب المصرى – غير الموجود أصلاً على الطاولة .

أما شباب الانتفاضة ، أو ممثلوها ، فهم غير موجودين بالمرة ومن التقى بهم عمر سليمان ، تبرأ زملاؤهم منهم واعتبروهم عملاء للحكومة .

* إذن أين صناع الثورة ؟ ومن هؤلاء إذن ولماذا جلسوا وعمن يعبرون وبأية صفة يتحدثون؟ لقد كان المشهد ليلة أول أمس مضحكاً .. ولكنه كما قال قديماً المتنبى ضحك كالبكاء ، (ضحك مر) لا يوجد إلا فى مصر وحدها ، وكنا نحسب أن هذه الثورة قد قضت عليه ، ولكنه سرعان ما عاد ، ليبكينا ، لا ليضحكنا ، يبكينا على هذا الكم من الانتهازية السياسية، والسرقة لدماء 350 شهيداً و5 آلاف جريح فى الانتفاضة الأخيرة ، سرقة لدماء عشرات المجاهدين ضد الاستبداد والتبعية لواشنطن والتطبيع مع العدو الصهيونى منذ 1981 وحتى 2011 ؛ ولكن ، ماذا نفعل وحُمرة الخجل ، قد اختفت ، ولأنها كذلك ، فليس لدينا ، سوى محاولة استـرجاعها ، بفضح لصوص الانتفاضة أو كما أسمـاهم ذات يوم جيفـارا (بالأوغاد) .


 

 (2)

ولكى نعود إلى أصول المسائل فى محاولة لاستشراف المستقبل ، دعونا نقول إن ما جرى يوم 25 يناير الماضى ، من ثورة مصرية ضد النظام ، صنعت مقدماته عبر ثلاثين عاماً من الجهاد والتضحيات ، لقد صنعه كل من:

* شباب الفيس بوك غير المنضوين تحت لواء حزبى أو نقابى .

* كل من كتب أو سجن أو قتل بسبب استبداد النظام طيلة الـ 30 عاماً .

* كل من رفض الوجود الأمريكى وقاوم التطبيع وضحى فى سبيل ذلك .

* فقراء الوطن من العمال والفلاحين ومظاهراتهم المطلبية الرائدة .

هؤلاء جميعاً هم من صنع الثورة ، وليس رجال الأعمال الذين نهبوا المال العام وسرقوا البنوك واستولوا على 18 مليون فدان من أرض مصر وأفقروها ، وهى الغنية بمواردها وثرواتها وأهلها ، والآن يزايدون على الثورة بالادعاء أنهم معها ، وأنهم مشاركون فى (لجان الحكماء) المزعومة وأنهم (ثوار) [ طيب بأمارة إيه ] ، ثم ما هذه النوعية الغريبة من الثوار التى لم نسمع بها من قبل ؟ إن هؤلاء باختصار ، يسرقون الثورة ، خوفاً على أموالهم ومشاريعهم التى نهبوها من دم الشعب المصرى ؛ وعلى نفس الوتيرة تأتى ألوان الطيف السياسى الانتهازى التى تحاول اليوم ركوب هذه الانتفاضة اليتيمة ، أما أباؤها الحقيقيون ، فإنهم بدأوا يبتعدون ، تدريجياً ليس فحسب عن (ميدان التحرير) بل عن فكرة الثورة ذاتها ، بعد أن بدأوا يدركون أنها تُسرق منهم ، وأن الناس بدأت تحملهم مسؤولية العبء الأكبر من تكاليفها (معاناة فقراء الشعب المصرى ، وارتفاع الأسعار وقطع الأرزاق للعمال والشركات والمصالح) ، إن صناع الثورة ، بدأوا فى التوارى ، وتقدم السُراق ، واللصوص ودعونا نتأمل مشاهد من هذه السرقة .

(3)

* إن المتأمل لخريطة القوى التى تحاول أن تسرق الانتفاضة سوف يكتشف مدى اتساعها وتزايدها يوماً إثر يوم ، ولكن بالمجمل دعونا نقول إنها تحتوى على أربع مجموعات من اللصوص :

* بقايا النظام الحاكم الذين أطلقوا (موقعة الجمال والبغال) ولايزالون يلتفون حول مطالب المنتفضين بحيل جديدة ، وهؤلاء كالحرباء يتلونون كل يوم بلون ، وسنكتشف بعد حين أنهم الأخطر والأبقى للأسف !!

* التيار المتأمرك داخل الانتفاضة من أتباع البرادعى وزويل وعمرو موسى .

* الانتهازيون من القوى والأحزاب والتيارات القديمة التى ركبت الثورة فى الربع ساعة الأخير .

* رجال الأعمال الذين يدعون اليوم مساندة الثورة وكانوا بالأمس ينامون فى حضن جمال مبارك وبعض هؤلاء يمتلكون صحفاً وفضائيات خاصة تدعى مساندة الثورة ، وهم فى الواقع يسرقونها ، ويركبونها حتى لا تدمى أيديهم ومقدمتهم غداً .

هؤلاء السراق أو من سبق وأسماهم تشى جيفارا بـ (الأوغاد) يسابقون الزمن ، لكى يجهضوا ثورة 25 يناير ، ويقدمون لنا ثورة أخرى غريبة كلية عن الثورة الأولى يغلب عليها الطابع المتأمرك (سواء من داخل النظام بقيادة بقايا نظام مبارك أو من خارجه بقيادة الثالوث محمد البرادعى – أحمد زويل – عمرو موسى) ، فالفريق المتأمرك مثلاً داخل النظام يصر على طاعة أوامر أوباما ومن يرسلهم للقاهرة ، وينفذ لهم كل ما يطلبون ، وفى ذلة وانكسار ، وهو الفريق عينه الذى لا يجرؤ على أن يقول لا للتدخل الأمريكى ، وعندما يفتح الله على أبو الغيط بكلمة نجده يهاجم إيران بشراسة بسبب خطبة أو موقف سياسى واحد لمرشد ثورتها خامنئى ، رأى فيها تدخلاً فى الشأن المصرى ، ونحن معه وبقوة نرفض هذه الخطبة وهذا التدخل ، ولكن المعلوم للكافة أن التدخل الأمريكى الوقح فى شؤوننا هو الأكبر والأخطر وأن لأمريكا فى بلادنا 36 ألف أمريكى يعملون فى مواقع عسكرية وسياسية واقتصادية وثـقافية حساسة للغاية ويمثلون أكبر جالية لواشنطن فى العالم ، وبالسفارة الأمريكية بالقاهرة المقر المركزى للـ C.I.A والـ F.B.I ، وتدخل واشنطن فى قرارنا السياسى قديماً والآن ، غنى عن أى بيان ، إذن هذا الأمر كان يتطلب من الجناح المتأمرك فى نظامنا السياسى ، أن يرد وبقوة أو يرحل ، ليترك للمنتفضين المتطهرين من رجس واشنطن ، أن يقولوا هم ، ويفعلوا هم ؛ ويوازى هذا الجناح ويمضى على خطاه ، الجناح الأمريكى المدسوس وسط المنتفضين والذى يقوده محمد البرادعى صاحب التقارير والوثائق التى دمرت العراق ، والذى يصر يومياً على تعلية السقف السياسى للانتفاضة رغم أنه جالس فى قصره خلف الأشجار فى منتجع زهير جرانة – المحال للتحقيق باعتباره لصاً للمال العام - على الطريق الصحراوى ، ولم ينم ليلة واحدة مع شباب الثورة ، فقط هو متفرغ للقاء السفيرة الأمريكية والسفير الإسرائيلى والاتصال بأوباما كل ساعة ، والإدلاء بالتصريحات للجناح الإعلامى للمخابرات الأمريكية فى المنطقة بقيادة قناتى الجزيرة (والعبرية) أقصد العربية ، ثم هو أيضاً فى انتظار الجماهير لتحمله إلى (عرش مصر) !! ومعه يأتى الدكتور أحمد زويل المستشار الخاص لأوباما والذى أرسله لمصر على وجه السرعة ليصدر بياناً (من 5 نقاط) يطالب فيه هو الآخر بتنحى مبارك الذى سبق ومنحه عدة أوسمة وكان من المهرجين الكبار فى حضرة مبارك طيلة السنوات العشر الماضية ، وزويل – كما كتبنا فى هذه الصحيفة وغيرها وسنظل نكتب حتى يستفيق النُومُ من مثـقفينا المنبهرين به – حصل على جائزة وايزمان من جامعة حيفا لقيامه بالمساهمة فى مشروع تطوير الصواريخ الموجهة بالليزر ضد المقاومة اللبنانية أوائل التسعينات وظل ضيفاً على إسرائيل 6 أشهر وزارها بعد ذلك مرتين ، وألقى خطابين فى الكنيست الإسرائيلى ، ولذلك سهلت له الحصول على جائزة نوبل ، هو الآخر جاء ليركب الانتفاضة أو ليؤمركها ، وثالث الثلاثة هو عمرو موسى ، رجل النظام والتطبيع والأمركة المخلص ، جاء هو الآخر ليحول دون تحول الانتفاضة إلى ثورة شعبية بعيدة عن النفوذ والتوجه الأمريكى ، هذا الفريق يتعاون معه رجال أعمال يمتلكون فضائيات وصحفاً خاصة تدعى الآن الثورية رغم أنها كانت قبل 25 يناير تسبح بحمد مباحث أمن الدولة ، وأحسب أنه من المفيد للأمة كلها أن يتم عمل (تحليل مضمون) و(تحليل مواقف) لهذه الصحف ولمُلاكها وصحفييها الثابتين التابعين المسبحين بحمد النظام السابق ، هل يا ترى مثل هذه الخريطة من المتأمركين داخل وخارج النظام تصلح لأن تؤتمن على حماية ثورة 25 يناير وابقائها على نقائها ، وأهدافها النبيلة أم أن هؤلاء يعدون – معاً – أو منفردين استراتيجية لإجهاض هذه الثورة وسرقتها ؟ نحن أميل إلى الاحتمال الثانى وأخشى أن أقول إنه للأسف ينجح ، فيما يتوارى صُناع الثورة أو يُضحك عليهم بالكلام المعسول والصحافة الكاذبة ، والفضائيات المغشوشة ، التى تديرها جميعاً ، سواء بعلم أو بدون علم ، استراتيجية واحدة تتمثل فى بقاء (أمركة واستبداد النظام المصرى السياسى الحاكم) على حالها ، والخروج الآمن ليس لنظام حسنى مبارك أو حتى لشخصه ، بل لشباب الانتفاضة حتى يحتل مكانهم ، قوى أخرى ، ووجوه أخرى ، أحسب أنها الآن بالفعل موجودة فى ميدان التحرير بالقاهرة وميدان المنشية بالاسكندرية ، البقعتان الوحيدتان اللتان لاتزالان ، مشتعلتان باسم الثورة ، لكن صورة الثوار فيهما اليوم ، مختلفة كلية عن ثورة 25 يناير ، الذين أزعم أنهم تسربوا ولم يبق منهم إلا النذر اليسير ، إما إحباطاً أو مللاً أو إدراكاً بأن راكبى الثورة وسُراقها الجدد ، قد باتوا أكثرية ، ذات مطالب ، وأهداف مختلفة كلية عما طالب به ثوار وشهداء 25 يناير ! .

******

 (4)

إذا كان هذا هو حال صُناع الثورة وسُراقها ، شرفاء الثورة وأوغادها (وفقاً لنظرية جيفارا) فما العمل لكى يعود إليها وجهها المشرق ثانية قبل أن يضيع تماماً بعد 15 يوماً فى الشارع ؟ الإجابة باختصار ، وببساطة ، هى فى قيام ثوار اليوم الأول للانتفاضة بمبادرة عاجلة لتكوين جبهة ميدانية من القوى التى صنعت الثورة فعلياً ، وليس من أولئك الذين جلسوا على (منضدة عمر سليمان) بعد أن جلبوهم من مكاتبهم المكيفة ، وارتدوا معه الكرافتات لزوم تصوير قنوات التليفزيون المصرى البائسة ، وقناة العبرية (أقصد العربية) لهم ، لكى يسوقوا (حلهم السحرى) فى إجهاض الانتفاضة لصالح واشنطن وتل أبيب ؛ الحل فى تكوين جبهة واسعة ، من شباب الانتفاضة ومن القوى الحزبية والسياسية الشريفة الداعمة لهذه الانتفاضة ، وهى قوى معلومة لشرفاء الوطن ، وليس للصوصه الجدد والقدامى ، (جبهة واسعة ومنظمة) تعيد ترتيب الأولويات ، بعد ترتيب الصفوف ، وتعيد زخم الانتفاضة – الثورة بمطالب جديدة أبعد من (تنحى حسنى مبارك) ذلك الشعار الذى فى ظنى بدأ يفقد بريقه بعد حركات الالتفاف البهلوانية الواسعة عليه من الجميع ، وعليه ففى مقدمة المطالب الجديدة التى ينبغى أن تضعها هذه الجبهة الوطنية الجديدة ، مطلب (طرد سفيرى العدو الصهيونى والأمريكى من القاهرة) ، وهو مطلب إن وجد ترجمة عملية له سواء فى المحاضرات أو الكلمات التى تُلقى على المتظاهرين أو فى المسيرات التى ينبغى أن توجه إلى مقر السفارتين الأمريكية والإسرائيلية بالقاهرة ، وتحاصرهما لحين تنفيذ هذا المطلب الوطنى الجامع والجديد ، فإن دماً جديداً سوف ينضح فى شرايين الثورة ، ووجهاً قومياً وطنياً بازغاً سوف يُشرق ، وسيعاد لثورة (25 يناير) زخمها ووجهها الجميل المشرق قبل أن يسرقه (الأوغاد) وسيتوارى هؤلاء اللصوص بعيداً ، لأنهم سيفضلون (نداء واشنطن) على (نداء الوطن) ، ولن يجد لصوص الثورة ما يقولونه ويبيعونه للنظام على مائدة الحوار ، ولن يجد النظام نفسه ما يعدهم به من مغانم ومكاسب ، وسيهرب رجال الأعمال أصحاب الفهلوة السياسية الكاذبة الذين يضعون رِجلاً فى حقل الثورة ورِجلاً فى حقل النظام المتأمرك ، وستنتهى معاناة الناس فى أعمالهم وأرزاقهم المقطوعة بحجة الانتفاضة ، ولن يجرؤ أحد على المتاجرة بأوجاعهم لأن المظاهرات ساعتها ستكون أمام سفارة العدو الصهيونى فى الجيزة ، وسفارة العدو الأمريكى فى الشوارع الجانبية المجاورة لميدان التحرير ، وسيجد أصحاب الفضائيات والصحف الخاصة أنفسهم فى موقف محرج لأنهم أمريكان بالهوية والدور والمال المسروق (ولذلك حديث آخر) ، وربما ساعتها سنسمع عن إغلاق لهذه الفضائيات والصحف ، طبعاً إن نجحت الثورة ، وإن نجح ثوارها فى إكسابها هذا الطعم القومى والوطنى الجديد ، فهل ثوار 25 يناير قادرون على هذا التحدى ؟ سؤال برسم المستقبل !! 


 

الفصل الرابع

لماذا لا يفتح ملف الفساد عن آخره ؟!

(1)

* لقد بدأت إذن ، بفضل ثورة (25 يناير 2011) ، أحجار الدومينو السياسى تتساقط ، وأولى الأحجار هو هذا الانهيار المفاجئ لقمة الحزب الوطنى الحاكم ، ولحلم جمال مبارك فى رئاسة مصر خلفاً لأبيه ، فلا هو سيرث ولا أباه سيبقى فى الحكم ، ليس هذا فحسب ، إن (أحجار الدومينو) ازدادت انهياراً فخرج الرجل الموصوف بأنه رجل كل العصور (صفوت الشريف) والذى كان مسؤولاً أيام صلاح نصر على عمليات السيطرة على النساء وتجنيدهن فى العمل المخابراتى كما ذكرت تقارير أو محاكمات انحراف جهاز المخابرات العامة المصرية فى نهاية عهد عبد الناصر وكان اسمه وقتها (المقدم صفوت موافى) ، ولدينا الوثائق الكاملة للتحقيق مع صفوت موافى وصلاح نصر والمخازى الأخلاقية بها خاصة عملية تجنيد سعاد حسنى ، بالصوت والصورة والتى سننشرها كاملة ذات يوم نرجو أن يكون صفوت الشريف حياً يرزق ليقرأها ويستمتع بها !! .

* لقد انهار الحجر المهم الأول فى الحزب الحاكم ، وتلاه باقى الأحجار (زكريا عزمى – مفيد شهاب – الابن المدلل جمال مبارك) وتحطمت أحلامهم ، وأحلام كل من ارتبط بهم من رجال السياسة ، والأحزاب الورقية وناهبى المال العام واستبدلوا بآخرين ظاهرهم جيد (د.حسام بدراوى مثلاً) ولكن الله أعلم بباطنهم ، لأنهم أيضاً أبناء هذه المؤسسة الاستبدادية الخربة التى اسمها الحزب الوطنى، على أية حال ، إن الأخطر من انهيار الحزب الحاكم الذى لن يكون حاكماً بعد اليوم إذا ما استمرت ثورة الشباب وظلت جذوتها حية حتى لو انفضت المظاهرات ، هو انهيار منظومة رجال النهب والفساد المالى والاقتصادى ، وخاصة من الوزراء الكبار الذين شكلوا الأعضاء الأكثر نفوذاً وفساداً فى الإدارة السابقة ، تعالوا نفتح ملفاتهم ، ولكن قبل الفتح ، نذكر أنهم ليسوا وحدهم وأن ثمة 60 رجل أعمال على الأقل ، كانوا من حولهم ، بل كانوا أخطر منهم ، عاثوا فى الأرض فساداً ، أو نهباً حراماً من ثروات البلاد ، بعضهم سرق أرض الدولة، والبعض الآخر سرق البنوك والبعض الثالث نهب المال العام والسياحة ، هؤلاء جميعاً علينا أن نفتح ملفاتهم ، وأن تعد الثورة الجديدة ، ثورة 25 يناير ملفات كاملة عنهم وتقدمهم للمحاكمة ، لأن أى إصلاح سياسى يطلبه شباب الثورة تنقله ما يسمى بلجان الحكماء ، سيظل بلا ركائز وبلا قوة تسنده على الأرض والقوة التى نعنيها هى قوة فتح ملفات الفساد الاقتصادى ومحاكمة رموزه،لكى يكتمل الاصلاح السياسى بالاصلاح الاقتصادى الجاد .

(2)

أول ملفات الفساد الاقتصادى التى ينبغى أن تُفتح فى ميدان التحرير ، وأن تُقدم بشأنها طلبات وشروط عاجلة من المنتفضين إلى النظام الحالى ، هو فتح ملفات 60 ممن يسموا خطأ – برجال الأعمال – وهم مجرد لصوص للمال العام قاموا بسرقة 18 مليون فدان فى كافة محافظات مصر بسعر للفدان لا يتعدى 50 جنيهاً ، منها قرابة الـ 15 مليون فدان على طريق مصر – الاسكندرية الصحراوى ، ولقد سبق وقامت صحيفة " الدستور " المصرية منذ شهر أو أكثر ومن خلال تحقيقات متميزة وموثقة للزميل ولاء الشيخ ، بفضح ما قام به كل من (حسين الجمال – اللواء مجدى راسخ (صهرى جمال وعلاء مبارك) ، وصلاح دياب (مالك صحيفة المصرى اليوم) وشركة بيكو التى العمالة الرئيسية بها إسرائيلية والذى سنخصص له دراسة موسعة قريباً هو وصبيته الصحفيين ، وخاصة علاقاته بالإسرائيليين ، وبعده يأتى د.أحمد بهجت مالك قناة دريم (الذى نافق قبل أيام الانتفاضة فى حواره مع كرم جبر وأسماها ثورة (شوف المزايدة !!) رغم أن هذه الثورة إن نجحت فسوف تؤمم ممتلكات سيادتهما بما فى ذلك (المصرى اليوم وقنوات دريم) وبالتالى عليهما أن يهدآ قليلاً ، وأن يفكرا جيداً فى موضع كلماتهما ، ويتوقفا عن " الفهلوة الصحفية " وأن يرتبا أنفسهما جيداً للمستقبل لأنه مستقبل ليس جيداً بالنسبة لهما ، ثم يأتى رجال الأعمال الفهلوى والشاطر المهندس نجيب ساويرس الذى شارك المنتفضين ثورتهم فى ميدان التحرير ، عليه هو الآخر أن يعيد حساباته ، فما يجرى فى ميدان التحرير ليس هو ما جرى فى 18و19 يناير 1977 عندما كان سيادته طالباً فى كلية الهندسة والحكاية ستنقلب عليه هو تحديداً بالغم ، والهم ، والفهلوة السياسية التى استعملها مع أحمد فؤاد نجم ، وتقليده الجوائز ، واللعب على كل الحبال ، أعتقد أنها مع هذه الثورة لم تعد تجدى ، وبالتالى التفكير فى الهروب خارج مصر هو الأجدى والأكثر واقعية بالنسبة لهذه النوعية (الفهلوية) من رجال الأعمال لأن ما هو قادم أسوأ .. أسوأ بكثير مما يتصورون خاصة أن العديد منهم على رأسه عشرات البطحات ، والفضائح والملفات موجودة لدينا ، ولدى الخبراء الاقتصاديين الوطنيين!! .

* وإذا كان الشىء بالشىء يذكر ، فإن ضرورة فتح ملف الـ 128 ألف فدان من أراضى توشكى والتى بيعت لذلك الأمير السعودى المغرور الوليد بن طلال ، الذى يتشارك مع اليهودى مردوخ ملك الإعلام الأمريكى ، ومع الجامعات ومشاريع المخابرات الأمريكية ، ولا يقدم مليماً لأجل فقراء المسلمين مثله مثل حكام وأمراء السعودية الآخرين ، إن فتح هذا الملف ضرورة لمستقبل مصر ، إذ من العار ، كل العار أن يستولى هذا الأمير بمساعدة أسرة مبارك ، ووزير الزراعة المصرى السابق يوسف والى على ما يزيد على 2% من المساحة الاجمالية لمصر ، ولا يستصلح منها سوى بضع عشرات من الأفدنة لا تنتج شيئاً ، رغم تقديم كل الخدمات المائية والاستصلاحية له ، ولكنه جاء ليبيع الأرض بنظام " التسقيع " ، فلا أهمية لمصر ، فهى ليست فى رأسه ولا فى قلبه كما كان يغنى اللوبى الإعلامى المصرى المتسعود بذلك ، خاصة بعد تلقيهم العطايا من آل سعود وخاصة سفيرهم الحالى بالقاهرة هشام الناظر .

إن ملف هذا الأمير وغيره من رجال الأعمال السعوديين فى مصر (مثل ملف شركة عمر أفندى) و(شركة مدينتى) وسيدى عبد الرحمن , وغيرها ينبغى أن يفتح عن آخره ، وساعتها سنكتشف كم الفساد الذى مورس فى مصر خلال الثلاثين عاماً الماضية ، وساعتها أيضاً سوف يستقيم الإصلاح السياسى المنشود من شباب ثورة 25 يناير مع الإصلاح الاقتصادى الذى يحاول بقايا نظام مبارك إغلاقه ، وأنا هنا أدعو مفكرى ورموز الانتفاضة خاصة من الاقتصاديين الشرفاء من غير اللاهثين لقضم تورتة الثورة بفتحه عن آخره وسوف تفاجئهم كم الروائح الكريهة والمذهلة للفساد .

 (3)

نماذج من بذخ العصابة التى كانت تحكم مصر

إن الصدمة التى أحدثتها ثورة 25 يناير ، والتى أفقدت النظام المصرى الحاكم توازنه ، كان لها الفضل فى كشف نواحٍ مذهلة من فساد تلك العصابة ، ومنها – كما سبق وأشرنا - امتلاك حوالى 18 مليون فدان بأرخص الأسعار (الفدان سعره كان أقل من 50 جنيهاً) خاصة أراضى طريق مصر اسكندرية الصحراوى والتى كان من أبرز ملاكها كما أشرنا (صلاح دياب – اللواء مجدى راسخ – حسين الجمال – أحمد بهجت - وغيرهم) ، أما الوزراء اللصوص فحدث عن أموالهم ولا حرج ولذلك هم الآن محالون للتحقيق وربما المحاكم والسؤال : ماذا عن ثرواتهم ، تحدثنا المعلومات والوثائق التى رصدتها العديد من الصحف والدوريات المتخصصة الأمنية وفى مقدمتها صحيفة الدستور (5/2/2011) نقلاً عن مجلة " أريبيان بزنس " والتى ترصد سنوياً قائمة بأغنى 50 شخصية عربية ، حيث أكدت الإحصائية احتلال ثلاثة أسماء مصرية موقعاً فيها خلال السنتين الماضيتين من بينها إمبراطور الحديد "أحمد عز " والذى يحتل المركز الثالث مصرياً والسادس والأربعين لقائمة أغنياء العرب وبثروة تبلغ 60 مليار دولار بعد نجيب ساويرس وشفيق جبر مع تأكيد أن تقييم الثروة أمر غاية فى الصعوبة ويخضع للكثير من المعايير ولأن موضوع التقييم معقد وشائك ، كما أن الإفصاح والشفافية أمران نفتقدهما فى مصر فإن المهمة غاية فى الصعوبة .

وقد حصل " أحمد عز " على قروض من البنوك تبلغ أكثر من مليار و600 مليون جنيه فى وقت كانت ديون شركة عز الدخيلة وصلت إلى 745 مليوناً و130 ألفاً و550 جنيهاً حتى 13/12/2005 ، وكان ذلك بالقطع شيئاً غريباً فالرجل الذى يستحوذ على أسهم فى الدخيلة بـ 430 مليون جنيه كان مديوناً لها بأكثر من 745 مليوناً من الجنيهات ، أى أن مديونيات شركته كانت تساوى أكثر من ضعف الاستثمارات التى وضعها فى الشركة خاصة أن هذه الديون قدرت فوائد عليها تصل إلى 21% سنوياً ، حيث وصلت فوائد هذه الديون من 70-80 مليون جنيه سنوياً والتى عجز عن سدادها وشملت البنوك التى يتعامل معها (القاهرة بقصر النيل – المصرى الأمريكى بالمهندسين – التجارى الدولى بالجيزة – مصر أمريكا الدولى – المصرى الخليجى – هونج كونج – مصر العربى الأفريقى – بنك أوف أمريكا – كريدى ليونيه) .

أما أحمد المغربى ، وزير الإسكان السابق والحاصل على الجنسية السعودية والذى لم يحصل على مؤهل عال ، بل مؤهل متوسط ، فيعتبر من أغنى وزراء الحكومة المقالة ، حيث وصلت ثروته إلى 17 مليار جنيه كما هو مكتوب فى إقرار الذمة المالية الخاص به ، فقبل أن يتولى المغربى مسؤولية وزارة الاسكان كانت ثروته لا تتعدى 4 مليارات و90 مليون جنيه والتى كونها من شركة المغربى عام 1972 بجانب أنه شريك أساسى فى شركة أكور للفنادق وشركة أكور السياحية والنيل للتنمية الصناعية ، ولكن بعد دخوله الوزارة كون شركات أخرى منها شركة للخدمات السياحية والنعمة للاستثمار السياحى وفندق " اللوتس الذهبى " ووصل راتب المغربى الشهرى إلى 20 ألف جنيه مضافاً إليه البدلات والحوافز .

وذكرت مصادر أنه رفض سداد قيمة بعض القروض التى حصل عليها من البنوك بقيمة 3 مليارات جنيه حصل عليها أثناء توليه وزارة الإسكان .

أما زهير جرانة – وزير السياحة – فاقترض4 مليارات جنيه من البنوك قبل أن يصبح وزيراً لإنقاذ شركته الخاصة وهى جرانة للفنادق والسياحة من الديون التى كانت تحاصره والتى عرضت الشركة لشبح الإغلاق ونجح جرانة فى تسديد ديونه بعد توليه الوزارة وجمع ثروة تقدر بـ 8 مليارات جنيه .

وفى وثائق حكومية خطيرة عن أشكال البذخ الحكومى الذى كان يتم فى عهد السيد جمال مبارك وعصابته ممن سُموا برجال الأعمال ، ذكر تقرير حكومى امتلاك رجال جمال مبارك لعدد هائل من الطائرات الخاصة إجمالى ثمنها مليار ونصف المليار جنيه .وانتقد هذا السعر الذى جاء فى الوقت الذى لا يجد فيه رجال الأعمال سيولة مالية لسداد ديونهم للبنوك .

ووصف التقرير اتجاه رجال الأعمال إلى امتلاك السيارات والقصور والفيلات الفاخرة كنوع من التباهى والتفاخر ، وأضاف التقرير أن من المفارقة الغريبة أن رجال الأعمال والذين يمتلكون طائرات خاصة معظمهم ينتمى إلى الحزب الوطنى الديمقراطى بل إن غالبيتهم ينتمى إلى لجنة السياسات بالحزب ويمتلكون طائرات تصل أثمانها إلى المليارات وفى مقدمة هؤلاء أحمد عز – أمين التنظيم السابق – والذى يمتلك طائرة من طراز " بالدولار " و" لارجيت 60" ثمنها لا يقل عن 2 مليون دولار ، وكذلك محمد أبو العينين – عضو لجنة السياسات – ويمتلك 3 طائرات من طراز " جرومر 5 " ثمن الواحدة لا يقل عن 7 ملايين دولار ، كما يمتلك رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى – عضو لجنة السياسات وعضو مجلس الشورى والمحبوس حالياً لاتهامه بقتل سوزان تميم – طائرة ثمنها لا يقل عن 2 مليون دولار ، وكذلك إبراهيم كامل – عضو الأمانة العامة للحزب الوطنى وصديق الإسرائيليين الشهير – شركة طيران " إيرو كايرو " والتى تمتلك 6 طائرات من طراز " جرومر 5 " و" لارجيت 60 " بما لا يقل عن 16 مليون دولار ومحمد شفيق جبر – عضو لجنة السياسات بالحزب الوطنى – يمتلك طائرة من طراز "LR54" ثمنها لا يقل عن مليون ونصف المليون دولار ، ثم نجيب ساويرس وشقيقه "سميح" حيث يمتلكان ثلاث طائرات من طراز " لارجيت 60" يقدر ثمنها بما لا يقل عن 7 ملايين دولار وتلك الطائرات عبارة عن " تاكسى " طائر سعة الواحدة منها 10 ركاب وكذلك يمتلك حسين سالم – عضو لجنة السياسات وصديق شخصى للرئيس مبارك ورجل التطبيع الأول فى مصر ومُصدر الغاز للعدو الصهيونى بأبخس الأسعار – طائرتين الأولى من طراز " لارجيت 60" والثانية " فالكون 2000 " ويقدران بما لا يقل عن 8 ملايين دولار، وإيهاب عوض – عضو الأمانة العامة للحزب – يمتلك طائرة من طراز " HS145" والتى يصل ثمنها إلى 2 مليون دولار ، وشملت القائمة رجال أعمال آخرين منهم كريم غبور الذى يمتلك طائرة من طراز "سيسنا" ثمنها لا يقل عن مليون دولار .

وكشف تقرير آخر - وفقاً لصحيفة الدستور المصرية - للبنك المركزى المصرى ارتفاع صافى ديون شركات قطاع الأعمال خلال شهر لتصل إلى 31.8 مليار جنيه وقد ارتفع صافى ديون الحكومة للبنوك بنحو 7.1 مليار جنيه لتصل إلى 348.50 مليار جنيه فى نهاية أكتوبر وزادت ديون قطاع الأعمال حيث بلغت " 329.4" مليار جنيه وقد وصل الائتمان المحلى إلى 804.2 مليار جنيه .

*****

* وبعد .. هذه مجرد لمحات من فساد أركان الحكم السابق ، لا ينبغى أن يتوقف الأمر عندها، المطلوب فتح ملفاتها بالكامل ، وفتح ملف الـ 60 رجل أعمال ، الذين مثلوا البنية التحتية للفساد المالى والسياسى فى الوطن ، طيلة الـ 30 عاماً الماضية ، فبذلك يستقيم الإصلاح السياسى والذى لن يكون له قيمة تُذكر إذا ما استمر هؤلاء الفاسدون من سارقى الأراضى ، والمتعاونون مع خبراء الزراعة والاقتصاد الصهاينة فى أراضيهم أو مستعمراتهم المسروقة من دم الشعب فى طريق مصر اسكندرية الصحراوى ، يؤسفنى أن اقول للمنتفضين أن الإصلاح المطلوب بما فى ذلك تنحى الرئيس مبارك ، لا قيمة له بدون فتح ملف الـ 60 رجل أعمال من لصوص النظام المغرور ، هؤلاء هم " أُس " الفساد السياسى وهم أنفسهم الذين سيلتفون على الثورة ويجهضونها ، ليس عبر الجمال والخيول والبغال ، التى قيل – وهذا سر نذيعه للمرة الأولى – أن السفير السعودى بالقاهرة قد مَوَّل أصحابها لتحرق ميدان التحرير بالاتفاق مع رجال أعمال فى الحزب الحاكم ومع صفوت الشريف – إنهم سيغتالون الثورة من خلال سطوة رأس المال وتزاوجه مع السلطة الجديدة ، فانتبهوا أيها الشباب ، واعلموا أن (مصر الدولة) على أبواب مرحلة جديدة ، إما الفوضى ، أو إعادة ترتيب الأولويات ، والتى ينبغى لها أن تبدأ بفتح ملف الفساد الاقتصادى الشامل ، والدعوة لقطع العلاقات مع العدو الصهيونى والأمريكى ، فهؤلاء هم الأعمدة الحقيقية لنظام مبارك ، وبدون محاكمتهم ومحاصرتهم ، لن يكون لكل مطالب الثورة السياسية والتى هى مشروعة قطعاً ، أى قيمة تذكر ؛ والله أعلم .    

الفصل الخامس

هل تنجح (قناة العربية) فى " إسقاط مبارك " و" أمركة الثورة " لصالح إسرائيل ؟

* هل تريدون الصراحة أم تريدون النفاق الإعلامى الرخيص ؟

* إن من يريد معرفة حقيقة المؤامرة التى تجرى ضد الدولة المصرية وليس ضد هذا النظام الفاسد البائد ، فليعلم أن الجناح الإعلامى الأمريكى فى مصر يحاول أن يخطف الثورة ويؤمركها ويدعى الموضوعية وهو غير موضوعى ، وفى مقدمة هذا الجناح تأتى قناة العربية المشهورة فلسطينياً وعربياً بقناة " العبرية " !

* إن هذه القناة تجاوزت مرحلة نقل الخبر أو الحدث إلى (صناعة الحدث) ذاته ، حدث ضرب الدولة وليس ضرب النظام .

* إن " العربية " تدس السم فى العسل ، ولا تستهدف تقديم الحقيقة أو الخبر المجرد ، لكنها تصنعهما وتعيد صياغتهما ونشرهما بطريقة تخدم المشروع الأمريكى الذى يتعرض الآن لزلزال كبير فى مصر !! ، نعم قد يكون فريق المعدين والمذيعين أمثال (إنجى وأحمد عثمان وبجاتو وغيرهم) فى مصر بريئاً من استخدام واشنطن للقناة و" أمركة الانتفاضة " وإسقاطها فى حضن رجال أمريكا كالثمرة الناضجة ، ولكن عليهم أن يعلنوا براءتهم من دم مصر التى تذبح الآن بشماتة على أيدى قناتهم ، وغيرها من أدوات إعلام وسياسة العدو الأمريكى !! ، عليهم أن يقرأوا شهادة قديمة للإعلامى (مهند الخطيب) الذى كان يعمل فى هذه القناة تكشف عن دعم 500 مليون دولار من الإدارة الأمريكية للقناة من أجل العمل لصالح واشنطن (كما سننشر فى مقالات لاحقة) .

* هذا أوان المصارحة .. فالثورة التى اندلعت فى مصر منذ يوم 25 يناير الماضى يتم سرقتها وأمركتها ، وكما أشرنا فى مقالاتنا السابقة عبر هذه الصحيفة الغراء .

إن المخطط لايزال سارياً ولأنه كذلك فدعونا نحذر من الآتى ، ونحاول أن نستشرف آفاق الانتفاضة التى عندما بدأت تجنى ثمارها بالأمس ، سرعان ما تم الالتفاف عليها وإجهاضها وتشويهها من قبل مجموعتين : الأولى : هم رجال الأعمال فى نظام مبارك الذين أطلقوا البلطجية ليحرقوا ميدان التحرير.والثانية : المجموعة المصرية الأمريكية المندسة وسط المتظاهرين فى ميدان التحرير بقيادة البرادعى ورفاقه وإعلامه المتأمرك والتى لا تريد لأى انجاز وطنى حقيقى أن يتم وتريد سرقة الثورة لمصلحة أمريكا .

إننا ننبه إلى الآتى قبل فوات الأوان :

(1)

أمريكا تدرك الآن بأن مشروعها فى مصر قد فشل على أيدى مبارك ونظامه فبدأت سريعاً تدفع بفريقها السياسى والإعلامى لتدارك ما يمكن تداركه ، ويأتى فى مقدمة هذا الفريق السياسى بل ويقوده المدعو محمد البرادعى (الذى قدمنا عنه فى هذه الصحيفة وغيرها تقريراً وافياً يثبت أنه أمريكى الدور والمصلحة ، وأنه صُنع على عين واشنطن منذ 1974 ، وهو الذى وقف خلف تدمير العراق بتقاريره الزائفة وخلف ضرب مفاعل دير الزور فى سوريا ، وحصار مفاعل أنشاص فى مصر ؛ وهو الذى حمى المشروع النووى الإسرائيلى طيلة الـ 12 عاماً التى تولى فيها رئاسة هيئة الطاقة النووية الدولية ، ولم يسمح لأحد بالتفتيش أو مجرد كتابة تقرير نقدى عن الـ 300 قنبلة نووية إسرائيلية ، ومنذ بدأ هذا الدور وخاصة بعد ضرب العراق عام 2003 كتبت فى صحيفة صوت الأمة مقالاً مبكراً جداً عام 2003) كان عنوانه (لماذا أخجل من كون البرادعى مصرياً) طالبته فيه بمجرد ذكر قدرات إسرائيل النووية ولو بالكلمة فلم يفعل حتى هذه اللحظة (2011) .

* هذا الفريق السياسى يسانده فريق إعلامى موسع من صحف لرجال أعمال (منها صحيفة يملكها رجل أعمال نشرت عنه صحيفة الدستور المصرية أنه يستولى على 8 آلاف فدان فى طريق الاسكندرية الصحراوى ويقيم فيها مستوطنات زراعية يقودها خبراء إسرائيليون وهى صحيفة تصرخ الآن بأعلى الصوت ضد النظام رغم أن رئيس تحريرها الذى يعيش فى (فيلا) فى 6 أكتوبر كان بالأمس ينام فى حضن مباحث أمن الدولة ، وينعى على صفحات جريدته كل صباح زوجات وأمهات وأشقاء ضباط الشرطة الذين توفوا ، والذين يعمل فى خدمتهم) هذه الصحيفة وغيرها ، مع هذه الصحيفة المصرية اسماً والأمريكية دوراً ، تأتى قنوات فضائية مشبوهة كالجزيرة والعربية ، الأولى اُغلق مكتبها فى مصر والثانية لايزال ، وعن الأخيرة سأتحدث تفصيلاً لنجيب على السؤال الذى طرحناه فى عنوان مقالنا : هل تنجح قناة العبرية (أقصد العربية) فى إسقاط مبارك وأمركة الانتفاضة لصالح إسرائيل؟ .

*****

(2)

إن قناة العربية الشهيرة فلسطينياً ولبنانياً وعراقياً باسم قناة (العبرية) تلعب دوراً خبيثاً فى قطف ثمار الانتفاضة وتحويل دفتها إلى ناحية واشنطن ، وذلك تنفيذاً لمخطط أمريكى/سعودى بات معروفاً ، وهو ألا تقع مصر بعد مبارك فى أيدى القوى الوطنية الشريفة (اليسارية أو الناصرية أو الإخوان) ، وهو دور استراتيجى قديم دأبت عليه القناة منذ نشأتها عام 2003 ، حيث يذكر تقرير أمريكى سرى نشر العام 2005 وسنقدمه كاملاً مع شهادة (الإعلامى مهند الخطيب) فى مقالات قادمة ، لأننا نعتبر كشف هذا المخطط هو قضيتنا الكبرى الآن وأن ذلك أمانة فى أعناقنا تجاه مصر التى يُراد تخريبها اقتصادياً لينتعش اقتصاد آل سعود (ذوى الأصول اليهودية المعروفة كما كتب ناصر السعيد) وتناحر– مصر-داخلياً فى حرب أهلية لصالح إسرائيل،وكما يعلم أصغر طفل يدرس العلوم السياسية فإن (لآل سعود وإسرائيل) أدواراً رئيسية مشتركة فى تدمير مصر وخدمة واشنطن .

* نعود لنقول .. إن قناة العربية تقوم بصناعة وفبركة الأحداث والأخبار لتدمير (الدولة المصرية) ، وليس فحسب النظام المصرى كما قد يتصور البعض ، أى أن الأمر تجاوز ، مجرد فكرة الإثارة الرخيصة والاخبار الكاذبة عن المظاهرات والحياة والاقتصاد ، وضعف المهنية وهى سمة غالبة على أغلب مراسليها بما فيهم السيدة راندا أبو العزم التى لا تجيد العربية ، وتفتعل رحلات بالسيارة إلى بيتها فى المعادى أو بميدان التحرير وتسأل جمهوراً غير موجود ، بعد أن فضحنا دورها فى الأيام الأولى للانتفاضة عندما كتبنا عنها أنها تدير التغطية للثورة الشعبية من الشرفة فى فيلم هندى ركيك !!

* الأمر تجاوز ذلك – أيها السادة – إلى دور خبيث يضرب فى بنية الدولة المصرية ذاتها ، فعندما تذيع القناة ، مثلاً " أن 3.5 مليون مصرى يتظاهرون الآن ثم ينفعل المراسل الذى اخترعته القناة ، لأننا نعلم أنه زميل صحفى غير معين بالقناة ليقول .. الآن .. الآن فى ميدان محطة الرمل فى الاسكندرية " ؛ فيخجل مذيع الاستديو (وهو مصرى) من حجم الكذبة ، فيعتذر بعد فترة للمشاهدين عن ذلك رغم أن الشريط الأحمر للأخبار يظل يذيعها لعدة ساعات رغم أن أى مصرى يعلم أن ميدان المنشية لا يتسع (مثله مثل ميدان التحرير) لأكثر من 20 ألف أو 40 ألف متظاهر ، ساعتها نستغرب لماذا ؟ وما العيب أن نقول الرقم الصحيح لأعداد المتظاهرين حتى ولو عشرة فقط طالما أن مطالبهم ورسالتهم شريفة ؟ إن الهدف هو تأليب الناس على الدولة ذاتها وليس على النظام الفاشل ؟ .

*****

(3)

* وعندما تذيع القناة على لسان مراسلها القابع خلف تليفون منزله فقط وبلا كاميرا لنصدق كلامه، ليعلن أن قناة السويس قد أغلقت وأن أمراً جاء لموظفيها بأن يجلسوا فى البيوت ، ويستمر وضع الخبر على الشاشة باللون الأحمر (تحت كلمة عاجل) لأكثر من ساعة إلى أن يأتى رئيس هيئة قناة السويس ويكذبه ، نسأل ساعتها لماذا ولمصلحة من أن يتم تدمير اقتصاد هيئة قناة السويس وهل يعلم أولو الأمر عن هذه القناة أن مثل هذا الخبر (الناقص الأركان) الذى لو أتى به إلينا صحفى مبتدىء لفصلناه فوراً ، قد تسبب فى خسائر مالية قدرت بـ 30 مليون دولار من دخل قناة السويس ؟ وأن الذى استفاد من هذا الاضطراب هى فقط الموانىء الإسرائيلية على البحر المتوسط ، والموانىء السعودية الوهابية على البحر الأحمر ، ساعتها نسأل هل كانت قناة (العبرية) أقصد العربية حسنة النية فى نشر الخبر الكاذب ثم تصحيحه بعد ساعة من إذاعته وبعد أن لف العالم أجمع وصنع الأحداث وآثار البلبلة الاقتصادية ؟! .

* وعندما تتبنى القناة ترجمة غير أمينة لمطالب البيت الأبيض من النظام المصرى بضرورة الإسراع بالتغيير ، وتصيغها لنا بأن البيت الأبيض يطالب مبارك بالرحيل فوراً ، ثم تستتبع ذلك مباشرة بخبر عن اتصال لرئيس الأركان الأمريكى بنظيره المصرى يطالبه بالتغيير وهذا الأسلوب فى كتابة وإذاعة الأخبار معلوم لدى خبراء الإعلام فى فكرة الإشاعة وتثبيتها كخبر للتأثير على الرأى العام وصناع القرار وهز استقرار الدولة المنشور عنها ، وهى هنا (الدولة) المصرية وليس النظام السياسى الفاشل ؛ نسأل لمصلحة من (الترجمة المغلوطة) والأخبار المصاغة بلغة تستهدف ليس الإثارة أو تعويض النقص المهنى ، بل زعزعة استقرار الوطن والدولة ، وسرقة الانتفاضة والركوب عليها .. نسأل لمصلحة من هذا إن لم يكن لمصلحة أمريكا وآل سعود وآل صهيون وهم أخوة من نسل بعضهم من بعض ؟ .

*****

(4)

* وعندما تستضيف (العربية) الفريق الأمريكى المشبوه والمعروف (البرادعى – ساويرس – عمرو موسى – زويل .. إلخ) فى برنامج تافه وضعيف مهنياً ، ثم تلح علينا طيلة النهار بكلمات هؤلاء الضيوف عبر نشراتها المتتالية وكأننا أمام سبق صحفى رغم أن الأمر ليس كذلك فكلامهم مجرد لغو سمعناه كثيراً ، نسأل ما الهدف ؟ هل هو تقديم الرأى والرأى الآخر والحقيقة ، أم محاولة لتثبيت رأى وموقف بعينه فى أذهان الناس بأن هؤلاء هم (الأحق بالاتباع) وهم الأكثر أهمية وهم الأكثر ثورية رغم أن أصغر طفل شارك فى الانتفاضة يعلم أن ذلك كذب وبهتان وأن المقصود هو تعويض غياب الفريق الأمريكى عن ساحة الانتفاضة طيلة الأعوام الماضية ، وقدومهم فجأة فى الربع ساعة الأخير ولكى يظهروا للناس أن هذا الفريق مشارك لهم فى همومهم منذ البداية ويتم الإلحاح عليهم ، كل ساعة ، رغم أن كلامهم معلوم ، ورأيهم ليس به جديد وإذا رد علينا جهابذة القناة من أتباع آل سعود وكمال أدهم بأننا قدمنا آراء أخرى لفريق آخر كالإخوان (المرشد السابق) أو الناصريين (حمدين صباحى) أو الشيوعيين ، نسألهم ، ولماذا لم تظلوا تذيعون كلماتهم المضادة ، بنفس الطريقة التى تتبنون فيها إذاعة كلمات رجال المشروع الأمريكى الجديد فى مصر مثل البرادعى ؟ إن الإجابة ، هو الدهاء والخبث الإعلامى ومشروع زعزعة الدولة ذاتها وليس النظام الفاسد البائد فقط .

*****

* وعندما تصر (قناة العربية) التى تزعم الموضوعية على عدم النقل الأمين لمظاهرات أخرى قامت لتأييد النظام (مثل مظاهرة مصطفى محمود) بمثل ما غطت مظاهرة ميدان التحرير والتى أبلغنا بعض الزملاء الصحفيين أنها تجاوزت الـ 750 ألفاً ، وتقتصر فقط على ضرب (أحمد بجاتو) – مع رفضنا التام والقاطع لهذا الفعل المشين – ثم تضخيمها لما جرى فى ميدان التحرير من مواجهات بين أنصار مبارك وأنصار الانتفاضة ، ومحاولة الإلحاح الخبرى والإعلامى طيلة النهار على أن هذه هى القضية ، أما المظاهرات والرؤى والميادين والشوارع والمدن الأخرى بل وأمن مصر ، فهو غير موجود قصداً ، إن أمانة الإعلام فى نقل كل ما يتصل بأطراف الأزمة وأخبار الناس بحقيقة ما يجرى فى كل أرجاء مصر ، فأمر لا يهم بالنسبة إليهم ، المهم ليس فحسب الحدث الإثارى (أو الإثارة المهنية) ولكن تصوير مصر فى أعين الخارج أو الداخل إنها فقط (ميدان التحرير) وأن مصير الـ82 مليون ، متوقف هناك ومتوقف على النقل غير المهنى وغير الأمين لصحفيين أو لمتظاهرين فى حالة هلع وفزع ، وكأن مصر كلها كذلك ، رغم أن الصورة ليست كذلك ، فثمة مصر أخرى موجودة ، مصر التى تكره النظام الحاكم ، وتكره فى الوقت نفسه العناصر الأمريكية المزروعة وسط مظاهرة ميدان التحرير والتى تتبناها قناة العربية والمطلوب منها وبتكليف من إدارتها فى الإمارات أو فى الرياض أو واشنطن أو تل أبيب (لا فرق !!) أن تركز فقط عليها ، وعليهم ، فهنا يصنع الحدث ، ولا ينقل فقط ، وهذا هو الدور الأخطر لقناة العربية التى صنعها المال السعودى ، وتسيرها واشنطن .

* وهناك عشرات بل قل مئات الشواهد على هذا الدور الخبيث لهذه القناة التى هى – بالنسبة إلينا – أحد أدوات الذراع الإعلامى لواشنطن والرياض لضرب (الدولة المصرية) وليس لإسقاط هذا النظام الفاسد البائد فحسب، وحتى لا نظلمها كثيراً فهى للأمانة أداة (مهمة) ضمن أدوات أخرى إعلامية أمريكية وإسرائيلية تلعب فى مصر،لصالح واشنطن،وفى مقالات قادمة سوف نقدم وثائق عن التاريخ المشبوه لهذه الأدوات والأموال التى تخصص لها سواء من ال C.I.A مباشرة أو عبر آل سعود،وآل صهيون!!

*****

(5)

لكل هذا ، دعونا ، نستنتج ، ونحذر ، أن هذه الانتفاضة الشعبية ، سوف تُسرق أمريكياً إذا ما استمر هذا التصعيد المتبادل بين أجنحة رجال الأعمال والسياسيين والأمنيين المشبوهين فى نظام مبارك وبين المجموعة الأمريكية / الإسرائيلية بقيادة البرادعى وقناة العربية التى تريد أن تحول الانتفاضة لصالح واشنطن ، نحذر أن هذا الصراع الخطير إذا ما استمر ، وإذا ما أصر على الحسم ينبغى أن يكون على الأرض ، وتحديداً أرض ميدان التحرير القريب من شباك راندا أبو العزم (شباك قناة العربية) فإن النتيجة حتماً هى إسقاط (الدولة) وليس إسقاط مبارك فحسب .

* إن هؤلاء جميعاً يخطفون الوطن ويسقطون الدولة المصرية وليس النظام المصرى ، إن هؤلاء جميعاً يريدون إدخالنا فى حالة (الفوضى الخلاقة) التى خططت لها واشنطن فى عهد بوش الابن وكونداليزا رايس ، ولم تستطع أن تنفذها سوى اليوم ؛ إن هؤلاء لا يريدون المنطقة الوسط؛أى الحوار،والخروج الآمن للنظام مع الانتقال الديمقراطى والسلمى للحكم؛إنهم يريدون- وفى كلمة واحدة – إسقاط مصر فى حجر واشنطن والرياض وتل أبيب،فهل بعد كل هذه الحقائق،والدماء،والشهداء،ثمة من يدرك من شرفاء ميدان التحرير،وباقى الـ 29 محافظة مصرية،أبعاد المؤامرة الحقيقية أم أن على القلوب ، كما العقول أقفالها ؟ اللهم إنا قد بلغنا اللهم فاشهد .   

الفصل السادس

لصوصك يا وطن

متى تفتح الثورة ملفات لصوص أرض مصر المنهوبة فى عهد مبارك ؟

(1)

* ها هى الثورة المصرية ، تتقدم بخطى ثابتة ، نحو النصر ، وها هى شمسها تبدأ فى الشروق ، ومن حقها علينا أن ندافع عنها ضد أولئك الذين يحاولون سرقتها من ناحية ، وبأن نلقى ببعض الأضواء أمامها عن الملفات والقضايا التى ينبغى أن تكنسها وهى فى طريقها للتغيير ، وحتى يستقيم الانجاز السياسى العظيم للثورة ، ويقف على أقدام ثابتة ، ولكى يتم ذلك ، فمن جملة ملفات الفساد الكبرى التى ينبغى أن تفتح بنفس القوة التى تفتح بها ملفات الاستبداد والتعديلات الدستورية وإلغاء قانون الطوارئ ورحيل رأس النظام ، يأتى ملف النهب الاقتصادى المنظم الذى تم عبر شبكات الفساد التى حكمت مصر خلال حكم مبارك ، وفى مقدمتها تأتى ملفات سرقة أراضى مصر الزراعية والصحراوية التى كانت مخصصة لإنتاج القمح فقام اللصوص بتحويلها إلى منتجعات سياحية للأثرياء ، إنه ملف متخم وخطير ، ومن العار أن يصمت كل من لديه معلومة أو وثيقة عنه ، ولم يبادر بكشفها وفضحها ، فالساكت عن الحق شيطان أخرس ، ومما يحسب للثورة المصرية التى تدخل أسبوعها الثالث أنها أنطقت الجميع ، ولم تعد أساليب الإرهاب القديمة عبر الفضائيات والصحف الخاصة المأجورة أو المملوكة لبعض رجال الأعمال ومن خلال صحفيين بلا ضمير مهنى أو أخلاقى، لم تعد تخيف أحداً ، وبات مطلوباً الآن كشف هؤلاء اللصوص الكبار،وأدواتهم من الإعلاميين والصحفيين الصغار قيمة ودوراً .

******

(2)

لقد تناولت العديد من الصحف المصرية ، قصة الأراضى المصرية المنهوبة ، سواء تلك التى استولى عليها الوليد بن طلال فى توشكى جنوب مصر وتقدر بـ 100 ألف فدان بهدف الاستصلاح + 128 ألف فدان أخرى كحرم لها ، يعنى 228 ألف فدان ولم يستصلح منها جميعاً شىء يذكر ، أو تلك التى اشتراها عدد من رجال الأعمال على طريق مصر الاسكندرية الصحراوى ، بأسعار زهيدة تصل فى بعضها إلى 50 جنيهاً للفدان ، والآن يصل فيها سعر الفدان إلى ما يقترب من المليون جنيه (ترى من يدفع الفرق !!) ، وهى أراض كانت مخصصة لإنتاج القمح ، والآن تحولت إلى أراض لزراعة الفاكهة (ويديرها خبراء إسرائيليون سننشر أسماءهم فى دراسات قادمة) أو حولوها إلى منتجعات سياحية تمتص المخزون المائى ، ومن هؤلاء يأتى شريف حجازى (1000 فدان) ، مجدى راسخ (3000 فدان) ، شهاب مظهر (5000 فدان) ، علاء عبد النبى (6000 فدان) ، صلاح دياب (الذى يمتلك 2626 فداناً) بالقرب من القرية الذكية ، وأحد هؤلاء من ملاك الصحف الخاصة ، وهى صحيفة تطنطن علينا كل صباح عبر كُتابها " الثوار " ورئيس تحريرها المنفوخ غروراً رغم ملفاته وعلاقاته التى سننشرها لاحقاً إن سمحت الظروف ؛ يخرج علينا بكلمات هائلة للغاية عن الثورة ، والشهداء ، ومحاربة الفساد ، ولم نر صحفياً واحداً ، يلمح ولو لمرة واحدة ، عن هذا التناقض البين بين ما يقوله ، وما سبق نشره عن نهابى المال العام والأفدنة الصحراوية ، بأرخص الأسعار ، ولم يجرؤ أحدهم ممن يمتلئون غروراً وانتفاخاً ، بأن يسأل السيد مالك الصحيفة سؤالين محددين : الأول : كيف حصلت على هذه الأفدنة وبأى سعر؟ وهل بها خبراء إسرائيليون أم لا ؟ والسؤال الثانى : لماذا لم ترد على صحيفة الدستور قبل حوالى شهر عندما نشرت تحت عنوان (قصة 2626 فداناً من أراضى الدولة اشتراها مالك هذه الصحيفة بـ (تراب الفلوس) ؟ وتساءلت فيه : عن استغلاله لصحيفته فى معركته مع وزارة الزراعة عام 2009 عبر شن حملة ضخمة ضد وزير الزراعة وقتها أمين أباظة بهدف الحصول على أراض أخرى (غير الـ 2626 فداناً) تصل مساحتها 517 فداناً و3 قراريط و16 سهماً فى الكيلو 34 من طريق مصر – اسكندرية الصحراوى حيث وضع صاحب الصحيفة يده عليها وأراد شراءها بـ (ألفي جنيه للفدان) فى الوقت الذى كانت الوزارة تسعره بـ 90 ألف جنيه للفدان ؟ لماذا لم ترد على (الدستور) عندما تساءلت عن هذه الأراضى وأسعارها الزهيدة ، وعن سر الحملات الصحفية التى شنتها صحيفته ضد وزير الزراعة وقتها لابتزازه وإجباره على البيع بالسعر الذى يريده المناضل والثورى ومعلق صور الشهداء وحامى حمى الصحفيين الثوار،لماذا؟وهل يستقيم الدفاع عن ثورة ميدان التحرير،مع ما نشرته صحيفة الدستور ولم يرد عليه سيادته أو أى من الصحفيين الموظفين فى مملكة سيادته؟! .

* أسئلة نوجهها إلى (مالك الصحيفة) ، وغيره من نهَّابى الطريق الصحراوى ، لا بهدف اتهامه ، ولكن بهدف الاستفهام ؟ وبهدف أن ندفعه هو وصحفيوه المنتفخون (الثوار) إلى الاستقامة فى القول والفعل ، وبهدف أن يبادر سيادته بتوجيه صحفييه لفتح ملفات الفساد المالى والزراعى والصحراوى عن آخره وليس (حتة حتة) كما يفعل بقايا نظام مبارك معنا ليلهى الأمة حتى توقف الثورة !! .

******

(3)

امبراطورية الوليد خطر حقيقى على الأمن القومى المصرى

ومن لصوص الطريق الصحراوى إلى لصوص توشكى فمن أخطر ملفات نهب أراضى الدولة ما قام به نظام مبارك مع الوليد بن طلال من خلال بيع 100 ألف فدان بهدف الاستصلاح الزراعى مع 128 ألف فدان كحرم لها يعنى ما يعادل 2% من مساحة مصر بسعر إجمالى لا يتجاوز 5 ملايين جنيه مصرى يعنى أقل من ثمن شقة فى وسط القاهرة .

إن أصابع الاتهام توجه إلى وزير الزراعة وقتها يوسف والى وبتدخل من السفير السعودى بالقاهرة الذى تخصص فى كتابة التقارير الأمنية ضد الصحفيين والمفكرين المصريين المعادين لمملكته ، (وسنتحدث عن ذلك فى مقال مستقل لاحقاً) ، لقد تآمرا (يوسف والى والسفير السعودى) مع مبارك الأب والابن لبيع هذه الأراضى وبشروط مجحفة لمصر ، لأحد أفراد أسرة آل سعود المعروفة بعدائها التاريخى لمصر منذ 1818م حين أسقط محمد على باشا وابنه إبراهيم دولة آل سعود الأولى التى أقيمت فى (الدرعية) . إن عقدة الكراهية تم توارثها إلى أن وصلت للوليد بن طلال ليحصل على هذه الأراضى الشاسعة بهدف التسقيع والإضرار بالأمن القومى المصرى (لأنها موجودة بجوار السد العالى) وبالقرب من حدود مصر الجنوبية ، وماذا يدرينا إذا أراد الوليد بيعها غداً لإسرائيليين وهو حقه وفقاً للعقد الذى وقعه مع الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية التابعة لوزارة الزراعة إبان عهد يوسف والى وزير التطبيع الأول مع العدو الإسرائيلى فى الثلاثين عاماً الماضية ، وكانت مصادر رفيعة فى وزارة الزراعة المصرية قد أكدت يوم 10/2/2010 أن الدكتور محمود أبوسديرة رئيس الهيئة فى ذلك الوقت، والذى وقع العقد نيابة عن الحكومة، تعرض لضغوط شديدة حتى يتضمن العقد هذه النصوص بهدف الإسراع بتمرير الموافقة عليه طبقا لاعتماد مجلس الوزراء،بالموافقة على تخصيص مساحة ١٠٠ ألف فدان للوليد بن طلال فى أراضى المشروع بجلسته المنعقدة فى ١٢ مايو ١٩٩٧.

******

 (4)

وتوضح بنود العقد أن الدولة منحت هذا الأمير السعودى المغرور وصديق الإسرائيليين وشريك مردوخ اليهودى ملك الإعلام الأمريكى ، حقوقا مطلقة فى الزراعة أو عدم الزراعة واختيار التركيب المحصولى المناسب له طبقا لما يحقق أعلى عائد له، بالإضافة إلى حقه المطلق فى الوصول إلى المياه من فرع ١ على مدار ٢٤ ساعة، وحقه فى استخدام جميع المياه الجوفية والسطحية المتوفرة فى أراضى المشروع.

واعتبرت مصادر رسمية بوزارة الزراعة وعدد من خبراء القانون والأراضى أن موافقة الحكومة على اللجوء للتحكيم الدولى فى حالة نشوب أى خلاف بين الدولة وشركة «المملكة»، يعد انتقاصا من سيادة مصر على أراضيها، كما أن موافقة الحكومة أيضا على منحه حق استيراد الفسائل والشتلات التى تناسبه للزراعة فى المساحات المخصصة له دون الرجوع إلى الحكومة، هو أمر يهدد الثروة الزراعية لمصر خاصة أنها تنتهك حقوق أحد الأجهزة الرقابية المهمة وهى الحجر الزراعى.

 وأكدت المصادر أن الوليد حصل على حقوق لم يحصل عليها فقراء مصر، مثل حصوله على أقل سعر للكهرباء أو المياه، بينما يحصل المواطن المصرى على هذه الخدمات بأسعار مضاعفة بأكثر من ٣ مرات .

وجاء فى المادة الأولى من عقد البيع أن طرفى العقد ، وهما الحكومة كطرف أول والوليد بن طلال كطرف ثان ، قد قاما بمراجعة جميع محتويات العقد ، أما المادة الثانية من العقد فنصت على أن الحكومة قد قامت ببيع قطعة أرض صحراوية لشركة الوليد بن طلال ، وتقع هذه الأرض بين 31 درجة و30 دقيقة و31 درجة و45 دقيقة شرق خط الطول ، و22 درجة و55 دقيقة و23 درجة و25 دقيقة شمال خط العرض ، وذلك وفقاً للإحداثيات المبينة على الخرائط المسلمة لوزارة الزراعة المصرية والمركز الزراعى للأبحاث ومعهد أبحاث البيئة والمياه والأرض .

وأشارت نفس المادة إلى أن الوليد بن طلال قد قام بنفسه باختيار قطعة الأرض على أساس الخريطة المتعلقة بالتربة وتصنيف التربة المعد من قبل الحكومة المصرية ، وعلى أن أرض الوليد بتوشكى تحتوى على نوعية من التربة ذات الجودة العالية والملائمة لمساحات واسعة من الزراعة المروية.

أما المادة الثالثة من العقد فقد نصت على بيع مساحة 100 ألف فدان للوليد فى توشكى بمبلغ 50 جنيهاً مصرياً لكل فدان ، وفى حالة قيام شركة الوليد بتطوير وزراعة أكثر من 100 ألف فدان من الأرض مستقبلاً فإنه سيدفع إلى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بوزارة الزراعة 50 جنيهاً مصرياً لكل فدان من الأراضى الإضافية التى يتم زراعتها (انظروا مدى الرخص فى سعر الأرض !!) .

وأشار العقد إلى أن الوليد بن طلال قد قام بسداد 20% من إجمالى قيمة الشراء عند التوقيع على العقد والباقى سيتم دفعه حسب اتفاق الطرفين ، على أن تقوم الحكومة المصرية ممثلة فى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بمنح شركة الوليد فور سدادها كامل ثمن الشراء حق الامتلاك المطلق لكامل المنطقة المذكورة فى المادة الثانية من العقد ، والتى تقدر مساحتها بـ 100 ألف فدان ، مع تسجيلها باسمه وقيام الحكومة بتقديم ضمانات خطية ضد نزع الملكية أو مصادرة هذه الأرض ؛ فضلاً عن عدم خضوع هذه الأرض لأى أعباء حكومية أو أتعاب أو رسوم أو ضرائب من أى نوع ، سواء كانت على سبيل المثال لا الحصر – رسوم تسجيل أو التوثيق ، أو ضريبة الدمغة ، أو الضرائب العقارية ، أو ضرائب رأس المال المتعلقة بالأرض أو بملكيتها ، كما أن الأرض – وفقاً للمادة نفسها من العقد – لن تكون خاضعة لأى أنظمة تخطيط أو إنشاء فى المنطقة ، فضلاً عن أنها لن تخضع لأنظمة التقسيم إلى مناطق سواء فى الحاضر أو المستقبل ، أما المادة الرابعة من العقد فأكدت أن الحكومة مسؤولة عن توفير المياه لمنطقة المشروع ، بالتالى فإنها تكون ملتزمة بتشييد الفرع رقم (1) المتفرع من قناة الشيخ زايد والممتد عبر أرض الوليد على نفقتها ، على أن تقوم الحكومة بتوفير المياه للشركة ، وبمعدلات قصوى للتدفق يحددها الوليد نفسه .

وتعهدت الحكومة بأنه عند إجراء تعديلات فى طول قناة الشيخ زايد أو فى نقطة الرفع النهائية فإنها سوف تتحمل تكلفتها ، كما التزمت الحكومة – وفق نفس المادة – بأنها ستوفر المضخات الضرورية إلى ضخ المياه ، فضلاً عن مسؤوليتها عن الناحية المالية والنواحى الأخرى فى قناة الشيخ زايد والفرع رقم (1) والمضخات الأساسية بينما يلتزم الوليد بدفع المبالغ التالية للحكومة مقابل إدارة وصيانة وتشغيل محطة الضخ والقناة والفروع ، وهى 4 قروش مصرية لأول 5000 متر مكعب من المياه لكل فدان ، فيما يدفع للألف متر التالية 5 قروش عن كل متر مكعب فيها ، ترتفع إلى 6 قروش لكل متر مكعب بعد ذلك (انظروا لمدى الرخص فى الأسعار حتى أصبحت بالقروش !!).

(5)

* هل رأيتم (مسخرة) وسرقة أكثر من ذلك فى هذا العقد ؟ ولكن لننتظر المفاجآت ، التى تؤكد – وفقاً للعقد المهين والخطير – أن من حق الوليد بن طلال الذى يستفيد مشروعه من بنية أساسية عالية التكلفة تم تمويلها من قوت الشعب المصري، الاعفاء من جميع الضرائب والرسوم والأتعاب لمدة 20 عاما، تبدأ بعد بدء إنتاج 10 آلاف فدان من الأرض المخصصة للشركة، أى أنها لم تبدأ بعد. ويسرى هذا الإعفاء على المقاولين الذين يستخدمهم بن طلال فى تنفيذ المشروع، كما يسرى على العاملين فى المشروع الذين لن يضطروا لدفع الضرائب التى يدفعها كل العاملين فى عموم مصر. ويضاف إلى ذلك أن العقد ينص على حق ابن طلال وشركته فى استقدام عمالة أجنبية والحصول لها بدون تأخير أو تقييد على تصاريح عمل غير مقيدة لمدة 3 سنوات يتم تجديدها بصورة دائمة لنفس الفترة دون تأخير.

* ووفقا لهذا البند فإنه يمكنه استقدام عمالة إسرائيلية أو غير إسرائيلية على حساب فرص تشغيل العمالة المصرية. ويتضمن العقد أيضا أن تحصل شركة ابن طلال على الكهرباء بتكلفة مساوية لأقل المعدلات المدفوعة من قبل أى مستخدمين فى مصر من مصريين أو أجانب. وهذا يعنى أن ما أعلن عنه وزير الصناعة والتجارة (أبريل 2010) من إلغاء الدعم على الكهرباء المقدمة للشركات الصناعية العام القادم، لن يسرى على ابن طلال وشركته، فطالما أن هناك كهرباء تقدم بسعر مدعوم ومنخفض للمواطنين المصريين العاديين فإن العقد يمنح المذكور الحق فى الحصول على الكهرباء بأقل سعر. ويبدو الأمر بشكل واضح أن ابن طلال حصل من المال والإنفاق العام المصرى ومن قوت المصريين الفقراء على كل شيء دون أن يدفع للدولة التى مولت إنشاء البنية الأساسية له أى شيء.. أى عبث هذا؟!

أما البند الذى تضمنه العقد والذى ينص على حرية ابن طلال فى وضع جدول تنفيذ المشروع بناء على إرادته المطلقة والوحيدة، فإنه تصريح رسمى له بـ"تسقيع" الأرض وبيعها الفعلى بأسعار مرتفعة حاليا من خلال ما أُعطى له من حق فى إدخال شركاء جدد فى شركته، وتعطيل زراعتها رغم كل ما أنفقته مصر من بنية أساسية عليها تم تمويلها من الإيرادات العامة التى دفعتها الطبقة الوسطى المصرية، ومن إيرادات الموارد الطبيعية والمشروعات والهيئات العامة التى تعود غالبية الحقوق فيها للفقراء والطبقة الوسطى فى مصر.

وإذا كانت عقود التنقيب عن النفط واستكشافه واستخراجه هى من أسوأ أنماط العقود التى تنتهك حقوق الدول صاحبة الموارد الطبيعية من النفط لصالح الشركات التى تملك القدرات التقنية على التنقيب عن النفط واستخراجه، فإنها تضع حدا زمنيا لفترة الامتياز التى تتمتع بها أية شركة نفطية للتنقيب والاستكشاف فى أية منطقة، يتم بعدها نزع هذه المنطقة منها إذا لم تقم بالتنقيب والاستكشاف وإنفاق ما تم الاتفاق عليه من أموال على هذه العمليات. أما فى حالة شركة ابن طلال فإنها غير ملزمة بأى سقف زمنى لزراعة الأرض التى خصصت لها،وهو أمر من قبيل العبث المطلق بموارد مصر ومقدراتها التى تبقى مرهونة بإرادة هذا الشخص السعودي.

******

ومن الطرائف السوداء – وفقاً للدراسة الهامة للصديق أحمد السيد النجار حول هذه القضية نُشرت فى العربى الناصرية – فإنه من حق الوليد وفقاً للعقد الفضيحة تصريف مياه الصرف الزراعى أو أى مياه جارية (يمكن أن تكون مياه صرف صناعي) فى منخفض توشكى ، أو أى منخفض آخر من اختيار ابن طلال، على أن تقوم الحكومة المصرية بحماية " الوليد " وعدم تحميله أية مسؤولية فيما يتعلق بجميع المطالبات أو الضرائب أو الدعاوى أو التكاليف أو الخسائر التى يمكن أن تنشأ نتيجة لذلك!!

أما خاتمة الكوارث فى هذا العقد فهى المادة 13 التى تنص على اللجوء للتحكيم الدولى– كما سبق وأشرنا-طبقا لقوانين المصالحة والتحكيم الخاصة بالغرفة التجارية الدولية فى حالة الفشل فى حل الخلافات وديا خلال شهر، وهو ما يجعل بنود العقد المجحف والمهين لمصر ولحقوق شعبها هو الفيصل فى العلاقة بين الحكومة المصرية وشركة الوليد بن طلال.!!   

*****

* هل هناك فضيحة أكبر من فضيحة الوليد بن طلال وعقد أراضى توشكى ليدلل على حجم الفساد المالى والاقتصادى فى عهد النظام السابق ، وهل نكون قد تجنينا عندما قلنا لثوار الانتفاضة إن عدم فتح ملفات الفساد المالى وفى مقدمتها هذا الملف الخطير ، لأراضى توشكى وأراضى الطريق الصحراوى ، لن يجعل الثورة تقف على أقدام سياسية راسخة ، وسيدفع لصوص المال العام مجدداً للالتفاف حولها ، وربما يفاجئوننا بأنهم قد أصبحوا رؤساء للصحف القومية أو قادة للتصدير الزراعى الذى أنتجه الخبراء الإسرائيليون فى مزارعهم بالطريق الصحراوى أو قد أصبحوا وزراء فى حكومة الثورة الأولى ، وبأن الوليد بن طلال قد أضحى هو المرجعية الرئيسية للثوار الجدد على مستوى الأفلام والأغانى (باعتباره مالك روتانا) وهو المرجعية الزراعية (باعتباره مالك 2% من مساحة مصر) ، وهو المرجعية الوطنية (باعتباره صديقاً لليهود والإسرائيليين والأمريكان ) ؛ كل ذلك محتمل إذا لم ننتبه ونفتح ملفات الفساد عن آخرها .. ونحسب أن ذلك ليس صعباً ، على كل مخلص لهذه الثورة ولهذا الوطن.

الفصل السابع

متى تنتقل شرارات الثورة المصرية

إلى البلاد العربية ؟

* إن السؤال الآن أمام المراقبين للأوضاع السياسية فى البلاد العربية لم يعد : هل تنتقل (الثورة المصرية) إلى تلك البلاد ؟ بل أضحى هو : متى تنتقل هذه الثورة التى يستلهم الآن نموذجها على نطاق واسع ؟ إن الأمر بالنسبة للمتابعين لما يجرى فى بلادنا العربية ، يلحظ بدايات واسعة لانتفاضات شبيهة فى المضمون والشعارات ، وأن الأمر بات قريباً ، وما اندفاع بعض قادة تلك البلاد ، مثل الرئيس اليمنى إلى سرعة الاعلان أمام الشعب أنه لن يترشح ثانية للرئاسة وأنه لن يورث الحكم لابنه ، إلا نتيجة فورية للثورة المصرية ، وصدى سريعاً لهتافات الملايين الرافضة للتوريث والاستبداد ، ترى ماذا عن المشهد العام المحتمل لانتقال شرارات الثورة المصرية إلى بلادنا العربية ، التى تتفجر فيها الآن الأوضاع منذرة بالانفجار الأخير .. دعونا نتأمل ونجيب .

*******

(1)

رياح الخماسين فى السعودية

قبل أيام وتحديداً يوم 5/2/2010 نقلت وكالة أنباء (د.ب.أ) خبراً مهماً من السعودية هذا نصه: [ وصلت توابع الزلزال المصرى الثورى إلى السعودية المملكة الأغنى نفطياً فى العالم، حيث أطلق ناشطون سعوديون حملة شعبية للمطالبة بإجراء إصلاحات جذرية فى بلدهم من بينها قيام ملكية دستورية وإجراء انتخابات تشريعية وإطلاق الحريات العامة وإلغاء جميع أشكال التمييز ومعالجة البطالة والتوزيع العادل للثروة ، واتخذت الحملة التى انطلقت على موقع " فيس بوك " قبل أيام شعار " الشعب يريد إصلاح النظام " ورفع الناشطون السعوديون 12 مطلباً قالوا إن تحقيقها سيلبى " حق الشعب السعودى وتطلعاته المشروعة " .

وجاء فى طليعة المطالب الإصلاحية الدعوة إلى قيام ملكية دستورية وسن دستور مكتوب يقره الشعب ويقرر الفصل بين السلطات وإجراء انتخابات تشريعية تحت إشراف قضائى مستقل ونزيه .

وتضمنت الحملة دعوات إلى إطلاق الحريات العامة واحترام حقوق الإنسان والتصريح بعمل مؤسسات المجتمع المدنى وإلغاء جميع أشكال التمييز بين المواطنين وإقرار حقوق المرأة ، وعلى الصعيد الاقتصادى ، طالب الناشطون بمعالجة جادة لمشكلة البطالة واعتماد الشفافية ومحاربة الفساد وإجراء تنمية متوازية وتوزيع عادل للثروة ] .

* ترى ماذا يعنى هذا الخبر ؟ إن الخبراء الدارسين للشأن الداخلى السعودى – ونزعم أننا منهم- يعلمون أن ثمة صراعاً مكتوماً بين الجيل أو ما يسمى بالحرس القديم الذى يمثله الملك عبد الله بن عبد العزيز وأخوه (سلطان) وزير الدفاع وولى العهد وسلمان بن عبد العزيز ، وبين الجيل أو الحرس الجديد الذى يمثله خير تمثيل بندر بن سلطان العائد للرياض بعد طرده إثر محاولة انقلاب ضد عمه فى صيف 2008 ، ومعه تركى الفيصل ، وخالد بن سلطان والوليد بن طلال ، وغيرهم ؛ وساهم فى تنامى هذا الصراع اشتداد المرض على الملك وولى العهد وإصابتهما بأمراض مزمنة تعوق السيطرة على الحكم ، فضلاً عن اشتداد الضغوط الأمريكية لنقل السلطة لهذا الجيل الجديد المسمى بالجيل البرجماتى الذى لا يهمه سوى مصالحه ومصالح واشنطن ، ومستعد لبيع (الكعبة) ذاتها إذا كانت ستفيده مادياً ، أو ستخدم الاستراتيجية الأمريكية فى المنطقة ، وهذا الجيل كانت له ولاتزال علاقات سرية قوية مع تل أبيب ، تحديداً بندر بن سلطان الممسك الآن بملف الأمن القومى والمخابرات السعودية ؛ ومع صراع هذين الجيلين يتوزع ولاء المؤسسة الوهابية الدينية التى تقدم إسلاماً متشدداً يضفى شرعية على ممارسات السلطة السعودية منذ تأسست الدولة عام 1932 وحتى يومنا هذا ، وهو إسلام كان يقول عنه العلامة الراحل الشيخ محمد الغزالى [ كأن هؤلاء البدو بما يقدمونه من إسلام ، يقدمون ديناً آخر غير دين الإسلام الذى نعرفه ونعتز به ] ، فى مواجهة هذا الحلف المتصارع تأتى المنظمات الأهلية السعودية والتى كانت مقموعة طيلة حكم آل سعود ، وبدأت تتنفس مؤخراً ، والبيان الأخير سالف الذكر والمعنون بـ (الشعب يريد إصلاح النظام) وليس تغيير النظام (لظروفهم الأمنية القمعية والمعقدة) ، يعد أحد أبرز استلهامات الثورة المصرية ، ثورة (25 يناير) ، ونحسب أن هذه القوى ، مع الصراع الداخلى فى البيت السعودى سوف تدخل المملكة فى مرحلة عدم استقرار كبرى قريباً ، مرحلة سوف نشاهد فيها مفاجآت من العيار الثقيل ، خاصة مع إرث الاستبداد الوهابى السعودى الطويل ، ومع إرث التبعية الدائمة لواشنطن والصداقة السرية مع تل أبيب والفقر الشديد لطبقات واسعة من شعب الجزيرة العربية على النقيض تماماً مما يُروج ، كل هذه العوامل تمثل جميعها مخزوناً من وقود الانفجار القابل للاشتعال مع أول شرارة تندلع ؛ ولذلك نحسب أن آل سعود الآن ، وبكافة أجنحة النظام المتصارعة (السديريون والجيل الجديد والقديم) ، يراقبون بقلق بالغ ما يجرى فى مصر ، وينسقون مع الإدارة الأمريكية فى سرية تامة وبمخططات واسعة حتى لا تقع فى أيد معادية لواشنطن ؛ وفى موازاة ذلك يحاولون الآن نقل السلطة دون ضجيج لرجال أمريكا الجدد بقيادة (بندر بن سلطان) ، مع سياسات اقتصادية وسياسية واسعة لامتصاص الغضب الشعبى الواسع الذى يغلى تحت رمال السعودية .. ونحسب أنهم لن ينجحوا ، لأن النموذج المصرى بات مُلهماً ، وحجم القهر والاستبداد والفساد والسفه الأميرى فى مملكة النفط ، بات أكبر من أية عمليات تسكين وتهدئة وسينفجر قريباً ، وهو ما يخيف واشنطن للغاية ، التى تدرك أن هناك بالإضافة لكل هذه القوى ، ثمة خلايا نائمة عديدة لتنظيم القاعدة مستعدة للعمل فوراً لتغيير وجه المملكة، ومن ثَمَّ تغير وجه المنطقة ضد واشنطن وتل أبيب ، الصديق السرى لآل سعود منذ كمال أدهم وفهد وحتى بندر وتركى وفيصل بن عبد العزيز .

* إن ما سيجرى فى السعودية لن تنقله طبعاً قناة العبرية (نقصد العربية) لأنها ساعتها ستغلق فوراً ، ولن تستطيع أن تكرر ما فعلته هى والجزيرة من تغطية منحازة وصانعة للحدث تستهدف (الوطن) والدولة المصرية ، وليس النظام ، فإنها لن تكون قادرة على القيام به مجدداً مع ما سيجرى فى المملكة لأن صوتها ساعتها سيغلق تماماً فدورها ساعتها سيكون قد انتهى .

*******

(2)

اليمن السعيد ينفجر !!

من المشاهد التى ضحك عليها الرأى العام العربى حتى ارتمى على قفاه ، منذ أيام كان مشهد الرئيس اليمنى (الشاويش سابقاً) على عبد الله صالح وهو يعلن متلعثماً أمام مجلس النواب ، وبعد أسبوع من انطلاق ثورة 25 يناير المصرية أنه لن يترشح ثانية لرئاسة اليمن ولن يورث ابنه الحكم ، وكان يرتعش وهو يتكلم ويكاد يحلف بأغلظ الأيمان أنه تعلم مما يجرى فى مصر، وأن شرارات القاهرة بدأت تصل إلى صنعاء ، ونحسب أنه بالفعل قلق ولا ينام ؛ وأنه يتصل يومياً بالرئيس مبارك يستمد منه العون ، ويرجوه أن يبقى ، حتى لا تنتقل عدوى (التنحى) وشعار (الشعب يريد إسقاط النظام) وبقوة إلى أبواب قصره ، ولكن ما يتمناه ويرجوه الرئيس اليمنى شىء ، وما يجرى على الأرض شىء آخر تماماً ، حيث بدأت بالفعل القوى الشعبية اليمنية بقيادة التيار القومى واليسارى والجماعات المظلومة (الحوثيون والحراك الجنوبى) تنطلق وبقوة فى مظاهرات مليونية ، مستلهمة النموذج المصرى ، وهى تاريخياً ليست بعيدة عنه ، منذ ثورة اليمن فى الستينات والتى كان لعبد الناصر الدور الرائد فى نجاحها ، فصار هوى اليمنيين مصرياً ، وصارت كل حادثة أو مظاهرة تقع فيها مؤثرة فيهم تأثيراً كبيراً ، وهو ما يعنى أن نهاية حكم على عبد الله صالح قد اقترب بشدة ، وأن شرارات ثورة 25 يناير المصرية وصلت إلى أبواب القصر الجمهورى هناك .ولا يعنى نجاح المؤيدين لعلى عبد الله صالح فى إجهاض المظاهرة التى دعت إليها المعارضة قبل أيام واحتلالهم للميدان الذى ستتجمع فيه المظاهرة ، أنها قد نجحت،إذ إن العكس هو الصحيح وهذا القمع المبكر سيولد انفجاراً نحسب أن على عبد الله صالح لن يستطيع احتواءه والدليل على ذلك هو انتشار المظاهرات والاحتجاجات فى سائر مدن وقرى اليمن حالياً .

*******

(3)

مشيخيات الخليج ورياح التغيير

فى اتصال أجرته معى إحدى الفضائيات الخليجية الشهيرة ، بدأت لغة المذيع فى الشماتة بما حدث فى مصر ، واضحة ، وأنا أتحدث معه محللاً ومحيياً شباب وشيوخ ثورتنا المباركة ، ثورة 25 يناير ، وبدا لى وكأنه لا يريد حواراً بقدر ما يريد أن أقول له ما يحب أن يسمع من لعن (لمصر الدولة) وليس فحسب مصر النظام ، وبقدر ما حاولت أن أكون موضوعياً ، وهادئاً كان هو منفعلاً ومندفعاً وشامتاً ، وهى سمة غالبة على تغطية أغلب الفضائيات المتأمركة والمتسعودة فى المنطقة ، وبخاصة قناتى (الجزيرة – B.B.C – الحرة - العربية) قلت له بهدوء ، وبالعامية المصرية الجميلة ، عموماً يا سيدى (نحن السابقون وأنتم اللاحقون إن شاء الله .. وعقبال عندكم إن شاء الله) ، فما كان منه إلا أن أوقع فى يده ، وتوقف عن الشماتة ثم أغلق الهاتف ؛ هذه الواقعة تلخص حال تلك المشيخيات التى تسبح بحمد واشنطن وتل أبيب وتأتمر بأمرهما وتوجد بها أكبر قواعد عسكرية لواشنطن (قاعدة العديد) بقطر وقاعدة الظهران الجوية فى السعودية وهذه الكيانات أقرب للشركات وليست دولاً بالمعنى القانونى والسياسى لكلمة دولة ، وهى رغم ذلك ، وربما بسبب منه ، سوف تتأثر بما يجرى فى مصر ، ورغم الغزو الهندى والجنوب شرق آسيوى لهم عبر العمالة والذى يشكل ما يقترب من نصف عدد السكان إلا أن احتمالات تأثر المواطنين الفقراء فى تلك المشيخيات وبخاصة فى قطر والبحرين والإمارات العربية المتأمركة قلباً وقالباً ، بما يجرى فى مصر ، كبير ، خاصة إذا نجحت تلك الثورة فى مصر فى تغيير الانحياز والتبعية المصرية لواشنطن والعلاقات الدافئة مع العدو الصهيونى ، فإن ذلك سينتقل تدريجياً إلى تلك (الدويلات) وسيقلب الأوضاع بها ، وهى التى تحتوى على القواعد العسكرية الكبرى لواشنطن فى الشرق الأوسط ؛ وسيأخذ استلهام النموذج المصرى صوراً مختلقة ، ربما لا تكون المظاهرات المليونية إحداها (لأن أية دويلة منهم لا يتعدى عدد سكانها نصف مليون) ولكن سيتم استلهام النموذج فى عمليات عنف وإرهاب منظم ضد طرفين : أهل الحكم المسيطرون على الثروة والسلطة كطرف أول ، والوجود الأمريكى الإسرائيلى السياسى والمسلح فى تلك المشيخيات ، وهذا ما تُنبئنا به الأخبار الواردة من هناك وإن حاول شيوخ النفط إخفاءها " .

*******

(4)

رياح الثورة تصل إلى الجزائر

من المؤكد أن العديد من بلادنا العربية مهيأة الآن للتأثر بالنموذج المصرى فى الثورة ، وبالشعارات التى يرفعها وتحديداً شعار (الشعب يريد اسقاط النظام) ، والأنباء الواردة من ليبيا وسوريا والعراق والأردن والسودان بل والضفة الغربية فى فلسطين وغيرها تؤكد أن الجميع قد بدأ يتلقى الإشارات المصرية ، ويحاول تقليدها ، ربما تكون الظروف الأمنية فى تلك البلاد ، لا تسمع بنفس النجاح الواسع للثورة المصرية ، إلا أنها تقلدها وتتأثر بها وستتسع أطرها، وفعالياتها فى الأيام القادمة ، مطالبة بالعدل والحرية ، وإسقاط أنظمة القهر والاستبداد وجمهوريات الخوف والتبعية ، إلا أن النموذج الأقرب للتحقق على أرض الواقع هو النموذج الجزائرى ، والذى من المنتظر أن يخرج من مظاهرة مليونية يوم 12 فبراير الحالى (يعنى يوم السبت القادم) ؛ مستلهماً فى الواقع تجربتين مؤثرتين بالنسبة له ، الأولى هى التجربة التونسية ؛ التى كانت هى النموذج الأول والمرجع لكل ما يجرى فى عالمنا العربى، حتى شعار (الشعب يريد إسقاط النظام) بدأ تونسياً بعد إحراق محمد البوعزيزى لنفسه ، فثار الشعب وهرب الطاغية زين العابدين وزوجته الكوافيرة ليلى الطرابلسى إلى مكتب النفايات العربى للطغاة (جدة) بلد آل سعود ذوى الأصول اليهودية ؛ وتونس ملاصقة للجزائر وعوامل التداخل الثقافى والجغرافى والسياسى قوية فيما بينهما ، وبالتالى تأثرت بها الجزائر بشدة ، أما التجربة الثانية فهى تجربة ثورة 25 يناير المصرية ، والتى أعادت للجزائريين ذكريات ثورة عبد الناصر الذى ساعدهم وبقوة فى تأسيس وانتصار ثورة المليون شهيد فى الخمسينات والستينات ، إن المتابع للصحف ووسائل الإعلام الجزائرية هذه الأيام يلحظ هذا التأثر القوى ، بما يجرى فى مصر ، والدعوة إلى محاولة تقليده ، بمظاهرات مليونية سلمية ، تستهدف التغيير بالوسائل الديمقراطية السلمية وليس عبر أساليب الجماعات الإسلامية الوهابية ، التى يقودها تنظيم القاعدة هناك ، والتى كرهها معظم الشعب الجزائرى ولم تعد تجد قبولاً ، ولذلك بدأوا يميلون إلى وسائل الضغط السلمى عبر المظاهرات السلمية استلهاماً للنموذج المصرى الخلاَّق فى ثورة 25 يناير ، الذى أتمنى من الله أن يبعد عنه اللصوص الأمريكان من داخل النظام ومن داخل الثورة .

إن الجزائر على أبواب تقليد جاد وعاجل للنموذج المصرى لمواجهة تحالف الفساد المالى والسياسى ولوبى نهابى النفط ، وزبانية التعذيب فى الجيش والشرطة ، ونتوقع بحكم فهمنا لطبيعة الشخصية الجزائرية الثورية ، أن ينجح وأن يُغير وجه الجزائر ، ويعيدها إلى مربع الحرية والعروبة الذى رحلت عنه منذ زمن ، وسيترك ذلك آثاره الكبرى على شمال أفريقيا كله .

*******

تلك بعد ... تأملات فى المشهد العربى ، واحتمالات تأثره بشرارات الثورية المصرية ، ونحسب أن هذه الثورة مطالبة اليوم بقراءة هذه التأثيرات الكبرى التى أحدثتها ، وما يترتب على هذه القراءة من تعقل فى العمل وفى تحقيق النتائج ، وفى مقاومة سُراق الفرح الذين بدأوا يتكاثرون على (تورتة الثورة) كلُُُ يريد قطعة منها ، حتى قبل أن تنضج وتصل إلى أهدافها الرئيسية ، ومن وسائل التعقل والذكاء السياسى ، تنظيم المتظاهرين لأنفسهم فى ائتلاف شعبى واسع يمثل مرجعية تستطيع أن تتحاور باسمهم أو تقود التغيير أو تشارك فيه ، كذلك ما قام ولايزال يقوم به تجمع قومى موجود داخل المظاهرات هو (تجمع عرب بلا حدود) من تأصيل قانونى وسياسى للمطالب ، وكان أحدث ما قام به هو تقديم بلاغ للنائب العام حول ثروة مبارك وعائلته وثروة فتحى سرور رئيس مجلس الشعب المزور ورجل النظام طيلة 18 عاماً فى رئاسة مجلس الشعب .

إن المسؤولية القومية والوطنية الملقاة على عاتق كل مشارك فى هذه الثورة التى صنعها كل الشعب المصرى عبر نضاله طيلة الثلاثين عاماً الماضية ، تحتاج إلى وقفة ، للتأمل ولإعادة ترتيب البيت من الداخل ، وإعادة قراءة التأثيرات التى أحدثتها ودلالاتها ، وكيفية تطويرها . وهذه مسؤوليتنا جميعاً ، وفى ذلك فليتنافس الشرفاء !!



 

الفصل الثامن

فى جمعة (التحدى) لنظام كامب ديفيد :

" ذُق .. إنك أنت العزيز الحكيم "

* لقد نزلت هذه الآية الكريمة (ذُق .. إنك أنت العزيز الكريم) [ الآية 49 – سورة الدخان ] فى (أبي جهل) ، ذلك (الكافر) الذى حارب الدعوة المحمدية بأبشع الأساليب وأحقرها ، وقيل إن أبا جهل بن هشام ، كان يصف نفسه بأنه (العزيز الكريم) ، وكان يقول : [ ما بين جبالها أعز ولا أكرم منى) فعندما أذله الله وقتله رجال الإسلام الأوائل نزلت فيه الآية الكريمة " ذُق .. إنك أنت العزيز الكريم " توبيخاً وتحقيراً له بما كان يصف به نفسه فى الدنيا ؛ وإذا ما استعرنا مضمون هذه الآية الكريمة ، فى توصيف رجال النظام السابق ، من مبارك مروراً بالوزراء وصولاً إلى عائلته التى كانت جزءاً رئيسياً من النظام السياسى وكانت تتدخل فيه وبقوة وصلت إلى حد تعيين ثلثى الوزراء وصناعة السياسات وتحديد خيارات البلاد ، إذا استعرنا هذه الآية الكريمة ، فإنها تكفى لتوصيف حالة (النظام ككل) وليس رأسه الحاكم فقط ، إنه يشرب الذل الآن ، يتذوقه ، قطرة قطرة ، يشرب مما صنعت يداه ، سواء فى إفساده وفساده وسرقاته ونهبه أو فى بيعه لشرفاء الأمة وقضاياها وبخاصة قضية فلسطين والمقاومة فى لبنان والعراق وفلسطين ، وتجاوز دوره ، إلى حد العمالة بأجر وأحياناً مجاناً لدى تل أبيب وواشنطن ، إن نظاماً قبل أن يعمل سمساراً ، وعميلاً ليس غريباً إذن أن يكون فاسداً فى ذمته المالية ، من قمته إلى إخمص قدميه ، وأن يُتهم رئيسه وعائلته (وفقاً للجارديان البريطانية) بأن ثروته قد تجاوزت الـ 70 مليار دولار (420 مليار دولار) ، كما سنفصل لاحقاً ، ولنفتح ملفات (نظام أبي جهل) الذى آن له أن يرحل .. بعد أن يذوق ما أذاقه للمصريين من ذل وإهانة طيلة ثلاثين عاماً .

(1)

مبارك : الكنز الثمين لإسرائيل

* عندما تصف قيادات الكيان الصهيونى قبل عدة أيام مبارك بأنه (كنز استراتيجى لإسرائيل) فهى لم تكذب لكنها قالت الحقيقة كاملة ، فالرجل شارك السادات فى طريق مبكراً جداً وتحديداً منذ العام 1977 حين زار السادات (القدس فى مبادرته الشهيرة ، ثم رافقه فى توقيع اتفاقات العار – اتفاقات كامب ديفيد 1979) التى نقلت مصر من مربع العروبة والإسلام والشرف إلى مربع العمالة بأجر (هو هنا المعونة الأمريكية 2 مليار دولار سنوياً) وأحياناً من غير أجر ، وأضحت تستخدم كأداة فى ضرب المقاومة وتشويهها ، وحصار الشعب الفلسطينى عبر معبر رفح ، وعبر سياسات رخيصة قامت بها الأجهزة الأمنية والمخابراتية ، لخدمة الموساد والـC.I.A ، ولم يعد جديداً أن نذكر من فضح هذا الدور الرخيص الذى لعبه النظام المصرى الراحل ، هم رجال العدو الصهيونى نفسه ، وملف الخدمات التى قدمها نظام مبارك لصالح واشنطن وتل أبيب متخم فمن حصار العراق ثم ضربه عام 1990 ، إلى المساهمة العملية فى إسقاط نظام صدام حسين عبر استخدام مصر كمنطلق ومعبر للطائرات وحاملات الطائرات الأمريكية ، إلى العمليات المخابراتية المشتركة مع المخابرات الأمريكية والتى وصلت إلى حد المشاركة فى تعذيب العراقيين والأفغان وأبناء الحركات الإسلامية لنزع الاعترافات منهم ، مع جعل مقر أجهزة أمن الدولة فى مصر وأجهزة المخابرات أقرب (لجوانتانامو مصرى) لصالح واشنطن ، من هذا الدور إلى الدور الخبيث والإجرامى المتواطئ مع العدو الصهيونى فى حرب 2006 ضد لبنان بالاشتراك مع الحكم السعودى وهو التواطئ الذى لم يقتصر فقط على التجنى السياسى على المقاومة اللبنانية وتحميلها مسؤولية العدوان ، ولا اقتصر على الفتاوى الدينية الوهابية التى تكفر حزب الله وتحرم مساعدته فى حربه ضد إسرائيل (فتوى الشيخ السعودى أعمى البصيرة ابن جبرين) ، إنما امتد التعاون مع إسرائيل إلى حد مساعدتها لوجستياً فى الحرب مع التواطؤ مع سعد الحريرى وبندر بن سلطان الوسيط المخابراتى بين تل أبيب والسعودية ، واستمر الدور المتواطئ مع إسرائيل والحامى لأمنها ليصل إلى حد اعتقال شاب من حزب الله (سامى شهاب) كان يحاول أن يقدم دعماً مالياً وغذائياً للمقاومة الفلسطينية قبل وأثناء العدوان الصهيونى عام 2008 ، وقام الأمن بأمر من النظام السياسى بفبركة قضية أسماها (خلية حزب الله فى مصر) والتى ضَخَّم الإعلام الحكومى منها بطريقة مبتذلة خاصة الكتابات المنشورة فى صحف (الجمهورية – الأهرام – روزاليوسف – الأخبار) وكان بعضها من الرخص بحيث يشبه راقصات (الاستربتز) يتعرى ويرقص حسب الطلب ، واستمر الدور المتأمرك للنظام ضد المقاومة اللبنانية على حاله حتى اليوم ، الأمر الذى كره فيه كافة فصائل الشعب اللبنانى باستثناء سعد الحريرى وشركته (أقصد حزبه) ، ولذلك لم يكن غريباً أن يخرج الشعب اللبنانى فرحاً ومسانداً لثورة 25 يناير المصرية ضد النظام الذى تواطأ ضدهم وضد مقاومتهم والذى حمى أمن إسرائيل حتى آخر نفس.

* والأمر ذاته يقال عن الموقف السييء الذى وصل إلى حد العمالة المجانية للنظام المصرى ضد حركات المقاومة الفلسطينية وبخاصة حماس والجهاد لصالح رجل إسرائيل الأول فى فلسطين (أبو مازن) تارة والموساد والجيش الإسرائيلى تارة أخرى ، وسجله فى ذلك حافل بحيث يحتاج ليس إلى مقال آخر ، بل إلى مجلد ضخم ، ويكفى موقفه الخيانى تجاه الأنفاق التى توصل الغذاء للشعب الفلسطينى ، وحصاره الخانق ، وبناء الجدار العازل والإذلال المهين للفلسطينيين على معبر رفح .

******

(2)

يتصل بدور السمسار والعميل لإسرائيل (دور النظام السياسى – نظام أبى جهل) يتصل بالتطبيع السياسى والاقتصادى والعسكرى مع العدو الصهيونى إلى حد الإضرار بالأمن القومى المصرى الحقيقى منذ (1979 حتى 2011) ولقد أعددنا موسوعة تحت عنوان (ثلاثون عاماً من التطبيع بين العدو الصهيونى ومصر) نرجو أن تصدر قريباً ، والتى نكشف فيها بالوثيقة والمعلومة الدقيقة ، ملفات هذا التطبيع ورجاله الكبار فى كافة المجالات من الثقافة للاقتصاد ومن الفن للسياحة ، والذين يستحقون محاكمة شعبية عاجلة على جريمة التطبيع مع العدو ، ومن هؤلاء نذكر د. عبد المنعم سعيد (فيلسوف الغبرة فى تبرير التطبيع والرأسمالية المتوحشة والذى صدق نفسه وبدأ يُنَظِّر للنظام وللتطبيع ثم عندما بدأ يرى السفينة تغرق بدأ يحاول القفز منها ببهلوانية مكشوفة لم تعد تقنع أحداً) – أنيس منصور (كاتب التطبيع الأول) – على سالم – أمين المهدى – د. يوسف والى – صلاح دياب مالك المصرى اليوم وشركة بيكو التى تمتلىء مزارعها بالخبراء الإسرائيليين – جلال الزربا مهندس مشروع الكويز وملك التطبيع بين شركات النسيج الإسرائيلية والمصرية – محمد بسيونى أول سفير لمصر لدى العدو الصهيونى والخارج من تل أبيب بفضيحة أخلاقية مع راقصة إسرائيلية) ، وآخرين ، أما أخطرهم اليوم فهو رجل التطبيع النفطى ورجل اتفاقات الغاز حسين سالم ، الذى ربح المليارات من دم الشعب المصرى عبر التطبيع مع العدو الصهيونى بمباركة ورعاية مبارك نفسه ، حيث هو صديقه الشخصى كما نعلم – وملف حسين سالم متخم ولكن لنأخذ أحدث صفحة فيه ، تلك الصفحة التى أضافها بلاغ مهم وجديد قدمه أول أمس (8/2/2011) ، الدكتور سمير صبرى والدكتور صلاح جودة المحاميان إلى المستشار عبد المجيد محمود النائب العام ضد رجال الأعمال حسين سالم يتعلق بارتكابه وقائع أفسد بها الحياة الاقتصادية من خلال الاستيلاء على المال والإضرار العمد مع سبق الإصرار بأموال الشعب مطالبين بالتحفظ على أمواله وممتلكاته ، بأنه يمتلك ثروة تتجاوز ميزانية الدولة فى عام وورد اسمه فى بعض قضايا التهرب من سداد قروض البنوك ومنها قضية أسهمه فى إحدى شركات البترول العالمية التى أخذ بضمانها أسهمه فى أحد البنوك ورفض سدادها وانتهت القضية بحلول البنك الأهلى مكانه فى الشركة ، كما أن رجل الأعمال حسين سالم يمتلك عدداً من الفنادق والكافيتريات والبازارات بشرم الشيخ ومنها فندق موفنبيك جولى فيل الذى يعد أكبر المنتجعات السياحية فى المنطقة ، وقد أوصى حسين سالم عند تشييده بإقامة قصر على أطرافه تم تصميمه وتجهيزه على أحدث الطرازات العالمية ، ويعد حسين سالم صاحب وراعى فكرة مسابقات الجولف العالمية التى تقام فى شرم الشيخ تحت رعايته .

وقد حذا حسين سالم حذو مايمان فى بيع الأسهم وباع 12% من أسهم الشركة بمبلغ 260 مليون دولار ، وفى نوفمبر عام 2007 باع حسين سالم 25% لشركة " ITP " التايلاندية بمبلغ 486.9 مليون دولار ، كما تفاوض على بيع 10% من الأسهم إلى سام زيل وهو مالك كبير للعقارات إسرائيلى أمريكى ، مقره شيكاغو ، ولم يعلن عن قيمة الصفقة رغم إعلان أن شركة شرق المتوسط تساوى وقتها 2.2 بليون دولار بمعنى أن صفقة " سام زيل مع حسين سالم " تقدر قيمتها بـ 2.2 مليار دولار .

ونصيب حسين سالم هو امتلاكه 65% من مجموع الأسهم باع منها 12% ثم 25% ثم 10% وبذلك صار المجموع 47% أى باقى من حصته 18% ، هذا إذا لم يكن قد تصرف فيه ، وبالأرقام جملة المبيعات بلغت نحو 967 مليوناً دولار ولايزال فى حوزته ما يقدر بنحو 396 مليون دولار أى اجمالى نصيبه ما يعادل بليون و360 مليون دولار ، مع خصم نصيبه فى التكلفة الفعلية 469% × 56 والناتج 305 ملايين دولار .. تخصم من ثمن البيع يعنى الصافى نحو بليون دولار ونحو 55 مليون دولار ، علاوة على أن القروض ، خاصة من البنك الأهلى المصرى غطت تكاليف الإنشاء ، كما أن الخط الذى ينقل الغاز من مصدره إلى العريش وهى محطة بداية الخط أنابيب شركة شرق المتوسط قامت الدولة بإنشائه على نفقتها ، هذه الصفقة غريبة فى نوعها حتى إن صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية نشرت مقالاً بعنوان " تحقيق أرباح من غاز بدون الغاز " .

هذا حسين سالم ، وتلك هى رموز التطبيع والفساد (فالقضيتان مرتبطتان معنى ودوراً) ، وهم رموز يستحقون محاكمات شعبية فى ميدان التحرير أيضاً مع المحاكمات الدائرة للنظام الفاسد، نظام كامب ديفيد ، والعمالة المجانية لإسرائيل ، وأمريكا ، تلك العمالة التى من المنطقى أن توصله إلى الفساد فى الذمة المالية والإثراء الفاحش على حساب الشعب .

*****

(3)

ثروات عائلة الرئيس

* إن النظام الذى يصبح فى نظر إسرائيل (كنـزاً ثميناً) حتماً سينتهى به الأمر إلى حد اتهامه فى ذمته المالية ، وها هى صحيفة " الجارديان " البريطانية تنشر أرقاماً مفزعة عن ثروة الرئيس مبارك وعائلته ، نرجو أن يخرج علناً ليكذبها ، وإلى أن يحدث ذلك نذكرها فقط ، ونضع بعد ذلك ألف علامة تعجب واستفهام ونقارنها فقط بثروة جمال عبد الناصر الزعيم المصرى الراحل .

* تقول الجارديان (أعرق وأكثر الصحف البريطانية رصانة) نصاً : " ليس مستغرباً أن تصل قيمة ثروة أسرة مبارك إلى أكثر من 40 مليار دولار ، لأن أغلب الشركات الكبرى ، مفروض عليها أن تقدم 50% من أرباحها السنوية لأحد أفراد الأسرة .

وتقدر الصحيفة ثروة مبارك الشخصية بـ 15 مليار دولار ، أغلبها – كما تقول – من عمولات فى صفقات سلاح ، وصفقات عقارية فى القاهرة ، ومناطق الاستثمار السياحى فى الغردقة وشرم الشيخ ، وتشير إلى أن " ثروة مبارك بلغت فى العام 2001 ، نحو عشرة مليارات دولار ، أغلبها أموال سائلة فى بنوك أمريكية وسويسرية وبريطانية ، مثل بنك سكوتلاند الانجليزى ، وبنك كريديت سويس السويسرى .

وتؤكد مصادر صحيفة الجارديان أن جمال مبارك يملك وحده ثروة تقدر بـ 17 مليار دولار موزعة على عدة مؤسسات مصرفية فى سويسرا وألمانيا والولايات المتحدة وبريطانيا .

ووفق المصادر فإن جمال يملك حساباً جارياً سرياً فى كل من بنك يو.بى.سى ، وآى.سى.إم، وتتوزع ثروته عبر صناديق استثمارية عديدة فى الولايات المتحدة وبريطانيا ، منها مؤسسة بريستول آند ويست العقارية البريطانية ، ومؤسسة فاينانشيال " داتا سيرفس " التى تدير صناديق الاستثمار المشتركة .

أما عن السيدة سوزان مبارك فتقول الصحيفة نقلاً عن تقرير سرى تداولته جهات أجنبية عليا " إن سوزان دخلت نادى المليارديرات منذ العام 2000 ، وتتراوح ثروتها بين 3و5 مليارات دولار ، معظمها فى بنوك أمريكية إلى جانب عقارات فى عدة عواصم أوروبية مثل لندن وفرانكفورت ومدريد وباريس ودبى .

وتشير الصحيفة إلى أن قيمة ممتلكات علاء مبارك وأمواله الشخصية داخل وخارج مصر تقدر بـ 8 مليارات دولار ، منها عقارات تعدت قيمتها 2 مليار دولار فى شارع روديو درايف بلوس انجلوس – أحد أرقى شوارع العالم – وفى ضاحية منهاتن فى نيويورك ، بالإضافة إلى امتلاكه طائرتين شخصيتين ، ويختاً ملكياً تفوق قيمته 60 مليون يورو .

*****

 (4)

ثروة عبد الناصر

* فى مقابل ثروة مبارك رجل التطبيع مع العدو ، نكشف عن ثروة عبد الناصر بعد وفاته مباشرة ، كان مرتب عبد الناصر خمسمائة جنيه شهرياً وبدل التمثيل 125 جنيهاً أى أن إجمالى المرتب 625 جنيهاً تصل إلى ثلاثمائة وخمسة وتسعين جنيهاً وسبع مليمات بعد استقطاع الخصومات. رصيد فى حسابه الشخصى فى بنك مصر – وقت الوفاة – بمبلغ 3718 جنيهاً مصرياً و273 قرشاً و2 سهم فى شركة كيما و5 أسهم فى شركة مصر للألبان وسند واحد فى البنك العقارى و6 جنيهات شهادات استثمار و1 أسهم فى بنك الاتحاد التجارى و1 سهم فى الشركة القومية للأسمنت و3 سندات تأمين و1 جنيه قرض إنتاج وشهادات استثمار فى شركة الحديد والصلب بمبلغ 6 جنيهات و5 وثائق تأمين على الحياة : الأولى فى القوات المسلحة بمبلغ 15 جنيهاً ، والثانية فى شركة الشرق للتأمين بمبلغ ألف جنيه والثالثة فى شركة مصر للتأمين بمبلغ ألف جنيه ، والرابعة فى شركة التأمين الأهلية بمبلغ 25 جنيهاً ، والخامسة فى شركة القاهرة للتأمين بمبلغ 25 جنيهاً وكانت أقساطها تخصم من مرتبه وترك أيضاً سيارة أوستن كان يمتلكها قبل قيام الثورة .

أما ممتلكاته الشخصية فقد قامت رئاسة الجمهورية بحصرها بعد الوفاة فى سجلات رسمية وكانت كما يلى : 8 أحذية ، 13 كاميرا للتصوير ، آلة عرض سينما ، 1 بدلة ، ومجموعة كرافتات .

وتضمن التسجيل أن عبد الناصر استبدل من معاشه ما يعادل 35 جنيهاً لتجهيز زيجات ابنتيه وكان فى جيبه يوم رحيله يوم 28 سبتمبر 1970 مبلغ 84 جنيهاً ، وترك الدنيا وأسرته لا تملك مسكناً خاصاً وليس لزوجته دخل خاص غير معاشها من زوجها الراحل .

* هذا هو عبد الناصر وتلك ثروته ، هل يجوز مقارنتها بثروة مبارك وعائلته كما قدمتها الجارديان ؟!! (للأسف ليس لدى مساحة لعلامات تعجب أو استفهام أخرى) .

*****

 (5)

فى مقابل ثراء الرئيس ورجاله ونظامه ، كانت مصر تعانى وكان شعبها يعيش تحت خط الفقر ، ولنتأمل هذه الأرقام التى تقول إن فى مصر اليوم 48 مليون فقير يعيشون فى 1109 مناطق عشوائية – أى 45% من المصريين (تقرير صندوق النقد الدولى للتنمية الزراعية) وإن بها 2.5 مليون مصرى يعيشون فى فقر مدقع (تقرير الأمم المتحدة للتنمية الإدارية) ، وإن 45% من المصريين يعيشون تحت خط الفقر ويحصلون على أقل من دولار واحد فى اليوم (لجنة الانتاج الزراعى بمجلس الشورى) وفى معلومة أخرى فإن 41% من اجمالى عدد السكان فى مصر فقراء (تقرير التنمية البشرية العربية 2009) (28.6% فى لبنان – 30% فى سوريا – 59.9% فى اليمن) ، وإن 12 مليون مصرى ليس لديهم مأوى منهم 1.5 مليون يعيشون فى المقابر (الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء) ، وإن 16% من دخل الفرد فى مصر ينفق على الطعام والشراب .

* وفى وثيقة أخرى : 46% من الأسر المصرية لا تجد الطعام الكافى للحركة والنشاط (تقرير لشعبة الخدمات الصحية والسكان بالمجلس القومى للخدمات والتنمية الاجتماعية التابع للمجالس القومية المتخصصة) وأن فى مصر 10 ملايين عاطل عن العمل أى 21.7% من اجمالى قوة العمل ، وأن 12 مليون مصرى ليس لديهم مأوى وأن 1.5 مليون يعيشون فى المقابر ، وأن مصر تحتل الرقم 115 من 134 دولة على مستوى مؤشرات الفساد بين المسؤولين .

*****

عندما نعلم هذه الأرقام عن الفقر فى مصر فى ظل نظام كامب ديفيد ، فهل نستكثر عليه أن نقول له ارحل ، ولكن قبل الرحيل لابد من المحاكمة ولابد (لكل أبى جهل) شارك فى التطبيع والفساد والاستبداد داخل هذا النظام من أن يتذوق الذل ، والإهانة بنفس القدر الذى أذاقه لشعبه وأمته ومقاومته العربية الباسلة تطبيقاً للآية الكريمة (ذُق إنك أنت العزيز الكريم) ؟ وليس هذا على الله ، وعلى شعب ثورة 25 يناير ... ببعيد !!

 


 

الفصل التاسع

من اغتيال حافظ الميرازى ؟

مشاهد من توابع زلزال الثورة

* عفواً أنا أقصد هنا الاغتيال المعنوى ، لإطلالة حافظ الميرازى على قناة العربية كل يوم فى الواحدة ظهراً عبر برنامجه (استديو القاهرة) .

* ويبدو – والله أعلم – إننى من حيث لا أقصد كنت سبباً ولو غير مباشر ، لهذا (الاغتيال) ، حيث كتبت يوم السبت 5/2/2011 مقالاً فى جريدة الدستور يحمل عنوان (هل تنجح قناة العربية فى إسقاط مبارك وأمركة الثورة لصالح إسرائيل ؟) ، انتقدت فيه أداة هذه القناة وتعمدها عبر أخبارها وبرامجها وطريقة تغطيتها للثورة ومحاولة (إسقاط الوطن) وليس إسقاط الطاغية الراحل ، وتعمدها أيضاً أمركة الثورة حتى لا تقع فى أيدى الشرفاء ، ثم تحديتها أن تتحدث عن آل سعود وجرائمهم فى حق السعوديين والعرب ، وتحالفهم مع العدو الصهيونى والأمريكى ، ثم كتبت بعد ذلك سلسلة مقالات أخرى حذرت فيها من الدور الخطير الذى تلعبه (العربية) التى يسميها أهلنا فى فلسطين ولبنان والعراق بقناة (العبرية) لانحيازها لصالح العدو الصهيونى فى كل ما تبثه من تغطيات عن المقاومة فى بلدانهم .

* يبدو أن حافظ الميرازى ، صديق العمر ، ورفيق الدراسة ، قد غضب مما نشرت ، وأراد بالفعل اختبار عروبة هذه القناة ومهنيتها وعدم سعودتها ، فأعلن فى حواره مع حمدى قنديل يوم السبت الماضى (12/2/2011) اختبار مدى استقلالية القناة عن مخطط آل سعود الأمريكى فى نشر الفوضى الخلاَّقة فى المنطقة وفى أمركة الثورات بها ، فأعلن أنه سوف يتناول فى حلقة الغد (الأحد 13/2/2011) تأثيرات الثورة المصرية على السعودية ، وهل تصلها شرارات الثورة أم لا ؟ وأنه سيفعل ذلك ليثبت لأمثالنا أن قناة (العربية) ليست هى قناة (العبرية) وأنها قناة حرة مستقلة ؟ فإذ بالرد يأتى فوراً بإسكات واغتيال برنامج حافظ الميرازى اليومى ، ليعود أولاً أسبوعياً ميتاً فى فترة بث ميتة ، من يوم الجمعة بعد أن كان قد استحوذ على نسبة مشاهدة عالية ، ثم بعد ذلك أحسبه سيُمنع تماماً لأن آل سعود وأذلامهم من أصحاب تلك الفضائيات ، لا يهزرون فيما يخص حكام السعودية !!

* لقد سبق ، زمان ، زمان يا حافظ ، أن قلت لصديقى حافظ الميرازى : إن لأمريكا فى المنطقة إسرائيلتين ؛ إسرائيل التى نعرفها فى شمال الجزيرة العربية ، فى فلسطين ، وإسرائيل الثانية فى جنوب الجزيرة العربية اسمها السعودية ، وكل سياسات تلك الدولة وإعلامها المقروء والمسموع والمرئى ، يصب لصالح استراتيجية واشنطن ، وأية محاولة للخروج عن هذا النهج من إعلاميين أحرار مثلك لن تنجح ، وقد كان !! .

* أرجو أن تكون الرسالة السعودية (الأمريكية) قد وصلت لحافظ الميرازى ، ولكل حافظ ميرازى شريف يعمل فى قنوات أو صحف تتبع آل سعود ، وآل ثانى (فى قطر) ، وأن ينحاز لعروبته، ومهنيته وضميره ، قبل أن ينحاز إلى الريال السعودى الملوث بدم الشهداء فى فلسطين ولبنان والعراق ، والآن فى مصر فى ثورتها الجديدة .

*****

(الجزيرة) و(العربية) وآل سعود

بهذه المناسبة دعونا نفتح مجدداً ملف الإعلام الأمريكى الناطق بالعربية (وأنا اعتبر قناتى الجزيرة والعربية) منه ، مع احترامى لكافة العاملين بهاتين القناتين ، نفتحه الآن بعد أن انتصرت ثورتنا لعل ذلك يساهم فى إنارة الطريق أمام المنبهرين من جمهورنا ومثقفينا بل وثوارنا الجدد من شباب وشيوخ ثورة 25 يناير ؛ بهذا الإعلام ، والذى له رسالة واضحة محددة ، هى المساهمة الإعلامية (يعنى جناح إعلامى بعد الجناح السياسى والعسكرى الموجود داخل أوطاننا) فى تفكيك الأوطان وليس إسقاط أنظمتها العجوز لصالح واشنطن وتل أبيب ؛ إنها دول (أقصد قطر – السعودية) تقوم بدور وظيفى محدد ، وهو دور الخادم لواشنطن ، وإسرائيل ، وليست أوطاناً يسرى عليها لفظ الأوطان المستقلة ، ويعد هدف تفكيك مصر وصوملتها (أى تحولها إلى صومال أخرى) هدفاً استراتيجياً لواشنطن ، وإسرائيل حتى يسهل حكمها والسيطرة عليها وعلى التيارات الوطنية الشريفة بها ، وتستخدم فى هذا السياق وسائل الإعلام ، ورسالتها الخبيثة التى تبدو بريئة ، ومهنية ولكننا بالتحليل المعمق نكتشف أنها تحمل رسالة تدمير للدول ، وإسقاط لأنظمة ، وصناعة للأحداث وصرف للأنظار عن القضايا المركزية للأمة مثل (القضية الفلسطينية) التى – مثلاً – تعمدت قناتا العربية والجزيرة عدم الحديث عنها داخل أجندة (ثوار 25 يناير) وعندما خاطبنا بعض مراسليها حول أهمية إظهار هذا الأمر خاصة وهناك مشاركون كثر فى هذه الثورة لهم أجندة وطنية وعروبية ، تضع فلسطين فى قلبها ، لم يردوا علينا ، وركزوا على رجال واشنطن فى الانتفاضة ، وإبرازهم بقوة أمثال البرادعى – زويل – أيمن نور – عمرو موسى ومن لف لفهم أو اتبعهم من شباب صغير لا يقرأ تاريخهم ولا يعرف مخططهم ، وتعمدت إظهار الثورة على أنها مجرد ثورة (خبر – ودستور) يعنى ثورة جوعى ومطالبين بتغييرات دستورية ، دون إظهار وجهها العربى وانحيازها بالضرورة للمقاومة العربية والإنسانية ، إنها وسائل إعلام وقنوات فضائية ، ذات رسالة محددة ، هى خدمة تل أبيب وواشنطن ، ولا ينبغى أن نفرح ، إذا ما شاهدنا على شاشاتها ذات مرة ، هجوماً على نظام فاسد ومستبد وعميل مثل نظام مبارك ، فذلك مجرد وسيلة لا غاية ، وبعد أن تستنفد أغراضها - كما حدث مع تونس وزين العابدين – سينتقلون إلى دولة غيرها،من الدول العربية المجاورة إلا السعودية وقطر ، فهما – كما ظهر فى قضية حافظ الميرازى– خارج النقد والتناول،وللأمانة معهما أيضاً إسرائيل،إلا فقط على الهامش وليس فى الجوهر .

******

* إن محاولة إسكات (أو اغتيال بمعنى أدق) برنامج حافظ الميرازى (استديو القاهرة) الذى كان يقدمه يومياً على قناة العربية ، وضع أمام المراقبين للإعلام المتأمرك فى أوطاننا العديد من علامات الاستفهام ، التى تحتاج إلى إجابة ، وتأمل وإعادة قراءة حول دور مثل هذا الإعلام فى تفكيك الأوطان وليس إسقاط الأنظمة فحسب ، وحول رسالة هاتين القناتين دعونا نسجل بعض التساؤلات بمناسبة حادثة الصديق العزيز حافظ الميرازى .

* ومما لاشك فيه ، إن قناتى (الجزيرة) و(العربية) هما الأفضل فى نقل الحدث وتحليله ، وكانتا الأكثر مشاهدة أثناء الثورة المصرية ، وأشهد أن قرار أنس الفقى بإغلاق قناة الجزيرة فى القاهرة واعتقال الصديق الأستاذ / عبد الفتاح فايد ، لعدة أيام ، هو أغبى وأحمق قرار يتخذه ، إعلامى يفهم أبجديات الإعلام .

ولكن ، كل هذا شىء ، وسيادة لغة التشفى والشماتة وأحياناً فبركة الحدث وصناعته بدلاً من نقله بأمانة مهنية مطلوبة ، شىء آخر تماماً ، وفى هذا (الشىء الآخر) ، وقعت القناتان فى خندق يبعد كثيراً عن أصول المهنة وقواعدها ، ولدىَّ عشرات الأدلة والشواهد ؛ من خلال متابعة ومشاهدة دقيقة لبرامج ونشرات أخبار القناتين على مدار الأيام (من 25 يناير حتى 11 فبراير) موعد تنحى حسنى مبارك ، والتى فى مجملها تتصف بالآتى (طبعاً مع بعض الفوارق الفنية البسيطة بين القناتين) .

1 – الصفة الأولى : فبركة أخبار أو اختراعها ثم تكذيبها بعد ساعة أو أكثر من إذاعتها (مثل خبر إغلاق قناة السويس – قناة العربية صباح الاثنين 31/1/2011) ، وهذا الأسلوب فى فبركة أو اختراع الحدث ، يؤدى إلى نتائج كارثية اقتصادية وسياسية عادة لا يستفيد منها إلا من فبركها أو من يحركه ونحسب أن إسرائيل كانت حاضرة هنا ، على الأقل فى خبر إغلاق قناة السويس حيث كسبت موانئها حوالى 30 مليون دولار فى لحظة إذاعة الخبر المفبرك ، وقس على ذلك عشرات الأحداث المخترعة أو المفبركة .

2 – الصفة الثانية : المساهمة فى تصعيد الأحداث أثناء الثورة المصرية أحياناً بما يشوهها ولكن بحرفية عالية ، تبدو فيها تلك التغيرات وكأنها تساعد فى إنجاح الثورة ، ولكنها كانت –ولاتزال- تقصد هدم (الدولة المصرية) وليس النظام السابق البائد والساقط حتماً ، كان التركيز الرهيب بالصورة والكلمة وترويج الإشاعات على أنها أخبار واختراع المراسلين وهم مجرد شباب صحفى أو متظاهر غلبان ، وإيهام العالم أن مصر كلها قد انهارت عن بكرة أبيها ، وأن جميع المصالح قد عطلت ، وأن البلطجية ينتشرون فى ربوع البلاد ، إلى آخر ذلك التهويل والتصعيد المبرمج للأحداث تماماً مثلما كان الحال فى تونس ؛ رغم أن الثورة كانت ناجحة ومستمرة فى نجاحها ولا تحتاج إلا للنقل الأمين الهادئ المتزن غير المتأمرك . لقد أظهرت القناتان (الثوار) وكأنهم يهينون الدولة ، وليس السلطة والنظام ، مما دفع قطاع من الشعب (الأغلبية الصامتة) فى لحظة من اللحظات إلى كراهية الثورة ذاتها لولا حنكة بعض القيادات الثورية وإطلالاتها الإعلامية الكاشفة لمعدن الثورة المحترم ، وأن السبب فى الفوضى هو النظام وحبيب العادلى !! .

* لقد نجح بالفعل هذا (الجناح الإعلامى الأمريكى / السعودى / القطرى) فى خلخلة بنية الدولة المصرية، وليس إسقاط نظام مبارك الذى كان قد سقط بالفعل ، وضرب بنية الدولة سوف تظهر آثاره الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية خلال الشهور القادمة بعد أن تبعد الجزيرة والعربية لتذهبا إلى بلد عربى آخر طبعاً غير قطر والسعودية .

* إن الدور الخطير للجناح الإعلامى الأمريكى ، كان يوازيه دور أخطر للجناح السياسى بقيادة الثالوث الأمريكى وأتباعه فى مصر (ثالوث عمرو موسى – البرادعى – زويل) ومن لف لفهم من المتأمركين الجدد ، والجميع جاء لا ليهدم النظام ، الذى كان الثوار الشرفاء قد هدموه بالفعل ولكن ليهدم الدولة ، وليبنوا نظاماً أمريكياً جديداً بها يخدم واشنطن وإسرائيل بعد أن (شاخ) و(فسد) النظام السابق واستنفد أغراضه .

*****

* الآن وبعد أن جرى لحافظ الميرازى ما جرى ، وبعد أن جرى لمصر الدولة ما جرى .. أتمنى من الله ، وهو على كل شىء قدير ، أن يرزق أهل قطر والسعودية (بثورة ينايرية) شبيهة بثورتنا ، وأن نرى آل ثانى وآل سعود وقد ألقوا كلُ على حدة ثلاثة خطابات متتالية مثل مبارك وابن على ، ثم بعدها تفسخت دولتاهما ثم تنحوا ، وأن يمد الله فى أعمارنا وأسماعنا حتى نستمع إلى مراسلى الجزيرة والعبرية (أقصد العربية) وهم ينقلون لنا الحدث ساعة بساعة ، ومن المدن الرئيسية ، وفى تقديرى العلمى المتواضع أن هذا الأمر ليس بعيداً، وليس نكتة ، فالزلزال سوف ينتقل بالتداعى وبقوة الدفع ، وبالحتمية التاريخية – كما يقول أخوتنا الماركسيون – إلى الأنظمة المستبدة المتشابهة ، والتى تستحوذ مثل نظام مبارك وابن على ، على الثروة والسلطة دون عموم الشعب المطحون ، وهو عين ما يجرى فى قطر والسعودية ، وبناء عليه فإننى أدعو رئيسي القناتين ، ومراسليهم ، أن يستعدوا من الآن ، لكى يطربوا آذاننا ، برسائلهم التليفزيونية ، ولن نطلب منهم لا الفبركة وصناعة الحدث وعدم الاكتفاء بنقله ، ولا تكبير الأحداث وتضخيمها ، فقط سنطلب منهم أن ينقلوا لنا ما سيجرى ، بصدق وكما هو ، والذى ربما ساعتها سيفوق خيال أى خبير أو صحفى أو مراسل ؛ فهل يفعلون ؟ أما أنه ساعتها ستكون قناتا (الجزيرة والعربية) قد تم اغلاقهما بمرسوم أميرى أو ملكى مختوم بختم البنتاجون أو الـ C.I.A ، الراعى الرسمى لأنظمة البداوة العربية وإعلامها !! الله وحده أعلم.



 

الفصل العاشر

وينزع المُلك ممن يشاء !!

دلالات سقوط نظام كامب ديفيد

* هذا أوان الفرح ..

فلقد نزع الله عن الطاغية ، ملكه ؛ وأذله بالقدر الذى يستحقه تماماً .

* هذا أوان الفرح لأسر للشهداء ، والمعتقلين ، والمعذبين ليس من أبناء ثورة 25 يناير فحسب، بل لكل من عارض نظامه طيلة الثلاثين عاماً الماضية .

* هذا أوان الفرح للفلسطينيين الذين استشهدوا بسبب تآمر مبارك ونظامه مع الإسرائيليين عليهم ، فحاصرهم حتى الموت وأغلق دونهم الأبواب ، والمعابر ، والأنفاق ، والمفاوضات التآمرية ، هذا أوان فرح اللبنانيين والعراقيين ، وكل عربى حر ، عانى من تآمر هذا النظام ضده من خلال تحالفه المخابراتى مع واشنطن وتل أبيب ، هذا أوان الفرح لأحرار العالم ، حين يسقط أحد أهم أذرع المخابرات المركزية الأمريكية فى العالم .

* ولكى يكون للفرح ، قيمته ورمزيته ، دعونا نقرأ دلالاته ونحذر من الالتفاف عليه أو سرقته من لصوص السياسة فى وطنى وخارجه :

أولاً : ينبغى للفرحين أن يفرحوا بالقدر الكافى ، وأن يقرروا هم وحدهم متى يتوقف فرحهم ، وليس هذا النظام الجديد ، فلقد كسر الشعب المحرمات السياسية وزمن الأوامر العسكرية والطغاة، وهو وحده الذى يمتلك قرار الاستمرار من عدمه .

ثانياً : نطالب الفرحين ، بالنصر فى ميدان التحرير وخارجه بسرعة تشكيل قيادة موحدة للثورة أو للفرح الجديد ، قيادة من عشرة أفراد على الأقل تحتوى على كل ألوان الطيف السياسى من الذين شاركوا فى صناعة الفرح ، وفى المساهمة فى نزع الملك عن طاغية كامب ديفيد ، العميل المخلص لواشنطن وتل أبيب طيلة الثلاثين عاماً الماضية ، ومؤملاً أن يبعدوا عنها الانتهازيين وسارقى الأفراح ، رجال كل عصر ، عديمى المبادئ والقيم ؛ وهذا أمر ليس صعباً إن امتلك الثوار إرادة الفرز والتغيير .

ثالثاً : نحذر من أن تنطفئ جذوة الثورة ، وأن تضعف آليات ضغطها وأن يضعف تنبهها التاريخى الذى تيقظ ، مما يؤدى تدريجياً إلى عسكرة الثورة ، وطول هذه العسكرة ثم تدريجياً تسرق منهم وبدلاً من أن يكون لدينا حسنى مبارك واحد نكتشف بعد طول انتظار أننا أمام خمسة أو ستة حسنى مبارك من العسكريين ، ومن بعض المدنيين اللاهثين على السلطة والثروة ومن راكبى الثورة !! فلننتبه ولنحذر .

رابعاً : نحذر من أمركة الثورة أو أسرلتها (أى أن تتحول إلى ثورة لصالح إسرائيل) وذلك عندما تبقى كامب ديفيد بكل سوءاتها ، وتبقى العلاقات المصرية الأمريكية على حالها رغم الجرائم التى ارتكبتها أمريكا فى مصر ، وفى المنطقة العربية عبر نظام مبارك الذى اتسم بعمالة فريدة مع واشنطن وتل أبيب إلى الحد الذى دفع ذات يوم الدكتور مصطفى الفقى (رجل النظام السابق) لأن يقول فى صحيفة " المصرى اليوم " (إن أى حاكم يأتى ليحكم مصر لابد وأن ترضى عنه واشنطن وتل أبيب) .

إن هذا الخوف من أمركة أو أسرلة الثورة ، يتطلب فوراً من قوى الثورة ؛ شباباً وأحزاباً وجماعات وكُتاباً وفنانين أن تعيد النظر فى الملفات المصرية الإسرائيلية والمصرية الأمريكية وأن تبادر بمراجعة إن لم يكن بالإلغاء لاتفاقية كامب ديفيد والعلاقات الإسرائيلية – المصرية ، والأمريكية المصرية ، وهذا تحد كبير ، سوف يمثل فارقاً كبيراً فى شكل ومضمون النظام الجديد الذى ستبنيه ثورة 25 يناير مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، فإذا ما تم مراجعة ونقد العلاقات مع العدو الصهيونى الأمريكى فإن مصر ستعود لدورها العربى ولذاتها العربية التى اختطفها النظام السابق وعمل بدأب على أمركتها وتهديدها ، بكل قوة ، لقد آن أوان قطع هذه العلاقات فوراً أو على الأقل تجميدها لأنها سبب رئيسى من أسباب الخراب الذى أصاب مصر فى عهد مبارك . ودائماً ما يرتبط الفساد والاستبداد بالعمالة لواشنطن وتل أبيب والتجارب فى هذا الصدد عديدة !!

خامساً : إن المُلك الذى نزعه الله نزعاً عن آل مبارك ، وباقى نظامه المخابراتى ، يمثل عظة وعبرة لكل مستبد فى عالمنا العربى والإسلامى فلكل طاغية نهاية ، وإن طال الزمن ، ولقد كان مبارك طاغية ، وعميلاً فى الوقت ذاته ، وكان الاستبداد لا يستقم فى بلادنا إلا بأن يكون المستبد عميلاً ، ولقد كان مبارك بأجهزة أمن ومخابرات نموذجاً مثالياً للاستبداد والعمالة فى أنضح صورها ، وكم هى متخمة ملفات نظامه بذلك وبخاصة العلاقات المشبوهة مع تل أبيب وواشنطن ، ونحسب أن هذا درس بليغ لحكام العرب الطغاة والعملاء فى آن ، والذين يأتى فى مقدمتهم حكام الجزيرة العربية الذين سخَّروا كل إمكانيات بلادهم لصالح تجارة السلاح ولخدمة الاستراتيجية الأمريكية ، وبناء الجسور السرية مع تل أبيب عبر بندر بن سلطان الذى كان سفيراً للسعودية فى واشنطن لمدة 20 عاماً كان يسمى وقتها (بندر بوش) لشدة روابطه المالية والسياسية مع بوش الابن ، وعلاقاته الخطيرة أيضاً باللوبى اليهودى فى واشنطن ، وعلاقاته بالموساد الإسرائيلى ، هذا الأمير وملوك دولته وجنرالات العرب الباقين ، آن لهم أن يأخذوا (العظة) والدرس من الطاغية المصرى الذى خدم واشنطن بعيونه ، وباع لها مصر ودورها الإقليمى والعالمى ، ومع ذلك لم تحترمه واشنطن وتل أبيب واعتبراه عبئاً عليهما ، وساعدا فى عملية رحيله السريع عن الحكم . إن هذا الدرس آن لملوك وجنرالات العرب المرتعشين الآن ، أن يتعظوا به .    

* وإلى أن يتم ذلك ، فليفرح المؤمنون ، المنتصرون بإذلال الطاغية بأمر من الله سبحانه وتعالى ، وصدق الله حين قال : [ قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شىء قدير ] صدق الله العظيم (آل عمران : آية 25) ، وتلك هى النهاية الطبيعية لمن والى أعداء الله والوطن ، والحمد لله رب العالمين . 


 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الثانى

تـأمـلات

فى الثورة

(هوامش على قضايا الوطن)



 

(1)

مفتى السعودية يصف الثورة المصرية بالفتنة !!

فى ذروة ثورة الشعب المصرى ، وفى نفس الوقت الذى كانت دماء أبناء الشعب تراق على يد النظام السابق ، أصدر مفتى السعودية فتوى شاذة كعادة الفكر الوهابى المخالف للإسلام الصحيح ، يقول فيها إن (الثورة فى مصر (وفى تونس) تثير الفتنة وتفسد الأمة وتفرقها ، وهى مدفوعة من الخارج) ، هذه الفتوى أحدثت أثراً سيئاً لدى عموم المصريين ، إلا لدى بعض القوى السلفية الوهابية المربوطة بحبل سُرى (5 مليارات دولار سنوياً) مع المؤسسة الوهابية فى الرياض ، التى ترتبط بدورها بالحكام السعوديين وبالتالى بالإدارة الأمريكية أى أننا كنا أمام (إسلام أمريكى) تعودناه من آل سعود وأتباعهم فى مصر منذ نشأة الدولة السعودية 1932 وحتى اليوم 2011 ، إلا أن نجاح الثورة المصرية الجديدة أثبت أن هذه الفتاوى وهؤلاء العلماء وأولئك الحكام المتأمركين مكانهم الطبيعى هو أول صندوق قمامة فى (ميدان التحرير) ميدان الثورة ، ورداً عليها واستناداً للقرآن وللأحاديث النبوية ، وللعلماء الثقاة الأحرار نقول إن مقاومة الظلم هو فرض دينى ، وشرعى ، وفى هذا المعنى نُقل عن أبى بكر الصديق أنه قال : أيها الناس ، إني قد وليت عليكم ، ولست بخيركم ، فان أحسنت فأعينوني ، وإن أسأت فقوّموني ، الصدق أمانة ، والكذب خيانة ، والضعيف منكم قوي عندي حتّى أزيح علّته إن شاء الله ، والقويُّ فيكم ضعيف حتى آخذ الحقّ إن شاء الله ، لا يدع قومٌ الجهاد في سبيل الله إلاّ ضربهم الله بالذلّ ، ولا يشيع قومٌ قط الفاحشة إلاّ عمّهم الله بالبلاء ، أطيعونـي ما أطعت الله ورسوله ، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم ، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله). 

وقد قال أبو بكر الصديق هذه الجمل العظيمة ، في حضرة خيار الصحابة ، كما يقول الشيخ حامد العلى فى مقال مهم له رداً على فتوى المفتى السعودى ، وأن (الصديق) قالها في مجمع عام يشملهم ، فكان هذا منهج الإسلام الأصيـل .

فالواجب على العلماء أن يتفقّـدوا حال السلطة ، فإن هي أقامت العدل في الناس ، فأوصلت إليهم حقوقهم وعلى رأسها أن يختاروهـا ، ويحاسبوهـا ، وإن هـي أغنتهم بمال الوطن الذي هو مالهم عن مواقف المهانة ، ومواطن الذلّ ، وأكرمتهم عن الإنتهاك ، وحفظت لهم ما يجب حفظه ، وعملت بقوله تعالى : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) ، كانوا عونا لهـا .

وإن هي تحوَّلت إلى آلة للظلم ، والفتن ، والفسـاد ، واستبدَّت بالجور على العبـاد ، نأوا بأنفسهم أن يكونوا أبواقا لها ، فيصيروا أعوانا للظـلمة !

بـل واجبهـم أن يقوموا عليها بما يجب على القائمين بالقسـط من الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والتحرُّك بما يعيـد الأمور إلى نصابها ، ويحمي الشعوب من الطغـيان ، وفق ما جاء في الشريعة العليّة في هذا الباب من الميـزان ، بحيث لايُعقب ذلك ما هو أعظـم شـرّا .

وذلك كما فعل مَنْ فعـل مِن شيوخ الأزهـر المبجـَّل - والناطق باسمه - عندما انضموا إلى الشعـب المصري في تظاهراته الغـرّاء ، ومسيراته الشمـّاء ، في وجه الطغيـان .

وهذا من الجهـاد المأمور به شرعا ، كما في الحديث الذي ذكر الطغـاة : ( إنها تخلف مـن بعدهم خلوف ، يقولون مالا يفعلون ، ويفعلون مالا يؤمرون ، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ، وليس وراء ذلك من الإيمان حبّة خردل) رواه مسلم .وفي الحديث : ( إنَّ الناس إذا رأوْا الظالم فلم يأخذوا على يديه ، أوشك أن يعمّهم الله بعقاب منه ) رواه احمد ، وأصحاب السنن .

وفي الحديث : ( أنصر أخاك ظالما أو مظلوما ) رواه البخـاري ، وفيه أنّ المعنى في حالة الظالم منعه ، وحجزه عن ظلمه ، فكلّ شعب مظلوم تجب نصـرته ، وخذلانه إثم مبين ، ومخالفة عظيمة لفرض الدين.

وفي الحديث : ( ما من امرئ يخذل امرءاً مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه ، وينتهك فيه من حرمته ، إلاّ خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته ، وما من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه ، وينتهك فيه من حرمته ، إلاّ نصره الله في موطن يحبّ الله فيه نصرته ) رواه أحمـد وأبو داود .

وفي الحديث : ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ، ولا يسلمه ، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرَّج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة ) متفق عليه ، ومعنى يُسلمه ، أي يتخلَّى عنه ، فيراه يُظلم ولاينصره ، وأيُّ تفريجٍ لكربة أعظم من إزاحة الظلم ، والبغي والطغيان بالسلطة التي تفسد الدين والدنيا ، فتغتصب الأعراض وتسفك الدماء وتنتهك الحرمات وتستولي على الحقوق .

* هذا هو رأى الإسلام الصحيح يا مفتى السعودية ، وهذا هو رأى علماء الإسلام الثقاة ، وليس رأى فقهاء الإسلام الأمريكى الذى تمثله أنت ومن شابهك من فقهاء السلطان فى مملكتك وفى مملكتنا التى سقطت بسقوط النظام السابق ، والله المستعان .

(2)

متى تعلن (الثورة) موقفها من إسرائيل وأمريكا ؟

* تتوالى البيانات العسكرية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ، تلك القوات التى احتضنها الشعب ، ووثق فيها بعد ثورته فى 25 يناير 2011 ورغم ايجابية العديد منها ، إلا أننى توقفت أمام (البند الخامس فى البيان رقم 4) و(البند التاسع فى البيان رقم 5) والذى نص وألح وأعاد التأكيد على أن المجلس يؤكد التزام مصر بالاتفاقات والمعاهدات الإقليمية والدولية ، وهو قول يفهم منه ضمناً الالتزام باتفاقية كامب ديفيد الموقعة بين الكيان الصهيونى والنظام المصرى عام 1979 ، وهى الاتفاقية التى أضرت بمصر والمصريين أكثر مما نفعتهم باعتراف الخبراء والسياسيين من كافة الاتجاهات طيلة الثلاثين عاماً الماضية ، وهى الاتفاقية التى قيدت دور مصر القومى وحَجَّمته بل وأخرجت مصر من عروبتها ، ودفعتها تدريجياً إلى المربع الأمريكى ، كخادم أمين لاستراتيجيتها واستراتيجية إسرائيل العدوانية فى المنطقة .

وفى الوقت نفسه تقريباً صدر البيان الأول لمن أسموا أنفسهم بـ (جماهير ثورة 25 يناير) ويتضمن 11 مطلباً ، ليس من بينها مطلب واحد يتصل بإلغاء أو تجميد أو حتى الإشارة إلى كامب ديفيد أو العدو الإسرائيلى أو العلاقات المصرية – الأمريكية .. إن هذين الموقفين يثيران بعض الدلالات المهمة التى تحتاج إلى تنبيه وتحذير ، نسجلها علها تفيد فى بناء رؤية مستقبلية لثورة 25 يناير تليق بدم الشهداء ، والجرحى ، وكل من ضحى طيلة الثلاثين عاماً ضد هذا النظام المستبد ، وليس فقط فى الـ 18 يوماً الماضية :

أولاً : نحسب أن تأكيد المجلس العسكرى على احترام اتفاقية كامب ديفيد مع العدو الصهيونى، فضلاً عن كونه بالنسبة إلينا وإلى العديد من المشاركين فى هذه الثورة ، يمثل خطأ ، وموقفاً غير مقبول ، فإنه يؤشر إلى طبيعة التحالفات المستقبلية لنظام الحكم ، سواء كان مدنياً أو عسكرياً ، وكيف سيُفرض عليه أن يقبل بالعلاقات الدافئة مع إسرائيل ، واستمرار علاقات التبعية (أو بمعنى أكثر دقة بالعمالة لواشنطن) ، ولن يسمح لأحد الاقتراب منها ، مهما ادعى أنه يمتلك أدوات الثورة ، وميدان التحرير ، إن أمريكا وإسرائيل إذن حاضرة فى المشهد السياسى القادم لمصر ، وهذان البيانان يخيفاننا أكثر مما يطمئنانا ، والمخيف أكثر هو مدى غيبوبة بعض القوى فى فهم دلالات إشارة العسكر إلى هذه الاتفاقية والحفاظ عليها وخطورة ذلك على ثورتنا .

ثانياً : كنت أتمنى ، ومازالت من القوى السياسية والقوى الشبابية المشاركة فى الثورة ومعها جماعة الإخوان وحزب العمل والكرامة ، والمثقفين والسياسيين المستقلين أن يضمنوا بيانهم الأول كلمة ولو واحدة عن العدو الإسرائيلى ، وكانت – إن ذكرت – ستوضح الوجه القومى والنضالى لهذه الثورة ، أما أن يذكر 11 بنداً تدور حول الدستور ، والحكومة الانتقالية والطوارئ والجوع ، فإن هذا تقزيم لثورة قيل عنها إنها غيرت وجه مصر ، هو وجه نحسبه لا يمكن أن يتغير إلا بذكر موقف محدد رافض لاتفاقات العار (اتفاقيات كامب ديفيد) ورافض لعلاقات التبعية مع واشنطن ، التى كانت – ولاتزال - العدو الحقيقى ورأس الأفعى فى كل سياسات واستبداد النظام السابق ، نتمنى أن يتدارك الثوار ، وكل محب للثورة حتى ولو لم ينضوى تحت لواء جماعة من جماعاتها أن تتضمن البيانات القادمة ، بنداً صريحاً ضد العلاقات المشينة التى ربطت النظام المصرى السابق بالعدوين الأمريكى والإسرائيلى ، فإن هذا فضلاً عن كونه واجباً وطنياً ، فإنه سوف يقفز بالثورة إلى أفق ومرتبة عربية وإنسانية أوسع ، ولن يحصرها فى مجرد انتفاضة (خبر ودستور) كما يجرى تصويرها الآن أو كما يراد لها أمريكياً (وفقاً لخطاب أوباما الأخير) ووفقاً لاتصالات قادة العدو بالمجلس العسكرى الأعلى ، انتبهوا أيها الثوار وأعطوا لثورتكم ما تستحقه من توصيف فهى ليست انتفاضة جوعى فقط !!

ثالثاً : وهنا نود أن نؤكد رداً على البعض ممن قال إن الوقت الآن لا يسمح بالحديث عن كامب ديفيد ، إنه إذا كان للمجلس العسكرى بعض العذر فى أن يؤكد على احترامه للاتفاقات الدولية والإقليمية (كامب ديفيد تحديداً) ، لطبيعة ظروفه العسكرية وعلاقات أعضائه السابقة والحالية مع واشنطن ، فضلاً عن قيود المعونة العسكرية التى ترتبط بها مصر ، فإننا لا نجد عذراً لدى أى ثورى ، ألا يذكر فى كلامه وخطابه وبياناته ، كلمة (إسرائيل) ، أو (أمريكا) ؛ لماذا ؟ وما هو المبرر والمفترض أن واضعى (البيان) ثوار ، يعنى لا يخضعون لحسابات أو ضرورات داخلية أو خارجية مثل تلك التى لدى (المجلس العسكرى) ؟ .

* إن هذا الأمر إن تكرر فى البيانات القادمة سوف يؤدى فى تقديرنا إلى إثارة الشكوك مجدداً، حول تلك الأيدى التى تحاول إبعاد (تل أبيب) وواشنطن عن بيانات الثوار ؛ وحتماً هى أيد غير طاهرة ، وغير بريئة وتسىء للثوار وللثورة ؛ لأن ألف باء الثورة المطلوبة فى مصر ، لابد وأن يكون لها موقف واضح جلي ضد العدو الذى يذبحنا ليس فى العراق أو فلسطين ولبنان فحسب بل فى ميدان التحرير ، حيث القنابل والرصاص ، والتدريب ، أمريكى وحيث طول الاستبداد والتبعية ، سببه أمريكا ، وحيث العار الذى لوث تاريخ مصر الطاهر خلال الثلاثين عاماً الماضية ، كان سببه ذلك التواطؤ الجلى بين نظام مبارك والكيان الصهيونى، فلماذا يحمل (الثوار) أنفسهم عبء الحسابات ، والتوازنات ، الخاطئة التى بدأها وأقامها النظام السابق ، ولماذا يلزمون أنفسهم بها ؟ أسئلة تحتاج إلى مواجهة صريحة مع النفس ، وإلى سرعة حسم للمواقف ، فالتطورات الدرامية الضاغطة للأحداث ولتشكيل وجه مصر الجديد ، لا تترك فرصة أو مجال للتوازنات أو الحسابات فى مثل هذه القضية .

رابعاً : إن شهداء مصر بسبب هذا العدو الصهيونى ، اقتربوا من الـ 100 ألف شهيد ، فى الحروب الأربع التى خاضتها مصر ضد الكيان الصهيونى (1948 – 1956 – 1967 – 1973) ، وفى أوقات السلام واتفاقات العار (كامب ديفيد) ، ولنتذكر الشهيد سليمان خاطر ، وشهداء مصر على الحدود مع الكيان الصهيونى ، وشهداء مصر بسبب المبيدات والزراعات المسرطنة فى عهد وزير الزراعة الأسبق (يوسف والى) وغيره ، ولنتذكر شبكات التجسس الإسرائيلي على الأمن القومى المصرى التى وصلت إلى 46 قضية تجسس ، ولنتذكر التخريب العمدى لهم فى اقتصادنا وزراعتنا وثقافتنا ؛ كل هذا معلوم ، لكل مهتم بالسياسة فى هذا الوطن ، فما بالنا بثوار ميدان التحرير ؟! فإذا كان الأمر معلوماً ، فلماذا لا نضعه واضحاً جلياً فى البيانات السياسية والمطلبية ؟ .

* إننا نعتقد – أخيراً – أنه عند وضع بند [ إن جماهير ثورة 25 يناير ، تطالب بإلغاء أو على الأقل تجميد اتفاقات كامب ديفيد مع العدو الصهيونى لآثارها الضارة على الأمن القومى المصرى والعربى ، ونطالب أيضاً بمراجعة دقيقة للعلاقات المصرية الأمريكية ، وتصويب أخطائها رداً على جرائم أمريكا ضد مصر والعرب ] .

* إن وضع مثل هذا البند فيما هو قادم من بيانات الثورة ، سوف يؤدى إلى نتائج ايجابية كبرى ، أهمها أنه سيفرز الصفوف الوطنية وسيخرج منها كل متأمرك يدعى أنه شارك فى الثورة وهو ليس سوى مخترق لها ؛ وسوف يؤدى إيراد مثل هذا البند إلى إعطاء الثورة وجهها النضالى القومى الحقيقى ، وسيخرجها من دائرة (ثورة للجوعى) إلى ثورة للوطن وهويته التى سُرقت منه ، إذ لا هوية حقيقية ، عفية ، صحيحة لمصر ، وبها سفارة للعدو الصهيونى ، أو تبعية مكبلة لها مع واشنطن ؛ وأخيراً نحسب أن (الثورة) الحقيقية لا يمكن أن تسمى كذلك دونماً تحديد بين لأفقها الإقليمى والدولى .

* إن ثورة 25 يناير مسكونةً بهذه الأفق ، ولكنها تحتاج إلى من يظهره ، ويعلنه وهذا هو دور القادة الشرفاء للثورة وما أكثرهم .


 

(3)

بين فضائيات المقاومة وفضائيات الـ C.I.A

رغم أن الحقائق جلية والمؤامرة الأمريكية بجناحيها السياسى والإعلامى لتفكيك مصر بعد ثورة يناير والانتقال منها إلى باقى المنطقة واضحة ، فإنه لايزال هناك من يحاول أن يجرنا إلى قضايا فرعية ، ويتعمد خلط القضايا ، حتى ننسى تلك المؤامرة لأسباب معلومة ، إلا أن سعى هؤلاء ، سواء جرى بحسن نية ، أو عن قصد ، فإنه لن يصرفنا عن أصل المؤامرة التى تتولى واشنطن وتل أبيب وبعض عواصم المنطقة من عملاء واشنطن تنفيذها ، من هذه القضايا ، التى يريد البعض (ومنهم الصديق حافظ الميرازى الذى أغلق آل سعود فعلاً برنامجه كما توقعنا وعلى عكس ما توقع هو أو تصور أن قناة العربية قناة حرة ومستقلة واتضح أنها أمريكية الهوى سعودية التمويل والهدف ، لقد طالب هؤلاء وكأنهم - يحرجوننا - عن رأينا فى إعلام وفضائيات المقاومة (شاملاً إعلام إيران وسوريا وحزب الله ومن يقف فى نفس المربع) ومقارنته بإعلام أمريكا الناطق بالعربية (مثل الجزيرة – وقناة العربية) ، وعن رأينا ومقارنتنا نقول لهم :

إعلام المقاومة

أولاً : نحن نرى أن إعلام وفضائيات كل من سوريا وإيران وغيرها رغم أن قضاياه صحيحة وعادلة وهى قضايا المقاومة إلا أنه إعلام ضعيف ، بل وبائس، وغير مؤثر يفتقد الرؤية والأفق بل وأحياناً المهنية ، ويغلب عليه (الأيديولوجية) ؛ والتوجيه ، دون السماح بتنوع الآراء ، واختلافها ، وهو إعلام (خاصة الفضائيات) يحتاج إلى ثورة كاملة فى الرؤية ، وآليات العمل ، ورغم أن ظاهر الرسالة الإعلامية لدى الإعلام الإيرانى الناطق بالعربية (قناة العالم مثالاً) أو الإعلام السورى أو فضائية المنار المتحدثة باسم حزب الله ؛ ظاهر إيجابى ، حيث يدعو إلى المقاومة ورفض الوجود الأمريكى والإسرائيلى ، إلا أن وسائل ايصال هذه الرسالة ضعيف ، وأحياناً هزلى وغير مقنع ، خاصة عندما نجد مثلاً برنامجاً سياسياً يقدمه إعلامى متميز مثل عمرو ناصف ، يستضيف ذات الوجوه ، ونفس الأسماء المصرية من أصدقاء عمرو المقاومين للعدو الأمريكى والإسرائيلى ، حتى مللنا مشاهدتهم أو الاستماع إليهم عبر الهاتف خاصة أثناء ثورة 25 يناير المصرية ، فعدالة القضية ، لا يعنى التنوع وإبراز نواحى الخلاف، والرد عليها بقوة ، ونفس الأمر يقال عن الإعلام السورى والإيرانى الضعيف أصلاً لأنه فى مجمله يتوجه للمشاهد الإيرانى وليس المشاهد العربى وهو ناطق بالفارسية فى أغلبه والناطق بالعربية منه ضعيف وأحياناً ممنوع (قناة العالم) من على النايل سات) وبالتالى دوره لا يذكر وغير مؤثر مثل الإعلام الممول من الدول الحليفة للمخابرات الأمريكية (قطر – السعودية تحديداً) والذى تمثله خير تمثيل الجزيرة وقناة العربية .

* ومن الإعلام إلى السياسة ، فإن نفس الأداء الضعيف وغير المؤثر على جمهور الأمة العربية ، يقال على سياسة إيران أحمدى نجاد أو سوريا بشار الأسد بعامة ، إلا إذا اتفق خطابهما مع خطاب الأمة المقاومة للاحتلال والاستعمار والاحتلال الصهيونى ، هنا فقط يلتقى الناس فى بلادنا (العربية) معهما ، ولا يتأثرا بهما بل يؤثر فيهما ، هذا إذن هو رأينا الثابت الذى لم يتغير قبل أن يطلب منا صديقنا حافظ الميرازى ، وبعد أن طلب ، ومن يتابع ما نكتب يعلم ذلك جيداً ، والذى نضيف إليه هنا أهمية وضرورة أن يتغير هذا الإعلام ويتوافق مع مصالح الأمة وأن يرتفع بمهنية مقنعة إلى مستواها دون أدلجة ضيقة الأفق .

الإعلام الأخطر والأخبث

ثانياً : أما إعلام الـ C.I.A الناطق بالعربية ومن بلاد عربية للأسف فهو من القوة ، والذكاء، وآليات التأثير ، ومن الخبث ، والإمكانات المالية الضخمة والميزانيات المفتوحة ، ومن القدرة على تجنيد الإعلاميين وتحويل بعضهم على جواسيس بالقلب وبالروح ، وإن لم يكونوا جواسيس بالسياسة والعقد المكتوب ؛ فهو الإعلام الأخطر ، وهو الإعلام الذى يصنع الفتنة ويساهم فى خلق الفوضى الخَلَّاقة التى تريدها واشنطن فى مصر بعد أن صدمتها ثورة 25 يناير وفى باقى بلاد المنطقة ، هذا الإعلام هو (جناح إعلامى) لمخطط طويل المدى ، ظاهره الرسالة الإعلامية البريئة ، والمهنية ، وباطنه الدور السياسى المدمر للأوطان والهادف إلى تفكيكها ، وليس فحسب إسقاط الأنظمة ، ومجرد التأمل فى دور قناتى (الجزيرة والعربية) بالأمس ، واليوم ، ورصد طريقة ومضمون ، ما قامتا به منذ 25 يناير وحتى لحظة كتابة هذا المقال والأساليب الفنية والسياسية لنقل ما يجرى فى اليمن – البحرين – ليبيا ، مع صناعة (أو فبركة) الحدث ، وتضخيمه ، وإشاعة الفوضى الإعلامية والهلع السياسى ، تكفى للدلالة لمن فى قلبه حب حقيقى لهذا الوطن ، أما من أسماهم مصطفى كامل ذات يوم بـ (سقيمى الوجدان) أولئك الذين لا يشغلهم سوى الريال القطرى والسعودى أو الدولار الأمريكى حتى لو كان ملوثاً بدماء الشهداء وببقايا الأوطان التى تتفكك ، هؤلاء لن يفيد معهم القول ، لأنهم ، منذ البداية اختاروا المعسكر الآخر باقتناع الوكلاء الصغار .

* إذن : الفرق واضح ورأينا واضح فى الإعلاميين ، ما يسمى بإعلام المقاومة هو إعلام ضعيف وبائس ويحتاج إلى تطوير كبير ولا تكفى عدالة القضايا التى يـرفعها ، أما إعلام الـ C.I.A ، فهو الأخطر ، وسندفع جميعاً ثمن تجاهله أو الانبهار به ، ونحن نحذر منه من الآن ، فواشنطن وتل أبيب والعواصم التابعة لهما (قطر والرياض) تحديداً لا يهزرون ، إنهم يدمرون الأوطان بعد أن ركبوا موجة تدمير الأنظمة (هؤلاء هم العدو فاحذروهم !!) .


 

(4)

متى يصمت د. عبد المنعم سعيد ؟

لا أدرى ، بأى إحساس ، أو دم ، يكتب السيد الدكتور / عبد المنعم سعيد رئيس مجلس إدارة الأهرام هذه الأيام بشكل عام ، وعن ثورة 25 يناير بصفة خاصة ؟ فالرجل كان من أعمدة النظام السابق ، على المستوى الإعلامى ، بل والسياسى ، فهو مفكر لجنة السياسات سيئة السمعة والتاريخ ، وكان مستشاراً للرئاسة وللأمن وأجهزة صنع القرار فى البلد منذ أن كان رئيساً لمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية فى أغلب القرارات التى تعتبرها الثورة سبباً فى الظلم والاستبداد ، وكان مرشحاً وزيراً فى الأيام الأخيرة لعصر حسنى مبارك ، إما وزيراً للإعلام أو وزير لشؤون رئاسة الجمهورية ، وكان قيادياً فى جمعية التطبيع مع العدو الصهيونى ، ومن أكبر المبشرين بهذا التطبيع ، وعشرات المواقف والمواقع التنفيذية كان (عبد المنعم سعيد) حاضراً فيها ، فإذا كان هو كذلك ، فسؤالنا المتواصل والمباشر ؛ بأى دم ، وإحساس ، يتحدث رجل النظام السابق ، عن ثورة حطمت ، ذلك النظام ، وأنهت أركانه ؟ وبأى إحساس أو دم أو ضمير مهنى وسياسى ؛ يجد الجرأة فى نفسه، والشجاعة فى قلمه ليكتب مشيداً بهذه الثورة أو مقترحاً عليها بعضاً من أفكاره البائسة ، والسامة ؟ بأى دم بارد يكتب الرجل ؟ .

دعونا نسجل ما يلى ونجيب ، عله يفيد ويوقظ النوم الغافلين فى الرأى العام :

أولاً : لمن لا يعلم تاريخ عبد المنعم سعيد ، فهو رجل التطبيع الأول مع إسرائيل ، تعلم فى جامعات واشنطن واقترب حتى اليوم من مراكز صنع القرار بها ، عمل مبكراً مع سعد الدين إبراهيم لصالح جامعات إسرائيلية وأمريكية فى الثمانينات والتسعينات ، وهو المرشح لجائزة بن جوريون للسلام (وبن جوريون هو مؤسس إسرائيل لمن لا يعلم من شباب ثورة 25 يناير؟) ، وهو الصديق الحميم لجمال مبارك وأحمد عز ، ومفكر لجنة السياسات التى أهانت مصر واغتصبتها طيلة السنوات العشر الماضية ، وهو الذى عمل بدأب على طرد الكفاءات الوطنية الشريفة من الأهرام (أمثال سلامة أحمد سلامة وفهمى هويدى) وكان لا يترك فرصة للرد عليهم دفاعاً عن الرأسمالية المصرية المتوحشة ، ونظام مبارك والتطبيع مع العدو الصهيونى (والأرشيف موجود ولدينا ملف متخم بما كتبه وفعله سيادته) ، وكان دائم الهجوم عبر الصفحات الملاكى وأسلوبه (المتفذلك) على الإخوان المسلمين ، ومحمد حسنين هيكل ، ورموز مقاومة التطبيع فى مصر ، خاصة بعد فضيحة المؤتمر الذى عقده فى فندق ماريوت مع رجال المخابرات والسياسيين الصهاينة باسم جمعية القاهرة للتطبيع والسلام ، وتحت رعاية عمرو موسى الذى كان وقتها وزيراً لخارجية مصر، وردت عليه القوى الوطنية المصرية بمؤتمر جماهيرى وسياسى وثقافى حاشد فى فندق شبرد وتولت صحيفة الأسبوع برئاسة تحرير الصديق مصطفى بكرى تنظيم هذا المؤتمر .

* وعبد المنعم سعيد هو الذى (كان صديقاً لكافة سفراء إسرائيل وأمريكا فى مصر ووصلت الصداقة إلى حد تبادل الزيارات العائلية والتهانى بالزواج) وهو الذى حوّل مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية إلى ملتقى للسفراء والباحثين الإسرائيليين (وأغلبهم كما يعلم أصغر صحفى أو سياسى فى مصر جواسيس) مع المثقفين والباحثين المصريين إلى حد أن بعض هؤلاء الباحثين من التلاميذ المخلصين لعبد المنعم سعيد (أمثال هالة مصطفى ومحمد عبد السلام) لم يجدوا فى ذلك حرجاً واعتبروه عملاً علمياً محترماً !! (انظروا كيف انهارت قيم ومعايير الوطنية والبحث العلمى والأداء المهنى الصحفى على أيدى المطبعين وشيخهم !!) .

* ولمن يريد المزيد عن تاريخ عبد المنعم سعيد وعلاقاته بتل أبيب ، وبالنظام السابق ، عليه بمراجعة سلسلة الدراسات الهامة للكاتب والمناضل القومى / أحمد عز الدين على موقعه على الانترنت) .

ثانياً : إن استغرابنا من برودة دم وشعور وضمير الأخ عبد المنعم سعيد الذى وجد فى نفسه الجرأة ليكتب عن ثورة هو فى صميم قلبه يكرهها ، بل هو واقعياً ضدها ، وكأنه يراهن على ضعف ذاكرة القراء ؛ يحتاج منا كجماعة صحفية إلى وقفة ، وإلى تساؤل ؛ متى يقدم هذا الرجل ومن شابهه استقالته ، ويصمت قليلاً أو يعتذر أولاً للأمة عما فعله وكتبه دفاعاً عن النظام السابق، قبل أن يتجرأ ليكتب متغزلاً ومقترحاً طرقاً لمستقبل الثورة الجديدة ، بل ويكتب كما حدث بالأمس عن ضرورة فتح ملف الصحف القومية ، والذى إن فُتح بعدل وحق ، فإن سيادته سوف يحاكم علناً عما كتب ضد وطنه وعن علاقاته مع العدو الصهيونى ، مخالفاً قرارات الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين .

* إن الخوف من أن يكون ما يكتبه ويفعله هذه الأيام عبد المنعم سعيد ، محاولة من بقايا النظام السابق من ساسة ومفكرين وإعلاميين للالتفاف عليها وسرقتها ، بل أمركتها إن لم يكن أسرلتها (نسبة إلى إسرائيل) ولنتأمل دعوته الخطيرة فى مقاله قبل الأخير المكتوب بدهاء فى الأهرام (يوم السبت 19/2/2011) عن ترشيحه لأحمد زويل لرئاسة مصر كرئيس توافقى ، ووجد عبد المنعم سعيد رجل التطبيع ولجنة السياسات ، فى نفسه الجرأة ليسأل القارئ (بفظاظة وثقة : هذا هو رأينا فى أحمد زويل كرئيس توافقى فمن جاءنا بأفضل منه قبلناه ؟ وقبل أن نقول له من أنت اليوم بعد الثورة حتى نجيئك بأفضل منه ، نرد عليه بأن هناك من هو أفضل من رجلك الذى ذكر فى مذكراته أنه زار إسرائيل وحصل على جائزة معهد وايزمان للأبحاث بعد أن عاش هناك 6 أشهر ليطور منظومة التوجيه بالليزر للصواريخ الموجهة ضد لبنان ، هناك قضاة كبار وساسة وقادة رأى ، ولنتذكر فقط أن هناك طارق البشرى ، ود. عبد الله الأشعل ، وحمدين صباحى ، وعشرات ممن عاشوا فى هذا البلد ولم يعيشوا فى حبيبتى قلبك أمريكا وإسرائيل ؟! ثم من أنت يا سيدى حتى تجرنا إلى هذه الزاوية ؟ وبأى حق تطالبنا بأن نقدم لك نماذج لرئاسة مصر ؟ ثم ما هو السر الذى يقف خلف دفعك بأسماء متأمركة أو إسرائيلية وحصرنا فى هذا الخيار ؟ ترى هل هى مهمة أمريكية جديدة وأجندة يضطلع بها عبد المنعم سعيد ؟

* ننتظر من صحفيى الأهرام الشرفاء الإجابة وقبلها ، ننتظر منهم موقفاً نهائياً من رموز تلك المرحلة البائدة ، وأن يدفعوهم إلى الصمت على الأقل هذه الأيام حتى يتنفس الأهرام هؤاءً صحياً كما يتنفس الوطن المحرر ، ولا داعى لهذا الهواء السام اللزج والمبهم ، تحركوا يا شرفاء الأهرام ، وأوقفوا طابور الثورة المضادة حتى لا يفسدوا علينا الفرح ، أو يسرقوه بخبث أمريكى ، كما نرى ، ونقرأ ؟!   


 

(5)

أطلقوا سراح عبود وطارق الزمر !!

* لقد كنت ولاأزال من المختلفين مع التيار السلفى فى مصر ، ورغم اختلافى مع الخطاب السياسى له ولبعض القوى الإسلامية الجهادية ورؤيتها لمستقبل (مصر والأمة) إلا أن ذلك لا يمنعنى اليوم من أن أقف مدافعاً وبقوة عن اثنين من أبرز قادة الحركة الجهادية المصرية ، وأقصد ؛ عبود وطارق الزمر ، وعن حقهما فى أن يريا الحرية مع انتصار ثورة 25 يناير ، نحن أمام قضية إنسانية وسياسية بامتياز ، إننا أمام معتقلين قضيا الحكم الخاص بهما بل وزاد عليه عدة سنوات بدون وجه حق وبدون سند من قانون (إنهما مسجونان منذ 1981) ، وليسمح لنا القارئ أن نسجل ما يلى على قضية طارق وعبود الزمر واستمرار حبسهما ، مع عشرات من أبناء الحركة الإسلامية الجهادية مثل مجدى سالم والمفكر الكبير د. أسامة حميد الشهير (بأسامة جغرافيا) بعد أن قضوا الأحكام المدانين بها :

أولاً : إنه من باب الحول السياسى ، لمنظمات حقوق الإنسان وكل من ينسب نفسه إلى ثورة 25 يناير الرائعة ، ومن باب النفاق السياسى وركوب الموجة أن تطالب تلك القوى بالإفراج عن المعتقلين السياسيين ، قاصدين فقط الشباب الذين اعتقلوا على ذمة أحداث الثورة ، فهؤلاء مع كامل احترامنا لهم وطلبنا أن يتم الإفراج عنهم فوراً ، ليسوا وحدهم الأبطال فى هذه الثورة ، إذ إن كل من سجن أو عذب أو أهين بسبب مواقفه السياسية على مدار الثلاثين عاماً الماضية (فى ظل حكم الطاغية حسنى مبارك) المطلوب ضمه إلى قائمة المعتقلين السياسيين المطلوب فوراً الإفراج عنهم ، فى نفس اللحظة التى سيفرج فيها عن معتقلى ثورة 25 يناير وفى مقدمة هؤلاء يأتى طارق وعبود الزمر ، فهما لمن لا يعلم من أوائل من قاوموا نظام السادات الذى أفرخ لنا نظام مبارك ، ربما يختلف البعض معهما فى (وسائل المقاومة) وأنها كانت مسلحة وليست مدنية ، ولكنهما والعديد من شباب الجماعات والحركات الإسلامية وقتذاك (نهاية السبعينات) دُفعوا دفعاً إلى الصدام المسلح مع نظام كامب ديفيد الذى كان يقوده السادات ونائبه حسنى مبارك ، وأياً كان الموقف من السادات ، فإنه فى نظر العديدين – وأنا منهم – فرط فى الأمن القومى لمصر بعقده اتفاقية كامب ديفيد وورط مصر فى علاقات تبعية مع واشنطن لانزال نعانى منها حتى اليوم ، وهو الأب الروحى لنظام الفساد والاستبداد الذى قاده حسنى مبارك ، فلماذا لا نحترم جهاد عبود وطارق الزمر ، حتى لو اختلفنا معهما ؟ ، وإذا كان شباب وشيوخ ثورة 25 يناير قد خلصوا مصر من نظام حسنى مبارك ، فإن عبود وطارق الزمر ومجدى سالم وأسامة حميد وغيرهم وشباب تنظيم الجهاد الإسلامى قد خلصوها من أنور السادات ، ولا فارق عندى ولا عند المؤرخين المنصفين بين نظام مبارك ونظام السادات فكلاهما واحد ، وعليه ، وجب التعامل مع هذين المجاهدين (طارق وعبود الزمر) بما يليق بهما تاريخياً وسياسياً قبل التعامل القانونى ، والسياسى .

ثانياً : إذا كان دعاة النظام الجديد ، والثورة الجديدة ، يقولون إننا ندخل عصراً من الانفتاح على الآخر ومن الحرية والتسامح السياسى ، فلماذا يستثنى عبود وطارق الزمر من هذا التسامح وتلك الحرية ؟ خاصة وكلا الرجلين قد طورا أفكارهما وإن كانا لم يوقعا على بياض لصالح المجرم حبيب العادلى فى زمن (المراجعات) الشهير ، لقد ظلا على تمسكهما بآرائهما السياسية والدينية ، ولكن مع تطور ونضج فكرى عال المستوى ينشر بعضه على المواقع الإسلامية ، وصار أقرب إلى الدعوة السلمية منها إلى الدعوة الجهادية العنيفة ، ولقد حضرت مناقشة رسالة الدكتوراه لطارق الزمر فى كلية الحقوق جامعة القاهرة منذ سنوات وكان الصديق العلامة الكبير المستشار طارق البشرى هو المناقش له ، وحصل طارق الزمر على درجة امتياز فيها ، وبدا أثناءها كيف أن طارق قد أصبح من دعاة الوسطية الإسلامية السمحة ، وبدا للجميع كيف تطور فكرياً ودعوياً لينهج منهج الوسطية الإسلامية بعيداً عن مغالاة بعض الفرق السلفية ، ونفس الأمر يقال عن الشيخ عبود الزمر، فإذا كان هذا هو حال الرجلين ، فلماذا لا يفرج عنهما ؟ ولماذا تكيل المنظمات الحقوقية ودعاة الثورة بمكيالين فيطالبون بالإفراج فقط عن معتقلى 25 يناير أو معتقلى الإخوان ولا يفرج عمن تبقى من أبناء تنظيم الجهاد الإسلامى والجماعة الإسلامية ، وفى مقدمتهم طارق وعبود الزمر؟

* إننا فى هذا المقام أطالب نقابة المحامين والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان بتبنى البلاغ المهم الذى تقدم به الأخ والصديق الأستاذ / ممدوح إسماعيل (المحامى الإسلامى المعروف) والذى رغم اختلافى معه فى بعض القضايا السياسية والدينية إلا أننى أحييه بالغ التحية على تبنيه لهذه القضية ، قضية الإفراج عن عبود وطارق الزمر ، فى زمن تقاعس فيه الكثيرون ، أو ركبوا فيه موجة ثورة يناير طريقة انتهازية لا تليق لا بدعاة حقوق الإنسان ولا بالثوار،الحرية لعبود وطارق الزمر ، ولكل سجناء الرأى طيلة عهد مبارك والعار لجلاديهم .  


 

(6)

انتبهوا : بنوك الغرب ستسرق الأموال

باسم تجميدها !

من بين قضايا (الثورة) التى لم يتوقف أمامها المراقبون بالقدر الكافى ، أو بالقدر الذى توقفوا فيه عند قضايا من قبيل فساد واستبداد نظام مبارك استوقفتنى قضيتان :

الأولى : قيام الحكومة السويسرية بتجميد مئات الملايين من الدولارات والفرنكات السويسرية وفقاً للمتحدث باسم الخارجية السويسرية (أدريان سولبيرجر) ، وهذا الإعلان ليس سوى جزء من لعبة سويسرية وغربية تاريخية مستمرة للاستيلاء على الـ 400 مليار دولار عربى الموضوعة فى بنوك سويسرا منذ سنين وعلى نفس المنوال قامت بنوك أوروبية وأمريكية أخرى .

القضية الثانية : هى حزن السلطات الإسرائيلية على رحيل مبارك لأنه كان رجل الخدمات السياسية والاقتصادية والمخابراتية الأكبر فى المنطقة العربية ، بل والعالم ، وتبدى ذلك فى عشرات التصريحات والتحليلات الاستراتيجية فى الصحف الإسرائيلية .

إن هاتين القضيتين تثيران أمام المراقب لدراما الثورة المصرية التى يحاول البعض سرقتها عدة ملاحظات نسجلها فى الآتى :

أولاً : إن سويسرا ، كما هو الغرب ، ليس صديقاً مؤتمناً ، لا فى السياسة ولا فى البنوك ، إنهم يتعاملون ببراجماتية عالية نحونا ، حكاماً أو رجال أعمال أو شعوباً ، إن الهدف هو مزيد من امتصاص الثروات التى تتمتع بها هذه البلاد ، ومزيد من خلق أواصر التبعية المهينة لبلادنا بهم ، أسواقاً وسياسات ؛ إن ادعاء سويسرا أنها تصادر أموال (مبارك ومن قبله زين العابدين) احتراماً للرأى العام المصرى أو التونسى هو الخدعة الكبرى التى لا ينبغى أن تمر ، فهؤلاء لا يشغلهم كثيراً هذا الرأى العام ، لقد قاموا من قبل بقتل أصحاب أموال عرب وصُور الأمر على أنه حوادث قتل أو اغتيال غير مقصودة ، لكى يستولوا على أموالهم المودعة فى البنوك السويسرية سيئة السمعة (الآن) !! وهناك عشرات الحالات التى تؤكد ذلك ، وعليه فإنهم استغلوا حالة الفوضى التى ألمت بمصر وعدم الاستقرار بها حتى الآن ، وكذلك فى تونس ، والإشارات المهمة التى وردت لهم بأن ثروة مبارك تعدت الـ 40 مليار وأن ثروة زين العابدين وزوجته وأقاربه تقترب ليس من 5 مليارات يورو بل من 15 مليار يورو مودعة – نصفها على الأقل – فى بنوك سويسرا ، الأمر الذى أسال شهية لوبى المال الحرام الحاكم فى سويسرا ، والكاره بطبيعته لكل ما هو مسلم أو عربى مغفل (ذهب بأقدامه ليودع ثروته الحرام فى بنوكها) فأصدروا القرارات سالفة الذكر ، إنه قرار لا يستهدف مصلحة الشعب المصرى أو التونسى إنهم ببساطة يريدون الاستيلاء على هذه الثروة لمصلحتهم ولا بأس أن تستفيد منها أيضاً إسرائيل تماماً مثلما استفادت عندما قام رجال أعمال قطريون وسعوديون وإسرائيليون بعمل مشروع استثمارى مشترك رأس ماله حوالى 2 مليار دولار (العام الماضى 2010) يستفيد منه المواطن السويسرى (وليس العربى!!) بإشراف بنك (كريدى سويس) .. إنه الابتزاز السويسرى الذى يستغل الفرص لنهب ثروات العرب بأسماء زائفة آن أوان كشفها تارة باسم الاستثمار ، وتارة أخرى باسم احترام الرأى العام الثائر .

أما القضية الثانية فهى هذه العلاقات التى كانت دافئة بين نظام مبارك والكيان الصهيونى ، وهذه القضية تحديداً تحتاج إلى دراسات مُتعمقة ، خاصة أن قضية كامب ديفيد وآثارها الخطيرة على مستقبل مصر ودورها العربى بل وحريات حقوق الإنسان بداخلها آثار معروفة ومهمة ، ومن الخطأ أن ينساها الثوار باسم الانشغال بالشأن المصرى الداخلى لأن مصر ستدفع ثمنها غالياً فى الشهور وليس السنوات القادمة ، فلا فرق لدينا بين مقاومة الاستبداد ومقاومة الهيمنة والمرحلة القادمة سوف تفرز هذا جيداً ، إن أمريكا وإسرائيل اللتين تسعيان الآن للحوار مع بعض القوى السياسية والتقى مسؤولوها للأسف ببعض السياسيين والشباب المحترمين ، سوف يكون من الخطأ الكبير، الثقة فى أى وعود من هاتين الدولتين ، لأنهما كانتا تحميان مبارك ونظامه ، وهم الأحرص الآن على عودته ثانية سواء بشكل مباشر أو عبر وكلاء من ساسة وعسكر وإعلاميين ، إن الثورة المضادة بدأت ، فانتبهوا يا أولى الألباب!!


 

(7)

نحو ائتلاف للحرية ودعم المقاومة

لاشك أن ثورة 25 يناير ، ورغم عدم اكتمال انتصارها ، إلا أنها مثلت زلزالاً مدوياً دك أركان النظام السابق ، وأدى إلى تهاوى رموزه ، وقيمه ومؤسساته ، واحدة إثر أخرى ، إلا أن المحبين لهذه الثورة ، الخائفين عليها ، يخشون سرقتها أو الانقضاض عليها من الثورة المضادة ، تلك التى يقودها الآن ثالوث مكون من ثلاث فرق :

الفريق الأول من المتأمركين الأكاديميين والإعلاميين السياسيين (من عينة مندوبى معهد كارينجى والحاصلين على جوائز وولف الإسرائيلية ونوبل الأوروبية وغيرهم) الذين يحاولون الاندساس وسط الثورة ، وخطف انتصارها .

أما الفريق الثانى فهو من الراغبين فى ركوب موجة الثورة من الانتهازيين السياسيين الذين اعتادوا العمل مع كل العصور والحكام .

أما الفريق الثالث من هذا الثالوث فهم بقايا النظام السابق من إعلاميين وساسة ورجال أعمال وعسكر ، هؤلاء يمثلون معاً ثالوثاً غير مقدس يعمل معاً أو كل على حدة ، على خطف ثورة 25 يناير وإجهاضها ، وتحويلها تدريجياً إلى (حكم مبارك معدل) ؛ ولكى يتم ضرب هذا المخطط ، لابد من فتح آفاق سياسية أوسع أمام هذه الثورة ، وهذا الفتح سوف يؤدى مباشرة إلى إجهاض مخطط الثالوث غير المقدس سالف الذكر ، ولعل الاهتمام بتشكيل آلية وطنية للضغط المستمر لتنفيذ المطالب الوطنية الداخلية ، مع الاهتمام بإعطاء الثورة بُعدها العربى ، والمقاوم هو القادر وحده على ذلك ، وحتى لا تبدو الثورة مجرد ثورة للجوعى أو لتغيير بعض بنود الدستور ، إنها ثورة مصرية ذات رسالة عربية وإسلامية ؛ وفى هذا السياق جاء المؤتمر السياسى الموسع الذى عقده ممثلو القوى الوطنية المصرية فى 19 فبراير 2011 فى مقر مركز يافا للدراسات والأبحاث بالقاهرة ، وإعلان القوى المساهمة فى المؤتمر تأسيس (ائتلاف ثورة 25 يناير للحرية ودعم المقاومة العربية) ، وجاء فى البيان التأسيسى للائتلاف أن الهدف من إنشائه هو اعطاء ثورة 25 يناير بُعدها العربى والمقاوم لإسرائيل وأمريكا ، والذى اُفتقد خلال الفترة الماضية ، ولم يتم تضمينه فى العديد من البيانات الصادرة عن الحركات والتيارات المناضلة المشاركة فى ثورة 25 يناير ؛ وأكد المشاركون فى المؤتمر على أن مقاومة الاستبداد وإسقاط الأنظمة الفاسدة ، مثل نظام مبارك ، لن يتم بشكل كامل ونهائى إلا بمقاومة المشروع العدوانى الأمريكى والإسرائيلى على الأمة ، فالاستبداد والهيمنة والتبعية كل لا يتجزأ ، ومن واجب القوى الشعبية والشبابية التى فجرت ثورة 25 يناير أن تعلن للأمة العربية والإسلامية أنها تقف فى صف المقاومة فى العراق وفلسطين ولبنان ، وكل مكان فى العالم العربى والإسلامى يتم فيه مقاتلة العدو الأمريكى والإسرائيلى ، ومن واجبها أيضاً أن تحمى ثورتها من الوجوه الأمريكية والإسرائيلية التى تحاول خطفها تحت دعوى أن هذه الثورة ، تهتم بمصر فقط دون باقى الأمة .

* هذا وقد أجمع المشاركون فى المؤتمر على أربع قضايا رئيسية :

أولاً : تحية شهداء الثورة والتأكيد على استمرارها حتى يتم إنجاز الأهداف العليا التى اتفقت عليها كافة القوى الوطنية التى فجرت هذه الثورة ، والتى ناضلت وسجنت واضطهدت طيلة الثلاثين عاماً الماضية من أجلها وليس فقط خلال الثمانية عشر يوماً فقط .

ثانياً : إنهاء كل رموز ومؤسسات النظام القديم الفاسد ، والسعى لبناء مصر الثورة على أسس وقيم ومؤسسات جديدة وديمقراطية تحقق العدالة الاجتماعية والحرية السياسية .

ثالثاً : العمل بكل جهد من أجل استرداد أموال وأراضى الشعب المنهوبة ، والإفراج الفورى عن كافة المعتقلين السياسيين ، وإنهاء كل القوانين المقيدة للحريات .

رابعاً : الربط بين ثورة مصر والمقاومة العربية ضد الكيان الصهيونى، والأمريكى وضد الاستبداد،والعمل على تجسيد عروبة مصر سياسياً وقومياً.

ولقد شارك فى المؤتمر ممثلون عن قوى اليسار المصرى والتيار الناصرى والتيار الإسلامى والأزهر الشريف (فضيلة الشيخ جمال قطب) فضلاً عن عدد من الشخصيات العامة مثل : د.عبد الله الأشعل المفكر المعروف ومساعد وزير الخارجية الأسبق – أ. عبد القادر ياسين المناضل والمؤرخ الفلسطينى المعروف – اللواء د. وجيه عفيفى مدير المركز العربى للدراسات الاستراتيجية) ، وعشرات من شباب 25 يناير الذين شاركوا فى الثورة فعلياً .

إن إعلان هذا الائتلاف ووضعه لعدد من الخطط العملية لأنشطته للفترة المقبلة لهو الرد الأول الجاد على محاولات خطف أو سرقة الثورة المصرية العظيمة ، ونحسب أنه على كافة قوانا الوطنية الشريفة التى شاركت فى الثورة أن تبادر بمبادرات شبيهة سياسية وإعلامية ، لضرب الثالوث غير المقدس الذى يـعده وينفذه اليوم حلف أعداء الثورة وسُراقـها . والله أعلم .


 

(8)

نواة وطنية صلبة لمنع أمركة الثورة

إن المؤامرة الأمريكية – الإسرائيلية لسرقة ، وإجهاض الثورة الشعبية المصرية ، تجرى على قدم وساق ، وهى تتم أحياناً بشكل مباشر وأحياناً أخرى عبر وكلاء ، ومندوبين يتحدثون لغتنا، ولكنهم ينتمون قلباً ، وروحاً إلى تل أبيب وواشنطن ، ويتشكلون من ثلاثة أجنحة : جناح إعلامى تقوده بعض الصحف المسماة بالمستقلة وبعض الفضائيات المستعربة (كالعربية) الشهيرة فلسطينياً وعربياً بقناة (العبرية) لتبنيها للمشروع الصهيونى ، وجناح سياسى يقوده من يسمون بدعاة الاهتمام بالداخل المصرى دون مقاومة الاحتلال أو دون اهتمام بالشأن العربى ، وجناح عسكرى تربى على مناورات النجم الساطع وعلى التواصل السرى مع واشنطن ، وللرد على هؤلاء ، وعلى المؤامرة ذاتها ، دعا المفكر والمناضل الدكتور أشرف البيومى ، نخبة من الرموز الوطنية المصرية ، لتتحاور وتتفق ، حول ضرورة إنشاء ملتقى أو نواة وطنية صلبة، للرد على محاولات أمركة الثورة ، ولبناء مشروع وطنى مضاد ، ولقد تداعى إلى اللقاء ، عدد كبير من السياسيين والمفكرين وكانت الجلسة الأولى مساء الأربعاء 23/2/2011 فى نقابة الصحفيين ، وتحدث فيها كل من (د. أشرف البيومى – د. سهير مرسى – أ. أحمد عز الدين – د. عمرو كمال حمودة – د. مصطفى اللباد – د. يحيى القزاز - د. سمير مرقص – د. محمد السعيد إدريس – د.مجدى قرقر – الفنان عمرو واكد – أ.عبدالعظيم المغربى – د. عبد الحليم قنديل – وكاتب هذه السطور – وآخرين) ، ولقد تضمنت الورقة التمهيدية المهمة التى وضعها د. أشرف البيومى للحوار وبدء إنشاء النواة الوطنية الصلبة على النقاط التالية :

1 – ضرورة نبذ منهج التجزؤ وفصل القضايا المرتبطة عضوياً (الاستقلال والسيادة الوطنية والاقتصاد الإنتاجى المستقل والعدالة الاجتماعية والحريات ومحاربة الفساد) أو اعتماد منهج تتابعى بما يشكل منفذاً للتآمر والتلاعب وتوظيف النشاط لصالح قوى الهيمنة .

2 – السلطة بمعنى تحالف الأجهزة الأمنية والثروة والإعلام ومراكز القوة المختلفة مازالت قائمة بل إن استمرار حكومة أحمد شفيق التى اختارها الرئيس السابق وأدت اليمين أمامه هى تجسيد لهذا الاستمرار كما أن التعديلات الأخيرة والمقاييس التى حكمت اختياراتها لخير دليل على أنها محاولة من محاولات الاحتواء الواضحة وحالة الإنكار بأننا بصدد ثورة شعبية حقيقية وليس مجرد إصلاحات هامشية ، ورغم الإنجاز العظيم بإجبار الرئيس على " التنحى " واستقالة وسجن بعض الرموز إلا أن النظام القديم مازال قائماً بمؤسساته الإعلامية والاستبدادية ومثقفيه وأصحاب الثروة الهائلة ومحافظيه .. إلخ ، كما أنه مما لاشك فيه أن قدرة النظام فى التلاعب بمكتسبات الثورة لا يصح الاستهانة بها خصوصاً وأن بعض الاتجاهات السياسية والشرائح المجتمعية لا تمانع فى مساومة السلطة فى نظير بعض المكتسبات الآنية .

3 – إن الضمان الأساسى هو استمرار الجماهير وإصرارها على تحقيق الأهداف العاجلة التى نذكر منها إقالة حكومة أحمد شفيق وإنهاء حالة الطوارئ والإفراج الفورى عن كافة المعتقلين السياسيين وحل أجهزة مباحث أمن الدولة وحل اتحادات ونقابات مهنية وعمالية تتحكم فيها أجهزة الأمن من خلال قيادات انتهازية وفاسدة ورفع الحصار عن غزة وإلغاء اتفاق الكويز وإلغاء تعاقدات بيع الغاز للكيان الصهيونى .

4 – ضرورة تشكيل ملتقى فكرى وطنى مرجعيته المعرفة والتحليل العلمى الجاد وليس الثقافة الانطباعية غير الدقيقة يهدف إلى : التقييم الموضوعى للأحداث والمخاطر وما يُحاك فى الخفاء والعلن . إن وسيلة تفتيت المثقفين الوطنيين ومنع التقائهم وتكوينهم كتلة حرجة تكون بمثابة قاطرة ثقافية للمجتمع هو دائماً من الوسائل الناجعة لقوى الهيمنة المحلية والأجنبية يُستخدم فيها التمويل الأجنبى والإعلام المغرض والتضييق الأمنى ولهذا يصبح فى المقابل ضرورة تواجد نواة وطنية واعية تحمى المجتمع من التلاعب به ، ومما لاشك فيه أن الفكر والمواقف الجماعية هى أكثر قوة وتأثيراً من المواقف الفردية كما أنها تحظى باهتمام أكبر من قبل الشعب .

5 – صياغة تصورات استراتيجية لنهضة الوطن ذات ركائز : الحرية والعدالة الاجتماعية والاقتصاد الوطنى المعتمد على الإنتاج والعلم والسيادة الوطنية بكافة معانيها .

6 – وسائل هذا الملتقى هى الدراسة والبحث واتخاذ المواقف الوطنية المعتمدة عليهما والكتابة والنشر بالوسائل التقليدية والالكترونية بهدف التوعية لقطاعات أوسع من الشعب .

* هذه هى ملامح الملتقى أو النواة الصلبة لحماية الثورة وتكوين عقل سياسى وفكرى جاد لها لذا نتمنى على كل المفكرين والمثقفين والساسة الأحرار والشرفاء من غير المرتبطين بالأجندة الأمريكية ، أن يبادروا لتبنى أفكار هذا الملتقى (الذى تقرر موعده الأسبوعى فى السادسة مساء كل أربعاء فى نقابة الصحفيين) والعمل على تفعيل أفكاره بالحوار الجاد ، والمشاركة ، والعمل ؛ وفى ذلك فليتنافس المتنافسون .


 

(9)

رئاسة (الأهرام) ؟

(بين المطبعين .. ولصوص أراضى الطريق الصحراوى)

لقد بات من المؤكد فى الوسط الصحفى ، أن أيام عبد المنعم سعيد وأسامة سرايا ، فى الأهرام، باتت معدودة ، ورغم محاولة الأول الالتفاف على الثورة ونتائجها ، بسلسلة مقالات (لزجة) ، وموجهة لأهداف أمريكية ، باتت مكشوفة ومفضوحة لسرقة الثورة ، إلا أنه لم يعد مقبولاً – هو - وأسامة سرايا ، وكل أركان لجنة السياسات من صحفيى الأهرام ومركز دراساته الاستراتيجية ودورياته المتخصصة ، لقد باتوا مكشوفين للجميع ، وبخاصة لدى صحفيى الدار (مؤسسة الأهرام) ؛ وهم إذ يحاولون تجميل صورتهما بالكلام الجميل عن الثورة، وعن استبداد أو فساد النظام السابق ، يدينان أنفسهما من حيث لا يدريان ، لأنهما كانا شريكين فى جرائم النظام السابق ضد الشعب المصرى ، وخاصة جريمتى التضليل الإعلامى ، وهى أخطر لدينا من ملفات الفساد والقتل ، وجريمة التطبيع مع العدو الصهيونى ، والمعلوم لدى أصحاب العقول والفطرة السليمة ، أن من فرط فى الوطن وقيم الوطنية كمن فرط فى الدين ، وهو بالتأكيد شخص لا أمان له ، ولا يمكن أن يؤتمن على أى عمل أو مؤسسة فى وطنه والمؤسسات الإعلامية ، تأتى فى مقدمتها .

* إن بورصة الأسماء ترشح العديد من الشخصيات التى من المحتمل أن تأتى لرئاسة مجلس إدارة الأهرام ورئاسة التحرير ، بعضها من داخل المؤسسة (وهذا لا غبار عليه) شرط أن تكون ذات تاريخ مهنى ووطنى نظيف ، وأن تحوز بالأساس على قبول غالبية الصحفيين والإداريين بالأهرام ، وهو شرط ينبغى أن تنتبه إليه الحكومة الحالية أو المجلس العسكرى ، وبعضها الآخر من خارج المؤسسة ونحن وغيرنا من المدركين لقيمة ومنزلة (الأهرام) ، لا ننصح به ، أحد هؤلاء يتردد أنه يرأس الآن صحيفة خاصة ، وصاحبها أو مالكها من لصوص أراضى الطريق الصحراوى ، واشتهر عنه ابتزاز وزير الزراعة السابق والحالى من خلال حملات إعلامية مشبوهة عبر رئيس تحريره المغرور رغم تواضع مستواه المهنى ، والمتهم فى قضايا سمسرة ومقاولات ، وأشياء أخرى لا يليق أن ننشرها فى هذه الصحيفة المحترمة الآن ولكن ربما ننشرها لاحقاً عندما يحين موعد فتح الملفات الصحفية كلها ، المهم هذا الذى يُمنى نفسه برئاسة تحرير الأهرام ، سيكون من الخطأ البليغ أن تأتى به الحكومة أو المجلس العسكرى تحت دعوى أنه صحفى ناجح وصحيفته ناجحة ، فهذه حجة ، يرى (الأهراميون) وأغلبية الجماعة الصحفية أنها أكذوبة ، وأن ثمة عوامل أخرى تقف خلف رواج أو نجاح صحيفة هذا (المغرور) منها امتلاكها ولاشك لشباب صحفى مخلص ، يؤدى عمله باحتراف واقتدار ، ومنها مال وفير يضخ على الماكينة الإعلامية ليغطى أى جوانب عوار أو نقص ويعوضها ، بدءاً بطباعة أعداد كبيرة يعود نصفها كمرتجع ، وصولاً إلى الاستعانة ببيوت خبرة أجنبية ، يتردد أن بعضها على اتصال وثيق بالسفارة الأمريكية والإسرائيلية ، يعنى النجاح ليس قرين شخص (رئيس التحرير) المنفوخ غروراً وجهلاً ، أو مالكها حرامى أراضى الطريق الصحراوى الذى لا نفهم لماذا يخاف وزير الزراعة الحالى من فتح ملفه مثلما فتح ملف الجمال وراسخ ومظهر والوليد بن طلال ، لماذا ؟ هل على رأس وزير الزراعة بطحة ؟ أم على رأس حرامى الأراضى الصحراوية ريشة ؟! على أية حال ، قضية رواج أو نجاح تلك الصحيفة تعود لعوامل عديدة ، ليس من بينها رئيس تحريرها المنفوخ) ، وعليه سيكون خطأ بليغاً من (الحكومة الانتقالية الحالية) أو من المجلس العسكرى إن هم اختاروا هذا الشخص ، أو غيره ممن هم خارج (الأهرام) ، لمجرد أنه يمتلك بروباجندا من الأصدقاء وبرامج التوك شو التى يعمل بها (أوفر تايم بـ 50 ألف جنيه فى الشهر)، والانتهازيين ، الذين يقدمونه جميعاً، وكأنه أعجوبة زمانه رغم ضآلة موهبته وعلمه وكفاءته .

* إن (الأهرام) مؤسسة قومية كبرى وعريقة ، ولا يليق أبداً أن يجلس على مقعد رئاسة التحرير والإدارة بها من هم من خارجها أو من هم متهمون فى شرفهم الوطنى ، من المطبعين ، والفاسدين ، وأنصاف الموهوبين .

إن (الأهرام) ملئ بالمواهب والكفاءات ، ومن حقها على (الحكومة) أو المجلس العسكرى أن تلتفت إليهم دون أن يخضعا لابتزاز رخيص أو تقارير أمنية أو مخابراتية مثل تلك التى كانت سائدة فى عهد النظام الغابر .

إن (الأهرام) ليست مجرد صحيفة ، إنها (قيمة) وهى ليست مجرد مؤسسة تصدر صحفاً أو تنشئ مشاريع اقتصادية ، إنها (رمز) و(معنى) يهم عموم المصريين وليس أبناء الأهرام وحدهم ، ولا ينبغى أن يغتال هذا المعنى أو يُقزم ، نرجوكم ، فكروا جيداً ، ولا تكرروا أخطاء الزمن الرديء التى تكاد الأمة كلها اليوم تعجز عن علاجها ، نرجوكم كما نرجو صحفيى الأهرام الشرفاء أن ينتبهوا جيداً ، قبل أن يأتى إلى رئاسة الأهرام ، من يجعلنا نندم على الزمن الرديء الماضى ونتمنى عودته ، زمن فيلسوف لجنة السياسات ورجل التطبيع عبد المنعم سعيد .. وتابعه أسامة سرايا !! فلتبدأوا زمناً جميلاً نقياً يليق بهذه الثورة وبشهدائها!! 


 

(10)

هل يؤمرك رجال معهد كارينجى والسفارة الأمريكية (الثورة) ؟!

فى أحد برامج فضائية (B.B.C) يوم الأربعاء 23/2/2011 تحدث المدعو/ عمرو حمزاوى الباحث الهابط على ثورة 25 يناير من معهد كارينجى للسلام والذى يرأسه مروان المعشر سفير الأردن السابق لدى العدو الصهيونى ، والمتحدث الرسمى باسم الوفد الأردنى فى مباحثات السلام مع العدو عام 1991 ، ويعمل الآن نائب رئيس البنك الدولى وهو بنك سيىء الصيت ، ومعهد كارينجى هذا معهد معروف بعلاقاته الوثيقة بالإدارة الأمريكية وإسرائيل ، لقد تحدث السيد عمرو حمزاوى فى الـ(B.B.C) بطريقته المثيرة للابتسام ، حيث يتقافز من المقعد ويحرك يديه باستمرار مع شعره المنكوش ، محاولاً أن يقدم حاله كمفكر ومناضل ؛ تحدث ليهاجم وينتقد من يطالب بإلغاء اتفاقية كامب ديفيد أو اتفاقية الغاز والكويز مع العدو الصهيونى ، ويقول (حسن فعل المجلس العسكرى حين أعلن التزامه بذلك) ، وبعد قليل هاجم المجلس العسكرى وطالبه (بعدم عسكرة البلد وضرورة أن يتوقف عن أسلوب استدعاء المثقفين والقوى ليتحاور معها ، بل لابد أن يجلس مع الكل) ، عندها حاولت أن أفهم هل (حمزاوى) مع (المجلس العسكرى) أم ضده ؟ أم هو فقط مع المجلس حين يحافظ على كامب ديفيد والعلاقات والاتفاقات مع إسرائيل وأمريكا ؟ ، وهو ضده عندما يحاول الجيش أن يكون ضمانة للتحول الديمقراطى ؟ ، الأخ عمرو حمزاوى بصراحة ، يثير الحيرة ، فالرجل هبط علينا فجأة بعد غربة طويلة فى بلاد العام سام ، وجاء وفى يده (مأمون فندى) ليطل علينا 6مرات فى اليوم عبر القنوات الأمريكية الناطقة بالعربية مثل (الجزيرة والعربية وB.B.C) وغيرها من الفضائيات العربية والأجنبية حتى مللنا طلته البهية ، ثم وجدنا سيادته فجأة عضواً فى لجنة تسمى بلجنة الحكماء برئاسة الدكتور كمال أبوالمجد للتوسط بين مبارك والثوار وبعد فشلها الذريع تحول إلى ثورى بدلاً من أن يعتذر ويعتزل عن محاولات تلك اللجنة لإجهاض الثورة باسم حمايتها،إلى الحد الذى أسماها الصديق عبد الحليم قنديل بـ(لجنة اللقطاء) .

* المهم ، جاء إلينا سيادته فجأة لينصحنا ويقدم لنا خلاصة علاقاته واتصالاته وخبرته مع إسرائيل وأمريكا ، ونحسب أن فى مصر من العقول الوطنية ، والتى دفعت أثماناً باهظة من عمرها وعملها فى مواجهة النظام الاستبدادى السابق ربما قبل أن يولد سيادته ، هى الأقدر والأجدر بالنصح ، وبالتالى مصر التى نعرفها ، والتى لم نفارقها فى غنى عن نصائح السيد (حمزاوى) ؟ خاصة إذا جاءت على غير هوى ورؤية غالبية المصريين ، التى ترى يا سيدى أن مقاومة الاستبداد قرين مقاومة التبعية ، وأنه لا يستقيم عقلاً أو مصلحة أن تدعو لإسقاط أسس نظام فاسد ومستبد مثل نظام مبارك دون أن تسقط معه الاتفاقات والعلاقات التى كانت تمده بشريان الحياة ، وأقصد بها تلك الاتفاقات البائسة والمذلة ، والمهينة مع إسرائيل وأمريكا والتى أسقطت عشرات الشهداء خلال الثلاثين عاماً الماضية من سليمان خاطر ومروراً بمحمود نور الدين (ثورة مصر) وانتهاء بـ أيمن حسن ، ودون التوقف بعمق أمام الغطاء الشرعى الذى أعطته هذه الاتفاقات لـ 45 شبكة تجسس وتخريب إسرائيلية على مصر خلال الفترة من (1979 – 2011) ، ودون التوقف وبوطنية – عادة لا يعلمها ولا يحبها معهد كارينجى – تقول بأن القنابل والرصاص الذى كان يُضرب به أبطال ميدان التحرير وميادين مصر كلها كان صناعة أمريكية .

* إن الاستبداد لدى الوطنيين المحترمين - يا سيد عمرو حمزاوى – هو الوجه الآخر للتبعية والعلاقات المذلة مع العدوين الأمريكى والإسرائيلى ، ومن لا يدرك ذلك أو يتذاكى علينا ، فهو بالعامية الدارجة ، إما (أهبل) ، أو (بيستهبل) ، وأحسبك لست من الاثنين ، فأنت ، والمعهد الذى أتيت منه ، ورئيسه / مروان المعشر صاحب العلاقات المخابراتية والسياسية مع العدو الصهيونى ، من الذكاء بحيث تعلمون جيداً ماذا تفعلون بالضبط فى هذه الثورة وبها؟ وعتابى ليس عليك ، فمن يقبل أن يعمل فى معهد له هذه العلاقات مع إسرائيل وأمريكا ، لا تثريب عليه ، لكن عتابى هو على بعض الأصدقاء من المثقفين الوطنيين ، الذين يعلمون هذه الحقائق عن دور معهد كارينجى والمؤسسات الأخرى التابعة لواشنطن والسفارة الأمريكية ، وبنيتهم لأمركة الثورة وسرقتها ومع ذلك يقبلون بالتعامل مع رجالها وعناصرها المدفوعة إلينا والهابطة بالبراشوت على الثورة فجأة ، بل وينشئون معهم معاهد لتنظيم مستقبل الثورة !! وبصراحة تعودناها ، نقول لكم إن أية دعوة لا تربط بين مقاومة استبداد النظام السابق ومقاومة التبعية وإهانات وإجرام السفارتين الأمريكية والإسرائيلية بالقاهرة ، هى دعوة مشبوهة ، وهى دعوة مطلوب فضحها على أوسع نطاق ، وهذا واجب المثقفين الوطنيين ، الذين لا ينبغى أن يخدعهم ، هبوط رجال كارينجى ورجال الإدارة الأمريكية والإسرائيلية بأجنحتها السياسية والأكاديمية والإعلامية) على ثورة ميدان التحرير ، وميادين مصر ، فجأة يوم 25 يناير ، إن الواجب الوطنى يطلب أن يتصدى الجميع ، لهؤلاء قبل أن يفسدوا علينا الفرح ، أو يسرقوه ، ويؤمركوا أو يأسرلوا (نسبة إلى إسرائيل) الثورة ، قبل أن يكتمل عرسها ؛ إن خطابهم خادع ، وبراق ، ولكن ليس كل ما يلمع ذهباً ، فانتبهوا يا أولى الألباب .

 

فهرس الكتاب

الموضــــــــوع

الصفحة

مقدمة

5

الباب الأول

مقالات موسعة فى الثورة .. المسيرة والمصير

7

الفصل الأول

نعم .. ليرحل النظام .. ولكن ليأخذ معه الثالوث الأمريكى المعدل

(البرادعى – عمرو موسى – أحمد زويل)

9

الفصل الثانى

أسئلة الثورة المسروقة

19

الفصل الثالث

الثورة يصنعها الشرفاء ويسرقها " الأوغاد "

27

الفصل الرابع

لماذا لا يفتح ملف الفساد عن آخره ؟!

35

الفصل الخامس

هل تنجح (قناة العربية) فى " إسقاط مبارك " و" أمركة الثورة " لصالح إسرائيل ؟

43

الفصل السادس

لصوصك يا وطن .. متى تفتح الثورة ملفات لصوص أرض مصر المنهوبة فى عهد مبارك ؟

51

الفصل السابع

متى تنتقل شرارات الثورة المصرية إلى البلاد العربية ؟

61

الفصل الثامن

فى جمعة (التحدى) لنظام كامب ديفيد : " ذُق .. إنك أنت العزيز الحكيم "

71

الفصل التاسع

من اغتيال حافظ الميرازى ؟ مشاهد من توابع زلزال الثورة

81

الفصل العاشر

وينزع المُلك ممن يشاء !! دلالات سقوط نظام كامب ديفيد

89

الباب الثانى

تـأمـلات فى الثورة(هوامش على قضايا الوطن)

93

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا