<%@ Language=JavaScript %> بسام أبو عبد اللـه   سورية بين الأصلاحات وقوى الفتنة
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

سورية بين الأصلاحات وقوى الفتنة

 

 

بسام أبو عبد اللـه  

 

تشخص أنظار السوريين في كل مكان، وتتابع باهتمام وعبر شاشات التلفزة هذه الحملة الشعواء التي تهدف إلى ضرب وحدتهم الوطنية، وتمزيق وطنهم، وإنهاء آخر قلعة من قلاع المقاومة، والممانعة، والقوة العربية التي تحتضن المقاومات في هذه المنطقة، وتمانع بطريقة ذكية تجمع ما بين الصلابة في الموقف، وتكتيك السياسة، وتوظيف المتاح أمامها لخدمة الإستراتيجية العربية، والوطنية، والتي تعكس رأياً عاماً داعماً لها بقوة.

لكن السؤال الأساسي الذي يطرحه السوريون، لماذا هذه الشراسة في الهجمة على سورية الآن، وما أهدافها، ومن القوى المشاركة فيها، وكيف يمكن أخذ العبر، والدروس المستفادة، وسأحاول في هذا المقال ترتيب الأفكار بطريقة منهجية تساعد القارئ على فهم ما يجري.

أولاً- الأدوات:
أصبح من الواضح لكل ذي بصر وبصيرة أن أدوات المشروع ضد سورية مختلفة، ومتعددة تم فيها المزج بطريقة خبيثة ما بين مطالب عادلة للمواطنين وأرضية هيأها فاسدون، ومشروع للفتنة.
استخدم أصحاب مشروع الفتنة شركات للمعلوماتية موجودة في دول جوار لسورية مثل (الأردن، ولبنان) بهدف تسويق التحريض ضد سورية، ونظامها الوطني عبر نشر المقالات، والتعليقات، وبث الإشاعات التي خلطت ما بين مطالب الناس، والاستفزاز الطائفي، والتحريض على القتل والفتنة، إضافة لدفع أموال ضخمة لمحطات فضائية معروفة (الجزيرة- العربية- بي بي سي- المشرق- الحرة- المستقبل- فرانس 24- بردى-
ANN... الخ) بهدف شن الحرب النفسية التي تجعلك تستسلم، وأنت في بيتك.
عمل المتعهد الفرعي للمشروع (بندر بن سلطان) على توزيع الأدوار ما بين شبكات على الأرض، ومجموعات التنسيق الإعلامي التي قادها (مروان حمادة، باسم السبع، وهاني حمود)، ونسق لها أمنياً في لبنان (وسام الحسن)، وأما (ايلي خوري) متعهد قوى 14 آذار، و(سعد الحريري)، فقد كان دوره الإغراق الإعلامي، والإعلاني المدفوع الأجر (في المحطات الفضائية)، ومواقع الإنترنت، والمدونات.
وبالمناسبة فإن الدعوات على الإنترنت كثيراً ما تكون دون أسماء أو بأسماء وهمية، سواء فيما يخص الدعوات للتظاهر، أو التحريض المذهبي، والطائفي، أو الحض على القتل، والاقتتال.
وإذا تابعنا ما يجري بدقة فإننا نجد أنهم يحاولون تكرار تجربة عام 2005 أي موضوع اتهام سورية باغتيال الرئيس الحريري، فالأدوات نفسها، ولكن تم تطويرها فمثلاً تم استبدال (شهود الزور مثل زهير الصديق) بشهود العيان غير المعروفين، الذين يتحدثون من استديوهات، أو ينتحلون أسماء وهمية، ويتم تلقينهم المعلومات المطلوبة بهدف الاستمرار في الحرب النفسية.
لكن السوريين، وخاصة الشباب السوري كشف الكثير من هذه الألاعيب، والخدع البصرية، وتركيب الصور، والإيهام بوقوع حوادث لا أساس لها من الصحة بهدف إثارة الرأي العام، والإيقاع ما بين المواطن، وأجهزة الأمن، وما بين المواطن والدولة، وبين المواطنين أنفسهم.
إضافة لكل ذلك فإنهم لم يتورعوا عن توظيف بعض مدعي (التدين) مثل داعية الفتنة (يوسف القرضاوي)، الذين يمكن أن أسميه بأنه الأب الروحي لمشروع الشرق الأوسط الكبير، والذي يجلس وتحته ملايين الدولارات ويلاحق النساء، ويكتب قصائد الغزل والإغواء، ويستخدم منبر الجمعة للدعوة للفتنة، والقتل، وليتحول إلى خبير سياسي، ودستوري، ومختص في الشأن السوري، وهو أقذر أداة في هذا المشروع لأنه يرتدي لباس رجال الدين، ويتحدث لغة (الزعران) وأبناء الشارع.
وقد تمت دعم هذه الأدوات جميعها بمواقف دولية مساندة من الولايات المتحدة، وفرنسا، وبعض الدول الإقليمية، والعربية، وعلى الأقل فإن من لم يتحدث، طُلب منه أن يصمت، يضاف لذلك من يسمونهم الناشطين، وبعض أركان قوى الفساد، والإفساد الذين كانوا في سورية ذات يوم ليتحولوا لاحقاً إلى ما يسمى المعارضة، مثل (عبد الحليم خدام ورفعت الأسد، وكثيرين غيرهما).

ثانياً- لماذا هذه الشراسة:
اعتقد أصحاب المشروع الأميركي الصهيوني الغربي، وأدواتهم المحلية (بندر وتوابعه)، أن الجو مؤات الآن في ظل التحركات الشعبية في العالم العربي إثر ثورتي (تونس ومصر) وما يحدث في اليمن، واجتياح ليبيا، من أجل ضرب سورية، واستخلص هؤلاء دروساً مستفادة من الماضي من أنه لا يمكن مواجهة سورية من الخارج لذلك لا بد من ضربها من الداخل، واستندوا على مجموعة عوامل:
1- تأخر تطبيق برامج الإصلاح التي كانت معدة وجاهزة.
2- وجود مسؤولين فاسدين في أكثر من مفصل أثارت ممارستهم استياء الوسط الشعبي في أكثر من محافظة ومؤسسة في الدولة.
3- انتشار استياء شعبي من الإجراءات، والسياسات الاقتصادية للحكومة المستقيلة والتي أضرت كثيراً بالأوساط الشعبية السورية، والطبقة المتوسطة (إن وجدت)، وتحولها إلى حكومة (رجال الأعمال).
4- ابتعاد بعض المسؤولين عن التواصل مع الناس، وضعف أدوات الرقابة والمتابعة، والمحاسبة، الأمر الذي جعل بعضهم يستهين بحاجات ومطالب الناس.
5- انتشار البطالة في وسط الشباب، والذين تم جذب قسم منهم من تيارات متطرفة، وتجنيدهم للعمل ضد بلدهم.
6- عدم وجود منافذ للتعبير عن كل القضايا السابقة ما شكل أرضية مناسبة لدخول عنصر الفتنة على ذلك.
7- تركيبة سورية الغنية بالطوائف والإثنيات التي تشكل مصدر غناها وقوتها وتميزها، وهم اعتقدوا أنها نقطة ضعفها، فحاولوا أن يضربوا هذا النسيج الاجتماعي الرائع.
وكي أجيب عن السؤال الذي طرحته (لماذا هذه الشراسة)!! لا بد من القول بكل بساطة لأنه تشكل لديهم قناعة بأنه لا يمكن إضعاف، وضرب المقاومة في لبنان، وفلسطين ما لم يتم ضرب القلب الذي يحتضنهم ويدعمهم ولذلك تم تأجيل موضوع المحكمة الدولية، واتهام حزب الله لاعتقادهم أن إمكانية النجاح في سورية ممكنة، وما دامت سورية في هذا الموقف الوطني والقومي والممانع والمقاوم فإنهم سيستمرون في ذلك، وفي كل مرة بمشروع مختلف وأدوات متعددة.

ثالثاً- ترافق الصمود مع الإصلاح:
المطلوب في المرحلة القادمة أن نسير بخطا متوازية أي الاستمرار في صمودنا، ومواقفنا الوطنية والقومية المقاومة والممانعة مع خطط إصلاحية بدأت تباشيرها تتدفق بمعنى أن خط الإصلاح يدعم خط المقاومة والممانعة وانعدام الإصلاح يجعل نهج المقاومة والممانعة الذي تتبعه سورية تتسرب إليه أدوات الفتنة لتحاول ضربه وإضعافه.
وسأشير إلى نقطة مهمة يتابعها الشارع السوري: وهي محاربة الفساد فالفساد أحد أكثر الأمراض خطورة ليس تجاه مناعة سورية فقط، وإنما تجاه مناعة أي دولة في العالم، إذ إن الفاسد لا دين له ولا وطن وهو مستعد لأن يبيع كل شيء من أجل المال، كما أنه من حيث يدري أو لا يدري يهيئ الأرضية للمشروع الكبير الذي تحدثنا عنه، وهو مشروع (الفتنة) ولذلك لا بد من مواجهة هذه الآفة بكل صرامة لأن التغلغل والدخول إلى سورية لضربها من الداخل تم باستخدام أدوات الفساد الإقليمي والعربي والداخلي كما أن الفاسد يبقى ضعيفاً أمام المال من جهة وأمام من أعطاه من جهة أخرى فيتحول في أي لحظة إلى أداة رخيصة ضد وطنه من أجل حماية نفسه، ومن هنا تحدثت عن تحالف قوى الفساد والفتنة فقوى الفتنة استندت إلى قوى الفساد لترفع رأسها وتطل علينا (بكلام حق يراد به باطل).
وبالتالي: فإن الفاسدين لا مصلحة لهم في إنجاز الإصلاحات لأن ذلك سيزيد من إمكانات الرقابة، ويضعف مجال مناورتهم ومنافعهم أضف إلى ذلك أنهم مهيؤون دائماً لنقل البندقية من كتف إلى آخر.

رابعاً-الدروس والعبر المستخلصة:
كشفت الأحداث الأخيرة في سورية مجموعة من الثغرات، التي نحتاج لأن يعمل الجميع على تلافيها، ومنها:
1- أهمية تشكيل إدارة للأزمات تكون مهمتها تكوين فرق عمل لإدارة أي أزمة بطريقة علمية، ومنهجية تبتعد عن الارتجال، وتتفادى المفاجأة في كل مرة، بحيث تتحرك كل أدواتنا بشكل منسق، وممنهج.
2- ضرورة توسيع هامش الحريات الإعلامية سواءٌ في الإعلام الرسمي، أو الخاص، وزيادة عدد الصحف، والمجلات، والفضائيات الخاصة بهدف تقوية الإعلام الذي ثبت أنه إحدى أقوى الأدوات في أي معركة.
3- التركيز على التوعية الدائمة من مخاطر الفتنة، والتأكيد على الوحدة الوطنية، وخاصة لدى عنصر الشباب، بحيث تتحول هذه القضية إلى قضية كل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، والإعلام، لأن التحريض يجري الآن بالأدوات التي تغوي الشباب وهي (الإنترنت)، والاتصالات، والفضائيات.
4- لا يوجد ما يمنع بل لابد من مقاربة كل مشاكل المواطنين بشفافية عبر وسائل الإعلام المختلفة المقروءة، والمرئية، والمسموعة، ذلك أن الإعلام هو السلطة الرابعة، ويشكل إحدى أدوات التعبير من ناحية، والرقابة من ناحية أخرى.
5- أهمية أن يتعامل المسؤول دائماً بشفافية مع المواطن، وأن يتم حل مشكلة التواصل مع الناس، لأن ضعف التواصل يجعل نقل المعلومة متأخراً، وبالتالي يضعفها، ويترك مجالاً للتأويل، واللغط، واستثمار ذلك من القوى المغرضة، وهنا لابد من استحداث منصب (الناطق الرسمي) لكل المؤسسات المهمة ذات العلاقة بالشأنين السياسي، والاقتصادي، والخدمي، بحيث يتم التعاطي بشكل مباشر، وسريع مع أي قضية تطرح، وهو أمر مهم للغاية.
وإذا كان الرئيس الأسد قد أكد في خطابه الأخير أن لا خيار أمام السوريين سوى الاستمرار بالتعلم من نجاحاتهم، وأن أصحاب مشروع الفساد، والفتنة اخطؤوا في اختيار الوطن، والشعب، فإن ذلك يجب أن يدفعنا جميعاً كسوريين للمبادرة بتقديم الأفكار، والحلول الإبداعية في كل ما يخص برنامج الإصلاح الذي انطلق، والذي لا يريدون له النجاح لأنهم يريدون سورية ضعيفة، ملأى بالثغرات التي يستطيعون من خلالها التسلل إلى داخلنا للعبث به.
لكن ما يجب أن يفهمه هؤلاء أن السوريين الحريصين على تعايشهم، وهدوئهم، ووحدتهم الوطنية، هم في نفس الوقت قادرون على خوض أي معركة تفرض عليهم- وكما قال الرئيس الأسد (إذا فرضت علينا المعركة فأهلاً وسهلاً)، وشعب سورية قادر على ذلك ولكنهم سيفاجؤون به كما في كل مرة

 

بسام أبو عبد اللـه  
مدرس العلاقات الدولية في جامعة دمشق

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا