<%@ Language=JavaScript %>
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

منتدى بغداد للثقافة و الفنون

 

بيان حول الثورة التونسية و انتفاضة شعب مصر

 

الياسمين يقهر فولاذ الدبابة

شهدت المنطقة العربية وخصوصا مصر وتونس في الأسابيع الماضية تطوراتٍ دراماتيكيةً فاجأت الجميع وخصوصا المحللين الأوربييين. فقد استطاع شعب تونس أن يكنس حكم ديكتاتور دام طغيانه طويلا وبسرعة مدهشة وبوعي وانضباط نادرين أدى، بالتضافر مع الموقف الواعي والشجاع لقيادة الجيش التونسي، إلى حقن الدماء وفتحِ بابٍ جديد من التطور السلمي النادر في أعقاب ديكتاتورية جثمت طويلا، جوعت الشعب وحسبت عليه أنفاسه.

وقد انطلقت في مصر في الأيام الأخيرة مسيرات مليونية دعا لها المعارضون لحكم حسني مبارك، وامتازت رغم ضخماتها وسعة الطيف الاجتماعي الذي ساهم فيها هي الأخرى بالانضباط العالي وحسن التنظيم، مما فوت الفرصة على الجهات المعادية للتغيير ومنعها من القيام بأي عمل لتشويه سمعة الانتفاضة والانقضاض على الدور التربوي الكبير الذي قدمه المثالان التونسي والمصري.

إن التغييرات العميقة في تونس وفي مصر لا تراجع فيها، فلم يعد الوضع في هذين البلدين، كما كان عليه قبل شهور أو أسابيع قليلة حين كان الطغاة ينصّبون أنفسهم على الكراسي إلى أمد غير معلوم. وستطال التغييرات بلا شك الكثير من الأنظمة البالية والفاسدة التي تشهد حاليا هدوءا يسبق العاصفة مهددة الحاكمين الذين لا يحترمون إرادة الشعب ولا يوفرون له الخبز والحرية ويتمسكون بكرسي الحكم بدون أية انتخابات أو تداولية حقيقية متسترين على فساد ونهب للمتلكات العامة، تمارسه الدوائر المحيطة بهم من الأقرباء والمنتفعين.

لقد أستخف حكام الدول العربية طويلا بآلام شعوبهم ومكنوا عوائلهم من التسلط على ممتلكات الدولة وثروات الشعب ولفوا حولهم مجاميع من الفاسدين، يكفي أن نذكر أن الأموال التي جمعتها عائلة مبارك تكفي لسداد كل ديون مصر الخارجية! وأن قيمة الأموال المسروقة من تونس من قبل عائلة الديكتاتور السابق تتجاوز المليار والنصف بينما يعيش الملايين من أبناء البلدين دون خط الفقر ويتخذ الألوف من أبناء مصر المقابر سكنا لهم.

لا يفوتنا أن نشير إلى الموقف الأوربي والأمريكي الداعم لمثل هذه الأنظمة بدعوى وقوفها سدا بوجه احتمال وصول قوى إسلامية متطرفة إلى السلطة، ونشير هنا بشكل خاص كيف أن أمريكا والدول الأوربية تهتم بأمن إسرائيل أكثر من اكتراثها لجوع الملايين واضطهادهم. وتبخل في تقديم المساعدات المالية للمشاريع التنموية وتطوير البنية التحتية ومؤسسات الدراسة والتدريب.

قدمت تجربة تونس ومصر مثالا على فشل محاولات تغيير الأنظمة عن طريق الحروب كما حصل في أفغانستان والعراق، فالديمقراطية والحريات العامة للمجتمع المدني لا تزال في هذين البلدين أبعد منالا من أي وقت آخر، وأثبتت هذه التطورات للقوى السياسية الداخلية المعولة على التدخل الخارجي أن الإعتماد على الجماهير في التغيير ليس موضة قديمة، فهو ارسخ وأكمل وأقل تكلفة مقارنة بالدمار الهائل الذي تعرض له العراق وافغانستان مقابل حرية لم تتحق.

لا شك أن التطورات الأخيرة سوف تفرض على حكام العالم النظر باحترام للشعوب العربية والتخلي عن نظرة الازدراء التي تعكس شكلا من أشكال التفوق والعنصرية، وقد شاهدنا تغييرا واضحا في لهجة المحللين من الذين فرض عليهم مثالُ تونس إعادة التقييم، وكيف أصبح استعمال أجهزة الاتصال المعلوماتية عن طريق أجهزة الكومبيوتر ذا أهمية بالغة في إيصال المعلومة والتحريض للخلاص من حكم طاغ خلال فترة قصيرة وبطريقة مدهشة وسيسجل التاريخ لثورة الياسمين أنها إلى جانب اسمها الجميل، كانت أول ثورة في زمن العولمة والمعلوماتية تحقق انتصارها بإقصاء حاكم مستبد.

لم يحصل أن أعاد حدث في هذا العصر الاعتبار لحركة الجماهير وخصوصا في المنطقة العربية كما فعلت ثورة الياسمين في تونس ومظاهرات الغضب في مصر، اللتان ستكونان فاتحتين ثورات وتغييرات أخرى في المنطقة لا مفر منها. وسوف لن ننتظر طويلا لكي نرى كيف أنهما قد فرضتا على المحللين والمنظرين إعادة تقييم دور السياسيين والمثقفين في عملية التغيير على خلفية التراتبية الطبقية الكلاسيكية الشائخة وبالارتباط مع أنظمة الاتصالات الجديدة عبر شبكة الإنترنت.

إننا في الوقت الذي نعلن فيه عن تضامننا مع الشعب المصري، فإننا ننبه القوى الوطنية المصرية إلى ضرورة  تلاحمها وتحمل المسؤولية المشتركة للالتفاف حول ثورة الشباب اليافعة، التي تتعرض اليوم إلى تحرك همجي مضاد سخر النظام له بالإضافة إلى قوى الأمن المركزي وعصابات الحزب الحاكم والمأجورين والبلطجية رجال الأعمال في الحزب الحاكم الذين لهم مصلحة في بقائه، في محاولة للانقضاض على الثورة وسلب الشعب حقوقه عن طريق الشغب وتحريض الجيش على المتظاهرين سلمياً.

إن منتدانا، منتدى بغداد للثقافة والفنون يتمنى أن ينجح الشعب التونسي بحسه الثوري في التأسيس لبديل حقيقي لحكم بن على يراعي مصالح الطبقات الاجتماعية الأقل دخلاً والأكثر معاناة  بدون تدخل خارجي. كما يتمنى لشباب وشعب مصر بان تتكلل ثورته بالانتصار العاجل وأن تتحقق أحلامه نحو مستقبل بأقل قدر من الدماء والمعاناة في التأسيس لحكم الحريات والديمقراطية والشفافية ومكافحة الفساد.

منتدى بغداد للثقافة والفنون ـ برلين

2 شباط 2011

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا