<%@ Language=JavaScript %> طلال سلمان خطر «اللبننة» يهدد الثورة العربية!
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

خطر «اللبننة» يهدد الثورة العربية!

 

 

طلال سلمان

 

ضربت رياح الخريف «الربيع العربي» بأسرع مما كان يتمنى أهله، فأسقطت براعم وروده وأوراقه الخضراء بالتمني، وكشفت اغراض من اطلق عليه التسمية المتفائلة بأكثر مما تسمح به الوقائع في ميادين الانتفاضة الشعبية العارمة التي اجتاحت أقطار المغرب والمشرق بالتتابع، وبغير تخطيط مسبق او قرار موحد.

ربما لهذا يتبدى وكأن لبنان يحقق فوزاً عظيماً عبر تعميم نموذجه الفذ، أي «اللبننة» على مختلف اقطار الوطن العربي فتتحول كل دولة من دوله إلى ارخبيل من الأديان والطوائف والعناصر والاعراق، او كل ذلك معاً، وتتحول جامعة الدول العربية، المنسية عمداً والملغاة حكماً منذ زمن بعيد، إلى دائرة تصديق شرعي مهمتها إحالة قضايا الأمة العربية ومشكلات حاضرها وطموحات مستقبلها إلى مجلس الأمن الدولي ليقضي فيها بما يراه اعضاؤه الكبار من الاميركيين والبريطانيين والفرنسيين على وجه التحديد وإسرائيل في كل منهم كما في جميعهم.

لقد اثبت اللبنانيون، وبكفاءة نادرة، انهم ليسوا بحاجة إلى «الدولة»، وحظي اكتشافهم هذا بتأييد منقطع النظير من العالم اجمع، بغربه وشرقه، بما في ذلك العدو الإسرائيلي... والطريف ان السفراء الاجانب والعرب المعتمدين لدى لبنان باتوا يتصرفون على اساس ان في هذا البلد الصغير أمماً شتى لكل منها ادارتها المستقلة وسياستها ومنطقها وموقفها من مختلف الشؤون، وان حصيلة جمع هذه المواقف ترسم خريطة للصراع الدولي حول هذه المنطقة الغنية بأرضها وماضيها، الفقيرة شعوبها، بل المفقرة، في حاضرها وفي دورها في صنع مستقبلها.

كذلك أثبتت «الشعوب» اللبنانية ان الحجم ليس معياراً للأهمية وخطورة الدور، فالمهم هو «الحضور الدولي» في البلد الصغير، وهو أمر يتجلى أكثر ما يتجلى في حكومات الوحدة الوطنية او ما يعادلها.

ومنذ زمن بعيد صارت الحكومة في لبنان تجسيداً لتوافقات دولية بالاساس يلتحق بها بعض العرب، الأقوى حضوراً ودوراً فالأغنى ثروة وعلاقات عامة مفتوحة على الصديق والعدو وعلى قاعدة ان زمن الحروب قد ولى وان أعقد الخلافات وأمرّ الصراعات يمكن حسمها بالحلول المذهبة..

ولقد اعتمد الاحتلال الأميركي للعراق هذه «القاعدة اللبنانية» الفذة فإذا بالشعب الواحد أديان وطوائف وأعراق تتقاسم جهاته وثرواته، وإذا دولته مدن وأطراف مرشحة لأن تغدو أقاليم ومن ثم كيانات لها اعلامها المحددة «قومياتها» ولها علاقاتها الدولية الخاصة التي لا يجوز للحكومة المركزية ان تعترض عليها وإلا... اعلن الاقليم انفصاله بل استقلاله الكامل تحت الرعاية الأميركية المباشرة، محتمياً بالتناقضات الحادة التي تحكم علاقات الجيران الأقربين والاختلاف في «المركز» ومن يتصارعون على السلطة فيه.

بالطبع، تبقى الكلمة الأخيرة للنفط بمنابعه ومرافئ تصديره ومسار الأنابيب التي تحمله إلى تلك المرافئ التي يتحكم في اختيارها الاحتلال بالشراكة مع القوى النافذة في «العراق الجديد» وأخطرها إيران تليها تركيا وسوريا والكويت بثأرها القديم والممكن تجديده باستمرار.

 

اليوم تظل مشاريع مدروسة للبننة أكثر من دولة عربية قائمة ذهب شعبها إلى الانتفاض احتجاجاً على تحجر النظام او شيخوخته او مجافاته لمنطق العصر او لاعتراضه على مشاريع الهيمنة الاجنبية على المنطقة، والتي قد تتخذ من التحريض ومن الوعد بالدعم وسائل لتجسيم الانتفاضات وتعظيمها تمهيداً للاعتراف بها بديلاً من السلطة القائمة، ومدخلا إلى استكمال اعادة صياغة المنطقة بما يلائم التصور الغربي لمستقبل هذه الأرض الغنية بثرواتها وما يتناسب مع تأمين السلامة الدائمة للكيان الإسرائيلي عن طريق رفده بحصة معقولة من الذهب العربي الأسود الذي لم يثبت أهله جدارتهم بإدارته.

[ [ [

في سوريا أزمة حادة، بالتأكيد، بين أسبابها جمود نظامها الذي ينتمي إلى عصر مضى وعجزه عن مواكبة التحولات وعن تلبية المطالب المشروعة والطبيعية لشعبه ذي التاريخ الوطني والقومي المجيد.

ولقد تأخر هذا النظام، وأكثر مما ينبغي، عن المبادرة إلى الاصلاح بما يلغي احتكار السلطة ويفتح الباب لمشاركة شعبه في القرار، وهو الذي تحمل الفقر والعوز من دون ان يؤثر ذلك على تلبيته أي نداء لإعانة اخوانه العرب، بل ظل باب سوريا مفتوحاً لجميعهم من دون منة.

لكن حسم الأزمة الحادة في سوريا ليس ـ بأي حال ـ في جامعة الدول العربية برئاسة القطري التائه، وليس بحلول يقترحها مجلس التعاون الخليجي، كما فعل في اليمن فتسبب في تحويل الصراع السياسي بين حاكمها الطاغية وبين المعارضة إلى مشروع حرب أهلية مفتوحة.

كذلك فإن الحل المطلوب للأزمة في سوريا لن يكون على شاكلة ما جرى لليبيا وفيها، حين تحولت جامعة الدول العربية إلى مجرد «محلل شرعي» للتدخل الدولي الذي اقصى حاكمها الطاغية عن السلطة لكنه تسبب في تدمير العمران وإعادة فرز الليبيين قبائل مقتتلة، بما يمكن الغرب، اميركيا واوروبيا، من تقاسم الثروة النفطية الخطيرة والتمتع بعائداتها الهائلة في تفريج بعض أزمته الاقتصادية الحادة التي دفعت الملايين إلى الشوارع في مختلف العواصم والمدن تهتف بسقوط حكوماتها التي عجزت عن التنبه للازمة قبل انفجارها، ثم عجزت عن استيعابها تمهيداً لتقديم الحلول المتناسبة مع خطورتها.

[ [ [

ليس سراً ان ثورة مصر التي اطلقت فجراً جديداً اسقط ليل الدكتاتورية الطويل او باشر المهمة المقدسة في السعي لإنهائه، تعاني من صعوبة توحد الثوار والعسكر في الرؤية والأهداف.

وطبيعي ان يظهر التناقض بين شباب الثورة وقد خرج بملايينه إلى «الميدان» حتى تم إسقاط الطاغية، وبين جيش النظام الذي تعجزه طبيعته عن الاندفاع إلى حيث يريد الثوار خصوصاً انهم يتحدرون من منابت فكرية ومن تنظيمات سياسية متعارضة أحياناً إلى حد التصادم في الشارع، ومؤتلفة غالباً لكن إغراءات السلطة الجديدة قد تتسبب في إضعاف ائتلافها، لا سيما إذا لمست من الجيش تشجيعاً أو تسليماً بالانقسام، بما يوسع دائرة نفوذه، وبالتالي دوره في رسم المستقبل.

.. وتكون الفتنة كأقصر طريق إلى التعديل في ميزان القوى، تمهيداً لحسم صورة النظام الجديد الذي يراد له ان يحصر دور مصر ويحاصرها،

لكن مصر تظل أقوى من الفتنة وأمنع من ان يأخذها تحريض الشعب على الشعب إلى المجهول.

[ [ [

ان خطر «اللبننة» يتهدد الآن العديد من الأقطار العربية التي انتفض فيها الشعب يطلب مستقبلاً يليق بنضالاته كما بطموحاته.

ومن أسف فإن الذهب العربي يلعب دوراً خطيراً في دفع إرادة التغيير السياسي في اتجاه الفتنة التي تمزق الأوطان بشعوبها والدول.

ان المحرض أميركي لكن أداة التنفيذ عربية في الغالب الأعم وان ظل المستفيد الدائم إسرائيل.

وبالتأكيد فليست التجربة القطرية هي النموذج الأفضل للثورة العربية، وليس مجلس الأمن هو المرجع الصالح لصياغة الغد العربي المأمول.

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا