<%@ Language=JavaScript %> ما يشبه الكتاب المفتوح إلى الرئيس السوري بشار الأسد طلال سلمان
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

ما يشبه الكتاب المفتوح إلى الرئيس السوري بشار الأسد

 

طلال سلمان

 

ليس ما تشهده سوريا، هذه الأيام، من اضطراب سياسي يغلب على معالجته الطابع الأمني بنتائجه المأساوية، شأناً داخلياً لا يخص إلا شعبها ونظامها، بل هو شأن عربي عام يستولد القلق، ويكاد يكون ـ بالنسبة إلينا في لبنان ـ شأناً داخلياً لبنانياً يؤثر فينا، بالسلب والإيجاب، بقدر تأثيره في سوريا وعليها وربما أكثر لاعتبارات عديدة يختلط فيها السياسي بالأمني والاجتماعي بالاقتصادي، اختلاط الماضي والحاضر في العلاقات العائلية والمصالح المشتركة وحدود الدولتين

وبرغم أن آراء اللبنانيين في النظام القائم في دمشق ليست موحدة، وربما ليست متقاربة، إذ إن بعضهم يراه قلعة للصمود ومصدراً للعون وبعضهم الآخر يراه طرفاً في النزاعات الداخلية ينصر الفريق القائل بمرجعيته على الفريق الداعي إلى مخاصمته، لكن ذلك لا يؤثر في حقيقة أن التجارب قد أثبتت، دائماً، أن ارتجاجه يكاد يكون بمثابة زلزال في المنطقة وإن ظل لبنان المسرح الطبيعي لأخطر تداعياته، حتى وإن أفاد منها بعض المتعيشين على نكبات الشعوب العربية الأخرى والذين سرعان ما يثبت أنهم كانوا في طليعة المستفيدين من إنعامات ذلك النظام
 

لم تكن هذه الاستعادة السريعة ضرورية إلا لتوكيد المؤكد من الترابط والتداخل والتأثير المتبادل لأوضاع كل من البلدين التوأمين على الآخر، خصوصاً أن تركيبتهما البشرية متداخلة فضلاً عن تشابهها، في غناها بتنوع «الأقليات» فيهما، وإن تميزت سوريا بتعدد «العناصر» داخل هويتها العربية، فضلاً عن الأديان والطوائف والمذاهب والشيع
 

من هنا هذا القلق العام في لبنان على سوريا ونظامها يواجه ـ متأخراً ـ مطالب بالإصلاح، السـياسي والاقتصادي والثقـافي والإعلامـي، كان سبق له أن تعهد به باعتباره ضرورة لحكمه الذي «يتمنى أن يقدر معه على إعادة صياغة النـظام الذي أصـابه اليبـاس لكي يصبـح جديـراً بالانتماء إلى العصر
»

ولقد فوجئ اللبنانيون ـ كما السوريون بالتأكيد ـ باستخدام الرصاص في مواجهة مطلب الإصلاح، وباستعادة تقاليد عتيقة وغير مقنعة في تبرير بائس لاضطرار قوات النظام إلى السلاح، كما في اتهام «المندسين» في صفوف المتظاهرين، وفي استخدام صور شاحبة ولا صدقية لها لأشباح اتهمها الأمن بافتعال الشغب والتسبب في المأساة الجديدة
 

لم يكن بين مطالب المتظاهرين إسقاط النظام، بل إصلاحه، وهو ما كان تعب الرئيس بشار الأسد من الدعوة إليه، متعهداً بالقضاء على الفساد والفاسدين (المعروفين بالاسم) والذين أساءوا إليه وشوّهوا صورة حكمه
 

ولم يستهدف المتظاهرون، الذين كان القمع يزيد من أعدادهم يوماً بعد يوم، الحكم، بل كانوا يتوجهون إليه مطالبين بحرية العمل السياسي، وحرية القول والنشر، وحرية الحركة، بعيداً عن قيود قانون الطوارئ، وبعيداً عن جمود الحزب الواحد الذي كشفت الأحداث أنه لم يعد ومنذ زمن بعيد المصدر الشرعي للقرار، ولا هو استطاع الحفاظ على الحد الأدنى من القدرة على إقناع الجماهير فضلاً عن الصلة الحميمة بها
 

كان المتظاهرون يطالبون بما تعهد به الرئيس بشار الأسد نفسه، وفي أكثر من لقاء مع نخبهم إضافة إلى بعض لقاءاته مع زوار أجانب فضلاً عن بعض تصريحاته الصحافية

وكانت «جماهير الشعب في سوريا»، كما يصر الإعلام الرسمي على التوصيف، تريد من الرئيس أن ينحاز إليهم ضد نظامه «الذي يستعصي على الإصلاح»، كما نقل عنه في أكثر من مناسبة، مؤكدين أنهم سيدعمونه ضد أية «مقاومة من الداخل
»

وحتى بعد المذبحة الأولى في درعا، والتي لم يكن لها ـ باعتراف النظام نفسه ـ ما يبررها، ويبرر بالتالي ما رافقها من «أعمال شغب» في مدن وجهات سورية أخرى، ظل الشعب على ثقته «بالسيد الرئيس»، ينتظر منه الوفاء بما التزم به من إلغاء قانون الطوارئ وسائر الإجراءات الزجرية التي طالما أقدمت عليها جهات غير محددة المسؤولية
 

لكن خطاب الرئيس بشار الأسد أمام مجلس الشعب جاء مخيباً للآمال، بل إنه جاء دون ما وعدت به الناطقة الرسمية باسم الرئيس في بيانها الأول
 

وقد أدى التأخير إلى تجدد المواجهات في العديد من المدن، وكان الشهيد الأكبر في كل ذلك : الثقة في الرغبة أو القدرة على إنجاز التعهد بالإصلاح، وبالسرعة اللازمة لوقف التفاقم في الأزمة التي غدت الآن في الشارع وتحتاج إلى جهد خرافي لرفعها منه

على أن الوضع ما زال قابلاً للمعالجة بكثير من العقل وكثير من الإيمان بحق الشعب في أن يُسمع صوته، وهو الذي طالما ضحى برغد العيش وبحقه في التقدم، من أجل حماية الدور الكبير لوطنه، ووفر الدعم العظيم لرئيسه وهو يتقدم على أقرانه من القادة العرب في المكانة والقدرة على التأثير ليس في محيطه القريب فحسب، وكذلك على مستوى الإقليم جميعاً... مع الإشارة إلى أن هذا الدور كان ثقيل الكلفة على حركة الإنتاج في الداخل
 

إن أنظمة عديدة في الوطن العربي تهاوت أو هي تتهاوى الآن لأنها أضاعت الطريق إلى الغد، وحاولت أن تحبس شعوبها في الماضي
 

وكان الأمل وما زال في أن الرئيس بشار الأسد أكثر وعياً بحقائق العصر، وأكثر إيماناً بحق شعبه في الحرية والتقدم ليؤدي دوره في بناء وطنه، بعد التخلص من المعوقات والبيروقراطية وهواجس أجهزة الأمن التي تشتبه في مواطنيها، بداية، ثم تتمهل في تبرئتهم والتسليم بوطنيتهم، (حتى مع وعيها بأن السوريين قد أثبتوا عبر محنة وجود جيشهم في لبنان، ثم عبر المهانة التي لحقته عند خروجه منه، أنهم يتمتعون بحس بالكرامة الوطنية ولا أرفع سرعان ما عبروا عنه بالتفافهم حول قيادتهم وحول جيشهم الذي كان يستحق وداعاً أكرم ووفاء أعمق من اللبنانيين
 

إننا، ومن أجل سلامة لبنان ووحدته إضافة إلى حرصنا على سوريا ومكانتها ودورها المميز في منطقتنا، نتوجه إلى الرئيس السوري بشار الأسد أن يوقف هذا التدهور في مسار الأحداث، وأن ينجز تعهده بمباشرة الإصلاح، فوراً، وإقرار الخطوات الحاسمة لمساره قبل أن تسبقها التطورات الدموية التي يمكن أن يستخدمها أصحاب العقل الأمني كمبرر لتعطيل المسيرة في اتجاه الغد، حتى لو كان الثمن سجن البلاد ونظامها في الأمس الذي آن له أن ينتهي

والكلمة ما تزال للرئيس الشاب، لكن الوقت كالسيف

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا