<%@ Language=JavaScript %> سعيد ناشيد ماذا لو وصل الإسلاميون إلى السلطة؟
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

ماذا لو وصل الإسلاميون إلى السلطة؟

 


سعيد ناشيد
 

لا يمكننا أن نواجه خطاباً أصولياً قد يبدو مخيفاً، بخطاب عقلاني قد يكون خائفاً؛ لسبب واضح: الخوف يفسد السياسة ويقوّض العقلانية.
سأحاول ابتداء أن أحرر السؤال من مشاريع التخويف وأسنده إلى مشروعية المعرفة. لكن ماذا لو كان المستقبل يشير إلى وصول الإسلاميين إلى السلطة؟ ألن يبدو مثل هذا المستقبل مخيفاً؟
لنعترف ابتداء بأن الخوف من المستقبل يظل، في حدود معينة، مسألة طبيعية. ولعله شرط من شروط الحرص واليقظة. وفي الواقع لا توجد رغبة في التغيير إلا ويوجد معها خوف وتوجس. إننا نرغب في التغيير لكننا أيضاً نخاف منه.
وإذ تنبع الرّغبة في التغيير من طموح الإنسان نحو واقع أفضل، فإن منبع الخوف من التغيير هو التوجس من المجهول والشعور بأن عملية التغيير قد لا تقود دائماً وبالضرورة إلى واقع أفضل.
من هنا مبررات السؤال: ماذا لو انتهت ثورات الشارع العربي إلى وصول الإسلاميين أو السلفيين إلى السلطة؟ قد يحدث شيء من هذا في مصر، وربما اليمن أيضاً، وقد تعم العدوى دولاً عربية أخرى! بل قد يحدث الأسوأ، وهو انقلاب بعض الإسلاميين أو السلفيين، في بعض الأقطار، على العملية الديموقراطية، ولو من باب «سد الذرائع» على الكفر أو الفتنة أو الخروج أو العصيان. والواقع أن بعض مظاهر البلطجة السلفية اليوم، سواء في مصر أم تونس أم غيرهما، تبرر السؤال التالي: إذا وصل الإسلاميون إلى السلطة، هل سيقنَع ويقتنع السلفيون الدعويون والسلفيون الجهاديون، أم أنهم سيسألون: هل من مزيد؟
إلا أن السؤال حول احتمال وصول الإسلاميين إلى السلطة، يحتمل بعض المكر؛ طالما أنه قد يدفعنا إلى المصادرة على المطلوب. والمطلوب أن تكون السلطة خاضعة، في مبناها، لمبدأ التداول، بما يجعل وصول أي طرف إلى السلطة ليس نهاية للتاريخ، وبما يرسم للأغلبية حدودها ويحفظ للأقلية حقوقها.
هناك شرط قد لا يتوفر عند بعض الإسلاميين ومعهم كثير من الدعويين ومعظم الجهاديين: احترام الجميع لقواعد التداول السلمي للسلطة.
فما الذي يضمن لنا أن لا تنتهي مظاهر البلطجة السلفية إلى تحطيم قواعد الديموقراطية؟
السؤال مشروع، لكنه قد لا يخلو، مرّة أخرى، من بعض المكر؛ لأنه قد يجعلنا ننسى مسألتين:
قد ننسى، من جهة أولى، أن البلطجة السلفية محصلة عقود طويلة من الاستبداد ومن ثقافة خرق الحق والقانون وانتهاك قيم حقوق الإنسان في معظم الدول العربية والإسلامية. علماً بأن الحركات الجهادية ليست انعكاساً سلبياً للحرية والديموقراطية، كما يروّج البعض، وإنما هي خريجة مدرسة السجون وأقبية المعتقلات السرية.
وقد ننسى، من جهة ثانية، بأن الإسلاميين المعتدلين والسلفيين المتشددين ليسوا قوة فوق التاريخ، وإنما هم في الأول والأخير، وبصرف النظر عن طبيعة الشعارات التحريضية والعبارات التجييشية، محكومون بحقائق التاريخ والجغرافية، وغالباً ما يضطرون إلى مسايرة اتجاه الأمور، بما يمليه فقه الضرورات. وبعضهم يفعلها إلى حد تبرير الموقف ونقيضه في الآن نفسه.
لقد اكتشف الخطاب الديني في الجزائر حدوده التحريضية، واكتشف في السودان حدوده التدبيرية، واكتشف في العراق حدوده التوحيدية، واكتشف في فلسطين حدوده التحريرية، ثم اكتشف في ثورتي تونس ومصر بأنه كان عاجزاً عن إشعال فتيل الثورة.
غير أنه، فوق كل هذا وذاك، سيكتشف بأنه أعجز ما يكون عن إخماد لهيب الثورات عندما طُلب منه ذلك، أو عندما تطوع للقيام به: فبواسطة المساجد وهيئات الإفتاء والمجالس العلمية، فضلاً عن الصوفيين الطرقيين والسلفيين الدعويين، جُندت الكثير من المنابر والأبواق لنبذ الثورة، تحت يافطة لزوم الجماعة ووجوب الطاعة واجتناب الفتن. ومع ذلك صلّى الناس خلف مفتي الديار وإمام السلطان، أو خلف الشيخ الصوفي الطرقي، أو خلف الأمير السلفي الدعويّ، لكنهم، بعد انقضاء كل صلاة، كانوا يخرجون للمطالبة بالحرية.
لقد بدا جلياً بأن قدرة الخطاب الديني على التأثير النفسي والوجداني تظل نسبية، وأن قدرته على التجييش الشعبي مرتبطة فقط بالمجالات التي يغيب عنها النقاش العمومي الحر، بفعل الاستبداد وانسداد الأفق السياسي.
هكذا نقول بأن الصعود المحتمل للإسلاميين في بعض البلدان، لن يقود بالضرورة إلى الانتكاسة، بقدر ما قد يمثل فرصة للحركات الإسلامية لكي تنزل من سماء الوعظ والإرشاد والكلمة الطيبة والبنيان المرصوص، إلى أرض المراقبة والمحاسبة والتجربة والخطأ.
والحال أن تقنيات التواصل الأفقي التفاعلي، والتي أتاحتها شبكة الانترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي، قطعت الطريق أمام الإيديولوجيات الشمولية جميعها، أكانت دينية أو فلسفية. وهي الإيديولوجيات التي كانت تنتعش ضمن أنماط التواصل العمودي، من قبيل أجهزة التلفاز وأشرطة الكاسيت ومكبرات الصوت وخطب الجمعة وعظات الأحد.
والآن، ماذا لو وصل الإسلاميون إلى السلطة؟ ما العمل؟
الجواب: ننتقل مباشرة إلى السؤال التالي: من سيأتي بعد الإسلاميين؟ إنها الديموقراطية.

([)
كاتب ومفكر من المغرب

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا