<%@ Language=JavaScript %> رمزي العبيدي الكُتَّاب وحملة الأقلام وأصحاب الكلمة والرأي في البلدان العربية
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

الكُتَّاب وحملة الأقلام وأصحاب الكلمة والرأي

 

في البلدان العربية

 

 

 رمزي العبيدي

كاتب عراقي مقيم في دمشق

 

        إنَّ الكُتَّاب وحملة الأقلام في البلدان العربية محرمُونَ من الحرية ، هذه حقيقة لا يمكنُ لأحدٍ أنْ ينكرها ؛ كما أنَّهم مقيَّدونَ بالخوف ، هذا الخوف الذي ارتبط بتسلُّط وجبروت حكَّامهم العرب الذينَ يتصرَّفونَ وكأنَّهم ورثوا هذه البلدان عن آبائهم الأخيار الأفاضل أو أمَّهاتهم الطاهرات العفيفات ! ، وياويلَ مَن يقول غير ذلك ! ؛ كما أنَّهم مفروضٌ عليهم أنْ يعيشوا في مجتمعات متخلِّفة ، تمرَّدوا هم عليها بأنْ حاولوا أنْ يخرجوا على مألوفها ، بأنْ ثقفوا أنفسهم واطَّلعوا على ثقافات الأمم الأخرى ، لكن ما فائدة الثقافة المكتسبة أو التي اكتسبوها من هنا وهناك ، وهم لا يستطيعونَ أنْ يبلورها في كتاباتٍ حرَّةٍ مستقلةٍ بعيدة عن أهواء المتسلطينَ وسياط الجلادينَ ورغباتهم ، إلا إذا تركوا بلدانهم وعاشوا في المهجر بعيداً عن بطش الباطشينَ .

        ظهر من بين هؤلاء الكتاب أو حملة الأقلام مَن حاولَ أنْ يكتب باستقلالية وتفرُّد منتقداً الظلم والظالمينَ ، فكانت السجون والمعتقلات تنتظرهم ، وكان مصيرهم المحتوم والمتوقع هو القبوع فيها ، فانتُهِكَتْ فيها آدميَّتهم ، ومُورِسَتْ بحقِّهم أقصى درجات التعذيب والتنكيل ، ممَّا تقشعرُّ له الأبدان وتدمى له القلوب ، وهؤلاء مَن عنينا بهم أصحاب الكلمة والرأي في عنوان مقالتنا هذه ، وقد عُرِفوا في مصطلحات منظمة حقوق الإنسان الدولية التابعة للأمم المتحدة بـ : ( سجناء الرأي ) ، وتطول في العادة مدَّة سجنهم الزمنية سنيناً طوالاً ، وخوف كلِّ واحدٍ أنْ يكون سجينَ رأي دفع بالبعض الآخر إلى السكوت وتجنُّب الكتابة ـ لا بل حتى الحديث ـ في السياسة والأحوال العامة أو التطرُّق إلى مشاكل الناس وهمومهم ، فأخذ يكتب في اختصاصه الأصلي كالأدب مثلاً ، ولم اسمع أنَّ أية حكومة عربية دانَتْ أو ندَّدَتْ أو اعتقلَتْ أو هدَّدَتْ أيَّ ناقدٍ أدبيٍ لأنَّه عاب على المتنبي الموصوف بمالئ الدنيا وشاغل الناس ، قوله :

جَفَخَتْ وَهُم لا يَجْفَخُوْنَ بِهَا بِهِم  

 

 

شِيَمٌ عَلى الحَسَبِ الأغَرِّ دَلائِلُ[1]

 

***

        ومثل كُتَّاب الأدب كُتَّاب العلوم المختلفة : الإنسانية والمحضة ، فقد احترم كثير منهم نفسه ، واستسلم لخوفه وكتب باختصاصه ، دون التطرُّق لأحوال الناس وهمومهم ، أو التعرُّض للسياسة وبلاويها ، وكانتْ نهايتهم إلى الفقر والتهميش والجحود ونكران الجميل والدالة والفضل على الآخرينَ ، وكثيرة هي الأمثلة على هؤلاء ، وكثيرة هي أسماؤهم التي لن نذكرها ، حتى نبقى في العموميات ، ولو ذكرناهم لاحتجنا لاستطرادٍ كثير ، لأنَّ السلطات الحاكمة في البلاد العربية لم تتركهم بحالهم ، فكانوا مع ذلك كلِّه تحت رقابة الأجهزة الأمنية التابعة لهذه الحكومات ، لأنَّها تخاف من الكلمة والثقافة والرأي أكثر من خوفها من السلاح والمسلحينَ .

        والبقية الباقية من الكُتَّاب وحملة الأقلام هم أبواق للحكومات والأنظمة العربية ، وفيهم قلة قليلة من البارعينَ المتمكنينَ المثقفينَ ـ لا ننكر ذلك مع استغرابنا من توجُّهاتهم ـ إلا إنَّ أغلبهم من الأقزام وأنصاف الكتاب ومدَّعي الفهم والثقافة ، ويكثر فيهم أيضاً مَن نطلق عليه نحن في الوسط الأدبي بـ ( الشويعر ) ، وهذا الشويعر المسكين هو : ناظم ما تُعرَف اليوم بقصيدة النثر ، وأنا لا أعرف أو لا أقتنع أنَّ للنثر قصيدة ، ويحاول مَن يحاول أنْ يخلط قصيدة النثر هذه بالشعر الحر ، ولا يعرف هذا المحاول أنْ لقصيدة الشعر الحر وزناً عروضياً بلا قافية ، ومَن اشتهر بكتابة الشعر الحر من الشعراء كـ : بدر السياب ، ونزار قباني ، ونازك الملائكة ، وبلند الحيدري ، وصلاح عبد الصبور ، وعبد الوهاب البياتي ، مثلاً ؛ لهم قصائد من الشعر العمودي ، بعضهم نظمها على طبيعته كـ : السياب ، وقباني ، والملائكة ؛ أمَّا البقية فقد نظموها تحدِّياً ، ليثبتوا أنَّهم شعراء ، أو لينفوا عن أنفسهم ما اتهموا به من الضعف في النظم ، أو ليؤكِّدوا ظنَّهم ورأيهم بأنَّ الشعر العمودي هو مصدر الشعر الحر ، وأيَّاً كان فهم شعراء متمكِّنونَ ، لا يمكن وضعهم أو مقارنتهم بشويعري قصيدة النثر المزعومة ، أمَّا ظاهرة الكاتب السوري محمد الماغوط وتقديمه بأنَّه شاعر قصيدة النثر الأوَّل في الوطن العربي ، ففي رأيي ـ غير المتواضع ـ أنَّ تقديمه بهذه الطريقة فيه من الإجحاف والغبن للماغوط نفسه ، فهو لم يكن شاعراً لا لقصيدة النثر ولا لغيرها ، بل كان كاتباً لكلماتٍ جميلة تمسُّ القلوب وتسحر النفوس وتصل إلى المشاعر الإنسانية لأنَّها نابعة أو مستنبطة من حياة الناس ومعاناتهم ، ولا تسمية لها عندي ، وللرجل جناية علينا وعلى الأدب لا ذنب له فيها ، فمقلِّدوه شوَّهوا أسماعنا بترَّهاتهم وخزعبلاتهم ، وكانتْ حجَّتهم علينا نحن النقاد أنَّكم إذا وجَّهتم سهام نقدكم إلى كتاباتنا ـ التي يسمونها شعراً وهي في الحقيقة شعير ـ انتقدوا عمَّنا وأستاذنا محمد الماغوط ، وكيف لنا أنْ ننسف الجمال في كلمات الماغوط ؟ ، وبهذا سكت عنهم نقاد بعدما كثروا وأصبحوا ظاهرة ملموسة لا يمكن التغاضي عنها ، إضافة إلى اتهام كلِّ مَن يتعرَّض لهم بالكلاسيكية ثمَّ الرجعية وعدم الانفتاح ، وهم بارعونَ في الشتائم وكيل الاتهامات ، وعلى عنادهم أعترف بكتابتي هذه ضمناً وعلناً بأنَّني أوَّل الرجعيينَ ، ويبقى الماغوط ظاهرة من الصعب أنْ تتكرر .

        نعود بعد هذا الاستطراد الذي اضطررْنا له لموضوعنا ، ونقول : حاول معظم الكُتَّاب ومن جميع الأنواع في مختلف البلدان العربية أنْ ينتظموا في اتحادات ونقابات كانت كلها تحت سيطرة الحكومات المتعاقبة فيها ، لأسباب قد تكون نفسية لبعضهم ، ونفعية لأكثرهم ، وقد ظهرَتْ كلُّ هذه الاتحادات والنقابات بعد انقلاب يوليو في مصر 1952م ، عدا ( جمعية أهل القلم ) في لبنان ، وكانتْ كلُّها من مخلفات عقلية سفاح العصر جمال عبد الناصر وأفكاره الغريبة وطروحاته حول نظرية المؤامرة ، ونحن لا نقول هذا افتراءً وتغرُّضاً وسنفصِّل في بعضها لنقدِّم الدليل والبرهان على ما قدَّمنا له وذهبنا إليه ، وكما يلي :

 

أولاً

اتحاد الكتاب العرب

1.    يقدِّم اتحاد الكُتاب العرب نفسه على أنَّه خيمةٌ لكلِّ الكتاب العرب في كلِّ أرجاء الوطن العربي والعالم ، ما داموا يحملونَ جنسية أيَّة دولةٍ عربية ؛ ولا تعليق عندنا على كلِّ هذا ، ولن نطعن باستقلاليته التي نشكُّ فيها ، حتى لا نتهم بالتحامل عليه وعلى شخوصه ، أو حتى لا نكونَ جزءاً من نظرية المؤامرة التي يؤمنونَ بها أو المترسِّخة في عقولهم ، وما علينا بطريقة الانتخابات فيه ، أو كيف وصل مَن وصل من قياداته إلى كراسيهم فيه ، وما علينا أيضاً ـ في هذه الفقرة فقط وبالتحديد ـ بمطبوعاته التي تكشف عن توجُّهاته السياسية قبل الفكرية والأدبية ، ونقول لهم : هذا جيد .

2.    لكنَّ اتحاد الكُتَّاب العرب لم يحدِّد أيَّة من مجالات الكتابة لهؤلاء الكُتَّاب ، وبذا نفهم من هذه العمومية المطلقة في عنوانه بأنَّه لا يشترط أيَّ مجالٍ من مجالات الكتابة ، لكنَّه في التطبيق الحقيقي يختلف باقتصاره على الكتابة الأدبية في الأغلب الأعم بل بالتأكيد ، بدليل أنَّه يطلب من المتقدِّم للانتساب الاشتراك في إحـدى جمعياته التالية : ( أدب الأطفال ، البحوث والدراسات ، الترجمة ، الشعر ، القصة والرواية ، النقد الأدبي ، المسرح ) ، فحن هنا نعيب عليه هذه العمومية أو هذا التعميم ! .

3.    يقدِّم اتحاد الكُتَّاب العرب استماراته المختلفة أو رسائله التي يرسلها إلى الأفراد والمؤسَّسات ، مفتتحةً بعبارة : ( تحية عربية ) ، ولم يحدِّد أيضاً ما هي هذه التحية العربية ؟ ، لذا وقع عندي وعند غيري لبسٌ فيها ، فكثيرة هي التحيَّات العربية ، ومنها : تحية الإسلام ( السلام عليكم ) ؛ ومنها : تحية الجاهلية ( عِمْتَ أو عِمْتُم صباحاً ومساءً ) أي طاب عيشك أو عيشكم في الصباح والمساء ؛ ومنها أيضاً : تحية الغرب ( هلو ) التي أصبحتْ عربية بحكم الاختلاط أو التقليد والمحاكاة له ولثقافاته ؛ أو ربَّما يكون منها أو مقصوداً بها : تحية أحد الأحزاب الحاكمة في بلادنا العربية ؛ ولا أدري بعد ما فاتني من أنواع هذه التحية العربية ؛ ونحن هنا نعيب عليه هنا أيضاً العمومية والتعميم في هذا ! .  

4.    يضع اتحاد الكُتَّاب العرب شروطاً معيَّنةً محدَّدةً للانتساب إليه ، ومن حقِّه وضع أيَّة شروط يراها مناسبة له ولتوجُّهاته ، ومن حقي وحقِّنا أنْ نعترض عليها ، ولن أناقشها كلَّها لقناعتي أنْ لا جدوى من هذه المناقشة ، فهم يشترطون مثلاً : ( أنْ يتقدَّم الكاتب إلى الاتحاد بكتابينِ مؤلَّفينِ مطبوعينِ على الأقل من نفس الجنس الأدبي من القياس الوسط أو الكبير ، على أنْ لا يقلَّ عدد صفحات كلٍٍّ منهما عن مائة صفحة في جنسٍ أدبي واحد ، مع ملاحظة عدم قبول الكتب الجامعية أو المدرسية ، ولا الرسائل الجامعية ، ولا الكتب المحققة ، ما لم تكن مسبوقة بدراسة لا تقلُّ عن مائة صفحة ، ولا الكتب المطبوعة على "الريزو" ) ؛ وبذا هم يقيسونَ جودة المادة الأدبية بعدد صفحاتها لا بقيمتها من حيث الإبداع الفني والجودة الفكرية ؛ لكنَّ أغرب الشروط وألعنها والذي يستحقُّ الوقوف عنده ومناقشته ، هو طلبهم من المتقدِّمينَ أنْ يجلبوا لهم ـ مع كلِّ ما يجلبوا ـ صحيفة السجل القضائي ( محكوم ـ غير محكوم ) ، ليقبلوا منهم غير المحكومينَ فقط ، وأتحدَّاهم أنْ يقدِّموا لي واحداً من أعضائهم قُبِلَ وهو محكوم بتهمة سياسية مثلاً ، فهم بذا لا يريدونَ غير مؤيِّدي الحكومات العربية ، بل يرحِّبونَ بأبواقها .

5.    يقوم اتحاد الكُتَّاب العرب بنشر مطبوعات للكتاب العرب ، وقد وضع تسعة عشر شرطاً للمخطوطات التي تقدَّم له ، وهذا من حقِّه أيضاً ، كذلك ومن حقي وحقِّنا أنْ نعترض عليها ، ولن أناقشها أيضاً لقناعتي أنْ لا جدوى من هذه المناقشة فهي كسابقتها ، لكنَّني أعترض على كثرتها ، وأشير أنَّ هذا الاتحاد المحترم المرموق نسي أنْ يضع الشرط رقم عشرين ، وهو أهم الشروط ، ويتلخَّص في أنَّه يجب أنْ تكونَ عندك ( واسطة ) أو معرفة أو علاقة قوية بأحد السادة المتنفذينَ في قيادته أو برئيسه شخصياً ، وإنْ لم يتوفر عندك هذا الشرط رقم عشرين ، فبإمكانك أنْ تدعو منهم مَن تدعو إلى سهرة صاخبة في مكانٍ ما لتنشر مخطوطك .

6.    يا حسرةً علينا وعلى ثقافتنا .

***

 

ثانياً

اتحادا كتاب الإنترنيت

العرب والعراقيين وغيرهما

        ظهر على الشبكة الدولية مواقع حاول مؤسِّسوها احتكار هذا المجال الحر المفتوح والمتاح للجميع ، بحجج واهية ومبرِّرات تافهة أبرزها الحرص على التواصل بين المثقفينَ عبر الشبكة الإنترنت العنكبوتية ، وكأنَّهم ورثوها عن أهاليهم كحُكَّامهم العرب الذين ورثوا وابتُلينا بهم ، ومن أمثلة هذه المواقع على سبيل المثال لا الحصر : ( اتحاد كُتَّاب الإنترنت العرب ) ، و ( اتحاد كُتَّاب الإنترنيت العراقيينَ ) ، و ( اتحاد كُتَّاب الإنترنت المغاربة ) ، و ( الاتحاد العربي للصحافة الالكترونية ) ، ويوجد غيرها ، ونسجِّل هنا اعتذرانا لمَن لم نذكره منها أو منهم ، ويتلخَّص وجه اعتراضنا على هذه المواقع والتنظيمات المتكلفة بما يلي :

1.    ليس من حق أيِّ أحد احتكار مجال الانترنت المفتوح والمتاح للجميع ، تحت أيِّ سببٍ وأيَّة ذريعة ، إضافة إلى أنَّنا نرى أنْ لا جدوى مفيدة من هذه التجمُّعات والاتحادات لأنَّها في رأينا ـ غير المتواضع ـ تضيِّع وقت الكُتَّاب ، والأولى بهم أنْ يشغلوه بالقراءة والاطلاع والتفكير للإبداع ثمَّ الكتابة ، ونرى أنَّه من الأفضل أنْ تتحول هذه المواقع إلى مساحاتٍ حرَّة لنشر كتابات المبدعينَ في كلِّ مكان ، مع الإشارة والعرض إلى أنَّ بعضها ينشر المقالات لكن بشروط تطابق في مجملها شروط الانتساب لها .

2.    إنَّ في شروط الانتساب لهذه الاتحادات والمواقع كلمات وتعابير ومعانٍ جميلة غير مطبَّقة في معظمها ، فما زالت الانتقائية والازدواجية وتأثيرات المجتمعات المتخلفة التي يعيش فيها منشئوها والقائمونَ عليها طاغية عليها ، فإنَّني أراهم يقولونَ ما لا يفعلونَ ، وأنتَ عندما تقرأ في مواقع هذه الاتحادات قد تجد وتصل إلى صحَّة ما استنتجناه وتوصلنا إليه من خلال فحصنا المتأنِّي والموضوعي لمعظم صفحاتها ، وتلاحظ كلمات رنَّانة ذات موسيقى عذبة لا جدوى منها لأنَّك لا تجد تطبيقاً عملياً لها .

3.    الطابع إنَّ ما لا نقبله هو شيوع الطابع القومي ، مثل : ( العرب ) و ( العربي ) ، أو طابع البلد الواحد ، مثل : ( العراقيينَ ) ، أو الطابع المناطقي الذي يشير إلى جزءٍ من كلٍّ مزعوم ، مثل : ( المغاربة ) ، لأنَّها تمثِّل بمجملها تناقضاتٍ وازدواجياتٍ واضحة لما يطلق من كتابات على هذه المواقع نفسها ، فالكلُّ مثلاً يتغنى بالقومية العربية وبالعرب وأمجادهم المزعومة ، وهم يجتزئونَ منها ويقسِّمونها إلى فئاتٍ ومجموعاتٍ ، أمَّا اعتراضي على المصطلح العام ( العرب ) أو ( العربي ) ، فلأنَّه من المتناقضات والمزدوجات أيضاً ، فهم يقولونَ القائد العربي عن كلٍّ من صلاح الدين الأيوبي وطارق بن زياد ، فالأوَّل كردي ، والثاني بربري ، ولا يمتُّ كلُّ منها للعرب بأيَّة صلة ، ويقولون أيضاً العالم العربي عن ابن سينا وغيره ، وهو فارسيُّ الأصل ، وكذا الشاعر العربي بشار بن برد الفارسيُّ الأصل والمعتقد ، وقد قتله خليفة المسلمينَ العباسي محمد المهدي والد هارون الرشيد ، مدَّعياً أنَّه زنديق ـ وهو كذلك فعلاً ـ أو لأنَّه قال :

الأرْضُ مُظلِمَةٌ وَالنَارَ مُشْرِقَةٌ   

 

 

والنَارُ مَعْبُوْدٌةٌ مُذ كانَتِ النَارُ

 

***

          أو لأنَّه قال :

إِبْلِيْسُ أفضَلُ مِن أبِيْكُم آدَمُ    

 

 

فَتَنَبَّهُوا يَا مَعْشَرَ الفُجَّارِ

 

***

          وكانتْ هذه الأبيات في بداية حياته أو في شبابه بالتحديد ، ولم يحاسبه المهدي عليها إلا في آخرها ، والحقيقة أنَّه قتله لأنَّه قال :

بَنِي أُمَيَّةَ هُبُّوا طَالَ نَوْمُكُمُ    

 

 

إنَّ الخَلِيْفَةَ يَعْقُوْبُ بنُ دَاودِ[2]

 

ضَاعَتْ خِلافَتُكم يَاقَوْمُ فَالتَمِسُوا  

 

 

خَلِيْفَةَ اللهِ بَيْنَ الزِقِّ وَالعَوْدِ

 

***

         وفي هذا الاستطراد المفيد نموذج تاريخي على الازدواجية لدى الشعوب العربية وحكَّامها ، ولا عبرة هنا في أنَّ هؤلاء انصهروا في المجتمعات من خلال الإسلام ، فهذه كذبة كبيرة فضحنا زيفها في مقالة سابقة لنا .

4.  ممَّا تقدَّم نقول أنَّ لا عبرة بما سنكتبه بعد هذه الفقرة ، لكنَّنا سنذكره استئناساً وتلطُّفاً وتكميلاً لما بدأناه ، وسنناقش فيه بعض شروط الانتساب إلى هذه الاتحادات والجماعات المزعومة ، وبما أنَّنا نرى أنْ ليس من حقِّ صاحبي مواقع هذه الاتحادات المزعومة أنْ ينشئوها على هذه التحديدات ، فإنَّه ليس من حقِّهم بالتالي أنْ يضعوا شروطاً لها ، لأنْ بالعربي العامي ( الإنترنت مو مال أبو واحد ) ، لكنَّنا سنناقش بعض الشروط لما رأينا فيها من تقييدٍ للحريات وتحجيمٍ للكُتَّاب ، ممَّا يدفعنا أنْ نشكِّك في نوايا واضعيها ، بل الذهاب إلى أبعد من ذلك في التفكير بالجهات التي تمولهم وتدفع لهم اشتراكات هذه المواقع في شركات البث على الإنترنت .

5.  معظم هذه المواقع تطلب من الكتاب اسمه الكامل وعنوانه ومهنته ورقم هاتفه وبريده الالكتروني ، ويغالي بعضها في طلب وثائقه الرسمية ، ولا يمكننا هنا أنْ نحسنَّ ، بلْ نسيئه بهم ، فـ ( سوء الظنِّ من حسن الفطن ) كما ورد في المثل العربي القديم ، ولا عبرة هنا بما جاء في قرآن المسلمينَ : (( يا أيُّها الذينَ آمنُوا اجتنبوا كثيراً من الظنِّ ، إنَّ بعض الظنِّ إثمٌ )) [3] ، فنحنُ لسنا من الذينَ آمنوا ولسنا من المسلمينَ ولنا الفخر والشرف ؛ لماذا يطلبونَ كلَّ هذه المعلومات عن الكاتب الذي يروم الانتساب إلى اتحاداتهم ؟ ، أ ليسلِّموها إلى حاكمٍ عربيٍ ما إذا تعرَّض له هذا الكاتب المنتسب إلى اتحادهم في مقالة ما من مقالاته أو بحثٍ ما من أبحاثه ؟ ؛ قولوا لهم بربِّكم أنْ يقولوا لي برِّهم أيضاً لماذا ؟ ، ها لماذا ؟ ! .

6.  يطلبونَ ـ أو يطلب بعضهم ـ في استماراتهم التي أعدُّوها لغرض الانتساب إلى اتحاداتهم أنْ يذكر الكاتب ثلاثة من المواقع التي يكتب فيها أو على صفحاتها على شبكة الإنترنت ، وهذا جيد ، وهنا أسألهم ما الفرق بين الكتابة في موقع واحد أو أكثر ؟ ، أ يقيِّمونَ الكاتب يكون بعدد المواقع التي يكتب فيها أو على صفحاتها أم بجودة مادَّته المكتوبة وخلابتها الفنية ؟ ، ولا تنفع عندي الحجَّة التي يفتعلونها في أنَّهم يريدونَ أنْ يطلعوا على طبيعة كتاباته واتجاهاته ، لأنَّ معظم كتَّاب الإنترنيت ينشرونَ نفس المواضيع على مواقع مختلفة ، يسايرونَ فيها اتجاهات أصحاب المواقع وأمزجتهم ، فيضيفونَ إليها ويحذفونَ منها على هذه الاتجاهات والأمزجة .

7.  بعضهم يفرضونَ اشتراكات نقدية على منتسبيهم ، وبذا يتحوَّلونَ إلى مؤسَّسات نفعية ربحية ، أو ليدفعوا عن أنفسهم تهمتي وتهمة غيري بأنَّ وراءَهم جهاتٍ تموَّلهم وتدفع لهم ، وأرجو أنْ لا تعبروا تهمتي هذه الموجَّهة لهم جزءاً من نظرية المؤامرة مع تشابه الاثنينِ في طريقة العرض ، كما أرجو أنْ يلتفتَ نظركم الكريم إلى أنَّ ارتباط أركان نظرية المؤامرة بالحُكَّام العرب وأرباب السلطة ورؤساء أحزابها الحاكمة وغير أحزابها ، وما أنا بواحد منهم ، فأنا لا أؤمن بها ، بل أمقتها مقتاً شديداً ؛ فقد أشار أحد هذه الاتحادات إلى أنَّه مؤسَّسة غير ربحية ووضع عنواناً لمصرف ما لغرض تسديد الاشتراكات ! ، فانظروا وتأمَّلوا ، ومنهم مَن يُغالِي في الطلب من الكاتب أنْ يقدِّم روابط لعشر مواد منشورة في هذه المواقع الثلاثة ، ومن هنا يبدو لنا أنَّ التقييم عندهم باعتبار العدد .

8.  وضعَتْ هذه الاتحادات والمواقع لأنفسها مناصب لشخوص بعينهم ، كالرئيس ونائبه وأمين السر وغيرها من المسمَّيات للمناصب باختلافها وتباينها ، وهنا أسألهم جميعاً مرَّةً أخرى : مَن نصَّبكم أولياءً على شبكة الإنترنيت ، ألا تكفيكم مناصبكم في بلدانكم ؟ ، وباللهجة العراقية المُحَبَّبة إلى نفسي أقول لهم : ( شنو الإنترنيت ما أبوكم ) .

9.  كتبَتْ بعض المواقع في شروط الانتساب إليها كلماتٍ وتعابيرَ لا تعرف معناها ، أو لا يعرف كاتبها معناها اللغوي وتأويلاته ، فقد كتب أحدهم فيها فأضحكني ، العبارة التالية : كشرطٍ ثانٍ للانتساب بعد شرط الجنسية العراقية : ( أنْ يزيد عُمْره [18] ثمان عشر سنة ويكون كامل الأهلية ) ، ونؤكِّد أنَّ هذه العبارة منقولة بنصِّها من الموقع وسنعلِّق عليها ، فقوله : ( عُمْره ) يعني به عُمْر المتقدِّم ؛ وفي قوله : ( ثمان عشر سنة ) خطأ لغوي فادح ، والصحيح ( ثماني عشرة سنة ) ، وهنا نسأل : هلْ يستحق مَن يقع في هذا الخطأ اللغوي الفادح أنْ يضع نفسه وصياً على كُتَّاب الإنترنت العراقيينَ ؛ وفي قوله : ( يكون كامل الأهلية ) ، أسأله : أ كانَ يتوقع وهو ينشِئ موقعه أو اتحاده الكريم أنْ يتقدَّم له فاقدو الأهلية بنوعيهما : المجانينَ ، والمحبوسينَ في السجون ؟ ، وهل يعتقد أنَّ شبكة الإنترنيت متاحة لفاقدي الأهلية في السجون العراقية ؟ ، ولا أعتقد أنَّها متاحة لغيرهم في السجون العربية ، ولا أعرف شيئاً عن السجون في العالم المتحضِّر فاعذروني .

10. طلبَتْ أكثر هذه الاتحادات في استماراتها التي أعدَّتها لغرض الانتساب لها ، من الكُتَّاب الطامحينَ للعضوية فيها أنْ يذكروا أو يدوِّنوا الصحف والمجلات الورقية التي ينشرونَ كتابتهم فيها ، وهنا استغرب من هذا الطلب ، أ هو لغرض الاستئناس أو من باب العلم بالشيء ، أم هو لأغراض ومآرب أخرى أشرنا إليها قبلاً في مقالتنا هذه وفي معرض اتهامنا لهم وسوء الظنِّ بهم .

11.  يشترط أحد مواقع هذه الاتحادات على الكاتب الذي يطلب عضويته ما يلي : ( أنْ يكون من كتاب الإنترنيت الفاعلينَ ، وأنْ يكون مؤمناً بالثقافة الرقمية ودورها في تنشيط الواقع الإنساني ويعمل جاهداً من أجل نشرها وتوسيعها ، ويشترط عليه أيضاً أنْ يكون قد كتب في مواقع ذات شهرة ) ، وهنا أسأل كاتب هذه الشروط أسئلة موجزة ربَّما لا يعرف هو نفسه الإجابة عليها ، لكنَّني مضطرٌ لأنْ أسأله ، فأقول : ماذا تقصد بكُتَّاب الإنترنيت الفاعلينَ ؟ ، وما هي الفاعلية ؟ ، وما مقاييسها عندك ؟ ، وكيف تعرفونَ أنَّ هذا المتقدِّم لكم ( س ) من الكُتَّاب الفاعلينَ هو مؤمنٌ بالثقافة الرقمية ودورها في تنشيط الواقع الإنساني ؟ ، وكيف أمكنكم التأكُّد أنَّه سيعمل جاهداً من أجل نشرها وتوسيعها ؟ ، أ بالادِّعاء أم بـ ( الحلفانِ على كسرة الخبز ) أم بغيرهما ؟ ! ، وكيف تعرفونَ أنَّ المواقع التي سيرسلها لكم هذا الكاتب هي ذات شهرة ؟ ، ثمَّ ما هي مقاييس الشهرة عندكم ؟ ، هل أنتم مطَّلعونَ على سرائر الناس ؟ ، هل أنتم مطَّلعونَ على كلِّ صفحات ( الكوكل ) بكلِّ لغاتها أو بلغتكم العربية ؟ ، هل وما وكيف ؟ ، وهل وما وكيف ؟ ، ومَن ماذا لماذا ؛ وفي البقية من مواقع هذه الاتحادات مشابهات لهذا كلِّه ، لن نعلِّق عليه ، ونكنتفي بما ذكرنا .

12. لا بُدَّ أنْ أقدِّم لكلِّ القائمينَ على مواقع هذه الاتحادات من الذين يريدونَ مناقشتي في كلِّ ما قدَّمته وذهبْتُ إليه ، نصيحةً أرجو منهم فيها وأترجَّاهم أنْ يقرأوا كلَّ ما كتبْتُ لهم أو عنهم ، بتأنٍ ورويَّةً وبدون انفعالات ، حتى لا يفقدوا صوابهم واتزانهم ، وينتبهوا بدقَّة على مفرداتي التي استخدمْتُ فيها بإتقانٍ لفظتي : ( بعض ، وكل ) وما شابههما ، وابتعدْتُ في مجملها عن العموم والعموميات ، فكتابتي لفظة ( بعض ) بكثرة لأنَّني أقصد بها عدم التعميم ، وكتابتي لفظة ( كل ) بقلة لأنَّني أقصد بها التعميم أو أنَّ كلامي يشمل الجميع ، فخصَّصْتُ في المواضع التي يجب فيها التخصيص والاستثناء ، ولم أعمم إلا حين وجب التعميم .

13. يا حسرةً علينا وعلى ثقافتنا مرَّة ثانية .

***

 

ثالثاً

اتحادات الكُتَّاب والأدباء

في البلدان العربية

        لا يختلف الحديث عنها عمَّا قدَّمناه في معرض حديثنا عن اتحاد الكتاب العرب ، سوى باختلافات بسيطة أبرزها وأهمُّها القطرية ، أو كون الواحد منها اتحاداً للكُتَّاب أو الأدباء في بلدٍ ما من هذه البلدان العربية ، لكنَّ المصيبة هي نفس المصيبة ، والشروط هي نفس الشروط ، والانتقائية والازدواجية والمزاجية والمحسوبية والعلاقات هي نفسها أيضاً ، كذلك فيها العمومية وعدم الدقة في التخصيص بنفس المستوى ، إلا أنَّ ارتباطها بالحُكَّام أقوى وأمتن وأشدُّ .

يا حسرةً علينا وعلى ثقافتنا مرَّة ثالثةً وأخيرةً .

***

للتواصل مع الكاتب يرجى الكتابة إلى :

Ramzee_Alobadi@yahoo.com

Ramzee_Alobadi@hotmail.com

 


 

[1] . عابَ الكثير من النقاد العرب القدامى وأيَّدهم المحدثونَ أيضاً على المتنبي وعلى شاعريَّته في هذا البيت تكرار الضمير فـي قوله : ( بها بهم ) ، كما عابوا عليه فيه أيضاً خشونة الألفاظ وبداوتها ، واستهجنوا بالتحديد قوله : ( جفختْ وهم لا يجفخونَ ) .

[2] . وزير المهدي .

[3] . سورة الحجرات ، مطلع الآية ( 12 ) .

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا