<%@ Language=JavaScript %> نصري الصايغ عندما تتعرَّى باريس
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

عندما تتعرَّى باريس

 

 

نصري الصايغ
 

تستعير فرنسا ثيابها القديمة، عندما تقوم بتمثيل دور خارجي، ذي لكنة إنسانية. تستحضر تراثها الثوري، وتتفنن في التزيي بالشرعية الحقوقية، وتدخل حلبة السياسات الدولية، على حصان أبيض، مطهَّم بشعارات الثورة الفرنسية... وغالباً ما تعرض بضاعة الديموقراطية، كسلعة لا بد منها. فرنسا التاريخ، لا تشبه فرنسا الحديثة. عظمة ما فيها تبخسه حقارات صغيرة، لا يتورع كبار فرنسا عن ارتكابها. حقارات، تتفوَّق على ما اتهم به دومينيك ستراوس كان، من اعتداءات جنسية على عاملة تنظيفات في فندق. لم يتورع جيسكار ديستان عن أن يكون صديقاً حامياً، لحاكم سفاك، يدعى الإمبراطور بوكاسا، لقاء قطعتي الماس. حقارة وصغارة، تغطيهما «ثقافة» توزيع شهادات حسن سلوك سياسية، ولو كانت الديموقراطية، ضحية يشترك في قتلها، حاكم حقير محلي، ودولة بقيادات تمتهن الصغائر. المغرب، اشترت الملكية فيها كبار رجال السياسية الفرنسيين بمنحهم إقامة فخمة في منتجع لا يدخله مغربي، إلا ليخدم رؤساء ووزراء ومدراء من رتبة بلطجية النظام الاستعماري، بقبضات سرية قذرة، وخيوط حرير تذبح الضحية بنعومة وسادية. لم ينج وزير من زيارة وإقامة وسياحة وما دون ذلك من جنس رخيص. وقد لقي الحسن الثاني، لقاء ذلك، صك صداقة فرنسيا مؤبدا. ترجم بعبارة: (Notre ami le Roi) قبيل اندلاع ثورة البوعزيزي، كانت وزيرة خارجية فرنسا، ميشيل اليو ماري، تمارس هواية الطيران المجاني، عبر طائرة خاصة بأحد بلطجية النظام في تونس. وتبرعت بعد المواجهات بين بن علي وجموع بوعزيزي، بتدريب قوات الأمن التونسية لقمع الجماهير المطالبة بـ.. الديموقراطية. فلتقتل الديموقراطية... وليبق «دوفالبيه» تونس. وتشجع رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيَّون، فوافق على تزويد الأمن التونسي بقنابل مسيلة للدموع لقمع الديموقراطيين. وقبيل اندلاع الثورة في مصر، كان فيَّون بذاته، يقيم ضيفاً مميزاً في استراحة قدمها له، حاكم مصر، شريك ساركوزي في مشروع «المتوسط» الفاشل. ولأنها لم تنجح في إنقاذ ـ وليس باستطاعتها ـ بن علي ومبارك، نقلت البندقية من كتف إلى كتف، فاحتلت الخندق الدولي الأمامي، لقيادة الأطلسي في ليبيا، وقيادة العقوبات ضد سوريا، مستثنية اليمن والبحرين. وبلغت انتهازيتها درجة جعلت اوباما مستاءً من دورها كدونكيشوت بعقلية سانشو. بسبب انتهازية مستفحلة ورخيصة، كتب معلق أميركي: «فرنسا كنَّاس. تنظف الأماكن، أمام القادم الأميركي". تفرش المائدة وتجهز المكان. فلبنان، بعد استشهاد الحريري، صار مسرحاً لشيراك الاسبرطي. يريد أن ينتقم، فيما بوش يسعى إلى شرق أوسط جديد.. بالمناسبة خسر الاثنان. فرنسا لم تربح لبنان، (اسألوا سفيرها التاعس، برنار ايمييه). خسرت في تونس. أنهكت في القاهرة. عملت على تعويض فشلها، بإشهار السلاح في وجه القذافي، وتسعير الحملة على النظام في سوريا. ولا علاقة بين فرنسا، ودعم الديموقراطيات. انها تشبه أميركا في دعم الاستبداد إذا كان مربحاً لها. انتهازية فرنسا، تسيء إلى المعارضة الديموقراطية في سوريا. وهذه تخسر إذا اتكأت على عصا الغرب العرجاء. فرنسا، ليست مع الديموقراطية في سوريا. هي مع موقع قدم لها في الشرق. «فرنسا الديموقراطية»... تذكروها. لقد نحرت أول ديموقراطية وأول دولة مدنية أنشئت في بلاد الشام، على يدي القوى القومية والملك فيصل. فرنسا الديموقراطية، ذبحت سوريا في ميسلون. فساركوزي يشبه غورو. فرنسا وأميركا، لا تريدان الديموقراطية، وهي حق لجماهير سوريا، بل تريدان سوريا... بلا ممانعة ولا مقاومة. وهاتان، لولاهما، لكان ساركوزي سائحاً في أبواب حاراتنا.

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا