<%@ Language=JavaScript %> نصري الصايغ الدكتاتورية العسكرية أم الاستبداد الديني؟
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

الدكتاتورية العسكرية أم الاستبداد الديني؟

نصري الصايغ
 

عليك أن تخاف على مصر، عندما تقرأ ما يلي:
«سلفي اعتقد أن جاره كافر فقتل شخصاً آخر»، فقد اعتقد القاتل أن المدعو «جمعه» يخالف الدين ولا يصلي، فاعتزم قتله، ولكنه قتل شخصاً آخر يدعى هاني، وتبين أن القاتل، تلميذ نجيب لشيخ سلفي.
عليك أن ترتعب على مصر، عندما تقرأ أن أفراداً نصّبوا أنفسهم آلهة.
فإمام مسجد مصري حشد ثلاثة آلاف مصلٍّ لإجبار امرأة على ترك المدينة وأمهلوها ثلاثة أيام... أو تتوب. وتهمة المرأة، أن الشبهات تحوم حول سلوكها. وقد نجت المرأة من الطرد، عندما استنجدت «بإخواني»، لحمايتها، مقابل توبتها. فالحكم في الشارع، للسلفي والإخواني معاً: القتل والحل والربط والعفو، يحصل بتوقيعهما معاً.
عليك أن تخاف على الثورة في مصر ممن سيأكلها ويزدردها بقوة، وينقل السلطة من حضن الدكتاتورية الأمنية إلى أحضان الدكتاتوريات السلفية. ففي بعض المحلات والبلدات تتوالى التهديدات للمسلمات غير المحجبات وللقبطيات المسيحيات، بالتشويه بماء النار إذا خرجن من منازلهن من دون حجاب.
عليك أن تخاف على الوحدة الوطنية في مصر، بعد إحراق كنيسة وإصرار الجناة الذين أحرقوا الكنيسة على عدم بنائها، وبعد قطع إذن قبطي، بتهمة التحرش بفتاة، تبين لاحقاً أنها تهمة ملفقة.
عليك أن تخاف كثيراً عندما تتأكد، أن كل حادثة أو جريمة تقع في مصر، يرتكبها سلفيون، يتم التعامل معها باللين، ثم يصار إلى تسويتها «بالتوافق» العرفي، وليس بالقانون وعبر المحاكم. ولقد بدا أن التسوية هي الحل، حتى في جريمة قطع أذن عادل متري، إذ غابت الحكومة وأجهزتها واستعيض عنها باستقبال الأزهر للمواطن المصري من الأقباط وعلاجه على نفقة الأزهر.
وبدا ان هناك إغفالاً متعمداً عن الأسماء المرتكبة والجهات الجانية، وأن رجال الدولة الجدد، يرفعون التحية لمقامات رجال الدين، حتى ولو كانوا من السلفيين المتشددين. ويستشهد الكاتب أسامة الغزولي، بمقابلة الدكتور يحي الجمل في لقاء تلفزيوني، حيث وضع داعية امبابا الإسلامي حسني يعقوب «على الرأس»، مع أمل شديد «بألا يحرمنا الله من بركات هذا الشيخ».
كل هذا وسواه من أحداث يومية، يدفع إلى طرح السؤال: أي مصير ينتظر مصر، وأي ديموقراطية موعودة، في ظل هجوم سلفي اخواني، على كل ما عداهم. فقد عزا كثير من المراقبين، أن النسبة الكاسحة التي نالها الدستور المؤقت، ما كانت لتبلغ أكثر من 70%، لو لم يخض «الإخوان»، معركة تكفيرية، ضد من لا يقبل التعديلات، بدعوى ان هناك خطراً على المادة الثانية من الدستور، التي نصت على إسلامية التشريع كأحد المصادر.
واجه شباب ميدان التحرير، بصدورهم العارية، جهاز الأمن العدواني، وعصابات البلطجية الرسمية. وانتصروا عليهم، إلا أنهم يقفون أمام نوع جديد من البلطجة السلفية في الشارع، والبلطجة التكفيرية الإخوانية في السياسة. فما العمل؟ إنهم يشاهدون بأم أعينهم من يقتل الثورة الوليدة، قبل بلوغها السن التشريعي.
الخطر، ليس على الثورة وحدها، ولا على شعاراتها، بل على الوحدة الوطنية في مصر، فإذا كان ثبت ان النظام ارتكب مجزرة القديسين في الاسكندرية، عبر وزير الداخلية المصري السابق حبيب العادلي، فإن من ارتكب جريمة حرق الكنيسة منذ شهر، هو سلفي بصيغة الجمع، ولم ينل عقاباً. والخطر، في أن تشهر لغة التكفير، وتدجين الجماهير، بلغة الارهاب الديني. لتحصل على مكاسب سياسية.
عليك أن تخشى كثيرا على مستقبل مصر، لأن عدداً من الكتاب والمفكرين بات يخشى المساس بالمقامات الدينية، حتى ولو كانت سلفية وتدعو إلى قتال الجاهلية، ولأن عدداً من الإسلاميين المعتدلين، يهوِّنون من ارتكابات السلفيين و«الإخوان»، بدعوى ان على النخب أن تفهم عقلية الجماهير وتديّنها (وهو ليس تديّنا بل تعصب)، ولأن عدداً من السياسيين، بات يعرف أن ممالأة الجماهير، طريق لبلوغ السلطة.
الخشية، أن هذا الطريق، سلكه لبنان، حيث اعتبر زعماؤه ورجال دينه، انه بلد طائفي، وعلينا التعامل «بعقلانية» و«واقعية» مع هذا المعطى، ويلزم مداراته لا صده، ويلزم قبول رأيه، ديموقراطياً، لأنه يمثل الأكثرية... الخشية ان هذا النهج أدخل لبنان في حروبه، ولم يشف منها، لأنه فضل الاعتبارات الطائفية والمذهبية، على الاعتبارات الوطنية والقومية.
ألا يلاحظ «الإخوان» في مصر، ان الصومال شقيق توأم للبنان، وأن العراق، شقيق توأم للسودان، وأن الدكتاتورية الدينية، أشد وطأة وأكثر ظلماً وأجحف حقاً، من الدكتاتوريات العسكرية، التي حكمت وتحكم بلاداً عربية.
لم يكن متوقعاً ان تندلع الثورة الديموقراطية في مصر، لتنجب نظاماً أشد خطورة من الاستبداد. فماذا ينفع مصر، أن يكون دين الدولة الإسلام، والإسلام أحد مصادر التشريع، حينما تصبح لكل جماعة دينية دولتها ونظامها وقيمها ووسائل لممارسة «إيمانها وتكفيرها»، داخل «الحرم السياسي».
مصر تستحق الديموقراطية الناصعة. لذا، وجب إبعاد القرضاوي عنها ومن يمت إليه بصلة سياسية وتنظيمية.

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا