<%@ Language=JavaScript %>  موريس نهرا أول أيار: حافزاً للتحرك النضالي للعمال والكادحين
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

أول أيار: حافزاً للتحرك النضالي للعمال والكادحين

 

 

 موريس نهرا

 

ليس الأول من أيار عيداً كغيره من الأعياد، أو مجرد تعبير عن التكريم والتقدير لأولئك الذين يحركون دولاب العمل وينتجون الخيرات المادية.. أي جماهير العمال والكادحين وكل العاملين  بسواعدهم وأدمغتهم.. وإنما هو يوم يرمز الى مسيرة نضالية طويلة يتوّّّحد فيها عمال العالم في الكفاح والتضحية دفاعاً عن حقهم في العيش الكريم، وتجسيداًً لوحدة مصالحهم الاساسية المشتركة ضد أنظمة الاستثمار والاستغلال الرأسمالي

 وطبقة الرأسماليين التي تستثمر عرقهم وقوة عملهم، وتمارس عليهم الظلم والقهر الاجتماعي والقمعي.. ومنذ تكريس الاول من ايار عيدا لعمال العالم، وفقاً للقرارالذي اتخذه اللقاء الاممي للعمال (الاممية الثانية) عام 1889 ارتباطاً باستشهاد  عشرات العمال في تظاهرة شيكاغو عام 1886 التي طالبت بتحديد يوم العمل بثماني ساعات.. منذ ذلك التاريخ وعمال العالم يحتفلون سنوياًً في هذه المناسبة، بأشكال متنوعة، فيملأون الساحات في عواصم ومدن العالم، معبّّّرين عن  مطالبهم المباشرة وعن قضاياهم الأساسية، تبعاًً لأوضاعهم في كل بلد.

أما نحن في لبنان، فقد مرّّّ الاحتفال بهذا اليوم في ظروف وحالات متنوعة.. ولا يتعلق الامر بالظروف العامة للبلاد، وحسب، بل قبل كل شيء بموقف السلطة التي رفضت طويلاًً الاقرار باعتبار أول ايار عيداًً رسمياًً للعمال.. فكانت تلجأ لقمع التظاهرات العمالية والنقابية وتطارد مئات الشيوعيين والنقابيين ومعهم الاصدقاء وتعتقلهم، لمجرد احتفالهم بالعيد.. فمسرحية "نزهة ريفية غير  مرخص بها" التي اخرجها يعقوب الشدراوي وعرضت في الذكرى الستين لتأسيس الحزب الشيوعي اللبناني، والتي جرت احداثها في مكان حرجي يبعد مئات الأمتار شرقي فوار انطلياس، هي مثال على التعاطي القمعي للسلطة مع أي احتفال في العيد المذكور.. ومع تكرار الأمر نفسه سنوياًً، واتساع المشاركة العمالية والنقابية، جرى انتزاع الاقرار بأول ايار عيداًً رسمياًً للعمال في اواسط الخمسينيات..

وفي هذا العام يأتي هذا العيد وعمال لبنان وجمهور الكادحين يواجهون ظروفاًً معيشية وحياتية أشد صعوبة وقساوة.. فمستوى معيشتهم في تدهور مستمرّّّّ، والبطالة في ازدياد، والفقر والعوز في اتساع.. ويستمر فلتان الاسعار والاحتكار، وغلاء المعيشة والمحروقات، والغش والفساد، بالاضافة الى الضرائب والرسوم التي تثقل كاهل اكثرية شعبنا، في حين ان ارباب المصارف والمال والثروة، يضاعفون ارباحهم وارصدتهم في البنوك، على حساب افقار الناس، والمال العام الذي تُُُُُُُجبى النسبة الاكبر منه ضرائب غير مباشرة من الشعب.. وفوق ذلك فإن الخدمات العامة من كهرباء  ومياه وبخاصة الصحية والتعليمية منها، والضمان الاجتماعي، فهي في تراجع وتخبط ووضع مقلق..

وامام هذه الحالة، وبدلاًً من مضاعفة التحركات الاحتجاجية والمطلبية لجماهير العمال والمستخدمين للمطالبة بمحاربة الغلاء، ومن اجل سلم متحرك للأجور وبحقوقهم الأخرى، نرى قلة منهم تشارك في مظاهرات واعتصامات من اجل هذه المطالب.. والسبب الاساسي في ذلك يعود:

أولاًً: لإثارة مناخ وعصبيات طائفية ومذهبية يستخدمها النظام الطائفي وأطراف سلطته، لتقسيم صفوف العمال وذوي الدخل المحدود، ولتشويه الوعي الشعبي منعاًً لتحرك جماهيري موحد نابع اساساًً من وحدة الحقوق  والمصالح..

ثانياًً: الى بث الخوف والحذر بين جمهور كل طائفة وأخرى، ورفع درجته ليصل الى طغيان القلق على الوجود والمصير والموقع لكل طائفة، ولجعل الناس ينشدّّّّون في اهتمامهم الى ذلك، على حساب معيشتهم وحقوقهم وعلى حساب الاستقرار ومصلحة الوطن.

ثالثاًً:  الى تدخل السلطة الفظّّّّّّّّّ في شؤون الوضع النقابي، الذي أدّّّّى الى تقسيم صفوف الحركة النقابية، وتنصيب ما أمكنها من نقابيين بطريقة وبأخرى، في قيادة العمل النقابي، يكون ولاؤهم لزعماء طوائفهم وللسلطة، بغرض إضعاف وضرب استقلالية الحركة النقابية والدور النضالي الموحد للطبقات الشعبية الكادحة والمتضررة دفاعاًً عن حقوقها وقضاياها..

ويأتي وصول أزمة النظام الطائفي الطبقي القائم، الى ذروة تتمثل بتكرار الفراغ الحكومي الطويل، وتنامي تناقضات تنبع من طبيعة نظام المحاصصة الطائفية نفسه، ليكشف مدى عجز واهتراء هذا النظام، وسلبية ما يفرزه من تداخل وتمازج بين ما هو طبقي واجتماعي ووطني وديمقراطي، وما هو طائفي، على وضع الناس الاجتماعي وعلى الوطن وعمل السلطة نفسها.. وان السبيل الاساسي للخلاص من هذه الحالة، يرتبط بمدى الوعي العمالي والشعبي للمصالح المشتركة، وبدور القاعدة العمالية والمهنية في جعل النقابات ممثلة فعلياًً لمصالح العمال والكادحين ومطالبهم ومنفصلة عن التبعية للسلطة وزعماء الطوائف فيها..

ولا بد في هذه المناسبة من التوجه بالتحية لعمال لبنان وكادحيه، ولعمال وشعب فلسطين الذين يعانون ظلماًً مزدوجاًً، من عنصرية وفاشية العدو الصهيوني المغتصب لأرضهم ووطنهم، ومن الاستغلال الطبقي الاجتماعي..

وتحية لكل العمال العرب الذين يناضلون مع شعوبهم المنتفضة ضد أنظمة الاستبداد والقمع والظلم الاجتماعي والتبعية

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا