<%@ Language=JavaScript %> منظور استراتيجي جديد  د. محمد السعيد ادريس
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

منظور استراتيجي جديد

 

 

 

 د. محمد السعيد ادريس

 

واضح من متابعة المبادرات المتتابعة بين مصر وإيران على مدى الأيام القليلة الماضية أن هناك قدراً لا بأس به من التفاؤل وإن كان تفاؤلاً حذراً، سواء من جانب طهران أو من جانب القاهرة من وجود فرص مواتية ليس فقط لتطوير العلاقات الثنائية الإيرانية - المصرية ولكن لإعادة تأسيس منظومة العلاقات الإقليمية في الشرق الأوسط وبالذات بين إيران والعرب وتركيا في مواجهة التحالف الأمريكي - “الإسرائيلي” .

 

هذا التوجه تحدثت عنه طهران صراحة أثناء تفاعلات الثورة المصرية وفي أعقاب انتصارها مباشرة على لسان كل من علي خامنئي المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية والرئيس محمود أحمدي نجاد، بالحديث المتفاؤل عن هذا الانتصار الذي حققته الثورة المصرية بإسقاط نظام الرئيس السابق حسني مبارك وإمكانية قيام شرق أوسط إسلامي، كما استبشرت القيادة الإيرانية خيراً وتفاءلت بتلك المصادفة التاريخية بين انتصار الثورة المصرية يوم 11 فبراير/شباط 2011 وبين انتصار الثورة الإيرانية في اليوم نفسه، ولكن في عام 1979 . وحرصت على أن تقرأ معاني بين السطور التي يمكن استنباطها من هذا التزامن .

 

والآن، وكامتداد للتعبيرات المتبادلة بين وزير خارجية مصر الدكتور نبيل العربي ونظيره الإيراني علي أكبر صالحي بخصوص إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين البلدين، ودعوة صالحي لوزير الخارجية المصري لزيارة طهران، أبدى الرئيس الإيراني حرصه على إقامة علاقات وثيقة مع مصر في مؤتمر صحفي قائلاً: “إننا نرغب دوماً في إقامة العلاقات مع جميع الدول والشعوب ولا سيما مصر، ما عدا الكيان الصهيوني، ونأمل أن تفتح تطورات المنطقة آفاقاً مشرفة أمام الشعوب الإسلامية، وتحدث عن قرب قيام “شرق أوسط جديد” من دون الكيان الصهيوني والولايات المتحدة .

 

هذه المرة اكتفى نجاد بالحديث عن شرق أوسط جديد أهم معالمه أنه سيكون من دون “إسرائيل” وأمريكا، من دون أن يسميه “شرق أوسط إسلامي”، وهو هنا يبدو حريصاً على أن يجمع بدلاً من أن يفرق، بعد أن أثارت تصريحاته السابقة عن “الشرق الأوسط الإسلامي” ردود فعل سلبية داخل مصر حيث دافع كثيرون عن أن هوية الثورة المصرية هوية وطنية ديمقراطية وليست هوية دينية، ولا يقودها تيار ديني، ولكن تقودها تيارات تجمع بينها الوطنية المصرية والحرص على العدالة والحرية والسيادة الوطنية .

 

الطموح إلى بناء نظام إقليمي جديد رغبة إيرانية، وربما تكون رغبة تركية أيضاً، ولكن برؤى وآفاق قد تكون مختلفة بدرجات معينة عن الرؤية الإيرانية الحريصة على اعطاء هذا النظام دوراً لمواجهة مشروعات واشنطن للمنطقة سواء أكانت مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الشرق الأوسط الجديد، في حين أن الرؤية التركية تغلب عليها الأبعاد الاقتصادية والثقافية، لكن يبقى الموقف المصري الرسمي الجديد غامضاً في تصوراته الخاصة بآفاق العلاقات مع إيران ناهيك عن الرؤية الاستراتيجية للدور المصري العربي أولاً والإقليمي ثانياً .

 

فعلى المستوى الثقافي والفكري تنقسم النخب المصرية بين تيارين حول رؤية العلاقة مع إيران، الأول مازال يعبر عن رؤية النظام السابق وتحالفاته، ويرى أن إيران مصدر للتهديد، ويحرص على تأكيد الالتزام بمعاهدة السلام مع “إسرائيل” و”الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة”، وهذا يعني أن هذا التيار ملتزم أيضاً بمعظم الملفات المرتبطة بهذه الرؤية سواء ما يتعلق بمشروع السلام، أو من دون دور مصر المرهون والتابع للتوجهات الأمريكية . أما التيار الثاني فيرفض هذا كله ولا يرى إيران عدواً، بل يرى ضرورة اعتبارها شريكاً، وأن العدو هو “إسرائيل”، وأن الولايات المتحدة حليف مشكوك في نزاهته، وأن مصر الثورة مطالبة بأن تثور على كل قيودها وتبعيتها للولايات المتحدة وقيود السلام مع الكيان الصهيوني، وتنطلق لانتزاع دورها القيادي القومي، وتلتزم بقضايا أمتها، وأن تتعامل مع إيران وتركيا باعتبارهما يمثلان جواراً حضارياً للأمة العربية، وأن تؤسس شراكة استراتيجية تقوم على مشروع نهضوي عربي تقوده مصر وتشارك كل من إيران وتركيا في تأسيسه لمواجهة التحالف الأمريكي - الصهيوني .

 

أين النظام الجديد في مصر من هذا كله، وما هي منظومة ادراكاته ورؤاه الاستراتيجية لإيران أولاً وللإقليم ثانياً؟

 

قد لا تكون الإجابة جاهزة الآن لظروف يدركها ويقدرها الجميع، لكن ما هو جاهز ومؤكد هو أن مصر في حاجة إلى ثورة في سياساتها العربية والإقليمية والدولية تتوافق مع ثورتها في الداخل المصري وطموحات مشروعها الوطني الجديد .

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا