<%@ Language=JavaScript %>  محمد السعيد ادريس الشعب يحمي ثورته
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

الشعب يحمي ثورته

 

 

 محمد السعيد ادريس

 

تحت هذا العنوان عُقد “مؤتمر مصر الأول” يوم السبت الماضي (7 مايو/أيار الجاري)، بحضور أكثر من أربعة آلاف وثلاثمئة مشارك من شباب ثورة 25 يناير وكافة التيارات والأحزاب والقوى السياسية المصرية باستثناء جماعة “الإخوان المسلمين”، وإن كان وجود كثير من رموز الجماعة في المؤتمر واضحاً وجلياً . هذا العدد الهائل من المشاركين وعلى مدى عمل يوم كامل متواصل لأكثر من اثنتي عشرة ساعة نجح المؤتمر في استعادة دور الشعب في أن يكون طرفاً أساسياً في إدارة العملية السياسية في مصر، والدفع بهذه العملية في الاتجاهات التي تتوافق مع الأهداف التي قامت الثورة من أجلها .

 

فعقب نجاح الثورة يوم 11 فبراير/شباط الماضي بإعلان الرئيس السابق حسني مبارك تنحيه عن الحكم، وتكليفه للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بتولي المسؤولية، كانت الاستجابة الشعبية لهذا التكليف مدوية من منطلق الثقة الكاملة في وطنية الجيش ودوره التاريخي المشرف كجزء أصيل من الحركة الوطنية المصرية . لكن مصدر السعادة الأهم كان الوعي بأن تكليف الجيش المسؤولية سيجعل الجيش طرفاً مباشراً في الثورة، وأن الجيش سيقوم بما قام به الشعب من دعم للثورة التي قادها الجيش يوم 23 يوليو/تموز 1952 بقيادة الزعيم جمال عبدالناصر، لقد حول الشعب “حركة الجيش” أو “انقلاب الجيش” إلى ثورة شعبية عندما التحم بها وقادها وأصبح جزءاً أصيلاً من نسيجها . وهكذا كان الإدراك المصري العام أن الجيش سيلتحق بالثورة التي قادها الشعب، وأن بوادر انحياز الجيش للشعب والثورة طوال أيام الثورة ضد نظام مبارك كانت جلية واضحة، وكان شعار “الشعب والجيش يد واحدة” هو الشعار الأهم للثورة بعد شعار “سلمية . . سلمية” الذي أعطى للثورة أهم خصوصياتها، وحال دون تحويلها إلى ثورة دموية، بحيث أضحت واحدة من أهم الثورات الشعبية الديمقراطية في العالم أجمع .

 

ربما يكون مبارك قد سلم السلطة للجيش من الناحية الرسمية، لكن الشعب هو الذي صدق على هذا الإجراء، عندما قبل طواعية بالانسحاب من الميادين وترك للجيش مهمة أن يكمل ما بدأه الشعب، أي أن يتولى الجيش قيادة المرحلة المتبقية من عمر الثورة، بوضوح أكثر أن يقود الجيش الثورة، وأن يسعى “ثورياً” إلى تحقيق أهدافها بتوافق كامل مع الإرادة الشعبية .

 

كان معنى ذلك أن الشعب تنازل طواعية للجيش بأن يقود الثورة في مرحلة ما بعد إسقاط نظام مبارك، وهي مرحلة شديدة الصعوبة من منظورين، أولهما أنها مرحلة إكمال عملية إسقاط النظام ليس فقط بالتخلص من رموزه، بل وأيضاً بالقضاء على كل جذور وبذور وعوامل تفريخ ظواهر الاستبداد والفساد والتضليل، والحيلولة دون عودة هذه الظواهر القاتلة، أي القضاء على أسباب الاستبداد والفساد وأسباب ما حدث من تضليل وتزييف سياسي وإعلامي للعقل المصري، وثانيهما بناء النظام الجديد الذي يحقق مجتمع العدل والحرية والاستقلال والسياسة الوطنية .

 

وعلى مدى الأشهر الثلاثة التي مضت على انتصار الثورة، قام الجيش بالكثير من الإنجازات، لكن لاحظ الثوار أنه جرى تهميشهم والشعب معاً عن إدارة العملية السياسية، وأن المجلس تحول بالإعلان الدستوري الذي أصدره إلى جهة تملك السلطتين التنفيذية والتشريعية معاً، فالمجلس الأعلى يقوم بسلطة رئيس الجمهورية، ويقوم أيضاً بسلطة مجلس الشعب، أي أنه أصبح صاحب السلطة، لكن إلى جانب ذلك كانت هناك ملاحظات مهمة على أداء الجيش، أبرزها ما يلي:

 

1 - أن الجيش لا يبادر بملاحقة فلول النظام السابق وتقديمهم للمحاكمة العاجلة بتهم الاستبداد وجرائمهم التي لا تحصى، وتهم الفساد المالي والسياسي، ضمن مهمة تصفية كل جذور وأسباب الاستبداد والفساد، وهي المهمة الأولى من مهام إكمال الثورة، ولكن ملاحقة الفساد تتم بناء على بلاغات شباب الثورة والأفراد والنشطاء، وليس بمبادرات أو إجراءات أو ضمن مشروع وضعته الحكومة التي عينها المجلس الأعلى أو من المجلس الأعلى، فالمجلس وجد نفسه أنه المعني والمهموم بملاحقة فساد النظام السابق، ليس من منطلق الانتقام أو التشفي بل من دافع حماية الثورة وحماية مصر، وأنه الذي يحرص على استرجاع الأموال المنهوبة، لكن إلى جانب ذلك لاحظ الشعب وثواره أن إجراءات المحاكمة تجري ببطء شديد، وأن هناك مغالاة في تدليل قادة النظام داخل سجونهم بطريقة استفزازية للناس على غير المعاملة الطبيعية لأي سجين، ما شجع أنصارهم على التظاهر دفاعاً عنهم .

 

2 - اعتماد المجلس الأعلى على قواعد النظام السابق في تعيين واختيار المسؤولين، ونتيجة لذلك حاز رجال الأمن والضباط الكبار حصة الأسد في تعيينات المحافظين، وكأن هناك رغبة في إعادة الدولة البوليسية، كما لم يحدث تغيير له معنى في الإعلام المصري المكتوب والمرئي، حيث بقي من بقي من رجال ومفكري النظام السابق، بل تم اللجوء إلى كثير منهم لقيادة العملية الإعلامية في عهد الثورة، وهم من كانوا يدعمون استبداد وفساد النظام السابق ويهاجمون الثورة ويشوهون أهدافها ومقاصدها .

 

3 - رفض المجلس الأعلى تأسيس مجلس رئاسي يتكون من عدد من المدنيين والعسكريين (4 مدنيين + ضابط كبير) لتولي مهام رئيس الجمهورية، وأن يعود الجيش إلى مهامه الوطنية الأساسية، وتأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية إلى مرحلة ما بعد الانتهاء من وضع الدستور الجديد وإصدار القوانين المهمة للعملية السياسية خاصة قانون الانتخابات، وتحرير القضاء من كل القيود، فالمجلس الأعلى للقوات المسلحة احتفظ بالسلطة لنفسه من دون مشاركة مدنية، ويصرّ على التعجيل بالانتخابات التشريعية قبل أن تكتمل الخريطة الحزبية للقوى السياسية، وبعدها الانتخابات الرئاسية في تواريخ قياسية لا تسمح للمرشحين بفترات مناسبة للدعاية الانتخابية والتعريف بأنفسهم للناخبين .

 

هذه الأسباب وغيرها وبالذات ما يتعلق بالفراغ الأمني والسياسي، واستئثار المجلس الأعلى بالسلطة وتهميش المشاركة الشعبية في القرار، والاعتماد على رجال النظام السابق في إدارة الدولة بطريقة بيروقراطية من شأنها إدخال الثورة في مأزق الفشل، وهي التي دفعت إلى عقد مؤتمر مصر الأول، وهي التي حفزت الشعب كي يدخل بنفسه لحماية ثورته من خلال ما أعلن من مطالب شديدة الأهمية في هذا المؤتمر، وبالذات ما يتعلق منها بتأكيد ضرورة التعجيل ببدء إعداد الدستور الديمقراطي الجديد وتحديد أهم المبادئ والأهداف التي يرتكز عليها الدستور، والدعوة إلى ضرورة أن يسبق إعداد الدستور والاستفتاء عليه أي انتخابات تشريعية أو رئاسية، وما يتعلق بتأسيس مجلس وطني من القوى السياسية والحركات الشبابية والأحزاب المختلفة يكون كطرف مدني شعبي يشارك مع الجيش في حماية الثورة وتحقيق أهدافها

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا