<%@ Language=JavaScript %> يوسف أحمد 34عاماً على تأسيس اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني «أشد»
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

34عاماً على تأسيس اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني «أشد»

 مسيرة مضيئة وشعلة لن تنطفئ

 

بقلم يوسف أحمد

رئيس اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني في لبنان

 

كان لا بد من البحث والتفكير بتشكيل اطر خاصة بالشباب الفلسطيني بشرائحه المختلفة والمتعددة الطلابية والعمالية والمهنية، وتقديم البرامج التي تمكنها من أداء دورها الوطني النضالي والسياسي إلى جانب متابعة مشكلاتها وقضاياها على الصعد الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والثقافية وغيرها

 تأسيس منظمة الشبيبة الديمقراطية الفلسطينية جاء تجاوباً مع تصاعد حركة الشبيبة انطلاقا من الضرورة التاريخية لإيجاد حل ديمقراطي لمسألة الشبيبة، بحيث لا يكتفي بإلقاء المسؤوليات على عاتقها فحسب، بل يعترف بحقوقها

 شكل اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني أحد الأعمدة الرئيسية للحركة الشبابية والطلابية الفلسطينية في مناطق الضفة الفلسطينية وقطاع غزة، ولعب الاتحاد دوراً هاماً في مختلف المراحل النضالية التي مر بها شعبنا في الضفة والقطاع

 جاءت ذكرى النكبة وبعدها ذكرى النكسة ليجدد الشباب الفلسطيني حضوره على الساحة الفلسطينية والعربية، ويؤكد بأن فلسطين حاضرة في قلبه وعقله ووجدانه

نكبة عام 1948 آثاراً وردود فعل عميقة في وسط أبناء فلسطين، وبشكل خاص كانت ردة الفعل عند الشباب الذي أدرك أن أحد أسباب مأساته كان يكمن في الوضع الذاتي لشعب فلسطين متمثلاً في انعدام القيادة والوعي والتنظيم. وكان الحل الذي يراه يكمن في التنظيم والوعي على الصعيد الفلسطيني، وشكلت التغيرات التي حدثت في البلدان العربية في تلك الفترة دافعاً إيجابياً وزادت من الأمل والتفاؤل بإمكان خوض معركة مع إسرائيل واسترداد فلسطين. وكان النشاط الشبابي والطلابي الفلسطيني أحد التعبيرات الفلسطينية الناشئة عن هذا الوضع.

وقد اختلفت وتعددت الرؤى لدى الفلسطينيين، في الطريقة التي تمكنهم من إعادة الاعتبار إلى كيانهم المسلوب ومحاولات تذويب هويتهم الوطنية الفلسطينية.

وقد تبنى الشباب الفلسطيني توجهات مختلفة في سبيل ذلك، وتمحور نشاطهم في التشكيلات والأطر الناصرية، القومية...، وبالتالي فإن كل القوى الحية في صفوف الشعب الفلسطيني (إطارات، منظمات، أحزاب، ناشطين سياسيين، شباب وطلبة ...) انتقلت منذ العام 1948 إلى المشاركة الفاعلة كثيراً في مجموع الخارطة السياسية والحزبية العربية.

هذا النهوض الوطني الفلسطيني في مراحله الأولى بعد النكبة ولد حالة متقدمة للبحث عن الهوية والكيانية الوطنية الفلسطينية مما دفع الشباب الفلسطيني للتفكير الجدي ببلورة إطارات شبابية تحتضن الشباب الفلسطيني وتؤطر صفوفه من اجل القيام بدوره الوطني والنضالي في مواجهة العدو الإسرائيلي، ومواجهة تداعيات النكبة ومحاولات تذويب الهوية الفلسطينية.

 

 

 

 

التشكيلات الأولى

وقد برزت قبل انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة وقبل نشوء منظمة التحرير الفلسطينية، منظمات وهيئات شبابية وتنظيمية عدة توزعت في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي سوريا والأردن ولبنان ومصر، وقد حملت هذه التشكيلات إيديولوجيات وأفكار متعددة ونشطت بشكل رئيسي بين أوساط الطلبة الفلسطينيين خصوصاً في جامعات مصر وبيروت والخليج. ولعبت هذه المجموعات دورا مركزياً في تحديد مسار تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية فيما بعد، حيث شكلوا جزءا رئيسيا منها على الرغم من اختلاف توجهاتهم الفكرية.

كما شهد العام 1959 الاتحاد العام لطلبة فلسطين 𪡞«كمنظمة طلابية تسعى لضم جميع الطلبة الفلسطينيين في الوطن العربي».وأصبح فيما بعد قاعدة من قواعد منظمة التحرير الفلسطينية واحد أهم اتحاداتها الشعبية .

وعلى الرغم من أهمية الاتحاد العام لطلبة فلسطين والدور الذي لعبه بين أوساط الطلبة الفلسطينيين في تلك المرحلة، إلا انه لم يستطع أن يجمع كل فئات الشباب ويقدم لها برامج عمل تحاكي قضاياها واهتماماتها بحكم تركيبته الطلابية وتركيزه بشكل أساسي على قطاع الطلبة الجامعيين.

ومن هذا المنطلق كان لا بد من البحث والتفكير بتشكيل اطر خاصة بالشباب الفلسطيني بشرائحه المختلفة والمتعددة الطلابية والعمالية والمهنية، وتقديم البرامج التي تمكنها من أداء دورها الوطني النضالي والسياسي إلى جانب متابعة مشكلاتها وقضاياها على الصعد الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والثقافية وغيرها.

    هذا الواقع دفع بحركات المقاومة الفلسطينية وخصوصا اليسارية منها إلى البدء بالتفكير الجدي بأهمية الربط في العلاقة ما بين البناء الحزبي والديمقراطي الجماهيري، انطلاقا من المفهوم المتقدم للعملية الثورية من أن انجاز مهمات وأهداف الثورة هو حصيلة نضال الحركة الجماهيرية المنظمة وليس حصيلة نضال الحزب بقواه الذاتية فحسب، ومن أن دور الحزب في العملية الثورية هو إكساب هذه الحركة الجماهيرية عنصري الوعي والاتحاد، وتمكينها من العمل ووضع البرامج والمهمات التي تتلائم مع طبيعة وظروف القطاع الاجتماعي الذي تتوجه إليه.

وقد أدركت القوى الفلسطينية أهمية الشباب ودورهم الكبير في النضال الوطني الفلسطيني، وضرورة تنظيم صفوفهم وتأطيرهم بشكل منظم وإعطائهم الفرصة وإفساح المجال أمامهم للارتقاء بدورهم وفعلهم النضالي والسياسي والاجتماعي دفاعا عن حقوق ومصالح الشباب والطلبة وتمكينهم من أخذ دورهم المتقدم في حركة اللاجئين ونضالها من اجل حق العودة ومن اجل انجاز الحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا وحقه في تقرير المصير وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

وعلى هذا الأساس انطلقت اللجان التحضيرية في وضع الأسس التنظيمية والبرنامجية، لبناء منظمة الشبيبة الديمقراطية الفلسطينية في كافة أماكن تواجد جماهير شعبنا الفلسطيني، داخل الوطن المحتل وخارجه، وشرعت هذه اللجان في إحراز تقدم ملموس مكنها من عقد المؤتمرات التأسيسية للشبيبة الديمقراطية الفلسطينية، في الأقاليم والفروع المختلفة، خلال أعوام 77، 78 و 1979 وبداية الثمانينات، ووضعت هذه الفروع والأقاليم، أنظمتها الداخلية ولوائحها وبرامجها المنطلقة من خصوصية كل تجمع شبابي فلسطيني تعمل في صفوفه، ولعل ابرز منظمات الشبيبة الديمقراطية، هي التي بنيت داخل الوطن المحتل، لبنان، سوريا، الأردن، الكويت، والولايات المتحدة الأميركية، وألمانيا الغربية كما امتدت فروعها، حيث تجمعات الطلبة الفلسطينيين في جامعات أوروبا الشرقية والغربية وفي بلدان أخرى.

وقد شهد فرع لبنان أولى المحطات التأسيسية لمنظمة الشبيبة الديمقراطية الفلسطينية" التي تحولت لاحقا إلى اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني «أشد»، حيث انعقد المؤتمر التأسيسي الأول للمنظمة بتاريخ 26/ 6/1977 في بيروت، وقد كانت هذه الانطلاقة أولى وبدايات العمل الشبابي الفلسطيني المنظم والمؤطر بشكل منظم ومستقل بعد مرحلة انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة.

وقد جاء انعقاد المؤتمر في لحظة فاصلة من حياة الشباب الفلسطيني في لبنان.حيث شهدت المخيمات الفلسطينية في لبنان في تلك الفترة حالة حصار وقمع واضطهاد وما سببته من تفاقم للهموم والقضايا الاجتماعية الشبابية،وهذا ما ألقى على عاتق المؤتمر مهمة الإجابة على عدد من الأمور التي طرحت بحدة، وكلها تتعلق بتنظيم أوضاع الشبيبة، وتوفير مناخات صحية لعملها سياسيا، وتربويا، واجتماعيا وثقافيا.

ورأى المؤتمر أن تأسيس منظمة الشبيبة الديمقراطية الفلسطينية جاء تجاوباً مع تصاعد حركة الشبيبة انطلاقا من الضرورة التاريخية لإيجاد حل ديمقراطي لمسألة الشبيبة، بحيث لا يكتفي بإلقاء المسؤوليات على عاتقها فحسب، بل يعترف بحقوقها ويتفهم أسباب وبواعث اضطرابها وقلقها ، ويعتمد الديمقراطية أساسا لحل مشكلاتها ويوفر لها المجال للمساهمة النشطة والفعالة في الحياة الاجتماعية ويلبي مطالبها ويشركها إشراكا ايجابياً في صياغة حاضرها ومستقبلها بما يحقق شخصيتها ويساعدها على تنمية طاقاتها وتحقيق مطامحها في التثقيف والإبداع والاستيعاب الواعي لقضايا الشعب والوطن والمساهمة في صيانة مصيرها. ويطور مبدأ اعتمادها على ذاتها ويدعم تطورها الحر ويعزز ثقتها بنفسها وبقدراتها .

ومن هنا يمكن القول أن هذه المرحلة وهذه الانطلاقة شكلت مرحلة هامة في حياة وتاريخ الشبيبة الفلسطينية التي تمكنت من صياغة هويتها الشبابية المستقلة ونظمت واقعها بلوائح وأنظمة داخلية مستقلة مكنتها من استيعاب أعداد كبيرة من الشباب الفلسطيني وتأطيرهم وخلق مساحة للتفاعل الايجابي الذي يخدم مصالح الشباب وتطلعاتهم. إلى جانب دورها في تعزيز انخراط الشباب بشكل أكبر في كافة الميادين النضالية والكفاحية لشعبنا الفلسطيني.

على خطى الكفاح المسلح

شكل الكفاح المسلح في الداخل والخارج رافعة نضال أساسية في تعبئة طاقات جماهير شعبنا الفلسطيني وساهم الشباب في الدفاع عن الثورة الفلسطينية في وجه مؤامرات التصفية ومحاولات فرض الاستسلام على ثورتنا وشعبنا، وما أمثولة الصمود التاريخية لشعبنا ومقاتلي الثورة في وجه الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 إلا درسا ملهما ومهما لثورتنا وشعبنا الذي سطر الملاحم البطولية في وجه الاحتلال الإسرائيلي، وللشباب الفلسطيني الدور الريادي والطليعي في جميع المواجهات والعمليات التي كانت تشدها معظم محاور المواجهة مع قوات الاحتلال.

ولعبت منظمة الشبيبة الديمقراطية الفلسطينية دورا كبيرا في العمل على حماية المخيمات من خلال التصدي للاعتداءات الإسرائيلية، وساهمت في تشكيلات الحراسة الليلية والكمائن على أطراف المخيمات وخاصة تلك التي تقع على سواحل البحر حيث كثيراً ما كان يتم إنزالات إسرائيلية وكان للشبيبة العسكرية دوراً متقدماً في التصدي لهذه الإنزالات وهنا لا بد من ذكر الرفيق الشهيد ميسرة الحاج الذي استشهد على شاطئ منطقة الدامور أثناء المشاركة في التصدي لإحدى هذه الإنزالات .

ويسجل للشبيبة العسكرية في منظمة الشبيبة الديمقراطية الفلسطينية دورها الملموس في إسناد القوات المسلحة الثورية للجبهة الديمقراطية، ضمن برنامج متكامل، وفي حالات الاستنفار والقتال ضد العمليات العدوانية للجيش الإسرائيلي. فكانت مجموعات من الشبيبة العسكرية من مخيمات لبنان تلتزم بتنفيذ ما سمي «بالخدمة الثورية» في صفوف القوات المسلحة في العطل الصيفية وفي حالات التعبئة. نذكر منها على سبيل المثال الدور المهم الذي أدته هذه الشبيبة في صد الاجتياح الإسرائيلي عام 1978 على المحاور كافة، وخاصة على محوري صور والنبطية. كما نذكر بفخر كيف نجحت منظمة الشبيبة الديمقراطية بتشكيل وحدة للدفاع الجوي في منظمة صور انخرطت جنبا إلى جنب مع كتيبة الدفاع الجوي للقوات المسلحة الثورية. وقد تشكل سلاح الوحدة الخاصة بالشبيبة الديمقراطية من رشاشات متوسطة عيار 14.5 فردي ورباعي. وقد لعب هذا التشكيل دورا ملموسا في حرب الجور في جنوب لبنان في صيف العام 1981.

 وخلال عملية الاجتياح الإسرائيلي للبنان في صيف 1982 لعبت الشبيبة العسكرية دوراً محورياً وأساسيا في التصدي لقوات العدو الإسرائيلي إلى جانب دورها الاجتماعي والإغاثي وفرق الدفاع المدني التابعة للشبيبة التي كان لها دوراً أساسيا في إسعاف الجرحى وخصوصاً في مخيمات بيروت. وفي الجانب العسكري لا بد أن نذكر أبطال الـ  الاربجي عند أبواب مخيم البرج الشمالي إضافة إلى مخيم عين الحلوة ومخيمات بيروت ومخيمات الساحل ومخيم الرشيدية الذي قاوم حتى الرمق الأخير وسطر شبابه وحتى أشباله ملاحم بطولية فاجأت جنود الاحتلال الإسرائيلي وأربكت تقدمهم فعملوا على ضربهم بالصورايخ والقذائف ليتمكنوا من السير والتقدم بآلياتهم العسكرية .

    وقد تحدثت العديد من التقارير الصحفية عن دور الشبيبة العسكرية في مرحلة الاجتياح الإسرائيلي ونذكر منها ما ذكرته بعض التقارير عن إحدى المواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم البرج الشمالي الواقع بمدينة صور جنوب لبنان، حيث فوجئت المواقع المتقدمة للدفاع عن المخيم بأرتال الدبابات الإسرائيلية على بعد 150 متر من مدخل المخيم متجهه شمالا بمحاذاة مشروع قناة مياه الليطاني، وتقدم منها رتل باتجاه المخيم وتصدت لهم وحدة الدفاع التابعة لمنظمة الشبيبة الديمقراطية الفلسطينية، بأسلحتها الرشاشة وقذائف الأربي جي واستطاعت أن توقف التقدم بعد تدمير أربع 4 آليات .

وعمد بعدها الاحتلال الإسرائيلي إلى قصف المخيم بشكل عشوائي واستشهد المئات من شباب المخيم وكان منهم أعضاء من منظمة الشبيبة الديمقراطية الفلسطينية الذين استهدفهم القصف الإسرائيلي ومنهم الشهداء عامر قفطان وخالد نزال ومروان فرح ...

لم يقتصر دور منظمة الشبيبة الديمقراطية على المساهمة الفاعلة في القتال ضد الغزو الإسرائيلي في العام 1982. بل شكلت وحدات الشبيبة مجموعات فدائية، أخذت على عاتقها شن عمليات ضد دوريات العدو ومواقعه في جنوب لبنان. وقد نجحت إحدى هذه المجموعات في تدمير باص للجنود الإسرائيليين المجازين، أدى إلى مقتتل العديد من ركابه.ومن شهداء منظمة الشبيبة في اجتياح 1982 نذكر محمود عثمان، ومحمود خالد حسين، وماجد بليبل، ومحمود جابرة، وحسن جدوع، كما عملت منظمة الشبيبة على إعادة استنهاض الأوضاع في المخيمات تحت الاحتلال، فشكلت منظمة لجان شباب فلسطين، وأخذت تصدر نشرة سرية، أسهمت في إعادة تنظيم صفوف الشباب في المخيمات، وفي تحصين هذه المخيمات في مواجهة محاولات زرع الفتنة في الصفوف. وفي معتقل أنصار، كان لمنظمة الشبيبة الديمقراطية دور بارز في الانتفاضة على السجان الإسرائيلي، إذ أعاد الأسرى من أبناء منظمة الشبيبة تنظيم صفوفهم في المعتقل، وعملوا على إصدار نشرات سرية للأسرى، ساهمت في إعادة تنظيم الحالة النضالية في الأسرى. وتفخر المنظمة أنها قدمت في المعتقل بطلها الشاب الرفيق سهيل أبو الكل الذي استشهد وهو يقود إحدى الانتفاضات في مواجهة السجان الإسرائيلي. وتحت الاحتلال، واصلت قيادة منظمة الشبيبة دورها في إعادة الصفوف التي مزقها الاحتلال. نذكر من قادة الشبيبة الرفيق علي أبو خرج، الذي اختطفه عملاء الاحتلال من منزله في صيدا، وما زال مصيره غامضاً حتى الآن.

 

في مواجهة الاحتلال

وعلى صعيد الداخل الفلسطيني فقد شكل اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني ركناً أساسيا وأحد الأعمدة الرئيسية للحركة الشبابية والطلابية الفلسطينية في مناطق الضفة الفلسطينية وقطاع غزة، ولعب الاتحاد دوراً هاماً في مختلف المراحل النضالية التي مر بها شعبنا في مناطق الضفة والقطاع، فشارك بفعالية في الانتفاضة الفلسطينية عام 1987 وانخرط في كل اللجان والأطر الجماهيرية التي تشكلت للتصدي لقوات الاحتلال الإسرائيلي وقطعان مستوطنيه، كما شارك بشكل فاعل في لجان التموين وكل اللجان الشعبية الأخرى المنبثقة عن القيادة الموحدة للانتفاضة.

وقد تميزت هذه الانتفاضة ببنيتها الشبابية التي شكلت عمادها الرئيسي وهذا ما جعل الاحتلال الإسرائيلي يركز في أعماله العدوانية على عنصر الشباب واعتمد نظرية تكسير العظام مستهدفاً فيها فئة الشباب على وجه الخصوص في محاولة لضرب عصب الانتفاضة وإضعافها. وقام الاحتلال الإسرائيلي أيضا بإبعاد عدد واسع من أعضاء القيادة الوطنية الموحدة ومن بينهم عدد واسع من القيادات الشبابية، كما ركز في حملات الاعتقال على شريحة الشباب الذي شكلوا أكثر من 50% من عدد المعتقلين الفلسطينيين إبان فترة الانتفاضة، يضاف إلى ذلك تركيز جنود العدو على تعمد قتل وتصفية الشباب.

وكذلك الحال خلال الانتفاضة الثانية انتفاضة الاستقلال عام 2000 حيث أشارت البيانات الإحصائية إلى أن 72.2 في المئة من الشهداء في الأراضي الفلسطينية خلال انتفاضة الأقصى والاستقلال هم من الشباب (15-29 سنة)، وكان لاتحاد الشباب دور كبير خلالها وقدم عشرات الشهداء الشباب من أعضائه خلال سنوات الانتفاضة إلى جانب عدد كبير من قياداته التي اعتقلت من قبل الاحتلال الإسرائيلي ونذكر منهم الرفيق عبد حمد مسؤول اتحاد الشباب في قطاع غزة، والرفاق مصطفى بدارنة وسفيان بركات أعضاء سكرتاريا «أشد» وغيرهم من رفاقنا من قيادات الاتحاد في الضفة الفلسطينية الذين ما زالوا في سجون الاحتلال حتى اليوم.

وعلى صعيد المقاومة الشعبية فيسجل للشباب الفلسطيني دوره البارز والمتقدم في النشاطات والحملات الشعبية والجماهيرية لمقاومة بناء جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية حيث النشاطات المستمرة التي تنظم لإعاقة عمل الآليات الإسرائيلية ومنعها من الاعتداءات على منازل المواطنين وأراضيهم الزراعية، وتشهد العديد من البلدات والقرى الفلسطينية مواجهات شبه أسبوعية بين جموع الشباب الفلسطيني وجنود الاحتلال الإسرائيلي الذي يطلقون الرصاص الحي على الشباب وقنابل الغاز المسيلة للدموع في محاولة لضرب الحركة الشعبية الفلسطينية المناهضة لبناء الجدار العنصري والتي يشكل الشباب احد أعمدتها الرئيسية.

وعلى الصعيد السياسي وتفاعل الشباب الفلسطيني مع القضايا الوطنية والتطورات السياسية التي تمر بها قضيتنا الفلسطينية، وخاصة في موضوع الانقسام السياسي الداخلي الذي تعيشه الحالة الفلسطينية منذ أحداث قطاع غزة ، فيمكننا أن نسجل للشباب الفلسطيني تلقفه اللحظة التاريخية التي تشهدها المنطقة العربية وثوراتها الشبابية  ليرفع صوته ضد استمرار حالة الانقسام الفلسطيني، وهنا يمكننا أن نسجل لاتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني في مناطق الضفة الفلسطينية وقطاع غزة وبلدان الشتات وخصوصا في لبنان مبادراته التي دفعت إلى تشكيل الحملات الشبابية لإنهاء الانقسام التي خرجت بمظاهراتها وتحركاتها الجماهيرية إلى الشارع، رافعة شعارات واضحة تدعو إلى إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية والتوحد في مواجهة الاحتلال والعدوان الإسرائيلي. مطالبة باحترام إرادة الشعب واستعادة الحياة الديمقراطية في المؤسسات الوطنية باعتباره الطريق الوحيد الذي يكفل إنهاء الانقسام المدمر والعبثي.

دور ريادي

وقد استطاع الشباب الفلسطيني أن يوصل عدداً من الرسائل الهامة، أولها بأنهم قد توجهوا لأخذ دورهم الريادي الذي مثلوه في الانتفاضات والهبات المتعاقبة، وبأنهم قد أعادوا الاعتبار للعلم الفلسطيني، وبأنهم بدأوا بطرد الهزائم من داخلهم وفي نفض غبار الإحباط عن نفسياتهم، ويطالبون الجميع بالتعامل مع وجودهم دون قلق فائض، بل إسنادهم وحماية مشروعهم واستعادة دورهم حيث أصبحوا على السكة الصحيحة. وقد نجح هذا الحراك الشبابي والجماهيري أن يفرض على طرفي الانقسام الالتزام بإنجاز المصالحة الوطنية وهذا ما حصل حيث وقعت جميع الفصائل على وثيقة التفاهم والورقة المصرية ووضعوا حجر الأساس لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية.

وقد جاءت ذكرى النكبة وبعدها ذكرى النكسة ليجدد الشباب الفلسطيني حضوره على الساحة الفلسطينية والعربية، فكان هذا الحراك الشبابي والجماهيري الفلسطيني الأضخم منذ النكبة وحتى اليوم ليؤكد للاحتلال الإسرائيلي بأن فلسطين حاضرة في قلب ووجدان وعقل الشباب الفلسطيني، وأن كل سنوات اللجوء والشتات لا يمكن أن تمحي حقهم بالعودة من قاموس النضال الفلسطيني.

وقد نجح الشباب الفلسطيني أن يعبد بتضحياته ودماء شهدائه وجرحاه هذا المسيرة، وأن يثقب جدار الظلم اللاحق به منذ 63 عاماً بفعل التآمر الدولي والاستسلام الرسمي العربي، حيث سقط أكثر من 50 شهيداً ومئات الجرحى خلال تلك التحركات ومن بينهم عضوي اتحاد الشباب (أشد) الرفيقين الشهيدين زكريا يحيى أبو الحسن (مخيم اليرموك)، ومحمد عيسى ذيب ( مخيم النيرب)، شهيدي الحرية والعودة، الذين رووا بدمائهم الفلسطينية والى جانبهم 21 شهيداً الأرض المحتلة  على مشارف سفوح هضبة الجولان المحتل في (5/6/2011).

وعلى صعيد نضالاته المطلبية والنقابية فقد استطاع الاتحاد تحقيق العديد من الانجازات، وكان مواكباً وحاضراً في كل قضية ومشكلة تواجه الشباب والطلبة الفلسطينيين ولعل أهم انجازاته النقابية التي تسجل له في المراحل الأخيرة هي التحركات المطلبية الواسعة التي خاضها وأدت إلى موافقة الأنروا على افتتاح الثانويات إلى جانب متابعاته المستمرة على مدى سنوات طوال لكل المشكلات التربوية والتعليمية التي تعاني منها مدارس الأنروا، بالإضافة إلى دوره الرئيسي في موضوع مساواة الطالب الجامعي الفلسطيني بزميله اللبناني في الجامعة اللبنانية. إلى جانب شبكة العلاقات الواسعة التي نسجها مع الجامعات والمعاهد الخاصة في لبنان واستطاع من خلالها تخفيض قيمة الرسوم والأقساط للطلبة الفلسطينيين ومواكبته المستمرة لأزمة الطلبة الجامعيين من أبناء البارد. كما لعب دورا كبيرا في دفع منظمة التحرير الفلسطينية وتأسيسها صندوقاً خاصاً لدعم الطالب الفلسطيني في لبنان.

واليوم يخوض الاتحاد تحركاً واسعاً رافعاً مطلب بناء جامعة فلسطينية في لبنان، ويتوجه بمطلبه هذا إلى منظمة التحرير الفلسطينية ووكالة الأنروا باعتبارهما الجهتان المسؤولتان عن معالجة ومتابعة أوضاع شعبنا وطلبتنا الفلسطينيين في لبنان.

وفي مناطق الضفة الفلسطينية وقطاع غزة وسوريا ومناطق اللجوء والشتات الأخرى التي يتواجد فيها شبابنا وطلبتنا، فقد لعب الاتحاد أيضا دورا مبادرا وبارزاً في حمل هموم ومشكلات الشباب والطلبة، وواكب بشكل كبير كل تفاصيل حياة الشبيبة الفلسطينية سواء طلبة الجامعات الفلسطينية في مناطق الضفة والقطاع أو بلدان الشتات، وتبني مشكلاتهم التربوية ومتابعتها مع الجهات المعنية إلى جانب متابعة قضاياهم داخل الجامعات، وكذلك الحال بالنسبة لطلبة المدارس الإعدادية والثانوية وسعيه المتواصل لتحسين مستواهم التعليمي ومعالجة مشكلاتهم مع الجهات المعنية. إلى جانب متابعته لأوضاع الطلبة الفلسطينيين الحاصلين على منح جامعية في الدول العربية والأجنبية الصديقة .

وعلى صعيد الاتحادات والمؤسسات الشبابية الوطنية فقد أولى الاتحاد أهمية كبيرة لكافة الأطر الشبابية والطلابية سواء مجلس رعاية الشباب أو الإتحاد العام لطلبة فلسطين، وشارك بفعالية في مختلف الهيئات ويناضل من اجل دمقرطة هذه الاتحادات التي تفتقد إلى الحياة الديمقراطية والدستورية منذ سنوات طويلة.

كما أعطى الاتحاد أولوية لبناء العلاقات مع المنظمات الشبابية والطلابية على الصعيد العربي والدولي، واكتسب (أشد) في العام 2008 عضوية إتحاد الشباب الديمقراطي العالمي الذي يعتبر من أهم منظمات الشباب العالمية المناهضة للصهيونية والعنصرية.

اليوم وبعد مضي 34 عاماً على تأسيس اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني، نستطيع القول أننا نسير بخطى واضحة ،معالمها وأهدافها محددة، وإن كنا نفتخر بما تم تحقيقه في هذه السنوات الطويلة، فإننا نرى أن المهمات القادمة والمسؤوليات الملقاة على عاتقنا ما زالت كبيرة جداً.

وبالتالي علينا الاستفادة من حالة النهوض الشبابي الذي نعيشه على صعيد المنطقة العربية والاستفادة منه باتجاه إعادة الاعتبار لدور وحضور الحركة الشبابية والطلابية الفلسطينية وتعزيز دورها في النضال الوطني الفلسطيني، إلى جانب تحديد مكامن الخلل وسبل المعالجة وكسر كل القيود التي تحول دون أن يأخذ الشباب الفلسطيني دوره المطلوب. انطلاقا من أن هؤلاء الشباب هم الثروة الأساسية التي نمتلكها، وهم مرشحون للمساهمة بفعالية في التصدي للتحديات التي ما زالت تواجه شعبنا الفلسطيني وقضيتنا الوطنية.

ختاما، لم يقتصر عمل منظمة الشبيبة الديمقراطية الفلسطينية (واتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني لاحقا) على الأعمال العسكرية ضد الاحتلال، وعلى الدور السياسي والاجتماعي والثقافي والنقابي، بل إنها تفخر أنها كانت مدرسة تخرج منها مئات الكوادر القادة في صفوف الجبهة الديمقراطية وصفوف الشعب. إن كثيرين ممن يتبوأون الآن مواقع قيادية في الجبهة الديمقراطية وفي مؤسسات م.ت.ف، في الميادين المختلفة، كانوا فيما مضى أعضاء في منظمة الشبيبة الديمقراطية وفي اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني.

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا