<%@ Language=JavaScript %> ياسر قبيلات الغرق في رمال العار
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

الغرق في رمال العار

 

 

 ياسر قبيلات

 

ليس الأمر أنني سعيد بخبر إقالة مدير عام الجزيرة؛ فهو على أحسن الأحوال مجرد موظف محروم فتحت له العباءة الخليجية بالقدر الكافي الذي جعله لا ينسى فلسطين فقط، بل واستمرأ امتهانها بجعلها ذريعة ومناسبة لتمرير كل "السفالات" الإعلامية الصهيونية، التي لم تنته عند تنفيذ السياسات المتغطرسة بحق زملائه وأساتذته في المهنة الذين أرسوا أركان مشروع "الجزيرة" الإعلامي، بل والتجرؤ على المهنة نفسها والاعتداء عليها إلى حدود "الاغتصاب" الهمجي الجاهل والمتخلف.

بل أنا مرتاح للحيثيات التي رافقت ذلك!

انفضح الدور التآمري لفضائيات التآمر، وبالتالي دور رعاتها المحليين والدوليين، وانكشفت رعونة جماعات دعمها الإسلاميين ومليشياتها الميدانية، والدور المشبوه الذي قاموا ويقومون به في كل بلد، ولم يعد بإمكانهم التستر على أنشطتهم المريبة وإخفاؤها تحت عباءة "الأيدولوجيا" و"النضال السياسي" والمهنة الإعلامية.

مرتاح لأن اللعبة انتهت!

قد يبتهج البعض أكثر لأن الفتى "الإخونجي المثالي" الذي غرق في قرارة الحضن الخليجي، أُلقي به عند أقدام الكرسي الذي حمله طويلاً؛ ولكني شخصياً مرتاح لأن الأمواج السورية العميقة أغرقت مركب مدير عام الجزيرة ومركب قناته ولم يستطيعا النجاة منها، وهو الذي نقل عنه الكثير من التهديد والوعيد المتبجح بإصراره على الإطاحة سوريا وتغيير نظامها مهما كلف ذلك من جهد، ومال، وأساليب، وقدر ما يتطلب من وقت.

صمد مدير عام الجزيرة "الإخونجي المثالي" طويلاً لأنه لم يجد من قبل إرادة عاقلة تأنف الانجرار وراء أناه المتضخمة؛ إذ كان خصومه ينزلقون إلى الدخول معه في معارك صغيرة، يختارها هو، ويضع عنوانها وشروطها بنفسه، فينجح في رفع رعونة التبجح إلى مستوى تواضع الحق.

وهوى المدير المظفر حينما حسب أنه قادر على مواجهة إرادة عاقلة تترفع عن الصغائر دون أن تهملها، وتسمع الضجيج ولا تستمع إليه، وتنتبه إلى التفاصيل دون أن تغفل عن الأبعاد الإستراتيجية، وتؤمن بقوة الخطوة المبنية على التخطيط، وبالتخطيط المبني على المعرفة والمعلومات. ولا ترتعد فرائضها للعقوبات وإدعاءات شاهد "العيان"..!

لم ينته "الولد" القطري، الذي يظن نفسه فلسطينياً، لأسباب إدارية!

بلى، فلست أعتقد أن إيران ولا الأحقاد التي يقال أنها متبادلة بين المدير المخنفر وبين خليله، الذي لم يختره ولم يحبه، عزمي بشارة كافية لعزله، في حين أنه من الواضح لي أن وثائق "ويكيليكس" مجرد ذريعة فلم يكن لينسق مع الأمريكان على الرغم من إرادة مشغليه..

فهو بهذا التنسيق مجرد "إخونجي مثالي"..!

ومن الجهة الأخرى، فملف المدير المخنفر المليء بالاتهامات.. وربما الإدانات أيضاً، ليس جديداً رغم شهادات زميلاته المذيعات اللواتي اشتكين من مضايقات أخلاقية، بدليل أنه اضطر في وقت سابق، وفق ما قيل، إلى استباق شبح إقالة بدت له حينها وشيكة برجاء إتاحة الفرصة له ببعض الوقت الإضافي، لحفظ ماء الوجه أمام الزميلات المتحديات.

وكان قد بقي له بعض الدلال.. وأسعفه!

في الوقت الذي أعقب ذلك، حاول المدير المخنفر دخول باب الاجتهاد لاستعادة "تمام الرضا" بخوض "معركته" الشخصية والوظيفية الأخيرة من خلال الموضوع السوري بقوة كما كان الأمل منه؛ وبالفعل، بدت معركته أول الأمر في أعين مشغليه، وإلى حين قريب، ناجحة وقوية لولا أن "الحسم" غاب عنها وبقي بعيداً، بينما ظل الوعيد وعيداً، والتهديد تحول إلى صديدٍ تضيق به جزيرة الأثرياء.

لقد نجح، لكنه فشل..!

نجح في التضليل، وأبلى بلاء كبيراً في جعل الموضوع السوري، دون مبرر فعليّ على الأرض، يتصدر وسائل الإعلام كـ"موضوع الساعة"، وإيهام العامة وحتى كثير من النخبة بأن النظام السوري يواجه نهاية شعبية حتمية، وأن المقاومة خرافة والممانعة وهم..

لكنه في الوقت نفسه، ورغم الأموال الطائلة التي أهدرها واستقطبها، فشل أمام قوى المقاومة وأنصار الممانعة نفسهما بجهدهما الإعلامي البدائي الفقير، وأخفق في جعل ما نجح فيه سبيلا للتمديد له، وفي منع جهوده نفسها من التعجيل بالاكتفاء منه ومن خدماته و"مذاقه الرائع اللذيذ".

لقد أصبح عبئاً لا يستحق..!

وهنا، لن نخطئ إن ظننا أن صياداً سورياً ماهراً اصطاده، فأوقعه وشيخه في حرج بالغ رغم ما كانا يلقيانه من تأييد ودعم من شيخهما الأمير المتحمس لهما، وهو ما يتضح من اقتحام هذا الأخير مجالاً كان يأنف الانشغال بحيثياته وتفاصيله، فبات يركب بنفسه على غير عادته طائرة سياسة بلاده الخارجية، ويرتدي بنفسه عباءة جهودها الدبلوماسية، ولا يترك إلا ما كان يقل شأناً عن صفته الرسمية بروتوكوليا (اجتماع وزراء الخارجية العرب مثلاً). الأمر الذي أوجد بيئة خصبة للإشاعات التي تناولت علاقته برئيس وزرائه، الذي يشغل في الوقت نفسه منضب وزير الخارجية.

أنا مرتاح لأن صياداً سورياً ماهراً فعلها!

وفي الوقت نفسه، لست أميل لتصديق الأخبار غير المؤكدة التي أوردتها بعض وسائل الإعلام، وترددت كإشاعات عامة حول محاولة انقلاب فاشلة وأخرى (فاشلة أيضاً) لاغتيال الأمير، الذي بدا مؤخراً، إضافة لصفته هذه، رئيس وزراء ووزير خارجية..

وأميل في نفس الوقت، ببالغ الارتياح والرضا، إلى القول بأن أن اللعبة بشروطها الحالية انتهت، فأتاح ذلك المجال للإطاحة بالمدير المخنفر وتحجيم شيخه. ولكن الأمر فتح، في نفس الوقت، المجال أمام شيوخ الجزيرة للاستجابة للعبة بشروطها الجديدة، بدليل أن مندوباً أمريكي الجنسية هو الليبي المنبت محمود شمام، رئيس تحرير نسخة "النيوزويك" العربية، بات عضواً في مجلس إدارة الشبكة الفضائية!

لقد قال لي ممازحاً، ذات يوم من بداية التسعينات، مقاتل فلسطيني نظيف واجه الإسرائيليين في يوم مجيد: "لا داع لإطلاق "الرصاص الشريف" على الخونة والعملاء والمرتزقة ومن هم في حكمهم من العرب. يكفي تركهم يغرقون في رمال عارهم".

لذا، أنا مرتاح لأن واحدة من "الجزر" العربية، بكل ما تحمله من جماعات دعم أيدلوجية ومليشيات ميدانية، تغرق اليوم في رمال عارها المهني والأخلاقي؛ ويغرقها من يغرقها، الآن، دون "حماية دولية" ودون "تدخل أجنبي"، وعلى الرغم من  إرادة الأمريكان و"الناتو"..

يا للنزاهة والمبدئية والإنصاف!

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا