<%@ Language=JavaScript %> ابراهيم الأمين سوريا : استمرار السباق بين الإصلاح والفتنة
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

سوريا : استمرار السباق بين الإصلاح والفتنة

 

ابراهيم الأمين

 

الخطاب الذي ألقاه الرئيس بشار الأسد أمام الحكومة الجديدة، أول من أمس، جاء مختلفاً عن الخطاب الذي ألقاه أمام مجلس الشعب قبل نحو أسبوعين….. والاختلاف تمكن ملاحظته في الشكل والمضمون، رغم أن السؤال الفعلي للمراقب عن بعد كما للمواطن السوري، يبقى عن الجديد، أو المختلف في توجّه الحكم في سوريا إزاء استحقاق الإصلاحات التي ينشدها المواطنون هناك.


ربما ليس على أحد من خارج سوريا مسؤولية السؤال عن برنامج السوريين، حكومة أو شعباً، إزاء عملية الإصلاح…
. كذلك فإنه قد يخرج (وقد بدأ يخرج) من يقول إن الخارج يحاول من خلال مقاربته الوضع السوري ممارسة نوع من الوصاية، سواء لناحية تحديد سقف الإصلاحات المطلوبة ونوعيتها، أو لناحية التدخل في عملية التحريض على النظام أو على العنف عموماً.

وفي الحالتين، لا يمكن أحداً داخل سوريا وخارجها تجاهل أن الحدث السوري هو حدث عربي بامتياز، يشبه إلى حدّ بعيد الحدث المصري….. فهو حدث سوري، وحدث لبناني، وحدث عراقي، وحدث أردني، وحدث فلسطيني، وحدث إيراني، وحدث تركي وحدث سعودي.

وإلى جانب هذه الدول، فإن تأثيرات وجهة الأحداث في سوريا سيكون لها تأثيرها المباشر على مواقع جغرافية وسياسية تتعدى هذه الدول، ما يعني أنّ من المنطقي، لا بل من الطبيعي، أن يكون الجميع معنيين بمناقشة على الأقل.


وفي هذا الإطار، تمكن ملاحظة الآتي منذ بداية الاحتجاجات حتى اليوم
:


أولاً: إن التعبير عن الحاجات الإصلاحية عند الجمهور في سوريا تجاوز حدود مقالة أو تصريح يطلقه معارض سوري منفيّ أو يعيش في الخارج، أو في سجن، لأنه أطلقه من الداخل…
.. وهو تعبير تجاوز أيضاً القوى المؤلفة للمعارضة السورية بكل أطيافها، بما في ذلك الإخوان المسلمون، رغم الدور المركزي الذي تؤدّيه هذه المجموعة اليوم.

وهذا يعني أن على النظام في سوريا تجاوز أي محاولة للالتفاف على المطالب، أو أيّ تبرير لأي نوع من القمع الدموي أو المعنوي للمحتجّين، لأنه مهما بلغ حجم التخريب والتآمر، فإن غالبية ساحقة من المشاركين في الاحتجاجات هم من السوريين الذين يقولون صراحة إنهم بحاجة إلى تغييرات تشمل كل شيء، ولا تقتصر على أمر دون آخر.

ويحتاج هؤلاء إلى إصلاحات ذات محتوى سياسي يهمّ الحريات في الدرجة الأولى، واللجوء إلى خطوات عملية للمشاركة في بناء حياة برلمانية حقيقية كما حياة سياسية مفتوحة.


ثانياً: إن الولايات المتحدة الأميركية والسعودية وأطرافاً أخرى عربية ودولية وحتى لبنانية، متورطة في الجانب التحريضي من الأحداث في سوريا، وهو عمل مفهوم نتيجة رغبة أطراف هذا الحلف، مجتمعين، في التوصل إلى تغيير شامل في سوريا، ليس لأجل مصلحة الشعب السوري أو غيره من الشعوب، بل لأن الأمر يقتصر على معاقبة النظام الحالي في سوريا نتيجة تضارب السياسات والمصالح القائمة، وخصوصاً في العقد الأخير.


ثالثاً: إن الأحداث الأخيرة دلّت على ارتفاع منسوب الوحدة الوطنية عند الشعب السوري، سواء عند الفئة المؤيّدة للحكم، أو عند معارضيه، وبالتالي فإن الشعب السوري قدّم، كما هي حال مصر وتونس واليمن وليبيا، صورة لم تكن في أذهان كثيرين منّا، عن أن الناس بكل فئاتهم يحتاجون إلى الإصلاح، وأن الفساد هو عدوّ الجميع من دون استثناء، وأن المتضررين من الإصلاح هم أيضاً من كل الفئات والتشكيلات الاجتماعية والطائفية لأي مجتمع.

كذلك فإن غالبية هؤلاء لا يريدون تغييراً في السياسة الوطنية للبلد، وحتى لو كان فريق أميركا والسعودية يسعى إلى قلب الموازين، إلا أن من الواضح أن هؤلاء لا يمكنهم فرض أيّ من شعاراتهم على الذين يسيرون في الشوارع….. وهذه إشارة جديدة تساعد النظام نفسه على السير في عملية الإصلاح إلى آخر مداها، من دون أن يخشى على وحدته الوطنية أو على موقفه السياسي من المسألة العربية أو الصراع مع إسرائيل.


رابعاً: إن القيادة في سوريا تعرف تماماً حاجات الناس إلى الإصلاح، وهي تتصل أولاً برغبة المواطن هناك في أن يشعر بأنه شريك فعلي في بناء الدولة والمحافظة عليها وفي صياغة سياساتها كافة…
.. وبالتالي، فإن الطريق إلى هذه الشراكة لا يمكن أن تكون من خلال استمرار منطق الفوقية بتقدير ما يناسب هذا الشعب من إصلاحات.

وفي هذا المجال، يجب دعم الرئيس السوري لكي يتجاهل تماماً بعض الأصوات من داخل النظام أو حتى الحزب، التي تتصرف على أن شعب سوريا غير مؤهل لإصلاحات شاملة، بينما هي تريد في حقيقة الأمر إبقاء الأمور على حالها ولو مع بعض التجميل.

وإذا كانت الآلة الإدارية في سوريا بطيئة، فإن ذلك لا يمنع النظام من المبادرة إلى خطوات أساسية، إذ ليس معقولاً استمرار احتجاز معتقلين من سجناء الرأي، لأن مشهد سوريا، كما هي حال بقية الدول العربية، يدل على قطيعة ما بين الجمهور وكل رواد الحركة السياسية التقليدية….. وبالتالي، فإن إطلاق المعتقلين هو خطوة متقدمة نحو إقناع الجمهور بأن عملية الإصلاح جدية ومستمرة دون توقف.. ويجب أن يترافق هذا الأمر مع خطوة عملية تخصّ أداء أجهزة الأمن الذي يتمثل في استهداف المواطنين هناك عندما يطالبون بالحرية... لأنه حتى اليوم، ليس في سوريا من يرفع شعار إسقاط النظام، وليس فيها من يرفع شعار رحيل بشار الأسد.

الاخبار 18/4/2011

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا