<%@ Language=JavaScript %> فايز سارة السوريون وتزاحم حلول الازمة!
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 


السوريون وتزاحم حلول الازمة!

 

 

فايز سارة

 

بعد انقضاء اقل من اربعة اشهر على بدء حركة الاحتجاج والتظاهر في سوريا، تبدو مشاريع حل الأزمة في حالة تزاحم شديد، مشاريع تطرحها جماعات المعارضة، وأخرى تطرحها شخصيات سورية، ومشروع يطرحه النظام، فيما يردد المتظاهرون في المدن والقرى شعار الشعب يريد إسقاط النظام، وهو الشعار الذي يعتبره البعض واحدا من مشاريع حل الأزمة الراهنة في سوريا.
ان تعدد مشاريع حلول الازمة، انما يعكس امرين، اولهما خطورة المستوى الذي وصلت اليه الحالة بعد نحو اربعة اشهر، حيث خلفت الازمة نحو الف وخمسمائة قتيل، ونحو عشرة آلاف من الجرحى، والعديد منهم اصيب بإعاقة دائمة، يضاف الى ماسبق حوالي عشرة آلاف معتقل وسجين بسبب الاحداث، وهناك آلاف من المطلوبين، قيل رسمياً ان عددهم يصل الى أكثر من ستين الفاً، فيما كرست تطورات الازمة نحو عشرين الفاً من النازحين السوريين الذين نزحوا إلى تركيا ولبنان.
ولاتقتصر فاتورة الأزمة السورية على ماسبق من خسائر ومعاناة بشرية، بل تتعداه إلى خسائر اقتصادية كبيرة لحقت بالاقتصاد وقطاعاته المختلفة. الامر الذي جعل مصادر اقتصادية تقدر، ان سوريا تحتاج الى جهود خمس سنوات لتعويض خسائر الاشهر الثلاثة الاولى على الاقتصاد، وكمثال على الخسائر، فان القطاع السياحي تعرض إلى خسارات كبيرة أبرز تعبيراتها خسارته نحو ثلاثمائة ألف فرصة عمل، كانت قائمة قبل الأزمة، وتعرض القطاع الصناعي إلى خسائر كبيرة ومعظم الشركات الانتاجية خفضت انتاجها وصرفت قسماً من عمالها الذين انضموا الى جيش الباحثين عن العمل البالغة نسبتهم نحو 35 بالمائة، والمصارف العامة والخاصة أخذت تعاني من تداعيات الأزمة وخاصة لجهة عدم توفر القطع، ومثلها القطاع التجاري الذي انخفضت تبادلاته بصورة ملموسة سواء في التبادلات الخارجية أو الداخلية.
وثمة جانب آخر في فاتورة الازمة السورية، ويتعلق بالجانب السياسي الذي صارت إليه أوضاع سوريا ومكانتها الاقليمية، حيث إن الازمة أضعفت دور سوريا الاقليمي نتيجة انشغالها بمتابعة تطوراتها الداخلية، ومعالجة تداعيات الأزمة. التي يمكن القول ان الاخطر فيها احتمال الانزلاقات نحو واحد من خطرين، او الاثنين معاً، اولهما نشوب صراعات داخلية مسلحة، والثاني احتمالات تدخل خارجي، يتراوح محتواه مابين التدخلات السياسية، التي بدأت بوادرها، والتدخلات العنيفة، والتي قد تشمل استخدام القوة.
والأمر الثاني الدافع الى كثرة مشاريع الحلول في معالجة الازمة، هو الاحساس المتزايد لدى السوريين بخطر ماصار إليه الوضع والرغبة في وقف التطورات المأساوية واحتمال تداعياتها، وهكذا تداعت اقتراحات الحلول، التي وان كان أغلبها، لايمثل حالة مكتملة، فإنها جميعاً، تبدأ من فكرة وقف تداعيات مايحصل. أن الأول في مقترحات الحلول، يتمثل في خطة السلطة، والتي مازالت تركز الى الحل الامني اساساً باستخدام القوة، ليس فقط بالتصدي للمتظاهرين والمحتجين بواسطة القوى الامنية وقوات الجيش بل باضافة جماعات الشبيحة من المدنيين الى مثلث الاخضاع، الذي لم يعد يقتصر دوره على مواجهة التظاهرات، بل امتد الى اقتحام مدن وقرى واحياء تحت شعار ملاحقة الجماعات المسلحة وتفكيكها، والتي يحصل في خلالها اعتقال وقتل وجرح.
ووسط استمرار الحل الامني، فان السلطات السورية، تقدم مقاربة لخطوات سياسية على طريق استكمال حل الازمة التي تعترف بوجودها مداورة، وفي هذا السياق، تواصل صدور مراسيم اصلاحية منها رفع حالة الطوارئ المفروضة على البلاد من عام 1963، والسماح بالتظاهر المشروط، والسير نحو اصدار قانون الاحزاب، وآخر للاعلام وسط حديث عن احتمال تعديلات دستورية او الذهاب الى دستور جديد للبلاد، وكله يمكن ان يترافق مع حالة حوار عام حول الوضع السوري.
ورغم ان الاحزاب الرئيسية في المعارضة لديها مشروع لمعالجة الازمة يستند الى برنامج التغيير الديمقراطي الذي اطلقه اعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي في العام 2005، وجدده المجلس الوطني لاعلان دمشق عام 2007، فان جماعات المعارضة السورية، ذهبت الى تأييد مطالب حركة الاحتجاج والتظاهر، وردت على دعوة الحوار التي اطلقتها السلطات، بالقول، ان الاستجابة لهذه الدعوة لمعالجة الازمة، يتطلب توفير بيئة للحوار تقوم على سحب القوى الامنية والجيش، ووقف الحل الامني واطلاق السجناء والمعتقلين، والسماح بالتظاهر السلمي والآمن، واصدار حزمة القوانين الاصلاحية، قبل الدخول في حوار يستكمل الانتقال الى دولة ديمقراطية، وقد عززت مبادرة الاحزاب الكردية السورية تلك الروح في معالجة الازمة، واضافت عليها ضرورة معالجة مايتصل بالاكراد من نقاط، ثم جاءت مبادرة لجان التنسيق المحلية، التي تعتبر واحدة من ممثليات حركة الشارع، وقد اطلقت برنامجاً لمعالجة الوضع الراهن عبر فترة انتقالية باتجاه حل ديموقراطي، يساير طموحات المواطنين، ويحافظ على سلامة الدولة والمجتمع وينقل البلاد الى نظام ديمقراطي تعددي .
خلاصة القول، ان هناك مساع سورية كثيرة من السلطة والمعارضة ومن حركة الشارع من اجل الوصول الى حلول للازمة السورية الراهنة، غير ان هذه الحلول مازالت تعاني من عدم توافقها، بل وتناقضها، مما يؤشر الى استمرار الازمة، ووسط استمرارها سوف تتصاعد ضغوطها على السوريين نظاماً ومعارضة وشارعاً من اجل التعجيل بمعالجة الازمة، لكن ثمة مخاوف جدية من وصول الحال الى الانزلاقات الخطرة، وعندها، سوف تكون كل الحلول المطروحة الان عديمة النفع، لان الواقع يكون قد تجاوزها!

 

 

فايز سارة
كاتب سوري
f.sara60@gmail.com

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا