<%@ Language=JavaScript %> فايز سارة الإصلاح السوري واستمرار الحل الأمني
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 


الإصلاح السوري واستمرار الحل الأمني

 

فايز سارة*

 

لا يحتاج الى تأكيد القول بحاجة السوريين الى تغييرات جوهرية في حياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فقد كررت هتافات المتظاهرين والمحتجين في المدن والقرى السورية المطالبة بالاصلاح منذ انطلاقتها في اواسط مارس الماضي، عبر شعار اساسي هو المطالبة بالحرية والكرامة، قبل أن يضيفوا الى هذا الشعار شعارات تفصيلية، رددوها سواء في هتافاتهم او لافتات رفعوها، كما ان المعارضة السورية وطوال العقد الماضي، كررت مطالب الاصلاح، وأشاعت في فترة من تلك الفترات، قبولها بـ "اصلاح سلمي وهادئ ومتدرج" يراعي اوضاع سوريا، بل انها في مرحلة من المراحل طالبت السلطات، بان تضع البلاد على سكة الاصلاح فحسب املاً بان الامر سوف يقود في النهاية الى انجاز اصلاح، يبدل حياة السوريين، وينقلها من ترديات ما تركته عقود طويلة من سلطة وضعت البلاد والشعب في الابعد من شعارات جرى رفعها في السير نحو الوحدة والحرية والاشتراكية.
ولم يكن النظام السوري وعبر تصريحات المسؤولين فيه ومن خلال الالة الاعلامية التي يديرها بعيدًا عن موضوع الاصلاح. فقد تردد في السنوات الماضية مرات كثيرة الكلام عن الاصلاح، قبل ان يفعل ذلك مجددًا في ظل التظاهرات والاحتجاجات الراهنة، وقد اضاف فيها حيثيات وتفاصيل حول خطوات اصلاحية، ينبغي المضي فيها في هذا الطريق، بصورة تكاد تكون قريبة مما تردده هتافات المتظاهرين ومطالب المعارضين، وفي هذا السياق يتتابع الكلام الرسمي عن رفع حالة الطوارئ التي تمت، وعن قانون التظاهر الذي صدر، اضافة الى الاستعدادات الجارية لاصدار قانونين مرتقبين ولهما اهمية كبيرة، اولهما قانون يتعلق بالاحزاب السياسية وتنظيم نشاطاتها، والثاني يتصل بالاعلام ومؤسساته ونشاطاته.
في الصورة العامة، الاصلاح قادم وقائم، وكأن الازمة الراهنة في الطريق الى الحل من خلال اصلاحات متوافق عليها، اصلاحات تجعل سوريا تتجاوز محنتها في جملة من المعالجات السياسية. لكن الصورة الواقعية ليست على ذلك التوافق. ففي الواقع، فإن الحل الامني والمعالجة الامنية ما زالت هي السائدة، والتظاهرات والاحتجاجات تبدو متواصلة، بل هي صارت أكثر انتشارًا حسب اشارات محطات الاعلام الرسمي، الامر الذي يعني، ان الحل السياسي الممكن عبر الاصلاح لا يسير في اتجاهه الصحيح، او انه لن يذهب إلى مفاعيله المأمولة.
ان السبب الرئيسي لهذه النتيجة، يستند إلى الاحساس بان الاصلاحات التي تقوم بها السلطة غير فاعلة، وهي لا تأخذ الاحتياجات الحقيقية بعين الاعتبار، والمثال على ذلك الغاء حالة الطوارئ، والتي تعني فيما تعنيه تغيير الاجواء الامنية في البلاد، والاجراءات التي تتواصل من اطلاق للنار وغيرها وصولاً الى الاعتقالات خارج النصوص القانونية، والتي لم تتوقف بعد الغاء حالة الطوارئ، كما ان العفو الرئاسي الاخير، لم يشمل جميع السجناء والمعتقلين السياسيين بمن فيهم اشخاص جرى توقيفهم على خلفية الاحداث وهم في أول المعنيين بالعفو العام الذي اصاب بشكل اساسي الموقوفين والسجناء الجنائيين بكل مدة العقوبة، فيما اصاب السياسيين بنصف المدة من احكامهم.
كما ان المجريات التمهيدية في موضوعي قانوني الاعلام والاحزاب المأمول صدورهما، لا تؤشر إلى ان الامور ستكون افضل. ذلك انه لا يمكن القول بقانون احزاب قبل الغاء او على الاقل تعليق المادة الثامنة من الدستور في سوريا، والتي تعطي حزب البعث الحاكم مرتبة "الحزب القائد للدولة والمجتمع"، ما يعني ان الاحزاب التي ستولد في ظل القانون الجديد، ستكون اقل من حزب البعث، بل ستكون ادنى منه، ان لم تقل انها ستكون تابعة له وتحت اشرافه وسيطرته.
ان طبيعة الاصلاحات المطروحة، لا تضمن تغييرات جوهرية في الحياة السورية سواء في الصيغ الدستورية والقانونية او في الصيغ العملية. حيث ان الالتباسات بين النظام الاشتراكي القائم حسب الدستور ونظام اقتصاد السوق الاجتماعي المعلن والمعمول به رسميا في سوريا، والامر كذلك حول التعددية الحزبية والاعلامية واستئثار البعث بالدور القيادي للدولة والمجتمع الذي يعني ادوارا هامشية لبقية الاحزاب القائمة والمرتقبة، والسيطرة الرسمية على الاعلام سواء كان مملوكًا للدولة أو للقطاع الخاص، وقد بينت الاحداث، انه ليس من صوت آخر ومختلف ولو خافت في الاعلام السوري، كما بينت ان القبضة الامنية ما زالت هي الاقوى والاكثر حضورًا في الحياة السورية في كل مجالاتها.
لقد بات السوريون والنظام بصورة خاصة اليوم بحاجة إلى التدقيق في موضوع الاصلاح واتجاهاته ومضامينه، بل وفي استجابته لاحتياجات السوريين العملية، ذلك ان الاصلاح ليس ترفًا، ولا ينبغي النظر إليه باعتباره منحة، بل هو تعبير عن احتياجات ملحة، لم يعد امام الحياة السورية فرصة للاستمرار بدونه خاصة اذا استمر اعتماد وحضور الحل الامني للازمة الراهنة.

* كاتب سوري
f.sara60@gmail.com

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا