<%@ Language=JavaScript %> فايز سارة السباق بين الأمني والسياسي في سوريا
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 


السباق بين الأمني والسياسي في سوريا

 

 

فايز سارة*

 

تبدو الحالة السورية في سباق بين الامني والسياسي في اطار معالجة الاوضاع التي تطورت اليها حركة احتجاج السوريين على اوضاعهم، وتظاهراتهم المطالبة بالحرية والكرامة، التي بدأت قبل شهرين، غلب فيهما لجوء السلطات الى المعالجة الامنية العنيفة، فيما كانت الدعوات الشعبية تركز على المعالجة السياسية للاوضاع، قبل ان يبدأ الحديث الرسمي عن معالجات سياسية تتواصل بالحوار الذي قال عدد من المسؤولين السوريين، انه سيبدأ، وانه تم تشكيل لجنة للحوار الوطني برئاسة نائبي الرئيس فاروق الشرع ونجاح العطار.
وسط تلك الحالة، لايبدو الخيار الرسمي في معالجة الاوضاع، قد استقر بصورة واضحة. فالقول الرسمي بالتوجه الى الحوار، لايجد له الصدى القوي في الشارع السوري الذي اتسمت تحركاته الاخيرة بالتكثيف المتزايد، ليس من خلال تزايد التظاهرات واتساعها وتشدد شعاراتها فقط، بل في اطلاق شروط لعملية بدء الحوار، وهو امر كشفت عن تفاصيله وثيقة اصدرتها المنسقيات المحلية في المدن والمحافظات السورية، والتي يمكن اعتبارها البؤرة الاساسية أو المركز الموجه لحركة الاحتجاج والتظاهر السوري، وقد أكدت الوثيقة على نقاط ابرزها، وقف كافة أشكال القتل والعنف ضد المتظاهرين السلميين، وفك الحصار المفروض على المحافظات والمدن السورية وعودة كافة الوحدات العسكرية إلى ثكناتها، وإطلاق سراح كافة المتظاهرين السلميين والمعتقلين السياسيين، ووقف ملاحقة المتظاهرين والنشطاء السياسيين والحقوقيين، وعدم التعرض للمظاهرات السلمية بأي شكل من أشكال المنع أو القمع وتحمل الدولة لمسؤوليتها في ضمان سلامة المتظاهرين، وقف كافة أشكال حملات التجييش والتخوين والكذب الإعلامية المنهجية التي تمارسها وسائل الإعلام الحكومية وشبه الحكومية، والسماح بدخول وكالات الانباء العربية والعالمية لتغطية ما يحدث في الشارع.
واشارت الوثيقة في اطار رؤيتها لموضوع الحوار، الى ان التمهيد للحوار "الوطني الشامل المنشود " يجب أن يقوم على أسس واضحة حتى يستطيع أن ينتج حلولا جذرية للازمة الوطنية التي تمر بها سوريا ومنها عدم تجزئة الحوار إلى حوارات متعددة تتم في كل محافظة أو منطقة على حدة، وان تتمثل كافة الشرائح والقطاعات في الحوار بممثلين يتم اختيارهم بشكل حر على قدم المساواة والندية، وان يكون للحوار جدول أعمال محدد وسقف زمني محدد، وان يتم التوافق على ماسبق مع "تأكيد على إحالة كافة الأشخاص الذين تلوثت أياديهم بدماء المواطنين السوريين كافة العسكريين منهم وعناصر الشرطة وعناصر الأمن على محاكم علنية تتوفر فيها شروط المحاكمات العادلة، تنقل مجرياتها عبر الإعلام"، وان يتم وقف كافة حملات التجييش الطائفي البغيضة ومحاولات تفكيك النسيج الوطني، والتي تهدف إلى إضعاف الحراك المدني السلمي والتشويش عليه وإخافة المواطنين السوريين من التغيير الديمقراطي السلمي.
وقريباً من محتويات هذه الوثيقة، كانت قد تكرست في الشهرين الماضيين مطالبات النشطاء السوريين بخلق بيئة تمهد للحوار في سوريا، يتم من خلالها اطلاق المعتقلين والسجناء السياسيين، واقرار حزمة تشريعات سياسية وقانونية تتعلق بقوانين الاحزاب والصحافة ورفع الطوارئ، ووقف العنف والاعتقالات ومحاسبة الضالعين باعمال قتل المتظاهرين، وقد تقاطعت مطالب التحالفات وبينها تحالف اعلان دمشق والتجمع الوطني الديمقراطي مع الاحزاب السياسية وآخرها الاحزاب الكردية السورية مع تلك المطالب عبر المبادرة التي اطلقتها مؤخراً الاحزاب الكردية.
وبصورة عامة، فقد انجزت حركة الاحتجاج والتظاهر، والنشطاء المستقلين والجماعات السياسية السورية، ملامح رؤيتها لعملية الحوار ومايسبقها وما تحتويه من معالجات بهدف الخروج من نفق الازمة القائمة، لكن الجانب الحكومي، لم يعلن عن رؤية مماثلة في عموميتها، بل ان كل ما اعلنه في هذا السياق، هو مجرد فكرة اطلاق الحوار دون اي تحديدات، وهو امر يكرس مخاوف، ان الحوار من جانب السلطات، لايتجاوز الفكرة الى محتوياتها واهدافها، ومما يزيد هذه المخاوف، ان القرارات الحكومية الاخيرة في موضوعي رفع حالة الطوارئ والسماح بالتظاهر، واطلاق سراح معتقلي الاحداث الاخيرة وعدم اطلاق الرصاص على المتظاهرين، لم تجد لها طريقاً للتطبيق الفعال بصورة تقنع المحتجين والمتظاهرين بجدية تلك القرارات، بل ان الاهم من ذلك كله، وجود قناعة واسعة في الاوساط السورية الواسعة، بان السلطات مستمرة في خيارها الامني في معالجة الوضع القائم، رغم كل الايحاءات والمؤشرات الرسمية بوجود واعتماد خيار المعالجة السياسية.
في ضوء تلك المعطيات، يستمر السباق بين الامني والسياسي في سوريا، لكن هناك مخاوف جدية في ان استمرار ذلك، يحمل خطر خلق وقائع عنيدة وجديدة، لايمكن بعدها التوجه الى مسار المعالجة السياسية للوضع القائم، بل ان ثمة خشية من ان الغرق في مسار الحل الامني يمكن ان يقود النظام وربما البلد كله الى انفجارات، تتجاوز السيطرة المطلوب الوصول اليها عبر المسار الامني. لانه عندما يتم اطلاق خيار القوة بكل زخمه ووحشيته، فانه من الصعب التوقف عند الحد الواجب التوقف عنده بالضبط.



* كاتب سوري
f.sara60@gmail.com

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا