<%@ Language=JavaScript %> أمجد عرار  العراق قضية وأرقاما
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

 العراق قضية وأرقاما

 

أمجد عرار

 

“الشيء بالشيء يذكر”، لكن عندنا لا شيء يذكّر بشيء . ينتظر بعضنا، مغتبطاً أو مغتاظاً، أن يجري ما يذكّره بما حل بالعراق . ها هو الغرب يقرع طبول التدخّل في سوريا . لم ينطق أحد من مسؤوليه بكلمة “عسكري”، لكنهم عندما يتحدّثون عن الدبلوماسية، يرفقونها بكلمتي “حتى الآن” . وبانتظار كم من الوقت ستصمد روسيا والصين في فرملة مجلس الأمن، يلفت نظرنا معطى إحصائي عن عدد المفقودين في العراق منذ احتلاله عام ،2003 لقد أصبحنا أرقاماً وجداول إحصائية، لم نعد قضية وملايين من الحالات الإنسانية التي توازي كل واحدة منها قصّة مكتملة العناصر من “كان يا ما كان” حتى انهمار الدموع .

 

مسؤول في وزارة حقوق الإنسان العراقية يبلغنا بوجود أكثر من 14 ألف شخص مفقود في بلاد الرافدين، وكلهم تبخّرت أخبارهم وتحوّلوا إلى أرقام في السجلات بفعل الانفجارات والعمليات العسكرية والاعتداءات والانتهاكات، خلال الأعوام الثمانية الماضية التي أعقبت الاحتلال . ولأننا مجرد أرقام، فإننا من الممكن أن نتحول إلى كسور عشرية، ولأننا كذلك فإن عنوان الخبر على الوكالات وشريط الأخبار في الفضائيات نقله حرفياً، يقول 14 ألف مفقود في العراق، علماً أن العدد الدقيق 14 ألفاً و52 مفقوداً، أي أن ال 52 عراقياً سقطوا من الحساب باعتبارهم كسوراً عشرية . لذلك خرجت لنا بعض الدوائر بإحصائية وزفّتها لنا على نحو احتفالي بأن عدد القتلى في العراق انخفض في العام الماضي إلى 3976 مقابل 4680 في العام الذي سبقه . أحد ما، الاحتلال ربما، يحتاج إلى “مكافأة” على هذه التخفيضات المذهلة .

 

ربما لهذا السبب أعلمنا وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس بما لم نكن نعلم، مع أنه كان يتحدّث أمام جنوده في إحدى قواعد قوات احتلاله قرب بغداد . غيتس الذي كان هناك بعد سبعة أيام من كذبة نيسان، قال لجنوده ولوسائل الإعلام التي كانت حاضرة، وبالتالي لنا، أي للشعوب الطامحة للحرية والديمقراطية من الماركة الأمريكية، إن تطور الاوضاع في العراق “يثير الدهشة”، وإن الديمقراطية في هذا البلد تعتبر مثالاً للمنطقة، رغم أنها غير مكتملة . ومن الجيّد في كلامه أنه اعترف بأن ما أسماه “إنجازاً” تحقق مقابل تضحيات ضخمة من جانب العراقيين والجنود الأمريكيين .

 

“الديمقراطية” التي يتحدّث عنها غيتس، ويريد لشعوبنا العربية أن تتلهف عليها، كوكتيل من الحرية في اختيار الأشخاص وطريقة الموت . ففي السوق ستكون سيارة مفخخة، وفي طريق إليه حاجز، موت بطلقة ذريعتها أسرع منها “رفض التوقّف”، وفي الجنازة انفجار دراجة هوائية مفخخة أو “شيء” نذر نفسه لأجل قضية لا يفهمها . “الديمقراطية” التي يريد منا استنساخها السيد غيتس جلبت للعراقيين انتخابات تشريعية خرج المشاركون فيها باتهامات التزوير، وكل منهم وجد في الدستور ما يدعم كلامه عن الأحقيّة في التشكيل، وانتظرنا الحكومة أكثر من تسعة أشهر، ثم تم تشكيلها بتوافق أمريكي إقليمي وليس بفضل آليات “الديمقراطية”، ومع ذلك ما زالت الحكومة غير مكتملة حتى الآن .

 

ولأن قادة أمريكا سيواصلون اعتبار “الديمقراطية” في العراق ناقصة، فإن الحديث عن الانسحاب من البلد لن يكون كاملاً، وهم جاهروا بأن خطة جنرالهم اوستن تتلخص بالاحتفاظ بوجود قوي مع القوات العراقية، أطول فترة ممكنة.

 

/جريدة الخليج

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا