<%@ Language=JavaScript %> مسار الإصلاحات في الجزائر.. إلى أين؟
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

مسار الإصلاحات في الجزائر.. إلى أين؟

 

الوصف: الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة

     التعليق على الصورة: الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة

 

بقلم :  مراسلة خاصة - الجزائر

أشرفت اللقاءات مع التيارات السياسية ومكونات المجتمع المدني والهيئة، التي أنشأها الرئيس بوتفليقة للحوار الوطني والاتفاق حول أجندة سياسية جديدة، على نهايتها.

غيْـر أن النتائج، وحسب غالبية المتتبعين، لم تصل إلى النتيجة المرجوة. فما هو السبب؟

فقد شهدت swissinfo.ch محاولة شابَّـين اثنين حرق نفسيْـهما أمام بلدية من بلديات شرق العاصمة، لأن اسمهما لم يكن في قائمة المستفيدين من المساكن الاجتماعية، وقد كان لمحاولة حرق الشابين نفسيهما، وقْـع الصاعقة على رئيسة البلدية، التي تنتمي إلى التجمع الوطني الديمقراطي، خاصة وأن حوارا ساخنا دار بينها وبين الشابين أمام أعيُـن مصالح الأمن.

وفي الوقت نفسه، سارعت رئيسة البلدية بالقول عندما شاهدت بعينيها سيلان الوقود على جسم الرجليْـن: "لا تفعلا هذا وسنحاول إسكانكما في أقرب وقت. لقد أكد لي رئيس الوزراء أحمد أويحيى أن رئيس الجمهورية قد أعطانا الضوء الأخضر لمساعدة الشباب الرّاغب في الحصول على بيت".

فردَّ أحد الشابيْـن، ورائحة الوقود تفوح من ثِـيابه: "أنا لا أصدِّقك ولا أصدق أويحيى ولا بوتفليقة، وأنا الآن نادم على محاولة حرْق نفسي، لأني كُـنت أفضل أن أغرز في جسمك سيْـفا يُـنهي حياتك أمام أعيُـن الناس".
 وبعد سماع هذا التهديد، اختفت رئيسة البلدية ولم تعتقل مصالح الأمن الشابيْـن، لا على محاولة الانتحار ولا على كلمات التهديد، بل ولا على حتى شتم رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة. لقد انفضَّ الجمْـع، كأن الأمر يتعلَّـق بحوار طرشان.

وسألت أحد الرجليْـن وهو عاطل لا عمل له ويعيش مع أسْـرة مكوَّنة من ثلاثة عشر فردا: "هل سمعت بالحوار الذي أمَـر به بوتفليقة مع مختلف التيارات السياسية؟"، فردّ الشاب، ورائحة الوقود تنبعث بشدة من ثيابه: "إنهم يتحاورون فيما بينهم ويقتسِـمون مساكن الناس فيما بينهم ويعطون العمل لمَـن هو معهم في كِـذبهم ونفاقهم، وأعِـدك أني سأقتل رئيسة البلدية، إن لم تعطني بيتا أسكن فيه، لقد وعدوني بتسجيل وثائقي ولن أهدأ إلا وأنا في بيتي الجديد".

 

رفض وصمت وتحذير

الغريب، أن موقف هذا الرجل الغاضب الذي حاول الانتحار، هو نفس موقف أربعة رؤساء حكومة سابقين رفضوا الحوار بشكل مُـطلَـق مع ممثل بوتفليقة واعتبروه مَـضيَـعة للوقت، بل وأخبروا عبد القادر بن صالح، المشرف على الحوار مع التيارات السياسية كتابيا، وإن لم يضعوا بنزينا أو وقودا على الرسالة التي بعثوا بها إليه.

ويتعلق الأمر برؤساء الحكومة السابقين وهم مولود حمروش وعلي بن فليس وأحمد بيتور ومقداد سيفي. أما المثير في رفض هؤلاء الحوار مع هيئة الرئيس، فهو أنهم كلهم أبناء النظام المخلِـصين. فمولود حمروش ضابط سابق في الجيش وعلي بن فليس كان مستشارا خاصا للرئيس بوتفليقة وكان معه عندما ضغطت المؤسسة العسكرية على سبعة مرشَّـحين فانسحبوا من السِّـباق أمام بوتفليقة عام 1999.

ثم نجد أحمد بن بيتور، وهو ابن المؤسسة البيروقراطية والآليات الإدارية للدولة، وأخيرا مقداد سيفي، الذي قبل رئاسة الحكومة عاميْ 94 و95 عندما كانت الحرب قائمة بين الدولة وأصوليين أكثرهم متشدد وقليل منهم يعرف ما يفعل.

ولم تتوقَّـف قائمة الرافضين للحوار عند أبناء النظام والحكومة، بل شمِـلت عبد الله جاب الله، زعيم حركة الإصلاح، ثم مصطفى بوشاشي، رئيس التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية وتيارات سياسية أخرى، مثل جبهة القِـوى الاشتراكية، التي يتزعَّـمها حسين آيت أحمد والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، الذي يقوده الدكتور سعيد سعدي، بالإضافة إلى تيارات سياسية صغيرة أخرى رفضت دعوة الرئيس وفضَّـلت الصَّـمت أو التحذير.

كما شمل التمَـلْـمُـل تيارات أخرى شاركت في الحوار، مثل حزب العمال، الذي تتزعمه لويزة حنون، حيث وصفت المدعُـوين للقاء ممثل رئيس الجمهورية، بـ "الجُـثث السياسية" وأكَّـدت أن هؤلاء لا يُـمكنهم الخروج بشيء يفيد الجزائريين، مضيفة أن الوقت يضيق أمام أصحاب القرار لإيجاد الحلول المناسبة، كي لا يخرج الجزائريون إلى الشارع، كما فعل التونسيون والمصريون والليبيون واليمنيون والسوريون.

 

رغبة الدولة في الإنفتاح الديمقراطي والإعلامي.. ولكن

وحيال هذا الوضع، ورغم قَـبول أحزاب الائتلاف الحاكم وأحزابا أخرى صغيرة الحجم، المشاركة في الحوار، يرى غالبية المراقبين أن الدولة وأصحاب القرار بشكل عام، ينفِّـذون برنامجهم، ليس بمعزل عن مطالب الشعب، ولكن دون الإهتمام بصرخاته. فالمُـهم حسب هؤلاء، هو إيقاف سبب الألم، أي المرض المُـستعصي الذي تعيشه الجزائر، مجتمعها ومؤسساتها.

وحسب هذه النظرة، فإن الدولة تريد انفتاحا ديمقراطيا وإعلاميا لا ينسف وجودها من الأساس، وفي نفس الوقت، لا يجعل الجزائر جزيرة ضِـمن الإطار العربي الذي يشهد تغيُّـرات تاريخية. وبالتوازي مع تحقيق حرية نسبية، أمر بوتفليقة بتفعيل برنامج اقتصادي هائل يعتمد على أكثر من مائة وثمانين مليار دولار، لتحقيق نهضة اقتصادية تُـبَـرِّد غضب الشباب.

وفي سابقة لم تعرفها الجزائر من قبل، أمر الرئيس وزارة المالية بالصرف السَّـخي على المشاريع الخاصة والعامة وأمر وزارة التجارة بأن لا تعقِّـد الإجراءات الإدارية، أما مصالح الضرائب، فقد أمرها برفع يدها الشديدة على المُـستثمرين وبشطب دُيون الغالبية العظمى منهم. وأخيرا، أمر كتَّـاب القوانين والإدارة بشكل عام، بقبول مشاريع الإستثمار والإنتاج، دون أي تأخير، بل ومنح الأراضي الإستثمارية إلى أصحابها في أسرع وقت ممكن.

 

زلاّت لســان وتناقضات!

في مقابل كل ما سبق، قد توحي بعض زَلاَّت لِـسان عدد من كبار المسؤولين، بأن الأمر لا يسير كما يجب وأن الدولة على عِـلم تام بِـما يريده الناس من جهة، وبالحدود التي لا ينبغي للناس أن يحلموا بها كثيرا، ومن بينها مسألة فتح المجال الإعلامي، وخاصة السمعي البصري أمام القطاع الخاص.

ففيما يُعتقد أنها زلَّـة لسان، قال رئيس الحكومة أحمد أويحيى، في اجتماع مع ممثلي حزبه التجمُّـع الوطني الديمقراطي: "أعتقد أنه قد حان الأوان لفتح المجال السَّـمعي والبصري أمام القطاع الخاص"، ثم ناقض أويحيى نفسه عندما قال في ندوة صحفية بصفته رئيسا للوزراء: "لا أعتقد أنه قد حان الوقت لفتح المجال السَّـمعي البصري أمام القطاع الخاص".

دفع هذا التناقض ببعض الصحفيين الجزائريين إلى التعليق عليه قائلين: "لقد قال أحمد شيئا فيما أكَّـد أويحيى شيئا آخر، على النقيض منه بشكل تام"، فيما اعتبر هذا التناقض الذي أبان عنه أويحيى، مؤشرا عن التناقض القائم داخل أجهِـزة النظام نفسه، حيث يوازي الخوف من القطاع الخاص في مجال الإعلام، الخشية من نتائج منعه عن العمل على المدى القريب والمتوسط.

 

"مطالب تجاوزها الزمن.."

ما استخلصه عبد القادر بن صالح من استشاراته وحواره مع مَـن قبل الحوار معه، فهو ضرورة تعديل الدستور قبل إجراء أي انتخابات برلمانية أو رئاسية، بالإضافة إلى تحديد مُـدد الفترات الرئاسية باثنتين لا غير، وأخيرا، تفعيل دوْر البرلمان ومنح صلاحيات أكبر لرئيس الحكومة.

أما على الصعيد الشعبي، فهو تفعيل عمل الجمعيات ومساعدتها وقبول اعتماد أحزاب سياسية جديدة. وقد علَّـق الصحفي عبد الحميد غمراسة على النتائج المعلنة للحوار قائلا: "إنه الجرْي في الوقت بَـدل الضائع، هذه كلها مطالب تجاوَزَها الزمن وأخشى أن لا تكون مفيدة".

وعلمت من مصادر حكومية، أن هناك شعورا عاما داخل أجهِـزة الدولة يوحي بالإطمئنان، لأن الجزائر لن تشهد - من وجهة نظر هذه الأجهزة - أي ثورة على شاكلة الثورات العربية الأخرى، بسبب الإنقسام الإجتماعي والاختلاف الحِـزبي الشديد. فسياسية فرق تسد تُمكّن الدولة - حسب هذا التصور - من الإستمرار بأقل الخسائر الممكنة.

 

"التغيير الجذري لعمل النظام.. هام جدا"

وقبل كتابة هذه السطور، علمت بأن  رئيسا حكومة سابقيْـن ممَّـن امتنعوا عن المشاركة في الحوار الرئاسي، صرَّحا  لبعض وسائل الإعلام الجزائرية في حوارات خاصة غيْـر قابلة للنشر، أن هدفهم هو توجيه رسائل إلى أصحاب القرار الحقيقيين، أي بمن جاؤوا ببوتفليقة  إلى رئاسة الجمهورية وبتعبير أوضح:  "المؤسسة العسكرية".

وهذه الرسالة مفادها، أن "الرتوش (الترقيعات) السياسية، غيْـر مقبولة إطلاقا في الوقت الحالي، وبأن الإسراع في تغيير جِـذري لطريقة عمل النظام هامة جدا في الوقت الحالي، لأنها الطريقة الوحيدة لمنع انهياره بالكامل".

كما علمت أن أصحاب القرار الحقيقيين قد استلموا الرسالة بشكل جيِّـد، ويبدو أن بعض آثارها سيُـعرف في بعض قرارات الرئيس بوتفليقة أو ما سيحدث له خلال الأسابيع الأربعة المقبلة، أي بعد انتهاء اختبارات الشهادة الثانوية وقبل حلول شهر رمضان في بداية أغسطس 2011.

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا